-->

قراءة رواية جديدة روضتني لأسماء المصري - الفصل 19

 قراءة رواية روضتني كاملة (الجزء الثالث من رواية أحببت طريدتي)
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية روضتني رواية جديدة قيد النشر

من قصص وروايات 

الكاتبة أسماء المصري



رواية روضتني 

الفصل التاسع عشر

❈-❈-❈



 لم أستطع أن أصبح شريراً ولا حتى طيباً، لا دنيئاً ولا شريفاً، لا بطلاً ولا حتى حشرةّ.

فيودور دوستويفسكي.

❈-❈-❈

وخزات حادة شعر بها تقطع أوصاله وهو يجاهد حتى لا يفقد الوعي مرة أخرى متحاملاً على نفسه ومتحملا أكبر قدر من اﻷلم الذي يسري بعروقه ناظراً أمامه لعائلته المقيدة أيضا ومعصوبة الأعين، فقدان الوعي ربما يكون راحة ورفاهية هو لا يملكها بتلك اللحظه؛ فكلما حدث وفقد وعيه يجد الأستجواب الذي يصحبه تعذيب قد تحول إما لأخيه أو لوالدته؛ فحاول جاهداً أن يتحمل لأقصى طاقته.


أحيانا يفاجئنا جـ ـسدنا بقوته التي نختبرها معه وقت الأزمات، وها هو جـ ـسده يتحمل مآسي تلك المرة تفوق الحد؛ فهو هنا منذ عدة أيام وربما أشهر؛ فقد فقد طاقته على حصرها، لا يعلم ليله من نهاره ولا نومه من يقظته؛ فقد تشوش لديه كل شيئ وقارب على الإنهيار.


تكلم أخيراً بعد أن شعر بنفسه على وشك فقدان وعيه من جديد متوسلاً من أمامه:

-كفايه ارجوك، إحنا قولنالكم كل حاجه نعرفها عن بابا وعيلة الفهد كلها.


اتسعت بسمة ذلك الرجل الواقف أمامه يرتدي بدلة سوداء باهظة الثمن، ورائحة عطره استطاعت النفاذ لأنف هؤلاء ليفيقوا من اغمائاتهم المؤقته؛ فرد عليه بنبرة ساخرة:

-كنت بتظن انو أنا مغفل وما بعرف باتفاءك مع فارس الفهد مو هيك؟


ابتلع مرارة حلقه ورد وهو يزرف عبراته رغما عنه من شدة الألم:

-صدقني يا غسان بيه انا معرفش حاجه غير اللي قولتها، وفارس أهو عندك روح خد حقك منه زي ما انت عايز .. أنا وامي وأخويا ملناش دخل لا بيه ولا بالعيلة دي كلها من زمان.


اقترب غسان منه بخطوات بطيئة وقال بصوت حاد:

-أبوك وقت كان يشتغل معنا كسب كتير مصاري من خيرنا وباﻷخير خانا، ولا ءلك اتركني اتكلم معك بالمصري حتى تفهم عليا، انا معي تارين لعيلة الفهد مش بس تار مع أبوك واللي أنا ناوي آخده منك انت واخوك.


صر على أسنانه وهو يضيف:

-معي كمان تار مع فارس الفهد ابن عمك واللي بسببه فقدت مركزي بالمنظمه لمجرد كشفه لأبوك بالشكل ده.


رمقه بنظرة مغتاظه وهتف:

-وحتى وقت بعتكم على مصر كنت متأكد انكم مش اهل للثقه عشان كده حطيت وراكم عيون تراقبكم وعرفت باتفاءكم معه.


حاول يزن التحدث فخرج صوته مبحوحاً:

-يا غسان بيه ارجوك افهمني، شخصية فارس كده وبيعرف من نفسه حاجات بتفاجئك انه عارفها ... أنا مخنتش الثقة بتاعتك، بس هو كان عارف بكل حاجه وطب عليا أنا وآسر وقالنا أنه كاشف كل حاجه، وفي النهاية أنتوا قدرتوا تفاجئوه باللي حصل يبقى أنا وعيلتي هنا بنعمل ايه؟


رد ساخرا:

-بفسحكم يا يزن، مش اسمها كده بالمصري؟


ضحك بنهاية حديثه؛ فتنهد اﻵخر وتحدث بصوت مهزوز:

-وأخرتها؟


غمز له بطرف عينه ورد:

-كل خير يا ابن الفهد.

❈-❈-❈


ارتفع بجـ ـسده مستندا على ذراعيه ناهجاً بأنفا سه يلهـ ـث من فرط نشـ ـوته ويسألها بإجهاد وتعب:

-انتي كويسه؟


أومأت له وعبراتها تنزل على وجنتيها؛ فعاد يسألها بقلق:

-طيب بتعيطي ليه؟ أنا عملت حاجه زعلتك؟


نفت برأسها، ولكنها ما لبثت أن زاد بكاءها فاعتدل وسـ ـحبها بحـ ـضنه متسائلا بلهفة:

-شيري! في ايه بس؟


ردت وهي تسـ ـحب انفاسها الباكية بداخلها:

-زعلانه عشان الموضوع حله مجرد برشامه وكريم چيل، وضيعنا كل الوقت ده مننا في الزعل والخناق وكنا هنتطلق....


قاطعها واضعاً يده على فمها وهو يمنعها من استكمال حديثها وقال بحب:

-مفيش حاجه اسمها طلاق، اوعي تجيبي الكلمه دي تاني أبداً على لسانك عشان أنا بحبك أوي اكتر من كل حاجه وكنت هفضل عايش معاكي مهما حصل يا شوشو.


اتسعت بسمتها وزادت من احتضا نه وهي تبكي فرحا فسألها مجددا:

-ليه العياط طيب؟


ردت وهي تبتسم ولكن عبراتها تغرق وجهها:

-أنا مبسوطه على فكره.


ضحك عالياً وقال ساخراً:

-يااا على الستات، يفرحوا يعيطوا .. يضحكوا يعيطوا بجد الكتالوج بتاعكم مكتوب بلغة غير مفهومه.


تحركت مبتعدة عنه ولفت ملاءة على جـ ـسدها وتذكرت لمحة من حياة ابنة عمها وهي تتدلل على زوجها؛ فحاولت أن تقلدها لافتقارها لأي خبرة بالحياة الزو جية التي تعتبر هي حديثة العهد بها بالرغم من مرور وقتا لا بأس به بزو اجها؛ فتدللت بشكل مبالغ فيه ورققت صوتها بشكل مـ ـثير وهي تتحرك امامه بتما يل:

-مش ممكن يا حبيبي تيجي تساعدني آخد شاور؟ احسن مش بعرف اغسل شعري الطويل ده كويس من غير مساعده.


اتسعت حدقتيه ونهض فورا منتفضا بحماسة ومرر كفيه محتكين ببعضهما قائلاً:

-اللهم صل على النبي، وأنا من انهارده مش هسيبك أبداً تتعبي في غسيل شعرك يا روحي.


حملها فوراً؛ فخرجت منها صرخة عفوية وتعلقت بر قبته مبتسمة بسعادة، فغمز لها بطرف عينه اليسرى وقال بصوت ناعم:

-تعالي يا روحي قبل ما مفعول العلاج يروح أما آخدك جوله في الحمام بتاعنا، اكيد متعرفيش مميزات الجاكوزي لحد دلوقتي.


دلفا فأنزلها ولكنه سـ حبها بقوة داخل حـ ضنه وهمس باذنها:

-خليكي كده على طول يا شيري، حتى لو في مره زعلتي مني ﻷي سبب افضلي حبيني ومتبعديش تاني.


نظر داخل عينيها برومانسية وقال بحب:

-بحبك.


استندت على كتفيه بذراعيها ورددت:

-وأنا بحبك.

❈-❈-❈


استيقظ من نومه على صوت طرقات على باب جناحه؛ فنظر لساعة الحائط فوجدها لم تتخط الثانية بعد منتصف الليل، فسحب نفساً بكسل ولكن الطرقات لم تتوقف وتبعتها صوت المربية:

-ياسمين هانم.


نظر لها فوجدها تغط بنوم عميق على ذراعه عارية لا يسترهما سوى غطاء الفراش؛ فأبعدها ببطئ ووقف يرتدي مئزره وتحرك صوب الباب وفتحه هامساً بحيرة:

-في ايه؟


اطرقت رأسها على الفور خجلاً عندما وجدته أمامها بنفسه وبمئزر شبه مفتوح، فهي لم تعتاد رؤيته إﻻ بكامل ملابسه بل اﻷكثر بأناقة وملابس رسمية؛ فتلعثمت وهي تتحدث بخوف:

-ااصصل، اصل...


قاطعها بحده وهو لا يزال يخفض صوته:

-ايه؟ ما تنطقي.


ارتعدت فرائضها وهي ترد:

-چاسمين سخنه خالص ومش عارفه أعمل لها ايه؟


اتسعت عينه بالخوف والقلق وهدر بها:

-وساكته ليه؟ روحي بسرعه جهزيها عشان أنزل بيها للمستشفى.


أومأت له وهرعت من أمام ذلك الثائر، وبنفس الوقت فتحت ياسمين عينيها بكسل من إثر صوته واعتدلت تلف غطاء الفراش على جـ ـسدها وسألته فور أن دلف مجدداً لداخل الجناح:

-في ايه يا فارس؟


تكلم وهو يخرج ملابسه ويستعد لدخول المرحاض:

-چاسمين سخنه، اومي بسرعه استحمي والبسي.


تركها وتحرك لداخل المرحاض، ولكنه عاد ينظر لها وقال آمرا:

-اتصلي بالدكتوره دينا تسبقنا على المستشفى، وانجزي بسرعه وحصليني ع الحمام.


وافقت بحركة من رأسها وامسكت هاتفها واخبرت دينا التي ردت بعد عدة إتصالات بلهفة:

-معلش يا طنط اني صحيتك.


ردت بقلق:

-ولا يهمك يا ياسمين، في ايه يا بنتي؟


اخبرتها على الفور ودون مماطلة:

-چاسمين تعبانه ونازلين بيها المستشفى حالا، وفارس قالي ابلغك تسبقينا.

وافقتها الأخرى دون تساؤل فأغلقت معها وارتدت مئزرها هي الأخرى وهرعت صوب غرفة رضيعتها فوجدت المربية تحملها وتهدهدها والرضيعة لا تكف عن البكاء.


سـ حبتها منها فوجدت حرارتها مرتفعة جدا فلمعت عينها بالذعر وصرخت بالمربية:

-انتي ازاي استنيتي لما السخونية وصلت لكده؟


ابتلعت الأخرى ريقها وردت:

-والله يا هانم أنا حاولت انزل الحراره ولما معرفتش بلغتكم على طول.


دلف فارس وشعره يقطر ماءا وملابسه مبلله بالرغم من ارتداء لملابسه الرسمية؛ فتكلم على الفور وهو يصيح بزو جته:

-انتي لسه مجهزتيش؟


ابتلعت ريقها وردت فورا:

-حالا أهو هلبس.


صرخ بها بغضب:

-أنا لسه هستنى لما تاخدي شاور وتلبسي يا ياسمين؟


بللت طرفي شفتيها وقالت بتوتر:

-خلاص يا فارس هلبس على طول ولما ارجع ابقى آخد الشاور....


قاطعها عن استكمال حديثها بحدة رهيبة وصوت عال:

-هتخرجي من البيت جُنب؟ انتي اتهبلتي في عقلك ولا ايه؟


شعرت بالخجل والحرج من حديثه فردت بتلعثم:

-دقيقه وهكون قدامك.


صوته العالي وحركته المتوترة برفقة صوت بكاء الرضيعة خلقت حالة من الذعر استيقظ على اثرها من يمكثون معه، وكان أولهم رفيق دربه الذي خرج من غرفته ليجد فارس يحمل رضيعته يهدهدها محاولاً اسكاتها وتهدأتها بصوت عميق وهادئ:

-اهدي يا حبيبتي، بابي معاكي.


سأله بفضول رافعا حاجبيه لاعلى:

-في ايه يا فارس؟


رد وهو يتحرك صوب الدرج:

-چاسمين حرارتها عاليه اوي، بقولك تعالى أنت معايا المستشفى .. ياسمين بتتدلع وأنا اعصابي مش متحمله عياط البنت كده.


أومأ له وتحرك معه لأسفل فسأله الأول:

-هتيجي معايا بالترننج؟


أومأ مبتسما وموضحا:

-عادي يعني في كتير بيخرجوا بيه، انا مش رايح اجتماع يا ابو بدله انت.


لم يكن في حالة مزاجية تجعله يضحك على مزاح رفيقه خفيف الظل؛ فتحرك معه صوب الباب الخارجي، ولكن أوقفه صوتها النازل من أعلى بلهفة ترتدي زي رياضي وعاقصة لشعرها المبلول بكومة منمقة:

-أنا جهزت.


خرجوا ثلاثتهم متجهين للمشفى فاستقبلهم مراد الذي كان مناوبا بذلك الوقت؛ فحمل الرضيعة عن فارس الذي لم يتركها للحظة واحده وقال بهدوء:

-اهدوا مفيش حاجه، دينا كلمتني وانا استدعيت الدكتور بتاعها وجاي في الطريق، وهو طمني إن ده أثر جانبي طبيعي جدا لنقل الدم، فياريت تهدوا كده وبلاش توتر.


بكت ياسمين ونطقت بكلمات عفوية وحزينة:

-أنا اهملتها خالص من ساعة الحفلة، بس غصب عني والله.


مسح فارس على ظهرها برقه وسحبها داخل حضنه وتكلم بحب:

-اللي حصل اخل بتوازن العيله كلها يا ياسمين، والحمد لله انك فوقتي ومن انهارده تركزي مع الولاد تاني... مفهوم؟


اومأت له ومكثوا بالمشفى حتى حضر الطبي مسعفا الرضيعة ولم يغاد احدا منهم حتى انخفضت حرارتها مجددا فعاد فارس برفقة زو جته واخوه الروحى.


وصلا لعشهما فتحركت تحمل رضيعتها لداخل جناحهما وجلست على الفراش تحتضنها وتبكي فاقترب منها وربت عليها موأزرا:

-حبيبتي اهدي، خلاص الدكتور طمنا وإن شاء الله هتبقى كويسة.


نظرت له من بين دمع عينيها وقالت ببكاء:

-انا مش عارفه ازاي هملت الولاد كده؟ بجد الوقت بيجري مني وبلاقي اليوم خلص من غير ما اكون قضيت معاهم وقت كافي.


ابتسم لها وسحب نفسا عميقا وقال بجدية:

-أهو ده درس يعلمك إن في اولويات في الحياة، انا اولوياتي انتم وبعدكم الشغل وبعد كده عيلتي.. وأظن انتي كمان لازم تكون اولوياتك كده ومش هقولك خليني انا قبل الولاد او حتى معاهم، هم الأول يا ياسمينا وبعدين أنا وبعدين عيلتك.


رمقها بنظرة عاشقة وقبلها من أعلى رأسها وهو يقول:

-عايز ولادي يحسوا حنان امهم وانتي اللي تعوضيهم غيابي عنهم اللي فعلا غصب عني، لو كان ينفع اسيب شغلي وكل اللي ورايا وافضل معاكم مكنتش أتاخرت، بس مسؤليتي كبيرة وشيلتي تقيلة أوي.


دفنت رأسها بصدره وقالت بحب:

-ربنا يخليك لينا يا حبيبي، ممكن تجيب جاسر يبات معانا هنا هو كمان؟


غمز لها وأومأ متحركا للخارج وطرق الباب ففتحت المربية تنظر له برهبة؛ فأمرها فورا ودون مقدمات:

-هاتي جاسر يبات معانا في الجناح.


فعلت دون تعقيب أو ممطالة، فعاد بصغيره ووضعه بالمنتصف بجوار اخته الصغرى ما بينه وبين زو جته، واحكم عليهم الغطاء وسحبهم داخل حضـ ـنه وبدأ بتلاوة بعض اﻵيات الكريمة من سورة ياسين بتلاوة جميلة؛ حتى اغلقوا اعينهم واستمع لأصوات تنفسهم المنتظمة دليل على غطهم بنوم عميق.

❈-❈-❈


استيقظت على صوت طرقات عالية على باب منزلها فنظرت بجوارها لذلك النائم ودفعته بهدوء توقظه:

-ياسين، اصحى الباب بيخبط.


فتح عينه بخمول وتحرك من الفراش وهو يتمتم بضيق:

-أكيد مامتك يا ساندي مين هييجي الساعه 6 الصبح غيرها؟


زمت شفـ تيها للأمام بامتعاض ففتح هو ليتفاجئ برفيقه وزو ج اخته فرفع حاجبه لاعلى وسأله بخضة:

-مالك! في ايه؟


رد اﻵخر بغضب:

-يعني مش عارف في ايه؟


افسح له الطريق مشيراً للداخل هاتفاً:

-طيب اتفضل جوه نتكلم، مش هنتكلم على الباب.


تحركا للداخل فهم مالك بالحديث فورا:

-اختك بعتالي الرسالة دي وبعدها عملت بلوك، وولا حد من اهلك بيرد على تليفوناتي.


نظر للرسالة وفحواها فتعجب مما كتبته أخته فقد اتفقوا معها على الإنتظار قليلاً قبل أن تتخذ قرارها، ولكن من فحوى الرسالة يبدو أنها اتخذت قراراً نهائياً ولا رجعة فيه.


(بص يا مالك ومن غير مقدمات .. انا مش مرتاحه معاك من اول يوم جواز وانت عارف كويس ايه اللي حصل ومع ذلك اديت جوازنا فرصه عشان مبقاش فشلت من اول محاوله... وعديت حاجات كتير اوي وكان ممكن اعدي اكتر لو بس كنت شوفت في منك أمان لكن للأسف انت هتفضل كده، واهلك اللي عاملين لك غسيل مخ دول هيكونوا السبب اﻻساسي في خراب بيتك، وانا مش هخيرك بيني وبينهم لاني مبحبش ادخل في مقارنه خسرانه بالعكس انا هعفيك من أي حيرة وبقولك خلينا نخرج بالمعروف زي ما دخلنا بالمعروف، وربنا يرزقك بواحده تقدر تتحمل اسلوب الحياة اللي انت عايز تعيشني فيه لكن انا ... أنا مستحيل اقبل بده وأرجوك متضيعش وقت وتخليني اضطر ادخل اهلي ونفضل نماطل وفي اﻵخر النهاية هتكون هي هي)


ظل ياسين يقرأ وبعدها رفع وجهه ناحيته وسأله بحيرة:

-هل انت حاولت قبل الرساله دي تقعد معاها وتتفاهم في مشاكلكم؟


رد نافياً:

-لأ، ده لأن مفيش مجال للتفاهم مع واحده بتتهم أخويا بالتحرش يا.....


ارتفع حاجبه على الفور وقاطعه بحدة:

-تاني هتقولي بتتهم!


رد وهو صارا على اسنانه:

-آه اتهام ومش حقيقي، أختك عايزه تعمل اي مشكلة عشان اخرجها من بيت العيلة حتى لو بفضيحة، زي ما راحت قالت الكلام ده لفارس الفهد اللي عامل فيها كبير عيلة.


لم يجب؛ بل نظر له بدهشة وفهم على الفور سبب غضبه ففارس دائما ما يعلم بتلك الأمور الخفية كما حدث معه وقت زيجته وحمل زوجته قبل الزفاف بل اﻷكثر انه قام بتعجيل زفافهما حتى يخفي ذلك السر الذي لا يعلمه غيره هو وابنة عمه فقال موضحا:

-فارس الفهد بيعرف كل حاجه لأنه كبير العيلة وأنت عارف ده من اﻷول يا مالك متعملش نفسك متفاجئ، وبعدين انت سيبت الموضوع اﻷساسي ومسكت في الفرعي اللي ملوش اهمية، أخوك بيتحرش بمراتك و...


قاطعه صارخاً لدرجة افزعت ساندي والصغيرة قمر:

-أنت بتخرف تقول ايه؟ هترجع تقولي بيتحرش! ده هري فاضي عشان اشتري لها شقه بره.


لم يوافقه الرأي وقال بضيق:

-لأ طبعاً الكلام ده مش مظبوط، نرمين مش هايفه ولا دماغها صغيرة عشان تتهم اخوك اتهام خطير كده لمجرد انها تخليك تجيب لها شقه بره، انا عارف اختي كويس.


ابتلع ريقه بمراره وغضب صائحاً:

-لااااا الظاهر اني بضيع وقتي مع كل واحد بتكلم معاه في العيلة دي، عموما لو ده طلبها انا هنفذهولها، بس عرفها انها هتخسر كتير أوي بسبب كلامها ده.


اندفع للخارج وهو يتقد غضبا جحيمياً ووقف أمام سيارته متمتماً بتوعد:

-بقى كده؟ الظاهر مفيش غير كلام اخويا فعلا وهطلبك في بيت الطاعه يا نرمين ويبقى يوريني فارس الفهد ولا أي راجل من عيلتك هيعملك ايه!

❈-❈-❈


استيقظت ونتظرت رجلي البيت حتى غادرا ودلفت لجناح زوجة أخيها وجلست بجوارها على الفراش تداعب صغيريها مبتسمة بحب وقالت متسائلة:

-هتفضلي مطنشه موضوعك كتير؟


رمقتها بنظرة حادة وقالت بضيق:

-ياريت محدش يتدخل في حياتي زي ما انا سيباكم...


قاطعتها چنى تصرخ بها بعنف:

-ياسمين... فوقي وشوفي ولادك اللي محتاجينك.


زفرت بضيق واكملت:

-خلينا نفترض إن الحمل كمل مع إن ده شيئ مستبعد، وولدتيه سليم كمان، هل انتي ضامنه إنك تبقى كويسه بعدها؟ بلاش كده لو تعبتي زي وقت چاسمين مين ساعتها اللي هيراعي الولاد لحد ما تخفي؟ هتخلفيهم عشان تسبيهم للداده؟!


فكرت بحديث تلك الصغيرة التي ربما كبرت قبل أوانها فقالت بتهرب واضح:

-منا مش عارفه اخرج واكشف عند حد تاني عشان أتأكد.


زفرت باستسلام وقالت لها:

-خلاص أنا هحلها.


نظرت لها بحيرة فوضحت الأولى:

-هقول لمازن زي ما قولتلك يومها، عايزه اكشف بعيدا عن مستشفى الفهد.


تكلمت بتشاؤم وضيق:

-ما هو هيروح معاكي ومش هنعرف ناخد راحتنا.


ابتسمت وأومأت مؤكدة وموضحة:

-طبعا هيجي معانا، بس برده ممكن ساعة الكشف يطلع بره.


وافقتها فأمسكت هاتفها على الفور تتصل به فسألتها ياسمين:

-استني بس على طول كده؟


أجابت والهاتف على أذنها:

-ده احنا اتاخرنا كمان.


أجابها مازن الجالس بجوار أخيه الروحي برقة جعلت فارس يبتسم رغما عنه:

-حبيبي.


احمرت وجنتيها فورا واتسعت بسمتها فابتسمت ياسمين على منظرها الوديع واستمعت لها ترد بدلال:

-مااازن.


رد الطرف اﻵخر:

-حياة وعمر مازن، لحقت اوحشك؟


ضربه فارس بمرفقه ضربة آلمته وهو يوبخه:

-أخوها الكبير جنبك يا جحش.


تأوه فانتفضت خوفا، ولكنها استمعت لصوت فارس فضحكت رغما عنها ضحكة رقيعة جعلت عيني ياسمين تتسع بشكل لا يصدق وهي تقول:

-فارس الفهد تهذيب وإصلاح.


بادلها الضحك وسألها:

-اللهو والخفي.


ضحك عاليا وهو يجد فارس ينظر له بشرر يعلم تماما أنه يقصده بذلك اللقب فبادر فورا بتغيير الحديث حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه.

-روح قلبي انتي، متصله عايزه ايه؟


أجابته فورا:

-مش كنت قولتلك عايزه اكشف نسا بس مش في المستشفى.


همهم وتسائل:

-عايزه تروحي فين وامتى؟


أجابته وهي تنظر لياسمين للتأكيد:

-اي دكتورة بعيد عن مستشفى الفهد مش هتفرق، وانهارده لو تقدر لأن ال Vitamins بتاعتي خلصت فلو هتتغير يبقى انهارده افضل بدل ما اكررها من نفسي.


لم يجادلها فوافق فورا:

-خلاص يا روحي شوفي الدكتوره اللي تعجبك واحجزي عندها وانا هروح معاكي.


قالت بدلال وكأنها تستخدم ذلك السلاح حتى يفعل كل ما يؤمر به:

-طيب بلغ فارس اني عايزه ياسمين تيجي معايا.


صمت واستمع لها تفسر سبب طلبها:

-اصل هي بتعرف تتكلم مع الدكاتره وتسأل في حاجات كتير بكون مش فهماها.


ابتسم ونظر له يستأذنه:

-فارس... چوچو رايحه معايا للدكتورة وعايزة ياسمين معاها.


أومأ دون تعقيب فابلغها مازن موافقته واغلق معها بعد أن همس لها:

-بحبك يا اوزعة.





تابع قراءة الفصل