الفصل الثالث- أنين وابتهاج
وكأن الكلمات السامة كالخنجر الذي يُغرَز في قلبها ينهيه تمامًا، فيقتلها في الثانية أكثر من مرة
❈-❈-❈
تحدثت نهى بحدة وصرامة ترد على حديث آلاء، وهي تشعر بالغيظ الشديد؛ بسبب حديث آلاء الساخر منها
:- والله أنا مسرقتش حاجة من حد أنتِ ليه واهمة نفسك أنه كان ليكي، وأنه بتاعك دة حتى هو ملمحش ليكي بدة، متتخيليش كتير يا بيبي، ومتحلميش كتير اديني نصحتك أهو، خليكي واقعية بقا يا حبيبتي عشان متتعبيش زي ما حصل قبل كدة.
كانت تحدثها بشراسة شديدة، والغيظ يتآكل في قلبها، لازالت تتمنى أن تقتلها وترتاح منها للأبد.
بينما آلاء قامت بغرز أسنانها في شفتها السفلى بضيق، وهي تشعر بشعور الإختناق يجتاح جميع خلاياها الداخلية، تشعر أن روحها تنسحب من جسدها، تتمنى أن تصرخ بصوتها بأكمله.
تنهدت بصوت مسموع في محاولة منها أن تتحكم في ذاتها، قررت ألا تصمت لها، سترد عليها بالطبع لكن ليس الآن، فهي من الصعب أن تستسلم لتلك الحية وتجعلها تنجح في خطتها التي تشبهها، لكن قبل أن تتحدث؛ حتى ترد عليها، كان صدح صوت عمر وهو يتفوه بإسمها، وأردف بصوت عالٍ يملؤه العديد من الغضب، وهو يشعر بنفاذ صبره، قد وصل لأعلى ذروة في غضبه
:- نهى! أنا قولت إيه قسمًا بالله لو ما نفذتي اللي قولته ليكي، واتخطيتي حدودك معاها مرة تانية لاكون ناسي كل حاجة متفقين عليها
أدرك حديثه على الفور عندما لاحظ نظراتها التي توجهت نحوه مباشرة، فأردف مسرعًا يصحح حديثه
:- هي أو أي حد، دول أهلى اللي بتغلطي فيها دي زي اختي اتمنى تفهمي دة يا نهى وميتكررش تاني.
ابتلعت الاء تلك الغصة القوية التي تشكلت داخل حلقها، تتمنى أن تتجه نحوه وتصرخ به تخبره انها ليس اخته كما قال هو، لكنها حاولت التحكم في أفعالها؛ حتى تحافظ على كرامتها أمامهم، تحركت بخطواتها بكبرياء شديد، وتوجهت نحو غرفتها تاركة إياهم وكأن ما يحدث لم يجرحها.
ولكن قبل أن تصل إلى غرفتها استمعت إلى حديثها الساخر منها
:- ايوه يا عمر عارفة إنك بتعتبرها زي أختك، بس هي اتمنى تفهم كدة وتعتبرك كدة.
اغلقت الباب خلفها بقوة وقد تسببت فعلتها إلى إصدار صوت قوي عالٍ وصل إلى مسامعهم أسفل، لكنها لم تبالي كانت تسب نهى بداخلها بغضب شديد تتمنى لو أنها تذهب إليها وتقتلها.
لكن صمودها لم يدم طويلا ما أن دلفت الغرفة حتى انهارت جميع قوتها وأسوارها، جميع الأقنعة المزيفة التي كانت ترتديها قد اختفت تمامًا، بدأت دموعها تتسارع وتسيل بغزارة فوق كلتا وجنتيها.
تشعر بآنين قوي منبعث من قلبها الذي يؤلمها، كانت تبكي بتعب ووهن شديد، تشعر بـاليأس والخذلان، عمرها لن تنسى انها رأت نظرة الانتصار تلتمع داخل عيني نهى التي كانت تطالعها بتشفي، هي بالفعل هكذا انتصرت عليها، كانت ام تتوقع منها ذلك، فهي دائما تعاملها وكأنها أختها لكنها قابلت كل ذلك بالغدر والخيانة، لم تستحق منها كل ذلك.
أغمضت عينيها لبضع ثوان تحاول أن تستجمع ذاتها، وعقلها المشتت بأفكار عديدة، تتمنى أن حياتها تنتهي؛ حتى ترتاح من تلك الحياة المؤلمة بشدة عليها، تشعر أن كل شئ في حياتها أصبح ضدها، تريد أن ترتاح من ذلك الوجع التي تشعر به، تشعر أن هذا الوجع الذي يوجد في قلبها لم تشعر به من قبل، وجع متضاعف منبعث من قلبها، دفنت وجهها في الوسادة بقوة تحاول كتك مشاعرها، لم يصدر منها سوى صوت شهقاتها الدالة على بكاءها.
_الوجع الداخلى المنبعث من القلب، هو أكثر شيء مؤلم على الإطلاق، مهما حدث لن نجد ما يؤلمنا مثله، فهو قد تخطى شعور الحزن بمراحل متعددة_
تلك الحالة هي التي تشعر بها الآن، تشعر بوجع لا تعلم كيف،لمَن تبوح عنه؟!
أيعقل أن قلبها المدلل دائمًا يتحمل الآن كل ذلم الوجع الذي تشعر به، وضعت يدها فوقه لتشعر بصوت دقاته تدق بخفوت شديد، كانت تشعر بالخوف وضعت يدها؛ حتى تتاكد أنها لازالا حية على قيد الحياة، و قلبها ينبض لم يتوقف، فهل ما تعيشه الآن وتشعر به سيجعل قلبها يتوقف بالفعل؟!
❈-❈-❈
في نفس الوقت
كانت نهي ذهبت بعدما أخبرها عمر أنه يريد أن يتحدث مع عائلته في أمرٍ هام، ذهبت وهي تتأفأف بعدم رضا، تشعر بالضيق بسبب طريقة عمر معها الحادة أمامهم، لكن سرعان ما تلاشى كل ذلك عندما تذكرت كيف وقفت آلاء أمامها تطالعها بحزن شديد، خيبة الامل تملأ ملامح وجهها الشاحبة كشحوب الموتى.
ابتسمت بسعادة لا تستطع وصفها كلما تذكرت هيئة آلاء التب كان الذهول يجتاحها ولم تستطع أن تتفوه بحرف واحد أمام نهى تدافع عن إهانتها، كانت تقف كالصنم وكأنها غير مصدقة ما يحدث، سرعان ما تعالت ضحكاتها الشامتة الفرحة بحزن غيرها.
في المنزل هبت سناء واقفة تطالع عمر بعدم تصديق، لكنها حاولت السيطرة على ما بداخلها، وأردفت تحدثه برفض وعدم رضا، وهي تشعر بالقلق يعصف في قلبها على ابنة شقيقها
:- أنتَ اتجننت يا عمر ولا إيه؟! نهي مين دي اللي تتجوزها و لا حتى تخطبها.
كانت تتحدث بنبرة غاضبة صارمة، لا تفهم سبب تغير ابنها مع آلاء في تلك السنة، تشعر بشي غير مألوف في تلك النقطة بالتحديد، سألته الآف المرات عن السبب لعلها تحاول أن تصلح بينهما، لكنه لن يجيبها يتهرب احيانا من الإجابةوالرد عليها، وأحيانا يرد علها بلا مبالاة يخبرها بأن ما يحدث ما هو إلا أمر طبيعي.
غمغم عمر يرد عليها بجدية وصرامة، وهو يشعر أن والدته تتكلم فقط؛ بسبب مشاعرها الحنونية تجاه آلاء لكنه هو الآخر الآن في أعلى ذروة غضبه
:- إيه يا ماما في إيه مالك! هتجبريني اتجوز مين و متجوزش مين ولا إيه.
صمت لوهلة ثم استرد حديثه مرة أخرى، وهو يضع يده في جيب سترته ببرود
:- ماما أنا مش تامر، وركزي في النقطة دى بالذات، أنا محدش يجبرني على حاجةلأني عارف كويس أوي أنا بعمل إيه.
شحب وجه سناء أثر حديثه الذي تفوه به للتو، ابتلعت ريقها ببطء وتوتر، وردت عليه بخفوت وتوتر شديد، تتحدث معه بتلعثم وهي تشعر أنها لم تستطع أن تجمع الحروف لتتحدث
:- ع..عمر ا..إيه اللي بتقوله دة، وإيه اللي دخل تامر في الموضوع البنت دي، مفيش أي خطوبة ولا جواز هيتموا و دة آخر اللي عندي.
اردفت جملتها بصرامة قد استجمعتها بصعوبة بالغة، عندما رأت شحوب وجه فريدة التي كانت تتابع هذا الوضع بصمت، وعقلها يحاول أن يفهم مغزى حديث عمر، عندما ذكر عمر اسم تامر قد شحب وجهها بتوتر و عقدت حاحبيها و هي لا تستطع أن تفهم تفسير حديثه تريد أن تعلم ما هو الشئ الذي أُجبر عليه تامر ولماذا؟
صعدت سناء تاركة إياه خلفها وتوجهت نحو غرفة آلاء؛ حتى تطمئن عليها، تفاجأت عندما وجدتها كما كانت تدفن وجهها في الوسادة بشدة، ظلت تحركها برفق فوق كتفها لتتأكد إن كانت مستيقظة، لكنها على الفور علمت أنها نائمة عندما رأت انتظام انفاسها وهدوء حركتها.
طبعت قبلة رقيقة فوق جبهتها بهدوء، وارتسم على وجهها ابتسامة آسفة حزينة، تشعر بالوجع الذي تشعر به تلك المسكينة، تشعر أنها رأت وجع يكفيها لسنواتٍ عديدة قادمة.
تحدثت نغم تسأل عمر بلا مبالاه وعدم اهتمام، هي فقط تسأل حتى ي ترضي فضولها ليس أكثر من ذلك
:- إيه يا عمر هتسمع كلام ماما و لا هتعمل اللي عاوزه زي ما قولت؟
رد يجيبها بضيق بادي في نبرة صوته المتشددة الصارمة، و ملامح وجهه التي كانت متشنجة بغضبٍ
:- أظن أنتِ عارفة أنا أكتر حد بينفذ اللي بيقوله يا نغم، وأنا أكتر حد أدرى بمصلحتي و مصلحة الكل.
تمتم جملته وصعد هو الآخر متوجهًا نحو غرفته بوجه مكهفر غاضب.
ظلت فريدة تفرك في يديها بتوتر، لكنها لم تستكع ان تصمت أكثر من ذلك، فأردفت بخفوت، وتوتر تسأل نغم التي لم تجد سواها و هي تحاول تنسى ذلك الحديث الذي كان يخص زوجها
:- نـ... نغم هو حد اجبر تامر على ايه ممكن تفهميني؟
ضحكت بسخرية وإستهزاء بدلًا من أن تجيب اياها، لكنها اردت عليها بسخرية شديدة، وهي تنهض من مجلسها
:- تبقي غبية جدًا لو لسة مفهمتيش، أنا قولت فهمتي من بدري زي أي حد طبيعي.
أكملت حديثها ببراءة مزيفة وهي تلوح لها من بعيد وتضحك بعدم تصديق
:- جود نايت يا بيبي استخدمي عقلك شوية عشان تبقي ذكية.
شحب وجه فريدة بشدة، ظلت تلعن ذاتها فبدلا من أن تسأل أحد ليريح قلبها، سألت أكثر شخص خطأر فبالطبع نغم لن تريحها ابدًا منذُ متى وهي تتعامل بهدوء معها؟
بدات تحاول تشغيل عقلها الذي لم يتوصل إلى تفسير لهذا الحديث غير الذي فهمته هي منذ البداية.
تحاول أن تكذب عقلها وفكرها؛ حتى لا تصل إلى هذة الحقيقة، حركت رأسها عدة مرات متتالية نافية بعدم تصديق وحزن شديد.
تشعر أن النيران تمسك في كل أنش بقلبها، تريد أن تطفئ تلك النيران ولو بإجابة كاذبة تضحك بها على عقلها وقلبها المجروحان جرح كبير لا تعلم كيف تداويهم؟!!
❈-❈-❈
كان عمر يجلس في غرفته بتوتر شديد يعصف بداخله يريد أن يطمئن عليها، يملي قلبه وعينيه من رؤيتها.
يحاول أن يوقف عقله الذي يعمل على التفكير بها وبحالها الآن، يمنع نفسه من الذهاب إلى غرفتها بصعوبة شديدة، لكنه في النهاية فشل، وفشلت جميع أسواره الذي وضعها، فدائما حبه لها ينتصى على أي شئ آخر بداخله.
قلبه يؤلمه عليها لم يستطع رؤيتها بهذا المنظر الذي صعدت به نحو غرفتها، ابتلع ريقه بتوتر قبل أن يندفع نحو باب غرفته بخطوات بطيئة قلقة، قبض فوق مقبض الباب ينزل إباه إلى أسفل، وخرج من غرفته متوجهًا نحو حتى يطمئن قلبه عليها، كان يدعي ألا يراه أحد في طريقه، فشخص بهيبته المعتادة كيف يسير بتلك الهيئة القلقة وكأنه شاب صغير في بداية مراهقته.
لكنه شعر بالتوجس يحتل جميع ملامحه عندما رأى فريدة التي عقدت كلتا حاجبيه باستغراب ملحوظ ما أن رأته في ذلك الوقت المتأخر ظنت أن يوجد شئ ما، فتمتمت تسأل إياه بهدوء
:- في حاجة يا عمر؟
زفر عمر بضيق قبل أن يجيبها مدَّعي اللا مبالاه كأن الأمر طبيعي
:- لا مفيش، أنا قولت اروح اشوف آلاء احسن تكون تعبانة ظي برضو امانة عندنا.
اومأت له برأسها إلى الأمام بهدوء، وهي تجاهد حتى تخفي ابتسامتها بسببه، يبدو عليه العشق الشديد لـ آلاء لكنها لا تعلم لماذا يفعل بها ذلك؟
جاء أن يستكمل طريقه، لكنها اوقفته مرة أخرى وتحدثت بتوتر وقلق
:- عمر هو ممكن اسألك سؤال، يعني...هو تامر..ماله، أنتَ قولت تحت لطنط سناء إنك مش زيه ومحدش يقدر يجبرك على حاجة هو تامر حد جبره على إيه؟!
شعر بالضيق وهو لا يعلم ماذا يجيبها، لكنه سرعان ما غمغن بكذب، وهو يحاول التهرب من إجابة ذلك السؤال
:- مفيش يا فريدة، زمان من كم سنة تامر كان حابب يدخل كلية، وقسم غير بتاعي وماما اللي خلته يدخل زيي عشان يعني نبقي مع بعض، ونسند بعض بس مش اكتر.
أردف جملته وسار من أمامها مسرعا؛ حتى لا تسأله مرة أخرى، فهو لا يعلم بماذا يجيبها و كيف سيخبرها بـإجابة هذا السؤال من الأفضل أن تامر هو مَن يخبرها إذا سألت مرة أخرى.
وقفت فريدة في موضعها تفكر في حديثه وإجابته، تشعر بعدم الإقتناع، فبالطبع تلك ليست الحقيقة كما أخبرها عمر.
قررت أن تبحث هي بذاتها؛ حتى تعلم وتتأكد مما يدور بداخل عقلها، تريد أن تفهم ما يدور داخل عقلها الآن صحيحًا أَم أوهام تعيشها هي لتفسر معاملته الجامدة لها، يعاملها ببرود، لا مبالاه شديدة تجعلها هي تختنق بشدة، حياتها معه مقيدة يعاملها وكأنها عدوته ليست زوجته.
لكنها حتى الآن لم تعلم سبب معاملته الحادة معها، سارت نحو عرفتها بخطوات بطيئة وهي لازالت شاردة الذهن مُشتتة بشدة، حتى دلفت غرفتها وأعلقت الباب خلفها بهدوء، على عكس النيران المتأهبة المشتعلة داخل قلبها وعقلها، تشعر أن روحها في النهاية ستتحول لرماد أثر احتراق كل ما بداخلها.
فكرت في الإتصال عليه حتى تطمىن عليه وتسأله عن موعد رجوعه لكنها تراجعت فهو بالطبع لن يرد عليها مثل كل مرة، تعلم موعد رجوعه من والدته الذي يتحدث معها يوميًا، بينما هي لم يفكر في الاطمئنان عليها ولو لمرة واحدة فقط.
قلبها يصرخ بصرخات مرتفعة من فرط الألم الذي تشعر به، صرخات مكتومة لم يستمع إليها سواها، أغمضت عينيها بوهن بعدما جلست أرضا وضمت ساقيها تشعر بآنين قوي يجتاح كل ذرة بداخلها، تشعر أن السعادة لم تُخلق لها، وكأنها حُرمت من نصيبها في هذا الشئ هو الآخر مثلما حُرمت من اشياء كثيرة في حياتها..
وقف عمر أمام غرفة آلاء لعدة ثوانٍ متوتر بشدة كالطفل الخائف، يريد أن يتراجع ويعود لغرفته كما كان، لكنه حسم أمره ودق فوق الباب بخفة وصوت منخفض عندما لم يأتيه الرد ولج الغرفة بقلق شديد خوفًا من أن يكون قد أصابها شئ، أغلق الباب خلفه ابتسم براحة عندما وجدها نائمة، قام بالإقتراب منها و هو يقوم بلغي عقله تمامًا، يشعر أنها كالمغناطيس الذي يجذبه نحوه، لا يعلم كيف وصل نحوها وكيف جلس بحانبها؟
وضع يده فوق شعرها وبدأ يمسد فوقه بحنان واشتياق شديد، اشتاق لها على الرغم من وجودها أمامه كل يوم، اشتاق لعلاقتهما الذي حُرم منها، يريد أن يضمها ويدخلها بين ضلوعه يخفيها في قلبه ولكن ذلك الشئ قد حُرم منه هو الآخر.
ظل يتطلع نحو ملامح وجهها بعشق جارف، عينيها العسليتان المتيم في عشقهما خصلات شعرها المتناثرة فوق وجهها البرئ الذي يخلو من اي كره وخبث، ولكن برغم براءة ملامحها وهدوءها إلا أنها يوجد جانب قوي في ملامحها، نعم بداخل ملامحها قوة يعلمها هو جيدًا، لن يشعر بأي شئ آخر.
لكنه فاق من شروده بها وبعشقها الذي لم يكفيه سطور للتحدث به، بل يريد كتاب كبير متأكد ان سيملؤه بعشقه لها ويظل أجزاء متعددة لازالت لم تُكتب.
شعر بيدها وهي تنفض يده عنها بقوة وكأت كهرباء هي مَن كانت تلمسها ليس هو، جحظت عينيه عندما رآها تعتدل في جلستها أمامه، ولكن قبل أن يتحدث كانت تحدثت هي ببرود وضيق
:- نعم بقا عاوز إيه يا عمر، وداخل اوصتي ليه دلوقتي، جاي تكمل كلام خطيبتك الجديدة وتهيني أنتَ كمان، أيوة يا سيدي أنا فعلا ساذجة ومتخلفة وبفترض حاجات غصب عني كدة حلو و لا إيه حضرتك؟!
أغمض عينيه بضيق كلما تذكر حديث نهى الحاد معها، لكنه حاول أن يهدأ، و رد عليها بصرامة يتخللها اللين
:- أظن سمعتيني وأنا بزعقلها تحت، واللي حصل دة اوعدك استحالة يتكرر نهائي، مش هسمح لأي حد يزعلك ولو بكلمة واحدة يا آلاء، أنا جيت اتطمن عليكي اخدتي علاجك و لا لأ انتي زي نغم و اكيد عارفة كدة.
رفعت شفتها إلى أعلى بضيق، وردت تجيبه بسخرية
:- لأ والله معرفش غير إني بنت خالك غير كدة لأ بصراحة، وكدة كدة أنا مش هسمح إن واحدة زي دي تتكلم معايا ولو نص كلمة، أنا قررت أصلا إني امشي و اسيب البيت هنا، هرجع أعيش في بيت بابا لوحدي.
صاح بها بحدة وهو يشعر بالغضب الجمٍ يعصف في جميع خلايا عقله، اردف يحدثها بعصبية مفرطة، وضيق
:- قسما بالله لو سمعت كلامك دة تاني أو اتكرر يا آلاء، مش هعرف اسيطر على نفسي تاني، وهتشوفي حاجة مش هتعجبك مني اديني نبهت أهو مفيش قعاد لوحدك أنتِ مش لوحدك أصلا ولازم تغهمي كدة كلنا معاكي.
صمت لوهلة وتابع حديثه مجددًا يسألها بحنو، وإهتمام زائد، بعدما تنهد عدة مرات متتالية يحاول فيها من تهدئة غضبه
:- اخدتي ادويتك و لا لأ يا آلاء؟
أجابنه هي الأخرى وهي تشعر بالضيق وتتنهد عدة مرات بغضب
_اخدته، و لو سمحت بقولك أهو متدخلش في أي حاجة تخصني ماشي.
اومأ لها برأسه ونهض من فوق الفراش متوجهًا خارج الغرفة، تارك إياها خلفه تطالعه بغيظ وضيق، بينما هو كان يبتسم براحة بعدما اطمأن عليها وعلى صحتها.
❈-❈-❈
في الصباح
دلفت سناء غرفة آلاء وجدتها تجلس أمام المرآة تصفف شعرها بذهن شارد، وكأن عقلها ليس معها تشعر بحزن شديد في قلبها بأكمله، وجهها كان شاحب بشدة كشحوب الموتى، فرت الدماء هاربة منه.
اقتربت سناء منها وضمتها من الخلف بحب شديد، تحاول دائما ان تعوضها فقدان والديها ولو بجزء بسيط، تمتمت تحدثها بحنو
:- في إيه يا حبيبتي مالك قاعدة كدة ليه؟
اجابتها بنبرة حزينة خافتة، صوتها يكاد ألا يستمع لكنه وصل إلى مسامعها
:- و انتِ مش عارفة يعني يا عمتو؟
ربتت فوق كتفها بحنان، وتحدثت معها بهدوء
:- عارفة ياحبيبتي بس دي معركتك حاربي و اكسبيها دة لو عاوزة ترجعي حبك أنتِ وعمر أنتِ اكيد عارفة انه بيعشقك بس مش عارفة في إيه، لكن بقا يا حبيبتي لو هتتنازلي وتسيبي هو العقربة نهى دي براحتك يا قلبي انا مش بحبك تعملي حاجة مش مقتنعة بيها.
اردفت جملتها الاخبرة بحب شديد وهي تدعي ربها بتحسين العلاقة بين آلاء وابنها، تريد علاقتهما تعود كما كانت من قبل.
ابتسمت الاء بأمل قد دبَّ اوصالها من جديد، وردت عليها بثقة وقوة
:- لا طبعا اتنازل إيه يا عمتو مش هتنازل لا عمر عارف اني بحبه زي ماهو بيحبني أنا واثقة في حبه ليا، أنا هربي الكـ.لبة اللي اسمها نهى، هعرفها ازاي تخوني كدة، دة أنا بحبها وبعتبرها زي أختي، طول عمرى بحكيلها كل حاجة تخصني الكبيرة قبل الصغيرة، وهي راحت عملت إيه في الآخر والله ما هسكتلهت على خيانتها ليا دي.
ارظفت جملتها الاخيرة بتوعد وغضب يخرح من كلتا عينيها، قلبها يحترق بداخل قفصها الصدري لم تتخيل أنها تغدر بها وتخونها.
ابتسمت سناء يحنان وضمتها بداخل حضنها بحب شديد، ربتت فوق ظهرها بحب شديد ثم خرجت تاركة إياها بعدما اطمئنت عليها.
بينما آلاء قررت ألا تصمت لها، ستعلم نهي درسًا لن تنساه طوال حياتها، ستأخذ حقها منها على خيانتها لها.
_ستدلف الحرب التي كُتب فيها الهزيمة لها من قبل فهل ستستطع أن تغير النتيجة لصالحها وتحول الهزيمة لـ انتصار؟!
يتبع