رواية - كما يحلو لي - نسخة حصرية (النسخة القديمة) - بقلم بتول طه - الفصل الثلاثون
رواية كما يحلو لي النسخة القديمة بقلم بتول طه
حصريًا لمدونة رواية وحكاية
هذه الرواية لا تتحدث عن السا دية والترويج لها أو الغرض منها مناقشة اضطراب السا دية.
بينما تتحدث عن علاقة أحد أطرافها سا دي والطرف الآخر يرفض هذا بكل كبرياء بل ولم يتعود على أن يتحكم به أحد.
فيا تُرى كيف سيستمر كل منهما مع الآخر؟
تصنيف الرواية
روايات رومانسية، رومانسيه، حب، اجتماعية، دراما، قصة، خيالية، قصص رومانسية، روايات للكبار
حوار الرواية
حوار باللغة العربية الفصحى، لهجة فصحى
حصريًا لمدونة رواية وحكاية
❈-❈-❈
الفصل الثلاثون
-
أتشعرين بالخوف مني الآن؟
سألها وعقد حاجبيه ونظر لها باهتمام ليرى أي ردة فعل على ملامحها بينما
هو قد انعكـ ــست ظلال مياه المسبح على تقاسيم وجهه ليبدو مرعبًا في هذه الظلمة...
ارتفعت مقلتاها إليه وهي تحاول التمعن بملامحه التي تبدو غريبة للغاية
في الظلام وأجابته قائلة:
-
لم أتوقع أنك مستيقظ، ظننت أنني وحدي...
ذيلت كلماتها بابتسامة صغيرة ثم حمحمت وأخفضت من بصرها لتلتقي عيناها بجسده
القوي الذي يعكـ ـــس أن هذا الرجل لا يتوقف عن ممارسة الرياضة على الرغم من عدم رؤيتها له وهو يفعل، تلك العضلات المنحوتة بعناية
لا بد أنها بسبب الكثير من التمرين والأوزان التي لا ينفك يتدرب بها، لا يحجب رؤيتها
إلا هذا السـ ــروال الدا خلي القصير لتتورد وجنتاها أكثر عندما أدركت أنها تنظر له
وأخفضت رأسها بأكملها، الأمر مُغاير تمامًا... رؤيتها له بهذه الطريقة وهو على بُعد
وهي تتفقده بعينيها مختلفا بكثير عن اقترابه منها وهي لا ترى صورة كاملة لكل هذا الجـ
ـــسد الذي يملكه...
لاحظ كيف كانت تُشاهده وعسليتيها تعكـ ــسان الافتتان به هو الآخر ليعلم
أن اللعنة بينهما مشتركة فليس بمفرده هو من يعاني كلما رآها وابتسم لها بعذوبة وعقت
قائلًا بنبرة رجولية هادئة وكأنه يُطمئنها خلالها:
-
لست وحدك روان... لا تفكري بهذا أبداً...
هدأت ملامحه وهو يتفقدها لبُرهة أسـ ــفل ذلك الثـــو ب القصير الذي يُظهر
اكثر مما يُخفي ثم توجه ودفع جـ ـــسدها للأمام قليلًا واستقر خلفها حتى حاوط جــ
ــسده جــ ـــسدها وضمها إليه بعنـــاقٍ دافئ مقربًا اياها له ثم سألها بصوتٍ انعكــ
ــس به الكثير من الدفء:
-
أخبريني الآن، ما الذي أخذ كل تفكيرك هكذا حتى لم تلحظيني؟
أحكم إحاطته لخـ ــصرها بذراعيه ثم دفن وجهه بعنقها وهو يستنشق رائحتها
المميزة التي لا يملكها سواها ليجد نفسه يغمض عينيه براحة هائلة واستمتاع لوجودها بالقرب
منه وأراحت رأسها على صـ ـــدره ثم أفسحت له المجال موجهة رأسها لأحد الجوانب ليستريح
بوجهه أكثر الذي توسد عنقها وأجابته بخفوت واقتضاب بصوتٍ مسترخ:
-
بك...
همهم وهو يستنشـ ـــقها ثم تنهد وهو يُعقب على إجابتها له:
-
يا لك من محظوظ أيُها العمر
اندهشت مما قاله فهو ليس الرجل الشهير بمزاحه ومرحه لتضحك ضحكة ليست بالطويلة
ولكنه استمع لها وهو يشعر بتحقيقه لإنجاز صغير فلقد أستطاع أن يُضحكها على كل حال
وضـ ــمها إليه أكثر ثم همس من جديد بنبرته التي تذيب قلبها:
-
أتعلمين؟ هذه أول مرة تضحكين بسبب شيء أخبرك به
لانت شفتاها من جديد بابتسامة ثم ردت مُعقبة بتنهيدة وهي تحــ ــاوط ساعداه
بساعديها ثم أغمضت عينيها وبداخلها تتمنى من عقلها أن يتوقف عن التفكير وتتمنى لو أنه
يُصبح هادئًا دائمًا دون اللجوء لأطواره الغريبة التي يُدهشها بها بين الحين
والآخر:
-
عليك الاجتهاد أكثر إذن!
ارتفعت إحدى يــ ــديه وهو يُمـ ــررها على كتفـ ــها بلمــ ــسات مترفقة
وهمس ببعض الاستياء الذي يحاول أن يخفيه خلف تلك الصورة المتحكمة المهيمنة:
-
سنعود غدًا
عقبت على قوله بنبرة مرحة وهي لا تتحرك:
-
وسنواجه ذلك البريد الإلكتروني المتوحش الضاري الذي به مليون أمر
مستفز
توسعت ابتسامته على قولها ثم حاوطهما الصمت لبُرهة ليأتي صوته
المتسائل الهادئ من جديد:
-
هل أنتِ بخير؟
أجابته بتلقائية وهي لم تفهم ما يُرمي إليه باستفساره:
-
نعم... أنا بخير... ماذا هناك؟
لم يتحرك أحداً منهما وظلا مستــ ــمتعان بهذا العنـ ــاق ليتنهد وهو الآخر
بداخل عقله الكثير من الأفكار فهو لم يكن يتوقع منها مبادرتها وطلبها بنفسه أن
يكونا سويًا بهذه الغرفة لتشعر بشـ ــفتيه يتحركان بتساؤل يحمل بعض السخرية:
-
أتريدين أن تخبريني أن تلك الفتاة التي كانت تبكي منذ قليل أصبحت بخير
في غضون وقت قليل؟
ابتلعت وهي تُفكر مليًا قبل نطقها بإجابتها فهي إلى الآن لا تدري ما الذي
عليها فعله معه وحاولت أن تكون إجابتها ذكية قدر الإمكان وهي تعزز من كلماتها
السابقة له قبل أن يُصبحا بغرفة العذاب الجحيمية خاصته وبدأت بالإجابة:
-
كان هدفي رضاءك... أن أجعلك سعيدًا بعدم رفضي لما تُريده، وأظن أنني
فعلت... ولا لست أشتكي من أي شيء سوى بعض الألم الطفيف بجـ ــسدي ونهاية ظـ ـهري اللعينة
تؤلمني كلما جلست ولكن الألم يزول ... ليس هناك ألم دائم... كل الصعاب تنتهي... أليس
كذلك؟!
استمع لما أخبرته به ليعقد حاجبيه وسيطر على ملامحه الوجوم ثم زفر ما
برئتيه لتصل كلماتها لعقله وكأنها تقصد شيئًا آخر تمامًا غير الذي ود أن يعرفه،
تُرمي إلى أن الصعاب تنتهي وليس هناك شيء دائم، ما الذي تريد أن توصله له مثلًا؟ أنها
لن تفعلها من جديد؟!
حاول أن يترك تفكيره جانبًا ثم حدثها بلهجة آمرة ولكنه لم يُبالغ بفقد
هدوئهما الذي يتشاركانه منذ استيقاظه:
-
احذري أن تسبي في الكلام مجددًا... لو استمررتِ بهذا لن يُعجبني وستبدر
مني ردة فعل ليست بلطيفة عليه... أكره المرأة التي تسب كثيرًا
رفعت حاجبيها باندهاش لغطرسته التي تدفقت بنبرته وتحكمه الذي لا ينتهي
الذي عاد ليطأ بقدميه بينهما من جديد ولكنها أدهشته بدلال مازح وهي تهمس بنبرة رقيقة
مرحة وهي إلى الآن لا تزال تريد الحفاظ على الهدوء والهدنة القائمة بينهما إلى أن تصل
إلى قرار معه:
-
سأفعل سيدي
همهمت متنهدة وهي تحاول أن تتهرب من التحدث معه التي تتوقع أنه سيصل
لمزيد من الأوامر والتعليمات وافعلي هذا ولا تفعلي ذاك فقالت بنفس نبرة دلالها
الذي لا يجد سوى الاستسلام أمامه:
-
أتعلم... لا أريد لهذا العنـ ــاق أن ينتهي... أتمنى لو نجلس ونبقى هكذا
إلى أن ينتهي الوقت بالحياة...
ابتسم على كلماتها التي شعر وكأنه فشل بتوقع كل
ما يبدر منها من تصرفات وكلمات بالآونة الأخير واكتفى بالتعقيب باقتضاب ونبرة
دافئة:
-
ولا أنا أيضًا
همهمت بهدوء وقالت بنبرة مُرهقة فهذه اللحظات
من الاسترخاء بصحبة ما فعلاه منذ وقت ليس بكبير جعلتها كل الوقائع تريد النوم:
-
ولكني أريد الذهاب للسرير... أشعر بالنعاس!
أحست به يطبع قبـ ــلة بخصلاتها ووجدته ينهض ثم
نظر لها لبرهة دون أن تفهم ما خلف نظراته لها ثم اقترب نحوها متنهدًا وحملها كالطفلة
بين ذر اعيه فأحاطت هي عنقه بيـ ــديها ثم لم تتفرق أعينهما لثانية وهما يتبادلان الكثير
من الرمقات في صمتٍ تام...
تنظر له، لعلها تفهمه وتستطيع أن تصل لقرار بشأنه،
هل يُمكنه أن يصبح شخصا لطيفا فقط دون ميوله الغريبة أم لا بد له من أن يؤلمها طوال
الوقت حتى يسعد هو؟
ينظر لها عله يستطيع أن يعرف أي شيء من انصياعها
المفاجئ، من تلك المشاعر التي باتت تعدو بصدره كيفما يحلو لها كلما اقترب منها أو فكر
بشأنها... يُفكر في تلك الكلمات المتغزلة واعترافه لها بعشقه أكثر من مرة والكلمات
تتفلت منه دون أن يستطيع أن يصدها! لم يعد يعرف ما الذي تفعله به!
دنا ثم أراح جـ ــسدها على الفراش برفقٍ شديد
ورمقها ونظراته تدفعها للشعور بالارتباك الذي امتزج برسائل لا تستطيع تفسيرها ولكنه
على يقين تام بأن تلك القشعريرة التي تسري بجسدها كلما تبادلا النظرات عن قرب تدفعها
للانجذاب له وكأنها تقع ببئر عميقة منه لا يستطيع أحد أن ينجيها أبدًا!
اقترب أكثر وأراح هو الآخر جـ ــسده بجانبها ومن
ثم أحاط خصرها بذراعه وجذبها نحوه حتى التصـ ـــقت بصـ ــدره ودثرها بالغطاء جيدًا
وعانقـ ــها بقوة يقربها له لتغمض هي عينيها في محاولة تبين قرارها، مشاعرها، وهذه
الألفة التي تشعر بها كلما اقترب منها رغمًا عن أنفها!
-
هل ستتركينني وتبتعدين عني روان؟
لم يدر كيف سألها ذلك، يبدو أنه فقد عقله لتتفلت
الحروف بانطلاق عفوي من بين شـ ــفتيه دون تحكم منه، يا له من ساذج، هو حتى لم يكترث
للحظة من قبل حتى يسأل أي امرأة مثل ذلك السؤال، هذه الفتاة ستصيبه بالجنون!
شعرت بخفقات قلبه تتسارع وهي تنعكـ ــس على ظهرها
بسبب اقترابهما الشديد فالتفتت إليه ثم نظرت له بتعجب منه وهي تتفقد ملامحه التي لم
تستطع قراءة أي شيء بها سوى الارتباك الجلي ولكنه لم يكن غاضبًا ولا منزعجًا؛ بل، بدا
وكأنه مُنتظرًا منها إجابة حقيقية على تساؤله!
ضيقت عينيها تتفحصه قاصدة المزاح وأجابته مدعية
الجدية الشديدة:
-
بالطبع سأفعل
ارتسم الغضب على ملامحه بأكملها وازداد ارتباكه
وكاد أن يقول شيئًا ولكنها سبقته بابتسامة ممازحة:
- عند
قضاء حاجتي وعند الذهاب للعمل وربما عند التبضع وعند الذهاب لصالون التجميل!...
أعطاها رمقة ثاقبة بزجرٍ اختلطت بمشاعر مُنزعجة
من مزاحها الذي وجده سخيفا للغاية لترفع أحد حاجبيها بانتصار وتجرأت قليلًا خصوصًا
بعد أن شعرت أنه متمسك بتواجدها دائمًا معه واقتربت متخلصة من تلك الإنشات التي تفصل
بينهما وقبـ ــلته قبــ ــلة طويلة ناعمة متنفسة أنفاسه الدافئة وبمجرد استجابته التي
شعرت بها وهو يبادلها ابتعدت وابتسمت له بأعين ناعسة وهي تتفقده لتهمس له وكلاهما يحاولان
استعادة وتيرة أنفاسهما الطبيعية:
-
والآن... عا نقــني حتى أنام... أشعر بالنعاس
أخبرته ثم توسدت رأسها صدره فحاوطها بذراعيه وجذبها
أكثر إليه وهو يغرق في تفكيره شيئًا فشيئًا بكل ما يحدث بينهما منذ أن عرفها حتى ذهب
كليهما للنوم خلال دقائق.
❈-❈-❈
استيقظت قبل منه لتجده مطبقاً عليها بعـ ــنف،
لم تصدق أنه نائم حَقًّا فهو لطالما يكون مستيقظًا وبالكاد ينام، تعجبت ماذا به ليجعله
متشبثاً بها هكذا؟! هل حقاً يشعر بالخوف من أن تتركه؟ هل سؤاله لها قبل أن يناما كان
دليلاً على خوفه؟!! وماذا عنها هي؟ ما الذي ستفعله مع رجل بتقلباته تلك التي لا تتوقف
كلما مر عليهما الوقت معًا؟
حاولت التسلل من أسـ ــفله ولكنها لم تستطع، يديه
المحكمتين حولها أعاقت فرارها لأي مكان... حاولت الفرار مرة أخرى ولكنه أطبق على جــ
ــسدها بأكمله وقربها منه حتى أصبح أغلب جــ ــسده يعتليها وسا قه اليسرى تحاوط سا
قيها وكأنه يسجنها مصيبًا إياها بشلل حركي!
-
عمر...
نادته ليهمهم لها بنعاسٍ دون أن يتحدث بكلمات
مسموعة فحدثته ببعض الانزعاج من اطباقه الشديد عليها:
-
دعني أنهض أرجوك
لم تحصل منه سوى على همهمة منزعجة بالامتعاض ثم
أخبرها بصوتٍ ناعس وهو يجذب جـ ــسدها له أكثر:
-
لا!
لا تدري هل هو يبالغ حَقًّا إلى هذه الدرجة فأخبرته
باستياء اتضح بنبرتها:
-
عمر، أرجوك توقف عن..
همهم باستياء مرة ثانية ثم همس مقاطعًا إياها
بنبرة نعسة:
-
لا تتركيني الآن... ابقي معي قليلًا
زفرت ببعض الضيق فهي لم تتوقع أن مبالغته ستصل
لهذا وحدثته قائلة:
-
سأعود، لن أذهب لأي مكان، فقط أريد الذهاب للمرحاض
والاستحمام و...
تذمر بحنقٍ وقال بنبرة تخلت عن بعض من نعاسه ولكنه
لا يزال مسترخيًا:
-
سنفعل كل شيء سوياً فقط انتظري قليلًا
دفن وجـ ــهه بعــ ــنقها وشعرت هي بتلك
الطريقة الغريبة التي يستنشقها بها وكأنه يستنشق عطرًا طيب الرائحة فيبدو أن هذه ستصبح
عادة له معها لتزم شفتاها وتتنهد مجدداً ثم بدأت في العبث بشعره الذي أصبح أطول وتمرر
أصا بعها به ولاحظت تثاقل أنفاسه شيئًا فشيئًا وشرع في تقــ ــبيل عنقها المرمري
برقة ولطف وأخذ يوزع تلك القبلات الرقيقة وأنفــ ــاسه الدافــ ــئة تداعبها وبعد
دقائق، رغمًا عنها تثاقلت جفونها في متـ ــعة وتلــ ــذذ استجابةً لأفعاله...
لقد كانت تُفكر في جهة أخرى تمامًا، كانت تظن
أنها ستستيقظ وتستعد ليومها بهدوء وهي تفكر بهذا الزواج وهل يُمكنها أن تستمر مع رجل
مثله أم لا بينما ما يفعله معها طالما نجح في انتشالها من الحياة ليذهب بها بعالمٍ
آخر خيالي مُغاير للواقع!
مــ ــسد كل ما وصلت له شــ ــفتاه برفقٍ
شديد ثم همس بين قبــ ـــلاته:
-
تريدين أن تتركيني... هاه؟
أكمل فعلته مرة ثانية وهو يُلاحظ تعالي
أنفاسها باضطرابٍ واضح ليهمس مجددًا متسائلا:
-
ألا تريدينني قربك روان؟
أخبرها وأكمل تلثــ ــيمه واعتــ ــلاها بالكامل
وما إن أوشكت على التحدث التـ ــهم شفاهها في تريث وحب دون أن يكون عنيــ ــفًا، كان
رفقه ملحوظا للغاية لتشعر أنها ستفقد عقلها من شدة تغيره بين اليوم وبين ليلة أمس
بتلك الغرفة الملعونة...
شعر باحتياجها للتنفس فابتـ ــعد عنها ليترك لها
بعض الأنفاس ثم همس أمام شــ ــفتيها بنبرة خافتة يغلفها التملك:
-
لن أدعكِ تفعلينها... لن أسمح لكِ بأن
تتركيني... لن يحدث أبدًا روان...
لقراءة باقي الفصل
يُتبع..