-->

الفصل الثالث - كما يحلو لي - نسخة حصرية (النسخة القديمة)


 رواية كما يحلو لي النسخة القديمة بقلم بتول طه 

حصريًا لمدونة رواية وحكاية


الفصل الثالث

ابتلعت وهي تنظر له لا تتقابل حتى جفونه ثم وجدته يتساءل بلهجة آمرة ونبرة صوت لائمت تلك الملامح الغريبة:

- فلتعيدي ما قلتِ للتو!

 

ساد الهدوء حولهما ولم يتخلله سوى تردد صوته الذي لائم ملامحه المخيفة فلم يكن منها إلا أن صمتت وانعقد لسانها الذي لم تدر لماذا تحول الآن للسان مُصاب بالشلل التام وشعرت بمزيد من الارتباك وهو ينظر لها هذه النظرات الغريبة ومقتربًا منها للغاية لتلعن بداخلها، ربما لم يجب عليها استفزازه وإغضابه منذ البداية! هل عليها أن تتراجع أمام هذا الوغد غريب الأطوار أم ما الذي عليها فعله معه؟

 

تكلم بنبرة أزادت ارتباكها حد الجنون وسألها وهو يحرقها بأعين ثاقبة تحمل شيئًا ما لا يُمكنها تفسيره ولا التعرف عليه:

- ألم تستمعي إلى ما قلت؟

 

تفقدته آخذة وقتها لتجد أن هناك المزيد من المشاعر قد كست ملامحه، العنف، المزيد من الغموض والهدوء المُخيف وظل ينظر لها بتلك الأعين التي تُربكها، هي حَقًّا لم تعرف كم ذلك الغضب بداخله الذي قد يندلع أمامها مُلحقًا إياها بلهيبٍ مستعر سيلتهمها إلي أن تتحول إلي رماد... فحديثها عن رجولته بمثل هذه الطريقة استطاع أن يحوله من الهدوء الذي يتظاهر به لبركان متأجج لا تخمد حممه وسيذيق كل من يقترب منه لاحتراق!!

 

تفقدت المزيد منه لتجد صدره من كثرة أنفاسه الغاضبة يتحرك عُلُوًّا وهبوطًا في صخب ثم وجدته قد مد يده يحاوط عنقها وتكلم بنبرة آمرة مهددًا بصوتٍ جهوري:

- فلتعيدي ما قلتِ وإلا أحذرك لن يعجبك ما سيحدث

 

أوجلها أكثر صوته الجهوري بصحبة مسكته على عنقها، هي لم تواجه مثل تلك التصرفات، لماذا يُمسك بعنقها هكذا؟ وتلك النظرات المُصاحبة لحديثه الغريب لماذا لا يتوقف عنها؟ ولكن لا، لن تقبل الهزيمة في هذه المعركة...

 

حاولت التحلي بالشجاعة، فهي ليست تلك المرأة التي ترتجف لمجرد مواجه مع وغد غريب الأطوار مثله، وحتى لو بدا كالوحش وسيقبع أمام عينيها بتلك الملامح عليها أن تواجهه، فهي تريد أن تعرف ما سبب كل تلك المُعاملة الغريبة والجافة من تجاهه لها فقالت محاولة إظهار عدم خوفها وسألته:

- ما الذي تريد أن تستمع له، لقد قلت الكثير! وأبعد يدك اللعينة عن عنقي!

 

على الرغم من تردد نبرتها الذي دل على ارتباكها وخوفها منه ولكنه كذلك كاد أن ينفجر من ذلك الكبرياء الذي سيقتله غضبًا وهو يحاول أن يُفتته وعنادها وجرأتها بالحديث ليقول محاولًا التحكم بآخر ذرات احتماله للأمر ثم عقب ببرود:

- كل ما قلتِ!

 

تفقدته برفض قاطع ورفعت يدها لتمسك بيده كي تُبعدها عن عنقها لتجد

ملامحه الثابتة لا تتغير بينما انعكست قوة يده حول عنقها وهي تحاول أن تتذكر ما قالته فلم تُسعفها ذاكرتها لتقول بصوت متردد مُغلف بانزعاج شديد من كل تلك الحالة الغريبة التي تواجهها وطريقته ولمسته على عنقها:

- لا أدري، ربما كل ما قلته كنت أعني به أنك لا تعاملني كزوجة لك، لذا لن آخذ في الاعتبار أنك زوج لي وأبعد يدك اللعينة عني أيها المختل!

 

هدأ صوته وتغيرت نظرته لتجده يتفحصها ولأول مرة بإعجاب وزاد من قبضته على عنقها وكأنه يفعل نقيض ما طالبت به:

- جيد... لا زلتِ تتذكرين فلتُكملي إذن! كرري ما قلتِ!

 

اندلعت الدهشة على ملامحها المصدومة من طريقته وهدوئه وبدأت حَقًّا في الشعور بالاختناق بفعل يده التي لم تنجح في إزاحتها لتصيح به:

- أيها المختل لا أتذكر وأبعد يدك عني! لن أقول شيئًا حتى تُخفض يدك وقتها سأتكلم!

 

هدرت أنفاسه المتثاقلة في استمتاع برؤيتها تُعاني فقط بوضعه ليده حول عنقها ليُزيد من فعلته لتبدأ هي في عدم تحمل ما يفعله وشعرت بخوف غريب، هي لم يقم أحدًا أبدًا بفعل شيء مماثل معها طوال عمرها فتعالى لُهاثها لتصرخ بصوت متقطع:

- أبعد... يدك... عني...

 

تظن أنها ترى طيف ابتسامة شاحبة تتلاعب على شفتيه فوق لحيته وأسفل شاربه لا تدري ما المُضحك في الأمر الآن ولماذا ملامحه فجأة قد كـ ـساها إعجابًا غريبًا ربما هذا ما استطاعت فهمه ولكنه لم يتوقف عند هذا فحسب بل دفعها لأحد الجدران وهو يُحرك جسدها كي يستقبل دفعته لها بل وأزاد من قوة يده حول عنقها ليزداد لهاثها، هي لا تشعر بالاختناق فقط بل هناك تشويشًا غريبًا وكأن رأسها تدور أو لا تعمل مثل السابق هي لا تعلم ما تلك اللعنة التي تصيبها ليباغتها من جديد بنفس نبرته الجامدة التي لا تهتز:

- لن يحدث حتى تكرري ما قلتِه...

 

نظرته الآن تحولت بشكل غريب، ووجدت ملامحه تبعث الخوف بها، تبعث الفزع بكل حواسها وهي لم تواجه مثل هذا الموقف من قبل فآتى صوتها متقطعًا خائفاً وقد ترقرقت عيناها بالدموع أثر محاوطة قبضته لرقبتها فهمست بتلعثم:

- أنت لا تعاملني كزوجتك

 

تغيرت نظرته في ثوانٍ لتجده يتفحصها ولأول مرة بإعجاب وزاد من قبضته على عنقها وهدأت نبرته وهو يشجعها على قول المزيد:

-       فلتُكملي...

 

تقطع حديثها مرة أخرى وهي تواصل:

لن آخذ في الاعتبار أنك زوجي... كما أنني أرى أنك... لست رجلًا

 

عند هذه الكلمة اشتدت يده على عنقها فأسرعت في النهاية وهي تقول:

-       وليس بك أي ملامح من الرجولة فلتدعني وشأني... آه أنت تخنقني

 

بدأت في الشعور بقلة وصول الدم لرأسها يزداد أكثر ولكنه لم يدعها ولم يفلتها بينما سألها بمنتهى البرود:

-       ولماذا تظنين هذا؟

 

بالغ في عدم إظهار أي مشاعر سوى الإعجاب بما يراه أمامه الآن لتجيبه هي بوهن:

 

-       اللعنة أنت لم تقترب مني منذ أن تزوجنا وتباً لك أشعر بالاختناق

 

وجدته يستمر بالنظر لها وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة إعجاب وبدأ في ملاحظة زيغ عينيها فأرخى قبضته قليلًا وهمس بصوت خافت مستفهم:

-       أتريدين أن أقترب منك؟

 

شاهدته بتعجب بينما بدأت في التركيز بعد أن استطاعت التنفس ولكنها لم تستطع أن تجيب عن تساؤله فاستمرت في صمتها ولم تدر ماذا عليها أن تقول لتجد يده الأخرى تمتد لمؤخرة رأسها وتجذب شعرها بعنف وأمرها بتسلط لم تره قط من رجل أمامها:

-       أجيبي

 

استفزها كثيرًا حتى شعرت أنها ستفقد عقلها، هي تعاني وتلهث بينما هو في كامل هدوئه فحدثته بمنطقية ساخرة:

-       أوليس هذا ما يفعله الرجل وزوجته؟

 

كافحت وهي لم ترد أن تتأوه كي لا يشعر بضعفها فما منه إلا أن جذب شعرها أكثر فصرخت متأوهة ولم يكترث هو إلا لما يريد أن يحصل عليه منها وهدر صوته مُنبهًا:

-       لقد قلت لكِ قبل ألا تجيبينني بسؤال أليس كذلك؟

 

انهمرت دموعها من الألم ثم همست متوسلة:

-       آه... أرجوك أن تتركني أنت تؤلمني

 

لم تدر ماذا فعلت تلك الجملة المتوسلة به، كما أعجبه توسلها هذا وهي أول مرة أن تفعلها فهمس لها عكس هدير صوته السابق:

-       فلتجيبيني إذن... فقط هذه المرة سأكرر ما قلت، أتريدين أن أقترب منك؟

 

كرر عليها ما سأله منذ ثواني وتفحص وجهها الباكي والآلام التي كستها وبدأت أنفاسه في التثاقل فلم تجبه فأخذ يشد شعرها بين يديه أكثر مما جعلها تصرخ لتجيبه بأي شيء حتى يتركها وشأنها فهي لم تعد تطيق التحمل:

-       اللعنة بالطبع أريدك أن تقترب مني... آه اتركني أرجوك، لا أتحمل الألم

 

 

رضاء تام وصل له بتشف بعد استماعه توسلها ورؤيته بُكاءها لتراه يخفض يده من شعرها ويده الأخرى استمرت في محاوطة جيدها فتوقفت عن ذرف الدموع وبعد أن نظر لها مَلِيًّا بسواد عينيه سألها مبتسماً بشر:

 

-       أو تعلمين لماذا لم أقترب منك؟

 

ما كان منها إلا أن ابتلعت بصعوبة وهزت رأسها نافية لتراه يقترب منها حتى دنت شفتاه من أذنها وبدأ في التحدث بصوت خافت أكثر من السابق جعل القشعريرة تسري بجسدها كمجرى الدماء:

-       لأنك عا هرة تخالف كل ما أقول، تعصاني كل مرة أخبرها بشيء فتفعل عكسه

 

لاحظ كيف أثارتها نبرته المتكلمة واستجابة جسدها المقشعر وكيف أغمضت عينيها فأخذت يده اليمنى بالانخفاض لثديها والأخرى ألتفت بخصرها وأكمل حديثه:

-       ولأنني لن أقبل إلا أن تنفذ أوامري، وسماعك ما أقوله جيدًا

 

أكتسب صوته نشوة من نوع آخر أو هكذا ظنت فبدأ بتعـ رية فستانها القصير من أعلاه وآخذ في ملامـ ـستها وواصل حديثه لها بنفس الخفوت:

-       ولقد نسيت أن هناك الكثير من العقاب ينتظرك بسبب مخالفتك لأوامري

 

حرك وجهه ليتلامس وجهاهما وأقترب من شفتيها لتأجج أنفاسه الساخنة إحساسها بالإثارة أكثر وهي ما زالت موصدة عيناها فتريث وهو يتابع كلماته بنبرته المُثيرة:

-       ستعاقبين أولاً لمخالفتك أوامري ثم لننظر... قد... أقترب... من... زوجتي... حينها!!

 

عرف بمنتهى البراعة كيف يلهو بأوتار مشاعرها ليراها تقترب بشفـ ـتيها منه فأخذ هو بالابتعاد حتى سكت وفتحت هي عيناها.

 

نظر لها كمْ كانت منتـ ـشية وعيناها زائغتان كأنها في عالم آخر بينما سألته بصعوبة متلعثمة وأنفاسها تتهدج:

-       عقاب ماذا؟


ابتعد عنها لترى أنها تكاد أن تكون مجـ ردة من صــ ـد ريتها وحاولت السيطرة على كل ما تشعر به من إثا رة جراء ما فعله بها وأدركت لتوها أنه قد فعل الكثير دون إدراكها، متى استطاع تجر يد ها هكذا من ثو بها؟ هل هذا عندما أغلقت عينيها؟ ما كل تلك الترهات التي نطق بها؟ عقاب! حَقًّا؟! أهي لا زالت بالمدرسة ولا تعرف؟ أم تقوم والدتها بتربيتها؟ أهي طفلة لتُعاقب؟! حسنًا ... هذا الرجل مختل بالتأكيد!!

 

استعادت وتيرة أنفاسها بعد لحظة وهي تتابعه بعسليتيها يغادرها وجزئها العلوي شبه عا ر فارتدت ثوبها مرة أخرى وتقدمت بخطوات سريعة لتتبعه ليباغتها بالالتفات فجأة وكادت أن تتحدث ولكنه أسرع وبادر هو بالحديث بمنتهى الهدوء المُستفز وحافظ على ثبات ملامحه عكس ملامحها التي كـ .ـساها الاحمرار بل والإ ثارة التي تحاول التخلص منها كي تستطيع أن تتكلم معه وترد عليه وعاد لجفائه وبروده مرة أخرى وأجابها بنظراته الثاقبة المتفحصة لجسدها:

-       إذا كنتِ موافقة أن تُعاقبين عن كل أخطائك فلتعلميني...

 

ذهب للخارج وتركها كمن لم يكن بالقرب منها منذ عدة لحظات قليلة مضت لتشعر بالإهانة وكأنه مثلًا كان يُريد شيئًا وحصل عليه ثم أنهى استخدامه لهذا الشيء وتخلص منه بإلقائه في سلة المُهملات لتسيطر الدهشة المختلطة بالاستغراب على ملامحها وهي تُفكر، عقاب ماذا الذي ستوافق عليه؟!

--

حاول أن يتظاهر بأخذه للخطوات بمنتهى الهدوء بينما بداخله كان كالبركان الثائر، عقله يصرخ بالكثير، ولكنه كان دائمًا بارعًا بالمحافظة بشدة على ما يعكسه مظهره وعلى ما تعكسه تصرفاته، ولو كان غير ناجح لما كانت هي فهمت أنه لا يريد التعامل معها بالأيام السابقة...

 

استمر فيما يفعله لعلها تُراقبه بتلك العسليتان التي لم يرهما بملامح أنثى قط، فإذا أردت أن تقتل أحدًا عليك أن تتجاهله وتجعله يشعر بأنه غير موجود وليس هناك قيمة لتواجده، وهذا ما يفعله وسيكمل فيه فجذب كتابًا ليطالعه وبينما كان يبدو ناظرًا للحرف بتركيز إنما في الحقيقة هو لا يدري ما المكتوب ولا يُفسر منه شيء وعقله لا يتوقف عن الصياح:

- اللعنة عليكِ... اللعنة على تلك الشفـ ـتين وهذا الخصر النحيل... تلك المؤ خرة الرائعة التي أردتِ أن تريها تهتز لكل لاهث ويفترض أن أرها أنا وحدي... سأتملكك برضاك روان... ستركعين أسفل قداماي كي تتمني أن أرضى عنك ولكن الصبر جميل، سأفتت ذلك الكبرياء العنيد الذي لا يتحرك وستقرين بذلك بمحض إرادتك...

 

كاد الارتباك أن يفتك به والأفكار تتصاعد بداخل عقله، أصوات كثيرة هنا وهناك تصيح به، لو كان انفجار الرأس يحدث للبشر فعليه أن يكون ما يمر بعقله تمامًا في هذه اللحظة بالتحديد...

 

ولكنه لن يدع نفسه وأفكاره لتهيم، كما أن الطرق على الحديد وهو ساخن أفضل الطرق لتشكيله كما يرغب، وهذا بالفعل ما سيفعله الآن ولن يترك الفرصة لتضيع من بين يديه...

 

أغلق الكتاب ووضعه جانبًا وعلى الرغم من الحمم التي تسير بعروقه بدلًا من الدماء كل تحركاته وخطواته بدت في منتهى الهدوء والبرود الذي لو رأته سيستفزها بالتأكيد ولكن لسوء حظه ولوقوف القدر في صفها هذه المرة لم تكن متواجدة...

--

-       عقاب!! بأحلامك أيها المتملك الوضيع، وأنا لست بعا هرة!

صرخ عقلها بينما انتهت من كم المياه المثلجة التي حاولت أن تهدئ به إثارتها ثم ارتدت قميصاً خفيفاً وردي اللون واتجهت للسرير وأشعلت حاسوبها وأخذت في البحث حتى أُرهقت فأغلقته!

-       اللعنة!! أتزوجت رجلاً سا ديا؟!

 

تمتمت لما أدركته لتوها وكيف لها أن تكون بهذا الكم من الغباء، فهو كان واضحاً منذ أول يوم كبزوغ الفجر.

كيف لها ألا تلاحظ بعد ما قاربت على معرفته لشهرين، هل ستتنازل له؟ هل ستدعه يُمارس معها كل ما أدركته لتوها من عقاب وعنف وتحكم وتملك وَتَسَيُّد؟

حاولت أن تنام وأخذت الشراشف لتحاوط جسدها به ولكن لم تستطع. فكرت كثيراً بأن لم يكن لها تجارب جنسية ولا حتى عاطفية، وموت والدها لم يدع لها مجالاً أن تُفكر بهذا كثيراً فهي لم تتوقع أن تكون أنثى خاضعة من قبل.

 

هو زوجها في النهاية ولكن أين ما تعودت عليه من كبرياء؟ أين لحظات الرومانسية التي ظنت أنها ستختبرها عند زواجها وهو كل ما يستمتع به إيذاء الآخرين؟ هي أيضاً لم تعرف شيئاً عن هذا العالم الغامض. أخذت تفكر وتفكر وكمْ آلمها ابتعاده عنها بمثل ذلك الجفاء وفجأة شعرت بباب الغرفة يتحرك فتصنعت النوم وهي تعتريها الدهشة ماذا آتى به وهو ينام منذ أول يوم بغرفة أخرى.

--

أغلق الكتاب ووضعه جانبًا وعلى الرغم من الحمم التي تسير بعروقه بدلًا من الدماء كل تحركاته وخطواته بدت في منتهى الهدوء والبرود الذي لو رأته سيستفزها بالتأكيد ولكن لسوء حظه ولوقوف القدر في صفها هذه المرة لم تكن متواجدة...

 

أدرك أنها بغرفتها ففتح الباب ليلمح تحركها بفراشها فأدرك أنها تتصنع النوم فأقترب نحوها وشعرت هي به يتكئ ليعـ ـتليها دون أن يدع جـ سده يتلمـ ـس جـ ـسدها بالكامل وأخذ في ملامـ ـسة وجهها بظهر يده مما غلف قلبها رعبًا لاقترابه منها مجددًا لثاني مرة بنفس الليلة فهو كان يُعاملها وكأنها غير متواجدة بالحياة فتسارعت دقات قلبها عما قد يُريده منها وآتى به إلى هُنا لتستمع لهمسه الآمر:

- أعلم أنكِ تتعدين النوم... افتحي عينيك وانظري لي

 

فتحت عينيها تِلْقَائِيًّا وليس اِنْصِيَاعًا لرغبته ونظرت بعينيه اللتان كانتا مليئة بأشياء كثيرة لم تتعرف عليها ولم تعتد رؤيتها بعينيه، لم تكن تعرف أنه يبدو هكذا عندما تشتعل الرغبة بعينيه.

 

دفن وجهه بعنقها يُلثـ ـمها وأخذ في التحدث قرب أذنها مما جعلها في حالة عدم تركيز وسألها وهو كالعادة ينتهج خبثه في التعامل معها، يريد أن يستخدم الإ ثارة كورقة ضغط على جسد فتاة لم يسبق لها التعامل مع رجل حتى تنطق بكل ما يبتعد عن العقل والمنطقية:

- هل قررتِ؟

 

أستمر في تلثـ ـيمه لها ولكنها لم تدرك حقاً ما قاله، فهي الآن تموت شوقاً لتقبله، لماذا الأمر صعب معه؟ لماذا هما ليسا كبقية الأزواج؟ حتى تلك المشاهد الرومانسية التي رأتها يومًا لم تُشبه أي مما يحدث بينهما! ولماذا عليه أن يُحدثها وهو مقترب منها بهذه الطريقة الحمـ ـيمة؟ لماذا هي الأخرى لا تستطيع التركيز وقول جُملة واحدة تستطيع أن تُكونها بمنطقية؟!

حاولت تلمس رأسه وشعره الذي راقها منذ أن رأته أول مرة لتجد تلثـ ـيمه يزداد لها وبدأت تدرك تلك العضـ ـات التي يوزعها على رقـبـ ـتها وبدأت تتجه للأسفل أعلى مفا تنها، حسنًا هل هذه هي اللحظة التي سيحصل عليها كزوجة وستبادله هي كزوجها؟

- هل أنت موافقة؟

 

سألها مرة أخرى فلم يحصل منها إلا على همهمات استمتاع وحاولت تنظيف حلقها للإجابة بعد أن استمعت لسؤاله بينما ما يفعله بها كان أكثر مما تعرفه ومما تستطيع تحمله لتشعر بشتاتها يزداد ورغـ ـبتها الفطرية تمنعها عن كل شيء سوى المطالبة بلحظة حميـ ـمية مع زوجها فقط... هذا كل ما تستطيع التفكير به الآن!!

 

ابتسم هو في زهو واختال بقدرته على تملكها فقط بفعل القليل وبدأت يده بجذب شعرها مرة أخرى ولكن بلطف ليس كالمرة السابقة وبالغ في فعلته ليجدها تتوسله بكلمات مُتلعثمة:

- عمر... ما تفعله بي يجعلني... أريد المزيد... أنا لا أستطيع التحدث الآن 

 

همست وسط نشو تها والإ ثارة الجمة التي تشعر بها، لم تفهم أنه خبيث بشدة بما يفعله، هو حتى لم يُقبلها بحنان أو مودة كالتي يستخدمها الرجال مع زوجاتهن، ولكنها تفتقر لمثل تلك الخبرة، هي تعلم القليل وليست لديها التجارب ولا حتى صديقات ليخبرنها بما يجب أن يحدث بمثل تلك الأوقات!

 

لم تكن إجابتها التي يرجوها ويرغبها، لذلك سألها للمرة الثالثة:

- أعلم أنكِ تريدين المزيد ولكن علي أن أعقابك على كل ما فعلتِ... هل توافقين؟

 

 وجدت شـ ـفتيه تتلمـ ـسان المزيد من مفا تنها التي برزت عنفًا مما يفعله بها ولكنها انتبهت على صوته الذي تخلل مُقدمات مما رستهما الحميـ ـمة الأولى... أليس ما يفعله يُعتبر مقدمة؟ أم ما الذي يفعله لو أنها مخطئة؟ تأوهت بغتةً دون أن تدرك متى خلـ ـع عنها ثيا بها ووصل لما يتلـ ـمسه الآن لتتوسله متأوهة:

- عمر... أرجوك كفى...

 

توسلت له ولكنه استمر فيما يفعل وأخذت يديه تدا عب عنقها وخلف أذنها ومن ثم إلى شفـ ـتيها وأخذت في الانخفاض أكثر حتى رفـ ـع ثو بها القصير وامتدت يد اه ليجد انعكاس استجابة جـ ـسدها بثو بها التحتي الذي أعلن له عن اقترابه لمراده منذ أن رآها.

أزاد من حدة تلثـ ـيمه لجـ ـسدها وآخذ في رسم علامات على بد نها وقد أيقن جيدًا ما يفعله سيوصله حتمًا عما قريب بإقرارها واستماعها تنطق بأنها تُريد العقاب...

 

أمّا عنها فهي فتاة لأول مرة تواجه كل ذلك، لم تتعرف قط على تلك الأحاسيس من قبل ولم تدرك أنها وقعت فريسة ليدين خبيرتين يفترسانها بمنتهى الخبث ويجبران جـ ـسدها على الاستجابة الفطرية.

 

لم تتوقف عن الأنين والهمهمات وتارة الصراخ المكتوم لشعورها بالخجل، مُشتتة بين النظر إلى نفسها كامرأة لا تريد سوى مما رسة علا قة حميمة مع زوجها وخصوصًا أنها فتاة لطالما أطرى الكثير على ملامحها ولكنها فقط كانت تحتفظ بمثل تلك اللحظة للرجل الذي سيصبح زوجها، وبين أن الزواج الناجح ينتج عنه مما رسات مليئة بالر غبة وتقبل الزوجين وبعدها أطفالًا تريد أن تنجبهم... وما يفعله بها ليس هينًا... لم تكن تعلم أنه سيجعلها تشعر هكذا!!

 

همست بعد أن وصلت لأقصى حد من التحمل استطاعت أن تجده وتوسلت له:

- أتوسل إليك... كفى... توقف... الأمر يتحول إلى... أنا لا أعرف

 

توقفت عن التحدث وتفقدته لتقول بصوتٍ مهزوز:

- أنا لا أدري ما الذي تفعله، كأنك تقترب ثم تبتعد وهذا يُثير جنوني! توقف وإما تكمل الأمر لنهايته!

 

ابتسم بعدم إعجاب لسماعها تلك اللهجة الآمرة منها ولوهلة شعر وكأنما هي من تتحكم بالأمر وهي من تُخيره، ربما ملكت أنوثتها عليه سُلطانًا لعدة لحظات ولكنه خبيرًا بالتحكم بنفسه والسيطرة على جـ ـسده أمام النساء، ولن يُكمل هذا حتى يحصل منها على الإذعان التام بتحقيقه لرغبته فسألها مرة أخرى:

- وماذا عن عقابكِ؟ أجيبي!!

 

شعرت بوطأة عذابها أسفله بكل ما يفعله بها ثم همست له بلهجة سريعة في لحظة من غياب عقلها:

-       سأفعل كل ما تريد... سأعاقب مثلما تريد... ولكني أريدك

 

لم تدر كيف تفوهت بهذا وغادرت تلك الكلمات ثغرها في لحظة من ضعفها لتجده يبتعد عنها وينظر لها بخبث وابتسامة تعتلي شفـ ـتيه فشعرت بتلك القشعريرة في جـ ـسدها جراء ابتعاده عنها، كانت قشعريرة الإحباط التام وبتر لما أ ثار فطر تها الأنثـ ـوية به بينما سألها باعتدال بنبرته وقد تبدلت الشهـ ـوة بصوته ليحل مكانها جدية صارمة علها تدرك ما قررته:

-       أواثقة مما تقولين؟

 

سكتت هنيهة وفكرت لدقيقتين ثم هزت رأسها بالقبول وعقبت متلعثمة:

-       لو سيكون الأمر، أقصد، لو سنكون بخير بعدها مثل أي رجل وامرأة متزوجان

 

اقترب منها ملثـ ـمًا عنقـ ـها ومنها إلى مفا تنها وهمس لها آمرًا بمكر شديد:

-       انطقي بها إذن

 

أزاد من حدة ما يفعله كي يصل لقبولها وإذعانها بل وخضوعها الذي يتحرق شوقًا له ليتأنى بفعلته وعاد من جديد تسلطه الخفي بجـ ـسدها لتهمس بأنفاس لاهثة عله يُكمل الأمر للنهاية:

-       أريد عقابك... أرجوك عمر أفعل أي شيء تريده ولكن لا تبتعد عني...


يُتبع..