رواية صمت الفتيات - بقلم الكاتبة خديجة السيد - الفصل الحادي والعشرون
رواية صمت الفتيات بقلم الكاتبة خديجة السيد
تعريف الرواية
نبذه مختصره عن الروايه:- تبدأ الحكاية في نسق مشوق مع ظهور عروسة بفستان زفاف ملطخ بالدماء قد ارتكبت جريمة قتل وبعدها يتم القبض عليها ليلة زفافها؟ ويفشل المحقق أن يقنع العروسه بالتحديث وتستمر بالصمت فقط في ظل أحداث غامضة دون دوافع للقتل! و هكذا توصد كل الأبواب وتساق عليها؟
حتى كانوا لا يعرفون اسباب عائله المجني عليها وخطيبها الذي يصاب بصدمة كبيرة، وفي مجتمعاتنا الشرقية وتكون التأويلات كثيرة ويُصدر الناس أحكامهم ضد المتهم من لحظة الإمساك به، ويتشوق الجميع لرؤية القاتل معلقا بحبل المشنقة وباسرع وقت مما يدفع أجهزة النيابة والقضاء سرعة، فعندما تكون المتهمة امرأة وبأي قضية فلا أعذار لها ولا بحث عن الدوافع.
لكن فجأة تعاكس الأقدار ومع قرار المتهمه المفاجئ اخيرا بالتحديث لكن أمام الصحافه!! لكن ليس حتى تنقذ نفسها بل لانقاذ حياة اطفال ابرياء حتى لا يقعون مثلها في ذلك الفخ! و تبدأ بالسرد بما تستطع البوح به خلال طفولتها بما أصابها لتحمل طيلة عمرها عقدة الخوف والوحدة لتوصلها في نهاية المطاف إلى ذلك الحل حتي لا يقع غيرها بي، حتى لو اضطرت الي فضح نفسها؟ بصفتها قضية حساسة يرفض المجتمع علاجها خوفاً من الفضيحة والعار الذي سيلحق بالفتيات الصغار الغير مذنبات، مستخدمة نظرية العنف يولد العنف، والحل من وجهه نظرهم "صمت الفتيات"
لكن يا ترى ماذا سوف يكون رد فعل الاهالي والمجتمع وخطيبها على حديثها ذلك؟.
تصنيف الرواية
اجتماعية، واقعية قضايا هامه، روايات مصرية روايات واقعيه
حوار الرواية
عاميه، لهجة مصرية
سرد الرواية
الفصحى
❈-❈-❈
الفصل الواحد وعشرون
في منزل زبيده فجاه تعالت أصوات طرقات عنيفه علي باب المنزل بقوة لتنتفض زبيده معتدلة نصف جالسة فوق فراشها بدهشة لتنهض محاولة معرفة من هذا المقتحم الغبي الذي يطرق الباب بتلك الهمجية وعندما خرجت من غرفتها وجدت مني هي الأخري تهرول بقلق شديد لتفتح باب المنزل و تفاجأت به عده افراد من الشرطه علي عتبه المنزل..
تراجعت زبيد للخلف بخوف فكان الضابط يتفحص شكلهم بدقة و تركيز و كانه فنان علي وشك رسمهم، ابتلعت زبيده ريقها بتوتر قائله بحده
= في ايه انتم ومين؟ وعاوزين ايه؟
التفت الشرطي حوله باحثا بعينيه الثاقبة وهو يقول بنبرة خشنه
= مش هنا منزل المرحوم حمدي عبد المجيد ..هو كان مقيم هنا؟
هتفت مني بصوت مرتبك وهي تنظر إليه بتعجب
= ايوه صح حمدي اخويا كان ساكن هنا مع ماما بس هو في ايه ؟ هو حضرتك اللي بتحقق في قضيه قـ ـتله و عاوزين تحققوا معنا ثاني؟ بس احنا سبق ورحنا وقلنا إللي نعرفه في القسم واحنا ما نعرفش حاجه أصلا ولا نعرف ريحانه قـ ـتله ليه لحد دلوقتي؟
كأنه لم يكن يسمعها لتوه ثم أشار الضابط بكفه بطريقة حازمة و قال بصوت عالٍ
= ادخلوا فتشوا كل مكان في البيت يلا
ضغطت زبيده علي شفتيها السفلي و الغضب يملئ عينيها وهي تقول بعصبية
= حيلك انت وهو تخشوا تفتشوا ايه وليه؟ يعني احنا إللي لينا حق وتيجي تفتشوا بيوتنا هو في ايه بالضبط
صاح الضابط إليها كـثور ثائر وقال بصوت مزدوج بغضب وتحذير
= وطي صوتك واتكلمي معايا باحترام انا لحد دلوقتي بتكلم بكل هدوء واحترام معاكي.. وانا معايا إذن بالتفتيش و دلوقت حالا هتعرفي في ايه؟
شعرت مني بالخوف والقلق لتتحرك تجاه والدتها وهمست بصوت منخفض
= ماما استني عشان نعرف في ايه
اطلقت زبيده تنهيدة قوية مرتخية باعصابها وهي تربع يدها عند صدرها علي مضض في حين هتف الضابط بجدية متسائلا باهتمام
= فين اوضه حمدي اي اوضه من الاوض دي كان بيبات فيها
عقدت مني حاجبيها بدهشة وقلق وهي ترفع يدها قائله بحيره
= اللي هناك دي.. ومن ساعه الحادثه ما حدش قرب ليها هو في ايه بالضبط يا حضره الضابط ما تفهمنا عشان نساعدك
لم يجيب عليها في حين اشاره الضابط برأسه بحزم الي باقي العساكر بينما اخذت الشرطه تتفحص المنزل والغرفة بنهم حتي وجد أحد الأفراد كرتون أسفل الفراش ويبدو انها هي المطلوبة حيث عندما أمسكها الضابط وجد بداخلها صور لفتيات صغيرات وبعض اوراق وملفات و كاميرا فيديو! ابتسم الضابط بسخرية واستهزاء هاتفاً
= الظاهر زي ما توقعنا البيه ابنك ما كانش متوقف بس على بنت اخوه لا الموضوع كان متطور معاه وبيصطاد بنات ثانيه عشان
يمـ ـارس شهـ ـوته القذره عليهم هما كمان
ثارت زبيده من داخلها و امتعاض وجهها بغضب متماسك وهي تقول بغيظ
=هو في ايه بالضبط ما تتكلم على ابني كويس انا مش فاهمه اصلا انتم بتدوروا علي ايه؟ ولا ايه اللي في ايدك ده
تطلع فيها الضابط بثبات ثواني ثم ارداف بحدة
= في أن استاذ حمدي ابن حضرتك كان بيستغل بنات صغيره وقاصر ومنهم ريحانه بنت اخوه عشان يتـ ـحرش بيهم ويعتدي عليهم جنـ ـسـ ـيا..!
تعالت شهقات مني لتضع يدها فوق فمها بعدم تصديق بينما حلت اثار الصدمة علي وجه زبيده التي ظليت ساكنه في حالة عدم استيعاب ثم ارتعشت لتنظر له بصدمة قائلة
-ايه ؟
❈-❈-❈
في مكتب المأمور جلس حمزه ناظرا إليه بأعين متسعه بصدمه هاتفاً باستفسار
= يعني ريحانه ما كذبتش وفعلا عمها
اعـ ـتدى عليها لمده ثلاث سنين وهي طفله صغيره
هز رأسه بالايجابي قائلا بجدية
= ايوه بالضبط اللي لقيناه في بيت حمدي بيقول كده، الظاهر أنه كان بيحتفظ بصورة من كل ضحيه عنده ده غير ورق كاتب فيه بعض مواصفات البنات طبعا بطريقه غير لائقه، وقائمه باسماء البنات نفسهم.. وكمان البيه كان بيصورهم بالكاميرا خاصه بي وهو بيتكلم معاهم بطريقته الخبيثة .. الاطفال ما تستوعبهاش وهم في سنهم ده عشان يعرف يصطاد الضحايا وتطمئن لي في البدايه.
جحظ حمزه عينيه وانطلق منهما شرارة اللهب وتبدل لونهما من اللون العسلى الى كتله من النار وهو يقول بغضب مكتوم
= الحيوان.. ده مستحيل يكون انسان ده مريض نفسي وكان لازم اهله يودوه مستشفى الامراض العقليه مكانه بين الناس كان اكبر خطر ليهم.. وانتم لقيته دليل في الكاميرات وهو بيمـ ـارس معاهم القرف ده
تحدث الضابط قائلا بتوضيح
= لا هو ما كانش بيصور تفاصيل زي كده بس كان بيصور حاجات ثانيه طريقه كلامه معاهم بحنيه ضحكوهم ولعبهم مع بعض والهدايا اللي كان بيجيبها ليهم عشان يحبوه.. وحاجات من دي كثير تخلي اي طفل يتعلق به.. بس في وسط الحاجات دي وهو بيصورهم كان بعض التجاوزات بتحصل ذي مثلا انه يحط ايديه في اماكن على جـ ـسمهم باستمرار واوقات بيحضنهم ويبوسهم كانه بيعبر عن حبه ليهم بالطريقه دي.. الظاهر انه كان بيصور الحاجات دي عشان يتفرج عليهم لوحده بعد كده.. تخيل اننا لما حاولنا نعرف عدد البنات اللي عمل معاهم كده من الصور و الفيديوهات اكتشفنا انهم حاولي ٢٤ بنت اعتدى عليهم
جنـ ـسـ ـيا؟؟
اتسعت حمزه عينا بذهول وصدمه هاتف بصوت بطيء أثار اشئمزازه من الحديث
= ٢٤ بنت و ولا واحده منهم اهلها قدمت بلاغ ضده؟ ما هو اكيد مش كل البنات خافت انها تتكلم زي ريحانه او على الاقل الاهلي تلاحظ حاجه زي كده، لان حالات البنات بعد كده بتبقى معاناه بطريقه واضحه جدا ليهم.. ما هو مش ممكن كل الاهالي زي أهل ريحانه مادوش فرصه لاولادهم يحكوا ويتكلموا
ارجع الضابط ظهره للخلف متحدث دون تفكير بعدم رضي
= هو اكيد حد منهم اتكلم طبعا بس اكيد الاهالي هي اللي هتخاف وهتمنع اولادهم انهم يحكوا حاجه زي كده حصلت معاهم، وده طبعا عشان هيخافوا من الفضيحه والسمعه الوحشه اللي هتفضل ملازمه اولادهم طول حياتهم
جز على أسنانه بغضب شديد وهو يقول بعدم تصديق
= بس لو كل اب وام فكروا بالطريقه دي يبقى عليه العوض في حق البنات وبكده هيخفوا يتكلموا لو اتعرضوا لموقف زي كده ثاني و حالات التـ ـحرش ليها حق بقي تزيد باعدد كبيره.. ازاي في اب وام يعرفوا حاجه زي كده حصلت مع اولادهم وهم اللي يمنعوهم من أخذ حقهم.
هز الضابط كتفه يتنهد مرددا بيأس
= للاسف ده تفكير ناس كثير وفعلا معاك حق هم كده مش عارفين انهم بيساعدوا اولادهم على السكوت لما يتعرضوا لحاجه زي كده مره ثانيه ويا عالم المره الجايه هتوصل لحد فين!
نظر له حمزه بتوجس وهو يقول بنبرة شاردة بإحباط
= معنى كده من ضمن اسباب صمت الفتيات و جزء كبير من سكوت كل بنت هم الأهالي نفسهم!
❈-❈-❈
دلف اسماعيل الشقة بهدوء ليجد الردهة فارغة و الهدوء يعم المكان مما جعل القلق ينبض بداخله... اتجه نحو غرفة النوم على الفور و هو يشعر بقلبه يعصف بداخله لكن لم يجدها ليخرج يبحث عنها بالخارج معتقد انها قد خرجت بدون علمه مثل المره السابقه، لكن عندما خرج وجد باب غرفة أبنته ريحانه مفتوح على مصراعيه دلف الى الداخل بهدوء و عينيه مسلطة بقلق علي تلك التي تجلس على عقبيه الارض بجانب الفراش.. مغلقة العينين والدموع تنهمر من عينيها بغزارة، ليشعر بقبضة حادة تعتصر قلبه فور ان رأى اثر الدموع على وجنتيها الشاحبتين ليعرف انها كانت تبكي لفتره طويله وبالتأكيد كانت تتذكر ريحانه!! وبعد فترة قد شعرت به نشوي و نهضت بتثاقل حتى أصبحت أمامه متسائلة
= كنت فين يا اسماعيل؟
حمحم قائلا بهدوء مفتعل
= كنت بشوف محامي كويس لبنتك عشان يمسك القضيه
رفعت رأسها بحدة فور سماعها كلماته و اخذت تتطلع اليه عدة لحظات بأعين فارغة متسعة ثم ضحكت بشده طريقه مولمة وهي تقول بصوت غاضب بشده
= دلوقتي بس فكرت في بنتك ورحت دورت ليها على محامي بنفسك، مش كانت في الاول ولا تهمك ولا فكرت حتى تسال عليها وتشوفها عامله ايه وهي في السجن ده انت كنت خلاص هتتبرى منها.. دلوقتي بس حنيت لما عرفت ان اخوك هو السبب وأنه يستاهل القتل بسبب اللي عمله معاها
هل شعرت يوماً ما هي كسره الرجل الحقيقيه؟ أن يكون الرجل الذي مصدر القوه و الحمايه الي عائلته وفجاه بين ليله وضحاها يصبح هو الخطر الرئيسي الى عائلته وهو يقف عاجز يشاهد ما يحدث بقله حيله، وها هي تظهر على ملامح وجه اسماعيل الان الانكسار! غمغم بصوت يملئه الكسره بوضوح
= بس يا نشوى انا قلت لك مش رامي بنتي ولا مش بفكر فيها كل الحكايه كنت مشغول ومتلخبط ومش عارف اشوفها منين ولا منين بس الاكيد كنت لما اهدي هشوف الصح ليها واعمله
انتفضت في وقفتها و اخذت تتطلع اليه عدة لحظات بتشوش قبل ان تصيح بصوت عالي و هى تهتف بحده لازعه
= مشغول اه كالعاده كل اللي يهمك شغلك وانك تترقى وتكون احسن واحد بين صحابك والكل يقعد يشكر فيك ويهنيك على العمل العظيم اللي انت عملته! انما عمرك فكرت فيا ولا في بنتك الغلبانه اللي كانت بتشوفك فين وفين وما كنتش طول الوقت جنبها ولا تعرف حاجه عنها، اهو في الاخر اخوك دمرها وضيع مستقبلها بسببك
اتسعت عينا بغضب شديد ليقول صائحا بعصبية حادة
= نعم هو انتي هتجيبيها في دلوقت.. وانتي كنتي فين يا هانم مش انتي برده المفروض امها وتكوني جنبها طول الوقت وقريبه منها.. مش البنت برده قريبه من امها اكتر في الحاجات دي بالذات ما قربتيش ليه منها وصاحبتها على الأقل كنا عرفنا المصيبه دي و لحقناها، بس انا زي ما بيهمني شغلي عنكم زي ما انتي بتقولي انتي كمان كان كل إللي يهمك مصلحتك وشغلك برضه وبس.
لتقول نشوي صائحه بشراسة و قد تسارعت انفاسها و احتدت بشدة و غضب عاصف يشتعل داخل صـ ـدرها يجعل عروق عنقها تتنافر!! فهي امي موجوعة علي ابنتها الوحيده التي تصارع بمفردها خلف القضبان الحديدية
ذئاب بشرية.
= دلوقتي هتجيب الذنب عليا وهو الزفت حمدي ده يقرب لمين فينا مش اخوك اللي كنا بنامن لي ونسيب البنت معاه واحنا مطمنين ان عمره ما هيؤذيها اتاري البيه كان بيستغلها وبيستغل سنها و بيستغل ثقتنا فيه عشان القرف اللي بيعمله معاها بكل جبروت.. من غير ما يحس بذره ندم واحده
فرك وجهه بعصبية ثم نظر إليها مغمغماّ بصوت مثقل محاولاً تهدئتها لينهي ذلك النقاش والحوار المتعب قائلاً بعصبية و خشونة
=وانا مش ياما قلت لك الافضل ليكي تقعدي من شغلك وتفضلي جنب البنت عشان تربيها وتخلي بالك منها والدنيا مش امان.. بس انتي اللي رفضتي وقلتلي لا كله إللي شغلي ما اقدرش اسيبه انا اخذت عليه من زمان وما اقدرش اعيش من غير شغل صح ولا لا؟؟ مش طول الوقت كنت خايف عليكم وعاوز اوفر لكم الامان عشان ما تتاذوش من اللي بره، وياما حذرتك وكنت بعمل اللي عليا وزياده
اتجهت نحوه و هى تلفظ بصوت مرتجف وقد احتقنت عينيها بدموع حارقة لتردف من بين شهقات بكائها بعصبية شديدة
= ايوه ارمي الحق عليا زيك زي اي راجل عشان ما تطلعش نفسك غلطان واطلع انا في الاخر الام الجاحده اللي مش بتدور على مصلحه بنتها.. فضلت صحيح تحرص وتحمي بنتك من العالم اللي بره وكنت خايف عليها من كل الناس إلا اهلك وفي الاخر الطعنه جاءت منهم .. وبنتي كانت بتعاني واحنا مش داريين بيها وبدل ما كنا بنحميها كنا بنوديها بيدينا لي
توقف اسماعيل مكانه و هو يشعر بالعجز واليأس فهو لم يكن يرغب سوا بالوقوف بجانب ابنته عكس ما فعله بالماضي.. حتي يخفف شعورها باليتم التي باتت تشعر بي الان وهي بمفردها داخل الحبس و يهدئ من الالم الذى اصبح لا يطاق بصدره.. شحب وجهه فور سماعه كلماتها برعب حقيقي قائله
= انت مستوعب وفاهم كويس اللي رشوان قالوا لينا بنتك حكت جزء واحد ولسه في كلام ثاني! يعني مش بعيد اللي كان بيحصل ده ما حصلش معاها مره واحده لا استمر اكثر من مره، واحنا كنا فين نايمين في العسل ولا حاسين ولا دريانين اخوك ييعمل ايه ولا كنا نتوقع اصلا انه يعمل حاجه زي كده، وفي الاخر احنا اللي بنلمها وشايفين انها وحشه وظالمه عشان قـ ـتـ ـلت اخوك.. اخوك الطيب الحنين اللي ما تطلعش منه العيبه مش كده.. واتاري البيه كان راسم قناع البراءه قدامنا ومن وراءنا بينهش في لحم بنتك
اخذ اسماعيل نفساً طويلاً مرتجفاً بينما عينيه مسلطة علي زوجته لا يصدق أنها من تتحدث معه بتلك الطريقة القاسية... لكن يعلم معها كل الحق فـ الوضع أصبح صعب عليهم.. امتلئ قلبه بالألم شاعراً لأول مرة في حياته معنى انه يطعنه شخص في ظهره ويخون الثقه فهو دائماً كان يغرق شقيقه حمدي بحنانه و لين قلبه و يعطي ثقه عمياء و الان قد رد ذلك بـ سلب روحه أبنته! اصبحت عينيه ضبابيبتين ممتلئتين بالدموع همس بصوت متحشرج ملئ بالألم لكنه حاول مكافحة الدموع قائلا
= بس يا نشوى اسكتي
شعرت نشوي أنها كما لو كانت تحلم او ترى سراباً امامها قد صوره لها عقلها هزت راسها و هى شبه منهارة تبكى بشهقات طويلة مرتفعة تجعل كامل جـ ـسدها ينتفض مرتجفاً بينما قلبها يكاد يغادر صدرها من شدة خوفها و ارتعابها وهي تتذكر تلك التفاصيل البشعه
= لا مش هاسكت انا تعبت مخي مش موقف تفكير كل ما افتكر اللي انا سمعته وعرفته! ازاي اخوك جاء له قلب يعمل كده في بنتي؟ ازاي يعمل كده في عيله صغيره عندها خمس سنين؟ ازاي ما راعاش ان البنت دي تبقى بنت اخوه وما فكرش فيك؟ ولا فكر في اللي هتعاني بعد كده بنتك؟ انا كل ما افتكر اللي انا بنفسي كنت باسيب البنت معاه وانا متطمنه واوديها لي غصب عنها كمان، بابقى عاوزه اموت نفسي!! انا كنت باوديها بيدي لي يعني انا شاركت معاه في اذيه بنتي
بداخل مدرسه نشوى كانت تجلس كعادتها خلف المكتب تعمل ثم لتنتبه الى ابنتها ريحانه التي تجلس بجانب النافذه وتضع يديها الاثنين فوق بعضهم علي السور و تسند وجنتيها اعلي يدها وهي شارده بالخارج بصمت منذ دخولها معها الى المدرسه على غير العاده تجلس بهدوء ولم تفتعل الفوضى والمشاكل، عقدت والدتها حاجبيها باستغراب قائله مستنكرة
= غريبه يعني قاعده ساكته ومش بتعملي دوشه ذي كل مره، سرحانه في ايه في الشباك ومخليكي هاديه وساكته كده
كانت حينها ريحانه تلتزم بالهدوء والسكينة رغم عنها حتى لا ترسلها والدتها الى عمها حمدي بعد ان ياست أن يصدقها أحد! ثم أجابت علي والدتها بقولها بصوت خافت وهي تحدق من خلف الزجاج
= بتفرج علي عم حسن (بوابه المدرسة) وهو بيرش الزرع
نهضت نشوي وهي تحمل حقيبتها وتضع بداخلها الهاتف و مفاتيح الغرف مرادفا
= طب لو زهقتي تعالى اتصل بعمك حمدي تقعدي معاه شويه عشان كمان شويه هخرج ومش هينفع اسيبك لوحدك هنا.. وكمان النهارده الوزاره هتبعت لجنه تمر على الفصول و ما ينفعش يشوفوكي هنا
انتفضت ريحانه من مكانها بذعر لتركض إلي والدتها تقول بتوسل وخوف
= لا انا مش عاوزه اروح في حته انا هفضل هنا ساكته ومش هعمل دوشه خالص .. ونبي يا ماما عشان خاطري ما تودينيش عند عم حمدي انا عاوزه اقعد هنا معاكي
لم تعطي نشوي الامر كثيرا اهميه معتقد انها تتدلل حتي توافق على جلوسها بداخل المدرسه لتلعب بحريه اكثر وهي بعيده عنها ..هزت رأسها برفض وقالت بحده
= قلت لك مش هينفع افرضي حد دخل لك هنا ولا عملك حاجه و ممكن بعد الشر تبصي جامد ناحيه الشباك وتقعي انا عارفاكي ما بتبطليش شقاوه، وانا هفضل طول اليوم مع اللجنه إللي بعتاها الوزاره.. مش هكون متطمني عليكي كده الافضل تعقدي الفتره دي مع عمك حمدي عشان اطمن عليكي اكثر
همس اسماعيل بصوت يملئه الحزن و اليأس و هو ينظر اليها بتضرع
= بس يا نشوى اسكتي وكفايه إللي احنا فيه.. مش وقت دلوقتي نقعد نلوم بعض ونفكر مين اللي غلطان.. واحنا الاثنين غلطانين خلاص ارتحتي اسكتي بقى
صف حمدي سيارته امام مدرسه ريحانه ليهبط منها وهو يتحدث بالهاتف قائلا
= خلاص يا نشوى اطمني انا وصلت المدرسه بتاعتها اهي هاخذها واخليها تقعد معايا لحد ما تعدي عليها بالليل وتاخذيها مني ..زي ما اتفقنا سلام
تعالى اصوات جرس المدرسه لخروج الاطفال الي منازلهم مع اهاليهم.. وعندما خرجت ريحانه تركض معتقده ان والدتها جاءت لتاخذها مثل كل مره، لكن تفاجئت بعمها حمدي هو من يقف بانتظارها امام المدرسه!! توقفت بفزع وهي ترجع بخطوات الى الخلف بقدمها بخوف متسائلة بتوجس
= هي ماما فين ؟.
أبتسم حمدي وأجاب بهدوء شديد
= ماما يا حبيبتي عندها شغل كثير ومش هتعرف تاجي تأخذك من المدرسه النهارده وانا أهو جئتلك بنفسي عشان اخذك بدلها.. يلا تعالي عشان نروح
سحبت يدها منه بقوه و رفض وهي تصيح بخوف وذعر
= لا انا مش عاوزاك انا عاوزه ماما او اتصل بـ بابا يجي ياخذني.. مش عاوزه اروح معاك
جز على أسنانه بغضب مكتوم عندما وجد بعض المدرسين نظروا اليه بشك علي صراخ ريحانه ثم قال بحده خفيف
= في ايه بس يا ريحانه اهدي يا حبيبتي ما قلت لك مشغولين الاثنين تعالي معايا وانا هجيبلك حاجه حلوه..
هزت راسها برفض عده مرات وهي ترتجف برعب منه، في حين اقتربت المعلمه منهم.. بينما حمحم حمدي بتوتر وقال
= انا عمها حمدي في مقام ابوها برده لو عاوزاني اتصل لك بحد من اهلها عشان تتاكدي اتفضلي التليفون هما اللي بعتوني اخدها
هزت راسها المعلمه مبتسمة لتردف بتفهم
= مفيش داعي يا استاذ حمدي مدام نشوى اتصلت بينا فعلا وقالت لينا نسيب البنت تروح معاك النهارده ،وكمان هي مديانا خبر في اي وقت حضرتك تيجي تاخدها أنت أو والدها نسيبلك الطفله تروح معاك
ثم انزلت المعلمه على ركبتها لتصل لمستوى ريحانه وهي تتحدث بابتسامه هادئه
= في ايه بس يا ريحانه ده عمك برده يا حبيبتي مش حد غريب يلا يا حبيبتي روحي معاه عشان زمايلك هم كمان ماشيوا ومش هينفع تقعدي لوحدك في المدرسه
أما حمدي فقد تنهد مبتسم بارتياحيه..
تحدثت نشوي ببطئ ليرى اسماعيل الألم المرتسم داخلها مما جعله يرغب بسحق ذلك الخسيس شقيقه لتخريبه لحياتهم وحياه أبنته المسكينه.. وقد اغمقت عينيها بالألم قائله
= ايوه صح انت كمان غلطان عشان انت كمان كنت ساعات بتسيبها هنا في البيت معاه لوحدهم وتروح مشاويرك اللي وراك براحتك.. وانت مش متوقع هو بيعمل ايه مع بنتك في البيت.. ايوه احنا الاثنين غلطانين احنا اللي وصلنا بنتنا لكده
تسارعت انفاسه و احتدت بشدة شاعراً بالارض تميد اسفل قدميه و قد فرت من جسده الدماء فور سماعه كلماتها تلك استقرت عينيه المتسعة الى نقطه بعيداً مولمة حدثت بالفعل؟ في ليالي كان يجبر ابنته للجلوس معه هنا بالمنزل بمفردهم..!! هل معنى ذلك انه ايضا شريك في هذه الجريمه؟
بداخل منزل إسماعيل.. أغلق الباب وهو ينظر إلى شقيق باسف مرددا بقله حيله
= معلش يا حمدي جبتك على ملا وشك، بس انت عارف شغلي ملوش مواعيد ولازم لما يطلبوني في القسم اروح ليهم على طول.. وللاسف النهارده نشوي مسافره رحله تبع المدرسه و امك اكيد في الوقت ده نامت وما رضيتش ازعجها.. فملقتش غيرك يجي يقعد مع ريحانه لحد ما ارجع من الشغل
ابتسم حمدي من زوايا فمه هاتفاً بلهجة حنونه
= ولا يهمك يا حبيبي هو انا غريب يعني.. ده انا في مقام ابوها روح انت شغلك وبراحتك وما تخافش عليها ..ريحانه دي في عيني
ثم رحل والدها و اغلق حمدي خلفه ليلتفت وراه بينما عينيه مسلطة على ريحانه التي تقف خلف المقعد تتحامى فيه تلك الطفلة التي تراجعت الى الخلف بفزع عندما وجدت نفسها بمفردها معه..! وقد أزال حمدي وجه البراءه ليحل وجه الشيطان الخبيث ..امتلئ ريحانه قلبها بالرعب واصبحت عينيها ضبابيبتين ممتلئتين بالدموع ..لكن ما اقترب منها شعرت بيدين تجذبها بقسوة من الخلف المقعد نحوي.
اجبر شفتيه على التحرك هامساً بصوت مختنق مرتجف
= خلاص بقى يا نشوى اسكتي بقولك ،هو انتي مفكره قلبي حجر مش بحس ولا حاسس نفسي إني عاجز ..انا لحد دلوقت زيك مصدوم ومش عارف اعمل ايه؟ واذا انتي زعلانه عشان بنتك وصدمتك في اخو جوزك فانا زعلان على بنتي ومصدوم في اخويا اكثر منك
شعرت أنها فقدت نشوي أعصابها و هي في حالة شبه هستيرية لتكمل و عينيها تلتمع بالقسوة لأول مره تشعر بها تجاه شخص متحدثه بغل كبير بحرقه
= حسبي الله ونعم الوكيل ..حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا حمدي من هنا ورايح مش هادعيلك في صلاتي واترحم زي ما كنت بعمل زمان وصعبان عليا.. لااا دلوقت هفضل ادعي عليك ما تتهنيش يوم واحد في تربتك غير وربنا واخذ لي حقي بيني منك.. اه يا ناري يا ريتك كنت عايش يا حمدي الكلب كنت انا اللي قـ ـتلـ ـتك بيدي
يـتـبع...