-->

رواية صمت الفتيات - بقلم الكاتبة خديجة السيد - الفصل الثامن والعشرون

 رواية صمت الفتيات

 بقلم الكاتبة خديجة السيد




الفصل الثامن والعشرون 

رواية

صمت الفتيات 



بعد سماعي حكم القاضي بالاعدام هذا شحب وجهي بشدة وقد تجمدت الدماء بعروقي رغم اني من البداية قد علمت اني سوف اجازي اكبر عقاب بالقانون لأجل جـ..ـريمتي فانا قد قـ..ـتلت شخص بذاته ليس قليل ما فعلته حتي لا أستحق ذلك الجزاء، لكن لم أنكر أني قد كأن لدي بصيص امل بالنجاه من ذلك العقوبه فانا في النهايه قتلت روح حتي أنقذ براءه طفله صغيره من ذئب مفترس، لكن من الصعب ان يحسبها احد هكذا وينظر لي على اني ضحيه وليس مذنبة! 


ظليت صامتة اتطلع الي الفراغ باعين متسعة ممتلئة بالفزع حيث كان يمر امام عيناي صور لي وأنا مرتديا البدله الحمراء وأسير بضعف شديد وخوف الى حبل المشنقه ليتم تنفيذ حكم الاعدام! و سرحت أيضا في مستقبل عائلتي البائس بعد ذلك، فـ بالتاكيد الوضع لم يكن سهل على احد أبدا، تصلب جـ..ـسدي من الصدمة واخذت امرر نظراتي المندهشة بين أمي و أبي الذين كانوا في حالة صعبه للغايه لا يصدق أحد إني قد تم الحكم عليه اخيرا بهذا الاتهام الشنيع بالاعدام.. و جذب انتباهي توتر جـ.ـسد حمزة برغم انه كان يحاول الا يظهر ذلك من خلال طريقة وقوفه المتصلبة.


لكني خرجت من شرودي هذا منتفضة في مكاني بفزع عندما سمعت صرخات أمي بقهر مريرة تنوح عليه وتضرب نفسها بطريقه هستيرية وبعدها سقطت أرضا مغمي عليها ولم تنطق وأبي نهض بصعوبة شديدة و ثقل حتي يذهب يساعدها رغم تعبه هو الأخري.. كان منظر صعب جدا عليه وانا ارى عائلتي تنهار حتماً بسببي.


مما جعلني اخفض عيناي سريعاً وقد تسارعت نبضات قلبي خوفاً فور سقوط أمي وركض بعض الناس إليها ليساعدوها وانا خلف القضبان أقف بقله حيله عاجزة اخذت ضربات قلبي تقصف داخل اذني من شدة الخوف علي أمي التي سقطت أرضا ولم تفوق حتي الآن!! ولم اشعر بنفسي غير وأنا اضرب القضبان الحديديه بيدي الضعيفة بقسوة شديدة وعنف وصرخات الاهات خرجت مني بوجع قلب وقهر اللذان يعصفان بداخلي.. وكاني اريد كسر الحديد لاخرج اطمئن على امي. 


حتي بدأت يدي تحمر بشده من الألم وأنا مازلت اضرب بالحديد بيأس حتي سقطت علي ركبتي وانا ابكي بشهقات ممزقة بينما كامل جـ..ـسدي يرتجف بقوة لي أعلم أنها النهايه.


❈-❈-❈


قـبـل سـاعـه.


اسرع حمزه راكضاً ليجد مجموعة من الناس مجتمعة اتجه نحوهم على الفور يعبر بين الناس تجاه نشوي الملقيه على الارض ساكنة بجمود بوجهها الشاحب الذي كان يشبه شحوب الاموات واسماعيل يقف جانبها وجـ..ـسده ينتفض بذعر شاعراً بالدماء تكاد تغادر جسده و عقله يصور له ابشع اللحظات ليجعله يقف بقله حيله مشلول ولا يستطيع التصرف؟  


بينما اتجه حمزه و انحني عليها جاذباً زجاجة عطر من احدي الفتيات و وضع كميه منها اسفل انفها محاولاً افاقتها لكنها ظلت ساكنة لا تصدر اي حركة تدل علي استجابتها مما جعل الفزع يدب بداخل اسماعيل و قد بدأ عقله يصور له سيناريوهات بشعة حول مـ..ـوتها لكنه آفاق عندما


صرخ حمزه على الجميع بالابتعاد عنها وهو ينهض يساعد جـ..ـسد نشوي علي النهوض ليقوم باخذها بسيارته حتي يأخذها المستشفي...


في الـوقت الحالـي.


كان اسماعيل واقفاً امام الغرفة التى ادخلت اليها زوجته و هو منحني الرأس ينظر امامه بصمت شاعر بقلبه يسقط بداخل صدره فور ان أستمع بنطق القاضي بالاعدام على ابنته وبعدها سقوط زوجته فاقده النطق و الحركه!! ظل واقفاً مكانه عدة لحظات  يقاوم المشاعر التي تتصارع بداخله لكنه لم يستطع الوقوف جامداً حيث تغلب علي جـ..ـسده و استسلم اخيراً وكاد أن يسقط لولا اسرع يمسك به كلا من حمزه وصديقه رشوان. 


ليجلسون أعلي المقعد بروح خاويه و باعين محتقنة شاردة فمنذ ان وصلوا الي المستشفي و هو علي حالته تلك؟ فقد كان ضائعاً.. عاجزاً بطريقة لم يعهدها من قبل... يشعر بانه سوف يخسر احدهم الليله لكن هل ستكون ابنته ام زوجته؟! فالاختيارين صعابين للغاية عليه!  


تنهد بصعوبة شديدة وهو ينتظر خروج اي احد من الغرفة التى دخلت اليها زوجته حتي يطمئن فهي لم تستعيد الوعي حتي الان و ان الطبيب يفعل ما بوسعه بالداخل ،فقد كان رشوان وحمزة يحاولون ان يطمئنه لكنهم فشلوا فقد كان الخوف يسيطر عليه خاصة كلما تذكر كيف كانت تبدو نشوي عندما اتى بها الي هنا....


راقب حمزه اسماعيل الذي يجلس يتنفس الصعداء بصعوبة وعينيه تفتح ببطئ قبل ان يغمغم حمزه بقلق شديد عليه


= ان شاء الله هتكون بخير شد حيلك انت بس 


ظل اسماعيل صامت لحظات ثم هتف بصعوبة


= متشكر يا ابني على مساعدتك لولا إللي انت خليتني نركب معاك العربيه عشان نوصل بسرعه المستشفى ما كنتش عارف ايه اللي هيحصل ليها ولا هاتصرف ازاي انا كنت واقف زي المشلول و مش عارف اتصرف ولا اعمل ايه، و لا دماغي تفكر


هز رأسه حمزه باعتراض وهو يقول بهدوء


= ما تقولش كده انا عملت الواجب.. حضرتك زي والدي وهي زي والدتي و ان شاء الله الدكتور هيطمئنك عليها


تنهد رشوان بعطف و اشفاق عليه ثم قال محاوله تشدد تفكيره 


= ده حمزه العطار الصحفي اللي كان بيحقق مع بنتك في الاول يا اسماعيل 


نظر إليه اسماعيل بدهشة ثم قال بوهن


= هو انت؟ رشوان قاللي عليك في الاول وبعد كده نشوى قالتلي ان في صحفي بيكتب على بنتك اخبار حقيقيه وبطريقه محترمه غير الثانيين مجرد عاوزين يعملوا شو من اخبارك مفبركه ويدخلوا في أعراض الناس وقالتلي على اسمك برده.. انا مش بتابع قوي نت ولا عندي فيسبوك بس نشوى كانت بتابع عشان اللي كانوا بيكتبوا الفتره الاخيره على ريحانه.. وانا كان نفسي اقابلك واشكرك بنفسي بس اديك شايف الظروف 


قطب حمزه حاجبيه قائلاً بجدية


= انا مش محتاج شكر من حضرتك عشان انا مش شايف نفسي بعمل انجاز انا مجرد بنقل الاخبار للناس بدون ما اجرح في حد ولا اشمت.. والمفروض كلنا نعمل كده  


هز رأسه اسماعيل بامتنان له ثم حمحم حمزه قائلا بتوتر


= المهم بخصوص قضيه انسه ريحانه انا عاوز حضرتك انت كمان ما تقلقش وتتماسك واني لسه في نقد و ممكن ترفع قضيه و..


قاطعه اسماعيل قائلا بصوت مرتجف فور سماعه يذكره بابنته و هو يغمغم بصرامة


= مش هيفيد بحاجه النقد طالما ما فيش دليل واحد على كلام ريحانه و انها فعلا ضربت حمدي عشان تنقذ طفله كان بيحاول يعـ..ـتدي عليها، انا كنت ضابط و فاهم في القضيه دي كويس وكنت عارف اصلا الحكم في الاخر هيكون ايه بس كان عندي امل ومستني اي معجزه تحصل عشان بنتي ما تتظلم اكثر من كده.. بس اديك شفت اللي حصل النهارده والد الطفله هديه نفي و رفض يعترف بحاجه زي كده حصلت


نظر حمزه الى رشوان بياس وقله حيله، وكاد أن يتحدث حمزه مره ثانيه لكنه صمت فور ان سمع باب الغرفة يفتح، انتفض اسماعيل متجهاً نحو الطبيب برغم الارتجاف الذي بقدميه و قصف قلبه الذي يدوي بداخله من شدة الخوف الا انه اتجه سريعاً نحو الطبيب قائلاً بلهفة


= طمئني يا دكتور مراتي نشوى عامله ايه 


اجابه الطبيب بصوت يملئه الهدوء


= الحمد لله احنا عملنا اللازم بس الفتره الجايه لازم تكون راحه تامه عشان صحتها، عشان المره الجايه ممكن يكون في خطوره عليها والادويه لازم تاخذها بانتظام


شحب وجه اسماعيل ولم يشعر بالطمانينه ثم همس بصوت مختنق مرتجف


= هي فيها ايه بالضبط يا دكتور ما تخبيش عليا لو سمحت، عشان حالتها كانت صعبه قوي وانت اتاخرت جوه معاها


تنهد الطبيب ثواني قبل ان يتحدث قائلاً بأسف


= للأسف... جلطة في الوريد 


❈-❈-❈

في اليوم التالي.


بداخل جريده الحقيقه دلف حمزه و علي وجهه تعبير مقتطب بحزن وهو يتذكر احداث الامس عندما هتف القاضي بالحكم بالاعدام على ريحانه وسقوط والدتها بجلطه في الوريد من الصدمه.. جلس حمزه أعلي المقعد بصمت على غير العاده بينما نظر إليه زميله في العمل الذي يجلس على المكتب أمامه ليعقد حاجيبه بدهشة متسائلا باستغراب


= صباح الخير يا حمزه اتاخرت النهارده ليه مش عوايدك يعني، انت كويس؟


هز رأسه بصمت و عينيه شاردة ثم تنهد حمزه مغمغماّ بتثاقل


= انا ما كنتش هاجي اصلا وماليش مزاج لاي حاجه اعملها بعد حكم امبارح في قضيه ريحانه ده غير انها ختمت في الاخر بي والدتها اللي تعبت وراحت المستشفى و جاءتلها جلطه من الصدمه، ربنا يشفيها ويصبرهم الله يكون في عونهم


تنهد زميله قبل ان يستدير إليه مغمغماّ بضيق و نفاذ صبر


= ما خلاص يا حمزه مش ملاحظ انك مهتم بالموضوع زياده عن اللزوم، حادثه زي غيرها وبعدين هو انت ناسي أنها قتلت في النهايه ولا ايه


احمر وجه حمزه بشده فور سماعه كلماته تلك و قد ارتجفت شفـ..ـتيه في قهر دفين هاتفاً بلهجة غاضب


= هو انتم ليه كلكم بتبصوا على الصوره مش كامله هي فعلا قـ..ـتلت بس قـ..ـتلت ليه وقـ..ـتلت مين؟ ريحانه قـ..ـتلت واحد دمر طفولتها وطفوله اطفال غيرها كثير ويوم الحادثه اضطرت تدافع عن غيرها و تقتله عشان كان عاوز يضيع براءه طفله صغيره مكملتش سبع سنين و مش عارفين كانت هتبقى رقم كام من ضحايا المـ..ـتحرش حمدي، ريحانه ضحيه مش مـ.ـجرمه، وانا مهتم بالقضية زياد عشان هي مش مجرد قضيه قتل لا المفروض كلنا نبص ليها على انها قضيه ارواح بتتقتل يوميا ومش بنسمع عنها حاجه من خوفهم وخوف اهاليهم من الفضيحه و العار


ليكمل بحده يزفر بحنق وتعب و هو يغمغم بصوت مرتجف


= عرفت ليه بقى انا مهتم بالقضيه دي بالذات عشان نفسي بجد كلنا نتعلم من قضيه ريحانه وكل اب وام والبنات يعرفوا أن السكوت ممكن يوصلهم في يوم أنهم يكونوا مكان ريحانه.. طالما في ناس لحد دلوقت لسه شايفه وبتبرر لي المتحرشين وأن الغلط بيكون على البنت مش عليهم 


هز الآخر رأسه مرادفا بقله حيله


= طب يا سيدي بالراحه عليا انا بتكلم معاك عادي.. اديك بقيت تتكلم زي بتوع السوشيال  ميديا   


أجاب حمزه و هو يرمق أياه بسخرية


= والله دول اللي جابونا وراء لان كل واحد عاوز يعلن عن الخبر بطريقه غلط عشان يجمع شويه مشاهدات 


هز رأسه برفض قائلا بسرعه


= انا مش بتكلم على دول انا بتكلم على اللي قلبين صفحات الفيسبوك والاعلام و الاخبار عن قضيه ريحانه هو انت ما شفتهمش ولا ايه؟ ده انت بالذات الصفحه بتاعتك مليانه تعليقات على التقارير و المنشورات اللي انت كنت بتنزلها عن القضيه 


تأففت بحنق مطلق لعنة منخفضة فور ما قاله زميله  ليهتف بنبرة حادة


= انا ما شفتش حاجه بس تعليقات ايه و إللي ناشرينه علي الصفحات يخص قضيه ريحانه تاني، هم لسه بيقطعوا في سيرتها كفايه إللي أهلها فيه، ما تلاقيهم جاءتلهم على الطبطاب دلوقت


ابتسم الآخر وهو يقول بنفي


= لا دي حاجه ثانيه هتفرحك افتح وشوف بنفسك وانت هتعرف انا اقصد ايه!!.  


لم يفهم حمزه جيد معنى حديثه ، فسرعان ما أخرج هاتفه للتحقق من صفحات الفيسبوك ، وسرعان ما اندهش بعدم تصديق وهو يرى نتيجة معاكسة في مواقع التواصل الاجتماعي. وليس كان هجوم علي ريحانه مثل المرات السابقه بل على العكس تماماً، بدات تظهر بعض التعليقات والمنشورات تؤيد بأن ريحانه ضحيه و مظلومه وهذا عقاب شديد للغاية عليها، وبعض الهاشتاجات باسم ريحانه تطالب بالبراءه، وبعض الصور لحمدي مخططه عليها علامات الغضب وأنه كأن ذئب بشري يضر المجتمع ويستحق المـ..ـوت. 


لم يعلم حمزه متي حصل كل ذلك في غصن ساعات بعد الإعلان عن المرافعه بالحكم على ريحانه بالاعدام.


***

فـي مـنـزل بـدر.


تقدم بدر ليقف امام الضابط لكن هذه المره كان يقف دون خوف ولا توتر لأن يعرف جيداً أن الحكم قد صدر علي ريحانه وكلها سوي عده ايام وسوف تغلق القضيه، غمغم بدر متسائلا بصرامة


= خير يا حضره الضابط ممكن اعرف سيادتك جاي هنا البيت ليه؟ مش خلاص القضيه خلصت واتحكم فيها


تنهد الضابط بشده وهو يقول بصوت هادئ


= استاذ بدر انا كان ممكن اجيبك ثاني القسم وبنت حضرتك كمان بس انا مراعي انها طفله في سن صغير وما ينفعش تدخل القسم وتشوف مناظر زي دي.. عشان كده انا جايلك النهارده بصفتي اب مش ضابط


زفر بعنف و هو يفرك شعره بغضب مكتوم قائلاً ببرود.


=برده مش فاهم حضرتك عاوز ايه؟ انا قلت كل اللي اعرفه هناك في القسم وما عنديش حاجه ثاني اقولها 


تجاهل نظراته البارده واردف بصوت جاد


= ممكن تديني فرصه اتكلم مع بنت حضرتك 


اتسعت عينا بدهشة وقلق ثم بعد فتره خرجت دهب إليهم بخطوات مرتعشه وخوف وقد لاحظ الضابط حالتها تلك وهز رأسه بضيق شديد ويأس ليعرف ان قد تم ارهابها حتي لا تتحدث، ثم تنفس الصعداء بقوة و هبط لمستواها هاتفاً بحنان


= ازيك يا دهب مش اسمك كده برده تعرفي ان اسم جميل وجديد عليا، مش عاوزك تخافي مني وعاوزك تقولي الحقيقه .. ريحانه جارتك اكيد عارفاها يوم فرحها في حد حاول يعمل لك حاجه وحشه وهي نقذتك منه


ابتلعت ريقها بصعوبة وتوتر شديد ونظرت الى والدها على الفور الذي كان يقف يتطلع إليهم بصمت لكن عيناه كانت تحمل تحذير حاد، ليفهم الضابط نظراتها الي والدها وهو يهتف بجدية


= دهب ما تبصيش لاحد وبصيلي انا وما تخافيش وقولي اللي حصل؟ وخلي بالك ان كلامك ده احتمال كبير ينقذ حياة ريحانه مش هي برده كانت صديقتك وبتحبيها، ومش المفروض لما تلاقيها محتاجه مساعده ما تتاخريش عليها زي ما هي عملت معاكي


قد انسابت الدموع بصمت على وجنتيها و هى تدرك ان ريحانه صديقتها سوف تتاذى بسببها لكنها غير قادره على التحدث من شدة الخوف و الرعب من أهلها، لتبكي بشده ولم تنطق بحرف واحد بينما اقترب منها بدر ليجذبها بقوة وغضب وهو يدفعها الى تجاه غرفتها هاتفاً بحدة و غضب 


=ادخلي على جوه يـلا 


ضغط الضابط علي يده بعنف شديد منه وهو ينهض هتف به بحدة بينما الدماء تغلى بعروقه بسبب معاملته السيئة الي أبنته


= هو انت مفكر كده بتحلها لو الاسلوب ده كنت بتتعامل بي مع بنتك يوم ما فكرت تسالها وتعرف الحقيقه فين! يبقي كده انت بتغلط اكبر غلطه في حياتك 


هتف به بدر بقسوة و غضب و هو يلوح بيده الى الاعلى 


= حضرتك مش هتعلمني أربي بنتي ازاي؟ وبعدين إللي أيده في الميه مش زي ايده في النار و انت لو مكاني هتعمل نفس اللي انا بعمله واكثر من كده، وانت اكيد ظابط وبتشوف الناس اللي حواليك وهما بيقطعوا في لحم بعض ولما بيصدقوا يلاقوا اي فضيحه عشان يفضلوا يتكلموا عليها.. 


وصرخ بدر به وكامل جـ..ـسده يهتز بالغضب


=وانت عاوزني اعـ..ـري بنتي عشان الناس تنهش فيها وسيرتها تبقى على كل لسان.. وبناتي ذات نفسهم لما يكبروا هيفهموا ان انا نقذتهم من كلام الناس اللي مش بيرحم وعملت الصح، وانت ذات نفسك والحكومه مش هتقدروا تمنعوا الناس من الكلام


أردف الضابط بقسوة و غضب و قد اصبحت نظراته عاصفة


= انا قلتلك انا جايلك هنا بصفتي اب زيك مش ضابط ولو انا مكانك فعلا عمري ما هعمل اللي انت بتعمله ده ومن غير تفكير هاخذ بنتي من أيدها وهاروح بيها القسم عشان اجيبلها حقها وافهمها ان ما ينفعش تسكت عشان الغلط مش فيها.. ايه مش مصدقني هو انت مفكر كل الناس تفكيرها زيك كانت الدنيا كلها بتنهش في لحم بعض لو كل واحد فكر زيك في نفسه وبس.. 


ابتسم بدر بسخرية واستهزاء ولم يصدقه، بينما تنفس بعمق محاولاً السيطرة على اعصابه ليكمل من بين اسنانه بغضب وهو يتطلع إليه بنظرات ممتلئة بالاحتقار و الازدراء


= واهديك مثال صغير انا فعلا ما عنديش بنات وربنا رزقني باولاد بس، بس مش معنى كده هاربي اولادي انهم يعملوا اللي هم عاوزينه وما يشيلوش هم بقى انهم اللي هيعملوا في الدنيا هيترد في اختهم وكما تدين تدان، انا مره عرفت ان ابني عاكس بنت معاه في الدرس من باب الهزار وسمعته و هو فرحان ومبسوط ان عمل كده وهو بيتكلم مع واحد صاحبه في التليفون.. ممكن مش هتصدق رد فعلي بس هو ده اللي حصل اخذته من يديه وبيته في الحجز لمده خمس ساعات في حبس انفرادي لوحده وقلت له ده هيكون عقابك كل ما تفكر انك تتطاول على حاجه مش من حقك والمره الجايه مش هيكون خمس ساعات و لوحدك! لا هيكون وسط مجرمين ما عندهمش رحمه وهتسجن سنوات مش مجرد ساعات بس! 


استكمل الضابط حديثه بحدة و بصرامة 


= جمدت قلبي رغم الرعب اللي شفته فيه وهو بيصرخ وبيقول لي خلاص يا بابا مش هعمل كده ثاني لانه وقتها كان عنده مجرد 13 سنه بس كنت عارف و متاكد ان انا لو ما عقبتوش في الوقت ده هيكررها ثاني ويطول على بنات الناس اكثر وهو بيتباهى وسط زمايله باللي عملوا، بس انا عقابي جاب نتيجه الحمد لله ودلوقت بس لما بيشوف واحد بيفكر يعمل زيه بينصحه ويدافع عن البنت و كانها اخته بالضبط لانه فهم الدرس وعرف انه غلط غلطه كبيره وما ينفعش يكررها ثاني


تنفس بعمق قبل ان يغمغم بصوت صارم خالى من اى تعبير او انفعال


= ومش بس الاولاد هم اللي عليهم واجب لا احنا كمان علينا واجب نعرفهم ونفهمهم الصح من الغلط.. واللي يخلف ولد ياريت فرحته ما تنسوش اني يربيه


يـتـبـع