-->

سلسلة أماكن مسكونة - بقلم الكاتبة سمر إبراهيم - الحلقة الأولى (قصر البارون)

 

سلسلة أماكن مسكونة

بقلم الكاتبة سمر إبراهيم 



الحلقة الأولى

(قصر البارون)

سلسلة

أماكن مسكونة

 

يعتبر قصر البارون إمبان من أكثر الأماكن على مستوى العالم غموض، ورعب، اتقال عنه كلام كتير جدا، فيه اللي يتصدق، وفيه اللي لا يمكن يصدقه عقل.


 قصر البارون من أكثر القصور إثارة للجدل، والحقيقة هو مثير للجدل من يوم بناؤه، مش بس من ساعة الكلام اللي اتقال عليه، إنه قصر الأشباح، أو مكان لتجمع الشياطين وخلافه.


تعالوا أحكيكم عن القصر، وصاحبه، وإزاي جاتله فكرة بناء أروع وأجمل قصر على مستوى العالم بدون مبالغة.


الحكاية بدأت في بلجيكا يوم 20 سبتمبر سنة 1852م، لما اتولد طفل "اسمه إدوارد لويس جوزيف إمبان" من أسرة بلجيكية فقيرة جدا تكاد تكون معدمة.


كبر إدوارد وكان طفل غاية في الذكاء، كان عبقري بكل ما تحمله الكلمة من معني، علشان كدا قدر يغير واقع أسرته، ومستواهم الاجتماعي، ويبقى من أغنى أغنياء العالم، ومن الصفوة في بلجيكا.


إدوارد كان مهووس بالعمارة، درس الهندسة، وبدأ شغله ك رسام هندسي في شركة للتعدين اسمها "سوسيتيه ميتالورجيك" وفي عام 1878م دخل في صناعة إنشاء السكك الحديدية، والمواصلات، خصوصا في الريف البلجيكي، ومن بلجيكا راح فرنسا، وقام بإنشاء مترو باريس، وبسبب كدا الرئيس الفرنسي أطلق عليه لقب "بارون" نظيرًا لمجهوداته.


 بس في رأي آخر يقول:

 إن الذي أطلق عليه اللقب كان ملك بلجيكا "ليوبولد الثاني" وأطلقه عليه علشان مجهوداته في تمويل مستعمرات المملكة البلجيكية.


عام 1881م، قام البارون إمبان بتأسيس البنك الصناعي البلجيكي، وفي خلال كام سنة كانت شركته هي المسؤولة عن إنشاء خطوط الترام في كثير من عواصم العالم، مش بس في أوروبا، لأ كانت لشركته مشاريع في أوروبا، وآسيا، وأفريقيا، وعلشان يخدم على مشاريعه قامت شركته بإنشاء أكثر من شركة كهرباء لإمداد الطاقة اللازمة لخطوط الترام التي يقوم بإنشائها في مختلف عواصم العالم.


نشاط البارون لم يقتصر على الاقتصاد، والهندسة فقط، لأ دا كمان حول نشاطه للسفر والترحال لكل دول العالم.


بدأ من أمريكا اللاتينية، سافر المكسيك، والبرازيل، وبعد كدا طلع على الكونغو، وأخيرا استقر في الهند، اللي عجبته جدا وعاش فيها كام سنة.


❈-❈-❈


البارون إمبان كان عنده هوس بالحضارة القديمة، علشان كدا عجبته الهند، بس بعد فترة حب يشوف حضارات تانية أقدم من الحضارة الهندية، وطبعا مفيش أقدم من الحضارة المصرية القديمة، علشان كدا قرر يسيب الهند ويروح زيارة لمصر.


وصل البارون إمبان مصر في أواخر القرن ال 19، بعد افتتاح قناة السويس ببضع سنوات.


أول ما وصل البارون إمبان مصر، ومن أول لحظة وقع في غرامها، وقرر إنه مش هيسيبها أبدًا، ولا في حياته، ولا حتى بعد مماته، فكتب في وصيته إنه يُدفَن في مصر، حتى لو مات برا مصر يجيبوه ويدفنوه فيها وهو ده اللي حصل بالفعل. 


بعد قرار البارون إمبان بالاستقرار في مصر كان لازم يبقى عنده بيت يقعد فيه، وطبعا المليونير البلجيكي مينفعش يسكن في بيت عادى زي باقي البشر، لازم يبقى بيته مميز، ومش مميز بس دا لازم يكون الأروع على مستوى العالم كله.


كان عليه الأول إنه يختار المكان اللي هيبني فيه القصر بتاعه، وهنا وقع اختياره على مكان غريب جدا في الصحراء، المكان كان جمب القاهرة، وقريب من قناة السويس.


طبعا معظم الناس استغربت جدا من اختياره وشافوا إنه اختيار غير موفق، ميعرفوش إنه كان بعيد النظر، وإن المكان ده هيبقى من أجمل، وأرقى، أحياء القاهرة.


المكان ده هو "مصر الجديدة" أو "هيليوبوليس" زي ما أطلق عليه البارون وهيليوبوليس دي معناها "مدينة الشمس" وسماها كدا تيمنا بمدينة هيليوبوليس الفرعونية.


عام ١٩٠٦م أسس البارون شركته فى مصر واختار لها اسم Heliopolis" Oasis Company - شركة واحة هليبوبوليس"


أول حاجة عملتها الشركة إنها اشترت مساحة كبيرة جدا من الصحراء من الحكومة البريطانية اللي كانت مستعمرة مصر في الوقت ده، وهناك من يقول إنه اشترى الأرض من الحكومة المصرية، مش البريطانية، وكانت مساحة الأرض دي حوالى ٢٥ كلم مربع.


عارفين بقى يا حلوين اشترى الأرض دي بكام ؟مش هتصدقوا اشترى الفدان بجنيه متخيلين.


بس مش عايزاكم تستغربوا، أصلا الجنيه المصري في الوقت ده كان مبلغ كبير جدا، وكان أغلى من الدولار، والجنيه الإسترليني، والجنيه الدهب كمان.


بدأ الشغل بين عامي ١٩٠٦م و ١٩٠٧م وتم وضع حجر الأثاث لضاحية مصر الجديدة أو هيليوبوليس وكان كل اللي في دماغ البارون إنه يعمل قاهرة جديدة، جميلة، ومتطورة، أكتر من اللي كانت موجودة في الوقت ده وبصراحة هو نجح في ده جدا.


 كانت هيليوبوليس فيها كل مرافق البنية التحتية، من كهربا، ومياه، وصرف صحي، وفنادق، زي فندق "هيليوبوليس بالاس" اللي هو "قصر الاتحادية" حاليًا والذي يقيم فيه الآن رئيس الجمهورية، وعمل كمان ملاعب جولف، ومضامير سباق الخيول، ومنتجعات راقية، وعمارات للسكن مصممة تصاميم معمارية راقية جدا، ومعظم المباني دي موجودة لحد دلوقتى وتعتبر تراث معماري.


عمل كمان خط ترام يربط بين القاهرة، وهيليوبوليس؛ علشان يسهل للناس الوصول ليها، واستعان بالمهندس البلجيكي "أندريه برشلو" علشان يعمله خط الترام، والمهندس ده كان بيشتغل في شركة مترو باريس.


البارون إمبان كان حابب إن أول حاجة يعملها في الضاحية بتاعته هي القصر بتاعه اللي هيعيش فيه، كان عايز يبنى قصر متعملش زيه في العالم كله، ومن هنا بدأت الرحلة، رحلة البحث عن تصميم قصر الأحلام.


 راح فرنسا ولف في المعارض الفنية؛ علشان يلاقي تصميم يعجبه، وفعلا في واحد من المعارض الفنية في باريس وقعت عينه علي تصميم لقصر في غاية الروعة كان لفنان فرنسي مبدع اسمه "ألكسندر مارسيل، وكان التصميم زي ما هو عايز بالظبط، خليط من فن العمارة الأوروبية، خصوصا الإغريقية، والرومانية، وفن العمارة الهندية.


 أول ما شافه قال هو ده، واشترى التصميم فورا ورجع مصر علشان ينفذه.


اختار البارون الطراز الهندي بالذات فى بناء القصر علشان يوفي بنذر نذره وهو في الهند. 



  أثناء وجوده في الهند تعب جدا، وكان على وشك الموت، لكن الهنود اهتموا بيه جدا واعتنوا بصحته لحد ما خف.


 هو كان شاكر لجميلهم ده جدًا وحس إنهم أنقذوا حياته من موت محقق؛ وعلشان كدا قال إن أول ول قصر هيقوم ببنائه هيكون على الطراز الهندي، وقد كان بالفعل وقدر البارون يوفى بالنذر بتاعه.


رجع البارون للقاهرة وسلم التصميم لمجموعة متميزة جدا من المهندسين الإيطاليين، والبلجيكيين، علشان يبدأوا في بناء التحفة المعمارية بتاعته، وكانت مساحة الأرض اللي اتبنى عليها القصر حوالى ١٢.٥ ألف متر.


بدأ العمل في بناء القصر عام ١٩٠٦م واستمر خمس سنوات وفي عام ١٩٠١١م خرجت التحفة المعمارية اللي فضلت حديث العالم من وقتها لحد النهاردة وأطلق عليه اسم قصر البارون.


القصر كان فخم جدا عبارة عن دورين، وبرج معمول على قاعدة خرسانية بيتحرك كل ساعة دورة كاملة، عن طريق تروس؛ علشان اللي قاعد فيه يشوف كل الأماكن اللي حواليه في كل الاتجاهات.


القصر زي ما قولنا كان خليط من الحضارات، كان من الخارج على شكل المعابد الهندوسية، أما من الداخل فكان على الطراز الأوروبي، الشبابيك بقى كانت على الطراز العربي.

(خليط عجيب محدش يقدر يجمعه إلا واحد في عبقرية البارون إمبان) 


 واجهة القصر، والمدخل، والبلكونات، محطوط فيها تماثيل هندية من المرمر، عبارة عن أفيال، وتنانين، وتماثيل لبوزا اشتراهم من الهند.


كمان كان فيه تماثيل إغريقية ورومانية، وكان يحيط بالقصر حدائق جميلة جدا، فيها كل أنواع الزهور النادرة.


القصر كان مكان لتجمع مجموعة من التماثيل والتحف النادرة المصنوعة بدقة من معادن نفيسة، فيه منها اللي اشتراه البارون من الهند زي تماثيل بوذا، والتنين الأسطوري، وفيه منها تماثيل على الطراز الأوروبي، معمولة من الرخام الأبيض، وكانت التماثيل دي ذات طابع يوناني، وروماني، بالإضافة لتماثيل لراقصات يؤدين حركات زي حركات راقصات الباليه.


أما بقى جوة القصر كان فيه ساعة أثرية قديمة توضح الوقت بالدقائق، والساعات، والأيام، والشهور، والسنين، مع توضيح تغييرات أوجه القمر، ودرجات الحرارة.


القصر نفسه بقى مكانش ضخم زي غيره من القصور، زي ما قولت كان عبارة عن دورين، وملحق صغير جمبه، وقبة كبيرة فوقه.


 الدور الأول كان عبارة عن صالة، و٣ غرف، غرفة للضيوف، وغرفة المائدة (السفرة) وغرفة عملها صالة ألعاب، وفيها طرابيزة بلياردو، الدور التاني كان عبارة عن أربع غرف نوم كل غرفة فيها حمام.


جدران القصر عليها تماثيل من المرمر، عبارة عن راقصات هندية، وأفيال، لرفع النوافذ المرصعة بقطع صغيرة من الزجاج البلجيكي، وفرسان يحملون السيوف، وحيوانات أسطورية متكئة على جدران القصر. 


القصر كان معمول بطريقة بحيث تدخله الشمس من كل اتجاه (قصر لا يغيب عنه الشمس) 


سطح القصر كان عبارة عن بانوراما عامل زي المنتزه، كان يستخدمه البارون في إقامة الحفلات، وكان السطح هو مكان البارون المفضل، كان بيحب ديما يشرب فيه الشاي وقت الغروب، وكانت جدران السطح عليها رسوم نباتية، وحيوانية، وكائنات خرافية، وكان يصعد للسطح عن طريق سلم مصنوع من خشب الورد الفاخر. 


بدروم القصر أو السرداب كان موجود فيه المطابخ، وغرف الخدم، وأماكن انتظار السيارات، والمغاسل الرخامية (طبعا مكانش فيه غسالات أيامها)

 كان البدروم يتصل بغرفة المائدة عن طريق مصعد صغير مصنوع من خشب الجوز.


كان فيه في البدروم غرفة سرية ممنوع أي حد يدخلها إلا البارون نفسه، حتى عيلته كانوا ممنوعين من دخولها كان مسميها الغرفة الوردية كان بيقضي فيها كل يوم ساعات كثيرة جدا، بيعمل ايه فى الوقت ده كله؟ الله أعلم.


 الغرفة كانت عبارة عن مرايات على كل الجدران، وفيها ممر سرى، يطل على سرداب طوله حوالى واحد كيلومتر، يصل لكنيسة البازيليك اللي مدفون فيها البارون حاليا.


وشمال القصر كان موجود البرج المتحرك اللي اتكلمنا عنه، والبرج ده كان عبارة عن أربع أدوار بسلم حلزوني مزين بتفاصيل هندية دقيقة الصنع.


❈-❈-❈

يوم افتتاح القصر عمل البارون إمبان حفلة كبيرة جدا عزم فيها السلطان "حسين كامل" سلطان مصر اللي انبهر بالقصر جدا، هو صحيح مش كبير زي قصر عابدين، بس كان أحلى منه بكتير، وأحلى كمان من كل قصور العيلة المالكة، وخصوصا البرج المتحرك اللي مكانش ليه مثيل فى العالم كله.


 حاول السلطان حسين يشتري القصر بكل الطرق، وبعت للبارون أكتر مرة علشان يشتريه منه، لحد البارون ما زهق وقرر ياخد أسرته ويرجع بلجيكا فترة على أمل إن السلطان ينسى طلبه ده، وأول ما عرف بموته رجع هو وأسرته علطول.


فضل البارون عايش في القصر لحد ما تعب جدا بمرض السرطان عام ١٩٢٩م وسافر بلجيكا علشان يتعالج بس مات هناك يوم ٢٢ يوليو ١٩٢٩م وعلى حسب وصيته تم دفنه فى مصر في كنيسة البازيليك اللي جمب القصر.


ومن بعده انتقلت ملكية القصر لابنه جان اللي توفى عام ١٩٤٦م، ودفن بجوار والده في كنيسة البازيليك هو كمان، بعد كدا راحت ملكية القصر لأحفاد البارون، ومن الوقت ده اتعرض القصر للإهمال، والسرقة، والتخريب، وفى عام ١٩٥٤م تم بيع القصر في مزاد علني، واشتراه واحد سوري اسمه "محمد بهجت الكسم" واتنين سعوديين وهما "محمد علي رضا" وأخوه "علي علي رضا" ودفعوا فيه مبلغ ١٦٠ ألف جنيه مصري.


عام ١٩٩٣م تم تسجيل القصر رسميًا كأثر، وفي عام ٢٠٠٥م اشترته وزارة الإسكان المصرية من أصحابه السوريين والسعوديين مقابل منحهم بقيمة القصر أرض بديلة في القاهرة الجديدة، علشان يقيموا عليها مشاريع استثمارية، وتم تقدير قيمة القصر وقتها بمبلغ ١٢٥ مليون جنيه.


عام ٢٠١٧م قررت الدولة الاستفادة من القصر، وتاريخه، وبدأت عملية ترميم القصر علشان يرجع زي الأول؛ علشان يفتح بابه للزوار ويبقى مزار سياحي وتم الانتهاء من عملية الترميم عام ٢٠٢٠م.


 تم افتتاح القصر رسميا بحضور الرئيس "عبد الفتاح السيسي" رئيس الجمهورية والقصر مفتوح حاليًا للمصرين، والأجانب، وكل اللي عايز يشوف التحفة المعمارية دي.


❈-❈-❈


طيب كل الكلام ده تمام جدا إيه بقى موضوع اللعنة والعفاريت اللي اشتهر بيهم القصر لحد دلوقتي، اللي ووصت لدرجة أن تم تصنيف القصر بأنه البيت الأكثر رعبا على مستوى العالم، وشهرته كقصر للأشباح ماكنتش مقتصرة على المصريين بس، لأ دا كان على مستوى العالم كله، وتم تقديم طلبات كثيرة جدا علشان يتصور في القصر أفلام رعب أجنبية، معظمها بيتكلم عن الاشباح، ومصاصين الدماء، طيب الموضوع بدأ إزاي؟


محدش عارف امتى الموضوع حصل بالظبط، وكثرت الإشاعات، والأساطير اللي بتتكلم عن الموضوع ده، ومحدش عارف إيه الكلام الحقيقي، وإيه التأليف بصراحة.


الرأي الأول:

 قالوا إن سبب اللعنة دي هو البارون نفسه، وحياته الكئيبة، فبالرغم من فلوسه اللي كانت لا تعد ولا تحصى، بس حياته ماكنتش سعيدة أبدًا، كان مولود بعرج باين في رجله، وكانت بتجيله نوبات صرع كثيرة جدا، وأوقات كانت النوبات بتجيله وهو في حديقة القصر، ومكانش حد من الخدم يجرؤ إنه يقرب منه، أو ينقله من مكانه، لأن البارون كان صارم جدا معاهم، ومكانش بيسمح لحد فيهم يلمسه، كان يفضل غائب عن الوعي بالساعات وكلبه جمبه لحد ما يفوق لواحده.



الرأي الثاني:

 قالوا إن الغرفة السرية هي سبب اللعنة وإن مكوثه فيها بالساعات لسبب مجهول، والسبب ده أيا كان إيه أدى لظهور شياطين سكنت القصر، ومنعت حد غيرها من البشر يسكنه.


الرأي الثالث:

  سبب اللعنة دي هو الوفاة المأساوية اللي حصلت لأخته "البارونة هيلانة" واللي كانت في البرج المتحرك في يوم، وأثناء تحرك البرج ترس من التروس تعطل، واتحرك البرج بسرعة جدا، أدى لوقوع البارونة، ووفاتها في الحال، والبرج من اليوم ده لحد النهاردة بطل يتحرك، ومن ضمن الأساطير اللي اتقالت إن البرج بطل يتحرك حزنا على البارونة.


بس فيه ناس كان لها رأي تاني، إن البرج أصلا اتعطل لما الترس اتكسر، والبارونة وقعت منه، مش حزن عليها ولا حاجة يعنى موتها كان بسبب عطل البرج، مش عطل البرج اللي بسبب موتها.


يقال بقى ان البارون اكتئب جدا بعد وفاة أخته؛ لأنه سمع صوت صراخها وهي بتقع، بس مقدرش ينقذها، على ما وصلها كانت وقعت، وماتت، وعلشان يرتاح من تأنيب الضمير استعان بوسيط روحاني؛ علشان يحضر روحها، كان عايز يطلب منها السماح، ولما روحها حضرت رفضت تسامحه وحملته ذنب موتها علشان ملحقهاش ومقدرش ينقذها، وفضلت روحها ساكنة القصر؛ علشان كدا كتير من شهود العيان كانوا بيقولوا إنهم بيسمعوا صوت خناق طالع من القصر، بين البارون، وأخته، حتى بعد وفاة البارون نفسه، وناس قالت إنها كانت بتسمع صوت صراخ البارونة.


الرأي الرابع:

قالوا إن سبب اللعنة كانت الوفاة المأساوية لزوجة البارون اللي يقال إنها ماتت في الأسانسير، وفيه اللي قال إنها اتحدفت من فوق البرج، ويقال إن موتها كان بفعل فاعل، وإن الفاعل ده كان البارون نفسه بدليل إنه دفنها في مكان مجهول في الصحراء بعيد عن القصر، وإن روحها لما ماتت حبت تنتقم من كل اللي في القصر، وهى اللي اتسببت في موت البارونة هيلانة بعد كدا. 


الرأي الخامس: بيقول:

 سبب اللعنة هي بنت البارون "آن" لأنها كانت بنت حزينة جدا، تعاني من معاملة سيئة جدا من والدها، وعمتها، وده اللي خلاها تكتئب وتعتزل عن الناس، وكان معروف عنها صوتها الجميل، وكانت ديما بتغني تراتيل حزينة.


آن كان لها صديقة واحدة اسمها "سيلفيا" سيلفيا دي كان عندها ميول غريبة، كانت تمارس طقوس عبادة الشيطان، والسحر الأسود، واستغلت اكتئاب آن وبدأت تعلمها الطقوس دي، وبعد كدا بقت تجيب أصحابها ويمارسوا طقوسهم في الغرفة السرية اللي في البدروم، وكانوا بيعملوا كدا في السر من غير ما حد يشوفهم، ويقال إنهم نجحوا بالفعل إنهم يحضروا مجموعة من الشياطين اللي سكنت القصر ومن وقتها بدأت اللعنة.


كانت أول ضحايا اللعنة أمها، وتاني ضحية هي عمتها البارونة هيلانة، وبعد كدا توالت الضحايا، مات ٦ من الخادمات واحدة، ورا التانية، في حوادث بشعة، بس كانت أبرز حادثة هي حادثة موت رئيسة الخدم مدام "ديموريه" اللي انحشرت دماغها في الأسانسير الصغير اللي بيطلع الأكل لغرفة المائدة، ويقال ان الأسانسير قطع رأسها وطلع بيها مع الأكل.


(انتوا متخيلين ناس مستنية صينية الأكل فجأة يلاقوا رأس بشرية هي اللي طالعالهم) 


بعد كدا زاد اكتئاب آن وكانت بتحاول الانتحار بعد كل حادثة موت غريبة لحد من القصر، بس كانوا بيقدروا ينقذوها في آخر لحظة، لحد ما نجحت في الانتحار بالفعل بعد بلوغها سن ١٨ سنة لقوها واقعة من بلكونة غرفتها وميتة.


يقال إن في شهر مارس من كل عام وهو الشهر اللي انتحرت فيه آن كان سكان المنطقة بيسمعوا صوت ترانيم حزينة بصوت آن خارجة من غرفتها في القصر.


انتشر موضوع الاشباح ده بين الناس بصورة كبيرة خصوصا بعد قفل القصر.


سكان المنطقة كانوا بيقولوا إنهم بيسمعوا صوت أثاث بيتحرك في القصر، كمان زي ما قولنا كانوا بيسمعوا صوت خناق، وصراخ، وغناء لترانيم حزينة، وأضواء خارجة من الباحة الخلفية للقصر، كانت الأضواء دي بتظهر فجأة، وتختفى برضه فجأة، وطبعًا كل الحاجات الغريبة دي بتبدأ بعد نص الليل.


عام ١٩٨٢م كانت الحادثة الأشهر في تاريخ القصر، أكتر من واحد من الجيران شاف دخان كثيف جدا خارج من الغرفة الرئيسية للقصر وبيدخل البرج، بعد كدا ظهرت ألسنة نيران شديدة جدا كانت خارجة من القصر كله، وسببت فزع لكل الناس الموجودة، واتصلوا برجال الإطفاء بالفعل، بس على ما وصلوا كانت النار زي ما ولعت لوحدها، انطفت برضو لوحدها، ومش بس كدا دا ماكنتش سايبه أي أثر، ولا أكنها كانت موجودة من الأساس.


عام ١٩٩٧م، زادت شهرة القصر جدا، بعد ما قدر مجموعة من الشباب إنهم يتسللوا للقصر ويمارسوا طقوس عبادة الشيطان، وكانوا بيرقصوا على موسيقى البلاك بيتلز، ودى الموسيقى الخاصة بعبادة الشيطان.


في الأول السكان كانوا فاكرين إن الصوت اللي طالع من القصر ده هو صوت العفاريت، بعد كدا لما الموضوع بقى يتكرر بشكل دائم قالوا لأ بقى دا الموضوع فيه حاجة غلط، واتصلوا بالبوليس الى جه وقبض على الشباب دول، ولاقوهم بيمارسوا طقوسهم في الأوضة السرية، ولقوا الجدران عليها دماء حيوانات، كانوا بيقدموهم كقرابين، وكانت الحادثة دي حديث البلد كلها لأن الولاد دول كان من بينهم أولاد ناس لهم مناصب كبيرة، وفضلت الجرائد تكتب عنه مدة كبيرة، وكمان جه في أكتر من عمل سنيمائي وتليفزيوني.


بعد كدا زاد دخول المتطفلين من محبي المغامرات للقصر؛ علشان يشوفوا الاشباح اللي الناس بتتكلم عنها، وفيهم ناس كتير قالت إنهم شافوا حاجات غريبة بالفعل، خصوصا بالليل بعد الساعة ١٢ بالتحديد، لدرجة إن طلعت إشاعة إن لا يمكن حد يقدر يبات في القصر ويطلع عايش.


عام ٢٠٠٦م تم عمل سور حديدي حوالين القصر من كل الجهات؛ علشان يمنعوا تسلل الشباب ليه، ومن وقتها محدش قال عن حاجة غريبة حصلت.


دي كانت كل الآراء اللي اتقالت عن قصر البارون إيه الصح؟ وإيه الغلط؟ الله أعلم وهل الكلام ده كله كان من خيال الناس اللي فى المنطقة؟ ولا فيه اجزاء من الحقيقة؟ بس اللي نعرفه إن الكلام ده خلى شهرة القصر تبقى عالمية، كواحد من أشهر بيوت الأشباح الموجودة في العالم، وتمت كتابة قصص، وروايات، وعمل أفلام وثائقية، كثيرة جدا عن القصر، ولا يزال قصر البارون يحيط بيه الغموض ومحدش عارف يكشف أسراره لحد دلوقتي.

 

سمر إبراهيم