-->

رواية شد عصب سعاد محمد سلامة - الفصل الثاني والثلاثون

 


رواية شد عصب

 بقلم الكاتبة سعاد محمد سلامة 





الفصل الثاني والثلاثون

 « باكيه تتآلم »

رواية 

شدعصب 


بعد مرور يومين 

بالبحر الاحمر

فتح  جاويد عينيه بإنزعاج بسبب  صوت رنين الهاتف المُستمر،حاول نفض النوم عن عينيه وهو يجذب الهاتف كي ينظر الى هوية المُتصل الذى ربما يتوقعه،لكن خاب ظنه هذه المره،قام بالرد وهو يتثائب:

صباح النور يا بابا.


تسأل صلاح بإستفسار:

جاويد إنت فين بقالك يومين قولت عندك لقاء مع عميل خارج الأقصر وبقالك يومين مرجعتش وكل ما أسألك تتوه فى الرد.


رد جاويد ببساطه ومراوغه:

وهتوه فى الرد ليه يا بابا، أنا فعلًا كان عندى لقاء مع عميل وطلب إن إصطحبهُ فى جوله سياحيه فى مصر،وأنا وافقت كنوع من المُجامله له،وخلاص راجع بكره الأقصر.


تسأل صلاح:

والجوله السياحية دي فين؟. 


راوغ جاويد بالرد:

مش فى مكان مُعين،فى كذا مكان وخلاص يا بابا متقلقش أنا متابع الشُغل أول بأول،يعني مش بضيع وقت.


تنهد صلاح قائلًا:أنا مش بقول إنك بضيع وقت أنا بس عاوز أعرف إنت فين،وكمان فى كذا أمر هنا لازم يكون عندك بهم عِلم غير أمور الشُغل.


تسأل جاويد:

وأيه هى الأمور دي.


رد صلاح:

ناسي فرح زاهر بعد كام يوم،وكمان فى أمر تاني مينفعش نتكلم فيه عالموبايل.


تنهد جاويد قائلًا:

لاء إطمن مش ناسي ميعاد فرح زاهر وكمان سبق وقولتلك إنى بكره الضهر هكون الأقصر إن شاء الله.


تنهد صلاح وهو يشعر بضيق قائلًا:

تمام،ترجع بالسلامه.


أغلق جاويد الهاتف وألقاه جواره على الفراش وعاود وضع رأسه فوق الوساده وكاد ينعس مره أخرى لكن صدوح رنين هاتفه أيقظه بضجر جذب دثار الفراش ثم الهاتف ونظر له بتهكُم هى تأخرت اليوم بالإتصال،تبسم بسخريه على إصرارها رغم عدم رده عليها طوال الفتره الماضيه،ترك الهاتف على الفراش ونهض توجه الى تلك الشُرفه،وجذب الستائر قليلًا نظر من خلف زجاج الشُرفه الى ناحية الڤيلا الخاصه بوالد سلوان نظر نحو تلك الشُرفه الخاصه بـ سلوان هو رأها خِلثه أكثر من مره تفتح الشُرفه لابد أنها تمكُث بتلك الغرفه،للحظه تشوق لرؤيتها،بالفعل لم ينتظر كثيرًا،ها هي سلوان تفتح الشُرفه،ظل واقفًا للحظات ،يتابع وقوفها اليوم لوقت أكثر قبل أن تغيب عنه بداخل الغرفه،أغمض عينيه يحاول نفض شعور الشوق لديه.


بعد دقائق سمع صوت قرع جرس الڤيلا الماكث بها،ترك الغرفه وتوجه ناحية باب الڤيلا،

تصنم حين فتح الباب،ورأى سلوان تقف أمامه تبتسم،لكن نظرة عينيها تُشع غرور وتكبُر وهى تقول:

أنا راهنت إنك مش هتقدر تتحمل غيابِ وأهو أنا فوزت بالرهان وأنت جيت هنا علشانِ... 


قبل أن يستكمل حديث سلوان،نهض فزعً، تفاجئ أنه مازال بالفراش نظر نحو شُرفة الغرفه مازالت الستائر مُغلقه والغرفه شبه مُظلمه،فرك جبِينهُ يُزفر أنفاسهُ،تذكر  حديث والده  له على الهاتف قبل قليل يبدوا أن النُعاس قد سحبه على غفله،تنهد يشعر بضيق قُربهُ من سلوان أصبح يآتى بنتيجه عكس ما يُريد،لكن لابد لهذا الآمر من نهايه تستحقها سلوان . 

❈-❈-❈


بمنزل صلاح

بغرفة صلاح،أغلق الهاتف 

نظرت له يُسريه بيقين قائله:

جلبي متوكد راح عيند سلوان  بالبحر الأحمر.


زفر صلاح نفسه وجلس على الفراش يشعر بحِيره قائلًا:

وأنا كمان عيندي نفس الإحساس،وخايف جاويد يتهور،هاشم قالى اللى مش هيسمح أنه يمس بِته أذى حتى لو كان إصغير،.


تنهدت يُسريه بآسى وندم قائله:

دى بِته الوحيده مستحيل يتحمل عليها أذى،مش عارفه كان فين عقلها قبل ما تمشي من إهنه،صغرت جاويد،إنت شايف نظرات الشماته اللى فى عين صفيه لما شافته غير لمحت له كمان،إنه إستكبر عصي على مِسك بِتها وفضل عليها الغريبه اللى  إتجوز منها وفى الآخر هى مشيت وسابت الدار بدون إذنه .


زفر صلاح قائلًا بنفي:

بالعكس هاشم لمح لى إن سلوان عندها مشاعر لـ جاويد،وإنها إتصلت عليه مرات كتير وهو اللى مش بيرد عليها .


تنهدت يُسريه تشعر بندم وهى تتذكر فجر اليوم حين تقابلت مع واصيفه التى لامت عليها وقالت لها:

"أنا حذرتك بلاش يبجي جلبك آسي عالبنيه،البنيه قلبها نشف ومحتاج حِنيه،وإنتِ شديتي عليها بزياده،بس إطمني هي راجعه من حالها سكن قلبها إهنه". 


تنهدت يُسريه، تقول: 

العشج،طريجهُ واعر جوي على ولادي،حتى جواد قبل ما يسافر،قالى إدعيلي يا ماما لأحسن إيلاف دماغها ناشفه جوي.


تبسم صلاح قائلًا:

والله طلب مني أروح إمعاه بس جولت له إتصرف لوحدك،أنا هبجي شاهد كتب الكتاب.


تنهدت يسريه تشعر بالآسى على قلب ولديها الإثنين وقالت بدعاء: ربنا يهدي، ويصلح الحال. 


❈-❈-❈


بمنزل والد حسنى 

قرع جرس المنزل أكثر من مره  

تضايقت حسنى التى كانت تقوم بتنظيف المنزل،تُدندن بعض الأغانى الفلكلوريه الحزينه،كآنها تواسي حالها، توجهت نحو باب المنزل وقامت بفتحه،تفاجئت بإحدي أخاها أمامها يضع ضماد حول رأسه وساقهُ ملابسه مُدرجه بالدماء،إنخضت سأله بلهفه:

مالك أيه اللى چرالك إنت خبطك توكتوك فى راسك وإيدك كمان .


دفعها أخاها بيده السليمه من كتفها ودخل الى المنزل وجلس على مقعد بالردهه،يشعر بآلم بسيط،بسبب تآثير المخدر الموضعي يقول باكيًا: 

لاه ده زميلى فى المدرسه إتفق عليا هو وعيل صايع وضربوني،بس أنا مش هسيب حقى،بالك خليت الزائره الصحيه بتاع المدرسه حولتني عالمستشفى وأخدت كشف حكيم من الدكتور وكنت هعمل فيهم محضر،بس قالولى لازم ولي أمرك،وأنا عارف إن بابا عيان،بس أنا أتصرفت وجبت اللى حل محل ولي أمري .


نظرت له حسني بذهول قائله بلوم:

وإتصرفت إزاي بجي يا صايع عصرك،شوفت آخرة صياعتك،جولي مين اللى حل محل ولي أمرك.


نظر أخاها خلفها وقال: 

زاهر، أنا أتصلت عليه جالي المستشفى، وكمان هو اللى وصلني لإهنه، وطلعني من المستشفى على ضمانته كمان. 


لم تنتبه حسني لـ زاهر الذى دخل الى المنزل، بسبب تركها لباب المنزل مفتوح ودخلت خلف أخيها، بينما وضعت حسني يديها فوق رأسها بعويل قائله: 

كانت نجصاك إنت كمان عشان يبجي منظري جدامه إن أخويا صايع، و.... 


صمتت حسني عن بقية حديثها حين أصبح زاهر أمامها ونظر لها بإمتعاض قائلًا: 

إنت بدل ما تطمني على أخوكِ نازله فيه لوم وإتهام، هى دي الأخوه. 


شعرت حسني بالحرج من زاهر، الذى إنتبه للتو، أن حُسني تُشمر ثوبها عن ساقيها قليلًا كذالك تعقد وشاح صغير حول رأسها هنالك جزء كبير من شعرها مكشوف، شعر بعصبيه قائلًا: 

إنت قبل ما تفتحي الباب مش تنزلى هدومك على جسمك وكمان تستري شعرك،ولا هو شئ عادي عندك.


إرتبكت حسني وشعرت بالخجل وهى تجذب ثوبها يُغطي ساقيها ثم فردت وشاح رأسها فوق رأسها بالكامله قائله بتبرير:

أنا كنت بنضف الدار. 


تهكم زاهر وكاد يتهجم عليها لكن صدح هاتفه، أخرج الهاتف من جيبه نظر له ثم نظر لـ حسني بإشمئزاز، ثم نظر لـ أخاها قائلًا: 

حاول ترتاح إنت مش حاسس بالوجع عشان لسه تحت تأثير المخدر،العلاج أهو،همشى انا دلوك وهبقى أطمن عليك بالموبايل.


تبسم أخ حسني له قائلًا:

شكرًا لوقفتك جنبي.


تبسم له زاهر وهو يتجه الى باب الدار،لكن رمق حسني بنظرة إستقلال.


شعرت حسني بالدونيه،حاولت كبت دمعة عينيها،ونظرت لأخاها وجلست على أحد قائله له بإستهجان:

أنا ربنا بلاني فى حياتي بعيله تقصر الرقبه. 


سالت دمعة حسني غصبًا عنها، شعر أخاها بالآسى رغم ألمه نهض من مكانه وجلس على مسند المقعد الخاص بها ووضع يده السليمه على كتفها يقول: 

أنا غلطت يا حسني، حقك عليا، بس أنا مجاش فى دماغي غير زاهر لما الدكتور طلب ولي أمري،ومحطتش فى بالى إن ده هيضايقك.


سالت دموع حسني كأنها كانت تنظر لحظة البُكاء، ضمها أخاها وقبل رأسها قائلًا بندم: 

إنتِ أختي الكبيره، والله أنا بحبك أكتر من أخواتي التانين، عشان إنتِ قلبك طيب، وبتحني بسرعه، بس فيكِ عيب، إنت رغايه جوي. 


تهكمت حسني بضحكه موجعه قائله: 

انا كمان بحبك، وكمان بحب أخواتنا التانين، بس أنا مش رغايه إنت اللى صايع. 


تبسم أخاها قائلًا: 

تعرفي يا حسني قلبي حاسس إن ربنا بعت لك زاهر عشان عارف طيبة قلبك، هو كمان زيكِ قلبه طيب. 


تهكمت حسني بحسره فى قلبها، ماذا تبوح، أنه منذ عقد قرانهم أو حتى منذ بداية معرفتهم وتلك المرات القليله التى تقابلا بها حديثه معها يكاد يكون معدوم وحين يتحدث يوبخها، ولاتدري لما تتحمل ذالك ومُستمره بالإنحدار الى خطوة الزواج به،حدسها يُخبرها أن سوء الحظ والآسى سيظلان مُلازمان لحياتها. 


❈-❈-❈


بـ شبرا الخيمه 

منزل بسيط، كانت إيلاف تجلس بالمطبخ مع والداتها تتحدثان وهن يقومن بتجهيز الطعام حتى سمعوا صوت

قرع جرس الباب 

نظرت والدة إيلاف لها قائله : 

 قومي إنتِ إفتحي الباب، يا إيلاف، إنتِ شايفه إيدي مش فاضيه. 


نهضت إيلاف مُبتسمه، هروح أجيب الايسدال وأفتح. 

بسرعه إرتدت إيلاف إيسدال وعدلت وشاح راسها،وذهبت نحو باب الشقه فتحته وقفت مُتصنمه مكانها بذهول...بنفس اللحظه إستغربت والداتها عدم سماع صوت خرجت من المطبخ تُجفف يدها بمنشفه صغيره تنظر نحو باب الشقه إستغربت من وقوف إيلاف قائله:

مين اللى كان بيرن الجرس يا إيلاف.


فاقت إيلاف من تلك الصدمه وتجنبت قليلًا حتى ظهر،الذى نظر لـ إيلاف ثم لـ والداتها قائلًا:

أنا جواد...زميل إيلاف فى مستشفى الأقصر.


تبسمت له بود وترحيب قائله بعتاب لـ إيلاف:

سايبه زميلك واقف عالباب،مش تقولي له إتفضل.


إرتبكت إيلاف من الصدمه قائله:

حاضر يا ماما،إتفضل.


تبسم جواد وهو يخطي بداخل الشقه وأعطي تلك العلبه الصغيره لـ والداتها التى تبسمت له تُشير بيدها نحو إحدي الغرف.


دخل جواد وخلفه والداتها،بينما ظلت إيلاف بالخارج لدقائق،تضع يدها على قلبها تشعر بإضطراب فى ضربات قلبها،ظنت هذا بسبب مفاجأة جواد،حاولت الهدوء قليلًا ثم دخلت الى الغرفه،نظرت لها والداتها قائله:

مش تشوفى الضيف يشرب أيه،يقول علينا أيه،بُص يا إبني إحنا كنا بنحضر الغدا،أيه رأيك تتغدا معانا حاجه كده على قد ما قُسم.


تبسم جواد لها بود قائلًا:

مش أما تعرفي سبب زيارتي،مش يمكن بعدها ينضم لينا شخص كمان.


توترت إيلاف وتوقعت سبب زيارة جواد، هى ظنت إن الموضوع إنتهي ، لكن يبدوا أن جواد يأخذ الموضوع على محمل الجد 

تبسمت والدة إيلاف له سأله:

خير يا إبني. 


تبسم جواد قائلًا: 

خير، يا حجه، هدخل فى الموضوع مباشرةً، أنا من اول ما اتقابلت مع الدكتوره إيلاف فى الأقصر وبصراحه لفت نظري ليها إخلاصها وتعاملها البسيط مع المرضى المحتاجين، بس ده كمان أخلاقها فى التعامل، وبصراحه أكتر أنا جاي النهارده أطلب أيدها ويشرفني تكون شريكة حياتي. 


نهضت إيلاف بتسرُع قائله: 

بس أنا بعتبرك مش أكتر من زميل، ومتأسفه أنا مش موافقه. 


بس أنا موافق يا إيلي. 


كانت تلك جملة الذى دخل الى غرفة الضيوف. 


نهض جواد مُبتسمًا كذالك والداتها. 


بينما نظرت إيلاف له بذهول قائله: 

عم بليغ!. 


رد بليغ: 

لاء.. "حامد التقي". 


وقع نظر إيلاف على وجه والداتها بإستغراب من تلك البسمه الصافيه لـ بليغ،نظرت له بذهول قائله:

أكيد جواد جايبك معاه عشان تحاول تقنعني.


تبسم بليغ وتبدلت نظرته الى حنان وهو يقترب من إيلاف قائلًا:

جواد سبق وطلبك مني يا"إيلي" وأنا وافقت،لأنى متأكد إن عندك مشاعر لـ جواد.


إستغربت إيلاف بعدم إستوعاب قائله:.

إنت إزاي يا عم بليغ بتتكلم كده بلهجه عاديه،وكمان عرفت منين إسم "إيلي".


تفهم بليغ تأثير الصدمه على إيلاف قائلًا:

"إيلي" بنتِ الكبيره والرقيقه،أنا اللى أطلقت عليكِ الإسم ده من أول لحظه لمستك فيها بين إيديا،قولت " إنتِ هديه إيلي من ربنا".


ذهول،عقلها لا يُصدق،هى بالتأكيد تتوهم أو تحلُم،أغمضت إيلاف عينيها،وفتحتهم،رأت إقتراب بليغ من والداتها التى تنظر له مُبتسمه وهو يُقبل رأسها قائلًا:

وحشتيني يا حبيبتي.


تبسمت له والداتها كآنها تعرفه،كذالك جواد،بينما هى عقلها يشت جلست على إحدي المقاعد تشعر بتوهان،نظرت نحو جواد هو الآخر كآنه يعرف،تحدثت بلا إنتباه:

أنا أكيد فى حلم،مفيش ميت بيرجع للحياه من تاني، بس أنا فاكره الصوت ده كويس صوت بابا،أنا سمعته قبل ما يُغمي عليا فى المستشفى، إنت مين.!


توجه بليغ وجلس جوار إيلاف وسحب يدها،وضمها بين يديه، شعر ببرودتها وإرتجافها قائلًا:.

أنا "حامد التقي"يا إيلاف،

بليغ الإسم اللى هربت بيه عشان أفضل عايش بس بعيد عنكم عشان أخد معايا وصمة"اللص القاتل"

الوصمة اللى كنت برئ منها حتى يوم ما ربنا عطاني فرصه عشان أزيح الوصمه دي،الشخص اللى إتجني عليا بالكذب قابل ربه وهو شايل ذنب وصمه وصمها لغيره هو الوحيد اللى كان معاه دليل برائتي... فضلت أعيش ميت بعيد عنكم عشان وصمتي مع الوقت تنتهي. 


سالت دموع إيلاف تحاول الأستيعاب،قائله:

يعنى إنت مين

عم بليغ اللى قابلته فى الاقصر 

ولا حامد التقي اللى كنت بهرب من إسمه.


غص قلب بليغ بقوه وضم إيلاف قائلًا:

أنا الإتنين يا إيلاف 

عم بليغ اللى قلبك إرتاحله وبقي صديقك الوحيد اللى بتثقي فيه، كمان حامد التقى اللى كنتِ بتهربي من إسمه عشان خايفه حد يعرف قصته ويوصمك إنك بنت اللص القاتل

بس اللص القاتل كان برئ يا إيلاف ويمكن كان مُنتظر منك تدافعي عنه حتى لو بينك وبين نفسك، مكنش لازم تصدقي عليا التهمه دي لإنك حته مني، حتى لو كنت فعلًا، "لص قاتل". 


غص قلب إيلاف ونظرت له بعين مغشيه بالدموع قائله: 

عمري ما صدقت إن حامد التقي لص قاتل، بس كنت بخاف وبهرب من نظرات الناس اللى بتتهمني أنا كمان بنفس الوصمه.


ضمها بليغ وقبل رأسها قائلًا:

الهروب عمره ما كان حل يا إيلاف،مامتك لما قالتلى إنك إتخرجتي من كلية الطب،ونفسك يجيلك جواب التكليف فى أى مكان بعيد،أنا فكرت ليه متبقيش قريبه مني،فى البدايه جالك التكليف فى مستشفى فى أسيوط،بس أنا اللى طلبت من صلاح والد جواد يتوسط ويجيبك الأقصر،وفعلًا جيتي وإتقربت منك حتى مديرة دار المغتربات اللى إنتِ ساكنه فيها وصيتها عليكِ وكنت عارف تحكُماتها.


تفاجئت إيلاف ونظرت له بإستفهام:

يعني لقائتنا مكنتش صُدف.


تبسم لها بليغ قائلًا:.

مكنتش صُدف يا إيلي.


تسألت إيلاف:

إنت قولت لى"إيلي"يوم ما أغمي عليا،وفضلت جانبي لحد ما فوقت،دلوقتي أنا عرفت حقيقة مشاعري ناحيتك.


تبسم بليع وهو يُمسد على ظهر إيلاف بحنان قائلًا:

أيوه،بس مش أنا لوحدي اللى فضلنا جنبك لحد ما فوقتي،جواد كمان كان معايا،وحقيقة مشاعرك كانت" إحتياج أب وبنته" يا إيلاف.


نظرت إيلاف ناحية جواد لوهله شعرت بخزي، بينما تسألت:

جواد كان يعرف إنت مين؟.


تبسم بليغ قائلًا:

لاء معرفش غير يوم ما أغمي عليكِ،اللى كان يعرف هو صلاح بس هو اللى حفظ السر وساعدني أعيش حياه جديده بدون ما أعيش بلا هاويه،وكمان اقدر أصرف على بيتِ بناتي بعد ما كان مرتبي إتوقف بعد ما إتحكم عليا،تفتكري المعاش اللى مامتك كانت بتاخده من الحكومه،كان يقدر يتكفل بمصاريفكم،أنا كنت على تواصل مع ماما.


نظرت إيلاف ناحية والداتها وقالت:

أنا مره سألت ماما إزاي هى بدبر مصاريفنا،وقالتلى إن كان لك ميراث فى أرض جدي وهى باعته وعايشين من فوايده فى البنك.


تبسم بليغ قائلًا:

أنا اللى إتفقت معاها تقول كده،ميراثِ أنا كنت بعته وإشتريت حتة الأرض اللى أنشأت عليها البيت الصغير ده.


بلا وعي وبإشتياق وإحتياج الى أن تشعر بدفئ حضن الأب ضمت إيلاف نفسها لـ بليغ الذى إحتواها يُكمل جزءً من الأمان كان مفقود بقلبها،وعاد يمتلئ مكانه. 


❈-❈-❈


مساءً

بالبحر الأحمر

أثناء دخول هاشم من باب أحد المطاعم، شبه على أحد الخارجين من باب مجاور لنفس المطعم ، همس بإستغراب قائلًا: 

جاويد!


خرج مره أخري ونظر خارج المطعم،رأي جاويد من ظهره يفتح السياره لتدلف لداخلها إمرأه ثم رجل من ملامحهم يبدوان أجانب،لوهله كاد أن يُنادي عليه لكن جاويد سبق ودلف لسياره أخري سُرعان ما غادرت المكان.

إتصل على من كان ينتظره بداخل المطعم وإعتذر له عن اللقاء،وعاود الى الڤيلا،يشعر برهبه،لكن فتح هاتفه وقام بالإتصال وإنتظر حتى جاء الرد تسبق بالحديث:

ليه مقولتليش إن جاويد هنا فى البحر الأحمر يا صلاح. 


لم يستغرب صلاح وبرر ذالك: 

أنا مكنتش أعرف اللى أعرفه إن جاويد بيجامل عميل بجوله سياحيه فين معرفش، وإتفاجئت لما أنت سألتني دلوقتي. 


رد هاشم بتحذير:. 

مش هسمح لـ جاويد يأذى سلوان. 


تنهد صلاح قائلًا: 

معتقدش جاويد عنده إجرام ياهاشم وكفايه سلوان هى اللى غلطت فى حق جاويد من الأول، أنا ساكت وواخد موقف حيادي، لكن متأكد جاويد مش مجرم، وفى الاول وفى الأخر سلوان مراته ومن حقه يأدبها على غلطها فى حقهُ. 


تهكم هاشم قائلًا: 

قبل ما يقرب من سلوان لازم يواجهني أنا الاول. 


قال هاشم هذا وأغلق الهاتف... 

بعد قليل عاد الى الڤيلا 

صعد مباشرةً الى غرفة سلوان، تبسم حين رأها نائمه إقترب من الفراش وأيقظها، صحوت

بخمول سأله:

هى الساعه كام يا بابا.


رد هاشم:

بقينا المسا مش كفايه نوم،يلا قومي هنزل أطلب من دولت تحضر لينا العشا،وكمان نسهر سوا نسمع فيلم حلو من إختيارك.


تثائبت سلوان قائله بزهق:

ماليش مزاج،لأكل ولا لسهر وكمان زمان السخيف إيهاب جه زي كل ليله وانا بتحمله غصب عني،والليله ماليش مزاج حتى اشوف وشه ،إسهر إنت وهو مع طنط دولت...وسيبني أكمل نوم.


تنهد هاشم للحظه وكاد يُخبر سلوان أنه رأى جاويد هنا بالبحر الأحمر لكن تراجع عن ذالك خشية رد فعل سلوان...جذب يدها قائلًا:

تمام هسيبك تنامي،أنا كمان ماليش مزاج للسهر،بس هنزل أجيبلك كم سندوتش تاكليهم،وشك أصفر وكمان خاسه كل ده من النوم،بتنامي ومش بتاكلي.


أومأت سلوان له قائله:

صدقني يا بابا أنا مش جعانه ومحتاجه أنام،ولو صحيت ولقيت نفسي جعانه الاكل فى الڤيلا كتير.


إنحني هاشم وقبل رأس سلوان قائلًا:

تمام تصبحي على خير.


إبتسمت له سلوان وهو يغلق باب الغرفه،تنهدت تشعر بالآسى وهى تضجع على الفراش مره أخري تستسلم للنوم.  


..... ــ

بأسفل الڤيلا 

نهرت دولت إيهاب قائله بذم: 

غباوتك من قبل ما اتجوز من هاشم  قولت لك كتير حاول تميل عقل سلوان دى بت تافهه وسهل توقعها، بس إنت إستهرت بكلامِ،وأهو سافرت للـ الأقصر فى أقل من شهر إتجوزت،وزي ما توقعت إنها هتمِل منه بسرعه،معرفش أيه اللى حصل بينهم طفشت منه وجت على هنا وهو ولا عبرها وكل ما أسأل هاشم يتوه،زى ما يكون مفكر إني هشمت فى بنته،دى آخر فرصه ليكِ،عدم سؤال جوز سلوان فيها مالوش غير تبرير واحد إن خلاص كده جوازهم انتهى هى مسألة وقت،وطبعًا دى أحسن فتره إنت تنتهزها وتقرب من سلوان.


تهكم إيهاب قائلًا: 

معتقدش إن سلوان طفشت من جوزها عشان مَلت منه إنت مش شايفه ملامحها الواضح عليها الزعل غير إنزوئها لوحدها بأوضتها معظم الوقت، غير دى بترد عليا بالعافيه، وأنا اللى خسران سايب شُغلِ معظم الوقت وبحاول ابقى زي ما قولتي قريب منها، الله أنا خايف لا أترفد من شغلي وسلوان ترجع لجوزها، وفى الأخر أبقى زي اللى رقصوا عالسلم، وكفايه أنا دماغي لسه بتوجعني بسببها يوم ما ضربتني بالفازة على دماغي، بسببها خدت عشر غرز فى دماغي، سلوان تبان رقيقه وهاديه لكن وقت الشر بتقلب وتبقى مستقويه. 


❈-❈-❈


بـ حديقة منزل صلاح 

أثناء دخول زاهر الى المنزل 

رأي جلوس مِسك تحت تلك المظله،ذهب نحوها،ألقى المساء.


زفرت مِسك نفسها بسأم وردت عليه بكِبر:

مساء النور يا زاهر.


تسأل زاهر:

أيه اللى مقعدك دلوك فى الجنينه والجو لساه بيسقع بالليل.


ردت مِسك:

بالعكس الجو الليله دفا،وأنا كنت قاعده انا وحفصه وهى دخلت تجيب لينا شاي نشربه يدفينا،ونكمل حديتنا سوا.


تهكم زاهر قائلًا:

وكنتم هتتحدتوا فيه دلوك.


ردت مِسك بضجر:

مالكش دعوه بهنتحدت فى أيه؟.


تهكم زاهر قائلًا:

جاويد،مفيش فى دماغك غير جاويد،وقفتي حياتك كلها ومبتفكريش غير فيه.


كادت مِسك أن تتحدث لكن سبقها زاهر  

وتحدث بتحذير: 

فوجى يا مِسك من الوهم اللى عيشتك بيه عمتي صفيه، جاويد عمره ما هيكون من نصيبك، جاويد ببعشج سلوان، والأ ليه لحد دلوك مجتلهاش مع إن معاه تفويض بهدر دمها ومتوكد إنه هو خابر مكانها فين،ومش بعيد يكون هو اللى داسسها عشان محدش يوصلها ويجتلها. 


رمقته مِسك بذهول للحظات ثم قالت بتكذيب: 

مستحيل جاويد يسوي إكده،وهو خابر إن سلوان كيف الحربايه بتتلون، بعد ما أويناها بديارنا،زى ما تكون سحرت له ووجعته بِشَرَكها،غدرت بيه،وجاويد رچع لعَجله من تاني.


تهكم زاهر قائلاً:

جصدك جاويد فجد جلبه وعَجله،لو كان رايدك كان طلب يتجوزك من زمان جبل ظهور سلوان...ليكِ عليا حق النصيحه،جاويد عمره ما هيكون من نصيبك،لأنه مش شايف ست تانيه غير...سلوان،والوهم اللى إتزرع فى دماغك إنتِ الوحيده اللى هتدفعى تمنه لما تفوجي على حجيجه واحده...لما جاويد يرجع سلوان هنا تانى ويرفعها فوج رجاب عيلة الأشرف،وكمان جاويد مختفى بجاله كام يوم بمكن يكون حداها وترجع معاه لإهنه تاني .


نهضت مِسك بغضب قائله:

شاغل نفسك بيا ليه، فكر فى نفسك إنت خلاص مش هتتجوز كمان كام يوم... فكر فى عروستك، ولا ناوي تعيشها تعيسه، وتبجي كيف خالي صالح، داير وراء الغوازي. 


ألقت مِسك حديثها وغادرت المكان بينما زفر زاهر نفسه يشعر بغضب كآن تلك اللعنه ليس لها من طلسم. 


❈-❈-❈


قبل الفجر

بعِشة غوايش

دخل صالح يتمطوح بجسده، حين راته غوايش نهضت بغضب قائله:. 

أيه اللى جابك دلوك يا صالح. 


أخرج صالح سلسلة مفاتيح ومد يده بها لها قائلًا:. 

دى مفاتيح البوابه بتاع السور اللى حوالين أرض الجميزه، عملت كيف ما جولتليلى، والمفاتيح أهي. 


أخذت غوايش المفاتيح من يد صالح قائله: 

إكده زين، سيبني فتره إكده، وبلاش تعاود إهنه قبل ما أشيع لك. 


أومأ صالح رأسه قائلًا: 

أنا كنت محتاج مساعدتك، أنا ناويت أترشح لعضوية البرلمان. 


تهكمت غوايش قائله: 

خمورجي وعاوز تبقى عضو فى البرلمان، عالعموم براحتك. 


نظر لها صالح قائلًا: 

كنت محتاج مساعدتك. 


تهكمت غوايش قائله: 

عاوزني أعمل لأهل الدايره سِحر عشان ينتخبوك،جدامك أخوك صلاح وكمان واد أخوك جاويد،مش هتغلب وياهم بألاعيبك الجديمه.


نظر صالح لـ غوايش التى أومات رأسها وعينيها يفيض منهن الشر،والشرر.  


❈-❈-❈


بعد الفجر بقليل 

إستيقظت سلوان 

تشعر بجوع، نحت غطاء الفراش، وإرتدت مئزر ثقيل وذهبت الى مطبخ الڤيلا، تناولت بعض الطعام الذى سد رمقها،نظرت من خلف باب المطبخ الزجاجي الى الخارج،الشمس بالكاد بدأت تستطع،فكرت قليلًا أن تخرج وتسير على الشاطئ عل نسمة هواء البدريه تُزيح عن كاهلها ذالك الضجر والنوم الذى أصبح مُلازم لها...حسمت أمرها صعدت الى غرفتها بدلت ثيابها بأخري ثقيله،كذالك وضعت شال ثقيل على كتفيها وخرجت من الڤيلا تسير نحو الشاطئ القريب...لم تنتبه الى 

إيهاب الذى لسوء الحظ وبسبب تأخيره فى السهر مع دولت ظل بالڤيلا ورأي خروج سلوان فتتبعها


شعرت سلوان ببروده زمت طرفي الشال عليها وهى تسير بلا هدف فقط يسكُن خيالها جاويد بكل لحظه تتشوق له،

إنخضت حين سمعت صوت إيهاب من خلفها ينادي عليها،تجاهلت سماعه وأكملت سير،بينما قطع إيهاب المسافه جريً حتى أصبح جوارها،تبسم لها بلهاث قائلًا:

صباح الخير يا سلوان.


لم ترد سلوان وأكملت سير،بينما تغافل إيهاب عن تجاهلها له وتساخف وبدأ يسير جوار سلوان يتحدث لها وهى لا ترد عليه،أغاظه ذالك،وقف للحظه وجذب يد سلوان قائلًا بحِده:

بكلمك مش بتردي عليا،للدرجه دي،اللى إسمه جاويد سحب عقلك لو واحده غيرك تنهيه من حياتها،مش كفايه مسألش عنك طول الفتره اللى فاتت ولا كأنك مراته.


حاولت سلوان جذب يدها من يد إيهاب لكن إيهاب تمسك بيدها بقوه،إستهجنت سلوان وحاولت سحب يدها،قائله بعنف:

سيب إيدي،ومالكش دعوه بحياتي،أنا حره.


إستهجن إيهاب قائلًا:

حُره،سلوان...


لم يكمل إيهاب حديثه حين سمع صوت يقول بحِده وغضب مُفرط:

إبعد يدك،سيب يدها..


تبسمت سلوان وإنشرح قلبها قائله: 

جاويد!. 


بينما لم يتحدث جاويد فقط بل قام بلكم إيهاب بوجهه لكمه قويه،كاد يسقط أرضًا على إثرها،لكن كاد يرد اللكمه لـ جاويد ،لكن تفادها جاويد وأكمل لكم إيهاب لكمه خلف أخرى بغيظ ،حتى سقط إيهاب أرضًا،لم يكتفى جاويد بذالك بل أخرج سلاح من خلف خصره وصوبه نحو إيهاب،وقام بفتح صمام الآمان وكاد يُطلق الرصاص،لكن ذُهلت سلوان وبتلقائيه منها إحتضنت جاويد قائله بلهفه ونهي:

جاويد بلاش تلوث إيدك بدم الحقير ده.


للحظه هدأ جاويد،لكن سُرعان ما عاد لجموده وهو     

يشعر بإحتضان سلوان له كأن جمرة نار تحرق بجسده،حتى أنفاسها التى يشعر بها تضرب عُنقه مثل لهب حارق يحرق فؤادهُ ،أغمض عينيه للحظه فكر برفع يديه وضمها، لكن...

ذم ضعفه عاود الجمود يُسيطر عليه  حين عادت برأسها للخلف قليلًا تنظر له بعينين يفيض منهن  الإشتياق قائله: 

أنا بحبك يا جاويد، كنت متأكده إنك هتجي و.... 


تهكم من إعترافها،هل تظن أنه أحمق وسيُصدقها بعد إعترافه بعشقه لها  بتلك الليله،وفِرارها بعدها مباشرةً.. تسرع وقاطعها ببرود قائلًا: 

أنا هنا  مش جاي علشانك، أنا هنا  مع عميل روسي فى شُغل،  بلاش تتوهمي إنى هنا علشانك، إنتِ متفرقيش معايا، وإحمدي ربنا إنكِ متفرقيش معايا،وإلا كان هيبقى ليا تصرف تاني،وبعد هروبك نهاية عُمرك مش هتكفيني. 


كلمات ونبرة جاويد البارده  أثلجت صدر  سلوان التى تفاجئت  من تبدُل حال جاويد لهذا  القاسي البارد،لكن تغاضت وحاولت حضنه مره أخري مُتنازله عن كبريائها، وكادت تتحدث، 

لكن...  دفع جاويد جسدها  بعيدًا عنه بحِده وتركها تشعر بخساره ومهانه سار لبضع خطوات قبل أن يستدير ويعاود النظر لها بجحود 

بنفس اللحظه دوي صوت رصاصه على الشاطئ وسلوان تجثو أرضًا..." باكيه تتآلم ".


يتبع