الفصل الرابع - أنين وابتهاج
الفصل الرابع
أصبح الوجع الرفيق الدائم للقلب،والدموع الرفيق الدائم للعين، والآنين الرفيق الدائم للروح، فأصبحت الحياة كلوحة مُلطخة باللون الأسود فقط_
بعد مرور أسبوع
اجتمع الجميع حول طاولة الطعام، كان الحزن وعدم الراحة باديان فوق ملامح الجميع، بداية من سناء التي كانت تتمنى أن يتراجع ابنها عما ينوى فعله لكنها تعلم جيدًا أنه لن يتراجع مهما حدث.
فهو اليوم سيذهب للتقدم رسمي لـنهى، تخشي على آلاء ومشاعرها، لا تريد أن تراها حزينة على أي شئ، تريد دائمًا أن تقدم لها السعادة، ولكنها تجد شئ يمنع سعادتها وفاة والديها تارة وتغير أفعال عمر لسبب مجهول تارة أخرى.
تعلم جيدًا أن ابنها غير سعيد بل بالعكس حزين بشدة وذهنه أصبح مشغول بعدة أشياء يخفيها بداخله، بينما آلاء كانت تجلس شاردة الذهن غير واعية لما يحدث حولها، كأنها في عالم آخر ليس معهم، لا تعلم ماذا يحدث حولها؟! والأهم لماذا هي بالتحديد تأتيها الصدمات متتالية؟!
هي راضية تمامًا بما يحدث معها ولكنها تريد ان تشعر بسعادة ولو لفترة قصيرة في حياتها، ولكن هيهات فكل ما تشعر به هو نصل حاد يغرز في منتصف قلبها من دون رحمة حتى الآن تعجز عن إبعاده عن قلبها، يعمل على تدمير قلبها بأكمله، قلبها ينزف بغزارة، يبكي بداخلها، يصرخ يطلب الرحمة.
تلعن ذاتها على أنها أحبت واحد مثله، تعلم أنه يحبها كثيرا، وأكثر كما يتخيل عقلها، لكنها لا تعلم سبب ما يفعله، لن تجد أحد في بروده معها، تشعر أنه بارد كبرود الثليج ويزيد، كيف له حتي الآن ألا يشعر بها وبآلامها؟! معاناتها التي تزداد في كل ثانية تمر عليها تشعر أنها كالدهر.
لا تعلم كيف ستستطع أن تراه يقف مع نهى، رؤيتها له معها تجعلها تتمنى الموت في الثانية ألف مرة، تتمنى أن يكن لديها سلطة الأمر على قلبها تأمره فينفذ على الفور من دون معارضة، تريد ان تأمر قلبها أن يخرج عمر منه؛ حتى تظل قوية كما كانت دائمًا تواجه جميع عقباتها بقوة، ولكن هيهات فهي تفكر فيما تريد وقلبها يمتنع عن التنفيذ لأنه يحبه مهما حدث.
تصرخ من سوط الحب الذي يجلدها ويجلد قلبها دائمًا، كل ذرة في قلبها قد تعبت وبشدة، هي عاشت معه طوال حياتها كان بجانبها دائما عندما تحتاجه، أصبحت تحلم بزواجها منه، تريده بجانبها في تلك الفترة القاسية عليها.
بينما هو الآن بكل سهولة سيتزوج من غيرها وكأنها كانت لا تعني له شئ، متأكدة مائة في المائة أنه يحبها ولكن لماذا...لماذا يفعل ذلك معها ويجرح قلبها وقلبه؟
جميع احلامها تنهار الآن امام عينيها، طموحاتها تخطيطاتها كل شئ كانت تتمناه ينهار حياتها انقلبت مائة وثمانون درجة في فترة قليلة ولا تعلم لماذا؟!
لكنها بالطبع قررت أن تصمد هي ليست ضعيفة؛ حتى تترك كل شئ في حياتها وأحلامها ينهار دون مقاومة منها، ستفعل كل ما في وسعها؛ لـتنقذ حياتها وطموحاتها لن تستسلم إلا في حالة واحدة هو عندما يدلف الشك قلبها وتشك في حب عمر لها وحبه الحقيقي لنهى، ستظل معه دائما حتى تعرف ما هو سبب كل ما يفعله؟
كانت فريدة تجلس بجانب تامر الذي عاد أمس من سفره، لكنها تشعر أنه لن يعد، دائما لم تشعر بوجوده حولها، تسمع دائما عن الأمان والدفء الذي يجب أن تشعر بهما في وجوده لكنها لم تشعر بأي شئ سوى جفاء وبرود يتعامل معها بكل جفاءٍ، وكأنها دمية ليس لها أي أهمية في حياته، أصبحت تكره حياتها معه.
لم يعيرها إهتمام في حياته لمرة واحدة، أغمضت كلتا عينيها ضاغطة فوقهما بقوة وألم شديد تجاهد إخفاءه من فوق تعابير وجهها، تشعر بالحزن ااشديد يعصف بداخلها لأجل حالها وما يحدث معها.
تتطلع تامر نحوها يراقبها بصمت تام، كان يتأمل حالتها الذابلة التي تشبه الورود كانت زاهية في البداية لديها معتقدات في خيالها ولكن الواقع قد دمر لها جميع معتقداتها، بالفعل هي وردة ذبلت أثر ظروف المناخ القوي القاسي عليها.
فهي حالها لم يكن أحسن من حال آلاء، لكن حالها يختلف بالطبع، فالجميع الآن يشعر بـ آلاء وبحزنها الشديد، بينما هي تجبر ذاتها أن تظهر سعيدة، تمحي آثار الحزن من ملامحها؛ حتى لا يراها أحد، ويعلم ما بها، فهي ليست مستعدة أن تُجيب على أي سؤال من اسئلتهم التي سوف يوجهوها إليها إذا علم أحد شئ، هي ذاتها لم تعلم سبب معاملة تامر الحادة لها.
نهض تامر من مجلسه بعدمت انتهى من تناول طعامه، وتحدث بجدية وهدوء بعدما وجه بصره نحو فريدة التي كانت لازالت شاردة على حالها حتى أنها لم تنتبه أنه نهض وكأنها في عالم آخر
:- الحمد لله، تعالي يا فريدة بعد ما تخلصي عشان عاوز اقولك على حاجة مهمة قبل ما اروح مع عمر لـنهى.
نظر له عمر بتحذير وغضب شديد يخرج من عينيه؛ بسبب ذكره لموضوع نهى أمامها، ازداد غضبه خاصة عندما رأي تلك التي توقفت عن الطعام، وهي تبتلع تلك الغصة التي تشكلت في حلقها، تعلم جيدا إلى أين سيذهبان اليوم؛ لذلك انتهزت الفرصة سريعًا، وتحدثت بضيق تجاهد اخفاءه
:- هو ينفع آجي معاك أنا وعمتو، عاوزة اروح مش هعمل أي حاجة تزعجك خالص يا عمر، وهبقي قاعدة مع عمتو و فريدة هادية، أنتَ عارفني لما بقول حاجة بس مينفعش حقيقي محضرش يوم مهم بالنسبالك زي دة أنتَ ونهى دي صحبتي برضو.
تطلع الجميع نحوها بعدم تصديق، شعروا أنها تمزح الآن، فهذا كان آخر ما يتوقعه أحد، هي مَن تطلب منه أن تذهب معه، كيف يحدث ذلك؟! تطلعت سناء نحوها بعدم فهم، فهي قد رفضت الذهاب مع عمر لأجلها.
ابتسمت بمكر وهي ترى نتيجة ما قالته، تعلم جيدًا أن الجميع الآن لم يفهم ما يدور داخل عقلها، فهي قد بدأت حرب بينها وبين نهى، ستجعلها ترى كيف ستنتصر عليها وبأرباح عالية بالطبع.
قطب تامر ما بين حاجبيه بدهشة، ثم رد عليها بهدوء و هي يشير بيده نحو فريدة التي كانت جالسة لم تفهم شئ
:- بس فريدة مش هتروح يا آلاء، ممكن ماما ونغم لو حابين هما أحرار، لكن فريدة لا مش هتروح.
أردف جملته الأخيرة برفض حازم، وهو يشدد على أحرفها، لا يريد أن يسير معها في أي مكان، هو لا يحبها تكون معه، ولا يريد أن يراها أحد معه.
ردت سناء علي حديثه بعدم رضا، وجدية شديدة
:- تامر يعني إيه كدة كلنا هنروح زي ما اتغقنا مش معقول هنسيب فريدة لوحدها.
كانت تتحدث وهي تتطلع نحو فريده التي كانت على وشك البكاء في أي وهلة أمام الجميع، فقد تجمعت الدموع داخل عينيها أثر حديثه القاسي الحاد الذي تسبب في إحراجها، تشعر ات حديثه كالنصل الحاد الذي يقطع في قلبها دون شفقة، تقسم أنها حتى الآن لم ترى مثله ومثل بروده معها، هو يتاجهلها كأنها شئ نكرة ليس لها قيمة في تلك الحياة وحتى الآن لم تفهم السبب.
وأخيرا قد تحدث عمر الذي لاحظ توتر الجو حوله بشدة، غمغم بصرامة حادة لم تخلو من ااسخرية وهو يعقد زراعيه امام صدره، ويتطلع نحوهم
:- والله معلش بس للمقاطعة السعيدة دي، بس مين وافق على اقتراحكم اللطيف دة، هي لسة بتسألني و انتوا قعدتوا رتبتوا وجهزتوا كل حاجة، مين رايح ومين لأ؟
أسرعت آلاء ترد عليه بمكر، وهي تدعي التساؤل في نبرتها، وقد اعالى ثغرها ابتسامة جانبية ماكرة
:- ليه يا عمر، هو أنتَ ممكن تعترض بعد ما عمتو قالت أنها هتروح و لا إيه؟
_لأ طبعا، ازاي اجهزي يا آلاء هانم.
غمغم جملته بغيظ وهو ينهض يغادر الغرفة، يعلم جيدًا مدى تأثيرها على الجميع، لكنه لم يتخيل أبدا أن تطلب هي المجئ معه في ذلك اليوم، يعلم انها تخطط لشئ ما لم يعلمه، فهو يحفظها بالطبع.
كان تامر غير راضي ابدًا لكونه أنه سيأخذ فريدة معه في مكان، ذلك أكثر شئ يزعجه بعد زواجه بها، يريد دائما أن يتجنبها ويتجنب وجودها في حياته بأكملها.
بينما آلاء كانت تبتسم بإنتصار، مقررة أن تفعل ما آتى في عقلها، فهى دائما عنيدة وتتصرف بتهور كما يخبرها الجميع، ولكن كل ذلك لم يهمها، ستفعل ما تريد في النهاية.
❈-❈-❈
وصل الجميع نحو المنزل الخاص بـنهى وعائلتها، وجد الجميع يحلسون انتظار عمر وعائلته، كانت آلاء تقف بحانب فريدة وسناء، تبتسم ابتسامة ماكرة تزين ثغرها.
بينما نهى قد شحب ملامح وجهها وفرت الدماء هاربة منها، تتطلع نحو آلاء بعدم تصديق كانت آلاء في كامل أناقتها، ترتدي فستان من اللون الاسود يبرز جمال بشرتها وجمالها حيث أنها تركت شعرها ينسدل خلفها دون أن تقيده، على الرغم من تلميح عمر لها الواضح على شعرها عندما رآها لكنها ادَّعت عدم الفهم مقررة الا تجعله يتحكم في أي شئ يخصها من تلك الوهلة.
كان عمر طوال الطريق يوزع نظراته عليها، يشعر بالغيرة الشديدة من هيئتها لكنها لم تبالي، تحدثت مع تهى بخبث، وهي تجبر ذاتها على الإبتسام في وجهها
:- إيه يا حبيبتي مالك، هتفضلي بصالي كدة كتير، عارفة أن شكلي قمر على طول بس مش معقول، ركزي مع عمر عريسك.
اردفت جملتها الأخيرة بحدة طفيفة، تشعر بالغيرة تأكل قلبها الذي تحول إلى أشلاء قلب ليس كما كان فقد نال عدة صدمات متنوعة دون أن يُمهَل فرصة لأستيعاب أي صدمة منهم، تعلم أن قلبها تحمل العديد حتى أصبح الوجع ملازم له، لكنها الآن تطلب منه فرصة واحدة ليتحمل تلك الصدمة بالتحديد.
تطلب من قلبها ألا يفضحها ويظهر ضعفها وحزنها، تطلب منه أن يتحلى بالجمود واللا مبالاه تلك المرة؛ حتى تنفذ ما تريد.
تم الإتفاق بين عائلة نهى وعمر الذي مثبت بصره نحوها بقوة، يتطلع نحوها باعين مشتعلة، رأي هو ذلك الحزن والضعف التي طلبت من قلبها أن يتحمله و ألا يظهره، لكن مهما اخفت ما تشعر به سيظل هو يعلمه من دون أن تتحدث.
فقلبها يرتبط بقلبه برابط قوي قد تخطى مرحلة العشق، تستطيع أن يخفي عن الجميع ما تريد إلا هو...هو يعلم كل شئ، يعلم أنها آتت الآن لشئ ما يدور داخل عقلها سيعلمه بالطبع، لكنه لا يعلم متي؟! فاق من شروده بها على صوت والدة نهى التي هتفت مقترحة بهدوء
:- إيه رأيك يا عمر تاخد نهى وتخرجوا شوية على الأقل تعرفوا تتفاهموا وتتكلموا مع بعض.
ردت نهى عليها بسعادة على الفور تؤيد تلك الفكرة
:- اه يا مامي فكرة حلوة أوي، ولا إيه رأيك يا عمر؟
كانت تتحدث وهي تتطلع صوب آلاء بإنتصار قابلتها آلاء نظراتها بمكر يعلو فوق وجهها، فهي تختلف عن الجميع لن تصمت ابدا عما تريده، ولن تظهر ضعفها أمام أحد، ستفعل ما يدور داخل عقلها دون موافقة أحد.
أومأ عمر برأسه إلى الأمام بصمت دون أن يتحدث، بالفعل استعد الجميع للذهاب، لكن قبل أن يذهب عمر بصحبة نهى كما اتفقا، ابتسمت الاء بخبث و غمغما قا بكذب، وهي تضع يدها فوق موضع معدتها مدعية الألم، لتصرخ باصطناع كأنها تتألم من يراها يصدق بالفعل أنها مريضة
:- اه يا عمتو مش قادرة هموت بطني بتتقطع مش قادرة خالص.
ترك عمر نهي تقف بمفردها وتوجه نحوها سريعا، يشعر بقلق شديد يعصف بداخله، يشعر أن العالم قد توقف، نشاعرة عديدة مختلطة ببعضها تجتاحه بالفعل عندما يخصها هي الأمر، لن يهمه أي شئ آخر سوى هي فقط، نعم هي فقط مَن تهمه ويهمه أمرها.
هي أنفاسه التي بستنشقها في حياته، العالم الخاص به الذي يريد العيش فيه طوال حياته، مهما جاهد أن يخفي ذلك وينكره، لكنه لم يستطع، اقترب منها وتمتم يسأل اياها بقلق نابع من صميم قلبه
:- إيه في إيه مالك يا آلاء ايه اللي تاعبك؟
إجابته بنبرة ٱلمه، وهي لا زالت تدعي الألم بإتقان
:- معدتي يا عمر، هموت مش قادرة خالص.
وضع عمر زراعه على الفور فوق خصرها يسندها وسار معها متوجه نحو السيارة الخاصة به، وضعها بداخلها برفق شديد، وأردف قائلا لهم بقلق
:- تامر وصلهم للبيت وأنا هاخدها ونروح المستشفى، معلش يا نهي بقا مرة جاية ابقى اخرجك زي ما أنتِ عاوزة.
أردف جملته وركب سيارته، انطلق بسرعة شديدة كسرعة البرق، يشعر بالغضب لكونه يراها مازالت تتألم.
❈-❈-❈
على الجانب الآخر
دبت نهى الأرض بقدمها بتذمر وعدم رضا، قبل أن تردف بحنق وغضب شديد، تشعر أن عقلها قد أصبح كالنيران المشتعلة أثر غضبها الشديد
:- اوف بقا، هو إيه اللي مرة التانية، واصلا هي بتمثل لا تعبانة ولا حاجة، هي جاية تبوظلي اليوم انا عارفاها مش سهلة.
ردت سناء عليها بغضب وحدة شديدة، وهي ترفع سبابتها في وجهها بتحذير
:- نهى لو سمحت احترمي نفسك، وأنتِ بتتكلمي عليها ومتنسيش أنتِ بتتكلمي على مين وبعدين هتتظاهر بالمرض ليه، هي شالت الموضوع من دماغها أصلا، وأقترحت تيجي عشان تبين حسن نيتها بقا دي اخرتها، أنتِ فكراها ممكن تعمل حركة دي.
أنهت جملتها ورمقتها بنظرات محتقرة غاضبة، تطلعت نحو تامر وتمتمت بغضب
:- يلا يا تامر نروح، هي فاكرة إيه مش كفاية أن الواحد مش موافق، ولو عليا ابوظ أنا الجوازة دي لولا ابني.
جاهدت فريدة أن تكتم ضحكاتها، خاصة عندما رأت نهى التي كانت تقف لم تستطع أن تتفوه بحرف واحد أمام ذروة غضب سناء، فقط احمرت وجنتيها بغضب تجاهد أن تمنع ذاتها من الرد عليها خوفًا من عمر و رد فعله، ليس أكثر من ذلك.
بالفعل ركب الجميع السيارة و انطلق تامر بهم متوجه نحو المنزل.
وصلوا جميعا إلى المنزل، وتمتمت نغم بمرح وهي تضحك
:- لا بس آلاء طلعت مش سهلة بجد، وقال حسن نية قال، و انا اللي بقول أنها هبلة وطيبة، دي لفت عقولنا كلنا، قال تعبت لما عمر قرر يخرج مع نهى و تبان أنها طيبة وهادية والموضوع مش فارقلها، و هي اصلا هتمـ..
قطعتها والدتها بصرامة وحدة و هي تغمغم باسمها بعدم رضا
:- نغم احترمي نفسك لو سمحت، ومتنسيش أنها بنت خالك يعني زي اختك، إيه هو أنتِ مش ممكن تتعبي فجأة مثلا، بلاش ظلم بقا وياريت اتفضلي على اوضتك يلا.
صعدت نغم متوجهة نحو غرفتها بضيق، تبرطم بحنق وغضب، لم تستطع أن تمنع ذاتها من الحديث تشعر بالغضب؛ بسبب معاملة الجميع لـ آلاء، تشعر أنهم يفضلونها عليها، غيرة شديدة تأكل قلبها وتعميها، ليزداد كرهها لها أضعاف مضاعفة تتمنى بالفعل أن تمت وتختفي من تلك الحياة
:- هو إيه اللي اختك، و قال بلاش ظلم، تروح تقول الكلام دة لـ آلاء هانم بتاعتها، تقولها هي بلاش كدب وتمثيل، لكن لا دي الأميرة اللي محدش يقدر يكلمها عشان ابوها مات قال يعني أنا اللي ابويا عايش مثلا، لا ازاي دي آلاء عند ماما حاجة تانية.
دلفت نحو غرفتها، وأغلقت الباب خلفها بقوة، تسبب صوت عنيف مرتفع وصل إلى أسفل، بدأ كل منهم يتوجه نحو غرفته.
في الغرفة الخاصة بـفريدة وتامر
جلست فريدة بتعب بادي عليها فوق الفراش، ليأتيها صوت تامر الساخر وهو يرمقها بنظراته من أعلاها إلى أدناها
:- إيه مش معقول إنك تعبني من المجهود البسيط دة، أنتِ لسة عروسة المفروض يا ست فريدة، أنا قولت مزجيش أصلا قالوا نسيبها ازاي لوحدها أصلك هتتخطفي يا بيبي.
ابتلعت إهانته الواضحة بصمت، ثم أردفت ترد عليه بجدية وحزن
:- أنا متعبتش ولا حاجة، وشكرا على طريقتك المحترمة دي معايا زي كل مرة.
كان سيتحدث يرد عليها، لكنه فضًل الصمت عندما شعر أنه تجاوز حده اليوم معها، وخاصة عندما رأي تلك الدموع التي اجتمعت داخل عينيها، نهضت من فوق الفراش وتوجهت بسرعة نحو المرحاض ثم أغلقت الباب خلفها بإحكام.
ظلت تبكي بإنهيار وتعب شديد، تفضل أن تبكي وتنهار مع ذاتها بمفردها، ليست أمامه هو بالتحديد، لن تظهر ضعفها له.
وقف تامر يطالعها بضيق من فعلته، كور قبضة يده بغضب وضرب بها الفراش الذي كان بجانبه، أردف يتحدث بغضب من أفعاله
:- إيه التخلف دا هي ذنبها إيه، هي كانت ماما اللي ضغطت عليا، ليه دايما بفرع غضبي فيها.
حتى الآن لم يستطع أن يفسر مشاعره تجاهها، يشعر أن مشاعره كاللغز الصعب الذي لم يستطع أن يفهمه، ويفهم محتواه، عليه أن يبحث بنفسه؛ حتى يصل إلى حل ذلك اللغز بذاته، سيفهم مشاعره تجاهها، من الممكن أن يشعر حينها ببعضٍ من الراحةٍ بدلا من ذلك العناء والتعب الذي يحمله في قلبه وقلبها.
يجرحها دائما دون سبب، فلو كانت جماد لكانت تحدثت بسببه، لكنها تستمع إلى إهانته لها وتصمت تحمل قلبها أكثر من اللازم؛ حتى أصبح به شرخ من الصعب مداواته.
_نجرح قلبنا جرحا فوق جرح، حتى يصبح هو موضع الآمنا، ونعود في النهاية تسأل لما كل ذلك الألم الذي لم نعلم مصدره_
الكتمان في القلب من أصعب الشعور الذي من الممكن أن يشعر به الإنسان، يشعر أن ذلك الموضوع قد انتهي لكنه في الحقيقة لم ينتهي، حتى الآن مفتوح في قلبك منتظر مَن يقوم بمحيه تماما.
❈-❈-❈
في نفس الوقت
اوقف عمر سيارته في منتصف الطريق أردف يتحدث مع آلاء بحدة بعدما قد وقف سيارته
:- بطلي تأوه لأنه صوت مزعج يا آلاء، كان ممكن استحمله لو حقيقي، لكن مش كدب وأوعي تكوني فاكرة أن الكدب دة خال عليا، انا عارف كويس كل حاجة عليا، وإلا مبقاش عمر السنماري.
كان يتحدث بغضب جم، الشرر يتطاير من عينيه، بالفعل اعتدلت هي في جلستها، وانكمشت على ذاتها برعب، وهي تتطلع نحو هيئته الغاضبة تلعن حظها، وتفكيرها المتهور الذي وصلها إلي تلك الفكرة.
لا تعلم لماذا وافقت ان تفعل تلك الفكرة، تخشى رد فعله الآن، تتمنى أن يعود بها نحو المنزل فحينها ستحتمي بعمتها، لكنها الآن بمفردها لن تجد من يهدئ من ذروة غضبه، تشعر أن عينيه أصبحت كالنيران المشتعلة ستحرقها في أي وهلة تتمنى أن تفتح باب السيارة، وتفر هاربة من تلك النيران وذلك الغضب..
_سيظل الحب لمَن يفهمنا جيدًا، ويفهم ما يوجد بداخلنا من دون البوح به_
يتبع