رواية في غياهب القدر - بقلم الكاتبة بسمة بدران - الفصل الحادي عشر
رواية في غياهب القدر
بقلم الكاتبة بسمة بدران
الفصل الحادي عشر
خطة بديلة
رواية
في غياهب القدر
سجا الليل حتى هاج لي الشعر والهوى
وما البيد إلا الليل والشعر والحب
ملأت سماء البيد عشقـــــــــا وأرضها
وحملت وحدي ذلك العشق يا رب
ألم على أبيـــــــــات ليلى بين الهـــوى
وما غير أشـــواقي دليل ولا ركب
وباتت خيامي خطوة من خيامهــــــــا
فلم يشفني منها جـــوار ولا قرب
❈-❈-❈
برقة شديدة راحت تداعب بأصابعها الناعمة خصلات شعره وهي تدندن بسعادة: قمرين دول ولا عينيك قلبي بيسألني عليك واتريني بفكر فيك.
ضحك ملئ فاهه هاتفا بمرح واستمتاع شديد بما تفعله زوجته الحبيبة: الله عليك يا زوز فنانة الحمد لله ان ما حدش بيسمعك غيري.
عبثت بوجهها كالأطفال وتوقفت عما كانت تفعله مغمغمة بحزن مصحوبا بدلال: كده برضوه يا سي عمار ربنا يسامحك ده أنا صوتي كروان أيوة والله.
وأنا قلت غير كده يا زوز والله أنت ما في منك يا قلبي.
أردف بتلك الكلمات وهو يجزب يدها برفق ويضعها فوق رأسه كي تكمل ما كانت تفعله.
أطلقت ضحكة مائعة وقالت مرح: أيوة كده رجاله ما بتجيش غير بالعين الحمرا يوه أقصد البني
❈-❈-❈
رغما عنه أغمض عينيه مستمتعا عندما تغلغلت رائحتها الحلوة إلى جميع حواسه فتأوه بخفوت جعلها تبتسم بداخلها.
فتشبثت به أكثر لكن سرعان ما استفاق إلى نفسه ودفعها بقوة متوسطة هاتفا بتعنيف: إيه اللي انت بتعمليه ده يا مدام رغد؟
لو غزل شفتك.
قاطعته بحزن: ما تخاف إستاذ رامي ما بقصد شي أنا يعتبرك متل خيي واكتر منشان هيك ما فكرت ورميت حالي بحضنك بعتذر منك كتير لو كنت أزعجتك.
شعر بالشفقة والحزن عليها فأردف باعتذار: سامحيني أنا ما كانش قصدي بس.
قاطعته وهي تمسح دموعها المزيفة بأطراف أناملها: ما تعتذر إستاذ رامي ما في شي وأنا بتشكرك مرة تانية تصبح على خير.
ألقت كلماتها وولجت إلى شقتها وأغلقت الباب من خلفها وهي تتراقص بداخلها من شدة السعادة.
بينما هو في الخارج نهر ذاته لأنه ظلمها وحدثها بهذه الطريقة.
كاد أن يطرق بابها ويعتذر منها لكنه تراجع في آخر لحظة واقنع ذاته بأنه سيفعلها لكن في الغد.
واستدار ليكمل طريقه إلى شقته وينعم بحضن زوجته التي اشتاقها كثيرا.
❈-❈-❈
يجلس في غرفة المعيشة يضع ساق فوق الأخرى وهو ينفث سجارته باستمتاع فهي ستأتي إليه أخيرا بقدميها.
مدح ذكائه كثيرا فالخطة التي حاكها منذ عدة أيام جنت ثمارها.
فقد حرصا أن تأتي هي بملء إرادتها وبعدها سينتقم منها على طريقته وبها سيكسر ظهر أخيها المغرور الذي أهانه أمام جميع الناس.
أطلق ضحكة مجلجلة عندما استمع إلى صوت رنين جرس المنزل
فنهض ببطء وسار بخطوات صغيرة كي يثير أعصابها أكثر.
دقائق قليلة وكانت تقف أمامه تنكس رأسها أرضا مما جعله يشعر بلذة الانتصار.
جذبها بقوة من رسغها واغلق الباب من خلفها هاتفا بفحيح: يا أهلا بالهانم اللي نورت بيت جوزها تاني.
ازدردت ريقها برعب وراحت تتراجع للخلف وهو يتقدم منها بخطوات مدروسة حتى اصطدم ظهرها بالحائط
نظرت حولها برعب وتشبثت قدميها بالأرض.
أغمضت عينيها بخوف عندما بات قبالتها مباشرة فغمغمت بصوت مهزوز: عايز إيه يا حسن وليه حبتني هنا؟
سلط بصره عليها مما جعلها تتململ في وقفتها وهتف بصوت دب الرعب في ثنايا خلاياها: جبتك عشان اخد حقي منك ومن أخوكي يا حرمي الماصون.
وقبل أن تستوعب ما قاله إنهالة عليها بالصفعات واللكمات وهي تصرخ بكل ما أوتيت من قوة.
لم يأبه لتوسلاتها وصراخها وضعفها وقلة حيلتها بل كان كل هاؤلاء يشعروه بلذة لا مثيل لها.
ظل يضربها ويركلها حتى استمع إلى صوت طرقات عنيفة فوق باب المنزل وشخص يقرع الجرس بطريقة هستيرية.
لوهلة شعر بالخوف أن يكون المدعو عمار قد حضر لكنه سرعان ما نفض رأسه من تلك الأفكار فعبير ليست بهذه السذاجة كي تخبر أخيها.
فدفعها فوق الأرضية الصلبة وتقدم نحو الباب ليفتحه يطلق سبة نابية: انت ازاي يا حيوان.
وقبل أن يكمل باقي كلماته انهال رؤوف عليه باللكمات والصفعات فهو يشعر بالغضبه منه لأنه استمع إلى صراخ وتوسلات عبير من الخارج.
راحة يسدد له اللكمات العنيفة وهو يسب ويلعن فيه هادرا بعنف: بقىيا عرة الرجالة بتعمد ايدك عليها تاني وديني لاكون مقطعهم لك
ده أنا هخليك تسف تراب الشارع يا كلب ورحمة أبويا لأخليك تبوس رجليها وتطلب منها السماح عشان أرحمك.
❈-❈-❈
لا لا لا كله إلا الدكتورة صَبا أنا بقول لك أهو يا باشا البت دي عدم اللامؤاخزة تخصني.
تلك الكلمات تفوه بها المعلم فكري الذي شعر باستياء مما اردف به ذلك المجهول الذي زجره بحدة ونهره بعنف: وقولك إيه يا معلم البت مش هيحصل لها حاجة أنا بس عايرها طعم لابن هنداوي.
حك الشاب جبينه هاتفا بتلعثم: بس يا جماعة الواد عمار ده مش سهل انتو عارفين عمل إيه من كم يوم في المعلم فكري ولا اللي اسمه ابه جوز أخته ده لامؤاخذة يعني يا معلمي ما تأخزنيش في دي الكلمة.
اشتعلت النار في صدر المعلم فكري عندما تفوه ذلك الشاب بما حدث معه والذي التقطه على الفور ذلك الرجل فابتسم بسخرية: آه والله بس الظاهر ان المعلم فكري نسى اللي حصله.
تلبس المعلم فكري شيطان الانتقام فهتف بغضب حارق: اللي تشوفه يا سعادة الباشا أنا معاك في كل اللي تقول عليه.
وضع ساقا فوق الأخرى وأشعل سيجارة بقداحته الذهبية مغمغما والسيجارة في فمه: أهو كده الكلام يا معلم فكري اقعدوا بقىلما أفهمكم هنعمل إيه بالظبط.
انصاع كلا الرجلين لحديث ذلك المجهول وراحا يستمعان إليه بكل جوارحهم غافلين على أن الله يسمع ويرى ما يفعلونه.
❈-❈-❈
بنظرات ثاقبة تراقبه وهو يتحرك في الغرفة بعصبية شديدة.
انتظرته ريثما يبدل ملابسه ثم سألته بتوجس: خير بس يا محمد مالك وليه البصة اللي بصتلي بيها دي واحنا على العشا؟
رد بجفاء أزعجها: يعني انت مش فاهمة ولا بتستعبطي يا عزة؟
رباه ما هذا الأسلوب الجديد الذي يتحدث به معها.
لأول مرة يحدثها بهذه الطريقة الجافة وهي حقا لا تعرف ما الخطأ الذي اقترفته حتى يتحدث معها هكذا.
فأجابته وهي ما زالت تحتفظ بهدوئها: لا والله أنا مش عارفة أنا ما عملتش حاجة فعلا.
يبقى خلاص ما تسأليش.
تلك الكلمات قالها وهو يتمدد فوق الفراش ويسحب الغطاء فوقه.
شعرت بالغضب حيال فعلته تلك فدنت منه وأزالت الغطاء من فوق رأسه تسأله بحدة: أنا عايزة اعرف بالظبط أنا عملت إيه وإيه الأسلوب الجديد اللي بتعاملني بيه ده ؟
استقام جالسا يهتف بها بعنف: لسانك يا مدام اللي عايز قصه ما قدرتيش تسكتي ورحتي قلتي للعيال إننا هنسافر مصر وطبعا العيال هيفضلوا يزنوا على دماغي لحد ما يسافروا افرض إن أنا ظروفي ما سمحتش اننا نسافره دلوقتي تطلعي شكلي وحش قدام العيال.
عضت باطن فمها بغيظ مردفه بعدم تصديق: بقىهو ده اللي مخليك تعاملني بالطريقة دي طيب وفين المشكلة يعني لو أنا قلت للأولاد حاجة زي دي
وبعدين انت مش قلت انك هتسفرنا يبقى زعلان ليه بقىإلا لو كنت بتاخدني على قد عقلي عموما يعني.
قاطعها بصراخ أفزعها: هش ولا كلمة أنا مش عايز اسمع نفس سيبيعني أتخمد ومافيش سفر يا عزة دلوقتي فهماني.
استلقى مرة أخرى فوق الفراش جاذبا الدثار فوقه تاركا إياها تتآكل من الغضب والغيظ معا.
❈-❈-❈
بعد أن أوسعه ضربا حتى فقد الوعي بين يديه تركه مزجيا فوق الأرض ثم دنا منها بخطوات غاضبة يجذبها من يدها لتقف فوق قدميها وهو يهزها بعنف سائلا إياها بغضب مكتوم: انت إيه اللي جابك هنا تاني يا عبير هو الحيوان ده مش طلقك خلاص ولا تكونيش قررتي ترجعيله؟
هزت رأسها نفيا والدموع تغشي عينيها هاتفة بنشيج أدمى قلبه: لا والله يا رؤوف الموضوع مش كده.
ترك يدها بلطف ثم تجرأ ورفع يده يمسح دموعها بأطراف أنامله يهدهدها في حنو بالغ: طيب اهدي وبطلي عياط وقوليلي إيه اللي حصل وخلاك تيجي هنا برجلك مرة تانية.
ابصرها تشعر بالدوار نوعا ما فجذبها من يدها برفق وأجلسها فوق أحد المقاعد ثم هرولة بخطوات واسعة باتجاه المطبخ.
ثواني وعادة وهو يحمل في يده كوبا من الماء البارد.
ناولها اياه والتي التقطته وارتشفته دفعة واحدة.
وبعد أن ارتوت أعطته إياه وهي تشكره بخفوت.
التقطه منها ووضعه فوق الطاولة الزجاجية الموجودة في منتصف الغرفة ثم عاد.
تنهدت بقوة ثم راحت تقص عليه ما حدث بينها وبين ذلك المختل بدءا من الرسائل النصية والمكالمات الهاتفية حتى تهديدها الصريح بأخيها ووالدها.
وكانت كلما توغلت بالحديث نفرت عروق رؤوف بأكملها واحمرت عينيه من شدة الغضب فقرر أن يخلصها من ذلك اللعين أولا وبعدها سينتقم منه على طريقته الخاصة.
❈-❈-❈
أمام نافذة غرفتها تقف وهي شاردة الذهن.
فقلبها الممزق وعقلها المشتت جعلاها في حيرة من أمرها.
تعلم أن والديها على حق في كل ما تفوها به لكن ماذا ستفعل عندما يسألها الله على خيانتها لزوجها ماذا ستقول؟
فوليد لا يستحق منها هذا أبدا تعلم علم اليقين أنه يحبها كثيرا لكن ماذا عنها هي هل ما تمر به طبيعيا؟
عشقها لشخص لا يبالي بها من الأساس طبيعيا؟
هل يعقل أن تعشق شخص لهذه الدرجة دون أن تنتظر منه شيئا؟
بالطبع هذا دربا من الجنون لكن كي أكون منصفة هذا يحدث معنا.
لا يحدث مع الكثير لكنه يحدث.
فالحب يا سادة يأتي بلا سبب بلا مقدمات بلا مبررات أيضا.
سمعت عن مثلا شعبيا قديما يقول إن "مراية الحب عامية"
تلك المقولة صحيحة مئة في المئة فالشخص عندما يحب لا يرى عيوب محبوبه أبدا حتى لو واضحة كوضوح الشمس.
البعض يبرر تلك العيوب من من أجل حبه
وآخرون يتغاضون عنها
والكثير لا يروها من الأساس وكأنهم منومون مغناطيسيا.
أجل هذا هو حال العشاق لذا يا عزيزي عندما تحب عليك أن تحب بعقلك وقلبك معا.
فلا يجوز أن تحب بعقلك فقط ولا بقلبك فقط عليك أن توازن بين القلب والعقل كي تحيا حياة أفضل وتختار بطريقة أفضل.
تنهدت بقنوت ثم غمغمت بصوت متعب للغاية: يا رب.
رغما عنها انسابت دموعها في صمت.
فالألم النفسي والضغط العصبي الذي تتعرض له في هذه الأيام مرهقا لدرجة كبيرة.
ظلت هكذا لوقت ليس بالقصير ومن ثم قررت أن تصلي ركعتين لله عله يريح قلبها الملتاع.
دقائق وخرجت من المرحاض وارتدت إسدال الصلاة ثم وقفت بين يدي الخالق تشكو له ضعفها وقلة حيلتها ودموعها تأبى التوقف.
❈-❈-❈
استيقظا من نومه وهو يشعر بقلق لا يعرف مصدره.
نهض من فراشه وهو يستغفر الله قاصدا المطبخ.
ثواني وكان يقف أمام الثلاجة. فتحها بهدوء والتقط زجاجة صغيرة من الماء وارتشف منها كمية لا بأس بها على ثلاث مراحل.
اغلق الزجاجة وأعادها مكانها ومن ثم اغلق الثلاجة.
وأثناء عودته ساقته قدماه إلى غرفة ابنته.
فتح ألباب بهدوء واشعل الضوء لكن سرعان ما دب القلق في قلبه وشعر بالخوف الشديد عندما لم يراها في فراشها وقبل أن يفكر ماذا سيفعل استمع إلى قرع جر منزله.
فركض بخطوات واسعة وفتح الباب فابصرها أمامه تقف بهيئة مزرية وخلفها يقف جاره وصديق ابنه رؤوف.
وزع نظراته المرتعبة بينهما ومن ثم سألهما بحذر ولهفة شديدة: إيه اللي حصل يا رؤوف يا ابني وأنتي مين اللي عمل فيك كده؟
رد بهدوء مصطنع: هنتكلم على الباب كده يا عمي.
افسح لهما المجال كي يلجا للداخل واغلق الباب من خلفهما.
ثم أعاد سؤاله فتولى رؤوف الإجابة ورحا يقص عليه ما حدث مع ابنته وكلما توغل في الحديث شعر بالغضب من نفسه ومن ذلك اللعين.
فهو غفل خلال الأيام المنصرمة عنها ولم يفكر في السؤال عن أحوالها فهتف بجدية: اسمعني كويس يا عمي الحيوان ده أنا علمته الأدب بس عشان خاطري ما تحكيش حاجة لعمار حضرتك عارف أنه متهور ومش عايزين مصايب.
أومأ له الحاج سعد متفهما فاستطرد الآخر: وماتقلقش ورقة عبير هتكون عندها في أقرب وقت.
ودلوقتي بقىتصبحوا على خير عشان الوقت أتأخر.
وبعد أن انصرف كاد والدها أن يوبخها عما فعلته وعن عدم أخباره لما يحدث معها لكنه تراجع في آخر لحظة.
فهي لا ينقصها لوم أو عتاب يكفيها ما عانته وما مرت به.
فأردف بهدوء مصطنع: ادخلي نامي يا عبير والصباح رباح.
❈-❈-❈
مستلقي فوق فراشه يحدق في السقف بشرود شديد وهو يشعر بالغضب منها ومن مشاعره التي جعلته في نفسه عديم الكرامة.
يركد خلف فتاة لا تريده لكن ماذا سيفعل؟
حاول الابتعاد عنها مرارا وتكرارا لكن دون جدوى فكلما يبتعد عنها يحدث شيئا يجعله يقترب منها مرة أخرى وكأن القدر يلعب معه لعبة غريبة لا يعرفها.
ثواني وتذكر حديث والدها الأخير له فابتسم بأمل هاتفا بخفوت: هتكوني ليا يا صَبا برضاكي أو غصب عنك
ماهو أنا ما اتعودتش أعوز حاجة وماخدهاش وبما ان أبوك وأمك في صفي يبقى أكيد هخرج من اللعبة دي كسبان.
استلقى على جنبه وهو يشعر بالراحة نوعا ما ويخطط في طريقة لكسب قلبها.
❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي ولجد بخطوات هادئة إلى محل العطارة هاتفة بصوت مرتفع نوعا ما: يا اهل الله يا اللي هنا هو أنتو سايبين المحل لوحده ليه مش خايفين تنسرقوا؟
أجفلت على صوته الذي أتاها من الخلف: لأ احنا سايبينها على ربنا يا حاجة صباح
قوليلي بقىيا ستي عايزة إيه المرة دي؟
استدارت ترمقه باستفزاز هاتفة بفظاظة: أنا مش هقول ليك انت أنا هقول للولا اللي بيشتغل عندك.
راقص حاجبيه بمرح مغمغما بابتسامة: ولو قلتلك إن الولد لسة ما جاش هتفضلي مستنياه يعني؟
ظفرت بقوة هاتفة بحدة طفيفة: بقول لك إيه يا حاج سعد أنا مش فايقالك يا أخويا على الصبح أنا هامشي.
قاطعها بلهفة: هو أنتي ليه مش طايقاني كده يا ست هو أنا يعني دستلك على طرف؟
هزت رأسها نفيا.
فاستطرد: طيب إيه رأيك تشربي معايا فنجان قهوة.
شهقت بقوة وراح ترمقه بسخط: نعم اشرب معاك إيه يا أخويا لا بقول لك إيه تكونش مفكرني من الستات اللي.
قاطعها بسرعة: خلاص خلاص وطي صوتك هتفضحينا ولية وش فقر هتقولي عايزة إيه ولا تتكلي على الله من هنا؟
مطت شفتيها باستفزاز: لا ده ولا ده أنا هفضل مستنيرة الولا اللي بيشتغل هنا قلت إيه.
ضرب كفا بالآخر: قلت لا إله إلا الله.
محمد رسول الله يا أخويا.
❈-❈-❈
بعد أن انتهت من ارتداء ثيابها دلفت للخارج ملقية تحية الصباح على والديها بهدوء.
فسألتها والدتها بلهفة: إيه ده يا صَبا انت رايحة فين على الصبح كده؟
أجابتها باختصار: على الشغل يا ماما.
تحدث والدها وهو يضع فنجان القهوة فوق المنضدة: وليه بس يا صَبا انت لسه تعبانه يا بنتي.
هزت رأسها نفيا مردفه في عجالة: أنا مش تعبانه يا بابا أنا بقيت كويسة واتخنقت من قعدة البيت يلا استودعكم الله.
تساءلت والدتها باهتمام: طيب مش تكليلك لقمة.
هاكل في المستشفى يا ماما يلا سلام عليكم.
❈-❈-❈
عاد إلى الورشة هو وصديقه بعد أن أديا فريضة الظهر.
والذي سأله باهتمام: بقول لك إيه يا عمار هو اللي اسمه حسن ده بعت ورقة طلاق أختك ولا لسه؟
ضربا عمار رأسه بيده هاتفا بتذكر: نهار أسود ده طلقها طلقة واحدة ومش بائنة يعني كدة ممكن الحيوان ده يردها لعصمته في إي وقت.
كاد رؤوف أن يرد عليه لكنه فوجئ بفارس الذي يعمل معهما يهتف بالهاث: انت فين يا باشمهندس تليفونك مش مبطل رن الظاهر انك سبته هنا قبل ما تروح الجامع.
أخذه منه بعد أن شكره وألقى نظرة سريعة عليه.
قطب حاجبيه بدهشة عندما أبصر رقما غير مسجل فضغط زر الإيجاب ووضعه على أذنه فاتسعت حدقتاه في دهشة وهو يستمع صوتا على الطرف الآخر يقول: انت الباش مهندس عمار بنت عمتك في ناس مسبتينها قبل المستشفى اللي بتشتغل فيها بشوية الحقها.
ودون أن يفكر ترك صديقه والصبي الذي يعمل معهم وانطلق كالإعصار باتجاه سيارته يقودها بأقصى سرعة غافلا عن نداءات صديقه المتكررة.
وغير مدركا لما يحدث معه وقدره الذي سيتغير منذ الآن.
يُتبع..