الفصل العشرون - كما يحلو لي نسخة حصرية (النسخة القديمة)
رواية كما يحلو لي النسخة القديمة بقلم بتول طه
حصريًا لمدونة رواية وحكاية
الفصل العشرون
استيقظت وكأنما غفت لساعة واحدة وشعرت بثقل يسحقها... تململت قليلًا
وهي تحاول استجماع ما الذي يحدث فأدركت أنه يُعا نقها مُعـ ـ ـتليًا بأغلب جـ ـسده
جـ ـ ـسدها، ولم تدر لماذا يُطبق عليها بهذه القوة!
تطلعت ملامحه التي بدت غريبة للغاية عكس كل ما يظهر منه من جفاء وقسوة
أو حتى شرود أثناء حديثه أو حتى حالة القوة تلك التي تحيط به عندما نظرت له لأول مرة
بمكتبه، بدت ملامحه غريبة أثناء نومه، لم يكن متألمًا فحسب، بل بدا كالغارق الذي وجد
لتوه قارب النجاة ويحاول التشبث به بكل ما لديه من قوة.
تفقدت الوقت بجانبها لتجدها أصبحت الثالثة صباحًا ثم من جديد التفتت له
وتمتم عقلها مُفكرًا:
ألهذا الحد آلمتك؟!
هي لا تعرف عنه سوى علاقته السابقة على كل حال من تلك المدعوة "يمنى"
ولا تعرف عن حياته وماضيه شيئًا سوى ذلك وما لبثت حتى شعرت باحتراق وجهها بالكامل عندما
اندفعت ذكريات كل ما حدث بينهما قبل سقوطها في النوم دون شعورها ثم لاحظت أنها لا
ترتدي شيئًا على جــ ــ ــسدها ليصرخ عقلها:
- اللعنة أنا لا أرتدي شيئًا
ابتسمت بإحراج تملك كل ذرات دمائها وهي تتذكر ما حدث منذ ساعات قليلة حتى
تمنت أن تختفي من الوجود لكل ما بدر منها أمامه بتلك التوسلات والكلمات الجريئة التي
تفوهت بها وإرادتها له التي عبرت عنها وكأنها لا تريد أكثر من إتمام العلاقة
الحميمة!.
من جديد زجرها عقلها وهي تتحدث لنفسها:
- كيف له أن يجعلني أن أقول مثل تلك
الأشياء وأطالب بهذه المطالب التي كانت غاية في الجرأة، أنا لن أفعلها مجددًا، بل أنا
لن أستطيع أن أنظر له مرة أخرى، لقد طلبت منه أن...
قاطعها خجلها وهي تتحدث لنفسها لتلعن ذلك اليوم الذي رأته به ثم من
جديد فكرت وهي تتحدث لنفسها:
- لحظة واحدة!! لقد قال إنه يعشقني ولقد
أخبرته أنا أيضـ...
توقفت من تلقاء نفسها وظل عقلها يسترجع ذكريات الليلة الماضية حتى
كادت أن تجن وتفقد عقلها، تذكرت كيف بدا عندما صرخ عاليًا بأنه يعشقها، تلك الحمم التي
اتقدت بينهما لتتحول في النهاية لأثر لا تستطيع إلا أن تشعر به بدا خلها إلى
الآن...
اقشعر جسـ ـ ــدها لتلك الرجفة التي زلزلتهما معًا بملامحه ولمـ ـ ــساته
وهمسه إليها... لتأتي بالنهاية قبلا ته الحانية الرقيقة حتى ذهبا بالنوم سَوِيًّا
لتتفقده بعسليتيها التي تلمع بالغيظ بعتمة الغرفة حولهما ثم تمتمت بخفوت:
- تَبًّا لك عمر!!
رمقته لمزيد من الدقائق لتتآكل عيناها ذلك الوسيم الجذاب بجانبها الذي
لا تُصدق إلى الآن أنه أصبح زوجها ويعترف لها بالعشق
على الرغم من شخصيته الصعبة التي إلى اليوم لا تعرف كيف تتعامل معها دون أن ينتهي الأمر
بينهما لغضبه وعقابه!
ظلت تحدق به وهي لم تتخيل أن أول ليلة لهما سوياً ستكون هكذا بكل هذا
الشغف اللانهائي، بالرغم من سيطرته المفرطة وعدم تنازله أن يستمع منها لكلمة سيدي وتنفيذ
عقابه بها الذي آلمها ولكن كانت ليلة أشبعت أنو ثتها وكان يمثل لها كل ما قد تتمناه
امرأة بأي رجل تتزوج منه...
آخذت تتذكر كل كلمة أخبرها بها، كل لمــ ـ ــسة أجج بها شهو تها وشبــ ــ ـقها، كل ما صرخت به لتجد نفسها تِلْقَائِيًّا
تختفي بصـ ــ ـدره خجلًا واستشعرت دفء جـ ـ ــسده لتتمنى أن يبقى دائمًا بهذا الهدوء
بعيدًا عن غضبه الكاسح وعقابه القاسي ثم رُوَيْدًا رُوَيْدًا ذهبت في النوم دون أن
تشعر بنفسها.
❈-❈-❈
استمعت لصوته يُناديها بنبرة خافتة بالقرب من أذنها تمامًا:
- صغيرتي المثـ ـ ــيرة
ضيقت ما بين حاجبيها وهي تنظر له بتعجب وأعين ناعسة لتدرك أنها قد غفت
وهي تُفكر فيما حدث بينهما كما أنها شعرت بالتوجع بأماكن متفرقة من جسدها ثم تمتمت
بخفوت:
- صباح الخير
وجدته يعتلـ ـ ــيها وهو يوزع قُبـ ـ ــلات بوجنتها وعنقها امتزجت بأنفاسه
الدافئة ثم لثـ ـ ـمها بالمزيد وهو يهمس لها:
- صباح مثـ ـ ــير مثلك أيتها الفاتنة
شعرت بالخجل وهي تبتسم وكسا وجهها الحمرة فورًا من كلماته ولم يتوقف هو
لِيَلْثـ ـِم أذنها وأخذ بالانخفاض لعـ ـ ـنقها أكثر ثم تسائل بنبرة جعلتها تقشعر:
- كيف حالك مثيرتي؟
أستكمل إثا رتها أكثر فهو لن يتوقف حتى يحصل على كل ما يريده منها بينما
حمحمت هي بقليل من الارتباك واجابته:
- بخير
شعرت بيـ ـ ـديه تعتـ ـ ـصر مناطق جــ ــ ـسدها وخاصةً الحمـ ـيـ ـمية
منها ولكن دون عنف ما حدث منذ ساعات وشـ ــ ـفتيه آخذتين في الاستمرار ولا تكف عن عذ
ابها اللذيذ حتى توقف فجأة وحدق بمقلتيها بجدية مفرطة ملتقطًا أنفاسه لتلاحظ هي أن
عينيه قاتمتين بشكل مخيف لتتمنى ألا تنظر له لنهاية عمرها بملامحه هذه التي تبدو غريبة
خصوصًا وهو يعقد شعره للخلف بهذه الطريقة...
احتدت ملامحه عاقدًا حاجبيه ثم أخبرها بطيفٍ من الغضب ممتزجًا
بشبقه الشديد:
- سأعطي لكِ دقيقة واحدة حتى تذهبي لتستحمي وإن لم تفعلي، أؤكد لكي أنني
سأ ضا جعك حتى يصل صراخك للموتى بقبورهم...
ذيل جملته التي جعلت أعينها تتسع اندهاشًا بشبح ابتسامة ونظرة أخيرة
منه لعينيها مباشرةً جعلتها تبتلع ثم وجه لها ظهره ناهضًا عن السرير وتركها ليقف مبتعدًا
بإحدى أركان الغرفة...
كان هو من يُريد أن يفعل ويعبث بعقلها ولكنها هي من فعلت، أو هو يتأثر
بها كثيرًا، لا يدري، ولكن إذا نظرت له سيلتـ ـ ــهمها الآن، سيحاول أن ينسى تمامًا
أن أمس أول مرة فعلية لها وأنها بالتأكيد ستتألم بعد تلك الوضعية التي قصد أن
يُسبب لها الأوجاع بسببها، يعلم جيدًا أنه حاول بقدر استطاعته أن يكون لطيفًا ورقيقًا
معها حتى لا يؤلمها بقسوة ولكن هذا لن يدوم، إثا رتها له عبثت بعقله حتى فقده، لم تحدث
مع امرأة سواها وهذا ما يغضبه تجاه نفسه، ولأول مرة شعر بالخوف مما تدفعه للقيام به
معها وتمنى ألا ينساق وراء المزيد من هذه المشاعر بداخله!
- آه
أفاقته هامسة بألم لينظر لها وهي ملتفة بإحدى الشراشف من على الفراش
فالتفت لها محاولًا أن يدعي ملامح تلقائية بينما بداخله لن يُنكر أنه شعر بالرضاء لألمها
وتصاعدت ر غبته بسبب رؤية توجعها ثم سألها:
- هل أنتِ بخير؟
أومأت له بالإنكار ثم أجابته:
- لا... أشعر وكأن هناك وخز بجـ ـ ـسدي،
يداي تؤلمانني، وكذلك بعض المناطق بظهري...
أضافت بمزيد من الوهن وهي تتألم باستياء:
- لا أستطيع الوقوف كذلك، أشعر وكأن...
سكتت عن الكلام ثم جلست بروية على السرير لتشعر بالوخز يزداد وأدركت أن
الجلوس أصعب من النهوض لتتساءل بخفوت متأوهة:
- آه، ماذا حدث لي؟
اتجه نحوها وقد أدرك هو أنه على الرغم من كل محاولاته أن يكون لينًا ولطيفًا
وما كان يلوم نفسه عليه في أفكاره منذ قليل بأنه كان رقيقًا وكان غريبًا عما عهد عليه
نفسه إلا أنه قد سبب لها الألم.
اقترب ليجلس بجانبها على السرير وتبدلت ملامحه أكثر لتُصبح غاية في
الجدية وأجابها باقتضاب:
- هذا بسبب ليلة أمس... لم تَحْتَمِلِي لأن
هذه أول مرة لكِ، ستعتادين الأمر لاحقًا... ليس هناك دليلا على ما يدفعنا للقلق كالنزيف
مثلًا أو تألم شديد فعلي...
رفعت عسليتيها نحوه ببراءة واستفسارات عدة كانت تنهمر من أعينها التي يتضح
بها الكثير من علامات الاستفهام لتراه يسحق أسنانه ويُطبق فكيه في غضب لتتعجب ما الذي
أغضبه بهذه الطريقة لتتعجب أكثر عندما نهض وتوجه أمامها تمامًا ثم حملها دون مقدمات
لتزداد نظراتها المتسائلة نحوه ثم سألته:
- لماذا أنت غاضب هكذا، ما الذي يدفعك للغضب؟ أهناك شيء خاطئ؟ ولماذا تحملني؟
إلي أين سنذهب؟
استمر حاملًا إياها لتتبين أنهما متجهين إلى الحمام المُلحق بغرفته
واكتفى بالصمت ثم وضعها بالمغطس بروية وترك المياه الدافئة التي سرعان ما تحولت لساخنة
وبدأت في الانسياب على جـ ـ ــسدها ثم سألها بأعين تحمل مشاعر لا تستطيع تبينها
بينما بداخله كان يشعر بالقلق لو أن هناك ضرر فعلي أصابها:
- هل تستطيعين تحمل سخونتها؟
اكتفت بأن تومئ له بالموافقة في صمتٍ دون أن تبادله النظرات وسلطت عينيها
على المياه بالمغطس التي بدأت في الامتلاء به وحضنت ركبتيها كمن تريد أن تتوارى
عنه ثم فركت جبهتها وهي تتمنى لو يتوقف صراخ عقلها عن الأفكار العديدة لتشعر بانسياب
دموعها رغمًا عنها بعد لحظات لا تعلم هل من الألم الطفيف الذي تشعر به أم من
الإحراج، أم من الخوف من تقلباته وطريقته التي تتحول من حنونة لقاسية في لمح البصر...
هي لا تدري ما الذي عليها فعله معه وبكل ما يتعلق به، وهو لا يفشل أبدًا في إصابتها
المتكررة بالتشتت الهائل!
❈-❈-❈
اكتفى بتحديقه بها في صمتٍ وهو يُلاحظ علامات الحزن بادية على تقاسيم وجهها
البريء بينما هي عقلها يُمزقها تساؤلات وهي تتذكر رؤية الدماء على الشراشف الخاصة بفراشه
ليزداد بداخلها الرهبة وفكرت هل كل الفتيات تشعر هكذا؟ وكل تلك الدماء هل هذا طبيعي؟
أم هي وحدها من واجهت الأمر بمبالغة شديدة على الرغم من استمتاعها ليلة أمس... هي بالفعل
تعرف بعض الأشياء البسيطة ولكن لم يذكر أحد أي شيء عن احتمال إصابة جـ ـ ــسدها بهذا
الألم بصباح اليوم التالي بعد نزيفها الذي ظنت أنه قليل ولكن بعد رؤية أثاره هذا الصباح
جعلها الأمر تلعن رغبتها وتلعن الزواج وتلعنه هو مرارًا برأسها!
رفع حاجبيه مما أدى لتقطب جبينه لرؤية دموعها تنساب ثم خـ ــ ـلع ملا بسه
واستقر ليُفاجئها وجوده خلفها عندما جذ بها بخفة لتستقر بين ذراعيه وجمع شعرها إلي
الأعلى كي لا يبتل ثم همس بأذنها وهو يحتضنها:
- ماذا هناك؟ لماذا تبكي؟
انتقلت عيناها تبحث حولها في الفراغ وهي حتى لم تلحظ أنها بكت ثم همست
بنبرة مُنتحبة عندما اشتدت ضمته لها وأجابته بتردد:
- لا أعلم... أنا خائفة... وعقلي مُرهق، وتلك الدماء... لا أعلم...
ازداد انهمار دموعها بقلة حيلة وتحولت إلى البكاء الشديد لتشعر بالذعر
من مجرد التفكير في كل ما مر عليها معه وهذه اللحظة التي استيقظت بها وهي تُفكر بما
حدث بينهما والآن تراه غاضب أو ملامحه لا تُطمئنها ويتحدث بتحفظه المعهود وعاد من جديد
لنطق كل كلمة بحساب ثم لوهلة لامت نفسها أنها تركته يقترب لها وسبب لها الألم، نعم
كل هذا طبيعي أن يحدث بين الأزواج، ولكن ربما طريقته ليلة أمس كان بها عنفًا لم
تلحظه حتى تُصبح متوجعة وتشعر بآلام جـ ـ ــسدها هكذا بتلك الطريقة...
أحاط خصرها بذراعيه وأرغمها على توسد صدره برفق ليهمس بأذنها:
- الأمر طبيعي روان، لا تشعري بالخجل، ولو كنتِ تتألمين قليلًا فالألم
لن يستمر... وبما أنها أولى مراتك وأنت ضيقة نوعًا ما، أنتِ لا زلت تحتاجين للوقت للتأقلم
ليس إلا!
وجدت عقلها يصرخ رغمًا عنها دون أن تنطق بالكلمات:
- قليلاً أيها اللعين
أجهشت بالمزيد من البكاء وبداخلها تشعر بالذعر فاستند بظهره للوراء جاذبًا
اياها معه وحاول أن يُهدأ منها بلمسات داعمة على كتفيها لا يتوانى عن تكرارها
مرارًا:
- اهدئي، لا تبكِ ولا تقلقي، كل هذا
سيختفي قريبًا
أوصدت عيناها بغضبٍ ثم بدأت في الهدوء بعد أن توقفت عسليتيها عن ذرف الدموع
بسبب المياه الساخنة وتلك الرائحة العطرية المتواجدة بالهواء حولها التي لا تعلم ما
مصدرها والهدوء المُحيط بالأجواء نفسها بينهما دون استغراب لرؤية ملامحه التي تصيبها
أحيانا بالخوف واعتصرت عينيها أكثر وهي لا تريد سوى تسليط تركيزها على استنشاق هذه
الرائحة الغريبة المحببة التي تفلتت لأنفاسها ومددت ساقيها بين جـ ـ ــسده الذي يحاوط
جـ ـ ــسدها بالكامل باسترخاء وهو لا يتوقف عن إرخاء جـ ـ ــسدها بلمـ ـ ــساته المتأنية
التي لم يتوقف عنها إلى الآن...
بدأت في الشعور بملمـ ـ ـسه خلفها، بالرغم من المياه ولكن احتواءه لها
جعلها تشعر بعدم الخوف أو ربما ساعدها تواجده على تلاشى خوفها بروية ورغمًا عن محاولاتها
في إيقاف صوت أفكارها اللحوح وفضولها اللعين الذي لا ينتهي بداخلها ظلت تتذكر ما أخبرها
به لتفكر ما الذي يعنيه بضيقة تلك؟ أهذا شيء سيئ بالنسبة لها كامرأة؟ هل سيكون الأمر
بهذه الصعوبة معه كل مرة؟!
تعجبت فلم تجد إجابات بداخلها لتتنهد وهي تُطنب التفكير لتتحدث إلى نفسها،
هي تتذكر أنها كانت مستمتعة للغاية، ما الذي حدث بعد ذلك جعلها الآن تشعر بهذه الأوجاع
بذراعيها وظهرها وبالطبع بمنـ ـ ــطقتها؟! دُهِشَ عقلها لتنهض على ركبتيها فجأة لتواجهه
محدثة جلبة فتساقطت المياه حول المغطس لينظر لها ببرود ولكنها اندفعت به متسائلة:
- ما معنى أني ضيقة؟ وما الذي حدث بعد أن ذهبنا للنوم سَوِيًّا؟ هل فعلت
لي شيء؟ لم أكن متألمة هكذا في البداية ولا بد أنك آذيتني بشكل ما!! أخبرني كل شيء،
أريد أن أعرف، عقلي لا يتوقف عن التفكير وأقسم أن...
توقفت أثر ضحكاته التي لم تتوقف بعد أن تحدثت بعصبية وهو لم يستطع
تحمل ملامحها المتسائلة ببراءة مازجها هذا الكبرياء الطفولي الذي لم يتغير ولو مقدار
أُنملة واستمر في الضحك إلى أن أدمعت عينيه فصاحت هي بصوتٍ عالٍ والغضب ينهال من
عينيها:
- اللعنة لا تضحك
لم تتغير ضحكاته ليتصاعد غضبها وشعرت بالغيظ فتقدمت يدها بتلقائية
ولكمته بـ ـصـ ـ ــدره ليتوقف عن الضحك بصعوبة ثم نظر لها ليرى كم هي مثيرة وهي غاضبة
هكذا ثم حدثها بابتسامة وهو يرمق ملامحها الفاتنة وفحميتيه تلتمع من آثار الضحك:
- سأتغاضى عن صوتك العالي ولكمتك تلك لمرة واحدة فقط، ولكن
كرريها ثانية وسأهشم عظام جـ ــ ــسدك أيتها المثـ ـ ــيرة
لاحظت أن عينيه
تنخفض وهو ينظر إلى مفا تنها بشراهة ولا يزال يُحافظ على ابتسامته الماكرة الجذابة
وتشبثت شـ ـ ــفتاه بها فشعرت بالتوتر والخجل وأدركت أنها قد أصبحت واضحة أمام
عينيه أكثر من اللازم عندما تحركت وأصبحت المياه لا تُغطيها لتزم شفتيها وعادت لتجلس
أسفل المياه ليجذبها له وبدأ في تدليك جـ ـ ــسدها مساعدًا إياها على الاسترخاء وأشعل
بزرٍ بعض المياه المُندفعة بموجات شديدة وساخنة تساعدها هي الأخرى...
أغمضت عينيها
من جديد وهي لا تتوقف عن التفكير بينما هو لا يتوقف عن فعل المثل على الرغم من كل ما
يفعله ولكنه بداخله بات مشتتًا أكثر منها وكان عليه أن يضع نهاية لكل هذا...
بعد عدة لحظات
وجدته توقف عن تدليكاته لجـ ــ ــسدها وشعرت به يدفعها برفق للأمام قليلًا ثم نهض وهو
يُخبرها:
- يكفي ذلك...
ستسطعين المشي الآن
التفتت له بعفوية
وهي لا تقصد تطلع جـ ــ ــسده العا ري لتخجل أكثر مما تراه أمامها فأشاحت بنظرها بعيدًا
ليبتسم بمصداقية على خجلها دون أن تراه ثم تركها وغادر بعد أن أحاط أسفل خصره بمنشفة
قطنية.
التفت بمنشفتها
بعد عدة دقائق وخرجت لترى شراشف السرير قد تبدلت بأخرى نظيفة فتوجهت لغرفتها حتى ترتدي
ملابس فقد مز ق ملا بسها على كل حال ليلة أمس...
انتقت بعض الملابس
ووقفت لترتديها أمام المرآة ووقعت عيناها على نفسها حتى رأت علامات غريبة فتذكرت تلك
عضات أمس لتغطي وجهها بيديها من كل تلك الأحداث التي بالكاد تغادر رأسها...
تنهدت في قلة
حيلة وهي ترتدي ملابسها، كم تمنت لو أن لديها صديقة مقربة لتسألها، لو فقط تستطيع أن
تتحدث مع أحد غيره، لقد تناقشت مع والدتها، تعرف بأمر الليلة الأولى والمرة الأولى
ولكنها لم تكن تأخذ في حسبانها زوج أوشك على اغتصـ ـ ـابها ثم فجأة أصبح جيدًا وبعدها
يقضي معها أقل من ساعة ليترك تلك العلامات المنعكسة على بشرتها...
فكرت بينها
وبين نفسها، نعم لقد كان عنيفًا هي لا تُنكر وهي الأخرى استجابت، وببعض الأحيان كانت
قبلاته لطيفة، أَصَرَّ على أن تنطق بكل شيء، أن تصرح بما تريده... لماذا هو مُعقد هكذا؟
ما الذي يريده من كل ذلك؟ هل حقاً تُشبع سا ديته كما يقول بما يطلبه منها أن تنطق به؟
وهل حَقًّا مجرد ذكرها لما تُريده بأنها تريد هذا أو ذاك وتحتاجه، يُرضيه ويُثـ ــ
ــيره؟
فكرت كذلك بما
حدث دون أن تفتح عينيها المُغلقتين في لحظة من راحة ثم ابتسمت بسعادة غير مُبالغ بها
عندما تذكرت كيف حاوطها منذ قليل في هذا الهدوء، وتذكرت كم بدا يافعًا للغاية ليلة
أمس بعد سقوطه في النوم وهي تتفقده دون أن يشعر، بالرغم من لسانه المتسلط وعجرفته وغطرسته
بإلقاء أوامره كالسلطان الملعون ولكن كل ما فعله وكأنه يريد فقط الاستمتاع...
انتهت من ارتداء
ملابسها ثم ملأت رئتيها بالأكسجين وتوجهت للأسفل فوجدته قد ارتدى بعض الملابس وصنع
قهوة طازجة وصنع بعض الطعام البسيط الذي لم يتعد بعض شطائر وكادت أن تجلس على الكرسي
الخاص بمائدة المطبخ ليأتي صوته مانعًا إياها عن الاستمرار:
- لا تجلسي على ذلك الكرسي، ستشعرين
بالألم... سنتناوله بغرفة الجلوس... هيا
تعجبت كيف لاحظ
أنها ستفعلها دون أن ينظر لها وضيقت عينيها بغيظٍ وهي ترمقه وتمنت أن تصفعه لفعله
كل ذلك بها وتوجهت إلى غرفة الجلوس بحنق.
جلسا سوياً
وتناولا الطعام في صمت، والتهمت العديد من الأفكار عقلها التي تجعلها تشعر بالغضب والخجل
في آن واحد، بالطبع هي تعلم كيفية العلاقة بين رجل وامرأة ولكن لم تكن تتصور أنها هكذا
وتسبب لها أوجاعا بجسدها، كان لديها العديد من الاستفسارات ولكن علمت جيدًا أنها
ليس لديها من تتوجه له بالسؤال، كم كرهت عدم وجود شخص قريب منها لتسأله، كما أنها لم
تحبذ أن تسأله هو بالأخص، لم يُعجبها فكرة أن تتحدث له بكل شيء مما أغضبها أكثر، فضولها
لا يتوقف، واللعنة على العمل الذي التهم كل سنوات حياتها وهي كالغبية لم تُفكر
أبدًا بشأن العلاقة الحمـ ـ ــيمة مع زوجها!
نبهها فجأة
صوته المتسائل بهدوء:
- لماذا لا تتحدثين، ما الذي يجول بخاطرك؟
آتتها نبرته
وكأنه يرى عقلها المُستغرق بالتفكير الذي لا ينتهي وليس فقط يستطيع قراءة ملامحها وشرودها
وحده فحسب لتتنهد وأجابته باقتضاب دون أن تنظر له مباشرةً:
- لا شيء
لاحظ كيف تعبث
بالطعام أمامها وكل ما يتضح على ملامحها يُنبئ بأنها تُخفي شيئًا ما ليتنهد هو الآخر
ثم تكلم بجدية ناقضت رفقه الذي تساءل به منذ قليل:
- حسنًا... الكذب هذا سينتهي يومًا ما، وأفضل
ألا ينتهي بغضبي منك، فلتخبريني، ماذا هناك؟
اكتفى برمقها
بنظرة جانبية وانتظر أن يستمع منها إجابة ما سألها عنه وأكمل تناول طعامه وتريث مستلهمًا
بعض الصبر لتأتي كلماتها بعد هنيهة تريثت هي بها وهي تحاول التفكير في إجابة لا تُثير
غضبه:
- أنا لا أكذب... ممم... ربما، أنا،... أنا لا
أرغب في التحدث عما أفكر به الآن، ربما
لاحقاً
تلعثمت قليلًا
بنطقها للكلمات التي أتت مترددة حتى بعد تفكيرها مَلِيًّا في إجابتها ولكن بداخلها
هي لا تود أن تظهر أمامه بتلك الصورة الغبية الساذجة بأنها لا تعرف شيئًا عن العلاقة
الحمـ ــ ــيمة ويرمقها بتلك النظرة التي ينظر بها إليها كما الطفلة البريئة التي لا
تعرف أي شيء في الحياة.
أومأ لها بالموافقة
بمنتهى الهدوء ثم نهض حاملًا بعض الأطباق معه، فتريثت هي قليلًا وتابعته بعسليتيها
ثم فعلت المثل فتبعته حتى تعيد كل شيء مكانه وساعدته ودام الصمت بينهما حتى شعرت بالغرابة
من تصرفاته وكادت أن تذهب راحلة لغرفتها ليوقفها صوته:
- لقد نسيتِ تناول قهوتك...
وجه إليها نظرة
خاطفة ثم ناولها كوبها لتحمحم هي ببعض الارتباك فهي لم تلحظ أنها تناست كوبها وهمست
له باقتضاب ممتنة:
- نعم لقد نسيتها، شكراً لك
أجابته بينما
انتظرت لوهلة بعد أن أخذت كوبها ثم أوشكت على المغادرة مرة ثانية لتجده يُحدثها بنبرة آمرة:
-
اتبعيني روان
تنهدت بضيقٍ جاهدت لتُخفيه ولكنها تبعته في صمتٍ كي لا تُسبب أي جدال
بينهما، على كلٍّ، هي في هذه اللحظة تحديدًا ليس لديها أدنى مقدرة على الجدال.
تبعته حتى جلسا سَوِيًّا بالخارج وبعد دقائق من تحديقه المتفحص بها
الذي استمر لدقائق، ومحاولاتها هي بأن تنقي ذلك التشويش بعقلها المُستغرق في
التفكير وشعورها المستمر بالاستياء تجاه الأمر برمته جاءها صوته ولكن بنبرة مختلفة
عن أي مرة تحدث لها بها من قبل ليُفاجئها تمامًا:
-
أخبريني عنكِ روان!
لم تدر من أين لها أن تبدأ ولماذا يسأل هذا الآن؟ وكأنه فجأة أراد أن يتعرف
عليها، أليس من المفترض أنه كان لا بد له من التساؤل قبل زواجهما؟!
رطبت شفتيها وارتشفت برقة من كوبها ثم أجابته ببعض خيبة الأمل وهي تبتسم
بانكسار في هدوء:
-
يا له من وقت لتسأل عني! ولكن، ليس هناك الكثير لتعرفه على كل حال
ارتشفت المزيد من قهوتها ولاحظ هو سخريتها التي ترمي أنه قد تأخر للغاية
بتساؤله ولم يُعجبه نظراتها لتختلف ملامحه وتنهدت هي باستسلام ثم اندفعت مُتحدثة كمن
يُريد أن ينتهي من الأمر:
- منذ صغري وأنا لا أهتم إلا بدراستي وأبي، وكل وقتي بأكمله منذ أن كنت
صغيرة كرسته لتعلم أَيًّا ما كان جديدًا في عالم الحاسوب والتكنولوجيا والبرمجة، ومن
ثم...
توقفت لبرهة بملامح مُتأثرة بطيف من الحُزن ثم تحدثت مرة أخرى:
- مات أبي وترك لي أمي وأخي... لو كنت زمانا شغوفة بالأمر، الأمر بات إلزاميا
علي ... لذا بدأت الغرق بدوامة العمل ولا زلت أفعل على ما أظن!
أومأ لها ثم أطنب مستفسرًا:
- أنا اعرف أُسرتك بالفعل! ولكن ماذا عن بقية عائلتك؟ هل تـ...
فجأة وجدته يقترب ليحول بين يديها وبين الكوب ثم استطاع الحصول على
كفيها بين خاصتيه وتوسعت عسليتيها في استغراب وأجابته بقليل من السخرية:
-
أبي كان وحيداً، لم يملك أخوة، فقط لدي خالتي وتوفيت منذ عدة سنوات،
وأولادها وليد ونور، وتستطيع أن تقول لم أجد الوقت لبناء صدقات معهما أو مع أي أحد
آخر...
قاطعته ليتعجب مما يستمع له ولكن دون ظهور هذا على ملامحه التي استطاع
الحفاظ على ما يضمره من مشاعر وتفكير خلفها وتابعت ببعض الحُزن:
-
تستطيع القول إنني كنت نسخة مصغرة من أبي الذي لم يهتم إلا بعمله
وأسرته الصغيرة... حتى أصدقاءه قلما كان يراهم...
تريثت للحظة وترقرقت عيناها بالدموع الحبيسة وزفرت بعمق وهي تنظر له:
- أصبحت شديدة الشبه به في كل شيء، وكأنه كان يعلم أنه سيغادرنا قريبًا
لذا كرس حياته حتى يُؤمِّنَ لنا مستقبلا جيدا ورباني وكأني من سيخلفه في كل شيء، ليس
فقط لأنني الفتاة المدللة التي تعشق تخصص والدها!
سكتت عن الكلام وشردت بعيدًا لتغرق في أفكارها وكل ما تتذكره عن
أبيها على الرغم من وجوده أمامها مباشرة ولكن مجرد تذكر أكثر رجل عشقته بالحياة كان
أهم بكثير من أن تنظر لغريب الأطوار أمامها...
قرر أن يُحدثها بهدوء حتى يثني فكرها عن أياً ما تتذكره لينهي نظرة الألم
تلك التي ارتسمت على وجهها، ولأول مرة يكترث بما تشعر به امرأة أمامه، لا يدري هل أصبح
يهتم لهذه الدرجة أم ما لعنة ما يحدث بداخله، وحاول ترك نزاع ضميره معه جانبًا ثم
أمرها ولكن بهدوء حتى يثني فكرها عن أي مما تتذكره لينهي نظرة الألم تلك التي ارتسمت
على وجهها:
-
انهضي
رمقها وهو يُحدق بعينيها التي أصبحت تنظر له بعدما استدعى انتباهها بالكامل
حتى شرد بهما أكثر من اللازم لتبتلع هي ثم تنهدت وفعلت ما أمر به بالرغم من شرود
ذهنها بالعديد من الذكريات بينها وبين والدها لتجد نبرته آمرة من جديد:
-
اقتربي
فعلت لتتحاشى الغضب والجدال وهي حَقًّا لا تدري ما الذي يُريده منها ثم
جذب يدها برفق دون مبالغة لتقع جالسة على ساقيه فتمسك بساقيها هي حتى يريحهما وأمسك
بخصرها جيداً وحدق بعينيها حتى شرد بهما أكثر من اللازم وأخذ في ملاطفة
وجنتيها برفق حتى شعرت هي بقشعريرة تسري في جسدها جراء تلك اللمسات الدافئة ليهمس لها
بالنهاية:
- أرى أنه أحسن صنعًا بما فعل
نظر لها ولم تكن نظراته الآن مثل السابق، لم تتوقع أنها سترى مثل هذا
الحنان وتلك الرقة والمشاعر تفيض من عينيه هكذا ولكنها لم تكن تعلم ما يدور برأسه
بسبب إجابتها ولا تدري معاناته في التخبط بين مشاعر عدة لتتساءل بسخرية:
- هل تمزح معي؟
ابتسمت هاكمة ثم تابعت حديثها مُستطردة:
- انظر إلي، مجرد آلة للعمل ليس إلا، لا أملك حياة، لا أملك أحد، فقط...
عقل يعمل ثم... لا أصدقاء، لا أقارب، لم أقع في الـ...
قاطعها بعد أن قاربت على البكاء:
-
هششش
دفن وجهها بصـ ــ ــدره وأحكم قبضة ذراعيه عليها وأخذ يتلمـ ـ ــس ظهرها
بأكمله بمنتهى اللطف والدفء بينما بدأت تشعر بالاختلاف معه بعد لمـ ـ ــساته الكثيرة
اليوم وأخذت تستمع لنبضات قلبه المنتظمة وهمس:
- أريد أن نبدأ من جديد روان، أريد هذه الفتاة التي لا تملك أحدا بالسابق...
سأكون لكِ كل من أردتي يومًا...
أخذ يضمها بتلك اللمـ ـ ــ ـسات وهي تستـ ــ ــشعر دفأه وبدأت نوعًا ما
في الشعور ببعض الأمان معه أو المواساة، هي لا تدري ماهية شعورها ولكن على كل حال تستطيع
أن تصفه بأنه جيد أفضل من غضبها وغيظها السابقين ولكنها رفعت عينيها إليه بتعجب وقالت
هاكمة:
- أتقصد أنك تريد آلة للعمل كي تشاركها حياتك... وهذه الآلة لا تعلم عنك
شيئا إلى الآن... يا لها من زيجة أسطورية...
ابتسم إليها ونظراته باتت واثقة أكثر ليرد بتردد رجولي أزاد حيرتها أكثر
وهو يقترب منها متلمسًا وجنتها بمدا عبات رقيقة:
- دعي كل ما حدث جانبًا، انسي كل ما مر سواء معي أو بحياتك، تعرفي علي
مرة أخرى، دعيني أكن لكِ زوجًا وأبًا وصديقًا، ثقي بي بأ ...
قاطعته بشراسة وابتسامة متحفزة:
- أهذا كله بدافع الشفقة بسبب كلماتي؟ أنا لن أقبل شفقة أحد علي ... حتى
لو هذا الشخص هو زوجي...
كادت أن تغادره ولكنه أمسك بها ليتكلم بأنفاس دافئة ارتطمت بوجهها انعكس
بداخلها على إثرها المزيد من التشتت والحيرة:
- ليست شفقة، أنا حَقًّا أريد معرفة كل شيء عنكِ، أريد الاقتراب منكِ
حاوط وجهها بكفيه ونظر في عينيها بثقة ظَنًّا منه ولكن في الحقيقة كان
يتوسل لها، أرادها أن تشعر بالصدق في كل ما يقوله ولكن غلبه لوهلة مشاعره المضطربة
ليؤكد هامسًا:
- فقط بداية جديدة... زفرت ساخرة من كلماته وحاولت التغلب على ذلك الارتباك
الذي يُسببه بنظراته ولمــ ــ ــساته:
- بداية جديدة!! كماذا؟ زوجتك؟ أم فتاة تريد اغتـ ــ ــصابها؟
أم فتاة لتُعاقبها كما يحلو لك؟...
تخبط سواد حدقتيه بملامحها التي شعر بأنها كثيرة للغاية أن يحتملها رجل
مثله ليفوق توقعاتها قائلًا:
- أريدك ككل شيء بحياتي روان!
تنهدت صامتة عن الكلام ونظرت له كمن ترد أن تستشعر صدقه، تتمنى أن يكون
كلامه حقيقيا، فقط لو تستطيع أن تثق به وتتأكد أنه لن يعاملها بمثل الجفاء والقسوة
التي رأتهما منه، لو يستمر بمثل هذا الهدوء والتفهم لتهشمت كل مخاوفها ولكن كلامه لها
الآن يوترها أكثر وقد أصبحت مشوشة وقد أدرك هذا من ملامحها فقرر بنفسه أنه سيمهلها
بعض الوقت.
قطبت جبينها بخليط بين البراءة والثقة ثم هتفت به مُحذرة كما تظن أنها
ترسي قواعد هذه العلاقة بينهما:
- انظر... أنا لا أستطيع أن أفكر، تخبرني الآن أنك تريد بداية جديدة، ومنذ
يومين أخبرتني صفحة جديدة، ولن أستبعد أنك ستأتي لتعاملني بتلك ال... ال...
تلعثمت وهي تبحث عن المعنى اللفظي الصحيح الذي عليها قوله واستطردت:
- أنا لا أدري بم أسميها، سا دية أم توحش أم تحكم مفرط أم، أم...
زفرت بضيق لتحصل منه على اندهاش وابتسامة لم تلمس عينيه وأوشك أن يتحدث
فبادرت هي:
- كل شيء معك مُعقد للغاية... فقط دع لي بعض الوقت أرجوك، منذ أن عرفتك
وكل شيء يحدث بسرعة، دون ترتيب، حياتي انقلبت رأساً على عقب، منذ أن وقعت عقد زواجنا
وأنا لا أدري ماذا أفعل وكأنني في دوامة لا تريد التوقف...
تنهدت بتوتر وتوسلته بانكسار عفوي بسبب تذكرها للكثير مما فعله بها:
- أمهلني بعض الوقت عُمر... هذا كل ما أريده... وأثناء ذلك الوقت عليك
أن تخبرني بالكثير عنك أنت الآخر حتى أستطيع الشعور بالثقة وبعضًا من الأمان الذي دمرته
وانتزعته مني... حينما أتيقن من الرجل الذي علي قضاء حياتي بجانبه وأعرف عنه كل شيء،
ربما قد يتغير الأمر!
تفحصها بمزيد من النظرات المستمتعة لترددها الطفولي ليجدها تهمس مواصلة:
-
على الأقل، اتركني وشأني حتى المساء... فقط دع لي بعض الوقت أرجوك، منذ
أن عرفتك وكل شيء يحدث بسرعة، دون ترتيب، حياتي انقلبت رأساً على عقب، منذ أن وقعت
عقد زواجنا وأنا لا أدري ما الذي يحدث لي... رجاءً أمهلني حتى المساء... هذا كل ما
أريده
يُتبع..