الفصل السادس - أنين وابتهاج
الفصل السادس
لو كان لديه سلطة على قلبه كان سيحبها من جديد،
أحمق بشدة من يهرب من حبها الذي ينبضه قلبه.
❈-❈-❈
شعرت نهى بدلو من الماء البارد ينسكب عليها، بعدما استمعت إلى حديث آلاء الماكر، نيران متأهبة تشتعل في قلبها وعقلها، وتزداد اشتعالًا بعدما رأت نظرات آلاء المُنتصرة عليها.
ودت لو أنها تهب واقفة وتجذب آلاء من شعرها، تضربها بكل ما في طاقتها، لكنها بالطبع تخشى رد فعل عمر إذا فعلت ذلك الشئ؛ لذلك تأفأفت بغضب وخرجت من الفيلا بغضب عارم، وكأن الشياطين تطاردها.
بينما نغم كانت تقف بصدمة، لازالت تتطلع نحو أثر آلاء بعدم تصديق، لكنها لم تبالي بل اختفت من أمامها متوجهة نحو غرفتها، ببرود وانتصار باسمة الثغر بسعادة، تشعر برفرفة قلبها داخل قفصها الصدري.
ركبت نهى سيارتها، وبدأت تقودها بسرعة عالية، تحاول التنفيس عن غضبها، لكنها فشلت مجرد تذكرها لإبتسامة آلاء المنتصرة عليها يزداد غضبها أكثر.
فهي كانت تعمل على محي ابتسامتها، وبالفعل نجحت منذُ فترة طويلة، حيث أنها لا تتذكر متى آخر مرة قد ابتسمت آلاء؟!
لكنها الآن رأت بأعينها علامات الفرح والانتصار في نظراتها المصوبة نحوهت، اقسمت أن تجعلها تندم على فعلتها ونظراتها المنتصرة الخبيثة المليئة بالمكر التي رمقتها بها...ستجعلها تعلم مَن هي نهى، تمتمت لذاتها بغضب كأنها تحدث شخص آخر أمامها
:- ماشي... ماشي يا ست آلاء أنا هعرفك أنا مين وازاي تتجرأي وتقفي قدامي.
❈-❈-❈
في نفس الوقت
كان عمر يجلس مع تامر يتحدث معه في عدة مواضيع خاصة بالعمل، وعقله يشرد بين حين وآخر في لحظاته ومشاعره التي تجددت أمس، قلبه يعشقها هي كالنبضات الذي ينبضها قلبه، من دونها لا يستطيع أن يحييا، حتى وإن وهم الجميع أنه لا يحبها، سيظل حبها هو الشئ الذي يحييه.
تمنى لو أنه يستطع أن يتحرر من ذلك المأزق الذي سقط فيه، المأزق الذي حتى الآن لن يعلمه أحدً، ولن يحمله أحد سواه، يبعد الجميع عن كل شئ ويحمله هو بمفرده، وإن كان الجميع سيراه سئ بسبب أفعاله يروه لا يهمه شئ، سوى أن يبعد أي أذى عنهم حتى وإن كان الأذى الذي يبعده عنهم جميعهم سيصيبه سيفعلها دون تردد.
في الخارج وأمام مكتب عمر بالتحديد
وقفت نيرة السكرتيرة الخاصة بمكتب عمر بإحترام، ما أن رأت نهي تدلف عليها بانزعاج والضيق والغضب باديان فوق ملامح وجهها بإتقان.
ابتلعت نيرة ريقها الجاف، وهي تشعر بالتوتر بداخلها أثر رؤيتها لهيئة نهى الغاضبة بوضوح، الدالة على بما تنوى فعله، لكنها جاهدت أن تهدأ من ذاتها وتخفي توترها، وأردفت بهدوء وهي تجبر ذاتها على الإبتساك رغما عنها
:- اتفضلي يا آنسة نهى ارتاحي، هدخل لمستر عمر ابلغه بوجود حضرتك حالًا
تجاهلتها نهي تمامًا، وكأنها لم تستمع إليها وإلى حديثها، ثم استأنفت خطواتها حتى وصلت نحو الباب وفتحته، وهي تشعر بذروة من الغضب داخل عقله، وقف عمر هو الآخر يطالعها بغضب من فعلتها، وغمغم يحدثها بضيق وحدة
:- إيه اللي عملتيه دة، مين سمحلك إنك تدخلي المكتب، أنتِ مش عارفة أنتِ داخلة فين ولا إيه؟
صاح بغضب أكبر في جملته الأخيرة، وقد كان الشرر يتطاير من عينيه..
نظرت إليه بغضب، لم تنكر خوفها من نبرته الحادة، ونظراته المشتعلة بالغضب، جاءت أن تتحدث ترد عليه، لكنه قطعها بصرامةجادة و هو يشير لها بسبابته نحو الخارج
:- برة...اتفضلي اطلعي برة، ولما اسمحلك إنك تدخلي هتدخلي زيك زي أي حد.
وقف ينتظرها حتى تخرج، لمنها ظلت متسمرة في مكانها، كأنها لم تستمع إلى حديثه، تنهد يضيق وغضب، ثم استرد حديثه مرة أخرى عندما رآها
لازالت لم تتحرك من كانها ولو انش واحد
:- مش هسمع منك حاجة يا نهى، طول ما انتِ واقفة كدة مش هسمع، اتفضلي اعملي اللي قولته.
تأفأفت عدة مرات متتالية، وخرجت بالفعل كما قال، جلست تنتظر إياه في الخارج، وهي تضع ساق فوق ساق، تحاول أن تظهر البرود واللا مبالاه، كإن لم يحدث شئ.
صدح هاتف نيرة معلنًا وصول اتصال لها، يقطع الصمت الذي كانت تجلس فيه مع نهى، نظرت إلي الشاشة وتفاجأت عندما وجدت أن آلاء هي التي تتصل بها، فهي لم تلتقي بها سوي مرات قليلة عندما كانت تراها تأتي لعمر، لكنها أحبتها كثيرًا؛ لذلك تبادلا ارقام بعضهما.
قطبت جبينها بدهشة، قبل أن تلتقط هاتفها وتفتح عليها، لكن قبل أن تتحدث وتتفوه بأي شئ، كانت آلاء قد تحدثت مسرعة بقلق
:- نيرة معلش بس لو نهى أو عمر قدامك، كأني مش أنا اللي بتصل فاهماني؟!
اذدردرت ريقها بتزتر، وحاولت ان ترسم فوق شفتيها ابتسامة مصطنعة؛ حتى لا تجعل نهى تشك بها، وردت عليها برسمية وهملية، كأن شخص آخر يتحدث معها، ليست على معرفةٍ بها
:- أيوة يا فندم في حاجة، اتفضلي؟
ابتسمت آلاء بهدوء، وأردفت تسال إياها بخبث، لم يخلو من الغيرة التي تشتعل داخل قلبها كالنيران التي تحرق قلبها بأكمله
:- نهي دخلت لعمر اشتكتله، و لا لأ يا نيرة؟
توجست ملامح نيرة، لا تعلم كيف تجيبها أمام نهى؛ لذلك تحدثت بكذب، وهي تدعي عدم السمع
:- ثانية واحدة يا فندم عشان مش سامعة حضرتك بوضوح هقف في مكان فيه شبكة.
بالفعل نهضت من فوق مجلسها، وابتعدت عن نهى؛حتى تتحدث معها، ردت تجيب اياها بهدوء
:- ايوة يا آلاء هي دخلتله فعلا، بس مستر عمر كان متعصب، وعلى اخره فزعقلها وقالها تطلع تاني برة، ولما هو يسمح لها تدخل هتدخل.
غرزت أسنانها في شفتها بفرحة وسعادة، و هي تستمع إلى تلك الاخبار، ثم أردفت تسألها مرة أخرى
:- وهي دخلت ولا لسة مدخلتش؟
سرعان ما اجابتها نيرة بحذر وقلق، وهي تلتفت حول ذاتها؛ حتى تتأكد من عدم وجود أحد يستمتع إليها
:- لأ يا آلاء، لسة مدخلتشؤ هقفل احسن حد يسمعني أو هي تاخد بالها.
_طب هو قاعد مع مين دلوقتي، وبيعمل إيه، وإيه اللي معصبه؟
قبل ان تغلق نيرة المكالمه، غمغمت آلاء بتلك الاسئلة بتوالي دون أن تمهلها فرصة للرد.
تنهدت بصوت مسموع وأجابتها على اسئلتها بتوتر شديد بعدما تأكدت من عدم وجود أحد حولها
:- هو قاعد مع مستر تامر حاليًا، معرفش بيعملوا إيه، و لا إيه اللي معصبه بصراحة.
اغلقت معها الهاتف، وعادت مرة أخرى حيث ما كانت تجلس، لكنها تفاجأت بـنهى التي نهضت من مجلسها و اقتربت منها، قبل أن تفهم نيرة أي شئ، كانت نهى قد صاحت بها بغضب وصوت عالٍ، وهي تتحدث بعصبية
:- والله يا هانم، شغالة هنا سكرتيرة محترمة، ولا نقالة لـست آلاء.
صمتت نيرة قررت ألا ترد عليها؛ لأنها لا تعلم بماذا سترد في ذلك الموقف؟!
لم يدم صمتها طويلا، بعدها ارتفع صوت نهى بحدة اكثر، وهي تأمرها بالرد عليها
:- ردي ولا اتخرستي دلوقتي يا نيرة؟
ردت حينها عليها تجيب إياها بهدوء ظاهري، تجاهد أن تكتسبه في نبرتها وهي تدعي عدم الفهم
:- ايه اللي بتقوله دة يا آنسة نهى، نقالة إيه وست آلاء إيه، سورى بجد بس أنا مش فاهمة حضرتك.
في ذلك الوقت وقبل أن ترد عليها، قد خرج عمر من مكتبه بصحبة تامر اللذان قد استمعا إلى صوت نهى العالي، وجدها تقف ترمق نيرة من أعلاها إلى أدناها بنظرات غاضبة، وقبل أن تردف وتتفوه بحرفٍ واحدٍ، كان قد صدح صوته القوي وهو يتسآل بعدم فهم
:- في أي لكل دة الصوت عالي ليه؟
اندفعت نهى تهرول نحوه، وأجابته مسرعة بغضب، وهي تتطلع نحو نيرة بنظرات عدائية، و تشير نحوها بسبابتها
:- الهانم اللي المفروض تبقي شغالة سكرتيرة هنا، و محترمة بتنقل الكلام لـ آلاء، وبتحكيلها اللي حصل بتقولها إنك طردتني من المكتب.
غمغمت نيرة سريعًا ترد على حديثها، وتدافع عن ذاتها
:- لأ يا مستر عمر، أنا استحالة اعمل حاجة زي كدة، حضرتك شايف أنا شغالة بقالي قد أيه، مش لسة جديدة.
أومأ لها عمر برأسه إلى الأمام من دون ان يتحدث، لكن قامت نهى بجذب الهاتف من يدها وهي تردف قائلة لها بنبرة آمرة
:- افتحي الباسورد بتاع تليفونك حالا.
تنهدت نيرة بضيق وتوتر، لكنها قامت بفتح الهاتفر و أعطته لـعمر الذي لم يتطلع نحوه، و أعطاه لها مرة أخرى، ثم سار و هو يجر نهى خلفه حتى دلف بها نحو مكتبه، وأغلق الباب خلفه بقوة، ثم صاح بها بغضب وحدة
:- أنا قولت ايه، قولت تترزعي برة تستنيني، مش تفضلي تتخانقي مع كل حد شوية، بعدين مالك ومال نيرة، ومال آلاء، المفروض أن حوار آلاء انتهى وقولت إنك هتحترميها زي ما هتحترمي أي حد في العيلة و طهي كمان هتعاملك بإحترام.
ردت عليه بضيق وحدة و قد ارتفع صوتها عليه
:- أنا كنت فاكرة كدة والله، لغاية ما عرفت إنك خرجت الزفتة وروحتوا سينما في الاخر، هي كذبت علينا امبارح، بقا تبوظ اليوم علينا وحضرتك تروح تخرجها عادي.
نهرها غاضبًا، وهو يصيح بحدة و قد اعتلت نبرة صوته هو الأخر وازدادت حدة
:- أنتِ اتجننتي و لا إيه، صوتك ميعلاش عليا نهائي، لسة متخلقش اللي يرفع صوته قدام عمر السنماري، ثانيا بقا مين دي اللي زفتة احترمي نفسك وحدودك اسمها آلاء الحامدي يعني مش اي حد لا دي بنت خالي وهتحترميها غصب عنك يا نهى، أنا حر أخرجها مخرجهاش براحتي، متنسيش أنها قريبتي برضو مش واحدة غريبة.
_والله ما هي بتعلي صوتها وتزعق براحتها كمان، ولا حلال ليها، وحرام ليا أنا.
ردت عليه بتهكم ساخرٍ، بعدما رأت غضبه الشديد عندما تحدثت عليها، فهي لم تستطع أن تخفي غيرتها وحقدها من آلاء.
تنهد بضيق شديد، يجاهد أن يكبت غضبه؛ حتى لا ينفجر بها وينهي كل ما خطط له؛ لذلك قبض فبصة يده، وأردف يرد عليها بصرامة وجدية كعادته معها
:- هي عمرها ما زعقت يا نهى، وياريت نقفل الحوار دة عشان منتخانقش مع بعض، اتفضلي عشان ورايا شغل يا حبيبتي، لما اخلص احتمال اعدي عليكي ونخرج مع بعض.
بالفعل خرجت تاركة إياه، وهي تتأفاف عدة مرات بصزت مسموع، ظلت تتطلع نحو نيرة بغضب، و والشرر يتطاير من عينيها، كأنها تخبرها أنها مازالت لم تصدقها، وتعلم ما حدث.
كان عمر يشعر بالغضب الشديد من تصرفات آلاء خاصة بعدما علم أنها أخبرت نهى بما حدث أمس، فهو قد أكد عليها ألا تخبر أحد بما حدث أمس حفاظا على هيئتها أمام الجميع، يشعر بالغضب كلما يتذمر حديث نهى عليها، لن يتحمل ان يستمع عليها ولو حرف واحد، يريد أن يقتل نهى ويرتاح، لكنه حاول أن يسيطر على غضبه، ويكبته بداخله وهو يتوعد لها، ولـ آلاء التي قد أعطت لها الفرصة.
نهض من فوق مقعده، قرر أن يذهب إلى آلاء فهو لن يترك ما حدث يمر من دون أن يتحدث مع آلاء؛ لتوقف تصرفاتها تلك.
أسرعت نيرة تقف بإحترام عندما رأته، لكنه اقترب منها، ورفع سبابته في وجهها، ثم غمغم بجدية وصرامة
:- بعد كدة إياكي تحكي حاجة حصلت لحد برة الشركة مفهوم، مش عشان مسحتي الرقم فكراني مش هكون عارف.
فرت الدماء هاربة من وجهها، وابتلعت ريقها بتوتر ينهش في قلبها يكاد يوقفه عن النبض، لم يسعفها صوتها للرد عليه؛ لذلك اكتفت بإيماءة بسيطة من رأسها إلي الأمام بخفوت، ووهن.
بينما هو سار يستكمل طريقه وكأن لم يحدث شئ، كعادته يصدر البرود واللا مبالاه، ركب سيارته وانطلق بها مسرعًا بغضب، متوجه نحو المنزل؛ حتى يتحدث مع آلاء..
❈-❈-❈
كانت الاء تجلس في غرفتها تشعر بالتوتر والقلق، لا تعلم رد فعله عليها بعدما أخبرت نهى، لكنها تعلم أنه لن يمرئ الأمر يمر.
كانت تفرك كلتا يديها معا بإرتباك، وضيق وهي تتطلع أمامها بتوجس.
في ذلك الوقت وصل عمر المنزل، وجد والدته أمامه كان سيصعد نحو غرفتها مباشرة، لكن والدته قامت أوقفته، وأردفت تسأل إياها باهتمام، وحنو وهي تقطب جبينها بدهشةة
:- إيه يا حبيبي اللي رجعك بدرى كدة، مش من عوايدك في حاجة ناسيها ولا إيه؟
أخذ نفس عميق لعله يهدئ من ذروة غضبه المشتعل الآن داخل عقله، ورد يجيبها بنبرة هادئة، ولا مبالاه نجح في إظهارها بالفعل
:- لأ يا حبيبتي مفيش حاجة، جيت اشوف كم حاجة كنت سايبهم هنا عن إذنك.
جاء ليذهب، لكنها أستوقفته مرة أخرى بعدما قبضت فوق معصم يده برفق، واستردت حديثها بوء وتعقل
:- يا حبيبي طالما راجع تطمن على آلاء، ولسة بتحبها يبقي ليه تتعب نفسك، وتتعبها معاك، سيبك من اللي في دماغك من امتى وأنتَ بتطيق نهى دي أصلا.
رد عليها بأقتضاب وجدية، على الرغم من علمه نواياها الحقيقية، لكنه لم يرى سوى تلك الطريقة؛ كي ينهي الحديث معها، حديثها يضغط فوق جروح قلبه المخفية عن الجميع
:- ماما أنا مش جاي لـ آلاء ولا حاجة، أنا جاي البيت عادي، آلاء كويسة وزي الفل، هاجي اعمل أيه يعني، وحاجة كمان يا ماما لازم تفهمينها أنا فاهم كويس اوي أنا بعمل إيه، وأي خطوة باخدها ببقى عارفها، و استحالة حد يجبرني على حاجة، أو يقولي اعمل حاجة، أنا مش زي تامر.
أردف جملته و صعد تاركًا إياها تقف تحت تأثير الصدمة، لكنه غفل عن فريدة التي استمعت إلى حديثه، وقد ازداد الشك بداخلها، لكنها حسمت أمرها أن تعلم الحقيقة، و هي تدعي ربها أن يكن تفكيرها خاطئًا، لا تعلم حينها ماذا ستفعل إذا كان صحيحا، تشعر بضعفها لأول مرة، تمنت لوهلة أن تلغي مشاعرها الضعيفة تجاهه التي تجبرها على تحمل كل شئ يحدث لها..
وصل عمر أمام غرفة آلاء، فتح الباب بعصبية وغضب فانتفضت آلاء واقفة بخضة، وطالعته بتوجس، تعلم أنه قد عاد لأجلهاؤ لكنها حاولت أن تدعي عدم الفهم و تمتمت تسأل إياه، وهي تبتله ريقها بتوتر
:- في إيه يا عمر، هو في حاجة؟
اقترب منها على الفور، وقبض فوق زراعها يضغط عليه، ثم صاح بها بعصبية
:- أنا قولت إيه، بتتحديني يا آلاء، ممكن أعرف أنتِ مش بتسمعي كلامي ليه؟
هربت بعينيها من نظراته المصوبة تجاهها، حاولت أن تفك قبضته القوية من فوق زراعها، لكنها فشلت لذلك سألت إياه بكذب
:- في إيه يا عمر، أنا عملت إيه، واتحديتك في إيه، أنتَ شايف نفسك فاضي ومش لاقي شغل تعمله، فقولت تيجي تزعقلي ولا إيه؟
مرر يده بين خصلات شعره بغضب، يجاهد كبته لمنه فشل، لا يريد أن ينفجر بها؛ لذلك تمتم من بين أسنانه بحدة وصرامة
:- قولتلك إمبارح متقوليش لحد أننا خرجنا صح ولا لأ، تروحي تتحديني وتتصرفي من دماغك، تقولي اللي حصل، وبعدين سينما ايه اللي روحناها، أنا اللي قولت احفظ صورتك قدامهم و مبينش انك كدابة ومأكد عليكي.
أردفت تجيبه بارتباك وتلعثم، وهي تشعر أنها قد نست كيف تتحدث
:- اهدا بس عشان متتعصبش يا عمر، هي اللي جاية تغيظني ينفع اسكت و لا إيه؟
تحولت نظراتها إلى أخرى هادئة منخفضة، واستردت حديثها مجددًا
_ ينفع اخليها تغيظني، اسكت أنت ترضاها ليا، وبعدين اوعى إيدك عشان بتوجعني.
ترك زراعها الذي كان يقبض فةقه، رد عليها بجدية وصرامة
:- زعلتك تيجي تقوليلي دة الصح، لكن إنك تتحدي كلامي دة مش هسمح بيه، متنسيش نفسك يا آلاء، واصح إن أنا غلطت امبارح لما قولت مخلكيش تزعلي وجاريتك في كذبك دة.
شعرت بنصل حاد يُغرَز في منتصف قلبها دون شفقة، حديثه وجعها بشدة، كان أقوى من أي شئ، شعرت بكرامتها تنجرح، لكنها جاهدت ألا تظهر حزنها وجرحهل أمامه، تحدثت بغضب وحدة
:- هو إيه اللي منساش نفسي، ليه أنا مين، هو حد قالك إني من الشارع، أنا آلاء الحامدي على فكرة، ما تركز في كلامك يا عمر، و اعرف أنتَ بتكلم مين، ولا أنتَ شكل معاملتك مع نهي نستك أن انا مش هي، هي هتسمح بإهانتها، لكن أنا لأ، واتفضل اطلع برة حالًا.
جاء ليتحدث مرة أخرى، لكنها قطعته بحزم، وأشارت بسبابتها نحو باب الغرفة، وتمتمت بصوت متخشرح دليلا على أنها على وشك الانفجار باكية
:- قولتلك برة لو سمحت يا عمر.
انصاع طلبها عندما رأي حزنها، وخرج من الغرفة وهو يلعن ذاته وغضبه الذي يعميه دائما، هو الان مَن جعلها تحزن بتلك الطريقة.
بينما هي تمتمت بينها وبين ذاتها بتصميم وإصرار، يلتمع داخل عيناها
:- لأ أنا لازم امشي اروح بيتنا، وأنا هربيه هو وست زفته اللي اسمها نهى دي، مش عارفة ازاي كنت مستحملاها ومصاحباها في يوم من الأيام.
سار نحو الخارج، قرر أن يعود الشركة مرة أخرى، وهو يشعر بالغضب من تصرفه الذي جعلها تحزن.
في ذلك الوقت كانت آلاء قد بدأت تعد حقيبتها، وهي تنوي المغادرة من المنزل، تعلم أنها بتصرفها ستجعله يندم على حديثه معها، ستستخدم أساليبها الماكرة كأنثي.
تتمنى لو أنها لديها الشجاعة للإبتعاد عنه، لكنها لم تستطع الفكرة ذات نفسها توقف عقلها تمامًا، وترهق قلبها..
❈-❈-❈
في وقتٍ لاحق
وجدت فريدة نغم تجلس في بهو الفيلا بمفردها، تعلم أنها هي الوحيدة التي ستخبرها بالحقيقةِ إن وُجِدَت.
جلست بجانبها، وأردفت تسال إياها بهدوء، لن تنكر بداخلها أن دقات قلبها الآن تتسارع كأنها داخل سباق
:- نغم هو ممكن يعني، اصل عاوزاكي تفهميني تامر بيتعامل معايا كدة ليه؟
طالعتها بطرف عينيها بسخرية مما جعلها تواصل حديثها
:- يعني اقصد بيهزر مع الكل، وكلامه عادي ما عدا معايا أنا، أنتِ شايفة علاقتنا عاملة ازاي، اشمعني أنا.
اعتدلت نغم في جلستها، وطالعتها بتسلية، تنوى أن تقص لها كل ما حدث، ستقول لها ما لا تعلمه على الرغم من معرفتها بخطورة ذلك على زواج أخيها، لكن كل هذا لم يهمها بشئ..
_ سيظل الحب هو السلطة الوحيدة التي تجبر القلب على فعل كل شئ_
يُتبع