-->

سلسلة أماكن مسكونة- بقلم الكاتبة سمر إبراهيم- الحلقة الثانية عشر (مستشفى أثينا)

 

سلسلة أماكن مسكونة

 بقلم الكاتبة سمر إبراهيم 




الحلقة الثانية عشر

مستشفى أثينا

سلسلة

 أماكن مسكونة 


احنا لسة في أمريكا مروحناش في مكان تاني، وشكلنا هنفضل في أمريكا شوية كمان، فيها أماكن مسكونة كتير جدًا.


هنتكلم عن مستشفى مشهورة جدا في أمريكا، كانت مشهورة جدا من أيام ما كانت مفتوحة ولحد دلوقتي، وحتي بعد مرور أكتر من ٢٨ عام على إغلاقها لسة فيه ناس بتتكلم عنها.


مستشفى "أثينا" في أوهايو للأمراض العقلية والنفسية.


كانت طرق العلاج في المصحات العقلية زمان خصوصا في العصور الوسطى غير آدمية بالمرة كانوا يتعاملون مع المرضى بمنتهى التخلف، مكانش عندهم ذرة رحمة بالمساكين دول اللي لاحول لهم، ولا قوة، ولا ليهم ذنب في مرضهم.


دا غير طبعا اللي كان بيتعامل مع المرض النفسي على إنه مس من الجان، أيًا كانت الأعراض اللي بيمر بيها المريض يبقى ملبوس علطول، ولما الحالة بتاعة المرضى تتدهور أكتر كانوا يقنعوا أهاليهم إن هما السبب في ده؛ لأنهم مش مستجيبين للعلاج، وكل دي أوهام في خيالهم علشان يهربوا من العلاج مش أكتر، إنما اللي بيعالجوهم فلة شمعة منورة.


بدأ الاهتمام بالأمراض العقلية في أمريكا بعد الحرب الأهلية الأمريكية اللي بدأت ١٨٦١م، وانتهت ١٨٦٥م، وطبعا كل حرب زي ما بتسيب موتى، وجرحى، بتسيب كمان عدد كبير من المرضى النفسيين اللي بيتأثروا باللي بيشوفوه قدامهم في الحرب.


من هنا بدأت الحكومة الأمريكية تعمل عدد كبير من المصحات النفسية في معظم المدن؛ علشان تستوعب أعداد المرضى.


من ضمن المصحات دي كانت المصحة بتاعتنا اللي أقيمت في مدينة "أوهايو" جمب مدينة "أثينا الأمريكية" علشان كدا أطلقوا على المصحة اسم مصحة أثينا النفسية.

"Athens Lunatic Asylum"


أطلقوا عليها كمان اسم "مستشفى التلال" "The ridges"

ودا لأن المستشفى كانت مبنية فوق هضبة عالية.


بدأوا في بناء المستشفى عام ١٨٦٨م، واستمر البناء لمدة ٦ سنين متواصلين لحد ما تم افتتاحها عام ١٨٧٤م.


أرض المستشفى كانت كبيرة جدًا أكتر من ألف فدان تبرع بيها واحد من الأثرياء المحليين، وفيه اللي بيقول إن الحكومة اشترت الأرض من السكان المحليين، بس معظم الآراء بتقول إن تم التبرع بالأرض.


المستشفى كانت ضخمة جدت وبتضم مباني كتير جدا.


كان فيها ٥٠٠ غرفة للمرضى، دا غير إنها كانت عاملة اكتفاء ذاتي مكانتش بتحتاج حاجة من برا أسوار المبنى.


كانوا عاملين صوبات زجاجية يزرعوا فيها الخضار، والفاكهة، مزارع دواجن، حظائر مواشي، وأغنام، معامل ألبان، مخابز، كل اللي ممكن يحتاجه الموجودين في المصحة كانوا بيعملوه بنفسهم.


زود على كل ده مقبرة ضخمة كانت تتسع ل ٢٠٠٠ شخص علشان لو مريض توفيَ يدفنوه عادي جدًا خصوصا إن معظم الأهالي كانوا بيسيبوا قرايبهم ومبيرجعوش تاني.


المصحة كانت مصحة نموذجية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خصوصا مع قلة عدد المرضى.


كانت المصحة بتقدم خدمة ممتازة، خدمة خمس نجوم زي ما بيقولوا، وقدرت إنها تبقى أحسن مستشفى في أمريكا.


لكن دوام الحال من المحال، حال المصحة اتقلب رأسا على عقب؛ بسبب زيادة شهرة المصحة، وقدوم الناس ليها من كل مكان.

مع الوقت زاد عدد المرضى جدا، لأن اللي بيدخل مكانش بيخرج، بعد ما كان العدد لا يزيد عن ٢٠٠ مريض وصل ل ٢٠٠٠ مريض في نهاية القرن ال ١٩.


كان سبب زيادة أعداد المرضى في الزمن ده هو التعريف الفضفاض لمعنى الجنون والاضطراب العقلي.


كان فيه أمراض كتير كانت تصنف تحت بند الاضطراب العقلي، وهي أمراض عضوية أصلا زي الصرع مثلًا، والسل، والزهري.


حتى الانحرافات السلوكية كانوا يصنفوها من ضمن الاضطرابات العقلية هي كمان، زي الشذوذ الجنسي، وإدمان الكحول، والسلوك الإجرامي، وإدمان العادة السرية، وغيرهم من السلوكيات المنحرفة.


تخيلوا إن حتى الانقطاع المبكر للطمث للستات كانوا يعبروه اضطراب عقلي هو كمان.


نرجع لموضوعنا:

طبعا مع زيادة عدد المرضى بالصورة المبالغ فيها دي كان لازم يبقى فيه عمالة تقدر تقدم الخدمات للعدد الكبير دا كله.


بدأت المصحة توظف مجموعة كبيرة من العمال، بس للأسف مكانش عندهم كفاءة، ولا كانوا أكاديميين، ولا مؤهلين للتعامل مع المرضى.


ومن هنا بدأت المأساة، الأوضاع في المصحة ساءت جدًا، وانخفضت مستوى الرعاية فيها بشكل كبير، كان يتم التعامل مع المرضى بطرق غير آدمية، ويستعملوا معاهم أساليب غاية في القسوة؛ علشان يقدروا يسيطروا عليهم.


كان كل ما تتخيلوه موجود؛ يغطسوا المرضى في أحواض مياه مثلجة، يعرضوهم لصدمات كهربائية بإفراط شديد، كانوا بيعطوا للمرضى أدوية مسكنة ومخدرة بأعراض جانبية خطيرة جدا وبشكل مبالغ فيه؛ علشان يبقى عندهم حالة من اللامبالاة، والبلادة، والهدوء الغير مفهوم.


كان من أنواع العقاب إنهم كانوا يخلوا أكتر من ٥٠ مريض يناموا في غرفة واحدة مخصصة لمريض واحد وكانت المرضى بيناموا فوق بعض بطريقة غير آدمية بالمرة.


وكان المرضى في المصحة بيحفروا على الجدران بعض العبارات واللي فيه منها موجود لحد دلوقتي زي العبارة دي.

I was never crazy" - انا عمري ما كنت مجنون"


أما بقى أسوأ طرق العلاج وأكثرها قسوة كانت عملية يقوموا بإجرائها في المخ اسمها "جراحة الفص الأمامي" (Lobotomy )


"في ثلاثينات القرن العشرين قام عالم برتغالي اسمه "إيغاس مونيز" باختراع طريقة علاج جديدة للمرضى اللي عندهم اضطرابات عقلية، وخد إيغاس عن الاختراع ده جائزة نوبل في الطب.


العلاج كان عبارة عن جراحة بيتم إجراءها للمريض كان اسمها زي ما قولنا lobotomy (جراحة فص المخ الأمامي) كانوا يخدروا المريض، ويعملوا فتحة صغيرة في الجمجمة، ويدخلوا مبضع معدني، ويقصوا الأوردة العصبية اللي بتربط الفص الأمامي بباقي المخ.


ليه بقى بيعملوا كدا لأن إيغاس قال إن الفص الأمامي ده هو المسؤول عن الاضطرابات العقلية اللي بتحصل للمريض، وفصل الجزء ده ممكن يؤدي لتحسن المريض.


في الأربعينات بقى جه واحد اسمه "والتر فريمان" وعمل تطوير في الجراحة دي وقال إن العملية ممكن تتعمل من غير ثقب الجمجمة، ممكن ندخل قضيب معدني طويل عبر محجر العين للجمجمة، ونفصل الفص الأمامي من غير جراحة ولا بنج ولا غرفة عمليات.


طبعا العملية دي كانت بتتعمل في المصحة، وعلى كل المرضى عاطل بقى مع باطل، مهما اختلفت الأعراض بين كل مريض والتاني.


إحقاقًا للحق العملية كانت بتتعمل في كل المصحات النفسية، مش في أثينا بس واتعرض للجراحة دي آلاف المرضى.


كانوا يعتبرون المرضى فئران تجارب ليس لهم حق في تقرير مصيرهم، والعملية كانت بتتعمل من غير موافقة المريض، ولا حتى أهله.


مش عايزة أقولكم بقى عن النتائج الكارثية اللي كانت بتحصل نتيجة للعملية دي، طبعا مكانتش بتنجح مع الكل، صحيح كان فيه حالات تحسن، وبعض الحالات النادرة اللي أصحابها خفوا بالفعل، بس أغلب الحالات حصلت معاهم نتائج عكسية.


فيه اللي حصلهم حالات اضطراب سلوكي مش مفهوم، والأعراض اللي عندهم زادت جدا.


دا غير عدد الوفيات الكبير جدا اللي حصلت للمرضى من اللي اتعملت لهم العملية دي، كان بيحصلهم نزيف بعد العملية مباشرًة ويتوفوا في ساعتها.


دا طبعا غير حالات الإعاقة الدائمة اللي كانت بتحصل وممكن توصل لحالة شلل تام للمريض.


من الآخر العملية دي كانت بتتعمل بمبدأ يا صابت يا خابت اللي يعيش، يعيش واللي يموت، يموت والبقاء للأقوى.


طب ايه السبب في كدا؟ وليه ناس بتخف وناس لا؟ 

السبب في كدا إن العملية دي كانت بتتعمل بجهل شديد الأطباء مكانوش عارفين هما بيعملوا إيه أصلا، كانت العملية بتتم بطريقة عشوائية بحتة، كانوا بيقصوا اللي يقصوه ويسيبوا اللي يسيبوه من غير حساب.


هما كمان أصلا مكانوش يعرفوا وظيفة الفص الأمامي ده إيه من الأساس.


الموضوع كله كان عامل زي ما تكون بتقذف حجر في الظلام، وانت وحظك بقى، وطبعا نادر جدا لما الحجر يصيب الهدف اللي انت كنت محدده.


علشان المهازل اللي كانت بتحصل دي كلها توقفت العملية دي في الستينات، وتم تجريم إجراءها في أي مصحة نفسية، ووصفوها بالبربرية والغير إنسانية.


بما إن المصحة كان فيها أعداد كبيرة جدا من المرضى كانوا بيقسموهم على حسب حالتهم، كل صنف من المرضى موجود في مبنى لواحده، وكانوا فاصلين الرجالة والستات عن بعضهم.


كانت الحالات اللي المفروض تبقى تحت الملاحظة موجودة مع بعضها في مبنى قريب من جناح الأطباء، والممرضات؛ علشان يقدروا يتابعوهم كل شوية ولو حصلت مضاعفات لحالة من الحالات يقدروا يلحقوها.


المرضى اللي بيتصفوا بالعنف والميول الإجرامية كانوا موجودين في مبنى معزول بعيد إلى حد ما.


المرضى إللى عندهم أمراض معدية زي السل، والزهري، والسيلان، كانوا موجودين في مبنى منفصل، وبعيد عن البنايات التانية علشان العدوى.


طب ايه دخل اللي عندهم الأمراض العضوية دي بمصحة نفسية؟ 

 في المراحل المتأخرة للأمراض دي كان بيحصل للمريض اضطرابات عقلية.


وهما أصلا في الوقت ده زي ما قولنا كانوا يقومون بإدراج المرضى بالأمراض دي تحت مسمى المرض النفسي إزاي؟ معرفش.

معظم المرضى مكانوش بيخرجوا أبدًا كانوا بيقضوا عمرهم كله في المصحة؛ زي اللي حصل لطفلة صغيرة كان اسمها "مارجريت شيلنج" 


مارجريت كان عمرها ١٠ سنين لما ظهرت في المستشفى لأول مرة مع والدها.


طفلة بريئة لابسة ملابس قديمة جدًا وفي إديها عروسة من القماش.


مارجريت كان عندها مشكلة في النمو العقلي كان جسمها بيكبر لكن عقلها واقف نموه عند عمر ٤ أو ٥ سنين.


أبوها سابها ومشي ومرجعش تاني ولا زارها ولا مرة، فضلت مارجريت عايشة بين جدران المستشفى لحد ما بقي عمرها ٥٣ سنة متخيلين مفيش حد من أهلها زارها لمدة ٤٣ سنة.


ولأن حالتها كانت مستقرة ومفيش منها خطورة أبدا كانوا سامحين لها تتجول في المصحة براحتها، تلاعب ده، وتهزر مع ده، وكانت محبوبة من الكل، كانت طفلة عندها ٥ سنين في جسم واحدة ست في الخمسينات من عمرها.


مكانش حد من العمال بيدي اهتمام لمارجريت وبيسيبوها تلعب براحتها.


يوم ١ ديسمبر ١٩٧٨م ويقال ١٩٧٧م كان يوم عادي جدا في حياة مارجريت، راحت وطلبت من بعض العمال اللي شغالين في المصحة يلعبوا معاها استغماية، وجريت راحت تستخبى، ولأن زي ما قولت محدش كان مهتم أصلا باللي بتعمله محدش دور عليها، ودي كانت آخر مرة تظهر فيها مارجريت وهي على قيد الحياة


اختفت مارجريت يوم، اتنين، تلاتة، فين على ما خدوا بالهم إنها مش موجودة، فضلوا يدوروا عليها في كل مكان ملقوهاش أبدًا، لدرجة إنهم بلغوا الشرطة عن اختفاءها علشان يخلوا مسؤوليتهم طبعا، وبرضوا مفيش فايدة ومحدش لقاها، لحد ما بطلوا يدوروا عليها.


يوم ١٢ يناير ١٩٧٩م ويقال ١٩٧٨م، يعني بعد أكتر من ٤٠ يوم من اختفاء مارجريت، دخل واحد من العمال مبنى من المباني الملحقة بالمصحة، والخاصة بأعمال الصيانة، تفاجئ بمارجريت بس المرادي مش مستخبية زي كل مرة، لأ دي كانت جثة على الأرض شبه متحللة، وعنيها مفتوحة بطريقة مرعبة.


جه البوليس، والطب الشرعي، وخدوا الجثة، وطلع التقرير إن سبب الوفاة هو سكتة قلبية بسبب برودة الجو في الغرفة اللي وصلت ل ١٠ تحت الصفر خصوصا إن الجثة كانت تقريبا من غير ملابس،


(انخفاض درجة الحرارة حفظ الجثة من التحلل؛ علشان كدا متحللتش بالكامل، بالرغم من طول المدة اللي قعدتها في الغرفة بعد وفاتها)


السؤال هنا بقى ليه مارجريت مخرجتش من الغرفة؟ ليه نامت في مكن بارد زي ده؟ طب لو قولنا الباب اتقفل عليها ومعرفتش تخرج، ليه مصرختش وخبطت على الباب علشان تطلب النجدة؟ وليه الجثة كانت من غير ملابس اصلا؟


كل دي أسئلة جت في دماغ الجميع وقتها والأسئلة دي ودت لاحتمالين مالهومش تالت.


• الأول: 

إن مارجريت كان مريضة عقليا منقدرش نحكم على تصرفاتها، وارد جدا إنها تكون استخبت علشان حد يدور عليها ولما محدش لقاها نامت مكانها قلعت ملابسها حطتها جمبها، ونامت زي ما بتعمل في أوضتها بالظبط.


• الاحتمال التاني:

  إن الموضوع فيه شبهة جنائية، وإن واحد من العمال استغل عجزها واستدرجها للمكان ده واغتصيها.


قتلها بقى علشان يخفي جريمته، أو هي جاتلها سكتة قلبية من الاغتصاب، أو أغمى عليها وسابها ومشي، وماتت من شدة البرد، الله وحده عالم باللي حصل.


لما البوليس خد جثة مارجريت العمال نظفوا الأرض مكان الجثة، وقفلوا المبنى تاني وخرجوا.


بعد مدة كبيرة داخل واحد من العمال الغرفة دي تاني لقى على الأرض حاجة غريبة جدا بقعة بيضة كبيرة على شكل واحدة ست، والبقعة دي كانت موجودة في نفس المكان اللي كانت موجودة فيه جثة مارجريت، وواخدة نفس شكل جسمها بالطريقة اللي كانت ميتة بيها بالظبط.


العامل راح بلغ إدارة المصحة اللي حاولوا يشيلوا البقعة دي بكل الطرق، لكن مفيش فايدة.


استعملوا كل أنواع المنظفات وبرضوا متشالتش، لدرجة إنهم استعانوا بكيميائيين علشان يشيلوها، وبرضوا مفيش فايدة، وفيه اللي بيقول إنها كانت بتتشال، وتاني يوم ترجع تاني زي ما كانت بالظبط.


فيه مجموعة من العلماء شككوا في الكلام ده وقالوا إنه للفت الانتباه مش أكتر، وراحوا شافوا البقعة، وفحصوا المكان وكانت مفاجأة بالنسبالهم إن البقعة كانت حقيقية بالفعل، محدش كحت الأرض الإسمنتية، ولا رشها بمادة كيميائية مثلا علشان البقعة دي تظهر. 


فسروا الموضوع ده على أساس علمي وقالوا إن سبب ظهور البقعة دي هو التفاعل الكيميائي اللي حصل بين الأرض وبين الإفرازات اللي خرجت من الجثة نتيجة تعفنها وتحللها على الأرض.


بس اللي يكذب التحليل ده إن جثة مارجريت متحللتش بالشكل ده أصلا، وكمان برودة الجو المفروض إنها تمنع التفاعلات اللي بيقولوا عليها دي من الأساس.


علشان كدا أصحاب نظرية إنها ماتت بشكل جنائي بيقولوا إن ظهور البقعة دي خير دليل على كلامهم، وإن مارجريت قررت تظهر تاني علشان تفضح كذبهم وتقول للجاني أنا أهه.


فيه ناس كتير أجمعوا إنهم شافوا شبح مارجريت أكتر من مرة بعد موتها، كانت تتجول في المصحة، وماسكة عروستها زي ما تكون بتلعب استغماية ومستنية حد يلاقيها ، ويقال إن شبحها لسة بيظهر لحد دلوقتي في نفس الأماكن اللي كانت متعودة تتواجد فيها.


عام ١٩٩٣م تم إغلاق المصحة بالكامل نتيجة لتناقص عدد المرضى اللي كانوا موجودين فيها بشكل كبير جدا في آخر ١٠ سنين، وده نظرا تطور أساليب العلاج اللي نجحت إنها تعالج أعداد كبيرة من المرضى النفسيين.


كمان بسبب ارتفاع درجة الوعي الصحي عند الناس.


من الآخر الناس مبقتش تعتبر المرض النفسي وصمة عار المفروض يتخلصوا من صاحبه. 


بعد قفل المصحة تم ضم المباني لجامعة أوهايو ولحد دلوقتي فيه مباني كتير جدا مهجورة محدش بيدخلها.


طبعا مساحة المصحة الضخمة والمباني المهجورة كانت مادة خصبة للحكايات العجيبة طول السنين اللي فاتوا.


ناس كتير قالوا إن أشباح المرضى لسة بتظهر لحد دلوقتي مش شبح مارجريت بس، لأ أشباح غيرها كتير بتظهر، وتتجول في مباني المصحة المهجورة، وفي المقبرة كمان.


وقالوا إن سبب ظهورهم هي الطرق المأساوية اللي ماتوا بيها، وإن المستشفى كان مرتع لأفعال شنيعة، كانت بتحصل فيها على مر السنين.


اغتصاب، قتل، تعذيب، إهمال، تجارب سرية كانت بتتعمل على المرضى، ناس عاقلة كانت بتتحبس بالعافية، وغيرهم وغيرهم من الأفعال الغير إنسانية، وقالوا إن اللي بيحصل في المصحة دلوقتي ده ما هو إلا انعكاس لكل الأفعال الشنيعة، والموبقات، والجرائم المنسية، اللي كانت ترتكب هناك من غير حساب، أو عقاب.


المقبرة بتاعة المصحة بقى دي حوار تاني خالص.


المقبرة زي ما قولنا كانت معمولة علشان تتسع لحالي ٢٠٠٠ شخص وكانت مقسمة لثلاث مقابر عاملين مع بعض شكل دائرة.


زي ما قولنا اللي كان بيموت من المرضى كان يتم دفنه في المقبرة، ولا من شاف، ولا من دري.


المقبرة فيها ١٩٣٠ ضريح لمرضى عاشوا، وماتوا من غير ما حد يحس بيهم، أو يسأل عنهم.


معظم الأضرحة مش مكتوب عليهم أسامي أصلا، كانوا بيكتفوا بكتابة أرقام فوق كل شاهد وخلاص.


يقال إن مع الإهمال اللي حصل للمصحة والمقبرة بدأ السحرة، والمشعوذين يستغلوها، ويمارسوا فيها طقوس سرية؛ لتحضير الشياطين، والأرواح الشريرة، وفيه ناس بتقول إن الطقوس دي هي سبب ضهور الأشباح، والظواهر الغريبة، اللي بتحصل إلى يومنا هذا.


طبعا فيه ناس كتير كذبت الكلام ده وقالوا إن دي كلها إشاعات خالية تماما من الحقيقة، ولا تمت للواقع بصلة، وقالوا إن ولا فيه أشباح مرضى، ولا شبح مارجريت، ولا أي حاجة، بس برضو في نفس الوقت مقدروش يفسروا سبب وجود البقعة اللي موجودة لحد دلوقتي.


يا ترا هل المصحة مسكونة بالفعل أم أنها مجرد شائعات لا أكثر 


 بقلم سمر إبراهيم