-->

رواية صمت الفتيات - بقلم الكاتبة خديجة السيد - الفصل الثالث والعشرون

رواية صمت الفتيات - بقلم الكاتبة خديجة السيد 

 الفصل الثالث والعشرون


تعريف الرواية

نبذه مختصره عن الروايه:- تبدأ الحكاية في نسق مشوق مع ظهور عروسة بفستان زفاف ملطخ بالدماء قد ارتكبت جريمة قتل وبعدها يتم القبض عليها ليلة زفافها؟ ويفشل المحقق أن يقنع العروسه بالتحديث وتستمر بالصمت فقط في ظل أحداث غامضة دون دوافع للقتل! و هكذا توصد كل الأبواب وتساق عليها؟ 


حتى كانوا لا يعرفون اسباب عائله المجني عليها وخطيبها الذي يصاب بصدمة كبيرة، وفي مجتمعاتنا الشرقية وتكون التأويلات كثيرة ويُصدر الناس أحكامهم ضد المتهم من لحظة الإمساك به، ويتشوق الجميع لرؤية القاتل معلقا بحبل المشنقة وباسرع وقت مما يدفع أجهزة النيابة والقضاء سرعة، فعندما تكون المتهمة امرأة وبأي قضية فلا أعذار لها ولا بحث عن الدوافع.


لكن فجأة تعاكس الأقدار ومع قرار المتهمه المفاجئ اخيرا بالتحديث لكن أمام الصحافه!! لكن ليس حتى تنقذ نفسها بل لانقاذ حياة اطفال ابرياء حتى لا يقعون مثلها في ذلك الفخ! و تبدأ بالسرد بما تستطع البوح به خلال طفولتها بما أصابها لتحمل طيلة عمرها عقدة الخوف والوحدة لتوصلها في نهاية المطاف إلى ذلك الحل حتي لا يقع غيرها بي، حتى لو اضطرت الي فضح نفسها؟ بصفتها قضية حساسة يرفض المجتمع علاجها خوفاً من الفضيحة والعار الذي سيلحق بالفتيات الصغار الغير مذنبات، مستخدمة نظرية العنف يولد العنف، والحل من وجهه نظرهم "صمت الفتيات"


لكن يا ترى ماذا سوف يكون رد فعل الاهالي والمجتمع وخطيبها على حديثها ذلك؟. 


تصنيف الرواية


اجتماعية، واقعية قضايا هامه، روايات مصرية روايات واقعيه 


حوار الرواية


عاميه، لهجة مصرية


سرد الرواية


الفصحي

❈-❈-❈

 الفصل الثالث وعشرون


مددت بقدميها امام الطاولة الصغيرة المتواجدة امام التلفاز و تمعن بجثتها علي الاريكة غير مباليه وهي تأكل بعض "اللب" و تبصق بقشرتها علي السجاد تحت قدمها.. لتخرج والدتها في نفس اللحظه من المطبخ لتشهق بدهشة وغضب وكانت نظراتها تحمل كل انواع الاشمئزاز


= ايه القرف الي حضرتك عامله ده روح اكنسي الارض..و نضفي مكانك ، انا ليله ونهار عماله الم وراكم حرام عليكم انا تعبت الاسم مخلفه اربع بنات و ولا واحده عندها دم فيكم تساعدني 


كانت الفتاه الثانية ذاته خمس عشر سنوات تجلس بجانب شقيقتها احلام و اعتدلت جالسة باستقامة و رفعت اعينها الحادة لها لتقول 


= انا ماليش دعوه انا اصلا مش بحب اللب وأنتي عارفه كده كويس.. دي احلام وانا قلت ليها ماما هتزعق وما سمعتش الكلام 


ادارت أحلام ذاته تسعه عشر سنوات محور رأسها تجاه والدتها بعدم مبالاه و عاودت رأسها الي التلفاز لتقول بعدم اهتمام 


= لما البرنامج يخلص هقوم المه انا يا ماما خلاص ارتحتي كده


جزت رحاب علي أسنانها بغضب مكتوم وهي تهتف بعصبية


= يلا يا بت اجري أنتي وهي من هنا هو انا لسه هاستنى لما الزفت اللي بتتفرجوا عليه يخلص قومي هاتي المكنسه ونظفي قبل ما ابوكي يجي.. و يلا يا هانم انتي الثانيه روحي ذاكري يا أم ثانويه عامه مع اختك التوام جوه.. وبعدين هي فين اختكم دهب كمان لتكون بتعمل مصيبه جوه انا عارفاكم لما بتخفوا عني فجاه بتحصل كارثه في البيت 


تنهدت بعبس شديد كلا من الفتيات لتنهض واحده منهم قائله بضيق شديد


= ولا كارثه ولا حاجه اهي قاعده جوه ربنا هديها وعماله تذاكر مع نفسها بقيلها على الحال ده اكثر من شهرين، اما اروح انا كمان اذاكر احسن ادبس في لم اللب اللي ماليش فيه ده 


وفي نفس اللحظه تعالي طرقات علي باب المنزل بعنف لتذهب رحاب تفتح الباب لكن تراجعت الى الخلف بفزع عندما دلف بدر زوجها الى الداخل كالاعصار و هو يندفع نحوها بوجه اسود عاصف


= دهب فين.. فين بنتك يا هانم؟ 


عقدت حاجبيها بدهشة وقلق ثم نظرت إليه متسائلة بحيره


= مالك يا بدر في ايه بتسال على دهب ليه قاعده جوه بتذاكر هي عملت حاجه؟ انا قلت مش متطمنه لقعادتها للمذاكره لوحدها دي


لكن ما انهت كلماتها تلك الا ان أبعدها بقسوة من أمامه لبعيداً عنه و صوت بدر الغاضب يعصف بانحاء الارجاء بقسوة


= دهـب انـتـي يـا بنـت تـعالـي هـنـا 


تجمعت الثلاث فتيات بقلق ورعب وهم لا يفهمون ماذا فعلت شقيقتهم الصغيره دهب حتى تغضب والدها هكذا؟ 


وبعد فترة خرجت دهب و انتفضت متراجعة للخلف بقوة كما لو كانت لمسـ ـته قد احرقتها و الخوف يرتسم على وجهها من غضب والدها هذا... تراجعت للخلف اكثر مبتعدة عنه قدر الامكان و هى تتذكر ما حدث بها وعند اخر لحظه انقذتها ريحانه قبل ان تقع أحد ضحايا حمدي المتـ ـحرش.. شعرت دهب يوجد أمر مريب وان قد كشف امرها والدها مما جعل الخوف و الذعر يسيطران عليها لتهتف بارتجاف


= نعم 


ظل والدها يقف بمكانه عدة لحظات بجمود و هو يتطلع الى طفلته ويتذكر حديث الضابط عنها، نظر لها باعين مظلمة ممتلئة بالغضب العاصف


= هو سؤال واحد ويا ويلك لو عرفت ان ده حصل فعلا وانتي مخبيه عليا، عشان مش على اخر الزمن اتجرجر في الاقسام وسيرتي تبقى على كل لسان من تحت راسك.. الزفت اللي اسمه حمدي يوم فرح ريحانه اللي على طول ماسكه فيها وقاعده ليل ونهار معاها.. الراجل ده حاول يعمل لك حاجه ولا يقرب منك ؟!. 


سقط قلب دهب فور رؤيتها غضب والدها الشديد لتشعر بالرعب المرتسم بعينيها بوضوح فقد كانت خائفة منه حقاً...ابتلعت بصعوبة ريقها بتوتر ملحوظه بينما اقتربت رحاب منه بدهشة وغضب


= هو في ايه يا بدر ايه الكلام اللي انت بتقوله للبنت ده وهي مالها بالزفت حمدي اللي الجرائد مليانه بالقرف اللي كان بيعمله ده! بي بنتك 


زمجر بشراسة من بين اسنانه المطبقة بقسوة


= مش عاوز ولا نفس .. وأنتي انطقي ما تفضليش ساكته حمدي قريب ريحانه قرب منك ولا لمـ ـسك؟ 


صمت الجميع بخوف منتفض علي صراخ بدر وهو ينتظر اجابه ابنته بفارغ الصبر؟؟ 


امتصت دهب شفـ ـتيها السفلي و جـ ـسدها يرتجف متوجهه بنظرها الي والدتها المشفقة الحال عليها.. وعلي أشقائها الثلاث فتيات.. ثم ازاحت دمعاتها عن عينيها وقالت بصوت خافض مؤلم يخرج من ثغرها بالغصب 


= لا معرفوش و معمليش حاجه


كان اسلوب قاسي جدآ ليستجيب طفله بذلك العمر ويهددها بشيء لم يكن لها يدي فيه؟ لكن هكذا تتولى الامور مع بعض الفتيات المذنبه بالتحرش! بينما تنهد والدها بارتياح شديد معتقد ان ابنته تقول الحقيقه لا يعرف انها اضطرت للكذب حتى تنقذ نفسها من غضبه الشديد..انقذت نفسها منه حقا لكن اوقعت غيرها في الهلاك.. لكن قد شعرت رحاب والدتها بالشك من خوف ابنتها الزائد. 


❈-❈-❈

فى المحكمه فى تلك البقعه التى تعج بالناس من متهمين وذويهم ومحامين وعساكر وحاجب ينادى على القضايا كل حسب دوره.. كانت تقف ريحانه بالخارج و الكلبشات حول يديها باحكام في انتظار مصيرها المجهول؟ فقد ارهقت فى الأشهر الماضيه بما فيه الكفايه ،كانت تتمنى مؤازرة اسرتها لها لكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه ،حتى خطيبها تركها تواجه مصيرها بمفردها كأنها أفه ،لا يحق لها معاتبته فماذا تنتظر منه بعد أن أضاعت مستقبلها وحلمه في ليله زفافهما! ثم عادت الى رشدها عندما تقدم منها رجل في سن الأربعين قائلا بهدوء


= ازيك يا انسه ريحانه انا مامون المحامي اللي هامسك قضيتك ان شاء الله و هترافع عنك 


جحظت عينها من الغضب و تحدثت ببرود قائله بلهجة ساخره


= ويا ترى المره دي هيكون ايه الحل عشان تطلعني من هنا؟ المره اللي فاتت كنتم عاوزين تطلعوني مجنونه ..المره دي ايه هتطلعوني فاقده الذاكره ولا هتطلعوا لي شهاده اني محتاجه معامله اطفال 


ابتسم المحامي من زاويه فمه فهو لديه علم بكل شئ من والدها اسماعيل ليقول بابتسامه هادئه


= ولا مجنونه ولا فاقده الذاكره انا جاي ادفاع عن الحق وبس ،وبدون ما ازوق الواقع واغير فيه! 


تنهدت ريحانه بعمق شديد ولم تجيب عليه في حين هرولت إليها والدتها وخلفها زوجها اسماعيل لتركض نشوي تحضن ابنتها وهي تقول بين دموعها


= قلب امك حبيبتي عامله ايه طمنيني عليكي انتي كويسه يا قلبي.. برادي قلبي وردي عليا انا قلبي واجعني من ساعه لما عرفت اللي حصل ..حقك عليا يا حبيبتي 


ظلت ريحانه صامتة بريب تحدق بالفراغ ولم ترفع يدها تضمها مثلها حتي، ثم نظر اسماعيل إليها بقله حيله في حين سمعت اسمها من الحاجب حتي تدلف الي المحكمة، لتتحرك مع العسكري لم تنطق بحرف وأحد


انتفضت نشوي بعد رحيل ابنتها من بين احضانها ،ذارفا العديد من عبرات الندم وتحدثت من بين دموعها بتوجس


= البنت مش بترد عليا يا اسماعيل دي حتي ما رفعتش عينها في عينينا


صمت ثواني ثم هتف بصوت منخفض حزين


= كانت في الاول هي اللي بترفض تشوفنا ومش عاوزه تتكلم.. دلوقت احنا اللي مش عاوزين نشوفها عشان مش قادرين نحط وشنا في وشها ..ولا عارفين ممكن نقول ايه نهون عليها بي؟ 


❈-❈-❈

كانت زبيده نصف نائمة تحاول ان ترتاح بعد موجة الصدمات التى اصابتها عندما سمعت طرق حاد متتالى على باب الشقة مما جعلها تتحامل على نفسها و تنهض بتثاقل لكى تذهب و تفتح الباب... لكن ما ان فتحته تراجعت الى الخلف بتوتر شديد عندما دلف اسماعيل ابنها الى الداخل كالاعصار.. ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهمست بخفوت


= اسماعيل


هتف اسماعيل و هو يندفع نحوها بوجه اسود عاصف


= مالك مصدومه كده ليه؟ ايه ما كنتش عاوزاني اجي ولا ايه! مش انتي اللي من ساعه اللي حصل عماله كل شويه تخلي مني تتصل بيا وتعاتبني عشان مش باجي اديني جيتلك أهو


تنهدت زبيده بضعف شديد وهتفت


= اتفضل يا ابني ادخل 


ابتسم بسخرية وهو يقول بغضب شديد وعيناه تقدح شرار حاقد


= هو انا بجد لسه ابنك؟ طب كويس انا عندي سؤال واحد بس ولازم تجاوبيني عليه! انا النهارده وانا في المحكمه بتاعه ريحانه عرفت ان المحروس ابنك قبل ما يموت كان بيعمل نفس اللي عمله مع بنتي مع 24 بنت غيرها.. 


تشدد جـ ـسد زبيده بذهول وصدمه فور سماعها كلماته الاخيرة تلك و صوت اسماعيل الغاضب يعصف بانحاء الارجاء بقسوة


= سؤالي هنا انتي كنتي فين من كل ده؟ عايز اعرف ما كنتيش تعرفي ولا عندك خبر عن القرف اللي بيعمله ابنك في بنات الناس ومع اكثر من واحده.. ردي عليا كنتي فين من كل ده؟ 


❈-❈-❈


دلفت نشوي من باب الشقة بمفردها بخطوات ثقيله وهي تدلف الي الداخل وأغلقت الباب خلفها دون انتباه حتي كادت ان تسقط على الارض...لكنها تماسكت بضعف بالطاولة التى بجانب الباب حتى تبقى على قدميها لكن 

جـ ـسدها ينتفض بارتجاف بالكامل حيث كلمات ابنتها ريحانه ترن بأذنها عندما قصت عليهم الحقيقه الكامل وكل ما كان يفعله معها حمدي ذلك الخسيس الذي لا يستحق لقب عم، لتنتحب بشهقات ممزقة بينما تنحنى على نفسها تخفض بجسدها من ألم قدمها لتجلس أرضا بإهمال وهي لا تستوعب كل ما مرت به طفلتها الوحيدة منذ طفولتها وهي كانت لا تشعر بها مطلقاً اي أم هي! حتي لا تشعر بوجع ابنتها و احتياجها إليها، ظلت تعاتب نفسها كثيراً بشده و ضميرها يونبها.


ضمت جـ ـسدها بذراعيها وهى تبكى بمرارة و ألم فقد كانت في حالة من الصدمة و الذهول لا تصدق ان كان يحدث كل ذلك وهي كانت كمغيبه؟ فماذا فعلت ابنتها حتى تستحق كل ذلك العذاب.. ماذا فعلت حتي يستغلها حمدي لمده ثلاث سنوات ليمـ ـارس شـ ـهوته القذره عليها دون رحمة.. و كيف امكنه فعل هذا بها.. دون ذره شفقه! 


اهذا ذات الشخص الذي كان لا يتحمل رؤيتها تعانى او تتألم حتي ان كان مجرد ألم بسيط... ويعتبر في مقام والدها الأخري.. فكيف استطاع ايذائها و تعنيفها بهذا الشكل.. فقد فعل بها شئ قبيح لا يغتفر لكن ماذا فعلت طفله صغيره بريئه حتي تستحق ما فعله بها..


اخفضت رأسها بينما تنتحب علي حالتها تلك شاعرة بألم حاد يعصف بقلبها يكاد ان يحطم روحها الي شظايا من شدة الحزن.. ظلت جالسة بمكانها عدة دقائق تحاول تهدئت ارتجاف جـ ـسدها قبل ان تنهض بتثاقل تجر قدميها بصعوبة و هى تنوي الذهاب الي غرفه ابنتها لتفتح باب الغرفة وتدلف لتنام فوق فراش ابنتها وتضم وسادتها لتشم رائحتها به حتي تشعر بها جانبها ليرتاح قلبها حتي ولو قليل. 


وضعت يدها فوق قلبها محاولة تخفيف الألم الحاد الذي يعصف به و هي تهمس دون وعى من بين شهقات بكائها المريرة بكلمات متقطعة غير مترابطة بصوت مكتوم باكي القهر ينبثق منه


= ريحانه.. سامحني يا قلب امك... ازاي هونتي عليا اعمل فيكي كده... انا مش أم ما استحقش تكوني بنتي.. سامحني يا حبيبتي امك.. اااه يا بنتي


❈-❈-❈

بداخل السجن بالتحديد داخل مكتب المامور حاول حمزه رسم ابتسامه صغيره وهو ينظر إلي ريحانه بهدوء ثم هتف قائلا باستفسار


= اخبارك ايه يا انسه ريحانه شفتي زي ما وعدتك حصل، زي لما بتساعدي الشرطه هم كمان هيساعدوكي تجيبي حقك، الحمد لله ان لقوا دليل على كلامك ودلوقتي محدش يقدر انه يكذبك.. انا عرفت ان قضيتك اتاجلت بسبب الادله الجديده إللي ظهرت مش كده 


لم يجد رد مني وقد وقعت عينيه على وجهي الذي كان يظهر عليه بوضوح علامات الحزن و الدموع ملات عيناي عقد حاجبيه بدهشة وقلق هاتفاً


= مالك انتي كويسه في حاجه مضايقاكي المفروض تكوني فرحانه دلوقت في امل ان شاء الله


ارتجفت شفتي في قهر و انا اهمس بصوت ممتلئ بالألم و الحسرة


= عرفت في النيابه ان في حوالي 24 بنت زيي حصل معاهم كده نفس اللي حصلي من عمي حمدي، عانوا من نفس اللي انا شفته ما كانش بيكتفي بيا انا وبس .. ازي جاء له قلب يعمل في بنات كثير زيي كده، مش قادره اصدق اللي عرفته 


تنهد حمزه بضيق شديد وقال 


= على فكره دي حاجه متوقعه أصلا واحد بالاخلاق دي وما عندوش ضمير ولا حتى راعه انك بنت أخوه يبقى مش هيصعب عليه لما يعمل مع بنات ناس ثانيه غيرك.. بس تعرفي ايه اللي يغيظ ويضايق بجد؟ ان ما فيش ولا بنت من الـ 24 اللي عمل فيهم كده قدم بلاغ واحد بس ضده 


تحولت دموعي الى شهقات بكاء عالية ممزقة و أنا أتحدث بصوت منخفض ملئ بالحسرة


= عشان كده للاسف فضل مستمر عادي في اللي بيعمله وبيدور على ضحايا جديده واحنا اللي خليناه يكمل في القرف ده و أنا واحده منهم شاركت في كده وكنت السبب في انه يدمر بنات غيري لما سكت ..يا ريتني كنت اتكلمت من بدري شويه يا ريتني كنت قتلته اصلا من اول ما عمل فيا كده.. وياترى انا رقم كام فيهم الاولى ولا العاشره ولا الخامسه و ايا كان.. كان لازم اتكلم كنت هنقذ نفسي وبنات غيري بعدي 


انهيت من جملتي دافنة وجهي بين يدي بينما حلقي كان ينقبض وأنا احاول كتم شهقات بكائي لكنها فلتت مني منكسرة.. شعر حمزه بقبضة تعتصر قلبه و بألم يكاد يحطم روحه الي شظايا و هو يستمع الي ما عانته بسبب ذلك اللعين عمي، ثم هتف وقال


= ما عشان كده يا ريحانه بنقول ان السكوت في الاوضاع دي عمره ما كان حل ومهما هتكون النتيجه المهم ناخذ حقنا ونوقف الناس دي عن اللي بيعملوه 


نظرت اليه وعيني تنبثق منها خيبة الامل و الجرح وقلت


= معاك حق انا كل ما افكر ان في بنات غيري عانت وشافت اللي انا شفته بحس نفسي بيروح مني وبموت من جوه، ما كنتش عاوزه حد يمر ولا يحس باللي انا حسيته احساس بشع و وحش قوي، المعاناه دي صعبه قوي في السن ده.. بس اكيد هو هددهم زي ما هددني عشان كده خايفوا 


هز رأسه حمزه هو ينظر الي بتضرع وقال بصوت جاد


= الخوف ده احساس وحشه قوي وبيخلينا نخسر والنتيجه اهي.. بس انا برده مش قادر استوعب ازاي ولا حد من أهل البنات دي ما اعرفش وجي يبلغ او على الاقل يروح لعمك ويتخانق معاه يفضحوا ودي حاجه برده مش قادر استوعبها


همست بألم و قد بدأت عيني تصبح ضبابية ممتلئة بالدموع متسائلة


= قصدك ايه؟ 


اجاب حمزه بصوت خاب مختنق يملئه اليأس


= قصدي ان اكيد مش البنات بس اللي خافت اهاليها كمان خافت تتكلم عشان ما يجيبوش لنفسها العـ ـار و الفضيحه لاولادهم وليهم.. زي ما هم فاكرين ان السكوت هو الصح.. ما هو معلش اسف فاللي هقوله بس حسب كلامك في البدايه وانا اسف يعني اهلك السبب بسبب اهمالهم وانشغلهم لفتره طويله في شغلهم عنك ومن ناحيه ثانيه ودي الاهم ما كانوش بيديكي الفرصه انك تتكلمي وتعبري عن اللي جواكي.. فاكيد بعض الاهالي لاحظت على بناتها انهم فيهم حاجه واكيد في بنات حكت من نفسها بس المتوقع هنا انه الاهالي هي اللي سكتت! 


تنفست بصعوبة وأنا أفكر في كلماته بعمق محاولاً تهدئت اعصابي التى كانت على حافة الانهيار.. فهو بالفعل معه حق الأهالي لديها دور كبير في هذه المسائل، مثلما ما عانت انا اكثر عندما لم اجد احد منهم يسمعني ولا يصدقني.. صمت للحظة قبل ان اتحدث وأتابع بكلماتي المتقطعة من بين نشيج بكائي


= ايوه الصمت اللي دائما فاكرين هو الحل لكل المشاكل، والخوف من الفضيحه! وفي النهايه بندمر نفسنا بايدينا .. المشكله مش في اللي بيـ ـتحرش ويغتـ ـصب وبس؟ المشكله الاكبر من كده في مجتمعنا! 


صمت حمزه منخفض الرأس صامت و هو وغير قادر علي الرد عليا بينما الالم يمزق قلبي وهمست بصوت مختنق منتحبة 


= عمر ما حد هيجيء يحكي مشكله زي كده الا وهنطلع 100 مبرر وسبب للجاني؟ وهنسال اسئله ما لهاش علاقه باللي حصل، لكن ازاي نراعي بعض ونفكر ان كل بنت بيحصل ليها كده بيبقى جواها خوف من اللي بيـ ـتحرش وما من رد فعل الناس؟ احنا بنبقى شايلين هم الاثنين كاننا احنا اللي غلطانين مش هم! 


قاطعني حمزه سريعاً بانفس لاهثه و هو يشعر بكلماتي كالخنجر بصدره قائلا بتردد


= ريحانه انا اسف في اللي هقوله و لو هيضايقك ما تجاوبيش! بس هو انتي اتعرضتي للتـ ـحرش مره ثانيه غير من عمك؟ 


رفعت رأسي نحوه و الالم يمزق قلبي بقسوة وأنا امسح وجهي من الدموع العالقة بها وقلت 


= ايوه حصل..! بس المره دي ما سكتش واتكلمت؟ 


يـتـبع...