رواية - كما يحلو لي - الفصل السابع والعشرون - نسخة حصرية (النسخة القديمة)
رواية كما يحلو لي النسخة القديمة بقلم بتول طه
حصريًا لمدونة رواية وحكاية
هذه الرواية لا تتحدث عن السا دية والترويج لها أو الغرض منها مناقشة اضطراب السا دية.
بينما تتحدث عن علاقة أحد أطرافها سا دي والطرف الآخر يرفض هذا بكل كبرياء بل ولم يتعود على أن يتحكم به أحد.
فيا تُرى كيف سيستمر كل منهما مع الآخر؟
تصنيف الرواية
روايات رومانسية، رومانسيه، حب، اجتماعية، دراما، قصة، خيالية، قصص رومانسية، روايات للكبار
حوار الرواية
حوار باللغة العربية الفصحى، لهجة فصحى
حصريًا لمدونة رواية وحكاية
❈-❈-❈
الفصل السابع والعشرون
تفقدته بأعين باحثة عن السبب الحقيقي وراء انزعاجه بل وغضبه الذي يلوح
على جميع تقاسيم وجهه لا تدري ما الذي حدث لينتشله من هذا الهدوء الشديد واللباقة للتحول
من جديد ليبدأ التصرف بتصرفاته الغريبة وها هو من جديد يُنادي بالعقاب!
فكرت قليلًا بما يجب عليها أن تُجيبه، هي لا تريد أن تفسد كل ما يحدث حولها
منذ أن نادى بوجود بداية جديدة بينهما، هي فقط تريد أن تشاركه الهدوء وزواج طبيعي مثلهما
مثل أي زوجين طبيعيين في هذه الحياة!
رطبت شفتيها ثم همست بالرغم من عدم اقتناعها بأنها أخطأت بشيء:
-
آسفة، لم أقصد الأمر...
أجابته ثم التفتت ببصرها لتنظر أمامها في سكون وكل رغبتها فقط من هذا الاعتذار
ألا يتجادلا وتمنت أن فعلتها ستحافظ على هذه الهُدنة النسبية بينهما لوقتٍ لا بأس به،
أو ربما قد تدفعه تصرفاتها هذه أن يتغير معها ولو بنسبة ضئيلة!
فاجئها عندما وجدته يجذ بها إليه بقليل من العنف ناظرًا لها بأعين مُظلمة
ازداد بها التماع مُقلتيه الفاحمتين ثم التهــ ــم شـ ـفاهها في نهمٍ جارفٍ وهي لا
تدري كيف يريد أن يُقـ ـبلها الآن وهو منذ ثوانٍ كان يتحدث عن عقابه اللعين!
استمرت القبـ ـ ـلة لمدة شعرت خلالها أن الهواء برئتيها
انعدم فبدأت في دفعه بيديها دون مبالغة ليدرك أنها تريد التنفس فابتعد قليلًا حتى يسمح
لها بالأمر وتفقدها بأعين ناعسة من شدة رغـ ــ ــبته بها ليُتمتم بلهاث:
-
اللعنة
استمع شهيقها الباحث عن الهواء وهي تمرره لرئتيها وأخذت ترمقه بأعين
متوسعة باستغرابٍ شديد ليُخبرها بين أنفاسه التي يحاول التقاطها:
-
شـ ــ ــفتاكِ روان تثـ ــ ــيرني حد الجنون، لا أستطيع التوقف عن تقبيــ
ــ ـلهما!
أراح جـ ــ ــسدها على مقعد السيارة الخلفي دافعًا اياها باعتدال فهي لم
تستطع أن تُحدد هل هو هادئ أم عنـ ــ ــيف بفعلته ولكنها تأكدت من عنفه عندما غر س
أصا بعه بخـ ــ ـصرها بمنتهى التحكم ليحتوي شـ ـفتيها مرة أخرى بنفس النهم وكأنها مرته
الأولى التي يُقـ ــبلها بها...
ظل يبتعد عنها لثواني لتتنفس ثم يعيد كرته بطريقة همـ ــجية لا تدري ما
السبب الذي دفعه كي يتصرف بمثل هذه الطريقة، لم تعلم لماذا عاد ليُصبح عنـ ــيفًا مجددًا
وهما كانا منذ دقائق يتراقصان بتناغم ويتشاركان العشاء ويتحدثان بمنتهى اللباقة وحتى
أنها صدقت بوجود مشاعر حقيقية بينهما!
ازدادت مُدة قبـ ــلتيهما، لا يفعل شيئا غير أنه يقـ ــبلها كثيرًا مرارًا
وتكرارًا ولا يبتعد سوى لإلتقاط الأنفاس ثم يعاود فعلته، كأنه لأول مرة يقبل امرأة
أو هناك ما يلح عليه للغاية ويُلزمه بأن يفعل فعلته، أو ربما هو يحتاج لهذا...
لم تعد تدري كيف عليها تفسير افعاله وعنفه الذي يتواجد فجأة بكل لمـ
ــسة يتقاربان بها فتلعثمت بين قبلتهما بانزعاج واضح:
-
أرجوك... عُمر أن لن...
كسى ملامحه الضيق بل والغضب من مناداتها له باسمه دون أن تلقبه بـ
سيدي كما أخبرها بالسابق، ولكنه وعد نفسه بأنه لن يفقد السيطرة أمامها مرة أخرى، فهو
ليس على استعداد أن يُقايض مشاعره المتأججة داخله نحوها بسا ديته الضارية التي اتضح
له مليًا أنها لا تقبلها...
لم ينتظر ليعلم ماذا تريد وتنشده من كلماتها التي لم تُفسر له شيء، يكفي
أنه تحكم بنفسه طوال تلك الأُمسية دون أن يأخذها على تلك المائدة متناسيًا ما
يحاول فعله معها، تبدو رائعة وعليها تحمل نتيجة ما تفعله به بملامحها وحُسنها الأخاذ
وكأنها مثالية الجمال وليس هناك من خُلقت لتضاهيها فتنة...
تناسى كلماتها وانزعاجها واندفع نحوها ثم قبلها من جديد وقد تفلتت السيطرة
من بين يديه وهو يفعلها هذه المرة بينما شعرت هي بيده تجـ ـذب خصلات شعرها وأطبق على
شفـ ــتيها بنهمٍ وشغـ ــفٍ وهي تكاد تقسم أنها لو مرته الأولى لن تكون بمثل هذه الطريقة!
تعجبت من شغـ ــفه وعدم سأمه بتقـ ــبيلها طوال كل هذه المُدة بافتراس
ونهــمٍ شديد ولا يتوقف سوى ليحصلا على الأنفاس اللازمة وبإحدى مرات توقفه أدركت وقتها
أن السيارة قد توقفت هي الأخرى وهاتفه يصدر اهتزازًا بجيب سترته حتى عاد من جديد
ليقـ ـبلها مرة أخرى ولم يبتعد سوى بعد أن حاولت التحدث بين قبلتهما فابتعد لاهثًا
مُغمضًا عيناه وأراح جبينه على جبينها ليحاول أن يُهدأ من وتيرة أنفاسه المتلاحقة في
صخبٍ لا يستطيع أن يمنعه...
حمحم وهو يحاول أن ينظم أنفاسه ليخبرها بين لهاثه المتثاقل بلهجة
آمرة:
-
كفِ عن الغضب... تبدين رائعة حد اللعنة حينها ولا أستطيع سوى أن أُقــبل
تلك الشـ ــفتين عندما تتبدل ملامحك بهذه الطريقة!
تفوه أمام شـ ــفتيها تمامًا ثم بعد هدوء أنفاسه طبع على جبينها قبلة لطيفة
ببطء وترجل من السيارة أولًا وبعدها التفت لجانبها
ليفتح بابها فترجلت وهي تتفحصه بمقلتين مستغربتين أفعاله التي كل مرة تُدرك أنها لن
تكف عن الغرابة!
أمسكت بيـ ــده التي بسطها إليها وهي تشعر بدمائها تفور بعروقها من شدة
الرغـ ــبة وتلك الأحا سيس التي تسربت لها خلال قبـ ـلتهما وقاد هو الطريق لتتبعه
لداخل المنزل وهي لا تُريد أن تتمادى معه أكثر وفي نفس الوقت عقلها لا يتوقف عن طرح
التساؤلات بشأن أفعاله!...
فكرت قليلًا قبل أن تبالغ أن تستجيب له بالمزيد فأخبرته بنبرة اتضح بها
التعجل:
-
شكرًا لك... لقد كانت ليلة جميلة لن أنساها أبدًا... عشاءنا الأول! الثوب
والسيارة ورقصتنا سَوِيًّا...
تواترت الحروف التي غادرت شـ ــفتيها بارتباك ثم اقتربت وطبعت على وجنته
قبـ ــلة لم تقارب حتى قبلة طفلة لوالدها ثم ابتعدت بسرعة والارتباك يعلو وجهها ثم
همست بتوتر وابتسامة لا تعبر سوى عن هرجلتها وتهربها منه:
-
شكرًا... طابت ليلتك!
سرعان ما تركته ورحلت لتغادر إلى غرفتها كي لا يبدأ بتلك الدوامة التي
تُجبرها بالنهاية أن تصرخ بما تريده والرغـ ــبة والشـ ــغف يتحكمان بقيد كل أنملة
بها دون سيطرة منها، هي فقط تريد بعض الهدنة من كل هذا وهي إلى الآن لا تعرف كيفية
صده عن كل ما يُريده!
أوصدت باب الغرفة ثم خلـ ــعت ثو بها سريعًا ورفعت شعرها للأعلى ومنها
إلى الحمام لعلّ تلك المياه تُنسيها كل شيء، كل لمـ ـسة منه، وكل كلمة تفوه بها،
وكل تصرف غريب يبدر منه منذ أن تزوجته وحاولت الحصول على بعض صفاء الذهن فربما قد تستطيع
أن تُفكر بعدها.
استقرت بحوض الاستحمام بعد أن ملأته بالمياه المنعشة الممزوجة
بمستحضرات عطرية نفاذة واستقرت بداخله وأراحت جـ ــسدها باسترخاء ثم أغلقت عينيها وأخذت
تتنفس بعمق وتطلق زفيرًا مطولًا حتى هدأت قليلًا بنسبة ضئيلة وسرعان ما ذهب عقلها اللعين
للتفكير من جديد!
بالطبع ستفعل، من أين لها أن تسترخي بسهولة بعد كل ما أخبرها به؟ كيف
سيصمت عقلها عن الحديث والأفكار التي تعبث بها كما يعبث هو معها بلمـ ـساته وقبلا ته
ورقصتهما والورود والشموع والعشاء الرومانسي ومشاعره التي لا تدري أتتدفق
منه أم يُسيطر على مشاعره هي الأخرى مثل ما يُسيطر على كل لعنة في هذه الحياة!
أخذت تُفكر وهي تتساءل بينها وبين نفسها بالكثير من التساؤلات لتجد
الأسئلة لا تتوقف عن الانهمار بعقلها:
-
هل كان علي أن أتعمق أكثر بمعرفة علاقته بيمنى؟ كان علي أن أعرف لماذا
لا يريدني أن ألمـ ــس ظهره؟! كما كان من الواجب أن أصمم على معرفة كل شيء
بعلاقاته مع خاضعاته بتفاصيلها كاملةً!! كان على أيضاً أن أسأله كيف يعرف وليد ابن
خالتي؟ لماذا لم أنتبه لكل هذه التساؤلات وأنا معه؟!
أحست بالغيظ الشديد تجاه نفسها بعد ما فكر به عقلها لتتمتم بحنق قاصدة
نفسها:
-
غبية!!
زفرت غاضبة بضيقٍ هائل من عدم سؤالها عن كل هذه
التفاصيل التي بالطبع كانت ستمثل فارقًا هائلًا عندما تعرفها ولكنها في النهاية تحدثت
لنفسها بحزن وإرهاق:
وحتى لو سألته وصممت على معرفة الإجابات التي
أريدها، سيراوغ مجددًا وسأشعر بتشتت هائل... وقد سئمت هذا كله!!
حاولت أن تهدأ من جديد أو حتى تحاول
الاسترخاء ولكن عقلها تذكر كل شيء حدث منذ أن استيقظت صباح اليوم إلى ما تُفكر به الآن...
خاصة قبلا ته لها ورقصتهما معًا...
من جديد دفعها عقلها للتفكير لتجد نفسها تخلت
عن فكرة الاسترخاء ومحاولة تصفية ذهنها لتتحدث لنفسها:
-
هل يتغير معي الآن حقًا؟ أشعر كلما اقترب مني
في الآونة الأخيرة أنه يحتاجني أكثر من رغبته بي، وكأنه لا يريد أن يفعل شيئا لا أرضاه
ولا أوافق عليه... لا يجبرني مثلًا مثل هذه الأيام بتلك الغرفة الجحيمية الملعونة...
لقد أختلف منذ تلك الليلة التي كاد أن يغتصـ ــبني بها... هل هذا هو السبب؟!
اعتصرت عينيها وشعرت بغصة في حلقها ثم خللت شعرها
بعنف كي تطرد تلك الأفكار منه التي تُرهقها أكثر من أن تحدد لها ما تشعر به وما عليها
فعله معه ومن جديد تكلمت إلى نفسها مُفكرة:
-
ولكنه ذكر العقد مرة أخرى... ما الذي يريده مني
حَقًّا... ما النهاية لكل هذا التفكير، لماذا لا أنجح ولو لمرة في ترتيب وتنظيم ما
أريد فعله معه؟
نفخت زافرة وأعادت رأسها للوراء لتسندها على المغطس
خلفها وهي تشعر بتشتت أفكارها الشديد لتقر لنفسها:
-
اللعنة!! لن أكذب... أنا أيضًا أود أن أقترب منه،
ليس جَـ ــسَدِيًّا فقط، ولكن أريد أن أعرف كل لعنة عن هذا السلطان اللعين المغرور...
أود أن نصبح بخير كزوجين طبيعيين، لماذا أشعر وكأنما هناك دائمًا حواجز بيننا؟! ولماذا
لا أقوى على صده كلما اقتـ ــرب مني؟ إلى متى سأواجه هذه اللعنة معه؟
تنهدت وحاولت الاسترخاء ولكن لم يفدها الأمر بشيء
وأحست باستحالة الهدوء فزفرت بضيق ثم توجهت خارجًا لتجفف جسدها وارتدت رداء قصيرا
أسود اللون وأخذت تصفف شعرها ليعود من جديد لطبيعته بعد أن عكسته بالسابق...
نظرت لنفسها بالمرآة لترى شـ ــفتيها
منتفختين قليلًا بضآلة أثر قبلا ته العنـ ــيفة فزمت فمها بحنقٍ ثم تذكرت كيف كان معها
منذ قليل بهذا الشـ ــغف الشديد وكأنها تمتلك عليه هي الأخرى تأثيرا شديدا مثل ما يملكه
هو...
ابتلعت ثم عضت شـ ــفتها السفلى وشردت به وبكل
ما حدث بينهما وتمنت أن تكون معه الآن دون غضب وانزعاج وتفكير وشتات... تَبًّا لتحكماته
ومراوغته وكل تلك الأمور التي تعصف بأفكارها لتتركها بهذا
الإرهاق الشديد والشتات اللانهائي.
حاولت أن تجد طريقة أو حل ربما من شأنها تلهمها
بعض الهدوء بصحبته وبدورها تُرضيه دون أن تُثـ ــير غضبه اللعين حتى تحظى ببعض الراحة
في هذه العلاقة الغريبة مع شخص غريب مثله!
تنهدت بعمق وهي تحسم أمرها مُفكرة بعد أن وجدت
أمرًا واحدًا قد يجعله يُسر قليلا ويدفعه للهدوء لو فعلت ما قاله:
-
حسنًا... سأقرأ العقد ربما لن يكون هناك شيء به...
سأستكمله وفقط إن اقتنعت سأوقعه، قد يملكني هذا بعض الهدنة والهدوء معه ويتوقف عن كونه
عنيفًا طوال الوقت وغاضبا ومنزعجا بشدة!
أخذت قرارها ثم توجهت لغرفة مكتبه بالأسفل وهي
تأمل بداخلها أن كل ما تفعله معه سيجعلها تشعر ببعض الراحة وسيوقف عقلها عن
التفكير!
❈-❈-❈
جلس يُفكر في كل ما مر عليه معها هذه الليلة ورغمًا عنه بدأ في تذكر المزيد
من اللحظات التي جمعتهما ليصيح بداخل عقله صارخًا بانزعاج من كثرة سيطرتها عليه قلبًا
وقالبًا:
-
تحرقني بتلك النظرات... ذلك الجـ ــسد الفا تن وكأنها امتلكت أنوثة النساء
بأكملهن ولم تترك لامرأة ذرة واحدة لتبدو بمنتهى المثالية في النهاية... عندما
تبدو غاضبة تجوب الوحوش الضارية بداخلي وتحثني على أن تخرج حتى تفترسها غير عابئة بما
قد يحدث لها، أريدها، أريد أن أمتلكها بكل الصور وبكل الطرق وبجميع التخيلات التي
أتخيلها، أريدها أن تأتي لي على أربع باكية لتخبرني بأنها تريدني وستمتثل أوامري!!
اللعنة عليكِ روان، كيف لك أن تتركيني هكذا وتذهبي وكأنك لا تشعرين بمثل ما أشعر به؟!
اللعنة من منا المتحكم بما يحدث؟!
تجرع ما تبقى في كأسه بنهم ثم أراح ربطة عنقه وألقى سترته دون اكتراث على
الأرض ليتملك منه الغضب وصاح لنفسه حاسمًا أمره:
-
سأذهب إليها وسأجـ ــبرها أن توقع هذا العقد اللعين وسأفعل ما يحلو لي...
أريدها أن تذعن وتنصاع لي وإلا سأغـ ــصبها على كل شيء، حتى ولو لم تكن هذه هي الطريقة
التي أتبعها مع النساء ولكنها تتركني شريدًا بكل ما تؤثر به علي !
قرر مخللًا شعره بقسوة حتى كاد يقتلعه بين أصابعه وكاد أن يُمسك بالعقد
ولكنه تراجع عندما سمع ذلك الصوت الذي يدوي بعقله موقفًا إياه:
-
لقد قلت أنك لن تفقد السيطرة، هل تتذكر؟ لقد أخذت عهدًا على نفسك أنك إذا
فقدت سيطرتك أمامها ستعاقب نفسك، هل أنت مستعد لهذا الآن؟ فجأة هكذا تملك الرغبة في
عقاب نفسك؟ هذا غريب... أعرفك منذ سنوات لا تعد ولا تحصى وأستغرب فعلتك بشناعة!
رد معقبًا على تلك الترهات التي لم ترأف به ليقول بحنق:
-
ولكن هي وقعت على عقد الزواج وأخبرتها أنني سأفعل ما يحلو لي بها...
لقد وافقت... كما أنها ترجتني وتوسلت لي أكثر من مرة أنها تريدني... أنا متأكد من
هذه الر غبة التي تتملكها كلما اقتربت لها... لا تعبث معي الآن أيها السخيف!
نهاه زاجرًا بقسوة هائلة وهو يصرخ به نفس هذا الصوت الذي هو صوت نفسه:
-
تَبًّا لك!! لا تكن بغيضا! أنت تعلم جيدًا أنها لم تتوقع ساد يتك، أنت
تعرف أنها بالكاد تعلم عنك شيئا، أنت متأكد أنها لن تستطيع أن تتكيف سريعاً مع
ميولك السا دية ولم يكن لديها أي خبرة من قبل مع أحد، لقد لمـ ـست ذلك الجهل منها منذ
أول مرة لك معها... أحقاً تريد ألا تترفق وتتريث مع المرأة التي اخترتها أن تكون زوجتك،
بربك عليك أن تكف عن التفكير ببلاهة وكأنك لا تعلم ما تتعامل معه... امرأة مثلها يستحيل
أن تتقبل سا ديتك!
لم يُعجبه ما يقوله ذلك الصوت البغيض الذي يصرخ بداخل عقله ليصرخ هو الآخر
بنفسه محذرًا:
-
اللعنة لماذا تواجهني بهذا الآن... أخرس وإلا...
قاطع صراخه بصراخ حاد مثل نبرته وصوته هو نفسه وكأنما يُمثل له ضميره
المستيقظ تجاه ما يفعله معها:
-
اواجهك لأنني أشعر أنك تحيد عن الحقيقة التي لم تشعر بها مع أحد
سواها... أنت تنام بالقـ ـرب منها، تصنع لها الطعام وتطعمها بيدك، أول امرأة تما رس
معها الحب... تفتح لها باب السيارة، تراقصها، تتجادل معها وتتقبل منها رفضها للأمور
مثلما لم تفعل معك امرأة من قبل، لقد زينت لها غرفتك بالورود والشموع حتى تما رس معها
الحب عند عودتكما وهذا يدل على أنك تريد تكرار الأمر... ولا تعاملها مثل تلك العا هرات...
أنت أردت أن تبدأ معها من جديد، أردتها أن تكون زوجتك منذ البداية... أيبدو لك ما تريد
أن تفعله الآن كحل مثالي أم بمجرد ذهابك لها وإجبارها على أن توقع هذا العقد سيدمر
كل ما عملت بجهد عليه الأيام الماضية... فكر في الأمر عمر ولا تفسد ما بينكما رجاء
زفر بضيقٍ هائل متخلصًا من تلك الأنفاس التي تتسارع بصدره ثم أجاب
صوته متكلمًا بعقله بينه وبين نفسه دون التحدث بصوتٍ مسموع:
-
حسنًا... أنت تعرف كل ما بدر مني وقراري بزواجنا كان لذلك الرابط بينها
وبين يُمنى... أنت الآن من تحيد عن الحقيقة... أنت على علم منذ البداية بما أريد أن
أفعله معها وكان الزواج هو الحل الوحيد الأمثل مع فتاة مثلها لن توافق ولن تقبل أن
تقيم علاقة معي خرج إطار الزواج الشرعي القانوني!
أطلق صوت عقله زفرة تهكمية مصحوبة بالمزيد من التحليل المنطقي
لتصرفاته ولكن بأسلوب ساخر بحت فرد مُعقبًا:
-
فرضاً أن روان ويُمنى يجمعهما الكثير وتتشابه ملامح كلتيهما ولكن واجه
نفسك بشعورك ولو لمرة واحدة، هل ستتحمل قرارك بعد أن تمارس تلك السا دية بداخلك عليها؟
ماذا إن تركتك وأنت تعرف جيداً أنها تستطيع أن تفعلها... لا تظن أنك بإبعادها هذا
الشهر لن تعود لحياتها القديمة التي اعتادت أن تـ...
سرعان ما قاطع صوت نفسه الساخر بمنتهى الحِدة:
-
واللعنة!! كف عن الكلام والتفوه بالترهات!! أقسم أنني سأسجنها لأحظى
بإذ لالها وإها نتها حتى أرى روحها تغادر جـ ــسدها، لا تناقشني في هذا الأمر من
جديد... أنا من تزوجتها وأنا من يحق لي أن أفعل بها كما يحلو لي!
ود أن يهشم رأسه حتى ينتهي عن الكلام وسماع ذلك الصوت المُفكر بداخله
كهلوسات لا يُفسرها سوى بأنه يُفكر في الأمور ليس إلا ولكنه لم يتوقف لزجره الحاد وتابع
تحدثه بعقله بمنتهى السخرية:
-
جيد، ثم ماذا؟ هل تستطيع أن تحيا دونها بعد الآن؟ إذا تستطيع أن تفعلها
إذن لن أمنعك... اذهب وافعل ما يحلو لك... فكر لو هذه الفتاة بكل ما تملكه من حياة
تعرضت لسا ديتك... هل تظن أنها ستستطيع الخضوع لك أم ستتركك وتذهب؟
سكت الصوت ليعلم أنه محق، لن يستطيع أن يبتعد عنها بعد كل ما شعر به واختبره
لأول مرة معها دون سواها... لم يجد سوى تجرع المزيد من الخمر بصحبة دخانه الذي يستنشقه
دون انقطاع
أوشك على أن يُنهي الزجاجة بأكملها فمسكها وهشمها أرضًا بغضبه الذي
يشعر وكأنه يسري بعروقه كدمائه التي لا تتوقف عن التدفق، ثم جلس على إحدى الأرائك بمكتبه
ساندًا ذراعيه على ركبتيه ثم أمسك رأسه بكفيه متألمًا من شدة تواتر
الأفكار على رأسه وبنفس الوقت بداخله تلك الرغـ ــبة السا دية التي تلح
عليه ليُغلق عينيه معتصرا كليهما وهو لا يدري ما الذي عليه فعله...
❈-❈-❈
في نفس الوقت دخلت "روان" لتجد أن المكتب مظلم فتوجهت بعفوية
لتشعل الأضواء ثم منها لمكتبه حتى تُمسك بأوراق العقد وتكمله بغرفتها ولكن لاحظت جلوسه
بتلك الهيئة فتوجهت نحوه ووقفت أمامه وأعينها تستغرب رؤيته بهذه الطريقة وسألته بقلق:
-
هل أنت بخير؟
تعجبت أكثر من هيئته ثم لاحظت هشيم الزجاج على الأرض فرفع نظره إليها وفحميتيه
تحملان مشاعر غير مقروءة وكانت مبهمة بالنسبة إليها واكتفى بمشاهدتها بصمتٍ غير تلك
الحرب الضارية التي تصرع عقله ولم يُجبها ونهض مبتعدًا حتى واجه ظهره وجهها وظن أن
هذا هو الأفضل له ولها حتى لا يُمسك بها ويُنفذ كل ما يفكر به بشأنها... فهو يعلم جيدًا
ما هي نظرته عن النساء وخصوصًا بملامحها تلك التي تُذكره بعلاقته بالحـ ــقيرة السابقة!!
قلبت شـ ــفتيها لوهلة وهي تتابعه بنظرها وأخذت تتذكر ما الذي حدث له حتى
يتحول ليُصبح بمثل هذه الملامح وعاد من جديد لتعامله بمنتهى الجفاء لتتنهد بإرهاق ولاحقته
وهي بداخلها لا تريد أكثر من أن يكونا بخير مثل أي رجل وامرأة يتشاركان زواجًا سعيدًا
طَبِيعِيًّا وهي لتوها كانت تقرر أنها ستحاول أن تُرضيه في كل ما أراده فعسى أن يكون
هذا هو الحل معه وسألته وهي تقف على مقربة منه:
-
عُمر... أخبرني ماذا حدث؟ تبدو غاضبا للغاية! ما سبب كل هذا؟
استمر في توجيه ظهره لها ولم يجبها فابتلعت بصعوبة وتساءلت بمزيد من
القلق والارتباك فهي باتت الآن تعلم أنه يغضب من أشياء غريبة لا تلاحظها هي قد تكون
ارتكبتها ولا تدري:
-
هل أنت غاضب مني؟
أثناء سؤالها حاولت الاقتراب وتلـمـ ــست ظهره بلطف لتجده يلتفت في لمح
البصر ويقبض على رسغها بقسوة ثم نظرت لعينيه التي تشتعل غضبًا وتخللتها الحُمرة المرعبة
وكأنه عاد لتوه من قاع الجحيم!
صرخ بها زاجرًا بجفاءٍ وحدة:
-
هل أنتِ غبية أم ماذا؟ لا تلمـ ــسي ظهري مجدداً واللعـنة أنتِ لا تريدين
أن تري وجهاً آخر مني روان! نفذي ما اقوله ولو لمرة واحدة وتذكري أوامري جيدًا!
دفعها وهو لا يزال قابضًا على يـ ــدها بعـ ــنف وحتى استقر ظهرها على
الحائط فأطلقت آنة لتظلم عيناه أكثر بالرغبة في إيلامها وهي توقظ سا ديته بداخله بعد محاولاته الكثيرة في أن يكبحها وهمست
بوهن ونبرة متألمة:
-
يـ ــدي.. أرجوك.. أنت تؤ لمني
نظرت له بوهنٍ وقرأ الضعف والخوف بعسليتيها لتشعل بداخله ر غبته أكثر
في أن يرى ملامحها الفاتنة دائمًا وأبدًا تحت وطأة هذا الألم الجـ ــسدي والعقلي
بآن واحد ولكنه صرخ بها غاضبًا يزجرها ويزجر نفسه عن التمادي في هذا:
-
وطالما تشعرين بالألم لماذا لا تمتثلين لأوامري؟ لماذا تعصيني؟ لماذا
تصممي على فعل كل ما احذرك ألا تفعليه؟
ظل يتطلع لكل أنملة بها بفحمتيه الثاقبتين من اعلى شعرها وحتى أخمص
قدميها ليلاحظها ممسكة بذلك العقد اللعـين الذي يتأكد أنها لو وقعته لن تحتمل ما سيحدث لها على يديه
فواصل مستطردًا قاصدًا أن يخيفها أولًا ليحظى ببعض المتـ ــعة وثانيًا لتغادره
وتذهب بعيدًا كي لا يتطور الأمر بينهما ويجد نفسه مقيدًا اياها بغرفة المتعة وهي
تنهار بين يـ ــديه:
-
أخبريني لماذا تُفقديني سيطرتي؟ أخبريني لماذا روان؟ لماذا؟! ألم
تتعلمي أي شيء منذ أن عرفتي من أنا!
لم تحتمل صراخه لتتهاوى دموعها وينساب العقد من يدها أرضًا وهي تشاهد ملامحه
المُخيفة وهي لا تدري ما الذي جعله يتحول هكذا بعد أن كان في منتهى الرقة واللطف
معها ولكنه استطرد وهو يحاول التوقف عن متابعة نظراتها اللائمة ولكن هذه المرة
انطلقت الكلمات من بين شفتيه دون وعي منه بما يقوله، ولقد كان يُقر بالحقيقة لما
خلف كل تلك الاقنعة التي كان يحاول أن يحتمي بها:
-
لقد حذرتك، ألا تغضبيني.. إذا فقط تركت ما بداخلي ليسود علاقتنا ستكرهينني
روان..
تراخت قبضته حول معصمها قليلًا ليشعر هو الآخر بالإحباط وتابع
بتنهيدة:
-
إذا.. فقط علمتِ كل شيء، ستتركيني روان، وأنا لا أريد هذا.. لا أريد
أن ابتعد عنك..
احست من همسه بتألمه الشديد لتتعجب من ذلك التضاد والتحول بشخصيته
وتفقدته لوهلة ثم هتفت به وهي لم تعد تتحمل كل تلك التقلبات التي ليس لديها تبرير
لها بعقلها:
-
أريد أن أعلم وأعرف كل شيء إذن! أن أرى كل شيء حتى نستطيع الاستمرار
بهذا الزواج مثل أي زوجين طبيعيين.. أن أفهم لماذا لا أستطيع أن ألمــ ــسك مثلما
شئت؟! ألست زوجتك؟ ألا تشعر بأي شيء نحوي؟ ألا تحـ..
زفر بهمهمة غاضبًا بطريقة مبالغ بها ثم صرخ مقاطعًا:
-
فقط غادري لغرفتك الآن قبل أن أفقد سيطرتي.. هيا واستمعي لما أقول ولو
لمرة واحدة.. توقفي عن عصياني الذي تستمري به!
رمقته وهي تشاهد ظلمة عينيه بشكل غريب وهي تتضح بها ليبدو كشيطان من
قاع الجحيم وعند إدراكه أنها تشعر بالخوف الشديد من ملامحه وكم أصبح مرعبًا لها
بملامحه استدار مبتعدًا عنها حتى لا تراه بهذا الشكل وهذه الهيئة التي قد تُحفر في عقلها لوقتٍ ليس بقليل..
حاولت استجماع شجاعتها أمامه، فهما عليهما التحدث الآن بدلًا من أن
تذهب وتندم لاحقًا أنها لم تسأله بعض الأسئلة أو لم تفعل كذا وكذا مثل ما كانت
تأنب نفسها منذ قليل على عدم تعرفها عليه عن طريق سؤاله الأسئلة الصائبة فهتفت به
بنبرة هادئة وهي تتحامل على خوفها:
-
عُمر..
تتبعته لتقف خلفه ونادته من جديد بنبرة معتدلة:
-
انظر إلي
انتظرت أي ردة فعل منه ولكنه لم يستجب فتوسلت منادية:
-
أرجوك عمر انظر لي
لم يستجب أيضًا فذهبت حتى أصبحت أمامه وتطلعت كيف بدا مظهره المبعثر
وذلك الغضب الجم الذي ينهال من ملامحه ولكن شيئًا ما بداخلها قد دفعها لتعلم ما
ورائه، ماذا يعني بفقد سيطرته؟ هل سيغتصبها مثل ما حاول؟ أم هناك شيئاً آخر؟! وعليها هي الأخرى أن ترى
ما نهاية كل هذا، حتى لو طلبت الطلاق منه تكون بمثابة نهاية محاولاتها معه.. عليها
أن تحاول محاولة اخيرة فقد يستقر زواجها منه بهذه المحاولة.. وقد تكون أيضًا
مُخطئة بشيء لا تستطيع ادراكه..
هذه تمامًا هي العلاقة الموترة المُرهقة التي تستنزف طرفًا في
العلاقة، فهناك طرف يدعي أنه الضحية وأنه هو الذي على صواب وأنه هو من يُعاني
بينما الطرف الآخر من كثر محاولات الطرف الأول في تصدير هذا التفكير لعقله، يجد
نفسه بهذا الشتات بل، ويقر أنه هو المُخطئ بينه وبين نفسه وفي حقيقة الأمر ما هي
إلا مجرد لُعبة محكمة من قبل الطرف الجاني في هذه العلاقة حتى يستنزف من أمامه..
سواء هو على دراية بهذا أم لا! حتى ولو بتلقائية وعفوية منه، ولو بقلة خبرة منها
في عدم التعامل مع رجل قبله، تبقى الحقيقة المُرة بأن هذه العلاقة مُستنزفة حتى
النخاع!
سحبت ربطة عنقه المرخية وأمسكت بها بكفيها وضمتهما معا ثم قدمتها له وهمست
له بنبرة متوسلة:
-
قيدني
نظرت له ليرى الرضاء والموافقة بعسليتيها بمنتهى الوضوح لينظر لها
بمزيجٍ من الغضب وعدم التصديق ولكنه استدار ليواجهها بظهره فهو لا يود أن يستجيب
لما يراه أمامه وهو بالفعل يُريد هذا أكثر من أي شيء آخر فنهاها وهو يُطبق اسنانه:
-
روان!! اذهبي لغرفتك الآن!
أمرها وهو يتمسك بآخر ذرة سيطرة متبقية داخله وأغلق عينيه بعنفٍ فهو
يعلم أن بعد ما سيفعله معها لن تقبله من جديد وقد يُصيبها الهلع مما ستراه
وستختبره، ولكنها لم تكترث بتحذيره وهو يُشدد على نطقه بالحروف واتجهت لتقف أمامه
ونظرت لهيئته ثم ركعت أرضًا وهي تقدم له ربطة العنق وتنظر لأسفل وتحدثت بنبرة لم
يُصدقها هو نفسه من شدة رضوخها:
-
أرجوك سيدي قيدني، أفعل كل شيء بي، أسمح لي بأن أرى كل شيء، أليس هذا
ما تحاول إخفاءه، أليس هذا سبب كل ما اتساءل عنه؟ من حقي أن اعرف كل ما تخفيه عني
وأنا زوجتك.. لذا افعل أرجوك! أنا موافقة على الأمر.. لو هذا سيجعلنا مثل أي رجل وامرأة
بزواجٍ طبيعي دون المزيد من الالغاز فأفعلها إذن!
تمنت أن هذه هي النبرة الصحيحة التي ستجعله يستجيب لما تريده، تمنت أن
يفعل ما تخبره به، فضولها تملكها بأن تعرف ماذا يخفي، ما الذي دفعه للتحول، ولعل
هذا هو تمامًا ما يُرضيه ويبحث عنه وسيكون هو الحل الوحيد لها وله بهذا الزواج،
فبعد ما رأته من رفقه ولينه بالأيام الماضية ولم تخطئ هي بأي شيء ولم يُنادي
بعقابه لها قد يجعله كل هذا أفضل قليلًا معها عن الأيام السابقة التي اختبرت
خلالها الأمر معه!
تريث قبل أن يجذ بها برفق من
ذراعها وقد علمت أنه يريد أن يمنعها عن الذي تريد أن تصل له وسحق اسنانه بقسوة ليتحدث متسائلًا بينهما بغضبٍ لاذع وهو ينظر لها
بعسليتيها ليُجن من شدة قبولها التي يراها بعينيها:
-
لماذا لا تنفذي ما أقـ..
أومأت له بالإنكار ثم عانقت قدميه من جديد وهي بداخلها الإصرار أن
تنتهي من الأمر، فإما أن تقبله هو نفسه بكل ما هو عليه وترى ما إن كان سيدوم
بينهما الهدوء بعدها، وإما عليها أن تقرر الابتعاد عنه للأبد بعد انتهاء اجازتهما وتوسلت
مرة أخرى:
-
سيدي أرجوك.. خذني إلى تلك الغرفة، أريد أن أرى كل شيء.. حدثني فقط إن
كنت تريد أو عاقبني أو افعل أي شيء ولكن أريد أن نصل سويًا للسعادة دون تفكير
وتشتيت وإخفاء الكثير من الأمور عن بعضنا البعض!
ابتلع متألمًا وحاول بشتى الطرق ألا يرمقها وهي تجلس بمحاذاة حذاءه
فهو بالكاد يحاول السيطرة على نفسه أمامها، ولكن تذللها واصرارها يفتكا به، تلك
الكلمات التي لا تعيها بأكملها ولا تفهم ما الذي ستصل إليه بعدها يجعله مشتتًا
وحائرًا بأن يفعلها، ولكنه كان يُريد هذا منذ الوهلة الأولى، منذ أن رآها ووقعت
فحميتيه عليها بمظهرها وكبريائها ليأتي الآن بعد أيامٍ من زواجهما وبعد محاولاته
في أن يوقف تلك الر غبة السا دية بداخله تخبره بهذا؟!
زفر وهو يحاول التخلص من هذا العبء الذي يثقل صدره كما حاول ايقاف صوت
افكاره الذي يؤلمه بمنتهى القسوة واخفض بصره بملامح فارغة من المشاعر ليسألها
بنبرة مُعتدلة ولكنها جامدة باردة ليس بها ما يُطمئنها ولا حتى ما يصيبها بالمزيد
من الخوف:
-
هل أنتِ متأكدة روان؟
استمعت لما سألها عنه وشعرت بالتردد بنبرته وهذا كان كل ما يحاول أن
يُخفيه خلال السيطرة على نبرته وملامحه بأن تظل فارغة من المشاعر ولكنه فشل بالأمر
تمامًا..
عرف أنه لا يستطيع أن يتحمل أكثر من ذلك ولكنه واصل زافرًا وهذه المرة
تجلى المزيد من التردد بنبرته:
-
أنا لست غاضباً الآن وقد..
قاطعته بسرعة بلهجة آمرة أكثر منها متوسلة ولقد أرهقت من كثرة تقلباته
الغريبة، هي فقط تريد أن تنتهي من الأمر وتحسم قرارها بشأنه:
-
حسنًا.. أنا أريدك أن تفقد سيطرتك معي.. أريد أن أرى كل شيء تمنعني أن
أعلمه عنك، أريد رؤية هذه الميول الغريبة التي سمحت لغيري أن يُشاركك بها، من حقي
أن أحظى بك في زواج حقيقي واشعر أنك لا تخفي عني شيء.. أريد بمنتهى القبول أن أجرب
الأمر هذه المرة دون أن تخبرني أنني مُعاقبة! أظن اننا كنا بخير منذ سويعات ونحن
نتراقص ونحظى بأمسية هادئة فيما بيننا.. لذا هذا حقي.. وهو حقك بي أنت الآخر أن
نتشارك فيما نريده نحن الاثنين دون قيود! افعلها رجاءً.. أنا موافقة على اختبار
الأمر معك!
أطلقت زفرة براحة بعد أن اخرجت تلك الكلمات التي تثقل صدرها بينما زفر
هو بتوتر وتبادلا النظرات فيما بينهما لوهلة لتبتلع هي في انتظار ما سيقوله فهذه
هي محاولتها الأخيرة معه ولكنه لم ينطق ولم يتفوه بحرفٍ واحد.. اكتفى بتفحصها
بثاقبتيه وكان رده فعلًا وليس قولًا وكانت موافقته لها عبارة عن جذ بة قوية ممتلئة
بخصلات شعرها البني الطويل بقسوة شديدة أسـ ــفل قد ميه حتى نهضت متألمة لتطلق تأوها
خافت لتراه يرمقها بنظراتٍ اكتسحتها الر غبة المُظلمة بقاع مُقلتيه وتلك آمرًا
بهدوء وهيمنة طاغية:
-
أخلـ ــعي ملا بـسكِ ثم استقري على أربع.. !!
يُتبع..