-->

رواية كما يحلو لي النسخة القديمة بتول طه - الفصل الثالث والخمسون

  رواية كما يحلو لي - النسخة القديمة

حصريًا على مدونة رواية وحكاية


بقلم بتول طه 

 الفصل الثالث والخمسون




على الرغم من فزعها الشديد من مجرد فكرة تواجده معها بالغرفة إلا أنها حاولت التماسك قدر المستطاع ألا تنهار وألا تصرخ عاليًا وبالطبع سيستمع كل من في المنزل لصوت صراخها، وتريثت وحاولت أن تتظاهر أنها تُكمل ما كانت تفعله بينما هي تشعر بالرعب التام الذي دفع قلبها لتصاعد خفقاته بجنون...

فكر بأكثر من طريقة ليحاول التحدث إليها وكلما فعل شعر وكأنما لسانه ينعقد ليزفر بمشقة ثم همس وعينيه لا تستطيع أن تفارقها:

-       روان... أنت... كيف حال... أقصد... روا...

 

تلعثم وتعالت أنفاسه المتوترة ومن ثم شعر بشلل لسانه فوصد الباب بهدوء وأقترب منها حتى توقف خلفها وأخذ يتطلع لها خلال المرآة ولكنها لم تبادله النظرات... اشمئزازًا وخوفًا في آن واحد!!

 

لم يعرف ما الذي عليه فعله، يشعر وكأنما سرعة ضربات قلبه ستتسبب في توقفه بأي لحظة الآن... ظل لسانه منعقداً ولكن عينيه تفقدتها في شوق، سيطر وجودها عليه، لم يعد يستطيع الشعور بأي شيء حوله، يتمنى لو يحتضنها إلى أن يزفر آخر أنفاسه، شرد بها وبملامحها التي اشتاق لها كثيراً ليجدها تتحرك وتتفادى جسده ومن ثم ذهبت لتضع حاسوبها وهاتفها بالتيار الكهربي ثم جلست على السرير فتبعتها ساقيه وكأنه يتحرك رهنا لإشارتها هي "روان" ناداها وهي بالكاد تستمع لصوته المبحوح وكأن هناك ما يلجم لسانه:

-       نعم!!

أجابته لتنظر بعينيه مباشرة دون خوف أو توتر بينما تمزق قلبها لترى ذقنه طويلة مهملة على غير العادة... افتقد وزناً... تلك النظرة الثاقبة اختفت لتحل محلها أخرى ذابلة، تنظر لرجل مهزوز ليس لديه ثقة بنفسه مثل الماضي، ولكنها لن تقابله بالحنان وكأن شيئاً لم يكن. وليُعينها الله على ما يجري بداخلها من ذعر تجاهد أن تقوم بإخفائه!

 

ابتلع ثم اقترب منها أكثر وترك مسافة مقبولة وهتف متضرعًا بصوت يغلفه الندم وعيناه تأبى مفارقة خاصتها:

-       اشتقت لكِ... أنا آسف... آسف على كل شيء، آسف أنني لم أخبرك كل شيء، آسفا على ما فعلت... لو فقط تعرفين أن... أن...

 

تلعثم مجدداً وهو لا يدري ما الذي عليه قوله ليخلل شعره بغضب تجاه نفسه ثم جلس أمامها أرضًا جاثيًا على ركبتيه وتوسلها:

-       سامحيني... لن يحدث شيئاً مثل هذا مجدداً... ذلك الشخص لم يكن أنا، ولن يكون!

 

توقف عن الحديث وهو لا يستطيع أن يعبر عن كل الذي بداخله من ندمٍ على كل ما فعله معها منذ البداية إلي النهاية ولكن عينيه المتألمتين أخبراها كل شيء ولكنها قررت أنها لن تسمح له بخداعها بتلك الملامح ولا تلك الكلمات، فلقد اختبرت سابقًا ما الذي يُعنيه ولطالما ما انتهى الأمر بتألمها جسديًا ونفسيًا!!

-       هل انتهيت؟

 

سألته بهدوء لينظر لها بدهشة وأومأ لها بالموافقة مبتلعًا بمرارة لتبتسم له ببرود ثم أخبرته:

-       حسناً... أنا اريد النوم، طابت ليلتك!!

 

نهض ومن ثم تبعها ليراها حقًا تتصنع النوم ليزفر بإرهاقٍ ثم أخذ يجوب الغرفة وهي تلاحظه بطرف عينها ولكنها لم تنظر له مباشرة وامتدت يدها لتتناول هاتفها من على المنضدة الجانبية للفراش وأخذت تعبث به ودون أن تواجه عيناه تحدثت وعيناها بهاتفها بمنتهى التصميم:

-       ابحث لنفسك عن أي مكان آخر غير هذا السرير، لديك الأريكة أو الأرضية وثلاث غرف للزائرين...

 

تريثت قليلاً لتسمع أنفاسه التي تعالت غضباً ولكنه لم يُحدثها ولم يُعقب بحرفٍ واحدٍ لتُردف:

-       لو بمكانك لن أترك الغرفة... سيتحدث الجميع ولا أظن أنك تُحب أن يراك أحدا هكذا... كما أظن الأريكة أكثر راحة من الأرضية على كل حال!!

 

أكملت بهدوء لتستحث غيظه وهي تصفعه بالإحتقار بنبرتها ومن ثم ضحكت لشيء رأته على هاتفها لتثير المزيد من استفزازه وقد فعلت!!

 

 

كور قبضتيه غضباً، يستطيع الآن أن يجذبها من شعرها وستجلس أسفل قدميه بل وستقبلهما لتترجاه أن يتوقف عن إخافتها، ولكنه لا يريد فعل هذا، لن يؤذيها أبداً بعد أن أخذ عهداً على نفسه بألا يفعلها... حاول السيطرة على غضبه من طريقتها المستفزة ومن ثم توجه إلى الحمام صافعاً الباب خلفه بعنف لتبتسم هي في انتصار ومن ثم تمتمت:

-       سأريك من هي روان! لتمتن لهذا الجنين الذي يربطني بك وإلا أقسم سأصنع منك مَزْحَة أمام الجميع!

 

أخذت تنظر في جدولها غداً وما لديها من مواعيد وتفقدت تاريخ التحاق فارس بمدرسته لتتنهد بحيرة وهي تعلم أنها عليها إقناعه بترك الشركة الآن ليصب تركيزه على آخر سنة له بالمدرسة، بعثت لعدي برسالة لترى أهو مستيقظ أم لا ولم تنتظر الرد لترى عمر يخرج من الحمام وهناك منشفة قصيرة تعانق خصـ ــره لتتوتر لما تراه فهي لم تنس بعد كل ما يتعلق بالعلا قة الحمـ ــيمة معه وهذا أكثر ما ترتعد منه الآن، لن تكذب فهي في يومٍ بسذاجتها اشتاقت للنسخة الهادئة العاشقة منه، لذرا عيه وهما يطو قاها كل ليلة، تلك العضلات البارزة بمعدته التي تمردت عليها قطرات المياه هبوطاً لتصطدم بالمنشفة لتشتعل الحرارة بجـ ــ ــسدها هي، ذلك الصـ ــدر الذي طالما احتواها بدفئه حتى تذهب للنوم، كم تود أن تقترب منه ولكن لن تستطيع، كلما تذكرته تلك الليلة بعينيه المرعبتين تتمنى لو لم تعرفه بحياتها كلها، لم يعد يمثل الانجذاب الجسدي بينهما سوى الهلع التام بالنسبة لها! يا لسذاجتها عندما عشقته في يوم! ويا لغبائها يوم استجابت له دون أن تستمع لصوت عقلها بألا تُكمل في هذا الزواج!

 

اقترب منها يتابعها بعينيه بصمتٍ فشردت بعينيها بغير اتجاهه وتظاهرت بعدها بفصل حاسوبها وهاتفها من التيار وعلت أنفاسها المتوترة وظلت تنظر بأماكن متفرقة ولكن ليس نحوه، لا تدري هل تشعر بالخوف أم بالتوتر أم بالذعر أم بم يحدث بعقلها...

 

هناك زوبعة من المشاعر بداخلها لا تتعرف على أي منها...   اتكأ بإحدى ركبتيه حتى كاد جذعه أن يلامــ ــسها ومن ثم شعرت بأنفا سه الدا فئة التي طالما جذبتها كما أنها ممتزجة بسائل استحمامه الذي تعشقه وأخذت تنهمر على عنقها ورغماً عنها اتكأ ظهرها على الوسادة خلفها لتحاول أن تبتعد وضمت ساقاها بخوفٍ واستمر يتابعها باشتــياقٍ ليبتلع في النهاية وهمس بعد أن لاحظ ارتجاف جـ ــسدها المرتعبة:

-       الأريكة ستكون أفضل... معك حق!!

همس لها بنبرة لعوب جردتها من عقلها لتوصد عيناها في خوف لترى يده تمتد وظنت أنه سيعانقها ولكنه أمسك بوسادة بجانبها لتبتلع في توتر وأنفاسها ارتفعت ذعرًا مما يفعله من تلاعب بعقلها ومشاعرها على حد سواء!

-       ابتعـ ... أرجـ... ابتعد عمر!

 

تمتمت بصعوبة وهي تنطق الحروف بتلعثمٍ هائل ليظل ناظراً لها ولم يستطيع أن يبتعد، لقد اشتـاق لها، رائحة شعرها الذي لطالما دا عبت أنفا سه بقوة، ذلك الثغر المرسوم كلوحة فنية صرخت بالحمرة، كمْ تمنى لو يتذوقه الآن، فقط يرتوي بعد كل تلك الأيام التي انتظر بها كثيراً، تابعت عيناه انخفاضاً لعنقها المرمري، ود لو يلثـ ــ ــمه مجدداً، لو تسمح له أن يدفن وجهه به ويخبرها كمْ أشتاق لها...

 

شُل جـ ــسده ولم يستطع الحراك، اقترب منها أكثر على الرغم من شعوره بتشنجها أسفله، يريد أن يبتعد ويعرف أن اقترابه منها بتلك السرعة سيسبب لها ألماً ولكنه لم يستطع، تعالت أنفا سها المتوترة ففتحت عينيها وهي تحاول لم شتات نفسها ثم صاحت به وهو ينظر لها بعينين ثملتا اِشْتِيَاقًا:

-       قلت لك ابتعد عني!

-       لا أستطيع...

 

همس بضعف ونبرة خافتة بانكسار وهو يعلم أنه يفعل ما لا يليق وخصوصًا بعد كل ما سببه لها ولكنه لا يجد بداخله ما يُمكنه من الابتعاد ولو ذرة واحدة من تحكم وشرد بشـ ــ ــفتيها التي لم يتذوقهما منذ الكثير... ود لو أنها تدعه يقترب، ستخبرها شفتيه ماذا فعل الاشتياق به، اشتاق لعبير أنفاسها الرقيقة وكاد أن يقترب ليقـ ــ ــبلها ولكن صاح هاتفها معلناً عن اتصال لتأخذه بسرعة وكأنه منقذها ثم تحدثت به وهي تفر من أسفله على عجل:

-       جيد أنك لم تنم... غداً ستأتي حتى نتناقش فيما أخبرتك به!!

 

تعجب من ذلك الشخص الذي يُحدثها بينما تكترث هي لنومه من عدمه ليشعر بالانزعاج وتحرق شوقًا أن يعرف من هو بينما استمع إلى المزيد:

-       فلتعتبره أمرًا... سأفعل ما يحلو لي على كل حال.

 

احتدم غيظه بدمائه وهو لا يدري إلى من عساها تتكلم بمثل هذه الطريقة وهي لا تعيره أي اهتمام وتابع تلك المكالمة ليستمع لها تستطرد بدلال أنثوي مُهلك:

-       أنت تفسدني كثيرًا

 

أتاه صوت ضحكتها ليشعر بأن اللهيب استبدل الدماء بعروقه ولكنه حاول أن يتمسك بقدر استطاعته بأعصابه كي لا يتهور بأي تصرف من التصرفات فكل ما حدث بينهما منذ أن رآها لا يُبرهن على أنها تقترب ولو بمقدار إنش واحد من مسامحته ولكنه شعر باحتراق قلبه وهي تُنهي مكالمتها بابتسامة تمنى لأيام وحدته:

-       طابت ليلتك عزيزي!!

 

تحدثت للطرف الآخر ثم أنهت المكالمة لتتوسع ابتسامتها بعذوبة حتى بعد ما انتهت بينما طالعها هو ساحقاً أسنانه وهو يشعر بالنار تكوي كل خلية بجسده!!

-       أنت حقاً تملك أخاً رائعاً... لا تشبهه في شيء

 

أخبرته لتستفزه بعد أن لاحظت غضبه من طريقتها وبنفس الوقت لم تدعه ليشك بأي شيء وكأنما تخبره أنها كانت تتحدث مع عدي، فهي ليس لديها ما تخبئه... وضعت هاتفها وذهبت للسرير وتدثرت بالغطاء جيدًا ليأتيه صوتها وهي تتحدث باحتقار ولهجة آمرة:

-       انتهي وأطفئ هذا الضوء اللعين، وبالمناسبة... سنخبر الجميع بحملي غدا...

--

-       ماذا هناك... واللعنة ماذا يحـ...

 

صاح صارخاً بعد أن ألقته روان بوسادة ليفزع ناهضاً وتطلع بالساعة ويجد أنه تأخر بالنوم فخلل شعره ومن ثم فرك وجهه بسأم ولعن نفسه مرارا ثم تحدث عقله زاجرًا نفسه:

-       أمكث بجانبها أحدق بها طوال الليل وهذا ما أجني! جيد للغاية!

 

أكملت روان ارتداء ملابسها ليتابعها بعينيه الناعستين ثم وجدها تتكلم بمنتهى التحكم ولاحظ أنها تحاول بشتى الطرق أن تخفي خوفها منه ووجودها بصحبته بغرفة واحدة فتركها لتفعل ما يحلو لها:

-       سنهبط سوياً وندعي أننا سعداء وسأخبر الجميع بأنني حامل... هيا ارتدي ملابسك لأن لدي الكثير من الأشياء التي علي فعلها!

 

حدثته دون اكتراث وهي ترتدي حذاءها لينظر لها وهي ترتدي تنورة ضيقة سوداء مرتفعة الخصر لائمت قوامها ببراعة وقميص حريري عاجي دون أكمام ضيقًا ذي فتحة ببداية نهديها والتصق بجسدها للغاية حتى رأى حجم ثدييها بوضوح وحذاء نفس اللون ليسحق أسنانه غضباً على رؤية قوامها هكذا فتوقف وذهب نحوها وهي تصفف شعرها ثم سألها بنبرة جاهد أن تبدو معتدلة:

-       ألا تظنين أن ملابسك مبالغ بها؟

 

شعرت بنبرة السيطرة والتحكم تعود مرة أخرى ولكنها لن تسمح بهذه الترهات بعد كل ما حدث وكل ذلك العذاب الذي ذاقته على يده فلقد كانت في غاية السذاجة يومًا ما بأن تتركه يتحكم بها:

-       لا... لا أظن هذا...

أجابته باقتضاب ليشتعل غضباً بينما سيطر على نفسه، إذا تفلت غضبه الآن لن يستطيع أن يتوقف، ولكنه لن يفعلها من أجله ومن أجلها...   ولاحظ أسلوبها المستفز منذ ليلة أمس ليتمتم مفكرًا:

-       حسن روان... دعينا نلعب قليلاً صغيرتي

 

ابتسم بخبث ثم اقترب ليرغمها على الالتفات بغتةً ثم حاوط نهــ ــ ــديها بيده وحدق بعينيها لتفر هي منه فأقترب منها لتزجره بصياحٍ ونبرة حادة:

-       واللعنة ماذا تفعل أنت؟

 

حدجته بغضب ونظراتٍ ينهمر منها اشتعالها بمجرد لمــ ــ ــسته إياها فهي لا تُصدق أنه أصبح يظن أنه من حقه أن يلمـ ــ ــسها من جديد فابتسم لها ببلاهة وثبت أمامها ليتحدث بثقة لا نهائية:

-       أفعل ما يريد أن يفعله أي رجل عندما يرى نهـ ــ ــديك هكذا!

 

ابتعدت عنه وكادت أن تخرج ولكن أوقفها صوته مُتحدثًا بهدوء:

-       أنا لن أجبرك... ولن أتحكم بك ولكن قميصك مبالغ به وسينظر الرجال لك بشـ ــ ــهوة وسيفكرون كم أنتِ رخيصة... وبالحقيقة أنتِ أغلى وأنقى امرأة رأيتها بحياتي... ولذا أرى من الأفضل أن تبدلي ملابسك... ولك حرية الاختيار بالنهاية...

 

حارب نفسه كثيراً ليخبرها بذلك بعدما تذكر تعليمات مريم له ثم توجه بهدوء للحمام لتقع هي في حيرة وهي لا تصدق أن عمر الذي تعرفه من قال هذا!

ترددت كثيراً وعصفت برأسها الأفكار، هو لأول مرة يتحدث لها بطريقة منطقية كي يقنعها بشيء... تفقدت مظهرها لترى نهديها يطلان من أعلى القميص... شعرت وكأنه معه حق في هذا، ولتكون صريحة أمام نفسها وضميرها لقد صممت على ارتداء هذا القميص فقط لتثير غيظه ليس إلا!!

 

توجهت بعدها لتستبدل ذلك القميص بسرعة دون أن تشتت عقلها أكثر من هذا وتركت الغرفة لتنضم للجميع بالأسفل وهي تستعد بداخلها أن تزف إلى الجميع خبر حملها بجنينها وزفرت بارتباك... فلولا أنه هو والد هذا الطفل لكانت تخلصت منه بغمضة عين واحدة...

-       صباح الخير...

 

ألقت تحية الصباح على مسامع الجميع ليبادلوها ومن ثم نهض فارس محتضنًا إياها وتجاذبا أطراف الحديث ليلمحه عمر وشعر بالغيرة قليلاً من تلامسهما هكذا ولكنه ذكر نفسه بأنه أخوها بعد كل شيء... عليه أن يتحكم في تصرفاته التي تبعث به الغيرة من مجرد أفكار خاطئة! يبدو أن كلمات تلك المعالجة ستصبح صداعا لا ينتهي بداخل رأسه!

 

تقدم عمر وقد بدا أفضل بكثير من البارحة حتى تعجبت روان من تلك الابتسامة التي ارتسمت على شفتيه وهو ينظر لها بطريقة غريبة أمام الجميع، إن لم تكن تستفزه منذ البارحة لقالت إن نظراته ينهمر منها العشق الخالص ولكنها طردت تلك الفكرة من مخيلتها وتناولت إفطارها في صمت وغرقت بالعديد من الأفكار التي تحاول عن طريقها إيجاد تفسير منطقي لطريقته معها ولكنه قاطع شرودها بجذبه ليدها أمام الجميع لتندهش وأوشكت على أن تفلت مسكته ولكن تذكرت أنهما أمام الجميع وأي حرف أو كلمة سيُحسب عليها وقد تُفزع والدتها لتدهور حالتها فجأة وهذا كل ما تريد أن تبتعد عنه بشتى الطرق فلم تجد سوى أنها عليها أن تتصنع السعادة مع زوجها أمامها...

-       لم أكن أتصور أن هذا سيحدث بسرعة ولكن أظن أمي عليك أن تبدئي بتجهيز تلك الغرفة بجانب غرفتنا... فرد جديد سينضم لعائلتنا

 

تبسم عمر للجميع وهو يتحدث بشأن حمل روان ثم قبل يدها قبلة رقيقة ومن ثم اقترب منها وقبل جبينها لتتعالى صيحات المباركة لهما ولكن عينيه علقتا بها هي لتشتعل سعادةً لم تظن هي أنها ستلمحها يومًا ما بمقلتيه، وما إن لاحظت أنها تبادله النظرات في شرود تام شعرت بالتوتر وغرقت في تفكيرها، فقط ودت لو أن تلك السعادة الزائفة التي تتظاهر بها كانت حقيقية ولكنها صمتت واكتفت بالابتسام وجزء بداخلها تمنى لو أن سعادته حقيقية... ولكنه أفسد ببراعة شديدة لحظةٍ كتلك التي يتظاهران خلالها أنهما أفضل زوجين بالحياة!

 

جذب يـ ــ ــدها بعد أون ودعا الجميع وما إن ذهبا للخارج حتى أعادت يـ ــ ــدها بجانبها بعنف وانتزعتها من يده وحدثته بنبرة ذات مغزى:

-       يبدو أنك ممثل بارع حَقًّا... بل ويعجبك الدور...

-       أنا لا أمثل... هذا أنا روان... أتظنين أنني لست سعيداً بأنني سأمتلك ملاكاً صغيراً يحمل ملامحك ولسانك السليط؟

 

تحدث بهدوء وابتسم لها ببراءة مبالغ بها كتعقيب على كلماتها لتضيق عينيها بحنق وغيظٍ من قوله لتتقاذف الكلمات من بين شفتيها بنبرة استفزازية:

-       لسانا سليطا! إذن فلتجد لك زوجة أخرى واترك هذا الطفل لأربيه وحدي...

 

توجهت للسيارة لتغادر لعملها لتسمع قهقهته خلفها لتحترق غيظاً وهي لا تعلم لماذا يضحك، هي فقط لا تعرف كمْ بدت كالطفلة الصغيرة بعينيه وهي تتظاهر بالقوة أمامه التي لو كان ترك نفسه لأفكاره كان سيدمرها بالكامل!

 

دلف بجانبها لتتعجب في دهشة غاضبة وصاحت به متعجبة:

-       ما الذي تفعله؟ ألا تفهم ما معنى أنني أصبحت أبغض رؤيتك؟

 

همس لها مُجيبًا بابتسامة ونبرة هادئة:

-       أُقِل زوجتي التي أعشقها لعملها

 

تابع حُمرة وجهها الغاضب وعبوسها الذي أزادها فتنة بعينيه وجلس بمنتهى الثقة والهدوء غير مبالغ بانزعاجه الذي يهشمه بداخله لأسلوبها معه بينما تحدثت هي هاكمة:

-       أحقاً؟ زوجتك! وتعشقها!

 

ابتسمت بسخرية مقتبسة كلماته ثم استطردت بكلماتها:

-       وكأنما سأصدق تلك الترهات

 

هزت رأسها مستنكرة والتفتت لتنظر أمامها غير مكترثة بتواجده لتجده يُعقب بمزيد من الهدوء:

-       صدقي روان... ليس لديك حلاً آخر على كل حال!

 

التفتت ناظرة له بتحدي شديد وتوعدته قائلة:

-       أقسم أنني سأريك عمر العديد من الحلول اللانهائية!

 

التفتت من جديد بينما تفقدها لبُرهة ليجدها قد التزمت الصمت غير راغبة بالتحدث له وادعت أنها انشغلت بهاتفها لتتحرك السيارة في النهاية بأمر منه ليقوم بالفعل بتوصيلها لعملها..


يُتبع..