-->

الفصل الرابع - صمت الفتيات

 





الفصل الرابع


لتنكمش في نفسها و جسدها وهو يرتعش ويتصبب عرقاً.. وبعد بحث طويل تاكدت بأن دهب قد خرجت الى الخارج..!! 


في ثواني لم افكر مرتين في الأمر رفعت طرف فستان زفافي بيدي حتى لا اسقط وركض للخارج ابحث عنها تصنمت أمام البوابة الضخمة بقامتي القصيرة وقوامي النحيفة، وتجمدت ساقي النحيلتين واتسعت عيني الدقيقتين بينما بدأت احدق في وجهه الناس عنه قبل عنها فاذا كان هو اختفى ايضا مثلها معناه ذلك؟ أن ما بدات اشك وافكر فيه صحيح؟ وعندما ياست من البحث هنا بين الناس الذي كانوا ينظرون لي بفضول ودهشه ويتسالون انفسهم ماذا تفعل العروسه هنا دونه عريسها.. لكني تجاهلت كل ذلك ولم افكر فيه فكل ما هو يشغلني الان هو أن أنقذ براءة طفله صغيره..  


ثم مر بمخيلتي مكان لم ابحث فيه وهو الكراج الخاص به عائله دهب! أقتربت بسرعه من باب كراج السيارات ومدت كفي الصغيرة بتردد نحو البوابة بخطى بطيئة مهزوزه من شده خوفي و وضعت يدي علي الباب ودلفت لاكمل رحلتي عن البحث عنها؟  


كان هناك سيارات كثيره بداخل الجراج ولم ارى احد، تمرُّ عليه دقيقتين وانا اشعر اني سوف اجن رفعت رأسي ودارت حول نفسي وأنا احدق مدهوشه بعواميد الإضاءة المنتشرة بكل زوايا الكراج مطفيه! وهذا زاد القلق بداخلي اكثر واكثر.. لكن كان بينهما إلا ينبثق إلا الضوء الأصفر من مصباح واحد فقط هناك.. وبسرعه فكرت ان انخفض بجسدي الى الأرض وابحث عنهم حتى احدد مكانهم اسرع!. 


وتجمت مكاني من هول المنظر! عندما رأيت اقدمهم من تحت السياره بالفعل في اخر الزوايا بالكراج وهم قريبون جدا من بعض.. ولاحظت انها كانت ترتعش قدمها وجسدها وتحاول الفرار منه لكنه ثبتها بقوة أمامه رافض تركها ابدا... 


رعشه سرت بجـ سدي بثقل تتنقل بجميع خلاياها حتي خلايا عقلي الذي شل من الصدمه.. تصلب جـ سدي بدون ارادتي وكأني مكبله ولكن لم يمنع هذا من الانتفاض بهستريا ونحيبي الذي اخذ يتعالي مع صدري الذي يعلو ويهبط بعنف.. شعرت بثقل لساني يحاول الصراخ ولكن لا يستطيع... 


تذكرت ما كانت اشعر به السنوات الماضيه! تذكرت صوته وهو يناديني للعب معه.؟ تذكرت لمسته المقززه والمتفرقه فوق جسدي؟. وسخونه أنفاسه تقترب اكثر من عنقي الذي برزت عروقه واخذت تنبض بعنف.؟ الظل المرافق لي دائماً في طفولتي نعم انها حقيقه وأنا ليست بحلم او بالمعني الاصح بكابوس. 


فرت دموعي من عيني التى تحجب الروئ عنها وضليت ارمقها بصدمه ممزوجة بقهر، وبعدها سمعت صوت صرخة طفلة بريئة تستغيث وكانت دهب تدعي من صرختها أن ينقذها أحد منه.. وضعت يدي على اذني واخذت ابكي بعنف وانا احاول ان اقوى نفسي وانا اتحدث بهمس داخلي حتى اتشجع..


أنا لم اهرب وسوف أنقذها مهما كلفني الامر وستظل نظيفا وطاهرا ،لم يلوثها احد مثلي ولم تورث مثلي الكثير من الألم والعذاب لسنوات طويلة رغم أني كنت الضحية وليست المذنبه..!! 


حاولت بسرعه نفي كل ذلك الأن فيجب ان الحقها منة بسرعه مهما يكلفني الامر.. لم اتركها ضحيه له هي ايضا؟ لما اتركها تشعر بما شعرت به لسنوات طويله لأني صمت! ولم استطيع ان اتخطى حتى الان؟ اقتربت منهم وتعثرت فى خطواتي ليشعر هو بي وابتعد عنها قليلا بصدمه وقلق..!! وتحدثت بصوت مختلط بالدموع، وأنا اهز رأسي بنفي بغضب شديد وصرخت بقوة بأن يتركها ويبتعد عنها الآن..!! 


❈-❈-❈

بداخل جنينه المنزل تعالت الاصوات مع وصول العريس والاقارب اخيرة... أقترب منه العريس احمد برسمية وهو يهتف بلباقة بينما يمد يده ليصافح هاتفا


=امال فين ريحانه الماذون قال إنه خلاص شويه وهيمشي بقيله كثير قاعد بره.. معلش يا عمي عشان نلحق طيارتنا الثانيه بالليل.. خلينا نكتب الكتاب دلوقتي افضل


صافحة وابتسم اسماعيل باحترام واجاب بكياسة


=ماشي يا ابني اللي تشوفه، هاروح استعجلهم جوه عند اذنك


هز رأسه العريس مبتسم بهدوء بينما تحرك اسماعيل الى الداخل ليقابل زوجته وهي تقف بملامح مزعجة عقد حاجبيه باستغراب قائلا بدهشة


=مالك يا نشوى في حاجه حصلت مش على بعضك كده ليه؟


هتفت نشوي بحنق وعيناها تقدح غضب قائله


=وهيجي منين الخير طول ما بنتك ما بتسمعش كلامي الهانم مختفيه بقيلها اكثر من نصف ساعه ومش لاقياها.. 


حدق اسماعيل إلي زوجته بغضب مكتوم من ابنته ثم اجابه بحنق


=اهدي يا نشوي يعني هتكون راحت فين تلاقيها هنا ولا هنا انتي دورتي جوه البيت كويس ممكن تكون في الاوضه فوق نسيت حاجه 


وفي نفس اللحظه اتجهت زبيده نحوهم بملامح مكفهرة زافرة بحنق وهي تقول


=اسماعيل ماشفتش حمدي مش عارفه راح فين وما رجعش لحد دلوقت ودورت بره ومش لاقياه 


صمتت نشوي قليلا ثم هتفت بتفكير قائله بلهفة


=ممكن يكون مع ريحانه عشان كده الاثنين مش موجودين اتصل على حمدي أخوك بسرعه يا اسماعيل


أردفت زبيده بامتعاظ وملامح متجهمة


=اتصلت عليه ومش بيرد وبعدين اللي هيجيب ريحانه معاه دلوقت.. انا مش فاهمه حاجه هي بنتك فين دي كمان والماذون بره عمال يستعجلها..


لتضيف بنبرة حادة وملامح عابسة بقلق بالغ


=انا بدات اقلق اخوك فين يا اسماعيل 


تنهد اسماعيل بتوتر مكتوم ثم اجابهم بهمس شديد وهو يحذر والدته بعينيه مرددا بتوجس


=حاضر يا ماما هطلع ادور على الاثنين بره بس.. اهدوا يا جماعه وبلاش قلق وتوتر عشان ما حدش يحس بحاجه 


همت زبيده بأعادة حديثها بنفاذ صبر فهي تريد ان تعرف اين اختفت حفيدتها ايضا، ليقاطعها صوت صرخات هلع وذعر في الخارج تصيح بصوت عالي مرددا


=حـمـدي اتـقـ تـل يا جـماعـه.. حـمـدي مـرمـي فـي الـكـراج وسـايـح فـي دمـه


اتسعت عينا زبيده بعدم استيعاب لحظات قبل أن تأخذ فى لطم وجهها بعنف وبهستريا وجنون لتنهار فى بكاء مرير وهى تردد كلماتها بحرقه


=يـا نـهـار اسـود حـمـدي... ابـنـي جـريـلـه ايــه لاااا 


وفي ثواني قبل ان يستوعب الجميع الكارثه الاولى حدثت الكارثه الثانيه.. لتدخل ريحانه عليهم بخطوات ثقيله وهي ترفع طرف فستانها الملطخ بالدماء الحمراء بكثره وبيديها أيضا وكانت تسير بروح خاويه وبوجه شاحب دون تعبير... تقدمت ريحانه الى داخل المنزل بخطوات بطيئة مرتعشة لا يصدر عنها اى ردة فعل سوى البكاء وتنظر امامها بشرود بينما عينيها تذرف الدموع هن دون ارادة او سيطرة منها من يراها يظنها بعالم اخر... 


بكت بشده حتى تلطخت تلك الألوان التى تضعها على وجهها وزاد السواد أسفل عيونها نتيجه ذلك الكحل الذي كانت تضعه في جفنيها ليعطى رونق لعيونها ولكن اتمحي كل ذلك ببضع من الدمعات التي كانت تساقط بغزارة.. 


نظر إليها الجميع بصدمة وعدم فهم. فبعد ان تم رؤيتهم بذلك الوضع يحق لاى شخص ان يظن بيهم الظنون فقد دخلت علي الجميع ملطخه بالدماء بفستان زفافها وبيديها وكانها قد قـ تلت قـ تيل.. ولماذا كانها فهي بالفعل قتلت؟!. لم يفهم احد ماذا حل بها..لكن الاكيد الآن أن قد تحول حفل الزفاف الى ميتم.


❈-❈-❈

جاء الصباح ومعه الاحساس بالعار ومرارة الحقيقة .. أردت أن أبكي نادمًا على فقدان براءتي وضياع نفسي ، اردت ان اطلب العفو من نفسي باكياً لأني أفقد الرحمة من قلبي .. أنا لم اعد تلك الشابة التي كانت كل ما يشغلها في هذه الحياة أن تعيش بهدوء وبعيدًا عن الجميع دون أن اكشف ما بداخلي ولا أخذ حقي ولا حتى كافحت من أجله بل صمت في اكثر الأوقات التي كان يحب عليه أن أتحدث .. كنت أريد فقط لا اكثر أعيش بهدوء لكن حتى ذلك الهدوء لم احظي عليه.. 


اغلقت عيني وانا اتمنى أن انسى كل ما مررت به في حياتي أتمنى أن اضحك ولا أبكي مرة أخرى وإذا ابتهجت دومًا ولم احزن أبدًا ، إذا نسيت ولا تذكرت، أو اعود لذكريات الماضي ولا اتقدم ، واعود لمن فقدتهم في حياتي ولا اتركهم.


وإذا أصبح القلب فارغًا ، فإننا نريح أنفسنا، إذا كان العقل خاليًا من الذكريات فلن يدمرنا ،إذا استقرت أرواحنا وهدأت أرواحنا ،إذا كنا أقوياء بما يكفي لنعيش، أو نرحمنا قليلاً ..إذا كان لنا الحق في الاختيار؟! لكنا اخترنا ما فقدناه في أيدينا


إذا تمكنت من العودة بالزمن إلى الوراء ، سابقى قطعة صغيره داخل احشاء امي ولا ارغب في أن اكبر يومًا ما وأخرج لتلك الحياه. وإذا عادوا من أولئك الذين غادروا مرة أخرى ، فلن اترك أذرعهم.. وإذا كان لدي الحق في المغادرة ، لكني قد غادرت دون عودة.. إذا كان لدي حق الحديث! لا كنت تحدثت وتحدثت بدون توقف ولم اختار الصمت يوماً. 


يـتـبـع..