رواية شد عصب - بقلم الكاتبة سعاد محمد سلامة - الفصل الثامن عشر
رواية شد عصب
بقلم الكاتبة سعاد محمد سلامة
الفصل الثامن عشر
رواية
شد عصب
«أبواب الماضي التى لم ولن تُغلق»
قبل الزفاف بعدة ساعات
منزل صالح الاشرف
دخل صلاح يسأل الخادمه عن صالح، قبل أن ترد الخادمه رد صالح الذى آتى من خلفها، كذالك إقترب من مكان وقوفهم زاهر مُبتسمً يُرحب بـ صلاح بحفاوه:
أهلًا يا عمي نورت الدار.
إبتسم صلاح له ونظر لـ صالح قائلًا:
كويس إن لحجتك(لحقتك) قبل ما تطلع من الدار.
رد صالح بإستهزاء مُبطن:
خير أيه الأمر الهام؟.
تغافل صلاح عن طريقة رد صالح قائلًا:
الليله إن شاء الله، فرح جاويد ومينفعش متكونش أول الحضور وتستجبل المعازيم بنفسك.
عبس وجه زاهر وشعر بوخزات قويه فى قلبه، وكأن أحد وضع طعم العلقم بفمه، وظل صامتًا يكتم آنين قلبهُ، ظنًا أن العروس هى مِسك إبنة عمته، بينما تهكم صالح ساخرًا:
لاه كتر خيرك وچاي تدعيني قبل ساعات من الفرح.
تغاضى صلاح عن تهكم صالح قائلًا:
الموضوع كله تم بسرعه، إنت عارف دماغ شباب اليومين دول، وأنا زيك جاويد جالى وقالى أنا قررت أتجوز، وكمان كان طلب يد العروسه من جدها، وأبوها وصل من لهنا الاقصر يادوب قبل كتب الكتاب بليله واحده.
تلخبط عقل زاهر من حديث عمه وتسأل بإستفسار:
قصدك أيه يا عمى بأن ابو العروسه وصل من السفر؟
رد صلاح وهو ينظر ناحية صالح يترقب رد فعله:
العروسه مش من إهنه.
تهكم صالح قائلًا:
يعنى العروسه غريبه عن إهنه وعرفها منين بجي.
رد صلاح بترقُب حذِر:
لاه العروسه ابوها هو اللى مش إهنه من الأقصر بس أمها من إهنه.
تنهدزاهر بإرتياح كأن ثُقل صخره ثقيله إنزاح من على صدره،وإنشرح قلبه وتفتحت ملامحه.
بينما مازالت نبرة التهكم من صالح الذى تسأل:
وتبجى أمها بنت مين بجى.
قبل أن يُجيب صلاح صدح رنين هاتفه، اخرجه من جيب ثيابه ونظر للشاشه ثم نظر لـ صالح قائلًا بحذر:
معلهش إنت عارف تحضيرات الفرح وإستقبال الضيوف، لازمن أمشى دلوك،فى ضيف مهم لازمن أكون فى إستجباله، وإنتم أصحاب الفرح مش محتاجين دعوه، وإنت يا زاهر جاويد يبجى أخوك الكبيرولازمن تكون جاره، عقبالك يا ولدي.
أبتسم زاهر بقبول مُنشرح الصدر، بينما شعر صالح بغيظ قائلًا:
أما أطلع أبدل خلجاتي، وألبس عبايه تانيه تليق بمقامي، وأشوف مين نسيب جاويد، اللى يستاهل إني أضيع وجتي، ولا هيطلع موظف كحيان،ما أهو حديت صلاح زى ما يكون النسب مش قد إكده وخايف يجول لا نتريق عليه .
رد زاهر: حتى لو نسيب جاويد شخص بسيط، بالنسبه له نسب عالي وكمان
بـ نسبهُ له بجي من نفس مستواه العالي، النسب مفيش فيه عالي وواطي، فيه مناسبين لبعض وبينهم تفاهم وموده وإحترام وتقدير من الطرفين لبعض،أنا كمان هطلع اغير هدومي وألبس بدله تليق بـ نسب جاويد واد عمي.
سخر صالح من حديثه مُتهكمًا
❈-❈-❈
قبل الغروب بوقت قليل
بأحد العمارات المُطله على النيل
كانت تقف بشُرفة إحدي الشُقق إمرأه بأوائل العِقد الخامس من عمرها ، إبتسمت حين سمعت من خلفها تتنحنح بحرج وتردُد قائله:
ست "ليالي" .
إستدارت لها ليالي مُبتسمه تقول:
أيوا يا زاهيه ،قولي عاوزه وأيه أنا عارفه طريقتك دى لما تكوني محتاجه حاجه، أو عاوزه تقولى حاجه،ولا مفكره عشان أنا عاميه ومش شايفه ملامح وشك ،إنى كمان مش واخده بالى من نبرة صوتك .
شعرت زاهيه بحرج قائله:
لاه والله يا ست ليالي ،ده حتى
مكدبش اللى قال ربنا لما بياخد البصر بيعطي مكانها البصيره ،ربنا ينور بصيرتك.
تنهدت ليالي قائله:
يارب،قولى بقى عاوزه أيه .
ردت زاهيه بفخر:
بصراحه يا ست ليالي إنتِ عارفه إن "ملاك"
بنتِ خلصت الجامعه وإتخرجت من كلية التجاره قسم المحاسبه وكمان كانت چار الدراسه بتاخد كورسات كمبيوتر وكورسات تانيه خاصه بالمحاسبة ،وبصراحه إتجدم لها عِرسان كتير ،بس هى بترفضهم ويتجول مش هتفكر فى الجواز غير بعد ما تتوظف ،جال أيه مش عاوزه راجل يتحكم فيها أنه هو اللى بيصرف عالبيت،عاوزه تيجي مُستقله بنفسيها .
سارت ليالي خطوتين وجلست على أحد المقاعد بالشُرفه ومدحت إبنة زاهيه قائله:
والله براڤوا عليها إنها حابه تكون شخصيه مُستقله بذاتها ومش بس ماليًا كمان فِكريًا ،بس أكيد فى حاجه تانيه بطلي لف ودوران وهاني من الآخر يا زاهيه.
إبتسمت زاهيه قائله:
حاضر يا ست ليالي ،بصراحه إكده ملاك ،جدمت فى كذا مسابقه عشان تشتغل ،بس الحظ متوفقش،وآخر وظيفه قدمت فيها واحده جالت لها الشغل كله بجي بالوسايط،ومن وجتها وهى مكتئبه وجاعده فى البيت تندب حظها إنها إتبهدلت بين العلام والكورسات، وفى الآخر مفيش وظيفه عِدله قبلت فيها،كنت بجول لو تكلمي البيه،هو له معارف بكُبارات وشخصيات مهمه إهنه فى الأقصر ،يشغلها إن شاله بعقد فى فرع أي بنك إهنه،إن شاله بنك الزراعه.
إبتسمت ليالي قائله:
ودى المشكله اللى مخلياكِ متردده تقولى لى عليها ،عالعموم أنا هكلم البيه ،ومش بس كده كمان ناسيه إنى كنت بشتغل هنا فى بنك قبل ما بصري يروح و كان ليا أصدقاء فى البنك مازالت على تواصل ببعض منهم ،ويتمنوا أطلب منهم خدمه ،وملاك تعتبر زي بنتِ ،بس متقوليش ليها دلوقتى بس هاتيلى الملف بتاع الشهاده الجامعيه والكورسات اللى أخدتها وسلمي أمرك لله إن شاء ربنا هيحقق أمل ملاك وتشتغل وتحقق ذاتها.
إنشرح قلب زاهيه قائله بدعاء:
ربنا يعطيكِ السعاده ويحلي أيامك يا ست ليالي ويخليلك البيه يارب.
إبتسمت ليالي قائله:
آمين ،أهو كفايه دعوتك دى يا زاهيه،بس هقولك هاتي الملف بتاع ملاك من وراها بلاش تقولى لها غير لما ناخد موافقه عالوظيفه،خليها تبقى مفاجأه لها،بس وقتها بقى مفيش حاجه ببلاش.
إبتسمت زاهيه لها قائله:
عينيا ليكِ يا ست ليالي.
إبتسمت ليالي قائله:
تسلم عينيكِ يا زاهيه،أنا عاوزه كوبايتين شاي مضبوطين من إيديكِ وكمان كم حتة كيكه من كيكة البرتقال اللى شامه ريحتها... وتجي نقعد سوا هنا فى البلكونه ندردش سوا ،وتوصفلي منظر غروب الشمس.
إبتسمت زاهيه قائله:
حاضر دقائق هروح المطبخ أعمل الشاي وكمان كيكة برتقال زمانها بردت هجيبهم وأجيلك .
تركت زاهيه ليالي التى رغم أن من يري عينيها التى بلون السماء الصافيه يظن أنها تري بينما هى بالحقيقه تحولت لعين زجاجيه مُعتمه ،لكن لم تفقد بريق قلبها ،وبذكر قلبها ها هو المالك له منذ أكثر ثلاثون عام يدق على هاتفها ،بنغمته الخاصه ،بكلمات أغنية
نجاة"يا مرسال الهوا".
ضغطت على ذر الرد وردت تسمع صوته مُعتذرًا:
آسف يا حبيبتي الوقت أخدني ومقدرتش أجي أتغدي معاكِ .
إبتسمت له بعذوبة صوتها:
معليش أكيد حبيبي مشغول والوقت مسمحش له ،بس أحب أقولك فاتك كتير زاهيه كانت طابخه بسله وجنبها شوية رز وسلطه وبتنجان مخلل من اللى إنت بنحبهم وأكلت أنا وهى ونسفنا الأكل،يعني الغايب مالوش نايب زى ما بنقول.
إبتسم لها قائلًا :
بالهنا يا حبيبتي .
إبتسمت ليالي قائله:
آه وكمان عامله كيكة برتقال ريحتها تجنن،شكلها كانت عملاها رشوه لسيادتك.
إبتسم لها قائلًا:
إنتِ بتحسسيني بالندم بالراحه إن مجتش عالغدا النهارده،بس ليه عملاها رشوه .
إبتسمت قائله:
لاء يا حبيبي،هى مش رشوه بس كمان ليا عندك طلب يخص زاهيه،وبحفزك من ناحيتها.
إبتسم لها قائلًا :
وأيه هو الطلب ده بقى اللى قبله لازم التحفيز ده كله.
إبتسمت برقه قائله:
لما تجي هنا هقولك مينفعش عالموبايل .
إبتسم لها قائلًا:
تمام هحاول متأخرش،أنا كنت بتصل أطمن عليكِ،عشان عارف طبعك مش بتاكلي كويس فى غيابي.
إبتسمت له قائله:
ده كان زمان حبيبي لما كنت شابه صغيره وبقدر أستحمل الجوع طول اليوم دلوقتى خلاص كبرت وبقى عندي تلاته وخمسين سنه مقدرش أتحمل الجوع .
إبتسم مادحً:
بلاش تجولى تلاته وخمسين سنه محدش هيصدق إن ده عُمرك ،هيجولوا بتكدبي.
إبتسمت تشعر بالإطراء قائله:
بس هى دى الحقيقه يا حبيبي ،أنا صحيح عندي تلاته وخمسين سنه بس عايشه بقلب بنت صبيه عندها تلاته وعشرين سنه،عالعموم متقلقش عليا معايا زاهيه ،خدت مكان ماما قبل ما تتوفي،من بعد الضهر تقولى الغدا قرب يا ست ليالى،بعد خمس دقايق أجهزلك الغدا ،بعد دقيقتين الغدا جاهز .
إبتسم لها قائلًا:
تمام كده لازم حد يهتم بحبيتي عشان تفضل جميله وبهيه.
إبتسمت قائله:
حبيبي، رغم إن الجو فيه غَبره ترابيه غطت،على قُرص الشمس وهى بتغرُب بس أكيد الشمس بكره هترجع تستطع،وتهدى العاصفه،ويختفى الغُبار ده كله .
إبتسم بأمل قائلًا:
إن شاء الله ،هسيبك دلوك ،بس إبقوا سيبوا لى حتة كيكه.
إبتسمت ليالي قائله:
فى دى مقدرش أوعدك إنت وحظك بقى .
إبتسم قائلًا :
إنتِ أحلى حظ فى حياتي،يا أغلى ليالي.
أغلقت ليالي الهاتف تستنشق الهواء الخريفي رغم عدم رؤيتها لكن مازال قلبها يشعر أنها مثل الشمس تتجدد كل يوم.
❈-❈-❈
بالمشفى بحوالي الثامنه الإ ربع تقريبًا
نظر جواد إلى ساعه مُعلقه على الحائط بمكتبه ونهض حين سمع طرق على باب المكتب
وسمح له بالدخول
نظر بهاتفه مُبتسمً يقول:
كنت لسه هتصل عليكِ يا دكتوره عشان ميعاد الزفاف قرب .
إبتسمت إيلاف قائله:
بصراحه أنا أتأخرت بس كنت بتابع حالة مريض مسؤوله عنها .
إبتسم جواد وهو يخلع مِعطفه الأبيض وعلقه وجذب مِعطف آخر رمادي اللون قائلًا :
تمام خلينا نتحرك عشان تلحقي تشوفى الزفه من أولها ،الزفه هتبقى على الكارته ،غير كمان فى صوان خاص بالحريم لوحدهم.
شعرت إيلاف بالحرج قائله:
طب وأنا هدخل فى وسط الحريم إزى وبأي صفه،أنا كنت مفكره إن الزفاف هيبقى فى صوان فى الشارع وممكن أقعد فى أي زاويه أتفرج على مظاهر الزفاف.
رد جواد :
لاء فى صوان خاص بالحريم ومتخافيش محدش فى الوقت ده بيبقى فاضي ،بيركزوا فى العروسه وبس.
إبتسمت إيلاف قائله:
متأكد ،عالعموم هى مسأله ساعتين بالكتير وكمان واحشني عم بليغ بقالي كم يوم مشفتوش ،حتى لما إتصلت عليه قالي أنه كان مشغول بس مكنتش أعرف إن السبب هو زفاف أخوك.
شعر جواد بالغِيره من بليغ لكن أخفاها قائلًا:
تمام إتفضلي خلينا نلحق الزفاف من أوله.
سارت إيلاف أمام جواد إلى أن خرجوا من باب الغرفه إلى ممر المشفى ثم سارا جوار بعضهما ،يتحدثان بتلقائيه ،لكن هنالك أعين خبيثه رأتهما لتلمع بشر وهما ينظران إلى بعضهما ليقول ناصف:
الخِطه ماشيه تمام ،فاضل بس تكه صعيره وفى الآخر جواد مش بس هيتغصب يستقيل من إدارة المستشفى لاء هيستقيل من الطب كله .
لمعت عين الآخر قائلًا:
مش فاهم قصدك أيه،أيه اللى فى دماغك؟.
رد ناصف:
اللى فى دماغي هو الدكتوره إيلاف لازم نجذبها معانا تشتغل فى المستشفى الجديده بأى شكل،بعدها هيبقى سهل كل شئ.
....**
بعد قليل
توقف جواد بالسياره بمكان قريب من منزله بسبب الزحام ،إبتسمت إيلاف قائله:
المكان هنا زحمه أوي كده ليه،كل الناس دى،دي البلد كلها موجوده هنا وبتقول إن الفرح بسيط .
إبتسم جواد قائلًا :
فعلاً المظاهر دى بسيطه لما يكون الزفاف ده
لـ جاويد الأشرف.
إبتسمت إيلاف،لكن بنفس اللحظه رأت بليغ الذى إقترب من مكان وقوف السياره يبتسم
ترجلت سريعًا بلهفه من السياره رغم الزحام وذهبت نحوه، تاركه جواد الذى شعر بآنين فى قلبه، تمني أن يرى بعنيها مثل تلك اللهفه عليه، اللهفه التي جعلت إيلاف حين رأت بليغ تركت السياره وقطعت ذالك الزحام حتى وصلت إليه،تنهد بأمنيه،ثم تجنب بالسياره بأحد الأركان وترجل هو الآخر منها وذهب الى حيث قادهُ قلبه الذى يشعر بالغِيره.
بينما إيلاف بصعوبه قطعت الزحام ووصلت الى مكان بليغ الذى إبتسم لها وسحب إيلاف من يدها وخرجا الى أحد جوانب المكان الشبه خاليه من الإزدحام، وتبسم حين رأى إقتراب جواد منهم وملامح وجهه الشبه عابسه،لكن إيلاف لم تأخذ بالها بسبب إنشغالها فى الحديث معه .
حين جواد الى جوارهم رسم بسمه يود أن يُبعد بليغ عن إيلاف، لكن خيرها قائلًا:
هتفضلى واقفه هنا فى الزحمه ولا هتدخلى صوان الستات.
رد بليغ بالنيابه عنها قائلًا:
لاه طبعًا هتدخل صوان الستات هنا زحمه أوي.
إبتسمت إيلاف قائله:
فعلًا هنا زحمه وكمان العروسه خلاص وصلت، بس.
تسأل. جواد:
بس أيه؟.
ردت إيلاف بحرج:
بصراحه أنا معرفش حد، بس ممكن أقعد بجنب لوحدي،بس هدخل إزاي.
إبتسم جواد قائلًا:
لاء دخولك للصوان أمر سهل وثواني،فتح جواد هاتفه وإنتظر قليلًا ثم تحدث الى إحداهن ثم أغلق الهاتف ونظر لـ إيلاف قائلًا:
تمام هننتظر ثواني بس.
أمائت إيلاف رأسها ونظرت الى بليغ قائله:
هشوفك تاني قبل ما أمشى من الفرح.
إبتسم بليغ لها،بينما زفر جواد نفسه بغِيره قائلًا:
أها،وصلت خالتي محاسن وصلت وهى اللى هدخلك لصوان الستات.
إبتسمت إيلاف بتلقائيه حين إقتربت منها محاسن ونظرت الى جواد وغمزت بعينيها قائله بمرح:
حلوه دى الدكتوره اللى كلمتني عنها يا جواد.
نظر جواد لـ محاسن قائلًا بتتويه:
خالتي محاسن دايمًا تحب تهزر.
مدت محاسن يدها وسحبت يد إيلاف ببسمه قائله:
أيوا انا بحب الهزار، بس إنتِ فعلًا وشكلك كده صغيره وتدخلى القلب، انا بقي خالتك محاسن أبقى خالة الدكتور جواد أنا اللى مربياه هو وأخواته وهقولك الصراحه هما بيحبوني أكتر من يُسريه، يُسريه دى بجي تبجي أختي الكبيره، هى كانت تخلف وأنا أربي، بس جواد ده ليه مَعَزه خاصه فى قلبي، تعرفي لو عيندي بِنته مكنتش فرطت فيه وجوزتها له غصب عنيه.
إبتسمت إيلاف، بينما قال جواد:
خالتي محاسن هتاخدك تدخلك لصوان الستات.
إبتسمت محاسن وإقتربت من أذن جواد قائله بهمس:
دى طلعت أحلى من ما وصفتها لى، حظك حلو، بس ربنا يكون فى عون يُسريه، ولادها التنين... هيجيبوا لها بنتين من البندر.
رد جواد بهمس قائلًا برجاء:
إدعي بس إنتِ بقلبك.
إبتسمت له وغمزت بعينيها قائله:
هدعيلك، يلا يا دكتوره خلينا ندخل للصوان بتاع النسوان، هتنبسطي أوي.
❈-❈-❈
بمنزل القدوسى
دخل محمود الى الغرفه، إستعجب حين رأى صفيه ترتدي عباءه وثيره كذالك تضع حول عُنقها ويديها الكثير من الحُلي الذهبيه، تسأل بإستغراب:
لابسه إكده ورايحه فين؟.
ردت صفيه بنزك وقلبها يستعر بالنيران:
يعنى هكون رايحه فين، رايحه فرح المحروسه بِت أختك، ولا عاوزني محضرش وأسيب أهل البلد يتحدتوا ويفكروا إنى زعلانه عشان جاويد مخدش بتِ وفضل عليها الغريبه عنيه... صحيح قلبى محروق بس لازمن أبتسم بتِ غاليه ولو محضرتش الدخله،حديت النسواين هيكون عليها وعلي،حضوري هيكتم خشمهم،أقلوا هرفع بشأني أنا وبتِ إن جاويد ولا هاممنا وهو الخسران.
كاد محمود أن يعترض قائلًا:
الحديت ده فارغ،واللى يتحدت فيه اهل البلد ميهمنيش،لكن بِتك اللى سابحه فى ملكوت، محتاجه اللى يفضل چارها.
تهكمت صفيه قائله:
ما اهو عشان خاطر بِتِ لازمن أحضر، عشان محدش يعرف إنها بسبب جاويد بجالها يومين مش داريه بالدنيا حواليها، ويشمتوا ويتشفوا فيها، حضوري هيخرص كل الألسنه وأولهم محاسن أخت يُسريه اللى داخله خارجه تزرغط، ربنا لما حرمها من الخلفه كان عالم بسواد قلبها، هى بتعمل إكده غيظ فيا أنا وبِتِ اللى مكنتش بطيقني لا أنا ولا مِسك، ويمكن هى كمان السبب فى فسخ حفصه لخطوبتها من أمجد أكيد لعبت براسها،بس أنا مش هسيب ليها فرصه،هى لسه مش قادره تستوعب إنك فضلتني عليها زمان وإتجوزتني أنا صفيه بنت "الأشرف".
تنهد محمود قائلًا:
دى أوهام لساها عايشه فى دماغك،عالعموم،براحتك،بس بِتِك أولى بوجودك چارها عن مظاهر وحديت الناس الفارغ...نازل لازم أكون جار أبوي دلوك.
تهكمت صفيه بعد مغادرة محمود وأخرجت تلك الزجاجه الملفوفه بقطعة قماش، من أحد الأدراج ونظرت لها بغليل قائله بتوعد:
عيندي يقين إن بوك هو اللى لعب براس جاويد وشغل عقله بـ بِت مِسك،ومش بعيد يكون هو اللى طلب منيه يتجوزهت، عاوزها تبجي چارهُ إهنه، كِبر وخرف وقلبه رق بعد سنين لدلوعة قلبه بِته اللى زمان باعت شرفهُ وفضلت ترحل وتعيش مع غيره،بس وحق قلبي على بِتِ ووجع قلب بِتِ اللى إتسببتوا فيه لاندمكم كلياتكم.
وضعت الزجاجه بحقيبة يدها الصغيره ونظرت فى المرآه تلمع عينيها بشرر وهى تُعدل هندامها،وترى إنعكاس إكتمال هيئتها الوثيره فى المرآه...تبسمت وهى ترى صوره أخري فى خيالها وهى نفور جاويد من سلوان،وإبتعاده عنها،شعرت بإنشراح فى قلبها.
❈-❈-❈
بمنزل صلاح الأشرف
طرق جواد على باب غرفة جاويد،ثم فتح الباب مواربً ونظر بداخل الغرفه مازحً:
مسا الخير على عريس الليله اللى عندي يقين إن مستنيه إعصار،لما العروسه تتفاجئ بمين "جاويد الأشرف" العريس قدامها.
تنهد جاويد قائلًا:
يعني لازم تفكرني مكنتش خدمه اللى إحتاجتها منك وبسببها،إضطريت أعترفلك بالسر اللى العروسه متعرفوش.
ضحك جواد قائلًا:
أنا أعتبر خالفت ضميري المهني كـ مدير للمستشفى،بسبب الفحص الطبي اللى بيحصل قبل كتب الكتاب،خلصتلك أوراق الفحص بدون حضور العروسه والعريس،فكان لازم أعرف عدم حضور العروسه مش يمكن تكون مغصوبه على الجواز مثلًا.
ضحك جاويد قائلًا:
لاء مش مغصوبه مثلًا،دى مغصوبه أكيد وكفايه هزار بقى فى الموضوع ده،انا بحاول أشغل عقلي بأي شئ تاني،عشان عندي شبه يقين برد فعل سلوان،وقت ما تتفاجئ بيا أنا وهى مقفول علينا أوضه واحده.
ضحك جواد قائلًا:
عشان تحرم تكذب،ناسي ماما كانت تقولينا أيه وإحنا صغيرين"الكدب مالوش رجلين"ومسيره بينكشف.
تنهد جاويد بندم قائلًا:
ما قولتلك دي كانت ذلة لسان فى البدايه،ومكنتش متوقع الآمر هيطور.
ضحك جواد قائلًا:
كان ذلة لسان فى البدايه،بس ليه بعد كده قبل كتب الكتاب معترفتش بحقيقة إسمك ليها،وسيبت حرية الإختيار ليها.
زفر جاويد نفسه قائلًا:
فكرت فى كده فعلًا كنت هعترف ليها،بس إتراجعت على آخر لحظه والسبب هي،لما قالتلى إن مامتها كانت هتتجوز شخص من هنا فى الاقصر،بس محصلش نصيب،رغم كده فضل الشخص ده فتره طويله بعد جواز مامتها يطاردها وهى باباها وكان هيتسبب فى فصله من شغله،وبسببه باباها أخد أجازه بدون مرتب من شغله وكان بيطارده فى شغلانه تانيه بيشتغلها لفتره،بس بعد وقت مش قليل باباها جاله عقد عمل بتخصصه فى شركه فى الإمارات بمرتب كبير وسافر هو وهي ومامتها الإمارات،هو صحيح "رُب ضره نافعه" وبدل ما يضرهم نفعهم وقتها بالسفر للـ الإمارات ومستقبل أفضل،بس طبعًا الشخص ده ساب فكره سيئه عنه فى دماغ سلوان،هى متعرفش هو إسمه أيه بالتحديد،بس قالت إنها فاكره إسم عيلته لأنه إسم القريه اللى مامتها منها "الأشرف" طبعًا إنت عارف مين الشخص المقصود،ولما فكرت إنى لو قولت لـ سلوان على إسمي الحقيقي وعرفت إنى من عيلة الاشرف تلقائى منها هتغير معاملتها معايا ومش بعيد تقطع علاقتها وأفقد ثقتها فيا،هى كمان قالتلى إنهم عاشوا فتره صعبه ماديًا قبل سفر باباها للـ الإمارات، إنها كانت فى سنه أولى إبتدائي، حتى مصاريف مدرستها باباها إستلفها من أخته وقتها،رغم إنها كانت مدرسه حكومي،يعني مصاريفها مكنش مُبالغ فيها،طبعًا إنت عارف مين الشخص اللى تقصده سلوان.
زفر جواد نفسه بسأم قائلًا:
طبعًا عمك صالح،سره باتع وبيتنفس شر...
بس أحب اقولك هى دلوقتي كمان هتفقد ثقتها فيك لما تعرف إنك'جاويد صلاح الأشرف'
وإن الشخص اللى كان بيحارب باباها يبقى عمك المبجل.
تنهد جاويد رغم أنه عَلِم أن من أحد خِصال سلوان بعض الكِبر وعدم التقبُل بسهوله، فهي الى الآن حين تذكر إسم "مؤنس القدوسي"لا تسبقه بلقب'جدها' تذكره بلقب" الحج مؤنس القدوسى" لم تستطيع تقبُل أنه جدها، وتحدث بثقه:
عارف،بس أنا متأكد إنه سهل أسترد ثقة سلوان وهى مراتي.
كاد جواد ان يتحدث لكن منعه صوت طرق على باب الغرفه،سمح جاويد لصاحبه بالدخول... الذى تعجب جواد وجاويد ونظرا لبعضهما بإستغراب لكن إبتسم لهم قائلًا:
مالكم مستغربين وجودي ليه، ناسين إني أبقى زاهر إبن عمك، وإننا كنا بناكل فى صحن واحد ومتربين سوا يعني نعتبر أخوات،ولا أنتم ليكم رأي تاني.
قال زاهر هذا وتجولت عينيه بالنظر لهما الإثنان بترقُب الى أن ربت جواد بيده على كتف زاهر مُبتسمً يقول:
لاء منسيناش يا زاهر إننا أخوات زي جدك ما كان بيجول لينا، بس إنت اللى كنت شردت شويه.
شعر زاهر بالندم قائلًا:
فعلًا كنت شردت، بس أهو رجعت تاني، وكمان عيندي لكم مفاجأه أنا قررت أنافس جاويد.
إستغرب جاويد قائلًا:
مش فاهم قصدك هتنافسني فى أيه؟.
رد زاهر:
أنا إسترديت أرض أمى من تحت يد أبوي وقررت أبدأ لوحدي بعيد عن أبوي وفلوسه، فى حتة ارض، من اللى ورثتها عن أمي دخلت خلاص كاردون المبانى وقريبه من سكه رئيسيه بالبلد ومكانها مناسب لإنشاء مصنع صغير للفخار،وخلاص تقريبًا كده خلصت الإجراءات الازمه وهبدأ أنشأ مصنع صغير على قدي،كمان أجرت جاليري فى منطقه قريبه من المعبد وبدأ يشتغل كويس،وكمان أجرت مخزن فى مكان قريب من الجاليري هخزن فى البضاعه،بس كنت طالب مساعده منك يا جاويد.
إبتسم له جاويد قائلًا:
وأيه هى المساعده دي بقى؟
رد زاهر:
محتاج بضاعه أنا صحيح فتحت الجاليري بصراحه فى البدايه مكنتش عاوز أطلب من أى حد من عيلة الأشرف مساعده،عشان ميفكرش إنى بستغل صلة القرابه،وبدأت وأتعاملت مع تُجار خزف وفخار يمكن هما نفسهم بيشتروا من مصانع الأشرف،عشان كنت مفكر إن ممكن يتقال إنى بستغل القرابه.
توقف زاهر عن إستكمال حديثه حين قاطعه جاويد قائلًا:
بطل عبط،أكيد محدش كان هيفكر فى إكده،وأنا عارف كل اللى جولت عليه وإنبسطت إنك بدأت تفوق لنفسك وتشتغل وفى تُجار فعلًا سألونى عنك وقولت لهم إنك مش بس إنك ورثت إسم عيلة الأشرف،إنك كمان ورثت سر صنعة جدي،وبتفهم كويس وبتتقن صناعة الفخار.
إبتسم زاهر،بينما جواد تحدث مرحً:
فاكر جدي زمان كان يقول زاهر أحسن واحد بيفهم فى صناعة الفخار بس هو اللى مش مركز وعاوز يبعد عن السِرب،بس فى الآخر أها،إنت قربت للسِرب وأنا اللى أختارت الطب وطيرت بعيد عن السِرب،بس أوعوا تتغروا عليا إنتم الإتنين أنا كمان بفهم فى صناعة الفخار واقدر بسهوله جدًا أنافسكم بس أنا سايبكم تاكلوا عيش.
ضحك زاهر،كذالك جاويد بنفس اللحظه دخل عليهم
صلاح وبصحبته هاشم،
شعر صلاح بإنشرح قلبه حين رأى ثلاثتهم يضحكون،
إبتسم لهم قائلًا:
بتضحكوا على أيه يا شباب ضحكونا معاكم.
إبتسم جواد قائلًا:
بص يا بابا بصفتي الشخص الوحيد اللى إختار الطب فى عيلة الأشرف وبقيت دكتور يعني على قد حالي،فأنا مش همانع أبدًا ولا هعترض إن حضرتك تغيرلى عربيتي بعربيه موديل عربية جاويد أهو إعتبر العربيع دي زكاة أموالك.
ضحك هاشم قائلًا:
هو فى دكتور فى مصر على قد حاله.
ضحك جاويد قائلًا بمزح:
آه يا عمي،الدكتور جواد الأشرف أصله على صله وثيقه بـ "ساميه".
لم يفهم هاشم معنى حديث جاويد وتسأل:
ومين ساميه دي بقى.
ضحك صلاح قائلًا:
جاويد قصده إن جواد واخد الطب" رساله ساميه"
مش واخدها كنوع من الوجاهه والتربُح من وراها.
فهم هاشم ونظر لـ جواد قائلًا:
فعلًا الطب رساله ساميه، بس معظم الأطباء حولوها لتجاره.
للحظه شعر هاشم بغصه وهو يتذكر تآلم مِسك وإخفاؤها الآلم لفتره طويله حتى لا تزيد العبء
على كاهله، حتى تغلب عليها وأصبح صعب تحُمل جسدها الى أن فارقت الحياه، أحيانًا يعتقد أنه لو كان عرف بمرضها منذ البدايه ربما كان الشفاء وقتها سهلًا ومازالت تحيا وجهزت سلوان عروس بيدها ورأت أمنيتها تتحقق أن تخرج سلوان من دار القدوسي عروس كما تمنت هي يومً...لكن هو القدر يرسم ونحن نسير على دربه ولا نملُك إعتراض،فقط نملُك أماني قد تتحقق رغم غياب من أرادها ،لكن تظل لهم دائمًا ذكرى محفوره بقلوب من تركوا لهم قسوة تجرُع الغياب.
❈-❈-❈
بداخل صوان العروس
شعرت حفصه بالضيق من إهتمام النساء ومدحهم بجمال العروس وحُسن حظ العريس،نهضت وخرجت من الصوان وتوجهت الى داخل المنزل،لكن كادت تصتطدم بأحد الأشخاص،لكن هو توقف للحظه،نظرت له حفصه وإستمعت لإعتذارهُ:
متآسف،بصراحه أنا مأخدتش بالى لآنى بدور على باب الخروج من البيت وقدامي كذا باب ومش عارف أخرج من أنهي واحد فيهم، وخايف أخرج من باب غلط بدل ما يوصلني لصوان الرجاله الاقى نفسى وسط الحريم.
إبتسمت حفصه بعفويه قائله:فعلاً البيت كبير وله كذا باب،بس الباب اللى هناك ده الباب الرئيسي وهو قدامه مباشرةً باب الدار الخارجي واللى هتلاقى قدامه مباشرةً صوان الرجاله.
إبتسم له قائلًا بشُكر:
مُتشكر جدًا،ومتآسف مره تانيه.
إبتسمت له بتلقائيه،وهو يتوجه نحو الباب التى أشارت له عليه،لكن حاولت إخفاء بسمتها حين إستدار لها مره أخرى مُبتسمً،إدعت تجاهل رؤيته وأكملت طريقها وصعدت نحو غرفتها بأعلى،غير أبهه بنداء أمجد عليها التى تجاهلته عن عمد منها وإدعت عدم سماعهُ،دخلت الى غرفتها وتبدل حالها من الزهق والضيق الى الهدوء نسبيًا.
بينما أمجد زفر نفسه بغضب ملحوظ وشعر بشعور غريب عليه لاول مره إتجاه حفصه،سأل نفسه لما تضايق حين دخل صدفه الى داخل الدار ورأى شابً يقف بالقُرب من حفصه وبسمتها له وهى تشاور له نحو باب الخروج من المنزل ونظرها نحوه ويخرج من الباب بإبتسامه،فكر للحظه فى الصعود خلفها وسؤالها،لكن قبل ان يضع قدمهُ على درج السلم،رأى دخول والداته من الباب القريب لـ صوان النساء،وقفت للحظه تنظر خلفها على جانبي الباب،كآنها تترقب شئ،كاد الفضول أن يسوقه إلى مكانها وسؤالها عن سبب وقوفها هكذا،لكن صدح رنين هاتفه فتجاهل ذالك وذهب نحو الخارج.
....**
بينما صفيه قبل لحظات تسحبت خِلثه دون أن يراها أحد من النساء،ودخلت الى داخل المنزل،وقفت للحظات تنظر على جانبي الباب بترقُب إن كان أحد رأها أو قريب من المكان،لكن كان الجميع مشغول سواء فى صوان الرجال أو النساء وحتى المنزل خلفها خالي،هذه فرصتها
صعدت سريعًا نحو الجناح التى سمعت أن جاويد قام بإعادة تشطيبهُ وتجهيزه له وللعروس،كانت بين اللحظه والأخري تنظر حولها بترقُب مثل السارق،الى أن أصبحت أمام باب الجناح،ترقبت الطريق للحظه قبل أن تفتح حقيبة يدها وتخرج تلك الزجاجه وقامت بسكب محتواها على عتبة الغرفه وكادت تفتح باب الغرفه لكن تفاجئت أن الباب موصد بالمفتاح،سكبت ما تبقى بالزجاجه التى أصبحت فارغه لكن بسبب تسرُعها وقعت بعض النقاط فوق ثوبها،كذالك إشتمت رائحه شبه غريبه بسبب محتوي تلك الزجاجه،خشيت أن يشُك أحد بتلك الرائحه الغريبه،ومدحت بدكائها:
كويس إنى كنت عامله حسابى وجبت إزازه مُعطر الهوا إمعاي ،أخرجت زجاجه مُعطر الهواء وقامت برش المكان بها،ثم وضعت الزجاجتان بحقيبة يدها،وأغلقتها،ثم مثلما فعلت سابقًا عادت نحو أسفل،وعادت تجلس بين النسوه وتسمع همسهن وغمزهن،بحسره تعتقد أنها مؤقته،فهذا الزواج لن يستمر بالتأكيد فتلك الغريبه مجرد زهوه لـ جاويد لن تستمر وتخفت.
❈-❈-❈
بالعوده لـ جناح جاويد
تهكم جاويد وهو يقلي جهاز تحكم صغير كان بيه فوق الفراش،ويقترب بخطوات بطيئه من مكان وقوف سلوان، يتحدق فيها وتحدث ببرود:
"غفله وغبره"
تعرفي لو واحده تانيه مكانك قالت لى الكلمتين دول كان هيبقى ليا رد فعل...
تهكمت سلوان قائله بإسستبياع:
وكان هيبقى رد فعلك أيه بقى.
إستمتع جاويد بملامح وجه سلوان الغاضبه وتجاهل كلماتها، تزداد بداخله رغبه وإشتهاء وهو ينظر الى شفاها مثل الظمآن، وعلى غفله منها أصبح أمامها مباشرةً بلحظه
جذبها من عضديها عليه يضمها لصدره وإلتهم شفاها بقُبلات شغوفه كان يتشوق إليها منذ أول لقاء رأها به، الآن لا شئ سيمنعه من تحقيق أمنية تذوق شفاها، لكن حاولت سلوان دفعهُ بيديها بعيد عنها بقوه ضعفت مع الوقت بسبب قوة قبضة يدي جاويد حول جسدها، وإستسلمت لتلك القُبلات، حتى ترك جاويد شفاها لكن لم تضعف قبضة يديه حولها، شعر بأنفاسها المتسارعه وضمها أكثر له، لكن سلوان بعد أن هدأت أنفاسها حاولت دفعه عنها مره أخرى ورفعت إحدي يديها وكادت تصفع جاويد على وجهه:
قائله:
بكرهك يا "جلال".
أمسك جاويد معصم يدها بعنف وقام بثنيه خلف ظهرها، فى لحظه تبدل الوضع وأصبح ظهرها مُلتصق بصدره ويدها مثنيه،خلف ظهرها وقال بحِده:
إسمي جاويد،إسم جلال ده تنسيه خالص.
شعرت سلوان بآلم بيدها وكادت تتحدث لكن شعرت بشئ آخر حين وضع جاويد شئ ما بـ بنصر يدها اليسرى، ثم نفض جسدها بعيد عنه قليلًا
رغم شعورها بآلم طفيف لكن نظرت الى إصباعها وتفاجئت بذالك الخاتم الذى ببنصرها هو نفسه التى إنتقته سابقًا، نظرت له بذهول وتحدثت بإستهجان :
مُخادع...
قالت هذا وهى تنظر له بتعجب وذهول تلوم حالها:
إنت آخر شخص كنت أتوقع أنه يكون جاويد الأشرف،بس إزاي قدرت تخدعني بالسهوله دي ووثقت بيك أكيد ده كله بسبب غبائى، بس ملحوقه، الجوازه دي مستحيل أساسًا تتم، والطلاق لازم يتم بأسرع وقت. طلقني مستحيل الجوازه دى تتم أنا مكنتش موافقه عليها من البدايه من قبل ما أعرف مين هو جاويد الأشرف، بس تعرف كان ممكن بسهوله أتقبل الجوازه دي لو من شخص تاني غيرك، لكن إنت مستحيل أقبل .
ضحك جاويد قائلًا:
فى عروسه أول مره تشوف جوزها تقوله طلقني برضوا مُتسرعه زى عادتك،ناسيه إنتِ فين ومع مين.
تنهدت سلوان قائله بإستهزاء:
هكون فين يعني ومع مين مع واحد مُخادع، أول مره إحساسي يخوني مع شخص وأحس معاه بعكس حقيقته بس الوقت لسه مفاتش، طلقني يا جلال.
نُطق سلوان لإسم" جلال"
عصبهُ وإمسك معصم إحدي يديها وضغط عليها بقوه قائلًا بحِده:
إسمي جاويد، وإنت فعلًا متعرفيش حقيقتي، بس أحب أقولك من أولها، طلاق مش هطلق، لكن ميمنعش إن الشرع محلل ليا
"مثني وثلاث ورُباع"
بس إطمني هتفضلي دايمًا الأولى.
نظرت له سلوان ولمعت عينيها بتتحدي وحاولت دفعه بيدها الأخري قائله:
بتحلم، وإبعد قولت لك مستحيل أقبل أكون مراتك.
إبتسم جاويد وعيناه تتجول بالنظر بين شفاها وعينيها، لكن لشفاها سِحر لا يقاوم،جذبها بقوه وعاود تقبيلها،رغم تمنعها فى البدايه لكن كاد يُسيطر عليها لولا سمعا طرقًا على باب الغرفه،ترك شفاها مُرغمًا، كذالك هى إبتعدت عنه تنظر له بغضب،وكادت تتهجم بالحديث لكن سبقها جاويد حين إقترب من الفراش وإلتقط تلك الثياب الخاصه بها التى كانت موضوعه فوق الفراش وأمسك إحدي يديها رغم تمُنعها قائلًا:
الأفضل إنك تدخلى الحمام تغيري فستانك على ما أنا أفتح الباب للى بيخبط،آه ومتنسيش تتوضي بالمره.
ألقت سلوان تلك الثياب من يدها بغضب وإستهزاء قائله:
مستحيل ألبس الهدوم دى.
إبتسم جاويد بإستفزاز قائلًا:
براحتك فى أكيد هدوم تانيه فى الدولاب، خدي اللى يريحك وإلبسيه، بس متنسيش تتوضي.
رفعت سلوان ذيل ثوبها وتوجهت نحو إحدي ضلف الباب وفتحتها بقوه وعصبيه،لكن توقفت تنظر بداخل الدولاب للحظه ثم نظرت نحو جاويد قائله:
دى الهدوم اللى إشتريتها عشان تهادي بيها أختك.
إبتسم جاويد بفخر قائلًا:
عشان تعرفي إن ذوقك بيعجبني دايمًا، وياريت كفايه واقفه اللى عالباب هيزهق ويمشي.
توقفت للحظه تشعر بضياع قبل أن تلتقط بعض من الثياب، ثم نظرت لـ جاويد بذم قائله:
مُخادع جيد.
إبتسم جاويد لها وهو يتجه نحو باب الغرفه لكن قبل أن يفتح باب الغرفه،سمع صفع باب الحمام،فتبسم بتلقائيه،وهو يفتح باب الغرفه وتجنب على أحد جانبيه الى أن دخلت إحدي الخادمات تحمل صنيه طعام كبيره وضعتها على طاوله بالغرفه وسُرعان ما غادرت مُتمنيه لهم السعاده،أغلق جاويد باب الغرفه خلف الخادمه،ونظر نحو باب الحمام مُبتسمً وهو يتذكر ملامح سلوان التى إزدادت بنظره جمالًا الليله يكتشف شخصيه أخري، شخصيه عنيده لكن إن كانت هى عنيده فهو مُثابر لكن لا مانع من بعض المشاغبات معها.
بينما بالحمام
وضعت سلوان تلك المنامه الحريريه جانبًا تُزفر نفسها بغضب ساحق توبخ نفسها قائله:
غبيه يا سلوان كان فين عقلك، قبل كده كنتِ بتحذري من أى حد يقرب منك، بس وقعتي فى فخ مُخادع، ودلوقتي بعد كمان قدر يخدع بابا ووافق على جوازي منه بسهوله،رغم أن عمره ما أجبرني على حاجه قبل كده،أكيد خدعه هو كمان،ولو طلبت من بابا أنه ياخدني معاه للقاهره وآنى أطلق مستحيل هيوافق ويساندي.
تنهدت سلوان بيآس قائله:
يعني أيه مفيش قدامي غير إنى أستسلم للمخادع ده ، بس ده شئ مستحيل.
بنفس اللحظه سمعت سلوان طرق على باب الحمام وصوت المخادع يقول بآمر:
سلوان متنسيش تتوضي.
زفرت سلوان نفسها بغضب:
أيه متنسيش تتوضي،اللى زى ما تكون لازمه على لسانه عاملى فيها كآنه إمااااااام جاااااامع
توقفت سلوان وفكرت فى قصد جاويد من خلف تلك الجمله وفهمت مقصده قائله:
المخادع،مفكر إنى هسيبه يلمسني،بيقى بيحلم.
حسمت سلوان أمرها ولفت يديها حاولت فتح سحاب الفستان ولعصبيتها فشلت،لكن لم تستلم حتى قطع جزء من ثوب الزفاف مع سحاب الفستان لم تهتم بذالك،وخلعت الفستان وقامت بإرتداء تلك المنامه النبيذية اللون،وعقدت خصلات شعرها كعكه فوضويه،وخرجت من الحمام،لكن للحظه توقفت تشعر بالخجل حين رأت جاويد يقف جذعه عاري يخلع ثيابه...لاحظ جاويد صمت سلوان وأرد مشاغباتها قائلًا:
إتوضيتي.
ردت عليه بضيق قائله:
ويخصك فى أيه إنى أتوضي أو لاء... ومن الآخر أنا مبصليش إرتاخت كده .
تخابث جاويد وإقترب من سلوان
شعرت سلوان بخجل وإزداد إحمرار وجهها من إقتراب جاويد وهو جذعه عاري منها وبغفله منها جذبها من خصرها قائلًا بعبث:
وليه مش بتصلي.
إرتبكت سلوان وحاولت الإبتعاد عن جاويد لكن هو تشبث بخصرها قائلًا:
مش بتردي على سؤالى.
إرتبكت سلوان تشعر برجفه بجسدها كذالك خجل لكن حاولت الثبات أمام جاويد قائله:
أنا جاوبت عليك وقولت مبصليش وخلاص،وأعتقد قصدي مفهوم.
إبتسم جاويد بخبث قائلًا:
آه...قصدك،تمام أنا فهمت.
تنهدت سلوان قائله بتذمر:
طب طالما فهمت قصدي،إبعد عني بقى.
بمكر من جاويد إبتعد عن سلوان،بينما نظرت سلوان بالغرفه قائله:
مفيش غير سرير واحد فى الأوضه.
رد جاويد:
أى أوضة نوم لعرسان بيبقى فيها سرير واحد،ومع ذالك السرير واسع جدًا يساع أربعه مش إتنين.
نظرت له سلوان بضيق قائله:
تمام أنا حاسه إنى مُرهقه ومحتاجه أنام.
قالت سلوان هذا وتوجهت نحو الفراش تُزيح ذالك الدثار، لكن أقترب جاويد وأمسك يدها قائلًا:
مش لازم تتعشي الأول قبل ما تنامي، ده عشا العرسان ولازم يتعشوا مع بعض عشان يكون بينهم وفاق.
نفضت سلوان يد جاويد قائله:
قولتلك بتحلم، مستحيل يكون بينا وفاق وطلاقنا أمر حاتمي وهيتم بسرعه.
إبتسم جاويد وجذب يد سلوان مره أخري قائلًا:
خلينا نتعشي سوا متأكد إنك جعانه وطول اليوم مأكلتيش،تعرفى إن دى أول مره مش هتمني إن العشا مينتهيش لآن بعدها مش هتمشي وتسيبني زى قبل كده،بل بالعكس هتمني العشا يخلص عشان بعدها أخدك فى حضني كده وأنام بهدوء .
شعرت سلوان برعشه فى جسدها من نبرة جاويد الناعمه لكن تذكرت خداعه لها، ونفضت جسده بعيدًا عنها قائله:
معنديش مانع نتعشي سوا، بس بلاش تعيش وهم إنى ممكن أسمحلك تقرب مني.
إبتسم جاويد قائلًا بتحدي:
تعرفى يا سلوان أنا متأكد إن معندكيش أي عذر يمنعني عنك،وأقدر أخدك دلوقتي لو عاوز وهيبقى بإرادتك كمان.
تهكمت سلوان وكادت تتحدث بتحدي لكن جذب جاويد يدها قائلًا:
أنا بقول كفايه كلام،أنا جعان طول اليوم مأكلتش عشان نتعشي سوا.
نظرت سلوان الى صنية الطعام،كآن ،شعور الجوع تمكن منها فجأه هى فعلًا لم تتذوق أى طعام طوال اليوم،ولا داعي للرفض،فهذا مثل أى عشاء تناولته معه سابقًا،نحت عِنادها وتوجهت نحو مكان صنية الطعام وجلست قائله:
ياريت ناكل فى صمت.
إبتسم جاويد،واومأ لها رأسه،وأشار بيده أن تبدأ بتناول الطعام،بالفعل بدأت سلوان تتناول الطعام،لكن كان يشاغبها بالحديث وسلوان ترد أحيانًا بضيق وأحيانًا تختار الصمت ردًا،الى أن شعرت بالشبع نهضت واقفه تقول:
الحمد لله شبعت،هروح أغسل أيدي وأنام.
بعد لحظات توجهت سلوان الى الفراش ونحت الغطاء وتمددت علي إحدي طرفي الفراش لكن سُرعان ما شعرت بـ جاويد هو الآخر تمدد بجسده على الفراش وبعدها أطفي نور الغرفه،اصبحت مُظلمه،للعجب لم تشعر سلوان بالخوف،وظنت أن جاويد قد يقترب منها ويتحرش بها،لكن
خاب ظنها،رغم أن جاويد بداخله إشتياق جارف لها لكن سيطر على مشاعره لا يود الضغط عليها الليله أكثر من ذالك،يكفيه الليله أنه يشعر بنفسها قريب منه.
❈-❈-❈
بمكان مُظلم
كان يتجرع من المُحرمات والمُسكرات ما يُذهب عقله، ويجعل قلبه يستعر أكثر وهو يتذكر لقاؤه اليوم
بـ "هاشم" عدو الماضى اللدود الذى إختطف منه "مِسك"
رغم مرور سنوات لكن لم ينسى ملامحه يومً، ولم يتوقع أن يأتى يوم ويتقابل به فى عُقر بيت أخيه، لا ليس هذا فقط بل إبنته التى رأها قبل أيام أصبحت الليله زوجه لـ جاويد، مثلما حدث بالماضى
وإختطفت مِسك من أمامه، عاود حدوث هذا مع إبنتها، وإبتعدت عن يديه مثلها
يتجرع كآس خلف آخر ويتراقص أمام عينيه ضحكات هاشم وجاويد الشامته والمتشفيه به، ألقي الزجاجه الفارغه،بعيدًا، وفتح زجاجه أخرى يحتسى من فوهتها مباشرةً، يتراقص أمام عينيه شيطانه الذى يود الآن حرق الجميع، بسبب فتح
أبواب الماضي التى لم ولن تُغلق قبل أن يتآر لآنين قلبهُ.
يتبع