رواية زو جة ولد الأبالسة هدى زايد - الفصل العاشر
رواية زو جة ولد الأبالسة
بقلم الكاتبة هدى زايد
الفصل العاشر
رواية
زو جة ولد الأبالسة
دا مقابل إيه إن شاء الله ؟
سألت خديجة سؤالها بنبرة تملؤها الفضول، بينما رد بشار بنبرة مرحة و هو يشرح لها كل شئ
- مقابل ميت چنيه لكل احترام ها تظهري جدام الناس و لما نطلعوا نتحاسب عليهم
- و افرض كلتهم عليا
- ابجي اعمل ما بادلك و أنتِ بتشتري زبون دايم مش مچرد واحد كِده و خلاص
رنت ضحكة خديجة ما إن ختم بشار حديثه كاد أن يقترب منها لكن سرعان ما صدح صوت صرخات هزت الجدران، هرع تجاه الباب قام بفتحه متسائلًا عن السبب، اتسعت عيناه ما إن وجد جبل يرتجف بشدة إثر كلمات التحصين التي يُلقيها عليه الجد سالم، هرع نحو بن أخيه متسائلًا بلهفة و قال:
- حُصُل إيه يا چدي؟! ماله چبل ما هو كان كيف الحصان دلوجه !!
لم يرد الجد سالم بل واصل ما بدأهُ، كان جبل في حالة يرثى له، حاول الجد السيطرة على الوضع لكن تدخل بشار و مساعدته أتت في الوقت المناسب بدأ جبل يسحق فكيه بقوةً شديدة، شاهدت خديجة ما يحدث و هي تضع كفها على فاها و الدموع تنهمر من مقلها، هل هذا ما كان يُعاني منه بشار في الصغر أم مر بأسوء من ذلك
تساؤلاتٍ عديدة كانت تدور في ذهنها، و لم تجد لها حلًا .
بعد مرور أكثر من ساعة و نصف تقريبًا
أراح بشار ظهره للوراء و هو يلتقط أنفاسه بصعوبة بالغة الأذكار و التحصين الذي ذكرهم مع الجد كانت حلًا مؤقتًا لذاك المسكين الذي وقع في ذات الفخ الذي وقع فيه عمه بل و أشد قسوة .
نظر لجده و قال بتوجس
- خير يا چدي بتبص لي كِده ليه ؟!
- مستني
- مستني إيه ؟!
- مستني أعرف رايد توصلوا أنت و چدك لـ فين يا بشار
رد بشار و قال بنبرة صادقة
- و الله العظيم يا چدي أني ما ليا أي علاقة بچدي حسان واصل و يشهد عليا ربنا
تابع بتساؤل قائلًا:
- عنروح بعيد ليه ؟ أني بعمل إيه دلوجه مش بصلي الفرض في وجته و قمان بشتغل وياك في الأرض و المزرعة ؟! جل لي بجى ليه لساتك بتشك فيا ؟!
رد الجد سالم بعد برهة من الصمت
- المسكين ديه وجع في الأذى
رد بشار متسائلًا بعدم فهم قائلًا:
- جصدك إيه يا چدي ؟
أجابه الجد بهدوء
- الواد ديه دخلت عليه لاجيته فاتح المندل و لما زعقت وياه و جلت أذكر الله زعق فيا و كان عيضروبني
اعتدل بشار في مكانه لـ يجلس بأريحية و قال بهدوء
- جصدك إنه؟!
أومأ له الجد علامة الإيجاب بينما سألت خديجة بعدم فهم من بين دموعها المنسابة على خديها و قالت :
- ماله جبل يا جدي ؟
رد الجد بنبرة متأثرة مما آل إليه ذاك الصغير بعد أن راقبه الجد جيدًا و علم خطواته متى يخرج و إلى أين !.
- كنت شاكك من الأول إنه مش طبيعي و اتوكدت من ديه عشية لما طلبت منيه ياچي يصلي ويانا
- و بعدين ؟
- اتچچ إنه بيلعب مع العيال و إنه هايچي بعدين
سيبته و فضلت مراجبه لحد ما سمعته بيتحدت مع واحدة رايدة تعرف مين سرجها جالها إنه هايفتح المندل فزيت فيه الولية هربت و هو فضل كيف الصنم بعدها عطيته ميه مجري عليها قران و أذكار شربها و فضلت يچيب اللي في بطنه عرفت دُغري إنه راكبه حاچة جلت لازم اتحركت والحجه
ابتسمت خديجة و قالت بإمتنان
- أنا مش عارفة اشكرك ازاي يا جدي حقيقي كان نفسي اقابلك من زمن يمكن تكون حياة بشار تكون احسن من كدا
رد الجد و قال
- كل شئ يا بتي بأوانه، الحمد لله إن چبل لساته صغير يمكن يتعب في الاول عشان يتعالچ لكن كفاية إنه ها يكبر و يربى في دنيا نضيفة غير اللي كان فيها
ردت خديجة بإبتسامة متكلفة
- عندك حق
❈-❈-❈
في شقة (وجيدة و خالد)
داخل المطبخ تحد يدًا كان يقف خالد يُنهي وجبة الغداء خاصته، ظل يتجول المكان ينظف هنا و هناك كما علمته زوجته عفوًا حذرته كان المهرج الذي يتجول في المكان و يصنع حركات بهلوانية ليجبرك على الضحك لكنه لا يريد أن يضحكك هو يصنع وجبته فقط وقفت على باب مطبخها تشاهدهُ في شماتة مما يحدث له، حاولت كبح إبتسامتها لكن باءت جميع محاولاتها بالفشل الذريع.
توقف خالد فجاة و قال بنبرة مغتاظة
- ضحكيني وياكِ عشان نفسي اضحك !
تنحنحت و قالت بجدية مصطنعة
- فين الضحك ديه ؟
رد خالد و قال:
- اللي اعرفه عنك ما بتحبش الكذب فـ ليه دلوجه بتكذبي ؟
ردت وجيدة و قالت بجدية
- ماشي عِندك حج، جل لي يا خالد أنت في كلية تچارة كيف اتعرفت على خليل و هو داكتور ؟
وقف خالد أمامها يطالعها بنظرة علمتها جيدًا تنحنحت ثم قالت بتلعثم
- ديه مچرد سؤال فضولي مش أكتر رايد تحكي ماشي مش رايد خلاص نجفل على الموضوع عادي
رد خالد بهدوء و هو يستدار بجسده كله تجاه الصحن ليسكبه ثم قال:
- خليل صاحبي من زمان أمي كانت رچليها اتـ كـسرت و ركبنا لها شرايح و مسامير و بعدها احتاچت لعلاچ طبيعي و خليل هو الداكتور اللي كان بيعمل لها العلاچ ديه
تابع بهدوء و هو يمدح فيه قائلًا:
- الشهادة لله هو راچل و چدع و عمر العيبة ما طلعت منيه و...
استدار ليُكمل حديثه لكنه توقف من تلقاء نفسه حين و جدها تردد بخفوت و الإبتسامة تزين ثغرها قائلة:
- فعلا خليل چدع جوي جوي
سألها بنبرة تملؤها الغيرة حين ذكرت اسمه و علامات السعادة ترتسم على وجهها
- في حاچة يا وچيدة ؟!
أجابته بتلعثم و هي تلج المطبخ و قالت
- مافيش حاچة ها يكون في إيه يعني أني چاية بس اعمل وكل ليّ عِندك مانع ؟!
تابعها و هي تتحرك بتوتر ملحوظ، على ما يبدو أن الأمر تطور مع زوجته أم هو الذي ينظر للأمر من زاوية أخرى لا يعرف غادر المطبخ تاركًا إياها تعد الطعام بهدوء، زفرت ما برئتيها و هي تتنفس الصعداء حمد لله على أنه لا يلاحظ اهتمامها الزائدة بالدكتور خليل
صدح رنين هاتفها معلنًا عن رسالة نصية هرولت بخطواتها المتلعثمة و جذبت الها تف
من فوق سطح المنضدة الزجاجي، فتحتها و قرأتها بأعين مليئة بالسعادة و لأول مرة يرأها
في هذه الحالة، قطم قطعة من الشطيرة بغيظٍ مكتوم جلست على المقعد و بدأت تكتب ردًا لرسالة خليل، كان خالد يحدثها لكنها لم تنتبه له كرر حديثه للمرة الثالثة أو الرابعة و لم تعيرهُ أي اهتمام وقف عن المقعد بغضبٍ شديد علها تنتبه له و لكن لا حياة لمن تنادي
نظرت جنبًا و قالت قبل أن تكتشف ذهابه منذ فترة ليست بالطويلة
- خير يا خالـ...
نظرت لطعامه و جدته كما هو، تحاملت على نفسها ثم اتجهت نحو غرفته، طرقتها بهدوء ولجت بعد أن أذن لها تنحنحت و قالت بتساؤل:
- مشبت كِده من غير ما تجول إنك ماشي أنت كنت بتتحدد وياي ؟
رد بنبرة مقتضبة
- لا
- طب أني كنت حابة اروح لـ حُسنة چات من شرم الشيخ عشية و زين كان عازمنا
- دريت و مليش مزاچ اروح
- على كيفك أروح أني
- كِده لحالك طب خُدي أذن رچل الكرسي اللي في البيت
ردت وجيدة بنبرة جادة تذكره فيها بما حدث من قبل
- أني فاكرة إن أني جلت لك جبل كِده إني أخرچ وجت ما أحب و أدخل وجت ما أحب
هدر خالد بصوته الجهوري و هو يضرب بكفه على الجدار قائلًا:
- ديه لما تكوني متچوزة واحدة صاحبتك مش متچوزة راچل و شايلة اسمه، جلت ما فيش خروچ يبجى ما فيش زفت خروچ
التزمت الصمت ما تصاعد الأمر بينهما لصراخ و حدة في الحديث، غادرت المكان دون أن ترد على أوامره بكلمة واحدة، كان يظن أنها ستتناقش في الأمر كسابق عهدها معه لكن التزامها الصمت جعله يهدأ تمامًا.
بعد مرور أكثر من ساعة
وقف أمام غرفتها طرقها ثم ولج بعد أن أذنت له تنحنح و هو يقول:
- جومي غيري خلجاتك عشان هنتأخروا على العشا
نظرت له و لم ترد سمح لنفسه بالدخول دون أن تأذن هي جلس على حافة الفراش بعد أن مال بجذعه ليطبع قُبلة خفيفة فوق رأسه و قال بنبرة مرحة
- حاطة زيت تموين في شعرك و لا إيه ؟!
ابتسمت إبتسامة شديدة التكلف و لم ترد على مزحته داعب خدها و قال:
- فكِ التكشيرة ديه بجى
اعتذر لي الاول و جول حجك عليّ
أردفت وجيدة جملتها دون سابق إنذار، نظرت له وجدت تقلص عضلات وجهه تخبره بعدم رغبته في ذلك، لم تكترث لهذا الوجه العابث و كررت جملتها قائلة :
- اعنذر لي كيف ما بعتذر لك لما اغلط و ديه ما هعيبكش و اصل دي هايرفعك في نظري أكتر و أكتر
رد خالد و قال بمشاكسة
- جلت خلاص متزهادش عليّ بچلعك ديه و أني قمان ها تچلع عليكِ كيف ما بتعملي
- مستكبر تجول حجك عليّ ؟!
- لا
- طب جولها
- و بعد كِده تستغلي ضدي
- أنت خابر زين إن ديه لا يمكن يُحصُل واصل أني رايدة لما حد فينا يغلط يعتذر ديه لا عيب و لا حرام
وضع خالد راحة يده على مؤخرة رأسها ثم قرب جبهتها و لثمها برفق، و هو يقول:
- حجك عليّ متزعليش مني يا ست البنات زين كِده ؟!
ردت بإبتسامة إنتصار قائلة:
- ايوة زين
تابعت بعتذار هي الأخرى
- و أنت كقمان حجك عليّ عشان ضايجتك و مردتش عليك لما سألتني
طالعها بنظراتٍ ناعمة لم تفهم مغزاها، أو تعمدت تجاهلها اقترب خالد شيئًا فشيئًا، كانت تشعر بأنفاسه تنعكس على وجهها، حاولت أن تبتعد عنه لكنه منعها من ذلك بطريقته أقتربه منها لم تكن أولى محاولاته على ما يبدو أنه بدأ يتولد بينهما تلك المشاعرة العاطفية التي تأتي بعد الزواج كما قالت له والدته، لثم جانب
ثغرها بهدوءٍ شديد، تبعها شفتاها بالكاد تشعر بهذه القبلات فرغ فاه لتتحدث لكنه لم يمهلها هذه الفرصة بل قام بإستغلالها على أكمل وجه
دار بداخل عقلها الكثير من التساؤلات هل توافق على إتمام هذا الزواج أم تنفصل عنه و قبل أن تجد إجابة هذه التساؤلات وجدت نفسها تبادله قبلاته و كأنها كانت في إنتظاره منذ البداية، صدح رنين الهاتف لكنها لم تستطع الرد بسبب يد خالد التي منعتها ثم قام بالقائه أرضًا عندما علما أن المتصل خليل البيومي إذًا هو يغار عليها كما فهمت، توقف لحاجتهما للهواء نظرت له و قالت من بين أنفاسها المسموعة
- ليه كسرت التليفون ديه غالي
رد عليها و هو يمرر بإبهامه على شفتاها و قال:
- أني عندك أغلى صُح يا وچيدة ؟
نظرت له و قالت بنبرة تملؤها العتاب و اللوم
- كيف مچلس الإدارة كِده ما هو أغلى عنيدك اللي كلها كام يوم و تستلمه صُح ؟!
ابتسم بجانب ثغره و فجر قنبلته الموقوتة قائلًا:
- أني اتنازلت عنيه من عشرين يوم لزين
نظرت له و تسألت بدهشة
- بتجول إيه ؟
أجابها بهدوء
- عبحبك يا وچيدة
خالـ....
كفى ثرثرة حتى الآن لم يعد لديه قدرة على التحمل منذ البداية و هو يشعر تجاهها بإرتياح ثم تحول لاعجاب و منه إلى حب، كان عليه أن يتأقلم مع تلك الساق المبتورة حاول مرارًا
و تكرارًا حتى نجح في هذه الخطوة و قبل أن يعترف دخل في حياته صديقه خليل البيومي
دخل دون قصد لكن وجوده أكثر من اللازم غير مرحب به في حياة خالد و على خالد أن يخبر زوجته بما يجيش في صدره و عليها بدورها أن تختار الأصلح لحياتهما سويًا .
لقد صدقت والدته حين قالت
لولا التفاهم لتدمرت العلاقات، و عليك يا ولدي أن تخبر شريكك بأنك تريد أن تنعم بسلام معه فهذه أبسط امنياتك.
❈-❈-❈
في غرفة حُسنة و زين
مازالت تمكوث مع والدته في نفس المكان لن تخرج بهذه البساطة، وقفت أمام النافذة تشاهدة الطريق، نظرت لساعة معصمها و جدتها العاشرة و النصف مساءً مازالت أختها لم ترد على هاتفها حتى زين لم يهدأ في اتصالاته التي تأمره بها زوجته، عادت إليه و قالت:
- كلم اخوك خالد تاني اتأخروا جوي
نظر زين في ساعة معصمه و قال:
- حُسنة معتقدت إنهم هايجوا أساسًا الساعة قربت على حدادشر
جلست حذائه و قالت بعصبية:
- يبجى جوم البس و نروح احنا
- ازاي بس يا حُسنة نروح من غير معاد
- ديه بيت اخوك و خيتي معاد إيه اللي بتتحدد عنيه ؟!!
وضع زين الجريدة جنبًا و قال بهدوء
- يا حُسنة الذوق و الاتيكيت بيقول كدا
ردت بنبرة ساخرة و هي تحاول تقليده
-الاتيكيت بيجول كِده بجل لك إيه أني اللي اعرفه لما أحب اروح مقان اروحه غير كِده لا
رد زين بنفاذ صبر متسائلًا:
- و افرض بقى طلعوا نايمين و لا خرجوا نكسف نفسنا عشان حضرتك بتحبي تروحي المكان من غير أذن ؟!
ردت بعصبية متسائلة:
- أنت عاوز إيه أنت دلوجه ؟!
عاد يقرأ الجريدة من جديد و قال:
-مش عاوز حاجة اعملي اللي يعجبك
نظرت له بضيق و هي تتنفس بغضبٍ مكتوم
وضع من جديد الجريدة جنبًا ثم قال بتساؤل:
- عاوزة إيه بس متزعليش نفسك كدا
ردت بضيق و هي تضع يدها أسفل خدها
- عاوزة اخرچ اشم هوا
ابتسم لها و قال بهدوء
- و هو عاوزة يخرج يشم هوا يروح لخالد اخويا بردو؟
- اعمل إيه يعني أني اعرف حاچة غير هم و جلت لا ؟!
-طب قومي البس و نتفسح في أي مكان
- چد يا زين ؟ بتتحدد چد و الله ؟
- اه و الله فيها إيه يعني قومي يلا
تابع برجاء
- بس معلش منتأخرش عشان عندي شغل الصبح بدري و محتاج انام بدري
ردت حُسنة قائلة بإحباط
- لا و على إيه بلاها منها الخروچة ديه و اصل
- ليه بس أنا بقل لك نخرج و نقضي ساعة برا و نرجع بدري أنا مش ممانع
- لا أصلها ملهاش لازمة الساعة ديه الوجت اتاخر أساسًا
رد زين و قال بإبتسامة واسعة
- خلاص يا ستي متزعليش نفسك بكرا هحاول ارجع بدري و نخرج نقضي السهرة برا
تابع بنبرة تغلفها الحزن
- و دي تبقى هدية الطلاق ما هو خلاص فاضل عليه عشر أيام بس، و تبقي حرة
ترددت الإبتسامة على شفتاها و هي تعود بجسدها للخلف، ساد الصمت بينهما حتى قررت أن تنسحب من المكان متجهة نحو الشرفة تتابع الطريق .
في مساء اليوم التالي
كان زين يحاول الاتصال بـ حُسنة لكنها لم تجيب حاول أكثر من مرة حتى قامت بالرد عليه رد بلهفة قائلًا:
- فينك يا حُسنة قلقاتيني عليكِ، طب قربتي تخلصي و لا لسه قدامك كتير ؟ تمام مافيش مشكلة الساعة بتاعتك دي انا بقيت حافظاها عمومًا أنا فاضل أقل من عشر دقايق و اكون عندك مع السلامة .
انهى مكالمته و هو يتابع في المرآة السيارة التي تراقبه لاحظ خروجها منذ أن خرج من الشركة و حتى هذه اللحظة، توقف فجاة بعد قـ طع عليه مجموعة من الرجال الملثمين حاولوا جذبه من السيارة عنوة، تشاجر معهم و لكنهم كانوا أكثر عددًا و قوة، بدأ الرجال في تهشيم عظامه مما جعله يسقط أرضًا و هو يتأواه إثر الضربات العنيفة التي تلقاها منهم
وقف شداد كبير هذه المجموعة و قال:
- الداكتور عُمر بيجول لك المرة ديه چات سليمة المرة الچاية بموتك و بيجولك خلي بالك لأن كلتها عشر ايام و يرچع اللي خدته منيه .
غادر شداد تاركًا زين يسعُل بشدة و هو يزحف على بطنه ليصل إلى هاتفه عله يجد من ينجده و قبل أن يصل إليه فقد الوعي.
❈-❈-❈
بعد مرور ثلاثة ساعات كاملة
خرج الطبيب من غرفة العمليات، وقفت حُسنة أمامه بلهفة من بين دموعها
-خير يا داكتور ؟
-خير إن شاء الله. متقلقوش الحمد لله اطمنا إن مافيش نزيف داخلي و لا أي إصابات خطيرة كل الحكاية شوية كدمات في أماكن متفرقة في الجسم و كسر في الرجل و الايد
ردت والدته من بين دموعه و قالت:
- اقدر اشوف ابني إمتى يا دكتور ؟
- ساعتين بس و تقدروا تشوفوا و ياريت بلاش كلام كتير
- حاضر
أتت وجيدة برفقة خالد الذي و لأول مرة ترَ زوجة أبيه لهفته على أخيه بهذا الشكل، وقفت أمامه و قالت من بين دموعها
- ابني بيروح مني يا خالد زين اخوك بيروح مني و السبب حُسنة ابوس ايدك خليها تبعد عنه هي و عُمر
رد خالد بإبتسامة مترددة و قال
- اهدي يا أم زين إن شاء الله خير، كيفه هو دلوجه ؟
على الجهة الأخرى من نفس المكان كانت حُسنة تشكو حالها لاختها و قالت:
- شايفة بتجول إيه الحيزبونة ديه ؟
- اعذريها يا حُسنة ولدها و جلبها و محروج عليه برضك
ردت حُسنة و قالت بنبرة مغتاظة
- و هو مش چوزي إياك ؟
تابعت بعناد قائلة:
- طب بالعند فيها مش ها تطلج دلوجه و هاجعد على جلبها لحد ما تموت بغيظها توريني بجى ها تعمل إيه ؟!
ردت وجيدة بإبتسامة واسعة قائلة:
- الظاهر إن زين أمه داعية له في ليلة القدر و الظاهر قمان إن ربنا بيحبه جوي
- اتمألسي عليّ ياختي زين و الله لأعرفها إن الله حج تصبر عليّ بت الحسب و النسب ديه
بعد مرور ساعتين
استفاق زين من نومه و هو يشعر بالالم تعصف برأسه، جسده كله مغطى بالضماض الأبيض و الكدمات أسفل عيناه و بعض الأماكن المتفرقة من الجسم، نظر لـ حُسنة و قال بخفوت لكنها استطاعت تفسير ما قاله
- مش هاسيبه
مالت بجذعها و قالت بهدوء و هي ترتب له خصلات شعره الطويلة
- مين ديه ؟!
- عُمر
سألته بدهشة قائلة
- هو اللي عمل فيك كِده
أجابها بإيماءة علامة الإيجاب نظرت له و قالت بعتذار
- معلش يا زين و الله لاخد لك حجك منيه صبرك بس عليا
- ششش أنا لسه ايدي ما اتقطعتش عشان واحدة ست تاخد لي حقي
- طب اهدأ دلوجه و بعدين نتحدوتوا فب الموضوع ديه الداكتور جال الحديت هايتعبك
ارخى جفنيه محاولًا أن قسطًا من الراحة ليتأهل لما هو قادم، أما هي قررت أن تذهب إلى ذاك العمر لتوقفه عند حده، كان في انتظارها ابتسم ما إن ولجت و الغضب و الشر يتطاير من عيناها، وقف و قبل أن يتحدث قامت بصفعه صفعة مدوية، تحسس مكان صفعتها و قال
- لدرچة ديه أني زعلتك ؟ كنت فاكر إن لما اخلصك منيه ها تفرحي عشان هنرچع لبعض تاني
ردت بإبتسامة حاولت فيها قدر المستطاع إستفزازه و في الحقيقة هي لم تفشل نهاىيًا في استفزازه دائمًا
- أنا بقيت لزين خلاص بقيت مراتي شرعًا و قانونا رضيت و لا عنك ما رضيت أنا شايلة اسمه كنت فاكرة إن حبك ليا هايخليك تبقى سعيد لسعادتي
هدر عُمر و قال بصراخ
- ادبتي في عجلك و لا ايه؟؟ افرح إن راچل لمسك خد حاچة كانت حجي في يوم من الايام حاچة حرمت نفسي منيها في الحرام عشان تبجى حلالي و لما جرب الوجت بجت لغيري ؟
ردت حُسنة بهدوء حد الاستفزاز
- انساني يا عُمر انساني عشان مافيش بديل تاني أنا مش ليك و لو حتي زين طلجني أني مش ليك يا عُمر في الاول كنت صعبان عليّ دلوجه أني دلوجه جرفانة منيك و نفسي اجتلك بس يا خسارة هادخل السچن في حاچة متستاهلش
سألها عُمر بهدوء قائلا
- خلاص خلصتي حديتك الماصخ ديه و لا لسه في حاچة في جلبك ؟
طالعته بنظرات ساخطة بينما هو تجاهل هذه النظرات و قال
- اسمعي بجى يا حلوة أنتِ ليّ سوى كان برضاكِ أو غصب عنيكِ و أني مابتنازلش عن حاچة تخصني غير بمزاچي و أني لسه مزاچي فيكِ يعني تجدري تجولي كِده أني و أنتِ كيف الجط و الفار روحي لچوزك دلوجه وصدجيني لو حاولتي تستفزيني تاني هاتبجى بموته هو و على يدك
ابتسمت له و قالت بعناد
- و أنا هافضل في ضهره لآخر العمر و هو حبيبي و وسندي و ضهري و لوفكرت تقرب منه يا عمر يبقى بموتك
هدر عُمر بصوته الجهوري قائلًا
- حسنــــــة بكفاية لحد كِده !!
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين كاملين
التزم فيهم زين الصمت و لم يتحدث بكلمة واحدة بعد خروجه من المشفى و استكمال علاجه في البيت، حاولت حسنة أن تتأسف لكن لا يفيد ما تفعله لم يعد يحدثها كما كان يفعل اليوم تحديد أصعب يوم مر عليها معه
كان اليوم هو موعد فك الضماض من يده و ساقه تمر الدقائق و كأنها دهر على زين، على ما يبدو أن الطيب يتفق مع ذاك العُمر، كانت حُسنة واقفة حذاء والدته تشاهد ما يفعله الطبيب بزوجها، و أنتهى أخيرًا من فك آخر جزء من الضماض الاسمنتي ذو اللون الأبيض، وثب زين عن المقعد غير مباليًا بتعليمات الطبيب الذي لم يُكمل تحذيراته بعد، هرولت حُسنة محاولة إيقاف زوجها لكنه لم يبالِ لهذا التوسل، قفز بين سلالم الدرج بسرعة فائقة عبر البوابة الداخلية و منها حيث سيارته استقلها ثم أمر الحارس بأن يفتح له لكنه لم يمتثل لأوامره بعد أن حذرته والدة زين
ضغط على المكابح بقوة شديدة ثم اندفع تجاه البوابة لـ يصدر عنهذه الدفعة كـ سـ ـرها.
استقلت حُسنة السيارة الجديدة التي ابتاعها لها زين و طلبت من السائق الذي عينه لها قائلة:
- خليك وراه يا عم چمال يمكن نلحجوا
- حاضر يا بتي ربنا يستر زين و أني عارفه ما هيسكتش واصل غير لما ياخد حجه
كانت تحاول الاتصال بهِ لكنه لا يرد على جميع الاتصالات سوى إن كانت منها أو من والدته، حتى
والده لم يرد عليه، تأزم الوضع كثر من ذي قبل
بعد مرور وقت قصير استطاع سائق حُسنة أن يسير على نفس الطريق الذي يسير فيه زين
نظرت له عبر النافذة و هتفت بصراخ عله يتوقف لكنه لم ينظر لـ شئ سوى صورة عُمر الذي سخر منه و فعل به ما فعله .
وصل أخيرًا إلى المزرعة التي يجلس فيها الجد حسان و أحفاده، دفع الباب بقدمه و هو يهدر بصوته الجهوري حتى برزت عروقه قائلًا:
- عمــــــر يا دهشــــوري
ابتسم عُمر لسقوط زين في الفخ الذي نصبه له من البداية تنهد و هو يصطنع الجدية قائلًا بتساؤل :
- خير من ينادم عليّ كِده ؟!
نظر الجد بذات الإبتسامة الخبيثة و قال:
- تفتكر إنه يا عُمر ؟!
كاد أن يرد عليه لكن دخول زين المفاجئ بعد أن تهجم عليه و قبل أن يقف عُمر من خلف مكتبه قام بلكمه في وجهه أكثر من مرة، لم يمهله الوقت ليرد أو يتسأل عن السبب بل جذبه زين من ياقة قميصه ثم قام بسحبه خلفه كالبهائم، القى
بجـ سده وسط المزرعة ثم بدأ بركله في بطنه جلس على بطنه بعد ذلك و قام بلكمه عدة لكمات
وقف بشار يشاهد ما يحدث في ساحة الحر ب الذي صنعها زين كاد أن يفض النزاع لكن عكاز الجد منعه و هو يقول بإبتسامة واسعة
- سيبه عُمر اللي بدأ و عُمر اللي لازم يحط على ولد القصاص احنا محدش يحط علينا واصل
- يا چدي ولدنا اللي غلطان عيب اللي عِمله كِده
- و لدنا يغلط كيف ما يحب و احنا نداري على غلطه جصاد الناس لكن بينتنا ندي فوج دماغه
مد زين يده في جانبه ليخرج سلاحه الناري و قال بنبرته الواثقة من بين أنفاسه المسموعة
- الراجل بيتعرف من افعاله و الراجل اللي بجد بيعمل ما بيقلش و لا يأجر رجالة ياخدوا حقه
وقفت حُسنة أمام زين و قالت بتوسل من بين دموعها
- ابوس ايدك يا زين و الله ما يستاهل تتضيع نفسك عشانه، سيبه عشان خاطري
زحها جنبًاو تابع حديثه قائلا:
- اتفرجي على حبيب القلب و هو بيموت قصاد عينك
قام زين بإطلاق الرصاصة لتستقر داخل صدر عُمر الذي لم يتوقع كل هذا من البداية تحامل على نفسه متكًأ على جذعه بعد أن قام بجذب السكين الصغير قام بتوجيهها نحو زين استقر في ظهره ابتسم عُمر قبل أن يغمض عيناه و قال بخفوت
- أني ارچل من عيلتك كلتها يا ز يـ...
يتبع..