-->

رواية مملكة الذئاب black الجزء الثاني - بقلم الكاتبة زينب عماد - الفصل الرابع


رواية مملكة الذئاب Black الجزء الثاني 

بقلم الكاتبة زينب عماد 







الفصل الرابع 

رواية 

مملكة الذئاب Black 

الجزء الثاني 


"من قال أن المصيب وحده من يتألم...

فقد رأيت أُماً قد ماتت ألماً لفراق صغيرها الذى أُخذ منها قسراً"


❈-❈-❈


كانت الأجواء مشتعله...فقد كان الجيشان يتلاحمان بقوة فى معركه ضاريه...رائحة الهواء ملطخه بالدماء كما كان هناك الكثير من المصابين من كلا الطرفين... كما لم تحسم بعد لمن الغلبه..فكلا الطرفان متساويين حتى الأن...مما سمح لهم بإتخاذ هدنه ليقوم كلا منهم بأخذ مصابيهم ليتم علاجهم....


كان إستيفان يجلس على مقعده ينظر أمامه بشرود ولا يظهر على وجهه أى تعبير يذكر...من يراه يدرك شدة تركيزه بما يفكر به...كما يظن الجميع أنه يفكر بوضع خطة جديده للإطاحه ب نيكولاس...وهو بالفعل كان يفكر بهذا إلا أن جميلته عادت لتحتل تفكيره ببكائها الحاد قبل رحيله...وتشبسها به كطفلة صغيرة تأبى رحيل أبيها...أغمض إستيفان عيناه بغضب من نفسه لأنه هو من تسبب ببكائها...إلا أن هذا ما توجب عليه فعله ك ملك لحماية رعيته....


عاد إستيفان من شروده وهو يرى ديفيد وألفين يدلفون للداخل....وملامح الغضب مرتسمه على وجه ديفيد وهو يقول بإنفعال:أقسم ألا أمرر لك ما فعلتك معى إستيفان....إرتفع حاجب إستيفان بسخريه قائلا بلامباله:أنا لا أفهم سبب هذا الغضب ديفيد...ف هى من أصرت على القدوم وأنا لم أستطع رفض رجائها... 


اقترب منه ديفيد وهو يقول بشرار يتطاير من عينيه بثيابه الملطخه بالدماء وتلك الجروح المتفرقه على جسده التى لم يعبأ لها:واللعنه لقد كادت تقتل ثلاث مرات حتى الأن لو لم أكن جوارها...أقسم إن اصابها مكروه فسوف أجعلك تلتحق بها...


حاول ألفين أن يهدأه قائلا بتريث:فالتهدأ ديفيد هى بخير الأن...ولن يصيبها مكروه فنحن نحميها...نظر له ديفيد هو الأخر بغضب مجيباً إياه:اللعنه على الهدوء الذى تتحدث عنه...ثم خرج من الخيمه وشياطينه تسبقه....


نظر ألفين ل إستيفان نظرات ذات مغزى فقال إستيفان بقوة:لا تدعى الفضيلة ألفين فأنت بقرارة نفسك اردت قدومها معنا....فأنت الأخر ترفض خسارته لهذا فالتكف عن إدعاء اللامبالة فهذه ليست إحدى خصالك...أنهى حديثه هو الأخر وهو يتجه نحو الخريطه ينظر لها بعمق...بينما لم يجيبه ألفين لأنه يعلم أنه محق...


لهذا اقترب ألفين ليقف جواره قائلا بتسأل:متى تظن أنه قد يستخدم رجاله؟!..أجابه إستيفان وهو لايزال ينظر لما أمامه بتركيز:لن يفعل الآن بل سينتظر الوقت الذى سنهزمه به...حينها سيقرر أن يفاجئنا... 


أومأ له ألفين بتفهم قائلا بحاجب معقود:ألن تخبرنى ما الذى حدث اليوم أثناء قتالنا بأرض المعركه...كيف يستطيع جندى إسقاط سيفك بل وكاد يقتلك لولا تدخلى...أنا لم أقتنع بما رأيت إستيفان فهل تكرمت وأخبرتنى ما الذى يحدث...


نظر له إستيفان قائلا بإبتسامة رأها ألفين إستفزازيه:

حديثك ليس مشابه لحديث الجميع أل...ألم تسمعهم يهتفون أننى أقاتل بشراسه....ظهرت ابتسامة ألفين التى تشبه إبتسامة صديقه ولكنها ساخره قائلا:هذا فقط أمامك عزيزى إلا أنهم من خلفك يتحدثون عن الضعف الذى أصبحت به...وأنك لم تعد كالسابق حتى استطاع جندى إسقاطك...


نظر له إستيفان ببرود قائلا:وهل تظن أننى اهتم لرأى لأحد بكيف أقاتل؟!..أومأ له ألفين قائلا بثبات:بالطبع يجب أن تهتم...فضعفك يعنى ضعف جيشك...وهذا سيهبط من عزيمة جنودك...كما أننى متيقن أن ما حدث اليوم بأرض المعركه....تدواله الجميع من صفوف العدو الذى سيستهين بقوتك وبجنودك.... 


ختم ألفين حديثه بحده طفيفه فهو لا يدرك ما يفكر به إستيفان كعادته.....هو يثق به إلا أن افعاله هذه ستجعلهم يخسرون الكثير....فلا أحد يستطيع تنبؤ ما يفكر به....


كانت نظرات ألفين الثاقبه تراقب وجه صديقه الخالى من التعبير والذى لم يجبه سوى بكلمتين لا ثالث لهم:وهذا ما أريد الوصول له... 


تنهد ألفين بإرهاق مدركاً أن إستيفان لن يخبره بشئ طلما لا يريد هو...بينما عاد إستيفان لشروده هو يعلم أن ما خطط له سيأخذ القليل من الوقت...إلا أن ما سيحققه بالنهايه يستحق الصبر من أجله...فهو يقسم أن يجعل هذا النيكولاس عبرة لكل من تسول له نفسه أن بإستطاعة هزيمة مملكه الذئاب او إخصاعها....


❈-❈-❈


وصلت فكتوريا وأليس للقصر الملكى بعد معرفتهم بإختفاء إدريان واوريليوس...وذهاب سابين وجورج وبعض الحرس للبحث عنهم...كانت حالة جوليا مخيفه فقد فقدت الوعى لثلاث مرات إلى الأن...

حتى هدأت تماماً ولم تعد تتحدث....فقط تبكى بصمت وهى تنظر أمامها بشرود....وداخلها يشتعل فقد ألقت اللوم على ألفين الذى رحل دون إخبارها بشئ....وكأنها لا تعنى له شئ وكذلك فعل صغيرها كما فعل والده...أرادوا تحطيم فؤادها وتجريد روحها عن جيدها وقد نجحوا بذلك ببراعه... 


بينما كانت سيلا تحيطها من اتجاه وكيت من الجهه الأخرى....فى محاولة منهم لعلها تشعر بأنها ليست وحيده...تقابلت فكتوريا وأليس ميلسيا التى استيقظت من سباتها منذ قليل...وأخبرنها بكل ما حدث وهن بطريقهن لغرفة جوليا....ف سابين قد رحلت منذ قليل...


كانت ميلسيا تسير معهم وهى تشعر أنها تحلم وأن ما اخبرتها به فكتوريا لم يكن حقيقى....إلا أن بكاء فكتوريا وأليس أكدوا لها ذلك...فأسرعت بخطواتها هى الأخرى ولكن لم تذهب معهم لغرفة جوليا فهى بجانبها الكثيرون...بل ذهبت لمكتب الملك نحو ماكس المسؤل عن الجميع أثناء غياب إستيفان...


وصلت ميلسيا للمكتب ودلفت دون طرق الباب وهى تقول بإنفعال:ماكس...ولكن لم تكمل حديثها فقد وجدت ليليان هى الأخرى أمامها...وملامح وجهها تتشابه كثيراً مع ملامح وجهها...ثم وجهت نظراتها ل ماكس الذى قال بثبات رغم القلق الذى ينهش قلبه فهو يعلم سبب حضورها إلى هنا هى الأخرى:لا أظن أن الصغار سيعودون حين تصرخون بوجهى...لهذا سيكون من الجيد تركى افكر بحلاً لهذه الكارثه قبل أن يتصاعد الأمر وتحدث كارثه نحن بغنى عنها...


أنهى ماكس حديثه بصرامه شديد مما جعل السيدتان تنظران لبعضهم بثبات...وتقول ليليان بتفهم:حسنا لك ذلك....وسارت تجاه الباب وهى تأخذ ميلسيا معها للخارج ويغلقن الباب خلفهن بهدوء...


جلس ماكس على مقعده من جديد وهو يضع رأسه بين يديه على المكتب...ولم تمر سوى لحظات من السكون وقام بصفع المكتب أكثر من مرة بكلا كفيه وهو يلعن بغضب:اللعنه لقد نجحت أيها اللعين بإشعال غضبى إستيفان...كان يتنفس بقوة وهو ينظر أمامه بغضب....خاصة إلى تلك الرسالة اللعينه التى وجدها أمام مكتبه بعد رحيل إستيفان بساعات قليله...يخبره بأن يبعث رسالة للعجوز بيترس وذلك ليس قبل أن يمر على رحليه سوى ثلاثه أيام طالباً مساعدتها...


قد يظن البعض أن فحوى هذه الرسالة لا تصيب قارئها بالغضب والقلق كما يظهر على ملامح وجه ماكس....إلا أنه يعلم الرسالة الخفيه التى تقبع خلف هذه الكلمات القليله....


فهذه العجوز رغم رعبها من الحيوانات إلا أنها قامت بترويض الكثير من حيوانات أكثر شراسه...وهم رجال كان يتم معاملتهم كالحيوانات كما كان يفعل دراكوس مع إستيفان بصغره...رجال حاربوا بشراسه وقتلوا الكثيرون من أجل قطعه خبر عفنه...ولقد فعلت ذلك لأنها رأت ما فعله دراكوس ب إستيفان... وكيف أصبح صغيرها الهادئ كثير الغضب ويتصرف كالحيوانات بالكثير من الموافق....


وهذا عصف بقلبها فهى تحبه بشده مما جعلها تجوب البلاد والممالك لتحرير كل من تمت معاملته ك صغيرها....وقد وجدت الألف منهم فقد كانت هذه من أشهر التجاره التى كان يهوها الأغنياء...ولكنها منعتها بمملكتهم...وسمحت لهؤلاء الرجال بالبقاء بجزيرتها الخاصه...التى لا يذهب إليها أحد سوى بموافقة منها....حتى وصل عدد رجالها هناك أو كما تدعوهم هى صغارها فوق ال مئات الألف من الرجال...الذين يزرعون ويقومون ببناء المنازل الخاصه بهم على هذه الجزيزه....وهذه العجوز بنظرهم هى الأم التى حررت صغارها من صك العبوديه...كما انها تظل بجزيرتها اغلب العام لرعايتهم... 


إلا أنها تعود للمملكه بين كل فنية والأخرى للإطلاع على أحوال المملكه من حين لأخر...بقصرها الصيفى لمعرفة ما حدث أثناء غيابها...


قد يرى الكثيرون هذه العجوز غير ودوه ومتسلطه...

كما كنا نظن بصغرنا...إلا أنك إذا اقتربت أكثر لرأيت سيدة نبيلة رفضت الزواج من أجل رعايه شقيقها الأصغر حتى يتولى مقاليد الحكم....ويكون ملك قوياً يخشاه الكثيرون...وهذا الجيش الذى صنعته كان من أجل إستيفان....


فهو لايزال بتذكر اليوم الذى طلبت بحضور إستيفان وهم معه.....لتجعلهم يرون الرجال الذين صنعتهم من أجل إسيفان وحمايته...فقد أخبرته علناً أن هؤلاء الرجال طوع إشارة منه...فإذا أراد غزو العالم فليس عليه سوى طلب ذلك منها...


عاد ماكس من شروده وهو يتنهد بيأس مما سيحدث بعد إرساله لهذه الرساله...وأخد ورقه بيضاء وبدأ يسطر بها خطوطه بسلاسه....يخبرها عن طلب إستيفان فى مساعدتها...وليس ذلك فحسب بل إن ليوس قد إختفى...والملكة بنفسها قد ذهبت لتبحث عن صغيرها قبل أن يقوم أحد رجال نيكولاس بالإمساك به....وحينها سيخسرون الكثير... ختم ماكس رسالته وطلب من أدمز أن يأخذ الرسالة ويقوم هو بالذهاب لإرسالها للسيدة بيتريس بنفسه 

لا غيره...وينتظر إلى أن يستلم منها رداً على طلبه...


❈-❈-❈


كانت سابين وجورج والجنود يركضون بخيولهم خلف كيشان وركان لتتبع أثر الصغيرين....وما ساعدهم على ذلك أن كيشان كان يتتبع اثر صغيريه أيضا....لهذا تركت له سابين القياده...وبعد مرور ما يقارب نصف يوم من الركض المتواصل دون راحه... إضطرت سابين للتوقف لإراحة الخيول وإطعامها لمدة ساعة على أقل تقدير...خلال هذه الساعه كانت تجلس جامدة لا تتحدث....وكلما حاول جورج أن يبث الطمأنينة بقلبها كانت تنظر لعينيه بجمود قائله:أنها ليست بخائفه وأنها متيقنه أن الصغيرين سيكونان بخير...


يعلم جورج أنها خائفه من حدوث شئ للصغيرين بل إنها مرتعبه...إلا أنها لا تظهر هذا لأحد لهذا صمت هو الأخر حتى مرت الساعه....وعادوا لإستكمال رحلة بحثهم.....وما كان يريح قلب جورج أنهم لم يلتقوا بأحد من رجال نيكولاس أو أتباعه حتى الآن...وهذا يعطيه شعور أن الصغيرين لايزالون بأمان.... 


كما تمنى جورج أن يتحفظ الملك آيدان على الصغيرين لديه إلى أن يصلوا إليهم...أو أن يصلوا هم إليهم فطريق الوصول للملك آيدان يحتاج ليومين أو أكثر بالنسبه للصغار...وهم يتحركون بسرعه مما يعطيه الأمل بمقابلتهم...


❈-❈-❈


مر يومان كان كل شئ كما هو الحرب مستمرة وكلا الطرفان يفقدان رجالاً وكانت الغلبه ل نيكولاس ببداية الأمر...إلا أن إستيفان وقوته أطاحت به حين خدعه وقام بمحاصرة جنوده فى أحد المعارك وقتل المئات منهم...حتى أعلنوا نهاية يومٍ أخر بضحاية جدد...كان النصيب الأكبر منها ل ضحايا نيكولاس الذى كان يشتطط غيظاً من ثبات إستيفان ومن معه رغم قلة عدد جيشهم بالنسبه لجيشه...إلا أنه أقسم أن الأمر لن ينتهى هنا بل هو سينتصر بهذه الحرب مهما كلفه...فهو سيستخدم كافة أسلحته وخططه حتى وإن كانت خططاً قذرة لتحطيم هذه المملكة...


بينما على الطرف الأخر كان هناك بعض الاصابات البليغه لبعض الجنود...كإصابة ماثيو فقد تم طعنه بكتفه المصاب مما جعل حالة تسوء...لهذا تم حجزه بخيمته ليقوم الطبيب بمعالجته...حتى لا يضطر لقطعه...


كما أصيبت ليلى بجروح متفرقه بجسدها إلا أن اغلبها سطحيه...والفضل بهذا يعود إلى دوغلاس وديفيد الذان لم يفارقانها ويقاتلون جوارها ويحمونها على قدر إستطاعتهم....كما أن ألفين أضيف له جرح جديد بخاصرته تسبب فى فقدانه الكثير من الدماء...

إلا أن الحرح لم يصل لأحد أعضائه فقد كانت ضربة عشوائيه...مما مكن الطبيب من إنقاذه وطلب منه أن يترك كل شئ ويعود للمملكة فهو لا يجب عليه القتال بعد الأن حتى تلتأم جروحه...كما طلب منه الإستراحه لأن جسده مصاب بجروح عديده متفرقه...إلا أن ألفين لم يستمع لحديث الطبيب... فبعدما انتهى من مدواته استقام ذاهباً لخيمة الملك للإطلاع على المستجدات...


خلال ذلك كان ديفيد يجبر ليلى على البقاء بخيمته ليداوى جروحها ولتستريح....وهو يوبخها بين كل فتية والأخرى لأنها لم تطعه وأتت لهذه الحرب التى قد تؤدى بحياتها...إلا أن ليلى كعادتها كانت تنظر له بهدوء ولم تحدثه تاركة له الحريه بتوبيخها...فهى تعلم أنه يفعل هذا خوفاً عليها وهى لا تمانع ذلك...

فهذا يشعرها أنها ذات أهمية كبيره لديه...وهذا يملأ قلبها بسعادة لم تشعر بها من قبل....


❈-❈-❈


كانت الخيول تركض بسرعة كبيرة حتى تواكب عدة كيشان وركان السريع...حتى وصلوا على مشارف مملكة الملك دانيال الثالث....والذى يحكمها الأن وريثه الشرعى الملك آيدان...وهم يرون المشاعل تنير سورها العالى ليستطيعوا الرؤية بهذا الليل الحالك...


لكن قبل أن يستكملوا الطريق توقف كيشان وهو يعوى ليلفت أنظار سابين...التى قالت بصوت مرتفع:

فاليتوقف الجميع...


فتوقف الجميع متعجباً من توقف كيشان المفاجأ... هبطت سابين من على جيادها واقتربت من كيشان لتستطيع النظر له جيدا....فهم بجنح الليل ولا ينير لهم الطريق سوى شعاع ضعيف للقمر...وهى تربت على رأسه بحنان قائلة بتلهف:ماذا هناك يا صغير؟!..

هل وجدت شئ؟!..


نظر كيشان بأنفاس مهتجه من كثرة ركضه...نحو الغابه التى ام تلاحظها سابين بالبدايه بسبب الظلام وتشتت تفكيرها...ثم عاد ونظر لها وهو يزمجر بحزن فإتسعت عينى سابين بصدمه....وهى تنظر له ثم للغابة بجزع من أن يكون ما توصلت له صحيح.....

فإذا ذهب الصغار نحو الغابه فلا مفر من ملاقات رجال نيكولاس....كما أنها تتذكر جيدا تلك المخططات التى كان يضعها إستيفان على مكتبه.... والتى كانت تؤكد أن الحرب ستقام بعد مسيرة نصف يوم من الأطراف الجنوبيه لهذه الغابة...


أغمضت سابين عينيها بتحسر...وهى تتمنى أن يكون إستيفان قد وضع بعض رجاله بأرجاء الغابه لعلهم يجدون الصغار قبل غيرهم...إلا أنها تعلم أنه لم يفعل لإحتياجه الشديد لوجود جميع رجاله لهذه الحرب... لهذا شعرت سابين بألم حارق يحتل صدرها...إلا أنها تماسكت من أجل الصغار...فهى لن تخلف بوعدها أنها لن تعود سوى بهم وإلا فلا...


لهذا استقامت وهى تنظر لوالدها ولرجالها قائله بثبات:لقد اتجه الصغار للغابة لهذا سنقوم بالتالى ستذهب جورج ومعك الحرس للملك آيدان لطلب العون....وسأذهب أنا وكيشان وركان بإتجاه الغابه للبحث عن الصغار.... 


انهت سابين حديثها وكادت تتحرك...إلا أن أيدى جورج أوقفتها وهو يقول بحده:وهل تظنين أننى سأسمح لكِ بالذهاب إلى تلك الغابة بمفردك فأنتِ تحلمين يا صغيرة...


أنهى حديثه معها ثم إلتفت للحرس وقال بقوة: ستذهبون كما أمرت الملكة للملك آيدان لطلب العون...ولإثبات صدققك سيذهب معكم ركان فهو خير دليل على أنكم من مملكة الذئاب....لهذا فالتسرعوا....ومن ثم بعد انتهائكم من مهتكم ستعودون أدراجكم لتنتظروننا أمام الأطراف الشماليه للغابه...بعد طلب الممد من القصر فى حال حدوث شئ ما....


أومأ له الجميع بطاعه وتحركوا تجاه المملكة...بينما نظرت سابين ل ركان واقتربت منه تربت بحب على فرائه قائلة له بحب:عد حياً يا صغير...


تمسح ركان ب سابين ثم تركها وبدأ يركض خلف خيول الحرس حتى أصبح بمحاذتهم...وبعدما تأكدت سابين من دخولهم لتلك البوابات العملاقه...نظرت ل جورج قائلة بصوت خرج مهتزاً:لنذهب...


وبدأت تسير خلف كيشان الذى بدأ يسير بهدوء وجوارها جورج....دالفين داخل الغابة بعد ان تخلوا عن خيولهم فهى ستعرقل حركتهم داخل الغابه... 


بعد مرور بضع ساعات وقد بدأت السماء تنير والشمس تعلن عن وجودها وهم يسيرون بلا راحه خلف كيشان...ورغم التعب البادى على ملامح وجه جورج لكثرة سيرهم وسابين التى تعاند إجهادها... وجدوا كيشان يعوى بحزن وهو يركض تجاه شئ ما... 


فأسرعت سابين خلفه هى وجورج لرؤية ما وجده... إلا أنها وقفت مكانها بصدمه وهى تنظر للجراء الصغيره الفاقده للحياة وقد قتلت بطريقة وحشيه... معلقه بأحد الأشجار وكأن من قام بقتلها يتباهى بصنيعه...وهذا جعل قلب سابين يتحطم وعينيها قد امتلأت بالدموع وهى تقترب من كيشان وتضمه بأسى....


وهى تنظر للجراء بحزن وألم وغضب يكاد يحرق الأخضر واليابس...فقد يظن البعض أنها مجرد هاوية لتربية الحيوانات النادرة كزوجها...إلا أنها تراهم عائلتها وقد تجرأ أحدهم وقتل اليوم إثنين من صغارها...لهذا ظلت متمسكه ب كيشان وهى تبكى بينما هو يعوى بألم...


تألم قلب جورج لمقتل الجراء كما أنه أنهك من كثرة الركض...لهذا لم يعد يحتمل فجلس أرضا وهو ينظر للجراء المعلقه بحزن... إلا أن رعبه على الصغار قد تفاقم لأن موت الجراء بهذه الطريقه الوحشيه...ليس سوى دليلاً على أن الصغار قد تم الإمساك بهم من قِبل رجال ذلك اللعين الذى سيتمتع بإخراج أحشائهم...


لهذا تمسك جورج وهو يقترب من سابين يربت على كتفها بحنان قائلا بقوة حتى تستفيق من حزنها وألمها على موت الجراء:الأن نمتلك دليلاً على أن الصغار قد تم الإمساك بهم...كما أنهم على مقربه منا فدماء الجراء لاتزال سائله كما هى لهذا فالتتماسكى حتى لا نفقد كلاهما معاً...


نظرت سابين بعيون متألمه ل جورج وقد أدركت الأمر...ثم نظرت أمامها بشرود تفكر كيف ستخرج الصغار دون أن يتم إيذائهم...حتى أتت لها فكرة جنونيه يجب أن تقوم بها ولكن يجب أن تقنع جورج بها مسبقا...


لهذا استقامت سابين لتواجه جورج قائله بتصميم: قتل الجراء دليل على براعة هؤلاء فى اصطياد الحيوانات وقتلها...لهذا هم ليسوا جنود هواه وأنما هم رجال مدربون أى أنهم مرتزقه..لهذا لن يفلح القتال معهم نحن اثنان فقط وأنا لن أقبل بالإطاحه بك أو بكيشان...لهذا ألديك أى خطة للخروج أحياء من هنا بالصغار؟!... 


قالتها سابين رغم أنها تملك الخطة إلا أنها على معرفة بعقل أبيها الذى سيرفض الأمر خاصة حين يعلم مهيتها...كما أنها أردات أن تثبت له أن خطتها هى الوحيدة التى يمكن تنفيذها بنجاح...


لهذا نظرت له منتظرة حديثه...تنهد جورج بتشتت فهو يدرك صحة حديثها....فهم لا يملكون الغلبه لهزيمة هؤلاء الرجال...إلا أنه قال بتفكير:أظن أننا لو اقتربنا من مكان تواجدهم أستطيع أن اقوم بصنع أفخاخ لهؤلاء اللعناء ونصيد كل واحد منهم على حدى من خلال تشتيتهم وتفرقتهم...هذا هو الحل الأمثل للإيقاع بهم...


أجابته سابين بثقه:وهل تظن أن الأمر قد ينطلى على هؤلاء....ولو حدث وإنطلى على بعضهم فلن ينطلى على الجميع...وهنا سنقع بمشكله وقد يتم الإيقاع بنا كما أننا لسنا على علم بخفايا الغابه...وقد نسقط نحن بأيديهم قبل أن نوقع بهم....


تجهم وجه جورج بغضب فهى محقه للمرة الثانيه لهذا نظر لها قائلا بضياع:إذا ماذا نفعل نترك الصغار أم نذهب لمواجهتهم ويتم قتلنا وقتل الصغار معاً؟!... 


نفت له سابين برأسها قائله بثبات تحسد عليه:بل سنذهب إليهم وسيقومون بترك الصغار لنا دون رفع إصبعاً واحد لقتالهم... 


إرتفع حاجب جورج متعجباً من حديث إبنته إلا أنه سألها مستفسراً:وكيف هذا؟!...نظرت سابين لعينيه قائله:لقد استعان هذا الوضيع بالكثيرون للإطاحه بكل من يقف أمام وجهه...لهذا رجاله كثيرون وغير معروفين لكثرتهم...ومن هنا ستقوم بالمقايضه سيد جورج...


تجعد ما بين حاجبى جورج بتسأل قائلا:وبما سنقاضيهم هل تملكين شئ لإغرائهم...


أجابته سابين بثقه:لقد أخطأت بطرحك للسؤال...بل الأصح أن تقول بمن سنقاضى؟!...


اتسعت عينى جورج حين أدرك مرادها وهو يقول بغضب:واللعنه هل فقدتى عقلك يا فتاة؟!...أجابته سابين بحده دون قصداً منها:لا لم أفقده بعد إلا أننى سأفعل إن لم يعد الصغار...لهذا أنت ستذهب إليهم على أنك أحد أتباع هذا اللعين لتقوم ببيعى له مقابل بعض المال...


اتسعت عينى جورج صدمه من حديث سابين وقد ألمه حديثها...فبدون قصداً منها ذكرته بما لم ينساه أبداً...حين قام ببيعها بالصغر...لهذا قال بسخريه رغم الألم الذى رأته بعيناه:أتريدين أن أقوم ببيعك كما فعلت سابقاً أيتها السابيه؟!..أتظنين أن قلبى سيحتمل ألماً كهذا مرة أخرى؟!..أم أنك تريننى بهذا القبح لأفعلها بك من جديد؟!... 


رمشت سابين بعينها صدمة من حديثه فهى لم يأتى بخاطرها هذا الأمر....لهذا قالت مسرعه لإيضاح حديثها:أقسم لك أن هذا لم يخطر بعقلى فكل ما أفكر به كيف سنخرج الصغار أحياء من هنا....وهذا هو الحل الأمثل جورج يجب أن تدعى أنك رجل يبحث عن المال....إستطعت أن تأسر الملكه لتعطيها للملك نيكولاس مقابل الكثير من المال ليسمحوا لك بالبقاء معهم...


نظر جورج لها بعدم اقتناع ورفض تام...فبدأت سابين 

تستعطفه وقد سمحت لمشاعره بالظهور قائله بعيون دامعه:أقسم أن روحى تحترق كما لم تفعل من قبل... أرجوك جورج....أرجوك أبى أفعلها من أجلى...أقسم أن قلبى لن يحتمل فقدانهم....إن كنت تفضل تلك السابيه كما تقول إفعلها من أجل روحها الممزقه... فقلبى لن يحتمل مثل هذا الذنب أرجوك أبى...بحق حبك لى بحق كل ما فعلته من أجلى ساعدنى على إستعادتهم....أرجوك..أرجوك أبى...


ختمت سابين حديثها وهى ترتمى بأحضانه وتبكى كفتاة صغيره....وجورج ينظر لها بصدمه من منادتها له بأبى فهى لم تقولها له منذ كانت بالعاشره من عمرها....


أغمض جورج عيناه وهو يقربها أكثر لقلبه قائلا بألم: وتظنين أن بعد حديثك هذا سأقوم بالتفريط بكِ صغيرتى...ابتعدت عنه سابين وكادت تتحدث...إلا أن جورج منعها وهو يكمل بتأكيد:سأفعل ما تريدين ولكن فالتخبرينى أولا بخطتك كامله... 


قالها وهو يقوم بمسح وجهها من تلك الدموع العالقه به والتى لاتزال تتساقط...فأومأت له سابين بالموافقه وبدأت تقص عليه ما يجب أن يقوموا به وهو يستمع إليها بأنصات شديد...وداخله يقسم أن يعود بها وبالصغار أحياء حتى وإن كان هذا أخر ما سيقوم به بحياته البائسه...ولعله يحصل على مسامحتها يوماً ما....


❈-❈-❈


كان الحزن والصمت يخيم على القصر الملكى...بل يكاد يظن من ينظر له من الخارج أنه قصر خالى من البشر لا حياة به...فقد كان الجميع ساكنين مترقبين بلا حول ولا قوة....فلم يصل إليهم خبراً عن سابين والصغار يطمئنهم عليهم...كما أن الحرب لا تزال مشتعله ولم يظهر النصر بعد... 


وبينما الجميع منشغل بحزنه وألمه...تغافل الجميع عن ذلك الجهد الأعظم الواقع على كاهل ماكس....

الذى قرر التخلى عن حماية القصر...وأرسل رجاله خلف سابين وجورج فهم لن ينجوا بمفردهم هناك...

ولم يترك سوى بعض الحرس لحماية الابواب الاماميه للقصر...


ولم يكن الأمر يقتصر على ذلك فكلما خرج من مكتب إستيفان استوقفه الجميع لمعرفة أى أنباء عن سابين والصغار أو عن الحرب...إلا أنه لم يكن يملك سوى إجابة واحده غير مرضيه لأحد ولا حتى له هو...إلا أنه لم يكن يملك غيرها قائلا بعمليه:سيكون كل شئ على ما يرام...


إلا أنه بقرارة نفسه يعلم أن الأمر لن ينتهى على خير يشعر بأن هناك كارثه ستحل فوق رؤسهم جميعاً عما قريب....فهو لازال يفكر بما سيقوم به إستيفان حين يعلم بإختفاء سابين والصغار...


تنهد ماكس بإرهاق فهو لا ينام سوى سويعات قليله كما أنه يشعر بالجوع لأنه لم يتناول طعامه منذ فترة لا يعلمها...إلا أنه يجب أن يعمل فهو لا يملك الرفاهيه ليوقف عمله....


ولكن أخرجه من شروده طرق باب مكتبه ودلوف كيت منه...وهى تحمل معها بعض الطعام وتنظر له مبتسمه بحب وهى تقترب منه وتضع الطعام على المكتب...ثم أمسكت بالاوراق التى يمسك بها ووضعتها بعيداً عنه....وقربت الطعام منه قائلة بعاطفه حنونه دائما ما تحدثه بها:أظن أن هذا هو وقت راحتك عزيزى....


كاد ماكس يتحدث إلا أن كيت سبقته بالحديث قائله بصرامه لا تتناسب مع تلك النظرات المحبه:لا يوجد اعتراض سيد ماكس...لا أظن أن امتناعك عن الطعام والراحه والقيام بمواصله العمل هما من سيجعل الأمور تسير على ما يرام... 


نظر لها ماكس بإجهاد شديد بادى على تقاسيم وجهه وهو يقربها إليه ويضمها مغرساً رأسه بمعدتها وهو يشتم عبقها ويستشعر وجودها فيمتلأ قلبه بالسكينه...بينما هى تربت على رأسه بحنان وتضمه اقرب لها....فهى تدرك كم الضغط الكبير الذى يشعر به بسبب تلك المسؤليه التى يحملها على عاتقه...وإزداد الأمر سوء بإختفاء الصغيرين...وذهاب سابين للبحث عنهم والتى بفعلتها هذه قد تتسبب بقلب كافه الموازين إذا تم الامساك بها...


ظلوا هكذا بعض الوقت إلى أن استكان ماكس وهدأت أعصابه...فإبتعدت عنه كيت وهى تقرب الطعام منه وتأمره بتناول طعامه...بالفعل بدأ ماكس بتناول الطعام الذى لم يتناوله منذ يومين....


وأثناء ذلك فتح الباب على مصرعيه ودلفت جوليا ذات الوجه المائل للإحمرار بسبب بكائها المتواصل وعينيها التى زبلت...وهى تقول بإنفعال:أين صغيرى ماكس؟!..لما لم يأتى أى خبر عنه إلى الأن؟!...ثم نظرت للطعام الذى أمامه فإقتربت من المكتب تضرب عليه بيدها قايلة بصراخ:أنت هنا تنعم بتناول طعامك بينما صغيرى مفقود لا أعلم عنه شئ...


لقد طفح الكيل ولم يعد بمقداره الصمود أكثر...لهذا استقام ماكس بحده مما جعل مقعده يصدم بالحائط من خلفه بعنف...وهو يجيبها قائلا بإنفعال يوازي إنفعالها:أظن أن من يجب أن يتم محاسبته هو أنتِ وليس أنا جوليا؟!...فأين كنتى حين قرر صغيرك ترك القصر دون علمك؟!..فلو لم تغفلى عنه لما حدث كل ذلك من البدايه....لهذا لا تأتي وتصرخين بوجهى وكأننى أنا المخطأ بل أنت الملامه على كل ذلك...


نظرت له كلا من كيت وجوليا بصدمه ف ماكس ليس بالشخص الغاضب...كما أنه لا ينفعل وإنما يتعامل مع الأمور بهدوء وحكمه...إلا أنه أيضاً لم يخطئ بشئ فهو محق بحديثه فالإهتمام بالصغير لم يكن ضمن مسؤليته هو بل كان من مسؤلية والدته...لهذا شعرت جوليا بقلبها يزداد ألما حين قام ماكس بمواجهتها بما حاولت هى إخفائه....


لهذا عادت لتبكى بقوة وهى تنظر له بألم وتحسر على صغيرها...مما جعل كيت تسرع نحوها وهى تضمها تحاول تهدئتها...وهى تنظر ل ماكس بترجى ليخفف من وطئ غضبه على تلك المسكينه التى لا تعلم شئ عن طفلها... 


فأغمض ماكس عيناه بإجهاد ثم فتحها من جديد متنهداً وهو يقول بهدوء عكس ما كان عليه منذ لحظات:جوليا انظرى إلى يا صغيره... 


نظرت له جوليا بإعتذار وحزن...فأكمل هو بحنان: أعلم جيداً بما تشعرين...فهم أيضاً صغارى لهذا أنا لن اسمح بحدوث شئ لهم....لهذا لا تقلقى أقسم أننى أحاول الوصول إليهم بكل ما أوتيت من قوة...


أنهى حديثه بإبتسامه مطمئنه فبادلته جوليا بإبتسامة معتذره وهى تقول:أعتذر ماكس فأنا لم...

إلا أن ماكس لم يعطيها الفرصه لتكمل وهو يقول بتفهم:لم يحدث شئ عزيزتى والأن فالتذهب كلاكما لأن لدى الكثير من العمل المتراكم الذى يجب أن انتهى منه بحلول المساء...


أومات السيدتان وخرجوا من الغرفه بهدوء....فقام ماكس بجذب مقعده وجلس عليه بتثاقل وهو ينظر للطعام بسخريه.....ثم قام بإبعاده فَقَدْ فَقَدَ شهيته وعاد لأوراقه من جديد...


كما أنه منتظر أى خبر قد يأتى من آدمز الذى من المحتمل أن يعود مساء اليوم...أو من رجاله حول الحدود الشماليه للمملكه.....والذين يبحثون عن سابين وجورج ولكن لم يعودوا له بأى خبر يطمئنه على سلامتهم او سلامة الصغار....


كما أنه لا يملك القدرة على إرسال رسالة ل إستيفان يخبره بما حدث لصغيره وزوجته...فقد يتسبب هذا بإندلاع حرائق إذا أدرك إستيفان ما حدث...


أغمض ماكس عيناه وهو يحاول إحتواء ذلك الغضب المشتعل بصدره والذى يكون جديد عليه...والذى يشعره بأنه مقيد ولا يملك القوة لحماية أحبته...إلا أنه لا يملك سوى الصبر...وهذا ما سيفعله سينتظر حتى تأتيه تلك القوة التى ستجعله يهدم القصر على قاتنيه من أعداءهم...


❈-❈-❈


كان الجنود قد وصلوا لقصر الملك آيدان الذى تعجب من قدومهم...حين علم أنهم أتباع للملك إستيفان الذى يعلم جيداً أنه من المحال أن يطلب مساعدة منه يوما ما....ولكن ها هو إستيفان كعادته يصدمه بأفعاله الغير مسبوقه لهذا سمح للجنود بالدلوف فضولا لمعرفة سبب قدومهم....ولكن إزداد تعجبه حين رأى فهد يسير جوار الجنود تظهر عليه معالم الكبرياء والقوة...فتذكر ذلك الذئب الذى كان يلاحق سابين أينما ذهبت وهذا جعل إبتسامه هادئه ترتسم على شفتيه...إلا أنه نجح بإخفائها سريعاً وهو يعود لهدوئه ورزانته التى اكتسبها من والده:ما هو السبب وراء حضوركم؟!...هل بُعثتم من قبل الملك؟!..


ابتلع الجنود ما بجوفهم وتكلم كبيرهم بصلب الموضوع ولكن بإحترام ظاهر:بل الملكة هى من قامت بإرسالنا مولاى وليس الملك...


اهتز قلب آيدان بقوة دون إرادة منه حين نطق الجندى اسم الملكه....تلك التى أسرت قلبه من اللحظه الأولى ولم تسمح لقلبه بالفرار من حبها...


اعتدل الملك آيدان بجلسته حتى أصبحت ملامحه تميل للجمود ليخفى ذلك الاشتياق الذى عصف بقلبه قائلا:وما الذى حدث حتى تقوم الملكة بإرسالك إلىِ؟!.. 


تنحنح الجندى قائلا بثبات:لقد أتت الملكة بصحبتنا ولكن...وبدأ يقص عليه ما حدث من بداية الأمر حتى تركتهم الملك أمام البوابه الخارجيه للمملكه...وآيدان يشعر بالصدمه من تلك الأحداث المتلاحقه...وداخله يلعن كبرياء إستيفان الذى سيطيح به وبمن يحب... 


لهذا لم ينتظر وأمر رجاله بالإستعداد لمساعدة قوات الملك إستيفان...ف هم ذاهبون لتلك الحرب لمساندة الملك إستيفان ولو لم يطلب هو ذلك فيكفيه أن سابين قد فعلت...


كما أمر أفضل قادته بأن يقوم بقيادة الجيش إلى أرض المعركة....بينما هو سيقوم بملاحقتهم ولكن  بعد القيام بمهمه أكثر أهميه....وهو الذهاب خلف سابين لإنقاذها قبل أن يحدث لها مكروه... 


وخرج من قاعه عرشه متجهاً لغرفة لتبديل ثيابه... والاستعداد للخروج من القصر مع مجموعه من أفضل مقاتليه....وأثناء ذلك وجد زوجته جالسة بغرفتهم ومعها وصيفاتها يتحدثون كما هى عادتها....فنظر نحوهم بملامح ساخره إلا أنه إستبدلها بأخرى غير مقروئه حين إتجه نحو ثياب الحرب ليرتديها...


فهو يعلم جيداً السبب وراء أفعال زوجته فهى تريد أن تثبت له وللجميع ولنفسها أنها تليق به وتستحق أن تكون ملكة للبلاد....بينما لايزال الجميع ينظرون إليها على أنها تلك القروية التى قرر الملك الوسيم الزواج بها...بعد أن رفض الإرتباط بأى من الأميرات وذوات المناصب الرفيعه اللاتى تم عرضهن عليه...

وأصر على أن تكون هى صاحبة السمو زوجته أمام الجميع...لهذا تجتمع بوصيفاتها فى محاولة منها أن تقوم بتقليد شقيقته...لعلها تظهر لهم بذلك المظهر الذى يحترمونها من أجله...كما يفعلون مع شقيقته... إلا أن كل هذا لا يعينه فهو لم يكن يهتم لترهاتها بالماضى أو الآن...


بينما على الجانب الأخر شعرت فينسيا بالسعاده لقدومه إلى غرفتهم التى لا يأتى إليها سوى لمرة أو مرتين بالعام....لهذا أمرت الملك فينسيا جميع الوصيفات بالخروج سريعاً من غرفتهم...


وبعد خروج الجميع الذى لم يلاحظه آيدان أو لم يعطيه أهميه...لأنه كان مهتم بإخراج ما يريده دون الإلتفاف لتلك التى توترت بشده لتواجدها معه بمكان ما وحدهم....فهى لم تحظى بمثل هذا الشرف سوى مرة واحده وهى حين تزوج منها ذلك الوسيم... وأخبرها بكل هدوء أنه لم يقوم بإختيارها هى لأنه أحبها كما يظن الجميع...بل لأنه أراد عصيان أبيه لأنه سمح لغيره بأخذ الفتاة التى أحبها...


كما أنه لن يفكر بالإقتراب منها ولن يتخذها زوجة له يوماً ما..وكم تقسم أن حديثه هذا حطم قلبها لشظايه تؤلم روحها كلما حاولت التنفس...إلا أنها تقبلت حديثه يومها ولم تخبره أنها لم تتزوج به لأنه ذلك الأمير الوسيم الذى سيحكم البلاد بعد أبيه كما هو حال جميع الفتيات...


بل هى أحبت ذلك الصبى ذو الخامسة عشر...الذى شاهدته أول مرة وهو يحاول الهروب من حراس القصر وساعدته هى يومها حتى لا يتم الإمساك به... إبتسمت فينسيا بحب وعينيها قد امتلأت بالدموع... وهى تتذكر تلك الإبتسامة الجذابه التى أهداها بها حين نجح بالفرار من حرس القصر بمساعدتها ثم تركها ورحل ليجوب الشوارع....ومن يومها وهى تلاحقه دون معرفة منه...حتى أصبح ذلك الوسيم الذى عليه الأن...والذى إستبدل مرحه وطيشه بالهدوء والنضوج الذى يجب أن يتحلى به أى ملك.... 



ولكن كما هى العادة من هى حتى القرويه...التى ستلفت أنظار ذلك الأمير الذى تتلاهف عليه جميع الحسنوات...كما أن كلاهما متناقض هو هادئ قليل الكلام...قليل التبسم...وهى كالنيران سريعة الاشتعال كثيرة الكلام... 



لهذا ظنت أنها إذا قل حديثها ستنال إعجابه...حتى طمثت ذاتها دون أن تشعر وأصبحت ذابلة...ولم تعد تلك الفتاة التى دائما ما تتبسم وتساعد الجميع...كما أنها لا تملك حق محاسبته على قتلها بجفائه...لأنه فعلها دون أن يشعر...كم أنتِ مثيرة للسخريه فينسيا؟!..قالتها فينسيا بخفوت وهى تنظر لظهر زوجها العزيز...الذى لا يعطى لوجودها أهميه...شأنها شأن المقعد الذى يجلس عليه...بل إن مقعده ذو أهمية أكثر منها لديه...



لقد مر على زواجهم قرابة العشر سنوات ولايزال يرفض معامتلها كزوجته...بل يذهب لجواريه حين يريد الإستماع مما جعلها محط سخرية الجميع الصغير قبل الكبير...وتقسم أنها فكرت بالكثير من المرات أن تتركه وترحل لتحاوفظ على القلبل المتبقى من كبريائها....إلا أنها تعود لتقنع قلبها أنه من المؤكد سيأتى اليوم الذى سيعلم بعشقها له ويبادلها هذا العشق...وأنها لو لم تكن تعشقه لما وافقت على الزواج منه بالبدايه....لهذا فالتتحمل القليل...



وأسرعت نحوه وهى تقول بإشياق لم تستطع السيطرة عليه:ملكى العزيز هل...كادت تكمل حديثها لسؤاله عما يريده لتبحث هى عنه....


إلا ان آيدان لم يعطها فرصه لتكمل حديثها...قائلا بصوت ثابت قبل أن تبدأ حديثها الذى لا يرغب بالإستماع إليه: أنا ذاهب للحرب فينسيا ولا أملك الوقت لأحاديثك هذه...لهذا يفضل أن تصمتى حتى أنتهى مما أتيت من أجله وأخرج بهدوء...



إعتادت فينسيا على جفائه معها بالحديث رغم ألمها... إلا أن أكثر ما لفت نظرها حديثه عن الحرب مما  أصابها بالصدمه....وهى تقول بتسأل :حرب!!...متى حدث هذا؟!...هل هناك خطر على المملكه؟!...ثم توقفت عن الحديث للحظات حين تذكرت أمر تلك الحرب التى يخوضها ملك مملكة الذئاب....والذى يكون على خصومة مع زوجها والتى تعلم سببها جيداً...لهذا أكملت بشك:هل أرسل إليك الملك إستيفان طلب المساعده؟!...



إلتفت لها آيدان وهو بحده طفيفه:منذ متى وأنتِ تتدخلين بما لا يعنيكى؟!...رأى آيدان الإصرار بعينى زوجته التى لن تهدأ حتى يجب على سؤالها...فأكمل هو بجمود لينهى هذا النقاش الذى لا يرغب بمواصلته

:لا لم يفعل....بل الملكه هى من أرسلت رجالها لطلب المساعده....


تحول وجه فينسيا للتجهم فهى تدرك جيداً بالمشاعر التى يكنها زوجها للملكه المصونه التى لم تراها لحظها العثر يوماً....إذا هذا هو السبب الخفى وراء ذهاب زوجها لهذه الحرب من أجل المرأة التى أخذت ما هو حقاً لها هى....


لهذا لم تستطع التماسك وهى تقول بإنفعال جراء غيرتها من تلك التى لم تراها يوماً...إلا أن شقيقة زوجها لا تنفك تتحدث عنها وعن عشق شقيقها لها... وعن تلك الحادثه التى تحدث عنها الجميع من تشاجر الملكين من أجل تلك السابين....قد انتشرت أخبارها بأرجاء المملكة بأكملها...بالوقت التى كانت به خارج المملكه...


بينما بالمقابل يعاملها هى بجمود ورسميه وكأنها شخص لا يهمه...إمرأة لا يعرفها حتى أنه لم يفكر بالإقتراب منها ومعامتها ك زوجة له...إنما هى وجهة له ك ملك...كما أنه لم يرى ذلك العشق النابع من قلبها نحوه...


لهذا تحدثت بما يؤلم قلبها الملتاع بسخريه لازعه: أجل فهمت الأن....تجعد ما بين حاجبي آيدان تعجباً من أسلوبها بالحوار فهو لم يعتد منها على هذه الطريقة بالحديث....


وهو ينظر لها بتسأل قائلا:وما الذى فهمته؟!..إتسعت ابتسامتها الساخره وهى تجيبه بعيون تلمع بدموع الإنكسار والألم مقررة أن تؤلمه كما ألمها:أنت ذاهب من أجلها...من أجل تلك المرأة التى لن تراك رجلها تلك التى تلقيت صفعة علمت بها جميع الممالك من أجلها...تلك المرأة التى لن تراك يوماً ك حبيب كما تراها أنت...يالسخريه القدر ها قد أتى اليوم الذى أراك به تلهث من أجل إمرأة ملك آيدان...والتى أعدك أنك لن تحصل عليها ما حييت...


أنهت فينسيا حديثها وهى تتنفس بقوة من فرض غضبها الذى يكاد يحرق الأخضر واليابس بل يكاد يحرق زوجها العزيز...والذى يطالعها بجمود وثبات جعلها تدرك حماقة ما تفوهت به....وكادت تعتذر منه فهى لم ترغب بإيلامه... 


إلا أنه لم يعطها الفرصه وهو يمسك بيدها يجذبها نحوه...وهو ينظر لها بنظرات لو كانت تقتل لكانت غارقة الأن بدمائها قائلا بتهكم أصابها بمقتل:لم أكن أعلم أنكِ تكنين كل هذا العشق لى...ولكن ها أنا أخبرك أننى من المحال أن أبادلك إياه يوماً ما عزيزتى...أنهى حديثه وهو يقوم بإبعادها عنه بتقزز وخرج من الغرفه صافعاً بابها بعنف... 


ينما ظلت فينسيا تنظر لأثره بدموع تتساقط بإنكسار وألم...حتى خرجت منها شهقة قوية عبرت عن مدى الألم الذى حطم قلاع قلبها...بسبب حديث حبيبها الذى لن يحبها يوماً...



#يتبع