-->

رواية كما يحلو لي النسخة القديمة الفصل 60 والأخير لبتول طه

  

رواية كما يحلو لي - النسخة القديمة

حصريًا على مدونة رواية وحكاية 


رواية وقصه جديدة تنشر حصريًا من قصص و روايات

الكاتبة بتول طه

وهي النسخة القديمة لـ رواية كما يحلو لي غير النسخة الجديدة المعدلة




تابع قراءة الفصل الستون والأخير


الصفحة السابقة

نظر لها بتمعن لتختفي جميع التعبيرات على ملامحه... لم تعرف أهو حزين لما سمعه؟ هل سيغير حديثها به شيئا؟ هل بالغت وآلمه حديثها؟ هل سيدفعه ما قالته لزوبعة جديدة داخله أم سيعيده لسا ديته مجدداً؟ أكان عليها أن تؤكد له أن تملكه لزمام الأمور هي ما تعشقها وأن سا ديته توترها وتخيفها؟!

فصلت نظرتهما، نظرت بأصابعها مطأطأة رأسها، لا تستطيع أن تفسر نظرته المبهمة لها بعد الآن، خافت لينعكس حديثها عليه بالسلب ولن تسامح نفسها إذا عاد لما كان عليه...

 

طال الصمت بينهما، تعجبت من عدم حديثه، تجرؤها معه كان سلاح ذو حدين، ربما أخطأت عندما قررت البوح له بالكثير دفعة واحدة...

-       كان علي أن أتريث ولقد تسرعت كثيـ ...

 

أفاقها من تفكيرها بقبـ ــلة عنيفة، حاوط حينها وجـ ــهها بكـ ــفيه، اعتــ ــلاها في لمح البصر، سحـ ــق شـ ــفتيها بر غبة ولهــ ــفة شــ ــعرت بها خلال تلثيـ ـماته، أصر بهيمنته أن يكتشف فـ ـــمها فأفسحت له المجال لتبا دله ولكنه لا زال يتفوق عليها دائماً، يسبقها بخطوة كما اعتادت منه، ترا قص لسـ ــانه بهمـ ــجية محنـ ــكة دا خل فـ ــمها، أنفا سه السا خنة أذا بتها كقطعة ثلج صغيرة قابلت شمس الصيف، أسنانه لم تترك جزءاً بشـ ــفتيها إلا ومز قته...

فصل قبلـ ــتهما ملتقطاً أنفا سه ثم حدق بعينيها بنظرة رغـ ــبة جلية، ولكنها لا تعلم أممتزجة نظرته بالخوف أم بسلبية أم بإيجابية تجاه ما أخبرته به...

-       لا تمانعين كوني مسيطراً إذن؟!

 

همس أمام شـ ـــفتيها ونظر لهما ليبتسم ابتسامة رضاء تامة لرؤيتهما منتفختين قليلاً أثر قبـ ــلته المفتر سة ثم أعاد النظر لعسليتيها:

-       لا أدري... أنا أحب أن تتملك زمام الأمور وتتولاها... ولكن ليس سادياً، لا أحب هذا على الاطلاق، لا أريدك أن تؤلمني أبدًا ولا تخبرني بتلك الأشياء التي تجعلني أشعر بالإهانة!

 

أخبرته لينظر لها برغبة ثم اقترب ليقبلها مرة أخرى ولكنه توقف عندما توسعت عيناها بسعادة وحماس ثم مسكت احدى كفاه لتضعها على بطنها فاستغرب فعلتها ناظراً لها بتعجب:

-       إنها تركل... هل تشعر بها؟

 

سألته بحماس لينهض جالساً متردداً وهو يلمـ ــسها بلطف وخوف... لا يدري أهو خائف من هذا الشعور الذي يختبره لأول مرة أم خائف أن يؤذيها بلمـ ــساته؟

-       هل شعرت بهذا؟

 

صاحت مرة أخرى لتتقابل عيناها الممتلئتان بالسعادة بعينيه اللتان احتبست بهما الدموع، فنظرت له روان بلهفة فأدركت بعد تلك الابتسامة التي ارتسمت على شـ ـفتيه أنها دموع الفرحة...

-       لقد... لقد شعرت بها...

 

أخبرها بلهفة لتبتسم له وتومئ بالإيجاب:

-       هذه ابنتي... سأصبح أباً عن قريب...

 

تحدث بسعادة ثم قبل جبهتها:

-       سيكون لدي قطعة منكِ... ابنتنا، أريدها أن تشبهك بكل شيء، لن أتركها ولو للحظة، أريد أن تنجبيها الآن... لن أنتظر أكثر من هذا

 

تناثرت الكلمات منه بعفوية وبراءة لتضحك روان:

-       أمجنون أنت؟ الإنجاب ليس بأمرك أيها المختل، ما زال هناك حوالي شهر ونصف

 

ضيق عينيه ثم اعتلـ ا ها برفق متكئا على ذراعيه:

-       متى موعد ذهابك للطبيب؟

-       غداً... لماذا تسأل؟

 

تعجبت عاقدة حاجباها:

-       أريد أن أعاقبك على سُبابك لي... ولكن أريد أن أطمئن عليك أنت ونور أولاً

 

أخبرها بنظرة متفحصة لتتحول ملامحها للغضب:

-       ليس هناك عقاب قاسي ولن اقبل بهذا، وسنطمئن معاً على سيلين ثم سنرى ما نفعل بعدها...

أكدت على نطقها للاسم الذي تريد أن تسمي ابنتها به وهي توضح له حدود ما سيجري بينهما لاحقًا:

-       تقصدين نور ... بالطبع، سأقتل نفسي لو آذيت أحدكما!

-       كف عن إغضابي!

 

صاحت به لتلكمه بصـ ــدره كي يبتعد ولكنه لم يستجب:

-       سأسميها سيلين!!

 

صرخت به لتتحول ملامحه للجدية:

-       ستعاقبين للكمتك هذه!! الآن!!

 

همس ببرود لتهيمن نظراته الشرسة على نظراتها المتوترة ليقـ ــبلها بافتـ ــراس حتى اندمجت روان بقبـ ــلته المحمـ ــومة وشعرت بعنـ ــفه يزداد ولكنه توقف ناظراً لها كمن يحترق...

-       قبل العقاب... هناك شيئاً متبقياً!

 

حمحم بتوتر ثم أردف:

-       هناك شيئاً أخفيته عنكِ وأنت لم تسأليني عنه أيضاً

 

تمتم لها محتضناً إياها فجأة ولكنها علمت أنها محاولة هروب جديدة من لقائهم الحمـ ــيمي:

-       ما هو؟!

-       أتتذكرين المفتاح الذي أعطيته لكِ بالصندوق؟

-       أين هو؟

-       بحقيبة يدي

-       أحضريه واتبعيني...

 

فعلت وبحثت عنه حتى وجدته واقفاً بجانب الإسطبل وما إن أتت حتى توترت ملامحه وتيبس جـ ـسده وتفحصها في ترقب فوقفت بجانبه لتبادله نظراته المتفحصة بأخرى متسائلة ليحمحم محاولاً أن يزيل تلك الغصة بحلقه:

-       لقد أخبرتك أن هذا المفتاح ستفتحين به باباً يوجد قلبي خلفه... عليك رؤية كل شيء روان أخبرها لتشعر بالتوتر وبنفس الوقت كان شعاعاً جديداً لبناء تلك الثقة التي تعرضت لعدة تحديات بالأيام الماضية...

 

تبعته ليقف أمام باب يتواجد خلف الإسطبل، ظنت روان أنه مجرد باب خلفي له ولكنها تعجبت عندما أدارت المفتاح بالباب لتدرك أنها غرفة صغيرة منعزلة بها صناديق ودولابان حديديان...

دلفت بها ليدلف معها أشعة الشمس التي وضحت تلك المعالم السطحية ولكن أخفى الغبار جميع التفاصيل التي ودت روان أن تعلم بالأسرار والحقائق التي تحملها تلك الغرفة...

-       آخر مرة كنت هنا كان قبل رؤيتك بشهر... كنت أعتاد على تواجدي بها لا أعلم لأُذكر نفسي بما أنا عليه أم لأتجرع الحزن وحدي... ستجدين بهذا الدولاب العديد من الأشياء التي تخصني منذ أن كنت طفلاً...

أشار لها على أحدهما ثم أكمل:

-       وبالآخر... تستطيعين قول إنه يحمل كل علاقتي مع يمني، أما الصناديق فلكل امرأة خضعت لي صندوق يحمل تحريات عنها وعن حياتها والعقد الذي وقعناه، أنتِ أول شخص يرى ويعرف هذا، ولن أطيل الحديث بأنني لم أعد أحتاج لكل هذا، لقد أتيت معك اليوم لإحراق كل شيء!

 

حدثها لتنظر له نظرات مبهمة، أعليها أن تُسر بهذا أم تغضب، هي لا تعلم... فضولها وجهها لتعرف هذا الطفل، ثم بعدها ودت أن تتعرف على هذا الشاب، وتنهدت استعداداً لصدمتها بسا ديته المرعبة التي تتأكد أنها ستترك انطباعاً سيئاً بداخلها...

-       خذي وقتك وناديني عندما تنتهين... أريد أن أشاهد كل هذا يحترق أمامي!

 

اقتربت لتتفقد هذه الأشياء، رأته وهو طفلا صغيرا، حتى بتلك الصور التذكارية المدرسية كان منعزلاً وحيداً، نظرته غريبة، بها الخوف والظلمة الشديدة، وجدت صوراً أخرى له مع عائلته، وأخرى مع عدي لتستطيع رؤية الغيرة الشديدة التي تنهال من عينيه، تنهدت بألم وأخذت عيناها تتفقد العديد من الذكريات التي آلمته وحولته لشخص مريض...

انتقت بعض الصور والشهادات المدرسية التي وضحت تفوقه ثم توجهت لذكرياته مع يمنى التي غايرت كثيراً صور طفولته، كانت نظراته عفوية وبريئة، كان يبدو سعيداً، ابتلعت بمرارة ما إن رأت بعض الهدايا، هاتفه القديم الذي لم تحاول أن تفتحه، تذكارات والعديد من الصور لهما مع حصان يبدو كبرق تماماً...

 

لم تستطع أن تتحمل الألم ولم تحاول أكثر أن ترى صوره هو ويمنى فذهبت لتفتش بتلك الصناديق، فتحت أول صندوقاً لترى نسخة من العقد مماثلاً للذي قرأته من قبل فوضعته جانباً، وجد قرصاً مدمجاً بغلافه فتعجبت ووضعته على العقد، وجدت ملف يضم أوراق وصورة لإحدى النساء، كانت ملامحها وهيئتها تقارب يمنى ونفسها، ابتلعت بصعوبة وقرأت بعض الأوراق من الملف، كتاريخ الميلاد والعنوان والدراسة والعائلة ورقم بطاقتها الشخصي ثم علاقتها وعملها وامتعضت ملامحها عندما أدركت أنها تطالع بيانات بائعة هوى فألقت الملف بغباره ثم نظرت بالصندوق لترى صوراً بِأَوْضَاع مختلفة لنفس المرأة ولكن وهي مُقيدة وتعذب...

 

أبعدت الصندوق لتشرع في فتح واحداً آخر فوجدت ب نفس الترتيب نفس ما وجدته بالصندوق الأول ولكن تلك المرة مطلقة عاقر...

وما إن شرعت بفتح الصندوق الثالث حتى أدركت أن بقية الصناديق تحتوي على نفس الشيء...

 

سعلت فجأة من الغبار وتمسكت بالصور التي اقتنتها بعناية وتوجهت للخارج ليقابلها بنظرات خائفة مترقبة في قلق:

-       روان أنا... لم يجب عليك أن...

-        هشش... انس عمر... ما مر قد مر، هذا بالماضي

 

همست له لترتجف يـ ــده بجيب بنطاله مُخرجا قداحته وتوجه للداخل:

-       ماذا تفعل؟

 

صرخت به ثم توجهت خلفه:

-       سأحرق كل شيء...

-       فلتفعل ما شئت ولكن هل ستشعر بالراحة؟

تساءلت في خوف وقلق واضحين: 

-       أريد أن تتلاشى تلك الذكريات أمام عيني متحولة لرماد... سأشعر بالتحسن

 

تمتم لها بصوت غائب في حالة من الفرار من ماضيه ثم بدأ بإشعال أحد الصناديق لتتأجج النيران ممسكة بالبقية بسرعة فغادر الغرفة ووقف بجانب روان التي دفنت وجهها بصدره وحاوطت خصـ ــره بيدها بينما قبـ ــلها بمقدمة رأسها وهو يحاوط ظـ ــهرها وذر اعها في عناق وما إن لاحظ ما تمسكت به من أشياء حاول أن يجذبها منها:

-       وتلك أيضاً... دعي كل شيء يحترق!

-       فقط اترك تلك حتى أريها لسيلين بيوم ما

-       تقصدين نور!

-       عمر توقف!! قلت لك سأسميها سيلين

-       نور... ولا تظني أنني نسيت عقابك... ولكن لن يمنعني شيئاً الآن

أخبرها مبتسماً بر غبة وخبث ليحـ ــملها ونظر لها بأعينٍ سوداء انعكست بهما تلك النيران خلفها ولكن على الرغم من حدة ملامحه لم تكترث لتخبره بدلال:

-       هل يُمكنك تسمية الأمر بأي شيء آخر سوى العقاب!!

--

 

-       دَّي وفارث يثخرون مني

صاحت ببكاء وهي تشعر بالغضب الطفولي:

-       حبيبتي لا تبكي... هيا لنخبر روان

 

صاحت عمتها لها وهي تحتضنها وتحملها لتحاول أن تهدئها وذهبت لتبحث عن روان:

-       سأقتلهما لكِ...

 

أخبرتها روان وهي تقبل جبينها ثم توجهت لعدي وفارس وتبعتها عنود لتقف بصف الفتيات:

-        كفا عن مضايقتها... ألا تكبران أبداً... فارس أعطيها جهازها اللوحي، وأقسم لك يا عدي إن لم تتوقف عن السخرية منها سأخصم من راتبك وبدلاً من نائب رئيس مجلس إدارة سأجعلك عامل نظافة!

 

صرخت بهما روان لينفجرا ضاحكين وتبكي الصغيرة:

-       أنتما الأطفال وليست هي... كفا!!

 

صرخت مجدداً بينما تدخل صوته المتسائل:

-       من يضايق صغيرتي؟!

 

قاطعها عمر ليرى من آتته مهرولة فركع على إحدى ركبتيه محدثًا إياها بهدوء:

-       نورسين حبيبتي... ماذا فعلا بكِ

سألها لتهرول تاركة روان لتختبئ بعناقه لتحتمي به منهما:

-       دَّي وفارث يثخرون مني ويكذبان... أشيائي معهما

توجه نحوهما بنظرات غاضبة ليرفعا ذراعيهما باستسلام :

-       أحقًا ما تفعلانه؟ أليس زواجك الأسبوع القادم أيها البغيض؟ ما الذي تفعله هنا ولماذا تجلس بمنزلي؟

 

 صاح بعدي ثم توجه لفارس:

-       وأنت؟! أليس عندك شركة لتتواجد بها؟ أليس لديكما غير ابنتي لتتسليا بها... غادرا كليكما وإلا سأ ..

-       عمر يكفي!

 قاطعته روان حينما لاحظت جديته الشديدة وحاولت حمل نورسين ولكنه آبى واحتضنها بتملك شديد لتدفن الصغيرة وجهها بصدره لتتعجب روان من تصرفاته الطفولية بتآبيه أن يسمح لها بحملها:

-       فارس أعطيها جهازها الوحي ... وأنت عدي غادر قبل أن ينفد صبري

 

 صاح بهما ليخرج فارس الجهاز ويعطيه لنورسين ثم نهض عدي وقبل نورسين التي تعانق أبيها ليصيح بكلاهما:

-       تباً لكما

-       عمر!!

صرخت به روان بأعين محذرة لينظر لها ببراءة استفهام لتشير على فمها ثم نورسين ليعلم أنه أخطأ بقوله هذا أمام ابنته لينفجر كل من عدي وفارس ضاحكين عليهما ليغادر كلًا من عمر وروان بعدها بفترة!

--

-       أنا أيضاً أمها، ولي حق بها مثل ما لك أنت حق!! ألن تتوقف عن تصرفاتك وتملكك نحوها، وكأنني غير موجودة تماماً، أنا بالكاد أجلس معها، طوال الوقت بين منزل عائلتك وبين والدتي وعدي وفارس وما إن آت لأقترب منها فقط تنظر لها لتجري مهرولة إليك! هذا ليس بعدل!

-       أتبدئين العراك معي وأنتِ تنهرينني أمام عدي وفارس!! ألن تتوقفي عن تصرفاتك المتحكمة تلك؟!

-       أنت لا تتوقف عن السباب أمامها، بالأمس كانت صغيرة... لكنها السنة القادمة ستلتحق بالمدرسة، أصبحت تدرك كل شيء تقوله، أتودها أن تنطق بمثل هذه الكلمات أمام أقرانها!

-       روان!! هل نسيت كيف تتعاملين معي؟

-       لا بل أنت من تناسيت أنك أب لطفلة الآن ومسئوليتها تتعلق بعنقك

-       واللعنة لا ترفعي صوتك

-       وإلا ماذا؟! وإياك وأن تتصور أنك ستترك علامات بجـ ـسدي هذه المرة!

 

 عقدت ذراعيها ونظرت له بتمرد رافعة أحد حاجبيها لينظر لها ببرود وأخذ يحل ربطة عنقه بهدوء:

-       اركعي

 أمرها فابتلعت بتوتر وفعلت ما أمرها به لتركع على ركبتيها وراحة يديها على فخذيها:

-        مُدِ يديكِ!

 

 فعلت في ثوان في رضوخ وإذعان دون أن تقابل نظرة عينيه فأحكم وثاق يدها بربطة عنقه ثم أخذ يأخذ خطوات ليبدو كالأسد الضاري بعرينه ثم توقف خلفها لتسمع ارتطام سترته ثم قميصه لتشعر بجلوسه على السرير:

-        ائتِ راكعة!

 

 أمرها لتتعجب، كيف لها أن تتحرك هكذا ويداها مقيدتان فزحفت على ركبتيها بصعوبة ولم تلاحظ خلعه لحذائه الذي وضعه بطريقها فتعثرت به لتقع على وجهها أمام قدميه وغطى شعرها إحدى قدميه فمد يده وجذ بها من شـ ـعرها بعـ ـنف ليرفعها ثم دنا من وجهها لينظر لها نظرة أرعبتها:

-       سلوكك لا يعجبني مؤخراً صغيرتي

 

همس بفحيح لترتبك له ثم فكرت بأن تسيطر على الأمر سريعًا بفعل ما يُرضيه ظاهريًا:

-       آسفة سيدي

 

همست ولم تستطع مقابلة نظرة عينيه فأزاد من قوة جذبته لها فنظرت له في ترقب وخوف: 

-       لا يكفي أسفك!

 

أخبرها لتبتلع في وجل ليقابلها بسواد عينيه الثاقبتين بينما رأى تلك الرغـ ـبة الملتمعة بعينيها فكلاهما باتا يعلمان كيف ينتهي هذا، يجدا كلاهما في النهاية منتهيان على فر اش واحد يلهثان بتلك المشا عر المفعمة بالاسترخاء بعد جموح طاغي فيما بينهما!

-       ستعاقبين!

 

همس ثم ابتسم لها لينهض جاذباً إياها لتنهض هي الأخرى ليلقيها على السر ير بعـ ــنف:

-       آنين واحد من شـ ـفاهك الرائعة وسيكون العقاب عشرين جلدة!

 

أخبرها ثم اعتـ ــلاها لتنهال تلك النظرات الراغبة من عينيه وتيبست من أنفاسه الملتهبة بينما هي لم تجد الهواء لتنفسه بعد أن رأته يبتسم بتلك الطريقة المرعبة بالرغم من تلك الثقة بداخلها أنه يتحدث بالترهات، فهو لم يمـ ـسها بسوء منذ سنوات عدة ولا يتفوه بتلك الكلمات سوى للمرح ليس إلا وتعرف تمامًا أنها تثق به ثقة عمياء فهو لن يتعدى الحدود أبدًا مثل السابق!...

--

-       وأخيراً تخلصنا من إزعاجه...

-       كم أنت بغيض!! فقط تمنى لهما السعادة، أنظر لوالدك ووالدتك كمْ هما سعداء، حتى عنود سعيدة، والعروس جميلة للغاية وتبدو ملامحها متهللة ومُشرقة... دائماً ما كنت أتمنى أن يتزوج عدي بفتاة تُحبه!

-       بالرغم من لسانك السليط الذي لن يتغير ولكن لا أرى أجمل منك حبيبتي

 

بادلها الابتسامة ثم قبل يـ ــدها بلطف وأحاط خصرها بذراعه لتريح ظهرها بصـ ــدره:

-       حقاً تبدين كالعروس يوم زفافها، بل أجمل

-       "آه!! عمر! لا تبالغ

-        لا أفعل ولكن هذا رأيي

-        فقط أنظر لهما، كمْ هما مستمتعان وسعيدان للغاية... كمْ تمنيت أن...

 

سكتت عن الحديث لتشعر باجتذابه لها أكثر:

-        أعلم... ولكن لم تلاحظيني وقتها، كنت هائماً بتلك العنيدة بين يدي

-        لقد كادت نظراتك أن تقتلني وقتها، لا أستطيع نسيانها حتى اليوم!

بالكاد ابتسمت وهي تتذكر يوم زفافهما:

-        لو تريدين زفافاً مجدداً أنا مستعد

-       لا تمزح معي!

 

 أخبرته بجدية ليقف أمامها في لمح البصر ثم أخبرها بمصداقية:

-        أنا جاد للغاية

-        حسناً حسناً !

أخبرته باستنكار شديد منها للأمر وهي تظن أنه يمزح ثم أردفت:

-       أنا لا أريد شيئاً

-       أتعلمين؟!... هناك شيئاً ندمت عليه كثيراً ولم يكن لدينا وقتاً لنفعله

-        ما هو؟

تساءلت عاقدة حاجبيها ليتمعن في عسليتاها بحب وحماس ثم قبل جبهتها  بحنان ثم أخبرها:

-       اتبعيني

--

توسد ظهر ها صـ ــدره وذرا عيه ملتفة حول خصـ ـرها بتملك، كأن حدودها باتت جـ ـسده وهي تشـ ـعر بأنفا سه على عـ ـنقها ثم نظرت لزرقة المياه في استرخاء تام لترتسم على شـ ــفتيها ابتسامة براحة، تمنت لو ظلا هكذا حتى آخر عمرها لتتحدث له قائلة بعد مدة من الصمت دامت كثيرًا:

-        لقد كانت فكرة جيدة بإعادة شهر عسل هنا بنفس المكان... ولكنني اشتقت لنورسين

-       وأنا أيضاً

 

همس بالقرب من أذ نها بصوته الرخيم:

-       أتعلم، أحببتك أكثر عندما أسميها نورسين لتجمع بين الاسمين!

-        ذكي للغاية أليس كذلك؟!

 

شعرت بشـ ــفتيه المبتسمتين تقـ ـبل عنـ ــقها في رقة:

-        لست أذكى مني...

أخبرته بتحفز ليسألها:

-       ولم هذا؟

شعرت بقليل من الحدة بنبرته:

-       عرفت كيف أخرج هذا العمر المرح بداخلك... أوقعتك بحبي... تخلصت من سا ديتك المتوحشة ومنزل الجبل هذا بل وحررتك من يمنى للأبد... نمت وازدادت مشاريعك... أنا المرأة وراءك أيها العظيم

 

تحدثت مجيبة إياه بتحد وانتصار لتستمع لقهقهته وشعرت بتهدج أنفا سه على عنـ ــقها وبانقباضات عضلات معدته التي دغدغتها:

-       لا أصدق حقاً ما فعلته بها، لقد ترجتني حتى تسقطي قضية تعديها على مكتبك

 

تكلم بين ضحكاته لتُكمل هي بدلًا منه:

-        وأنا من ابتعت كل شركاتها الخاسرة بثمن بخس... على كل حال... سمعت بأن مريم ليست بخير، لقد تقدمت بالسن كثيراً، علينا أن نزورها سوياً...

-       سنفعل عند عودتنا

-       أترى، فقط أربع سنوات غيرت الكثير...

-       أسعد أربع سنوات بحياتي

-       هل تقول هذا فقط بسبب نورسين ؟!

 

التفتت له بحدة وهي تتفقده بنظرات متعجبة ليتمتم بسأم:

-       ألن تتوقفي عن الغيرة أبدا

-       لقد سمعتك!! هيا لنعد الآن لأنني لن أمكث معك واذهب لنورسين!

 

صرخت به غاضبة وكادت أن تتركه فشد ذر اعه حول خصـ ــرها مانعاً إياها من التحرك ليتغزل بها قائلًا:

-       أذهب لنورسين وأتركك صغيرتي... أنتِ الأساس حبيبتي... فقط بوجودي معك أستطيع صنع العديد ممن يشبهن نورسين!

 

قابلته بالعديد من اللكمات بصـ ــدره ليضحك على ردة فعلها واحتضنها أكثر لتتوقف عن لكمه ثم دفعها برفق لينظر لها بحب وقبّلها بجبهتها:

-       أتعلمين؟!

سألها ثم تريث ليحصل على انتباهها ليتابع بعدها ما ود قوله:

-       أنا حقاً لا أود أن أعود، أود أن نبقى هكذا، كما أتمنى بكل يوم أن تسامحيني عما بدر مني بالبداية بيننا... أعلم أنكِ ستخبرينني بأنك نسيت كل شيء، ولكنني أنا أيضاً أخطأت بحقك وسيطرت عليَّ سا ديتي... تلك السعادة التي أنا بها الآن بسبب إصرارك على أن أتغير وأن أصبح أفضل، حبك لي جعلني أغدو شخصاً طبيعياً...

كلما أتعامل مع أحد وأراه يبتسم لي بود لا أشعر بالامتنان إلا لكِ أنتِ، كأن كل ابتسامة في حياتي أحصل عليها أنتِ السبب بها... لولاكِ لما عرفت طريق الحب ولا الصداقة ولا حتى الأبوة والأخوة، أنت تمثلين الغفران والتسامح في أبهى صوره، لقد تعلمت منك كيف أكون ابنا لوالديَّ دون أن أحمل تجاههما أية كراهية، لم أعد أشعر بالغيرة تجاه عدي... أصبحت لكِ وحدك كما يحلو لكِ، لم تستطع أي امرأة أخرى أن تفعلها...

لقد علمتني ما معنى الشجاعة والحزم، كما علمتني أن أعيش... كنت مجرد جـ ـسد يتحرك ليعمل ويعذب النساء ولكنك أنت من آتى بروحي المفقودة الشاردة ليضعها داخل جـ ــسدي...

كنت أسيراً لسا ديتي وأنت من حررني من كل تلك الآلام والأوجاع، وجدت الراحة والأمان فقط بقربك مني، أحياناً أفكر ماذا كان سيحدث لي بتلك السنوات؟!

أنا حقاً محظوظ بذلك القدر الذي وضعك بطريقي لتصبحين قارب نجاتي من نفسي ومن زوبعتي بل وجنوني... أحبك روان...

 

غاب بشروده في عسليتاها وشعرها البني الذي يتطاير حولها لتفيقه من شروده بهمسها:

-       وأنا أيضاً

 

اقتربت منه لتقبـ ـله قبـ ـلة غابا فيها عن العالم بأسره لينظر لها برغبة بعد أن ابتعدا ليلتقطا أنفاسهما، نظر لها بتملك، بشغفٍ جارف امتزج بالحب... شعرت روان بتملكها له والرغبة اللانهائية منذ أن وقعت بعشقه...

 

أتطلبها منه الآن وتتوسل له، أم سيأمرها بذلك... لا تريد أن تنتظر تلك الثواني المعدودة لتتحول لامرأة أخرى وهي ترى منه تلك النظرات الطاغية برضائه فيما بينهما، يا تُرى لماذا يبادلها تلك النظرات؟!

 

أيريد أن يمارس عليها تحكمه العقلي الوقتي حتى يعذبها روحاً وعقلاً وهي تناشده للاقتراب، أم يريد أن يمارس حبه بطريقته هو؟

هل سيكون حنوناً أم عنيفاً؟ أيريدها روان الطفلة الصغيرة أم روان زوجته وحبيبته؟

 

فكرت كثيراً وفتشت بثنايا عقلها وحاولت أن تدرك معنى هذه النظرات فابتسمت ما إن شعرت به يحمـ ــلها ويتجه بها لغرفتهما لتقرر أخيراً بينها وبين نفسها...

فليفعل ما يحلو له... أنا له وهو لي وانتهى الأمر...


... تمت...

 

شُكر خاص للقارئة احسان العوفير لمراجعة الرواية



نتمنى أن تكون استمتعت بالرواية، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية