-->

الفصل الخامس عشر - أنين وابتهاج





الفصل الخامس عشر 



تخلق القوة من بين الضعف، من بين تلك الآ.لام والأو.جاع الخاصة بها، خُلقت قوة لا تعلم من أين وصلت إليها


❈-❈-❈


وقفت فريدة أمام باب المكتب الخاص بـ عُمر وهي تشعر بالتردد من فعلتها، لا تعلم ما تفعله سيكون صحيحًا أم لا؟!... لكنها قررت ان تكون تلك محاولتها الأخيرة في الحفاظ على زواجها، وإن فشلت تلك المحاولة ستتخلى عن كل شئ وتطلب حينها الإنفصا.ل. 


كانت تخشى ايضا من رد فعل تامر عندما يعلم أنها  قد أخبرت عمر، لكنها كانت تطمئن ذاتها بحديث آلاء  عندما اخبرتها أن عُمر الوحيد الذي يستطع أن يتحدث مع تامر، هي لا تريد ان تضحي بعلاقة زواجهما بسهولة؛ لذلك ستجرب وتحاول محاولة أخيرة، ستأتي على ذاتها وتجرب تلك المرة. 


مدت يدها الى الأمام بقلق وتوتر ثم قامت بالدق فوق الباب بخفوت، سرعان ما وصل إلى مسمامعها همهمة خافتة له وهو يخبر مَن يدق أن يدلف.


ولجت الغرفة بخوطات قَلِقة والتوتر يطغى على جميع أوتارها، وجدته يجلس على رأس المكتب منهمك في العمل وفكره منصب فوق الحاسوب الذي أمامه، من الواضح أنه مشغول بشدة، فهو لم ينتبه لوجودها حتى الآن.


أصدرت صوت خافت بالكاد يستمع؛ حتى تستطع أن تلفت انتباهه لها وينتبه لوجودها، قطب ما بين جبينه بدهشة، فهو لم يتوقع وجودها هي، لكنه أسرع يعتدل في جلسته، وأشار لها بيده صوب المقعد الذي امامه لتجلس فوقه بدلا من وقوفها، ثم تحدث يسألها بهدوء وجدية كعادته


:- اتفضلي يا فريدة اقعدي، هو حاجة حصلت 

ولا إيه؟ 


اتجهت بخطواتها صوب المقعد الذي أشار عليه، وجلست فوقه وهي تشعر بتوترها يزداد، تشعر أنها ستنفجر في أي وهلة من فرط التوتر والقلق اللذان يصيبانها، لا تعلم بماذا تجيبه؟... وكيف تخبره بما تريد، وبما جاءت إليه؟


تمتمت سرا بينها  بين ذاتها بصوت خافت لم يصل إلى مسامعه


:- الله يخربيـ.تك يا آلاء، إيه اللي خلاني اسمع كلامك وكلام أفكارك، أنا كنت هادية وساكتة وهسيب البيت،  بقى كنتي بتحبي عمر دة ازاي، دة صوته بس يجبب للواحد سكـ.تة قـ.لبية. 


لم تفوق من شرودها مع ذاتها سوى عندما استمعت إلى صوته وهو يهمهم بأسمها عندما رأي صمتها الذي طال، تحدثت أخيرًا بعدما كانت تشعر أن الحديث قد نفذ وطار من عقلها، كأن يوجد صخرة كبيرة فوق فمها تمنعها من التحدث، لكنها تخطت كل ذلك مسرعة،  بدات تقص له ما يفعله تامر معها بتوتر شديد، كانت تسأله بإستنكار عن سبب افعاله معها، أفعاله التي ليس لها مبرر حتى الآن.


كان  عمر يتهـ.رب في كل مرة تسأله عن سبب معاملة تامر القاسية لها لكنه يتهر.ب منها بتوتر، دل يستمع إليها بصمت تام من دون أن يقطعها ويتفوه بحرف واحد،  وهو يحاول التحكم في انفعالاته أمامها وإخفاء غضبه، نجح بالفعل في فعل ذلك بمهارة شديدة. 


أردف بجدية تامة بعدما انهت هي حديثها، كان يحاول أن يُظهِر اللا دبالاه على الرغم من نير.ان غـ.ضبه المشـ.تعلة بداخله؛ بسبب أفعال أخيه الغير جيدة التي ستؤدي إلى تدمير حياته وزواجه  


:- فريدة أنتِ فاهمة غلط، هو مش بيسافر كدة وخلاص زي ما أنتِ فاهمة ولا بيتهر.ب منك لأ خالص، أنا اللي ببقي قايله كل مرة أنه يسافر لأن انا مضغوط الفترة دي، وهو ساعات مش بيبقي راضي عشانك بس بيضطر، بعدين كلامك أكبر دليل على أنه بيكون مشغول ومضغوط بجد، وأنا هنصحك كأني أخوكي، شيلي كل اللي في دماغك دة عشان غلط، تامر مش عارف حد ولا في حد في دماغه اصلا، هو ضغط شغل طبيعي، أنتِ مش بتشوفيني أنا ببقي عامل ازاي وأنا مضغوط مش ببقى طايق حد يقولي كلمة واحدة. 


اومأت له برأسها إلى الأمام بعدما استمعت الى يثه، ولم تستطع أن ترد عليه بل اكتفت بتلك الايماءة التي صدرت منها إلى الأمام، ثم ايتأءنت وخرجت من الغرفة تاركة إياه خلفها يتنهد بعمق وضيق من افعال شقيقه التي ستد.مر حياته، قبض فوق يده بغضب شديد حتى ابيضت مفاصله من فرط عصبيته. 


تنهد عدة مرات متتالية لعله يهدي ذروة غضبه المشـ.تعلة، والتي وصلت إلى اعلى ذروة به،  شعر بإختناق الجو في الغرفة حوله، فاسرع يخرج من الغرفة بجسد متشنج غا.ضب. 


❈-❈-❈


في ذلك الوقت


داخل الغرفة الخاصة  بـ آلاء، كانت تجلس فوق الفراش، وهي تشعر بالحيرة، كانت لازالت تمسك في يدها ذلك الكارت الخاص بـعدي الذي قد  حصلت عليه أثناء حفل الخطوبة، كانت تشعر بالتردد مما تفكر فيه، لا تعلم هل من الجيد أن تتصل به وتعمل عنده في شركته أم لا؟ 


قطع حيرتها دخول سناء عليها، التي دلفت وهي تبتسم في وجهها، وتحدثت تسأل إياها بهدوء 


:- إيه يا حبيبتي منزلتيش ليه من اوضتك لغاية دلوقتي، و إيه اللي شاغل عقلك كدة ومخليكي سرحانة وبتفكري؟


ردت تجيبها بشرود، وي تلعب بأصابعها في خصلات شعرها حيث كانت تلف شعرها حول اصبعها بملل 


:- مفيش يا عمتو، أصل أنا عاوزة اشتغل، فبحاول أشوف شركة كويسة وأقدر اشتغل فيها. 


قطبت سناء حاجبيها بدهشة وعدم فهم، ثك تمتمت مستنكرة بعدم تصديق مما استمعت إليه للتو 


:-  شركة إيه اللي تشتغلي فيها، لا مش فاهمة،  إيه يا آلاء، ما أنتِ عندك شركتك هنا يا حبيبتي، روحي امسكيها بدل ما أنتِ واخوكي سايبينها لواحد يديرهالكم كدة. 


ابتسمت آلاء بمرح من حديث عمتها، واعتدلت في جلستها، بدأت تشرح لها كل ما تشعر به، وما تريد فعله في حياتها القادمة. 


اقتنعت سناء بحديثها الذي ربما به جزء صحيح، لكنها سرعان ما تراجعت وتحدثت في قلق 


:- طيب عمر يا آلاء،  مش هيوافق أنه يسبك تنزلي تشتغلي وتتبهدلي في شركة حد تاني، ولا هيوافق على كلامك دة كله أنتِ عارفاه، هيقولك تبني شخصية إيه، ابني شخصية في شركتك وهيرفض اللي بتقوليه. 


اومأت لها برأسها إلى الأمام، تعلم انها محقة في حديثها، هو لن يتركهها تنفذ ما تقوله، وبالطبع تعلم انه لم يقتنع ولن يوافق على حديثها مهما فعلت.


لكنها سرعان ما لعنت ذاتها، وفكرها الذي لازال لم يخرجه من حياتها، وصدر عنها تنهيدة حا.رة عندما تذكرت قرارها وإصرارها على خروجه من حياتها نهائيًا، كيف تفكر به وبرد فعله؟! كم هي حمقاء في تفكيرها تلك المرة، هي تريد أن تطر.ده من حياتها نهائيًا، ولكن فكرها وقلبها يقفان لها، أغمضت عينيها بأ.لم ارتسم فوق قسمات وجهها،  قررت ان تضغط فوق كل ما يمنـ.عها من إتخاذ قرارها، ستضغط فوق قلبها وفكرها وكل شئ يريده. 


فتحت عينيها مرة أخري، وردت عليها بهدوء، وهي تحاول أن تظهر اللا مبالاه 


:- لأ طبعاً يا عمتو أنتِ بتقولي إيه، وأنا مالي بيه، قولتلك خلاص عمر ملوش أي علاقة بيا، وأنا خرحته من حياتي كلها خلاص، وكدة أفضل ليا، يعنيولا يهمني اذا كان يوافق ولا لأ، عشان خاطري يا عمتو متقوليش ليه أي حاجة تخصني، أنا عمر بقى بالنسبالي شخص غريب مش مهم عندي رأيه، أنا قاعدة هنا عشانك أنتِ اصلا وعشان محتاجة وجودك جنبي الفترة دي بجد. 


اومأت لها سناء بصمت، هي لم تود أن تضغط عليها اكثر من ذلك، فهي تعلم بما تمر به بداخلها؛ لذلك قامت باحتضانها بحنان شديد وجب حقيقي، تحاول ان تخفف عنها بعد كل ما تمر به، ظلت ترتب فوق ظهرها بهدوء وحب، تحاول ألا تجعلها تحزن.


ظلوا هكذا حتى وجدوا مَن يفتح عليهما مرة واحدة، دلفت نغم الغرفة، وقفت تشاهد ذلك المنظر بأعين غا.ضبة تأكلها نير.ان الغيرة، أسرعت تعقد زراعيها أمام صدرها بضيق، ثم تمتمت قائلة لوالدتها بحدة ونبرة غا.ضبة، وهي غير راضية تماما على علاقة والدتها بـ آلاء، فهي اصبحت تشعر أن والدتها تحب آلاء أكثر منها وتفضلها عليها، مما جعل الفجوة بينهما تزداد مثل غيرتها وحقدها صوب آلاء


:- حلو أوي بقى يا ماما، خليكي كدة  يا حبيبتي موراناش غير ست آلاء ومش فاضية غير ليها، قولتلك إني عاوزة احكيلك حاجة مهمة بس ازاي تسمعيني وتسمعي كلامي اللي هحكيه ليكي، لا طبعا أنتِ فاضية بس لـ آلاء، لكن ليا أنا لأ مش فاضية يا حرام، وكأنها هي بس اللي اهلها ما.توا إيه خلاص، على فكرة دة موقف طبيعي معرض لأي حـ.. 


قطعت جملتها مسرعة عندما استمعت إلى صوت همر الذي صدخ من خلفها، وهو يردف اسمها بنبرة غا.ضبة حا.دة، يبدو أنه قد استمع إلى حديثها مما جعلها تشعر بالإرتباك والتوتر، وهي تشعر برعشة قوية تسرى في جميع انحاء جسدها. 


تخشى رد فعل عمر، لا تعلم ما سوف يفعله معها خاصة بعدما استمعت إلى خطواته تقترب من الداخل ومنها، وجدته أصبح بقف أمامها، يطالعها بنظرات صا.رمة حا.دة اخترقتها وجعلت قلقها يزداد، تحدث يواصل حديثه بغضب بنبرة صارمة قوية كعادته الدائمة مع الجميع 


:- إيه اللي سمعته دة، أنتِ اتهبـ.لتي يا نغم ولا إيه، ازاي تكلمي ماما وآلاء بالشكل دة وتقولي كلام زي دة، اتفضلي اعتذرى حالا لـ آلاء وماما، وتعالي معايا عشان شكلي عديتلك حاجات كتير اوي بسبب كدة نسيتي الأدب والإحترام. 


حبست أنفاسها إلى الداخل حتى انتهي من حديثه، وهي تشعر بالخوف منه، تعلم أنه لن يترك الأمر يمر بسلام، التفتت مرة أخرى نحو آلاء ووالدتها، وأردفت معتذرة بعدم رضا، لكنها لم تستطع أن تتحدث أو تتناقش فيما يقوله عمر خاصة عندما تكون مخطئة


:- أنا آسفة يا ماما، وأنتِ يا آلاء معلش آسفة مش عاوزاكي تزعلي من كلامي. 


بينما آلاء قد نهضت من فوق الفراش مقتربة منها، ثم دارت حولها وهي ترمقها بغضب من أعلاها إلى أدناها تحدقها بنظرات محـ.تقرة، وتحدثت ببرود، وصرامة، وكان حديثها يعكس غضبها الذي تشعر به والحزن الذي كسا قلبها عندما ذكرت نغم سيرة والديها وحرمانها من حنوهم الدائم، ولكن حديثها وردها على نغم كان غير متوقع ومباغت لها 


:-لا آسفة إيه يا روحي، أنتِ تخرسي خالص مش عاوزة اسمع صوتك أصلا، وقسما بالله يا نغم سيرة ماما وبابا لو جت على لسانك دة مرة تانية هقطعهولك بحلو أو وحش، طالما أنتِ كدة، بعدين اللي بتتكلمي عنه دة المفروض أنه خالك، اللي كان بيعتبرك زي بنته، بس هو كدة قليل الاصل مبيفتكرش أي حاجة حلوة، وأنتِ هتجبيه من برة مثلا، يلا بقى يا حبيبتي خدي نفسك بأسفك دة، وأخوكي معاكي، وأطلعوا برة. 


تمتمت بجملتها وأولتها ظهرها كأنها لم تقف في الغرفة، عقدت زراعيها فوق صدرها الذي كان يعلو ويهبط بغضب، أسرعت نغم تخرج من الغرفة، ولحق بها عمر الذي كان يشعر بالعجز لاجلها، بعدما لمح نظرات الحزن التي كانت في عينيها؛ بسبب حديث نغم، هو يعلم جيدا أن حديث نغم قد أحزنها كثيرا، كان يريد أن يضمها نحوه، ويربت عليها بحنان، يخبرها أنه معها وبجانبها، لكنه لم يستطع أن يفعل ذلك،  أغمض عينيه بحزن وأ.لم شديد.


_ماذا لو حُرم المُحِب من محبوبته بالإ.جبار؟

لكنه أمام الجميع هو مُذنب، لم يشعر أحد به وبوجع الحرمان الذي يكوي قلبه ويرهق جميع خلاياه_


كانت سناء نقف بحانبها لا تعلم ماذا تفعل؟...تمتمت بآسف وهي تشعر بالخجل من فعلة ابنتها وحديثها


:- معلش يا حبيبتي مش عاوزاكي تزعلي عشان خاطرى أنا، نغم اكيد متقصدش اللي قالته، وأنتِ عارفة عمر مش هيسيبها ولا هيعدي اللي حصل، المهم مش عاوزاكي أنتِ تزعلي. 


رفعت كتفيها إلى اعلى ببرود تحاول أن تكتسبه، وردت تجيبهو بلا مبالاه، وهي تجاهد أن تخفي حزنها، تريد أن تخفي ذلك الحزن والضعف اللذان يبدو على ملامح وجهها بوضوح 


:- لا عادي يا عمتو، يعني هي أول مرة، متزعليش أنتِ بس أهم حاجة، وروحي شوفيها كانت عاوزة ايه منك، شكلها عاوزة حاجة مهمة. 


خرجت سناء من الغرفة وهي تشعر بالحزن لاجلها، والخجل من افعال ابنتها الوخيمة التي اصبح لا يجب أن تصمت عليها بعد الآن، فهي اليوم قد تجاوزت جميع حدودها، ولم تعطِ لها ولوجودها أي احترام.


  جلست آلاء فوق الفراش مرة أخرى بضعف، وهي تشعر بالغضب والضيق والحزن، مشاعر متعددة تجتاحها ولا تعلم أي منهم يسيطر عليها، مازال حديث نغم يدوى داخل أذنيها، فهي قد ضغطت فوق أكبر جر.ح بداخلها، حديثها جعل جر.حها ينز.ف وجددت آلمه مرة أخرى، لا أحد يشعر بما تشعر به هي في تلك الوهلة.


  مسكت صدعيها بتعب وضعف ومن دون ارادتها سالت دموعها فوق وجنتيها بحزن وهي تشعر بنير.ان مشـ.تعلة تحر.ق قلبها...قلبها الذي تعددت جر.وجه بكثرة، اصبحت لا تعلم اي جر.ح هو من يؤ.لمها؛ بسبب استمرار الجر.وح،  لوهلة ظنت أن قلبها سيقف من فرط الو.جع والألا.م المتواجدة بداخله، لكن جميع توقعاتها لم تكن صحيحة، تحاول دائما أن تظهر للجميع قوتها المخلوقة من ضعفها وجروحها، لكنها لا تعلم، أهي قوة حقيقية أم قوة مزيفة تحاول تظهرها للجميع؟ 


لكن ما تعلمه جيدا أن تلك القوة هي التي تساعدها على المواصلة والإستمرار في حياتها على الرغم من كل ما يحدث بها، وكل ما تمر به.


نفضت أفكارها سريعا، ومسحت دموعها، لا تريد أن تدفن ذاتها في دوامة الأفكار الخاصة بها التي لم تنتهي، قامت بإحضار هاتفها مسرعة، ومن دون تفكير قامت بالاتصال على الرقم الخاص بـعدي الذي كان مدوَّن فوق الكارت.


انتظرت إياه حتى يرد عليها، ولم يدم انتظارها طويلا فسرعان ما رد عليها، وصدح صوته يدوى داخل اذنيها وهو يسأل عن هوية المتصل، ردت عليه بقلق بعدما ابلعت ريقها لتشجع ذاتها على المواصلة والرد عليه، وهي لازالت لا تعلم هل خطوتها التي ستفعلها ستكون صحيحة أم لا؟...لكنها قررت ان تترك كل شئ وتمضي صوب قرارها الذي اتخذته


:- أستاذ عدي السعدني معايا؟ 


همهم مجيب إياها بتأكيد وهو يشعر بالدهشة مما يحدث، فأعاد يكرر سؤاله عليها مرة أخرى، يسألها عن هويتها للمرة الثانية، وينتظر ردها لتعرفه مَن هي أولا، فأسرعت ترد عليه بهدوء وثقة 


:- أنا آلاء الحامدي اتقابلنا في الحفلة لو فاكر، كنت عاوزة اخد معاد مع حضرتك، حابة اني اقابل حضرتك في الشركة. 


لوهلة ظن أنه يتخيل بعدما استمع إلى اسمها،

لم يصدق أنها هي مَن تحدثه، وتطلب موعد معه، سرعان ما فاق من دهشته واستجمع شتاته، ورد يجيبها بعملية وجدية يخفي خلفهما جميع نواياه الخبيثة نحوها


:- آه طبعا فاكرك هو انتِ تتنسي برضو، تقدرى تيجي بكرة لو حابة، تعالي في اي معاد يناسبك طبعا الشركة كلها تحت أمرك. 


همهمت تشكره بهدوء ثم أغلقت معه المكالمة، وهي مازالت تشعر بالقلق لكنها ظلت تقنع ذاتها بتلك الخطوة وأهميتها في حياتها، طريقته معها قد حثتها على فعل تلك الخطوة التي قررت ألا تتراجع عنها. 


حاولت ان تنفض كل شئ بعيد عنها وعن ذهنها المشتت بالعديد من الأفكار، وخرجت من غرفتها بهدوء، متوجهة نحو غرفة فريدة حتى تطمئن عليها وتعلم ما حدث معها.. 


❈-❈-❈



في نفس الوقت كان عمر لازال يوبخ نغم على حديثها مع آلاء وطريقتها مع والدتها، كان يتحدث معها بصوت غا.ضب مرتفع وصل إلى مسامع آلاء وهي في طريقها نحو غرفة فريدة، وقد ظهر فوق ثغرها ابتسامة جانبية تزين ملامح وجهها الحزينة. 


 دلفت الغرفة حتى تطمئن على فريدة لكنها تفاجأت عندما وجدتها تجلس فوق الفراش بشرود، والحزن بادي على ملامح وجهها. 


أسرعت تتوجه نحوها، تجلس بجانبها، وأردفت تسالها بقلق وعدم ارتياح من هيئتها 

 

:- في إيه يا ديدا مالك، اوعي تقولي إن عمر زعلك بكلامه أو قالك حاجة تزعلك؟ 


فاقت من حالة الشرود التي كانت بها، وحركت رأسها نافية تجيبها، ثم ردت عليها بصوت متحشرج وهي تتمنى ان تتفجر باكية داخل احضان أحد 


:- لأ مفيش يا آلاء، عمر معملش حاجة، عمل زي ما قولتي بالظبط، وقعد يبرر له عشان مزعلش ويبان أن الموضوع عادي وغصب عنه، بس أنا في حاجة تانية هي اللي شغلاني، عاوزة اسألك سؤال يا آلاء و بالله عليكي جاوبيني عشان ارتاح،  لأني مش هرتاح غير لما اعرف، وأنتِ عشان بتحبيني وبتعتبريني زي اختك هتقوليلي، تامر ليه بيعاملني أنا بذات كدة، هو تامر كان بيحب واحدة قبلي ولا حاجة تانية؟ 


استمعت آلاء الى حديثها بدهشة، لا تعلم بماذا ترد عليها؟ وتخبرها بشئ مثل هذا، تنهدت بصوت مسموع وهي تحاول ان تخفي توترها؛ حتى لا تلاحظه فريدة وتتأكد من ظنونها. 


حاولت أن تبحث عن مبرر تخبرها به وتهر.ب من إجابة سؤالها، لكن قبل أن تتحدث وتتفوه بأي شئ، تحدثت فريدة مرة أخرى بعدما علمت بماذا ستجيبها؟


:- آلاء قبل ما تقولي أن هو بيعامل كله كدة، فلأ أنا عارفة أن فيه سبب والكل يعرفه ماعدا أنا بس اللي مش عارفاه، نغم كانت هتقولهولي قبل كدة لولا إن طنط سناء دخلت وقطعتها مخلتهاش تقولي، قوليلي أنتِ عشان خاطرى يا آلاء، أنا عاوزة اعرف.


ابتسمت آلاء ابتسامة باهتة في وجهها، وابتلعت ريقها الذي جفَّ بسبب توترها، وأخيرا ردت عليها بتوتر وهي تحاول أن تخفي عنها الأمر 


:- وهو في حد بيصدق نغم أصلا، دة من امتى، ما أنتِ عارفاها محدش بياخد بكلامها. 


قبل أن تتحدث فريدة وتضغط عليها اكثر، صدح صوت رنين هاتف آلاء ينقذها من ذلك المأزق الذي تشعر أنها سقطت به.


 أسرعت تستأذن منها وخرجت مسرعة من الغرفة وهي تتنهد بإرتياح، لا تعلم بماذا تجيبها؟ ولا تعلم هل من الجيد والأفضل أن تخبرها أم لا؟

  لكن بعد أن فكؤت علمت أن بالطبع لم يجب عليها أن تخبرها هي شئ مثل ذلك، فهي لا تعلم رد فعلها إذا اخبرتها، الأفضل أن ينتهي الأمر تماما، أو يخبرها تامر هو بذاته ليست هي؛ حتى يستطع أن يتفاهم ويتحدث معها. 


لكنها خرجت هي وتركتها خلفها تفكر بحيرة شديدة، ياتي إلى عقلها العديد من الأفكار لا تعلم أيهم الصواب؟ تريد أن تنهي ذلك التشتت والحيرة التي تسيطر عليها.. 


 ❈-❈-❈


في الصباح 


استيقظت آلاء بنشاط وبدأت تعد ذاتها لموعد مقابلتها مع عدي، بعد تفكير عميق منها طوال الليل، قررت أن تبدأ خطوة جديدة في حياتها، ستترك كل ما حدث خلفها ولم تعير أي شئ اهتمام، سكفي وجـ.ع وأ.لم حتى الآن لها ولقلبها ولحياتها، ستحاول أن تعيش لها هي فقط من دون الإلتفات إلى أي شئ آخر. 



 بعد أن انتهت من إعداد ذاتها، ووقع اختيارها على زي رسمي ليكون مناسب للمكان الذي ستذهب اليه، نزلت وسارت متوجهة نحو السيارة الخاصة بها التي سرعان ما انطلقت بها نحو الشركة الخاصة بعدي، دلفت ووجدت السكرتيرة الخاصة به خارج المكتب، سألتها عن هويتها بإحترام، فردت آلاء تجيبها بثقة وإبتسامتها الجذابة تزين ثغرها ووجهها 


:- أنا آلاء الحامدي، وواخدة معاد امبارح. 


اومأت لها السكرتيرة التي تدعى _جنة_ وأشارت لها نحو المكتب التابع لعدي، وهي ترد عليها بهدوء وعملية 


:- ايوة اتفضلي يا انسة آلاء، هو سايبلي خبر اني ادخل حضرتك على طول أول ما تيجي. 


دلفت آلاء المكتب الخاص بعدي حيق أشارت لها السكرتيرة، والذي كان مختلف تماما عن مكتب عمر ووالدها فهي مَن قامت بإختيار كل شي هناك، تخطت شعورها وأفكارها التي هاحمتها ببعض الذكريات الخاصة بها هي وعمر أثناء اختيارها لديكور مكتبه، حاولت ان تخرج كل شئ من عقلها الآن. 


 وقف عدي يرحب بها بحرارة وهو يبتسم بخبث ابتسامة تعكس نواياه الحقيقية نحوها، لكنه ماهر في الخداع يستطيع أن يخدعها بسهولة ويعلم ذلك بالطبع، أشار لها بيده أن تجلس فوق المقعد المقابل له، فجلست بالفعل وهي تشعر بالارتباك من الحديث الذي ستتحدثه، أردف هو يسألها بهدوء ولطف


:- تشربي إيه يا آلاء؟ 


حركت رأسها نافية، وتحدثت ترد عليه بتوتر، وصوت خافت 


:- لأ شكرا، مش عاوزة حاجة، هو أنا كنت جاية عشان يعنـ... 


قطع حديثها وهو ينهض من مجلسه يجلس امامها، وأردف بلطف ومكر 


:- الأول تشربي حاجة، وبعدها نتفق على كل اللي أنتِ عاوزاه،  تشربي ايه بقى؟ 


ابتسمت في وجهه بفرحة ومن تعامله اللطيف معها، اجابته بخجل، وقد كسا وجهها اللون الأحمر من الخجل الذي تشعر به، وأزدادت دقات قلبها بداخلها تدق بعنف

 

:- ممكن أي عصير عادي. 


أسرع يطلب لها عصير وطلب لذاته فنجان من القهوة، ثم التفت نحوها مرة أخرى وسألها بهدوء مزيف على عكس ما بداخله 


:- ها بقى كتتي عاوزة تقولي إيه؟ 


ردت تجيبه بهدوء نسبي على عكس ثورة المشاعر المتجمعة بداخلها، حاولت ألا تعطي اهتمام لما تشعر به، وفركت في يديها معا بتوتر وهي تتحدث 


:- هو الصراحة يعني يا أستاذ عدي، أنا كنت عاوزة اشتغل في الشركة هنا عند حضرتك. 


شعر بالدهشة مما تتفوهت به،  طالعها بعدم تصديق وكأنه يكذب أذنيه، ظن أن عمر هو مَن أرسلها له ويخطط لشئ ما،  لكنه استطاع بمهارة شديدة أن تجاوز صدمته من دون إن يبدى لها أي شئ عما يدور بداخله،زرد عليها بثبات وخبث 

 

:- اولآ عدي بس من غير رسميات، ثانيا يعني والله هي الشركة هتنور ودة شرف ليا، بس في حاجة حابب افهمها منك، اللي أعرفه إن والدك عنده شركة اصلا، دة غير عمر السنماري اللي هو قريبك أصلا، فأنا حابب أعرف يعني اشمعنى شركتي. 


ردت عليه بثقة ومهارة، وهي تعلم بالطبع أنه سيسألها سؤال مثل ذلك، فأعدت إجابة السؤال 


:- هو بصراحة أنا حابة اشتغل بعيد عن الكل، وكل اللي اعرفهم بالتحديد، أنا عاوزة اعمل حاجة خاصة بيا، بعيد عن بابا وعن عمر، و افتكرت حضرتك بسبب الحفلة، والكارت اللي اديتهولي وقتها. 


ابتسم في وجهها وهو يدعي الإقتناع بحديثها، ورد عليها بهدوء 


:- طب سيبي السي ڤي بتاعك هنا قدامي، ومن بكرة تقدري تيجي تبدأي الشغل لو حابة. 


ابتسمت في وجهه بفرح، وشكرته بإمتنان شديد، ثم تركته خلفها وسارت متوجهة صوب الخارج. 


بينما هو ظل يفكر فيما قالته له بعد أن ذهبت، لازال شعور الشك يراوده، لم يطمئن لاجابتها ولم يقتنع بها؛ لذلك قرر أن يتأكد اولا مما قالته له، وسيتأكد على طريقته الخاصة إن كان كا قالته صحيحًا أم عمر هو مَن أرسلها إليه..


 فإذا علم أن عمر هو السبب في مجيئها إليه وعملها عنده ليحقق شي كا من خلالها، لن يترك الأمر يمر بهدوء، ولن يتركهها هي أيضا بل سيقلب كل شئ عليهما، سيجعلها تندم من اتفاقها مع عمر.


 لكن إذا تأكد أن كلامها صحيحًا لن يتركهها تفلت من بين يديه، سيستغل تلك الفرصة الذهبية التي جاءت إليه من العدم، من دون أن يخطط لها، بل سيفعل كل ما يريده عقله وتفكيره الشيطاني، خاصة أنه يعلم جيدًا أنها هي أكبر نقطة ضعف لـ عمر هي الشي الوحيد الذي يجبره على فعل كل شئ لاجلها زلأجل إنقاذها من دون تفكير.. 


 ❈-❈-❈



بعد مرور يومين 


لم يذكࢪ أي شئ هام قد حدث في تلك اليومان، سوى أن آلاء بدأت تعمل في الشركة الخاصة بعدي، وعمر مازال لم يعلم أي شئ عنها حتى الآن، لا يعلم عن خبر عملها لدى عدي، وتتهرب من سؤال فريدة الدائم لها، وهي حتى الآن لا تعلم بماذا تجيبها؟


كان اليوم وهو يوم عودة تامر من سفره الأخير. 


في المساء


سار تامر متوجها صوب غرفة عمر بعدما أخبره انه يريده في أمر هام، لا يجب أن يتأجل، كان يشعر بالتوتر وعدم الإرتياح من لهجة عمر التي كانت حادة بشدة، لكنه حاول أن يتجاهل شعوره.


 ما أن رآه عمر، حتىواعتدل وتمتم يسأله بهدوء مميت يسبق العاصفة، ونبرة حادة متشددة 


:- قولتلي بقى بتسافر ليه كل ما تعرف أن في صفقة لينا بࢪة؟ 


تأكد من شعوره، وحاول أن يتهرب من اجابة سؤاله، ثم رد عليه بسؤال اخر بدلا من أن يجيبه و هو يجلس فوق المقعد الذي يقابله


:- في إيه يا عمر مالك، هو أنا ببقى مسافر العب مثلا ما أنت عارف اللي فيها؟ 


صاح به عمر بغضب، وهو يقف بجسد متشنج يطالعه بعصبية و ظرات ازدادت حدة وغضب عما كان في السابق، حيث كان الشرر يتطاير من عينيه وبرزت عروقه في دلالة على غضبه الشديد 


:- قسما بالله لو ما اتعدلت يا تامر مع مراتك ليكون ليا تصرف تاني،  أنا ساكت كل دة ومش عاوز اتدخل في حياتك أكتر من كدة، بس مش احنا اللي نبهدل بنات الناس عشان شوية أوهام متخـ.لفة موجودة في دماغك، وكلام أهبل بتاع عيال حب إيه وز.فت إيه، كفاية كدة فوق وركز في حياتك. 


هب تامر يقف قبالته، وهو يشعر بالغضب هو الآخر، مستنكر حديث شقيقه تماما، ولكت ذلك الحديث كان كالضغطة الذي ستجعله ينفجر، تحدث يرد عليه بضيق وقد نفذ صبره وطاقته 


:- بنات ناس والله، حلو أوي كدة، بس أنت يا عمر آخر واحد تتكلم عن بهدلة بنات الناس، واعتقد عارف ليه، دة أنتَ بهدلت الآء معاك آخر بهدلة، وكل دة ليه عشان هي يا حرام حبتك، روحت خطبت صاحبتها ولا كأنها كانت في حياتك، وكل اللي عليك أنك تقولي عندي أسبابي مش هينفع أقولك، بعدين لو الحب هبل زي ما بتقول يا أستاذ، يبقي علقت بنت خالك بيك ليه أصلا، وكنت واقع فيها، في الآخر عملت إيه سيبتها عادي جدا، وكمان مساعدتنيش اتمسك بالبنت اللي بحبها قدام ماما، أنتَ أناني بجد يا عمر، أنا دلوقتي بس فهمت ليه خليتني اسيب بسملة ليه، بس أنا أحسن منك بكتير، على الأقل أنا صريح قي مشاعرى مع فريدة وعمري ما ضحكت علي فريدة، لكن أنتَ لأ، ضحكت على آلاء وخدعتها، متنصحنيش وتعمل انت الغلط، وأنتَ عاوز اللي ينصحك. 


أنهى حديثه وخرج من الغرفة وكأن شياطين العالم بأكملها تطارده، توجه نحو غرفته و هو مقرر ألا يصمت لفريدة على ما حدث، لم يمرى تلك الفعلة تحديدا بعد حديثه مع عمر الذي زاده من الندم، لم يتخيل في احلامه حتى أن يقل ذلك الحديث لـ عمر شقيقه الاكبر، تنهد بغضب شديد، بالطبع قرر أن يفرغ غضبه في فريدة. 


ف كان عمر لازال يجلس في موضعه غير مصدق حديث تامر، ولم يتوقع أن يستمع هذا الحديث منه، الهذا الحد يراه شقيقه بتلك الطريقة الغير جيدة؟ لم يصدق ما استمع إلى ذلك الحديث ومن تامر بالتحديد. 


وضع يده فوق صدعيه بتعب شديد، وهو لازال تحت تأثير الصدمة، فاق من شروده على صوت هاتفه الذي من الواضح أنه رن اكثر من مرة، وجدها نهى فعقد حاجبيه بعدم رضا وضيق، كان سيتركها ترن من دون أن يرد عليها. 


لكنه راي تلك الرسالة التي أرسلتها إليه تخبره من خلالها أنها تريده في أمر هام يخص آلاء، فرد عليها وهو يشعر بالضيق والغضب، أردفت قائلة له بضيق 


:- يعني هو كدة يا عمر، مش بترد عليا غير لما يكون الموضزع متعلق بالسنيورة بتاعتك بقـ.. 


زمجر بغضب شديد في الهاتف، وصاح بها بحدة ونفاذ صبر 


:- اخلصي يا نهي عشان حاليا مش فاضي ومتضايق، وعندي استعداد اهد الدنيا كلها، قولي اللي عندك. 


ابتسمت بمكر وسعادة من مبرة صوته الغاضبة التي ستجعل الأمر يزداد كما تريد، أسرعت ترد عليه بنبرة خبيثة ماكرة 


:- أنتَ عارف أن ست الحسن و الجمال المهمة وخليتك ترد عليها، آلاء هانم دي بقالها كم يوم شغالة في شركة عدي السعدني أكبر عدو ليك.


صدمة ألقتها عند عمد ستفعل العديد والعديد من الإنفجارات بينهما، وخاصة وعمر في حالة مثل الآن، سيشتعل الأمر اكثر ويصب كل نيرانه تلك في آلاء بالطبع بعد ما علمه الآن..


يُتبع