سلسلة أماكن مسكونة- بقلم الكاتبة سمر إبراهيم - الحلقة الرابعة (لوحة الطفل الباكي)
الحلقة الرابعة
لوحة الطفل الباكي
سلسلة
أماكن مسكونة
مين فينا مشافش اللوحة دى قبل كدا عند جار أو قريب أو صاحب أو عنده هو شخصيا وهو صغير لوحة الطفل الباكي ده اسمها طب ايه حكايتها وسبب انتشارها فى العالم كله ده إللى هقولكم عليه دلوقتى حالا يلا بينا.
اللوحة دى رسمها الرسام الإيطالي جيوفاني براغولين وده كان الإسم إللى اشتهر بيه إنما إسمه الحقيقى برونو اماديو.
جيوفاني اتولد فى فلورنسيا سنة ١٩١١م كبر واحترف الرسم بس مكانش مشهور اوى ولوحاته قليل لما كان حد بيشتريها سافر أسبانيا واستقر فيها وعمل مرسم علشان يرسم فيه لوحاته إللى مكانش حد بيشتريها.
سنة ١٩٦٩م وهو ماشى فى شوارع مدريد هائم على وجهه زى ما بيقولوا بيدور على حاجة تثير فضوله ويرسمها شاف طفل صغير قاعد عالرصيف وعمال يبكي بشكل هستيري يقطع القلب وكان واضح عليه انه من المشردين كانت هدومة متقطعة ومش نضيفة والطفل منهار من البكاء .
❈-❈-❈
فيه رواية تانية بتقول إن جيوفاني مكانش بيتمشى ولا حاجة دا كان فى المرسم بتاعه بيرسم وسمع صوت بكاء وعويل شديد جدا جاي من الشارع ولما بص من الشباك شاف الطفل بالوصف إللى قولنا عليه قاعد على عتبة المرسم بهدوم قديمة ومتقطعة ومنهار من البكاء.
جيوفاني أشفق على الطفل جدا وصعب عليه وقرر ياخده المرسم بتاعه ويساعده وبالفعل خده معاه وقدمله اكل وشرب والطفل مكانش بينطق بكلمة ومبيبطلش عياط وده إللى خلى جيوفاني ينجذب للطفل ويقرر يرسمه.
رسم جيوفاني صورة للطفل وهو بيبكي وسماها الطفل الباكي وطلب منه انه يعدى عليه من فترة للتانية وده إللى حصل فعلا بقى كل فترة الطفل يزور جيوفاني إللى كان بيقدمله فى كل مرة اكل وشرب ويرسمه لحد ما وصلت عدد اللوحات إللى رسمهاله ٢٨ لوحة وطول الفترة دى مكانش الطفل بينطق ولا كلمة كان بيكتفى بالبكاء وبس.
فى يوم من الأيام زار جيوفاني فى المرسم بتاعه كاهن من الكنيسة وقعد يتفرج على اللوحات بتاعته لحد ما وقعت عينه على لوحات الطفل الباكي إللى لحد دلوقتى جيوفاني ميعرفش عنه حاجة ولا حتى اسمه.
أول القس ما شاف اللوحة اتوتر جدا وسأل جيوفاني هو يعرف الطفل ده منين.
استغرب جيوفاني جدا من السؤال وحكاله على إللى حصل من يوم ما شاف الطفل وازاى رسمله اللوحات دى كلها.
القس قال لجيوفاني ان الطفل ده اسمه دون بونيللو وقاله ان الطفل ده حصلت حري..قة فى بيتهم وشاف أبوه وهو بيت..حرق لحد ما مات والنار أكلت بيتهم كله ومن ساعتها وهو فى الشارع مبيعملش حاجة غير انه بيبكى فقط لا غير وتقريبا فقد النطق من الصدمة لان من يومها وهو مبيتكلمش وقال القس لجيوفاني نصيحتي ليك أبعد عن الطفل ده لأن الحر..ايق بتلحقه مكان ما يروح.
طبعا جيوفاني مقتنعش خالص بكلام القس واستغرب جدا ازاى رجل دين يكون تفكيره بالشكل ده.
بدأت أعمال جيوفاني تزدهر والناس تعجب بلوحات الطفل الباكي وبدأت تشتريها والدنيا تزهزه معاه وهنا قرر انه يتبنى الطفل ويخليه يعيش معاه علطول.
اتبنى جيوفاني دون بونيللو بالفعل واشترى بيت كبير وخلى جزء منه مرسم ليه وعاش هو والطفل فى حياة سعيدة مستقرة لحد ما حصلت حاجة مكانتش فى الحسبان.
فى يوم كان جيوفاني برا البيت ولما رجع لقى البيت والمرسم النار مسكت فيهم وبقوا كوم تراب وكل حاجة راحت وكل اللوحات اتحرقت ما عدا لوحة واحدة بس وهى لوحة الطفل الباكي ودى الوحيدة إللى كانت فاضلة عنده بعد ما باع باقى اللوحات.
طبعا جيوفاني اتصدم جدا لما شاف إللى حصل وحمل الولد الذنب وقال ان هو السبب فى نشوب الحريق وهنا خاف الطفل جدا وهرب ومشافوش جيوفانى تانى لحد ما توفى سنة ١٩٨١م.
طبعا فى الفترة دى اللوحة انتشرت جدا وذاعت شهرتها فى العالم كله مش فى اسبانيا بس واتعمل منها نسخ مقلدة كتير جدا لدرجة ان لندن لوحدها كان متباع فيها اكتر من ٥٠ الف نسخة من اللوحة دى.
❈-❈-❈
محدش عرف عن الطفل ده حاجة تانى بس سنة ١٩٧٦م حصلت حاجة غريبة جدا حصلت حادثة رهيبة فى برشلونة شاب صغير عنده حوالى ١٩ سنة كان بيسوق بسرعة جدا ولبس فى حيطة والعربية ول..عت مفضلش منها حاجة وجثة الشباب اتفحمت فى قلب العربية بس قدروا يلاقوا رخصة السواقة بتاعته اللى كانت فى تابلوه العربية وعرفوا منها إسمه إللى كان دون بونيللو.
كل ده عادى جدا بس إللى مش عادى إللى حصل بعد وفاة الشاب ده بدأت تحصل حرايق غريبة جدا ومجهولة السبب فى اكتر من بيت(برضه عادى ايه المشكلة بتحصل) بس إللى مش عادى ان العامل المشترك بين البيوت دى ان كلها كان فيها لوحة الطفل الباكي متعلقة على جدار فى البيت والأغرب ان البيت كله كان بيتفحم ما عدا اللوحة دى مكانش بيحصلها اى حاجة ولا حتى البرواز بتاعها.
يوم ٤ سبتمبر ١٩٨٥م نشرت صحيفة ذا صن البريطانية لأول مرة اخبار الحرايق دى وقالت على لسان رجال الإطفاء ان معظم البيوت دى كانت الحاجة الوحيدة إللى بتخرج منها سليمة هى اللوحات دى وعملت الصحيفة سلسلة مقالات عن اللوحات دى ومع الناس إللى اتحرقت بيوتها وكانوا بيملكوا اللوحات دى ومع رجال الإطفاء ودعت الصحيفة كل الناس إللى بيملكوا اللوحة دى أنهم يتخلصوا منها فورا وده إللى حصل بالفعل من كتير من الناس من إللى كانوا معلقين اللوحات دى وبدأوا يتخلصوا منها بالفعل.
احقاقا للحق فى رأى تانى بيقول ان الموضوع كله هجص فى هجص وانه كان تأليف من ذا صن علشان تعمل ضجة وتزود مبيعاتها فألفت الحوار ده مستغلة انتشار اللوحة عند كتير من الناس ومن ضمن الناس إللى قالت الكلام ده الكاتب والصحفي الدكتور ديفيد كلارك إللى طلع سنة ٢٠٠٧م وقال ان كل الكلام ده كذب وتلفيق من الصحيفة علشان يعملوا فرقعة إعلامية مش اكتر.
الغريب بقى أن بعد سلسلة المقالات دى بفترة قليلة ومع حدوث الكساد العظيم فى لندن حصل تدهور كبير جدا للصحيفة واللى بيملكوها وكانوا هيقفلوها بالفعل.
طبعا مع بداية القرن الواحد والعشرين وظهور الإنترنت بدأت شهرة اللوحة تزيد اكتر والناس تتكلم عن الل..عنة بتاعتها اكتر وأكتر فى كل أنحاء العالم.
سنة ٢٠٠٦م اسس مجموعة من الطلاب نادى للمعجبين بالطفل الباكي وكان هدفهم جمع ال ٢٨ لوحة الاصلية إللى رسمهم جيوفاني ورفعهم على موقع إلكتروني عملوه للغرض ده لكن الغريب أن الموقع ده اختفى فجأة ومحدش لحد دلوقتى عارف سبب اختفاؤه أو ممكن يكون حصل ايه لأصحابه.
زى ما فيه ناس صدقت اللعنة جدا فيه ناس برضه كذبتها وقالت ان الموضوع كله صدفة مش اكتر وان انتشار اللوحة وتواجدها فى معظم البيوت هو إللى خلى الناس تفتكر انها هى سبب اللعنة لما صادف وجودها بالصدفة فى البيوت إللى اتحرقت ، طب يا جماعة تفسروا بإيه خروج اللوحات سليمة من كل البيوت إللى اتحرقت قالوا ان السبب هو طبيعة المواد إللى تم استخدامها فى صنع اللوحات دى وأنها كانت معمولة من ألواح مضغوطة صعب حر..قها ولما جربوا أنهم يحر..قوا اللوحات دى لقوها بتت..حرق بس بصعوبة شديدة.
طب ايه تفسير الموقع إللى اختفى قالوا عادى الشباب دول اتخرجوا وعقلوا ولقوا حاجة مفيدة يعملوها وهما إللى قفلوا الموقع عادى جدا.
وبكدا بقى فيه تفسير عقلاني للى مبيعتقدوش بوجود الماورائيات واللى أكد تفسيرهم ده ان سجلات الشرطة فى اسبانيا كلها مفيهاش اى حاجة عن حادثة عربية راح فيها حد اسمه دون بونيللو وكمان مفيش فى السجلات اى حريق حصل لبيت رسام ايه جيوفانى براغولين أو حتى واحد اسمه برونو اماديو يعنى الموضوع تأليف ليس إلا.
اللى بيصدقوا بقى فى الماورائيات قالوا لا الل..عنة حقيقية فعلا والسبب فيها هو الموت المأساوي لبطل اللوحات دى وانه لما مات روحه سكنت اللوحات بتاعته وهى السبب فى الحرايق الغامضة إللى حصلت دى كلها.
طبعا مين الصح ومين الغلط كل واحد حر فى اعتقاده وكل واحد يصدق إللى هو عايزه والله أعلم.
كدا خلصت قصتنا النهاردة اتمنى تعجبكم والى لقاء آخر ان شاء الله.
سمر إبراهيم