-->

الفصل الرابع عشر - كما يحلو لي نسخة حصرية (النسخة القديمة)

 

 رواية كما يحلو لي النسخة القديمة بقلم بتول طه 

حصريًا لمدونة رواية وحكاية


الفصل الرابع عشر

 

سارا في صمت يتبادلان نظرات غريبة على كليهما فهو كرجل في الثالثة والثلاثين من عمره لم يختبر مثيل هذه المشاعر منذ وقتٍ طويل ليس بهينٍ وبالنسبة له كان لأول مرة يختبر أمرا كهذا... وباشتياقٍ منه ظن أنه تخلص منه للأبد، ولشعور جديد عليها لأول مرة تختبره استجاب الاثنان للغرق سريعًا في كل ما يحاول أن ينشأ بين كليهما في خضم هذه الأحداث المتلاحقة التي يستغربانها!

 

توجها للمنزل ودخلا ثم جلس على الأريكة المتواجدة ببهو منزله التي أعجبت بها منذ الوهلة الأولى التي وطأت قدمها بمنزله وأشار لها أن تجلس بجانبه ثم شاهدها متمليًا بكل تفاصيلها لتشعر أنها لم تعد تستطيع مواكبة النظر لفحميتيه المتفحصتين بمثل هذه الطريقة فحاولت البحث عن بعض الكلمات التي تُكون سببا مقنعا كي تتركه وتذهب لتخبره بنبرة تعاني لتغادر شفــ ــتيها بتلقائية:

-       سأبدل ملابس وسآتي

توجهت للأعلى بسرعة لا تحتمل تلك الثواني الضائعة فوق درجات اَلسُّلَّم وما إن دخلت غرفتها وأصبحت بمفردها أغمضت عينيها وهي لا تستطيع صوغ ما تشعر به تجاه كل ما حدث من جديد...

 

هي ليست قبلتها الأولى معه وليس أول مرة يراها بها، ولكن الخجل جعل دماءها تلتهب من شدة غليانها وخفقات قلبها تسارعت بمزيج من اللهفة وبنفس الوقت زجر نفسها ورغمًا عنها وجدت أنها تتحسس شفــ ــتيها بأناملها...

ازدادت شدة غلقها لعينيها حتى باتت تعتصرهما ورطبت شفــ ــتاها على مُكثٍ وهي تتذكر أنفاسه الدافئة ومذاقه كلما أطنبت بالتفكير شعرت بإعادة تجربة اقترابهما سَوِيًّا وحاولت كثيرًا أن تتحاشى التذكر ولكنها لم تقترب أبدًا من النسيان ولو بمقدار ضئيل.

 

تبسمت في مزيد من الخجل حتى اكتسى وجهها بالحمرة كلما تذكرت تفاصيل ما حدث منذ قليل ثم حاولت التحكم بعقلها قد المستطاع وبعد عدة دقائق من نـ ــشوة التجارب الأولى التي تخوضها معه استطاعت ترك تلك الذكرى المـ ــثيرة جانبًا ثم بدلت ملابسها وذهبت للحمام وغسلت وجهها ببعض المياه الباردة وعدلت من خصلات شعرها ثم قررت أن تتوجه للأسفل لتعود إليه وبداخل عقلها يجري الكثير من التخمينات لمستقبل معه غير محتوم ولا واضح لها.

--

ابتسم لها ما إن رآها ثم أشار إليها برأسه ونظرة تدل على دعوته إليها للانضمام للجلوس معه ففعلت وهي بالكاد تحاول التعامل معه بطريقة تلقائية طبيعية بعد هذه الحميمية الشديدة التي اندفعت بينهما منذ قليل...

 

سيطر الصمت على كل الأجواء حول كل منهما ولم يكــ ــسره سوى الصوت الرتيب لبعض الأخبار الدولية التي تابعها "عمر" في تركيز أو هكذا ظنت "روان" أنه يفعل فالتزمت المزيد من الصمت وهي تحاول التعود أن كل ما بدر بينهما كان طبيعيا لتحصل على لحظات من التفكير المنطقي بكثير من الأشياء التي حدثت بينهما لتجد أن تفكيرها يدفعها للفضول المحض...

 

علم جيدًا ما يجول بخاطرها، فضحتها عيناها المليئتان بالعديد من الأسئلة ولكنه تركها حتى تبدأ هي، جلستها وتحركاتها وبعد خبرة ليست هينة في التعامل مع الكثير من البشر أدرك أن هناك أمرًا يشغل بالها...

 

غرقت بطيات الحيرة والارتباك بسبب فضولها الذي يلح عليها دون انقطاع ويحثها على أن تسأله، مجرد التفكير بأن تفعل دفعها هذا لتسأل نفسها أولًا، كيف سيجيبها؟ هل سيجيبها بصدق عما تريد الاستفسار عنه، هل ستكون الإجابة وافية، أم سيخفي بإجاباته الغامضة علامات استفهام لا حصرية لا متناهية لا عدد لها؟!

 

مَن هي يُمنى؟ لماذا غضب عندما لمست ظهره؟ لماذا لم يخبرها منذ البداية مثلما أخبرها منذ قليل بحديقة منزلة؟ ظلت تُفكر وتُفكر وتريد أن تبدأ معه الحديث رغم توترها ولكنها ليست المرأة المستسلمة التي ستدع المواقف تمر دون أن تعرف حقيقة كل شيء وتمنت أن يكون صادقًا، فلقد أصبحا متزوجين وعليهما أن يتشاركان الكثير أكثر من مجرد سؤالا عن امرأة وعن كراهيته للمس ظهره!

 

قررت بداخلها أنها ستبدأ الحديث عن مجرد أشياء عادية تلقائية وكأنها تتعرف عليه حتى تصل لما تريد أن يجيبها عليه بعد أن تمزق عقلها من كثرة التفكير وسألته لتبدأ في كسر الصمت الذي أحاط بهما وتضرعت بداخلها أن يسير مجرى الحديث كما ودت:

-       هل تتابع تلك الأخبار دائمًا؟!

 

أجابها باقتضاب شديد:

-       عندما يكون لدي الوقت فقط!

 

ابتلعت من طريقته الغريبة وترددت لوهلة بداخلها ولكنها سرعان ما تركت هذا التردد ليتلاشى ثم عاودت سؤاله:

-       ماذا تُحب أن تشاهد غيرها؟ فأنا حتى الآن لا أعلم عنك شيئًا!

 

تنهد ثم أجابها بتعجل وكأنه يحفظ أجابته عن ظهر قلب دون أن ينظر إليها وكأنها ليست تستحوذ على وقته وتفكيره، وقصد تمامًا أن يشعرها بعكس حقيقة ما يُكنه لها، فعلى الرغم من لينه معها لن يدع لها الفرصة لتشعر أنها حصلت على اهتمامه بقدر كبير وإلا قد تتمرد وهذا أكثر ما يكره بالمرأة:

- لا أحب أن أشاهد أي شيء سوى هذه القنوات التي تُلخص الأخبار العالمية فقط لأعرف ماذا يجول خارجًا، هذا إن لم أتصفحها سريعًا على هاتفي، ولا أعتمد على الأخبار المحلية لأنها بالعادة تكن ملفقة بالأكاذيب...

 

نظر إليها نظرة خاطفة وأعاد نظره بعدها في اتجاه الشاشة متصنعًا الإنصات لما ينطلق بنظام الصوت حولهما وعاد الصمت ليعم الأجواء من جديد لتتعجب من مزاجه الذي تغير بعد أن كان يتحدث أثناء تناولهما الطعام وبعدها بالحديقة وكان رقيقًا للغاية معها ويعاملها بمنتهى الرفق فجأة يتغير هكذا فحمحمت سائلة إياه من جديد:

- حسنًا، ما هي هوايتك إذن؟! بعيدا عن برق بالطبع...

 

أجابها باقتضاب غريب ونبرة فارغة من المشاعر دون أن ينظر لها:

 

-       أحب القراءة

 

وجدته يُغلق الشاشة بجهاز التحكم عن بُعد فابتلعت دُفعة واحدة وهي تتفقده بتعجب بينما نظر نحوها بعينيه الثاقبتين مباشرة إلى عينيها لتشعر هي بأنه يخترق روحها وليس عينيها فقط فحاولت أن تنظر في اتجاه مخالف وهربت الكلمات منها بسبب عينيه المُربكتين ثم أحست بغرابة الموقف لتجده يأمرها:

- أنظرِ إلي روان

 

فعلت باستجابة تلقائية وهي تصرخ بعقلها غيظًا من عودته للهجته الآمرة من جديد بعد أن كان لطيفًا ولتوه جعلها تعيش واحدة من أفضل لحظات حياتها كفتاة متزوجة حديثًا وقد رأى هو العديد من الأسئلة بعينيها المُرتبكتين فقال موضحًا:

- إن كنتِ تريدين معرفة شيء فأسئلي! لا تحاولي إضاعة وقتك ووقتي بترهات!

أخبرها قاصدًا أن يشجعها على التحدث له بينما تعجبت هي لجفاء كلماته، هو يُدعي التعرف عليه ترهات ... يا له من غريب الأطوار يُسمي الأشياء بكلمات لا تدل على حقيقتها!!

 

لكن هذا أيضًا لم يمنعها من اندهاشها المتواصل باستطاعته معرفة ما يجول بخاطرها فتعجبت بعفوية سائلة:

- وكيف عرفت أنني أريد أن أسألك شيئًا؟

 

أجابها سائلًا على عجل وكأنه أمر مسلم به:

 

- وكيف لي أن أسمي نفسي زوجك وأنا أجهل ما بكِ؟

اندهشت منه أكثر لثقته الشديدة بنفسه واستفسرت باستنكار:

-       هل يعني هذا أنك كنت تعرف كل شيء أُفكر به؟

 

نظر لها نظرة ينهال منها العديد من المشاعر المبهمة بالنسبة إليها وأجاب بثقة:

- نعم... منذ أن وقعت عيناي عليكِ

 

رفعت إحدى حاجبيها بابتسامة ثم سألته بتحدي وكأنما تخبره إذا كنت واثقاً للغاية فعليك أن تُخبرني أنت وكذلك لم تترك لكلماته أن تشتتها عن هدفها الرئيسي:

- حسنًا... بم أفكر الآن؟

 

لم يبد عليه الانزعاج أو الغضب ولكنه كان باردًا كالثلج فلم تستطع قراءة ملامحه وأجابها:

-       بترددك وتوترك هذا أعلم أن ما ستسألين عنه سيسبب إزعاجًا لأحدنا، أنت منزعجة لأنك تريدين الإجابة وأنا منزعج لعدم علم ما يدور في رأسك... لذا اسألي فلقد بدأ صبري بالنفاذ...

 

هزت رأسها بالموافقة بينما تركت شوكة الطعام جانبًا ثم سألت متفقدة إياه بعد أن قضمت شفتاها مرارًا:

- من هي؟

 

سألها وهو لا يعلم من تقصدها:

- من تقصدين؟

 

رطبت شفتاها ثم سألته بثقة:

- يُمنى... من تكون؟!

 

وما إن لفظت حروف اسمها حتى رمقها بنظرات مُخيفة ورأت السواد بعينيه يزداد وصدره الذي يرتفع وينخفض بسرعة بسبب لهاثه من شدة غضبه وناقض مظهره تلك الطريقة الهادئة التي سألها بها:

- من أخبرك؟

 

عقدت حاجبيها وهي تتفقده وشعرت من جديد بالخوف منه ولكن عليها أن تتحلى بالثبات أمامه ولو لمرة واحدة، هي الآن زوجته، ومن حقها أن تعلم الكثير عنه، فأجابته سائلة:

- ليس مهمًا، ولكن أجبني من هي؟

 

لاحظت أنه يستشيط غضبًا ثم كور يديه خوفًا من أن يؤذيها بعد هذه الهُدنة بينهما التي للتو شرعا بها ونظر إليها نظرة حادة جعلتها تندم أنها سألته وبالرغم من ملامحه التي تُسبب الارتباك لها ابتلعت وحاولت الصمود ليتساءل لاهثًا بغضب:

- هل هو عُدي؟ أم والدي؟ إلي من تحدثتِ؟ أعلم كم أن عُدي وغد ويفعلها! هيا جاوبي، من أخبرك؟

 

كررت أسئلته بينها وبين نفسها للحظة من الحيرة لتقضم شفتيها في تفكير ثم نهضت هي الأخرى لتواجهه:

- أنا لم اتحدث إلى والدك أو أخيك... فقط أجب سؤالي عمر، من هي؟!

 

رمقها في شتات وهو من كان يبتعد منذ سنوات عن الظهور بمظهر الرجل الضعيف المجروح بسبب امرأة بعد مثابرة مُرهقة لسنوات ثم أطلق بعد النظرات المستنفرة وحاول التحكم في غضبه بينما اجابها بهمس تفلت من بين أسنانه التي لا ذنب لها بتعذيبه لها:

- هذه صفحة من حياتي ومزقتها، لا تسألي عنها ثانية وإلا لن يروقك إجابتي المرة القادمة 

 

التفت ليغادرها لتتابعه بعينيها وعلمت أن هناك شيئًا ما وراء تلك الكلمات المصحوبة بغضبه الممتزج بالألم الذي وضح على ملامحه، ولكنها قد سئمت منه ومن صمته ومن عدم معرفة أي شيء عن الرجل الذي من المفترض أنها ستُكمل معه بقية حياتها فتبعته وهي تهرول خلفه للخارج وصاحت:

- عمر أنتظر، لم أكن أقصد هذا

 

حاولت أن توقفه كي يُكملا الحديث سويًا فذهبت خلفه ثم سألته مجددًا بمناشدة:

-       لماذا لا تريد أن تُخبرني عمر؟ عليك أن تجيبني!

 

التفت لها وقد نفذ صبره بالفعل من مجرد مجراتها بهذا الحديث وأمسك بذراعيها في عنف ثم ارغم ظهرها على الاصطدام بإحدى الحوائط ثم استطرد لتُفزع من ملامحه التي شابهت ملامح رجل مجنون:

- لست جديرة بعد بمعرفة أي شيءٍ عني روان، أتعلمين من التي سأخبرها بكل شيء!! تلك التي تجلس أسفل قدماي لتقبلهم، من تثق بي، من لا تعصى أوامري، من تهاب غضبي وتُقدر كل ما أفعله هي الجديرة بأن تعرف ولست أنت... لقد اخبرتك من البداية وأنت ترفضين... وحذرتك أيضًا منذ البداية وأنت تبرعين في عصياني بكل ما لديك من قوة... لذا... إياك والتفوه باسمها مرة أخرى! وإياكِ وسؤالي عن شيء... لقد قبلتِ بلعنة زواجنا منذ البداية وانتهى الأمر... فكري مرة واحدة أن تتخلصي مني بأي طلاقٍ أو لعنة ووقتها ستعلمين الإجابة عن كل اسئلتك ولكن بالطريقة المؤلمة!

 

تحجرت الدمعات المكتومة بمقلتيها من تحوله أمامها مرة أخرى لتجده يتحول لشخص مخيف لم تر مثله قبل وندمت بسؤالها، ندمت بقرارها الذي اتخذته، لم يكن صادقًا ولن يتغير ولقد كانت بقدرٍ كافٍ من الغباء كي تحاول معه منذ البداية!

ندمت بسؤالها، ندمت بقرارها الذي اتخذته، لن يُشاركها بأي لعنة مثل ما يفعل أي زوجين طبيعيين، لم يكن صادقاً ولن يتغير.

 

ألقى بها مُفلتًا قبضتيه بصعوبة عنها لتشعر بالألم الذي أصاب عظام ظهرها وكلاهما لم يتوقفا عن تبادل النظرات النارية ثم جرت للغرفة التي تخصه لتغلقها عليها ولم تتحمل أن تتواجد معه بنفس المكان لتجلس على طرف الفراش ووضعت يدها فوق أذنيها تتمنى ألا تستمع لصوته الغاضب ولا للصوت الذي بعقلها، تريد أن تتخلص من تلك الأفكار التي تخبرها بأن تذهب له وتخبره بأن يُطلقها مجددًا خوفًا من ردة فعله التي تكتشف كل مرة أنه لا يزال لديه الكثير من الكلمات المُهينة أو النظرات المُهيبة التي لا نهاية لها!

 

جرت لغرفتها وأوصدت خلفها الحمام، لم تتحمل أن تتواجد معه بنفس المكان، فتحت المياه لتنساب على جــ ــسدها علها تمحي آثار كل شيء، وضعت يديها فوق أذنيها تتمنى ألا تستمع لصوته الغاضب ولا للصوت الذي بعقلها، تريد أن تتخلص من تلك الأفكار التي تخبرها بأن تذهب له وتخبره بأن يُطلقها مجددًا...

لم ترد البُكاء، لم تتعلم الضعف بالسابق وكانت حياتها تختلف بل هي لم تتوقع أن يكون زواجها بهذا الشكل، ولكن لن تكون ضعيفة مرة ثانية فيكفي ما عانت منذ أن تزوجته...

أوصدت المياه ثم توجهت لترمي على جسدها ثوباً خفيفاً وأطفأت الأنوار وتأكدت من إغلاق الباب جيدًا وقررت أن تتريث حتى أن تبقى بصحبة عائلتها وفرت هاربة للنوم وكأنها تُجبر عقلها ألا يُفكر بشيء، ستتحول لجماد ولن تأبه له، ستمتهن البرود وستبرع به، لم يعرفها حق المعرفة بعد، فكما تحملت هي عليه أن يتحمل هو كل ما ستفعله منذ الآن وصاعداً.

--

-       عمر... حاذر

صاحت بخوف وقلق بادياً عليها عندما رأت أفعى تلتف حول عنقه ثم هرعت إليه حتى تساعده في التخلص منها...

 

أخبرها ببرود معتاد وكأنه لا يتعرض للخطر ولا يُعاني من شيء:

-       روان، ساعديني

 

اقتربت على حذر ليصيح بها غاضبًا:

-       اللعنة!! لا تقتربي

 

تحولت عيناه لتظلم بمزيد من السواد وغلفت حمرة غريبة الشكل كلتا مُقلتيه وشعرت بالخوف والارتباك بآن واحد لتصيح وهي تشعر بالفزع:

-       كيف تريدني أن أساعدك إذن؟!

 

أخذت تقترب منه أكثر لتحاول أن تبعد تلك الأفعى التي تلتف حول عنقه ولكن ملامحه بدأت في الاختناق كمن يُفارق الحياة ويلفظ أنفاسه الأخيرة...

 

لم تدر من أين آتت تلك السكين بيدها واقتربت منه أكثر لتحاول طعن الأفعى طعنات متوالية وهي لا تعرف كيف واتتها القدرة على فعلتها وأيديها تهتز خوفًا من فعلتها هي نفسها لتوقفها يده التي حاوطت يدها ثم تبسم لها بصدق وهمس بخفوت ونبرة متألمة:

-       لا تفعلي... لا تقتليها، دعيني روان... دعيها هي الأخرى

 

تعجبت لماذا يريد منع الأذى عن هذه الأفعى؟ كيف يريد مساعدتها ثم يخبرها بألا تقتلها؟ ما الذي يحدث له؟ فجأة شهقت فزعة لتنهض وأدركت أنه كان حُلما فنهضت لاهثة بأنفاس لا تريد الهدوء وشعرت بانقباض صدرها وخفقات قلبها متسارعة في جنون لا تريد العودة لطبيعتها...

 

توجهت لتحضر بعض الماء لشعورها بالظمأ بعد هذا الكابوس وهي لا تزال تتذكر منظر الأفعى وملامحه الغريبة وهو يستغيث وبنفس الوقت راضيا للغاية بمنتهى الاستسلام وأكملت باتجاه المطبخ فلم تره لتمتن لعدم تواجده ولم تكترث أين هو وبأي مكان ذهب وأخذت في إخماد شعور القلق والتوتر بداخلها بسبب ما رأته منذ قليل وحاولت ألا تُفسر هذا الحُلم الغريب...

يُتبع..