رواية كما يحلو لها بتول طه - الفصل الرابع والعشرون النسخة العامية
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية كما يحلو لها
الفصل الرابع والعشرون
النسخة العامية
تفقدت مظهره وقطرات المياه تتسارع على جـ
ــسده الذي قد اختلف كثيرًا عما عهدته عليه فلقد فقد الكثير من الوزن على النقيض
مما اعتادت أن تراه وتتبعته لثانيتين أو أقل ورأته يجيب هاتفه وفي نفس الوقت يستر
اسفله بكومة من ملابس رأته بها صباح اليوم:
-
خلاص هي عندي وهتصرف!
رفعت عينيها لوجهه من جديد وحدثته بتحفز
وعصبية واضحة:
-
لو معدتش بعربياتي أنا هادخل في كل الناس
اللي واقفين واللي يحصل يحصل، سامعني ولا اعيد كلامي؟
تحاشى النظر لوجهها مباشرة ولم ير منها سوى
تلك السترة القصيرة التي علت بنطال ضيق غير رسمي ثم تفقد هؤلاء الرجال خلفها
ليجدهم يشعرون بالإحراج ولكنهم متأهبين مثلها تمامًا ليجيبها بنبرة هادئة:
-
استني الاقي هدوم البسها وهجيلك أتكلم معـ
-
مفيش كلام، أنت مبتتغيرش أبدًا، كل حاجة كلام
كلام كلام، هي كلمة واحدة مفيش غيرها، البوابة اللي برا تتفتح بدل ما يبقا ليا
تصرف تاني!
قاطعته ولم تتركه ليُكمل حديثه فهي ليست في
حاجة لثرثرته الكثيرة بينما كظم غيظه الذي لو ترك له العنان ستبكي ذعرًا مما
سيحدث، هل حقًا تحدثه عن عدم تغيره، وماذا عنها وهي تتصرف كطفلة يزداد عنادها في
الثانية أضعاف مضاعفة؟ إن كان لم يتغير هو فهي الأخرى لا تختلف عنه حالًا!
بقرارة نفسه كان يعرف أنه السبب في كل هذا،
العودة لنقطة الصفر من جديد في تفسير تصرفاتها معه، لذلك كان عليه أن يتحمل نتيجة
أخطائه، ربما سيكون عدم مخالفة أي كان ما يحلو لها أفضل الحلول الآن!
-
أنت عايزني أنا اتصرف بسكوتك ده، تمام!
التفتت لتذهب بعيدًا عنه لتعود لسيارتها مرة
أخرى وهي تقود بنفسها بينما تبعها رجال الأمن بسيارة أخرى فتحدث بهاتفه من جديد وهو
يسرع للداخل:
-
خمس دقايق لغاية ما اجي، متخليهاش تخرج..
ارتدى سريعًا ما وجده أمامه من ملابس غير
رسمية واتجه ليدخل سيارته وتبعها وهو يرى ذلك الجنون منها على ما يبدو تحذر أحد
الرجال بأنها ستكمل طريقها إن لم يتزحزح ويبتعد عن البوابة ليترجل سريعًا للخارج تاركًا
سيارته ودلف سريعًا بجانبها ليستقر بالمقعد المقابل لمقعد السائق فنظرت له باندهاش
مما يفعله ثم هتفت به:
-
ده أنت معندكش دم بجد!
تنهد وهو يحاول السيطرة على طريقته لأن ما
يود قوله عليه أن تتفهمه وتنصاع له، فكلاهما ليس لديهما أي حل سوى ذلك في الوقت
الحالي وكلمها بهدوء دون أن ينظر لها:
-
تعالي نطلع من هنا سوا وبعدين نبقا نتكلم أو
حتى روحي اعملي اللي انتي عايزاه.
رفعت حاجبيها باندهاش ثم عقبت بتحفز:
-
لا ده أنت فعلًا مجنون رسمي، تروح معايا فين
ونتكلم فين و
-
لو خرجتِ من هنا لوحدك قدامهم فيه حد هيقول
لبابا، وبابا مش هيرحمك بعد كل اللي حصل، مشي الدنيا فترة لغاية ما نعرف نتصرف
معاه، واسمعي الكلام مرة واحدة من غير جدال!
قاطعها صارخًا ليوقفها عن متابعة توبيخه
وكلماتها جعلت غضبه يخرج عن سيطرته بالرغم من محاولاته العديدة في السيطرة على
الأمر ولكنه سكت عندما لاحظ ما يفعله ليُتابع بهدوء بالرغم من أنفاسه الغاضبة التي
اختلطت بقوله:
-
هاتي الأمن معاكي، وروحي المكان اللي تحبيه،
عايزة تخرجي كل يوم الفجر براحتك، بس نمشي الأول من هنا هافهمك حاجة واحدة مفيش
غيرها وبعدين أنا هاسيبك وانزل!
تفقدته بينما وجدته مسلط انظاره على زجاج
السيارة فأمسكت بهاتفها ثم أرسلت رسالة للسيارة التي تلحقها وحاولت السيطرة على
توترها الذي لا يريد تركها وشأنها ووجدت المزيد من الأفكار الخلاقة لتجعل حياته
الأسوأ على الإطلاق لتستمتع بمجرد رؤية ردة فعله على ما ستقوم به وهي ترفع حاجبها
دون أن يرى هو ملامحها التي اختلفت لتعقب باقتضاب:
-
ماشي!
أشار بيده بأن يقوم الحارس بفتح البوابة
وبمجرد انطلاقها بسيارتها بدأ هو في الكلام:
-
اعتقد إني حكيتلك على اللي حصلي زمان وأنا
صغير لما سافرت البلد مع بابا، وحكيتلك إن اللي بابا عمله إنه خلى أبو الولد
يتنازل عن الانتخابات.. بس وقتها بابا مكتفاش بكده، هو بس خلى الناس تفتكر إن
الموضوع خِلص!
حاول التحامل على مرارة ما يحمله هذا الموقف
من بشاعة شديدة بينما سخرت منه وهي تتساءل باستهزاء:
-
ايه شغل الفلاحين ده؟ بصراحة مش فاكرة حاجة
عن الموضوع، فكرني كده كان ايه اللي حصل؟
انطلقت قبضته ليلكم باب السيارة بجانبه ثم
صاح بها:
-
انتي هتستعبطي؟ ولا ناوية على إيه بالظبط؟
انطلق صوت المكابح عاليًا والإطارات تحتك
بالأسفلت اسفلها بقوة للتوقف المفاجئ ثم رفعت المكابح اليدوية بينما لم تلحظ تلك
النشوة التي باتت تغمرها ولا حتى توترها الذي لم يتضح هذه المرة ثم حدثته متسائلة
بسخرية:
-
لا وبتتعصب كمان، بأي حق بجد بتتعصب عليا؟
أغمض عينيه وشعر بأن فكيه تضررا من شدة اطباقه
لهما بينما عقد ذراعيها أسفل المقود وهي تلتفت نحوه قدر استطاعتها نظرًا لجلوسها
بمقعد السيارة ثم تكلمت بهدوء جعله يشتعل أكثر:
-
لما اكلمك تبُصلي! ولا بابا مفهمكش ازاي تكلم
اللي قدامك!
ثانية واحدة فقط كانت تفصله عن اندلاع غضبه، كل
ما فعله معها منذ رؤيتها وحتى بنوبة هوسه لم تقترب لذرة واحدة مما قد يحدث لها
الآن لو استمرت في استفزازه بهذه الطريقة ليرغم نفسه للمرة الأخيرة على فعل ما
يحلو لها والتفت نحوها بمقلتين سجينتين خلف مشاعر عدة لن تستطيع هي ولا غيرها
فهمها وعقد قبضتيه متحاملًا على كل ما يمر به من دوامة تزهق روحه في الثانية لآلاف
المرات ونجح في النظر إليها بصعوبة بالغة في النهاية!
تفقدت ملامحه، يُعاني حقًا بداخله من مجرد
نظرة بملامحها، ليت تلك الأيام تعود وهو يحدق بها لساعات، وليته يلمح نفسه الآن
بالمرآة، يا له من نجاح ساحق لها، مجرد ما تراه على وجهه كان مُسكن للكثير من
آلامها التي تندلع بداخلها، ولكن وجهه ونظرته وكل ما بات عليه لا يقارب قطرة في
بحر مما تريده، ولا يساوي ذرة في كون بأكمله ليُمحي كل ما لاقته على يــ ــديه وما
عانت منه بسببه..
ازدادت هدوء فوق هدوئها، ولكن كلماتها
المستفزة التي انطلقت من شفتيها بتشفي لم تكن لتزيد الوضع سوى سوء:
-
إيه، للدرجة دي مش قادر تبُصلي ولا تواجهني؟ ولا
مش فاهم إن اللي عملته يخليني أنا اللي مش عايزة اشوف وشك؟!
بنفس طريقته، بروده وهدوءه هو نفسه المستفز بات
أكثر ما يقتله منها، وعند هذه الكلمات لم يستطع أن يلجم لسانه الذي انطلق دون
سيطرة منه مصيحًا بها بغضب فشل في احتواءه:
-
أنا عارف كويس أنا عملت إيه، أنا كنت بحاول
اجننك وبعدها كنت هموتك، بس مفكرتيش ليه؟ للحظة واحدة وانتي خايفة ومرعوبة وأنا بس
اللي وحش، أنا رجعت بيتي لقيتني شبه مسروق، وقدام عيني شايف إن مراتي اللي كانت
بتضحك عليا راحت لابن خالتها، مسكتش وقولت أكيد ده مش صح، روحت اجيب اسامي كل
الناس اللي العمارة عشان الاقي نفسي قدام حاجة وعشرين دور واكتر من مية وخمسين
عيادة ومعمل تحاليل وأصحاب الشقق كلهم مفيش حد منهم تعرفيه غير ابن خالتك، لا
ومتصورة وانتي بتطلعي العمارة، وعمرك ما فكرتي تصارحيني إنك بتروحي لدكتورة، وفجأة
جاية تقوليلي إني مجنون، فالعاقل اللي فينا، اللي هو أنتِ لو محتاجة توضيح، تسيبي
كل الطرق اللي ممكن تساعديني بيها وتروحي تعملي اللي عملتيه، والمفروض مستنية من
واحد زيي إيه؟! اديكي بالقلم؟ ولا اقولك متسبنيش؟!
تحولت ملامحه لتحتقن بالدماء وصراخه الشديد
كادت محتويات السيارة تنفجر من شدته بنما تفقدته مليًا وهو يلهث بشدة بعد أن نطق
بكل هذا دفعة واحدة ولا تصدق أنه يبرر أفعاله لتنطلق الكلمات منها دون تحكم:
-
وأنت عمرك وثقت فيا؟ عمرك صدقتني؟ ولو قولتلك
بروح لدكتورة، كنت هتعاقب ازاي يا ترى؟ هتحبسني ولا تربطني زيي زي الحيوانات ولا
تضربني ولا تمنع عني الكلام لشهر واتنين وتلاتة؟ أنا مكونتش بسرقك ولا بخونك، ولا
كمان كنت عايزة اساعدك، أنا من يوم ما رفعت عليك قضية الخلع وأنا مصممة إني مكملش
معاك، احنا مكنش فيه ما بينا حاجة غير شوية مشاعر وأحيانًا علاقة حلوة في السرير،
لكن الثقة والاحترام والتفاهم والحب بكل ما فيه من معاني حلوة عمرهم ما كانو
موجودين في حياتنا يا إما على الأقل لو كنت بتحبني بجد مكونتش
عملت حاجات كتيرة أوي من اللي عملتها، أنت اللي اجبرتني اعمل كل ده، أنت مسبتليش
حل تاني عشان كل حل منطقي كنت بلجأ ليه اعتقد أنا وأنت فاهمين كويس كان بيحصل ايه!
رفع حاجباه باندهاش ليكرر مغمغمًا:
-
لو كنت بحبك بجد!
لوهلة
لم يستطع المواكبة، خبت نيران تلك الغضب بمجرد سماعه لما قالته، دخل في حالة من
اللاوعي لصوغها كل ما كان بينهما بتلك الكلمات ولاحظ احتراق عسليتيها بدموع مكتومة
أما هي فلم تختلف عنه حالًا، تلك الغمامة التي بدأت في التفكك نوعًا ما كانت سابقة
من نوعها، ربما يبدو الأمر سخيفًا في البداية وربما كلماتهما لم تعن شيء كذلك
ولكنها كانت أول مواجهة فعلية لكل طرف منهما!
التفت ليبتعد عن ملامحها ولا يدري لماذا
تملكته رغبة في البكاء بعد تلك الصدمة التي تلقاها منها، القليل من المشاعر وعلاقة
جيدة في الفراش، هذا كل ما كان بينهما من وجهة نظرها، جيد للغاية!!
ابتلع تلك الغصة بحلقه ثم عاد لهدفه وما آتى
من أجله وكاد أن يتحدث فبادرت هي:
-
الموضوع صدمك اوي كده، مستغرب ليه، ما ده
فعلًا كل اللي شوفته معاك، هي دي كانت حياتنا، ولا افتكرت يوم ما هترجعلي كل اللي
هفكر فيه هو الوقت الحلو وأنسى كل الوحش!
سرعان ما عقب على نبرتها اللائمة بهدوء وثقة
وهو شارد هذه المرة بأرضية السيارة:
-
لا لا، نرجع إيه بس!
لم تفهم الكثير من جملته المقتضبة بينما تنهد
وهو يتابع مطنبًا بكل التفاصيل لرغبته في انهاء الحديث معها تمامًا:
-
اسمعي الكلمتين دول كويس، وطبعًا انتي بتعرفي
تدوري كويس ورا حاجة أنا بقولها وتتأكدي منها، بعد اللي حصلي زمان بابا مكتفاش إن
أبو الولد يتنازل عن الانتخابات، ارجعي كويس أوي للتواريخ في التسعينات، الراجل ده
محصوله اتحرق سنتين ورا بعض، كل الناس رفضت تتعامل معاه في شغله وبقو بيتعاملو مع
عيلتنا، والولد ده مات في حادثة عربية، اسمه أيمن خطاب، وأبوه جاتله جلطة لما فلس
وخسر ابنه في يوم واحد، نظريًا على الورق مفيش حاجة تدين يزيد الجندي لا هو ولا
عيلته، بس الحقيقة اللي الكل يعرفها إن بابا هو اللي ورا كل اللي حصل عشان بس تصرف
طايش من مراهق، لو عندك ذرة ذكاء مش هتعادي يزيد الجندي، ما دام قال هيؤذيكِ يبقا
متستبعديش حتى الموت، نصيحتي ليكي اهدي اليومين دول لغاية ما الاقي حل ونتطلق،
وقبل ما اسمع منك تريقة كتير فكري في حاجة واحدة بس، لو كنت روحت وقولت لبابا إني
هبطل شغل سنتين كان بهدل الدنيا، إنما بالهدوء كل حاجة ممكن تتحل.. أي حركة ليا
أنا وانتِ أنا متأكد إنه عارفها بالذات اليومين دول، اخرجي واشتغلي واعملي كل اللي
أنتِ عايزاه، ممكن ابقا انزل بس معاكي قدام الناس وارجع معاكي قدامهم وبعد كده
هسيبك وامشي سواء في البيت ولا برا، واطمني..
التفت لها قاصدًا هذه المرة بينما رأى الصدمة
واضحة على وجهها ثم أكمل:
-
أنا ولا ينفع ارجعلك، ولا ينفع حتى أتكلم معاكي..
لو كان ينفع مكونتش استنيت سنة وانتِ بعيدة عني..
هربت مقلتيه بخزي من عسليتيها ثم أضاف:
-
أنا مش شايف فيه حل غير الهدوء الفترة دي على
ما نعرف نتصرف ونتطلق، وانتي راجعة ابقي كلميني هدخل معاكي من البوابة مش اكتر من
كده عشان بابا يقتنع إن الدنيا تمام..
قام بفتح الباب سريعًا دون متابعة المزيد من
الكلمات وترك السيارة وغادر بينما هي ما زالت تحاول استيعاب ما يحدث منها، ولها،
ومنه، بعد أول مرة يتحدثان بها حديث واضح بعد كل ما حدث بالسابق!
❈-❈-❈
أخذ خطوات سريعة وهو يبتعد متواريًا عن سيارتها ومن
يتبعها في الاتجاه المخالف لكي لا يلحقه أحد ولم يستطع سوى البُكاء من تلك الصدمة،
لم يعشقها؟! إن كان هذا حقيقي فلماذا فعل ما فعله؟ لو كان لا يعشقها لماذا قتل
نفسه؟ لماذا احترق مرارًا وهو يفعل ما فعله بها؟ قد تدعي بكل ما تريده، قسوة أو
ظلم أو حتى جنون، هو يقبل الأمر برمته، يقبل كل ما قد يُقال عليه وكل ما ستُفكر
به، ولكن تصديقها بأنه لم يعشقها! هل تضررت حقًا حتى تصل لهذا التوقع وتُصدقه؟!
ازاح تلك الدموع عن عينيه لكي يرى أين تستقر قدميه بينما
شعر بانهيار يلم به، سواء من تلك الأفكار أو حتى مما يشعر به، لماذا كل ما ظن أن
حياته تتحسن ولو بمقدار أنملة يجد نفسه في مواجهة الأسوأ، مهما حاول ومهما فعل في
النهاية ليس هناك ما يتغير!
أجهش بالبكاء رغمًا عنه في خضم هذه القسوة التي لا تنتهي
سواء منها أو من قدره أو حتى من نفسه، ليته كان استطاع النجاة بنفسه من هذه
المشاعر ونجح في الانتحار!
بالطبع كان لابد من أن ينتهز الجميع هذه الفرصة الرائعة
وكل من يستطيع عليه أن يزيد من الطين بلة، والده يهاتفه الآن تحديدًا، لا يستبعد
أنه قد عرف بما دار بينهما من حديث، ربما قد قام بوضع أجهزة تنصت لهما، لم يعد
يستغرب أي من أفعاله على الاطلاق!
حاول السيطرة على بكائه وحمحم ليُعدل من نبرة صوته ثم رد
سريعًا لكي ينتهي من محاولات قد يباغته بها إن لم يجبه:
-
أيوة يا بابا.
-
عامل ايه؟
سؤاله كان أكثر ما يمكن أن يجعله يضحك بشدة الآن، ولكن الإجابة
لابد من أن تكون منطقية حتى لا يدفع والده للمزيد من الريبة:
-
تمام
ترقب سبب المكالمة وهو يخشى بداخله المزيد من حيل والده
تجاهها:
-
عامل ايه معاها؟
هذا التساؤل البسيط ظاهريًا والمبطن في طياته الكثير من
النهايات المفتوحة وخصوصًا بهذا الوقت بعد تركهما للمنزل كان بالطبع خلفه الكثير،
ليس هناك سوى أقل القليل ليُقال بمنتهى الوضوح:
-
كويسين، نزلنا اصلًا واحنا برا دلوقتي، كانت حابة تخرج
لوحدها بس أنا خرجت معاها!
هذا سيكون بمثابة تفسير منطقي له لو وصله من أمن بوابته
الخارجية ارادتها في المغادرة، وسيكون بمثابة مُسكن له بأن له اليد العُليا في
علاقتهما، وربما ستكون بداية لفترة من الهدنة دون أن يتعرض لها مرة أخرى بمزيد من
التهديدات، لعله يلتقط الطعم ليس إلا، هذه هي أمنيته الوحيدة!
توقف في مكانه متأهبًا لرده الذي آتاه بعد همهمة منه
بتفهم وهو يضيف متسائلًا:
-
وراجع شغلك امتى؟
سرعان ما أجابه لكي لا يقوم بفتح معركة فيما بينهما:
-
بكرة الصبح!
دام الصمت لعدة لحظات مما جعل دماء "عمر" تحتقن
بالرعب ليتفوه والده في النهاية بنبرة لينة بما أدهشه تمامًا: