-->

ثنايا الروح - قصة قصيرة

ثنايا الروح - قصة قصيرة للكاتبة ريما معتوق



 ثنايا الروح

والرُوح للرُوح

تدري مَن يُناغِمها

كالطيّر للطَيّر

في الإنشاد ميّال


❈-❈-❈


وصل الى البنايه التي توجد به عيادته ،بعد شهرين سيقوم بافتتاحها أخيرًا ، لا يكاد يصدق نفسه بعد عناء وتعب السنين استطاع  أن يفعلها ، صحيح أنه حصل على مبلغ مالي كبير في بداية حياته وقبل أن يتخرج من الكلية ، لكنه صرف معظمه في علاج والدته وتسديد الديون التي تركها والده ؛ لا يهم ما فات ها هو الان يرفع عينيه ليرى اسمه فوق لوحة الإضاءة  مكتوب عليها  يكفيه هذا لينسى تعب السنين  ...


صعد إلى الشقه التي يتم تجهيزها لتكون عيادة مشتركة مع صديقة الدكتور رؤوف ؛ وجد باب الشقة مفتوحه فدخل ليجد الأنوار مضيئه وسمع أصوات من احد الغرف ، تقدم ناحيتها ليجد رؤف يتحدث مع سيده وهي ممسكه بجهاز لوحي تريه بعض التصماميم ، تجمد مكانه لا يمكن أن تكون هي ، نفس الجسم ، الشعر ازداد طوله ، نعم إنها رائحتها ، لكن مستحيل ليست هي..


رفع رؤوف رأسه عندما أحس بدخول أحدهم ليجد نادر يقف أمام الغرفه وقد فرت الدماء من وجهه:- 

_دكتور نادر انت هنا تعال شوف التصاميم معايا ..


لم يجيبه ، كانت عيناه مصوبة لتلك الواقفة بجانبه ، رغم انها لم تلتفت له لكنه أحس بتصلب جسدها ، او ربما كان ذلك فقط من نسج خياله ..


- اقترب رؤوف منه  :

- نادر مالك أنت كويس؟


نظف حلقه و حاول ان يكذب إحساسه خرج صوته مهتز رغمًا عنه :

- انا كويس ، أنت جبت مهندس ديكور ؟


تقدم داخل الغرفه وهو يتساءل ، وقبل حتى أن يُنهي كلامه  استدارت لتواجهه ؛ اتسعت عيناه نعم إنها هي يا إلهي لا أصدق متي أصبحت (فُتنه) ابنة بائع السمك مهندسه ديكور ؛ لم تتركة لأفكاره كثيرا ، وجهت كلامها لرؤوف في تجاهل تام له ..

- دكتور رؤف التصميمات عند حضرتك اختار منها اللي يعجبك ، بس ياريت بسرعه عشان الوقت deadline وزي ماقلت لحضرتك مش حنختلف على  budget..


اغلقت  حاسوبها وضعته في الحقيبه المخصصه له ثم استاذنت وخرجت دون ان تعير نادر أي إهتمام ..


- اشتعل الغضب في داخله  ، لطالما كانت سببًا مباشر لإثارة غضبه وحنقه ، لكن أن تتجاهله بهذه الطريقة ، هذا مالم يحدث سابقًا هي من كانت تركض خلفه في مكان ، تحاول فرض نفسها عليه ، بل فرضت نفسها عليه ، استغلت ظروفه ومرض امه كي تتزوجه ؛ يخجل من قول ذلك علنًا  ، لكن ذلك ماحدث فعلا ، وبعد اقل من عام  قام بتطليقها والخلاص منها إلى الابد .

هاهي الان بعد مرور سبع سنوات ، تعود لتقتحم حياته من جديد لماذا ؟!

 وكيف ؟!...

- بتقول حاجه يا نادر ؟

- لم ينتبه انه نطق بيها بصوت عالي ليشعر ببعض الاحراج لكنه قرر معرفه الاجابه :

- أنت تعرف فُتنه منين ؟ هي ازاي بقت مهندسه ديكور؟

- عقد حاجبيه وهو يحاول فهم سر الهجوم في صوته :

- فُتنه ؟ قصدك بتاعتة الديكور ، تصدق ماكنتش اعرف اسمها الاول ! شوف خطيبتي هي اللي تعرفها عن طريق قريبتها ، هي كانت عايشه مع جوزها برا ولسه راجعه من سنه تقريبًا ، اسعارها حلوه وشغلها ممتاز .



-جوزها ! هي اتجوزت ، حتى لو بقت مهندسه فجاءه دي دخلت الكليه بالعافيه اكيد شهادتها مزوره

حدق رؤوف به ، لا يعرف سر الغضب الواضح عليه ، ثم منذ متى وهو يهتم بهذه التقاصيل وماهي علاقته بها 

- نادر ممكن تهدى شويه ، أولا أنا ماقلتش انها مهندسة ، هي عندها شهاده في تنسيق الديكور من إيطاليًا ، في مهندس ديكور متخصص هو اللي بيوافق على شغلها ويشوف لو غلط يصلحه ، عشان اسعارها مش غاليه ، وبعدين ممكن اعرف انت مضايق منها ليه هو انت تعرفها ؟

زواج ؛ ايطاليا ؛ شهادة ؛ متي فعلت كل ذلك منذ متى وهي تملك  طموح من الآساس  ؛ لم ينتبه إلى رؤوف الذي ذهب وتركه  بعد أن يأس منه ؛ خرج من البنايه بشعور مختلف عن الذي دخل به ...



❈-❈-❈




قضى الايام التي بعدها وهو يتجنب الحديث عنها ، فقد كان يزور العيادة في اوقات تواجدها مع العمال ليشاهدها وهي تلقي عليهم الأوامر بكل صرامه ، كل شي فيها تغير ، طريقة كلامها العمليه ، ملابسها غلب عليه الطابع العملى رغم احتفاظها بلونها المفضل الاحمر ، يبتسم كلما شاهد حذائها الاحمر اللامع ، مهما ارتقت لن تتغير ابنة السماك !

فضوله لم يتوقف عند مشاهدتها تعمل ، بل تجاوزه بمراحل ، فهاهو يلحقها بسيارته منذ أن خرجت من مكتبها ، منذ الاسبوع لم تحضر للعيادة و قد علم  أن الباقي سيقم به مهندس مختص ، لم يستطع أن يصبر ذهب يراقبها في مكان عملها ، وعند نزولها سار خلفها ، لا يعرف لماذا؟!  ، ربما يريد أن يرى منزلها ، لابد أن زوجها غني جدًا ، يعرف ذوقها وتكبرها ، لابد انها تزوجت برجل غني جدا ومشهور لكي تثبت للجميع بانها افضل منه وهي من تركته وليس العكس ؛ صدمته كانت عندما دخلت إلى حيها القديم بل و ركنت سيارتها الصغيره امام منزل ولدها القديم ؛ ربما هي في زياره هذا ما فكره فيه ، لكنه قرر أن يتاكد بنفسه..


ركن سيارته ونزل مقتربا بخطواته المترقبة من المنزل ، يدعو الله أن لا يتعرف عليه احد ، كيف سيتعرفون عليه فقد كان صغيرا كما أنه لم ياتي لمنزل عائلتها كثيرا ، وجد كشك فذهب اليه يدعي انه يرغب فيه شراء شي ربما يستطيع ان يحصل على معلومات من صاحبه ..

-السلام عليكم 

- رد صاحبة الكشك وهي سيده كبيره في العمر : - وعليكم السلام ، اتفضل تؤمر بايه ؟


اخذ اول شي امامه وطلب منها ان تجلب له علبة سجائر لماركه لم تكن موجوده عندها لذلك طلبها ، لكنها بعثت بصبي ليحضره له من محل قريب، قرر استغلال الفرصه لسحب المعلومات منها

-  قوليلي ياحاجه تعرفي الناس اللي ساكنين في البيت ده ؟،

 واشار على بيت اهل فُتنه

-تطلعت الى المنزل الذي يشير له  :- قصدك بيت الحاجه جمعة السماك الله يرحمة ويبشبش الطوبه التي تحته ..

- بدهشه واضحه :

- الله يرحمه هو مات امتى ؟

- ايه ده هو انت تعرفه ؟

أجلى صوته فقد زل بلسانه ، لكنه تدارك نفسه سريعًا :

- مش معرفه بس اسمع عنه مش ده اللي عنده محلات سمك

- اكدت السيده بسرعه :

- كان الله يرحمه بقاء ، ماهم عياله باعوا المحلات وكل واحد راح في حاله مافضلش إلا الست تونه ،هي اللي فتحت البيت بعد مارجعت من بلاد برا ، 

- اخيرا وصل الى ما يربوا اليه :

- هي رجعت لوحدها ؟ قصدي عايشه في البيت لوحدها 

- لا ساكنه مع قريبتها ، بس ماتسمعلهومش حِس ، ولا كأن البيت فيه عيال..


سقط قلبيه بين قدميه ، أطفال هل انجبت من زوجها ذلك؟ ، هل طلقها ام مات ام لازال في الخارج؟!

  العديد من  الاسئله تدور في رأسه ، قبل أن يسأل السؤال الآخر اتي الصبي بعلبه السجائر ، فاضطر نادر للمغادره رغم انه لم يحصل على كل مايريد من معلومات..


❈-❈-❈


لم يتوقف عن مراقبتها  وتقصى اخبارها ، إلا أنه لم يتاكد من إذا كانت لازالت متزوجة ام لا ؟!


، فهي على غير العادة تحيط نفسها بحاجز من الاسرار او ربما الحماية ، لا يهم المهم أنه لم يرتاح ويكاد أن يجن بسببها ..


ذهب إلى لزيارة شقيقته في مدينه أخرى ليعرف أي شيء  منها ؛ طرق الباب ففتحت ابنة شقيقته اميره ..

- تعلقت به هاتفة :

- خالو وحشتني جبالي  معاك طاطا (شيكولاته )


اخرج لوح الشوكلاته من جيبه وأعطاه لها  

بعد الترحيب والغداء جلست حنان مع شقيقها يحتسون الشاي فقد احست بانه مشغول البال ، 

اخبرها بما حدث ، فغرت فاها من الذي سمعته ، لكنها لم تعلق حتى انهى هو حديثه..


- بصوت هادي رزين :- طب انت دلوقتي عايز منها إيه ؟ ليه بتنكش وراها ؟ مالك لو اتجوزت ولا اشتغلت ولا راحت في ستين داهيه ، مش انت طلقتها واتجوزت وحده تانيه ؟


- لم يعجبه ما سمعه فرد في نبره حاده :- يعني ايه مالي هي مش كانت مراتي وبعدين انا طلقت سلمى من زمان وكل واحد راح لحاله

- طلقت سلمي عشان رفعت قضيه خلع  مش بمزاجك

- شعر بالدمع يغلي وهو يتذكر ماحدث :

- ماهي طلعت واطيه واستغلت الموقف دي حتى ماسمعتش تشخيص الدكتور وحكمت اني مش بخلف 

- زي ما انت استغليت اللى حصل لفُتنه وطلقتها وخليت سيرتها على كل لسان..


- عقد حاجبيه في غضب :- انت معاي ولا معاها ؟ من امتى بتحبي فُتنه ولا بتدافعِ عنها ..


- اخذت نفسا :- مش مع حد بس الحق يتقال ، انت طول عمرك واخذ منها موقف وشايف نفسك عليها ، ودلوقتي مش مستحمل انها مش مدياك إهتمام ، يعني من الاخر لو كانت جريت عليك زي زمان كنت  نفرتها ..


لاحظت شحوب وجهه شقيقها فقررت ان تغير نبرتها ، تعرف بانه يعاني منذ ماحدث معه مع زوجته التانيه ، شعوره بالندم واضح جدا لكنه يكابر ويرفض الاعتراف..


- أمسكت يده وهي تتابع في حنان اموي :


-نادر انا اختك الكبيره و عارفه انت حاسس بإيه ، بس كمان عارفه ان فُتنه مجروحه منك ويمكن بتكرهك دلوقتي ، لو عايز تكفر على حصل روح واجها واعتذر لها ، قبلت كويس ماقبلتش انت عملت اللي عليك ورضيت ضميرك وهي حره ..


لم يقتنع تماما لكنه هز راسه بموافقه، لكي يريح شقيقة ،انتهت الزياره وعاد لمنزله  ؛ بعد عدة أيام قرر تنفيذ نصيحة شقيقته ربما يرتاح ، لابد أن مايشعر به هو تأنيب ضمير ..



دخلت السكرتيره على فُتنه تخبرها بوجود شخص يريد مقابلتها دون موعد يدعي انه قريبها ، وافقت على دخوله ..


دخل نادر المكتب ،اول ما استقبله رائحتها ، لا يستطيع ان ينكر تاثيرها عليها، منذ أن استنشقها أول مره وهي تتغلل في ثنايا روحه ، يذكر مره اخبرها بذلك ، فضحكة في دلال قائله :

- انا من تغللت واستقريت في ثنايا روحك وليس رائحتي

- اتفضل دكتور نادر أي خدمه ؟

كان صوتها صارما نوعا ما ، كما أنها لم ترفع رأسها له ، بل ظلت تعبث بجهاز الكمبيوتر الموضوع امامها

- شعر بالحرج :- انت بتستقبلي ضيوفك بالشكل ده على طول ..


- نزعت عويناتها ونظرت له وهي تعدل من جلستها :

- ده مكان شغل مش استقبال ضيوف ، و المفروض اي حد يجي يكون واخد موعد ، حضرتك جيت من غير موعد وكمان ادعيت انك قريبي ، ممكن اعرف السبب المهم للمقابله دي ؟



رغم قسوة كلماتها إلا أنه لم يهتم ، فقد انشغل في التحديق في وجهها ، يالهي كم اشتاق لها ، على الرغم من أنها ليست فاتنه الجمال لكنها كانت ولازالت تسحره ، شعرها الغجري شديد السواد المتناقض مع بشرتها الحليبيه ، عيونها التي لا يفارقها الكحل حتى أصبح جزء منها ، وجهها المستدير و خديها البارزتين ، رغم انه كان يسخر منهما في السابق كي يكسر غرورها لكن احب كل شي فيها ، ثغرها الذي كانت تصبغه بلون قاتم ليزداد حجمه كما تعتقد ، هاهو يراه الان على طبيعته وكم يود أن يمطره بقبل كما كان يفعل في السابق ،نزل بعينيه ليدها رغبة منه في التأكد من وجود خاتم جواز من عدمه ، لكنه لم يستطع ، فهي ترتدي خاتم لكنه غير متأكد من ماهيته..


- بلع ريقه وهو يجلس في الكرسي المقابل لها :


- هو مش انا قريبك ! وبعدين محتاجة

ك في شغل يرضوا بس ماعنديش وقت اخذ ميعاد قلت اكيد مش حتكسفيتي..


- ارتفع حاجبها كما تفعل عندما لا يعجبها الكلام ، هادف عادت فُتنه التي يعرفها :

- قريب ازاي معليش ، وبعدين شغل ايه العيادة بتتشطب خلاص كم يوم والدكتور رؤوف يستلمها ، لو عندك أي ملاحظات ممكن تبلغه ..


- ابتسم رغما له ،يشعر بمتعه كبيره وهو يشاكسها :

- عيادة ايه انا بتكلم عن شقتي ، اصلي نويت اغير الديكور على زوق المدام ، لان الديكور القديم مش عاجبها..


على عكس ماتوقع لم يظهر شي عليها بل عادت لتتفقد حاسبها لدقائق ثم رفعت راسها إليه 

- للاسف مافيش وقت عشان اقبل مشروع جديد 

-شعر بحنق شديد لكنه لن يستلم لان :


- مش مشكله تقدري تبدي امتى..


- مره اخره فاجأته :

- مش قبل ثلاث شهور على الاقل

- أتفقنا خلاص تيجي معايا دلوقتي عشان تشوفي الشقه ..


- بابتسامه هازئه سرعان ما اخفتها وعادت لجديتها :.


- ممكن تحط المعلومات كلها عند السكرتيرة ، وحد من المكتب حيتواصل معاك ، تقدر تتفضل حضرتك اكيد وراك شغل كثير..


شعر بدلو ماء بارد ينزل عليه ، هل تطرده بتهذيب ؟! 

خرج من عندها بعد ان أعطى المعلومات المطلوبه وهو يشتعل غضبًا  ، وقد زاد تصميمه على معرفة كل شي يخصه..


❈-❈-❈




قضى الشهر الذي يلي ذلك اللقاء في تعقبها ومعرفة جميع تحركاتها ، المقهى المفضل لها ، منذ متى وهي تشرب الاسبرسو ! الم تكن تفضل القهوه في كوب زجاجي!!


مكان سهرها مع صديقاتها ، حتى مشاوير التسوق والنادي الرياضي ؛ كأنها تحتاج له ، لازالت تملك جسدا مبهرا لم يرى مثيله ولا حتى في صور عارضات الازياء ، فُتنه ذات جسد أسطواني كما يطلق عليه أصدقائه وقت الدراسه ، منحياتها مرسومه بدقه مبهره ، لطالما عرفت ذلك واستغلت  ذلك ضده ، طوال فتره زواجهم التى لم تدم طويلًا .

حتى بعد عودتها وتغير نمط ملابسها لا انها لازالت تتفنن في اظهار مفاتنها بطريقه راقيه عكس السابق..


لا يصدق مايفعله ، هل أصبح مراهق يتغزل في طليقته الان ! لم يفعلها وهو صغير بل هي من كانت تجري خلفه ، كيف انقلبت الأدوار فجأءه ، ومتى احس بقيمتها من الاساس؟

الجواب منذ أن تزوج غيرها ..!


نعم كان يظن بانه تخلص منها ومن الحبل الذي لفته على عنقه ، باستغلال مرض امه والديون التى عليهم لتتزوج ، ابنة السماك التي لم تكمل تعليمها تتزوج طالب في السنه الاخير من كلية الطب !

تعمد اهانتها ومضايقتها طوال فتره اقترانه بها ، لكنها مثل العلقة ، لم تبتعد عنه لا عندما تخرج وافتعلت هي فضيحه كبيره بان ساق التاكسي حاول التحرش بيها واغتصابها ، قادت الى قسم الشرطه لتحرر ضده محظر ، انكر السائق وقال انها من راودته عن نفسه وليست المره الاوله ، كما إستشهد بالجيران بانه داوم على ان يقلها لمنزل اهلها مرتين في الاسبوع ،

انقلبت الايه واصبحت متهمه بدل ضحيه ، وهنا طلب منهُ اخوتها ان يقف معها كي لا تفضح اختهم ، وافق على شرط ان يتنازلوا عن المؤخر الضخم وشيك الدين ،وفعلا حدث ما اراد وقام بالزواج عليها فورا ثم طلقها بعد ان طلبت ذلك بكل رحابة صدر 

كم هو نذل لا ينكر ذلك ، بدلًا من ان يقف معها وهو يعرف بإنها برئه ، قام باستغلالها وكسرها 

عرف بانها تزوجت لكنه لم يصدق؛ انهار زواجه بسرعه لانه ببساطه كان عاشق لها دون ان يدري متى او يعترف بذلك .

دقات على زجاج السياره انتشله من تفكيره ، فتح الزجاج ليعرف من الذي يحاول ازعاج ليجدها هي تقف امامه وفي يدها لعبه سجائر 

-مدت يديها بعلبه السجائر في استهزاء :

- اتفضل يادكتور السجاير ، مافيش داعي تستنى قدام البيت اكثر من كدا ، ممكن حد يبلغ عنك وتتاخذ تحري..


القت السجائر وذهبت دون ان تسمع جوابه ، اذا هي تعرف بمراقبته لها ، كم شعر بالغباء في تلك اللحظه لا  يصدق بأنه تم ضبطه متلبس بالجرم..


اليوم التالي جاءه اتصال من مكتبها يخبره بأنه سيتم معاينة شقته بعد الظهر يجب أن يكن احدهم متواجد بها ؛ خرج من العيادة مبكرًا  ليكن في انتظارها، ولم تخيب ظنه جائت ومعها مساعد يبدوا بأنه يصغرها في السن ، ولا يتحدث العربيه ،لكنه لم يأبه ذلك هي من كانت تحوز على كامل اهتمامه ؛ فقد قرر بأنه يجب ان يجد حل لمشاعرها تجاهه بأي طريقة..


عاينت الشقه بكل عملية لم يعدها بها أبدا ، ثم أخذت بعض الملاحظات واتفقت معه على موعد التسليم ؛ تضايق لأنها لم تسأله عن رأي زوجته في الديكور الجديد على الرغم من انه وضع صوره له مع سلمي كي يثير غيرتها ، لكنها تجاهلتها تمام كما تجاهلت يده الممتده لها مثل المرة السابقه.

مر شهرين وهي تعمل على ديكور شقته ، رغم أن المده المحدده كانت اقل من ذلك ،لكنه يقوم بتغير رأيه دائما لتزداد المده ، ويطول البقاء معها ..


غداء سريع يحضره صدفه وهي تعمل ، لا ينسى قهوتها المفضله الجديدة التى حفظ مكان المحل الخاص بها ، قد يتجاوز الامر عشاء سريع في المكتب يناقشها في لون الجدار الذي لا يعرف تميز بين الابيض والاوف وايت ..


صحيح أنها لم تنفر منه وتغلق الطريق امامه ، لكنها لم تسمح له بالتقدم اكثر ، حتي سؤاله الدائم عن زوجها لا تجيبه ، حتي ذلك الطفل الذي يره معها كثير ، هل هو ابنها ؟


قربه منها زاد الحب داخل قلبه لها، نعم هو يحبها  يعرف ذلك ، هل لديه فرصه معها أم لا ، قرر أن يفاتحها في حقيقة مشاعره وينهي عذابه

مثل العاده احضر كوب قهوتها المفضل ( اسبريسو) مع حلوى السينابون وجلس  ينتظرها في الشرفه حيث تعودو أن يحتسى القهوه بها ، ما أن جلست مد لها كوبها ، ثم عد داخله ؛ واحد ، اتنين ، ثلاثه..


_فُتنه عايز اكلمك في موضوع مهمه ممكن ؟


- ارتشفت قهوتها بحذر فهي شديدة السخونة :

- اتفضل خير ..


- شعر بقلبه ينبض بقوه لكنه قرر أن يستمر ولتكن تلك النهايه ، فقد انتهت من شقته كما انتهت من العيادة منذ مدة ، لن تكون هناك فرصه أخرى لينفرد بها إلا الآن..


- عارف اني ظلمتك زمان عشان كنت صغير وطايش، ما استحملتش ان ست تغصبني اتجوزها ، حتي لم اتجوزت عليكي عشان ابينلك اني راجل واقدر اخذ قرار لوحدي ..


يصمت  يلتقط أنفاسه مكملا:

_بس أنا من يومها وأنا بتعذب ، معرفتش احب غيرك ولا انساك ، حتى سلمى طلع مش حب عِند بس ، صدقيني انا كنت نظمت حياتي اني اكملها شغل وخلاص ، بس بعد ماشفت كل حاجه اتشقلبت ، معرفش ايه اللي حصلي حسيت بكل المشاعر رجعت تأني..


- قاطعته في هدوء مريب 

:- وده سبب ايه ، وبعدين أنت مش عارف اني اتجوزت إزاي تتجرأ وتقولي كلام زي ده ولا مصدق اني ست م….

- قاطعته بنبره صادقه :

- عمري ماصدق ..

، نكس رأسه وهو يكمل اعترافه :


_ انا بس كنت محروق من جوه انك اديت لوحد حيوان زي ده يقرب منك مع اني قلتك مليون مره تحطي حدود مع الرجاله ، وانت مصممه تتعامل مع الكل زي ماتكوني لسه في الحاره والكل يعرف ابوكي وبيخاف منه ؛ كلامه عليكي كان سكاكين بتقطع جوايا ، قررت سعاتها انتقم منك ..

 لم يستطع أن يكمل كيف يبرر فعلته الخسيسه تلك؟

 

- لم تجيبه بل انهت قهوتها اولاً :

- نادر عايز ايه من الاخر ؟ لو بتطلب السماح فانا سامحتك من زمان عشاني مش عشانك .


- انا عايزك انت بحبك وعايز فرصه تانيه 

- رفعت حاجبيها :

- مش لم تتاكد أني مش متجوزه الاول ..


- آنا متأكد ، لو كنت لسه متجوزه ماكنتيش سمحتيلي ان اتمادى معاكي ولا اسمعك الكلام ده كله ..


- ارتسمت إبتسامه عذبه على شفتيها سرعان ما محتها :

- أرمله ! جوزي مات من سنتين  عشان كيد رجعت ،.

- تهللت اساريره :

- الحمدالله

- نعم

- قصدي الله يرحمه

- ايوا اتعدل كدا

- طيب قلتي ايه ..


لدعت البرائه وهي تجيب:

- في ايه

ـ انك ترجعيلي..


- تطلعت إلى أظافرها المطليه باللون الاحمر وهي تجيب في عبث :

- سيبني أفكر الاول

- ماشي عندك لبكره المغرب اجيب الماذون واجي اكتب عليكي

- تطلعت له في اندهاش:

- حيلك حيلك مأذون ايه لسه في فاتحه وتلبيس دبل وخطوبه وبعدين نكتب الكتاب

- عقد حاجبيه :- وليه كل ده احنا نتعرف على بعض تاني ولا ايه ، الشقه اهي جاهزه 

- ده شرطي ولا انت حر 

- عكف يديه واجاب فيه غيض :

- موافق هو انا اقدر..


بعد ست شهور في باخرة فاخره اقيم فرح فُتنه ونادر كان نادر اكثر رجال الارض سعاده في العالم ، هذا ماشعر به ..


دنى من أذنها وهي يرقص معها عي نعمات الموسيقي الهادئه ..


- أنت فُتنه فَتن عقلي و وتغلب حبها في ثنايا روحي..


نهاية القصة...