رواية جديدة مواسم الفرح (ست الحسن) لأمل نصر الفصل 3
رواية مواسم الفرح (ست الحسن)
بقلم الكاتبة أمل نصر
الفصل الثالث
قراءة رواية مواسم الفرح
من روايات وقصص الكاتبة أمل نصر
(ست الحسن)
على
تختها كانت جالسة بملابسها التي لم تقم بتبديلها حتى الاَن بوجه واجم، تتطلع على
الأشياء الذهبية التي زينب أصابها ورسغ يدها بشرود، ينقصها هذه الفرحة التي تسمع
عنها او راتها قبل ذلك على وجوه عرائس حضرت لياليهم سابقا من الأقارب أو الجيران،
تتسائل بداخلها لما هذا التبلد الذي ينتابها ويمنع عنها الإحساس الجميل؟ تنهدت
بقنوط فهذه الحيرة تتملكها منذ هذا اليوم الذي فاجأها به عاصم بهجومه المباغت لها،
ليته تركها على حالها الأول فقد كانت هانئة البال ولا يشغلها شئ، أما الآن فهي لا
تعلم ما الذي أصابها؟
-لسة برضوا ما مجومتيش من مكانك ولا غيرتي هدومك؟
هتف
بها نهال تقطع عنها شرودها وهي تلج إلى الغرفة وقد بدلت لبيجامة بيتيه مريحة، فردت
بدور بإجفال:
-إيه دا يا نهال خلعتيني؟ هو انتي عايزة مني حاجة؟
رمقتها
المذكورة بنظرة ممتعضة لتقول وهي تجلس على تختها المجاور وتتناول هاتفها:
-سلامتك يا حبيبتي من الخضة، انا بس مستغربة حالتك، اصلك قاعدة من
ساعة ما جينا وعلى نفس القعدة ع السرير ما تحركتي، مش ناوية تغيري طب عشان تنامي؟
تدراكت
بدور بوضعها لتقول وهي تلملم فستانها وتحاول النهوض:
-حاضر حاضر، قايمة اها.
قالتها
وتحركت خطوتين تجر بأذيال هذا الفستان الثقيل، ثم التفت سائلة شقيقتها:
- نهال هو ليه عاصم مجاش يباركلى زى حربى ولا الدكتور مدحت ؟!
رفعت
رأسها نهال عن مطالعة الهاتف لتجيبها تهز رأسها بنفي:
-لا عاصم النهاردة مشفتوش خالص، دا باينه مجاش اساساً، وانتي
بتسألي ليه؟
ردت
بدور تقول بارتباك لا تعلم سببه:
- لامفيش يعني، بس انا بسأل عشان شوفتوا بعيني وحتى كان واجف على
اَخر القاعة، فضل متنحلي وبعدها مشي واختفى،
- مشي على طول واختفى!
رددتها
نهال بدهشة وهي تفكر، ثم ما لبثت ان تنفض رأسها وهي تردف:
- ع العموم كدة احسن، محدش عارف، يمكن لو كان جعد كان عمل خناقة
ولا حاجة، دا طبعه حامي ومش مضمون..
أومأت
بدور برأسها صامتة، حتى اجفلتها شقيقتها بقولها الحازم:
- ما خلاص يا بنتي اتحركي بجى عشان تغيري اللي لابساه ده، وخلينا
ننام الوقت اتأخر.
تحركت
بدور على قولها، ما ان اقتربت من الباب حتى توقفت على قول نهال التي استلقت لتشد
الغطاء عليها:
- بدور ، يا ريت والنبي تلحجي تغيري بسرعة ومتنسيش تطفى النور،
الله يخليكى مش عايزه اروح لجدى الضهر بكرة، ماشى
- ماشى.
قالتها
بدور لتفعل ما طلبته منها شقيقتها، فهي الأخرى تريد ان تريح جسدها المرهق بالنوم،
وعقلها أيضًا
❈-❈-❈
في
اليوم التالي
تجمعت
العائلة بمعظم افرادها، في منزل الحاج ياسين، بناءًا على قرار اتخذه الرجل منذ
سنوات طويلة، حتى يجمع اولاده وأحفاده حوله في مكان واحد، اول جمعة من كل شهر .
السيدات
يعددن الطعام ومساعدة صباح في ترتيب المنزل، والرجال في المندرة، اما الشباب
والفتيات فكانوا يتسامرون في الحديقة، إلا نهال فقظ استأثر بها جدها الحج ياسين في
جانب وحدهم على الاَريكة الخشبية المخصصة للرجل أسفل عرش الكرم،، غير مسموح لأي
شخص الاقتراب بتحذير شديد من الحج ياسين الذي كان ممسكًا بكفيها الاثنان داخل قبضة
يده، والقبضة الأخرى كان يضرب بها بخفة على جانب رأس نهال التي كانت لا تستطيع
التوقف عن الضحك، وهو يقررها بتحقيق متواصل:
- يا بت جولى شوفتيها فين وعرفتيها كيف يا مجصوفة الرقبة، قولي يا
بت.
قهقهت
تغيظه ورأسها منكسة لتتلقى ضربات ياسين
- هههههههه مش حاجولك يا جد، مش هجولك.
صاح
ياسين بعصبية تثير الضحك:
- عليا النعمه يابت الفرطوس لو ما اتكلمتى لاكون مكسر العصاية دي
على راسك، ردى يا بت
جلجلت
بضحكاتها تحاول التماسك لتجيبه:
- هههههههه خلاص خلاص هاجول.
توقف
ياسين على مضص وهو ينتظرها تلتقط أنفاسها حتى استطاعت التحدث:
- شوف ياسيدى، اولا كدة انت تعرف الواد عيد صاحب الطاحونة اللى
جانبينا؟
أجابها
ياسين بتركيز شديد:
- ايوه عارفه طبعا مش الواد النشفان ده .
رددت
نهال:
- هههه ايوه هو الواد النشفان دا، اصله اتجوز بتها نسمة اللى كانت
زميلة اختى بطة فى المدرسة، وانا امبارح شوفتها بالصدفه وهى رايحه لبتها، تصدج هى
اللى عرفتنى وسلمت عليا .
رد
ياسين ليسألها بلهفة:
- ايوه ايوه جولى كدة، طيب هى شكلها عامل كيف دلوكتى؟ لساها حلوه
برضو ولا كبرت؟ طب وشها كرمش كده وعجزت زيى ولا ايه؟ ما تجولى يابت.
هنا
لم تقوى على التماسك لتعود للضحكات تغيظه مرة أخرى بقولها:
- ههههههههه مجدراش ياجدى مجدراش .
❈-❈-❈
وإلى
الشباب المنتشرين في الحديقة العتيقة لمنزل العائلة الذي مرت عليه العديد من
العقود، كان الصغيرين نهلة وياسين ابناء راجح، يتلاعبون على جزع الشجرة الذي صنعوا
منه ارجوحة يتبادلون الأدوار في اللعب بها، نيرة ومعها بدور كن يقفن متفرجات على
رائف وحربي الذين كانا يتدربان على التصويب بالبندقية، يتساباقان على من يوقع عدد
الاناءات الزجاجية الموضوعة للتنشين، والفتيات يقمن بالتشجيع، ليتوقف الجميع على
صوت الصغيرين الذي صدح بالقرب منهم
-الدكتور مدحت جه، الدكتور جه.
توقف
المذكور يتلقف الإثنان ليرفعهما على ذراعيه، ويقبلهما سعيدًا بهذا الترحيب الصاخب،
اقترب بعد ذلك يصافح الشباب واقفيبن، ضمه حربي بعناق رجولي مرددًا:
- ازيك ياكبير، حمد لله ع السلامة يا راجل عاش من شافك معانا هنا.
تقبل
مزاحه مدحت يقول ببشاشة:
-تعيش يا عم حربي، انا كمان وحشتني الجعدة في وسطيكم والله.
صافح
رائف والفتيات على عجالة وهو يردف:
-عشان كدة بجى جولت اخد اجازه ولو يوم واحد اريح نفسى من الشغل
شوية والدايرة اللي مبتنتهيش دي، جدى فين بجى عشان اروح اسلم عليه؟
اجابته
شقيقته الصغرى نيرة:
- ياسيدى جدك مجتمع مع الدكتورة نهال لوحديهم ومش سامح لحد فينا
يقعد معاهم .
- لوحدهم ليه يعنى؟ طب هما فين ؟
سأل
مدحت، وردت نيرة تذكره بمكان جدها الدائم بالحديقة اسفل عرش الكرم.
❈-❈-❈
على
وضعها في مشاكسة ياسين بعدم اراحته بالإجابة عن الأسئلة التي يلح بها بعصبية، كانت
تضحك بهستيرية متسمتعة بهذه اللحظات مع جدها، حتى اصبح وجهها كحبة البندورة
الحمراء، وبعض الشعيرات تدلت من حجابها على وجهها لتجعل رؤيتها تخطف قلب من توقف
بالقرب منهم، يستمع لقول جده المكرر:
-جولي يا بت الفرطوس، هجعد اليوم كله جبالك انا
-إنت عايزاها تجول إيه يا جدي؟
قالها
يُجفل الإثنان، لترفع نهال رأسها إليه، وتوقفت عن الضحك لترا هذه النظرة الغريبة
التي كان يرمقها بها،
بعد
ان انتبه أليه ياسين ليتركها ويستقبله بالترحاب وهو يدنو منه يقبل اعلى رأسهِ،
ليتبادل على عجالة حديث ودي وهو يناظرها من طرف أجفانه، ليلقي عليها تحية سريعة
ردتها إليه، لتفاجأ به يجلس بجوارها ويتحدث بطبيعية مع جده وكأن الوضع طبيعي، يدعي
التغافل عن الرجفة التي شعر بها، وهذا التوتر الذي اكتنفها، فتسحبت بمرونة لتنهض
مستئذنة منهما وتغادر بعيدًا عن حضوره الطاغي.
❈-❈-❈
التقطت
انفاسها اخيرا فورت ان ابتعدت عن محيطه، حتى إذا اقتربت من جمعة الشباب تلقفتها
على الفور نيرة متخصرة بيدها تقول ساخرة:
- اهلا اهلا ياست هانم اللي بقالها جلسات سرية مع جدي، ها يا حلوة
خلصتى الكلام السر ولا لسة؟
اجابتها
نهال بنفس الأسلوب:
-سري بجى ولا علني، مالك يا بارده باللى بينى وبين جدى
تدخلت
بدور بينهم لتنهي الجدال من اوله:
- ماخلاص انتى و هى بجى، انتو هاتعملوها شغلانة...
توقفت
لترتفع عيناها نحو هذا الذي أتى إليهم على الحصان بهيئته المهيبة دائمًا، فصدح صوت
رائف يستقبله بقوله:
- ايه ياعم عاصم؟ واخد الحصان العالي من صباحية ربنا بتلف بيه فى
البلد، هو طلع حجك فى الورث ياعم الحج وانا معرفش ولا حاجة يعني؟
جلجل
عاصم بضحكة عالية وهي يهبط من على حصانه:
- عيب عليك تتكلم فى الورث وجدك عايش يا واد .
اكمل
يلقي التحية على الفتيات متجاهلًا النظر نحو بدور :
- ازيكم يابنات عاملين ايه؟
رددن
خلفه التحية ليذهب تارك الحصان لإيدي رائف، ويتغافل بقصد عن نظراتها المصدومة نحوه
ركضت
نهال نحو ابن عمها قبل ان يعتلي الحصان مرددة بلهفة
- رائف رائف، سيبنى اركب الحصان والنبي عشان اخدلي صورة وانا عليه
رد
رائف ضاحكًا:
-اصورك فين يامجنونة؟ هو انت كد الحصان العالي ولا القعدة عليه،
ابعدي عنه يا ماما بدل ما ينفر في وشك يوجعك .
رددت
بتحايل وكأنها طفلة صغيرة:
- والنبى والنبى ياواد عمى عايزه اغيظ البنات بالصورة وانا عليه.
ضحك
رائف بصوت عالي يقول بشقاوة:
- خلاص انا موافج مدام هتغيظى البنات
هللت
بفرحة عارمة تشكره بامتنان، لتحقيق أمنية غابت عنها منذ فترة طويلة، لاعتلاء الحصان
ورائف يحاول تهدئته والسيطرة عليه حتى استقرت فوقه في الأعلى وما ان شعرت ببعض
الأمان وقبل ان تفرح بذلك لتجهز نفسها لالتقاط الصور، الا وقد باغتها الحصان بحركة
عنيفة جعلتها تسقط من فوقه، لحقها رائف قبل أن تقع على الأرض جيدًا، ليصرخ بها
فزعًا:
- حاسبى رجلك يابت عمى، اوعى تكون اتأذت.
حاولت
نهال ان تتحلى ببعض الشجاعة والتحمل لتجيب بابتسامة رغم الالم الذي شعرت به:
- الحمد لله متاذيتش يا رائف، متشكرة يا واد عمي .
قالتها
وهي تحاول إسناد نفسها جيدًا على الارض دون مساعدته، لتجفل بعدها منتفضة على صيحة
عالية من الخلف
- رااااائف.
التفت
لتجده امامها باعين نارية يناظرها هي ورائف الذي كان ما زالت ذراعيه تسندها، حتى
أنه لم ينتبه على يده فوق خصرها .
❈-❈-❈
صرخته
القوية مع هذه النظرة الغريبة التي كان يرمقها بها وكانها أجرمت او فعلت شيئًا غير
اخلاقي، جعلها تبادله بنظرة غاضبة غير متقبلة بأسلوبه في التعامل معها، أما رائف
فقد كان رد فعله هادئًا، بل أنه ظل ممسكًا بها ولم يتخلى عنها حتى تناولتها منه
بدور شقيقتها ونيرة شقيقته، ليكتفي بالرد ببرود نحوه:
-نعم يا حضرت الدكتور.
اجابه
كازًا على اسنانه :
- اخلص عايزاك .
اشار
بكفه إليه مع إيماءة بعيناه، ليلتفت قول حربي هو الاَخر والذي جاء ليطمئن على ابنة
عمه:
- ايه يا نهال يا بت عمي، ليكون جرالك حاجة قولي .
ردت
تجيبه بارتباك لتخفي حرجها:
-ياجماعه مفيش حاجة اطمنوا، حمد لله جات سليمة.
سألها
رائف بقلق:
- طب امشى عليها قدامنا، وخلينا نطمن.
همت
ترد ولكنها انتفضت مفزوعة على صرخة مدحت على شقيقه:
-إنت يا زفت انا بكلمك ما بترودش ليه؟
التف
إليه رائف يرمقه باستغراب ليجيبه:
- حاضر طيب ياعم الحج، هى الدنيا خربت؟
قال
مدحت ليزيد من ذهولهم بهذا التعنت:
-لا مخربتش، بس اخلص يالا وهات الحصان معاك .
تمتم
حربي هامسًا ل رائف وقد ادهشه فعل مدحت أيضًا:
- هو اخوك ماله يا عم انت ؟
هز
كتفيه رائف يرد بسأم :
-انا عارف يا عم ماله دا كمان؟ شغال يزعق والواحد اعصابه مش متحملة
أساسها.
خاطبته
نهال برجاء:
- خلاص يا رائف اطمن انت وروح شوف اخوك عايز ايه، انا جولتلك انى
تمام .
رد
رائف مستسلمًا:
- ماشى انا هروحلوا بالحصان وراجع تانى،
❈-❈-❈
- ما بدري يا باشا؟ وكنت جعدت شوية تاني كمان من غير ما تعبرني ولا
ترد عليا؟
هتف
بها مدحت بانفعال، ذراعيه الأثنان خلف ظهره، عاقدًا كفًا بالأخرى، وعلاقة المفاتيح
تهتز منهما بعصبية:
رد
رائف باستهجان:
يا
سلام، وانت تستنانى ليه يعني، ما كنت جيت واخدته بنفسك مني؟
تناول
مدحت لجام الحصان ليقول وهو يحاول اعتلاءه:
- معلش يا بشمهندس، لو كنت عطلتك شوية عن الضحك والمسخرة
رد
رائف مستنكرًا تهكم شقيقه بهذه الكلمات:
- مسخرة! طب براحة شوية ع الحصان تلاجيه مستغربك بس عشان بجاله زمن
ماشفكاش
قال
مدحت بتحدي وهو يشدد على اللجام بغرض السيطرة على ذعر الحصان:
- متخافش عليا انا يمكن كنت بعيد عنه بجالى فتره طويله بس انا خيال
واعرف كيف اسيطر عليه من تانى.
قالها
ليأمر الحصان بالتحرك فور أن أتم احكام السيطرة عليه، ليتمتم رائف وعيناه تطالع
ركض الاَخر بالحصان أمامه:
- هو ماله كده واخدها تحدى !
❈-❈-❈
- الله شايفين يا بنات اخويا بيجرى بالحصان كيف؟ فارس بصحيح.
هتفت
بها نيرة مهللة بفرحة وهي تشير للفتيات على شقيقها وهو يركض بالحصان الذي اعتلاه
منذ قليل، رأته نهال وهو يطير أمامها لتشعر بتخضم قلبها داخلها من البهجة، وقد
ذكرها بحلمها وذكرى جميلة كبرت عليها لتجعله الوحيد بعقلها وفارس أحلامها عن حق ،
كان هذا قبل أن تكتشفه حديثًا بعد ان نظر لشقيقتها، زمت شفتيها بضيق وقد عادت
لعقلها بعد ان استفاقت من حلم الطفولة والمراهقة والمتعلق بهذا الكائن، قالت بدور
بشرود مبتسمة جعلها تنتبه من افكارها
- برضك مش زي عاصم
-مين؟
تفوهت
بالسؤال نهال بعدم استيعاب وهي تطالع شقيقتها بنظرات متشككة جعلت الأخرى تتربك وهي
تحاول التهرب بعيناها عنها، فقالت نيرة مخاطبة نهال:.
- وانتى هتفضلى واجفة كتير متتحركى تمشى خلينا نشوف رجلك تمام ولا
فيها حاجة
سمعت
منها نهال فحاولت تحريك اقدامها لكنها شعرت بالالم الذي جعلها تعرج عليها، مما جعل
شقيقتها تقترب منها لتسالها بقلق بالغ:
- اوعى تكون الوجعة اثرت على الكسر الجديم؟
نفت
نهال بتحريك رأسها تقول:
- لاه مش المكان الجديم دى حاجه بسيطة
قالت
نيرة تشاكسها بلوم:
- كان لزوموا ايه بس ركوبة الحصان العالى مكنتى ركبتى مهرة صغيرة
وبرضك كنتى هتغيظى صحباتك . دا انتى تحمدى ربنا ان اخويا رائف لحقك و لا كانت الوجعة
بجت فى المخ وبدال ماكنتى دخلتى طب، تدرسى كنا داخلناكى مستشفى المجانين مجنونة
ههههه
ردت
نهال بغيظ اشتد مع رؤية بدور التي تاَمرت بالمشاركة في السخرية عليها بالضحك هي
الأخرى
- هاها ظريفه يا اختى انتى وهى، جاتكم الهم، انا سايباكم خالص
وداخلة.
قالتها
لتذهب من أمامهما ، تتحامل بالعرج على قدمها المصابة:
لحقنها
الفتيات مرددات خلفها:
-خلاص واحنا كمان جايين معاكى، بس براحة شوية على رجلك فى المشى
واسندى عليا .
❈-❈-❈
على
مائدة السفرة التي ارتص عليها كل ما لذ وطاب، تجمع افراد العائلة بعد صلاة الجمعة
يتناولون وجبة الغداء، صباح كانت هي من تدور على الجميع تراعي وتوزع الابتسامات
لتتأكد من إرضاء الجميع، خصوصًا مدحت والذي هتف معترضًا:
-خلاص يا عمتي الله يخليكي، كفاية بجى انتي مكلتيش خالص.
ردت
صباح ببشاشة:
-يا حبيبى انا فرحانة بجيتك وعايزك تاكل زين، دا انت بجالك سنين
مكلتش معانا.
قالت
مدحت ضاحكًا:
- سنين برضو يا عمتى؟ اشحال إن ما كنت مشرف هنا الجمعة اللي فاتت،
لحجتي تنسي برضو؟
جلجلت
صباح بضحكة عالية تردف له:
- يوم الجلسة التاريخية هههههه بس انا ملحجتش ارحب بيك في يوميها،
اصلنا كنا منتظرين الحكم ههههه.
القت
بمزاحها صباح دون ان تدري بالحرج والضيق الذي اصاب البعض رغم، ضحكات البقية، حتى
تدخل ياسين وهو يكتم ضحكته بعد ان شعر بذبذبات التوتر
- خلاص يا صباح اجعدى كلى وفضيها حديت، الكل بياكل هتجعدي انتي كدة
بجى فوق راسنا لحد ما نشبع؟
ردت
صباح مذعنة بطاعة:
- حاضر يا بوى، إنت تؤمر.
صمت
قليلًا ياسين ثم رفع رأسه إلى الجميع موجهًا خطابه:
- انا مش عايز حد يزعل من حكم حكمته، يعلم الله انى خفت لتجولوا
انى فضلت واحد عن التانى، يعنى يوم بطة بت راجح الكبيرة، لما اختارت بنفسها واد
خالها اللي في بلد تاني عنينيا، انا مجدرتش برضوا إني
اجبرها
على بلال ربنا يرجعه بالسلامة من الإعارة وهو واد عمها واولى بيها.
قال
راجح بابتسامة ممتنة:
- كلنا عارفين غرضك يا بوى ومجدرينه عشان كدة محدش فينا عارضك في
رأي، ربنا يخليك لينا وتجوزهم كلهم ان شاء الله.
تمتم
الجميع خلفه بالدعاء وقال ياسين بإصرار:
- اسمعها منيهم واتأكد، عايز بزعل حد منهم.
قال
عبد الحميد بثقة بعد ان القى نظرة على زوجته وأولاده
- انا عن نفسى راضى بحكمك يا بوى، انا وولدى الدكتور مدحت.
قال
ياسين مخاطبًا مدحت:
- صح يا دكتور كلام ابوك ولا انت ليك راي تاني؟
اجابه
مدحت وهو يطالع نهال من طرف أجفانه:
- صح يا جدى، انا عايزك تبقى مطمن إني مش زعلان أبدًا، لأنها كانت
غلطة مني، بس انا عارف كيف اصلحها.
قال
الأخيرة بمغزى وصوت خفيض وعيناه اتجهت بشكل مباشر على نهال التي انتبهت مستغربة.
نقل
انظاره ياسين نحو محسن سائلَا:
-كويس يا ولدي جول بصراحة لو عندك اعتراض إنت ولا ولدك .
تدخلت
هدية قائلة:
-واحنا لينا حق نعترض برضوا يا عمي؟ دا انت الخير والبركة.
علقت
راضية على قولها ساخرة:
- بيجول يا محسن مش يا هدية، هو انت حد جاب سيرتك اساسًا؟
كزت
هدية على أسنانها تريد الفتك بها او التفوه بما يفحمها بها ولكن ياسين قطع عليها
بقوله:
- ماتجول يا ولدى عن رأيك بدل كلام الحريم الماسخ ده.
اجابه
المذكور:
- يا بوى انا وولدى ملناش حق نعترض في أي شئ انت حكمت بيه ع الكل
مش على فرد واحد، واحنا تحت امرك فى كل اللى تقوله.
توجه
ياسين ل حربي سائلًا:
-ودا رأيك برضوا يا حربي ولا ليك رأي غير ابوك؟
اجابه
المذكور بخفي تردده:
- اا كل شئ نصيب يا جدى، وانا مش هبقى مخالف عن حد من العيلة.
تنهد
ياسين بثقل يوجه سؤاله الاَخير نحو الجهة الشائكة:
- نيجى بجى للمهم وربنا يستر، ها ايه رأيك بجى في اللي حصل واتجال
يا سالم؟ انت ولا وعاصم ولدك؟.
قالها
ياسين وعيناه تطالع عاصم والذي فاجأ الجميع بقوله:
- ربنا يستر ليه بس يا جدى، هو انت فاكرنى اجل منهم في العقل يعني؟
دا انت جولت بنفسك، بطة لما اختارت ماجدرتش انك تجبرها و انا راجل يا جدى يعنى لو
حكمت ادوس على جلبى هادوس.
قال
الأخيرة وعيناه اتجهت مباشرةً نحو بدور التي شحب وجهها برده العنيف، لتزداد دهشتها
مع قوله حينما اردف
- وعايزك تطمن يا جدى انا جريب هفرحك، عشان ازيح عن راسك همي.
تدخلت
سميحة والدته، تساله بلهفة:
- صحيح يا:ولدى، يعني انت نويت ع الجواز صح؟
رد
يجيبها:
صحيح
يا ست الكل، وافرحي وفرحي الكل معاكي كمان .
توقف
فجأة ليُفاجأ نيرة بسؤاله:
الا
جوليلى يا نيرة، هو انتى فى سنة كام دلوك ؟!
اجابته
نيرة بعفوية:
- انا فى تانية ثانوي زراعي
استمرت
بعد ذلك الأحاديث الودية بين الأب والأبناء والاحفاد، أما بدور صاحبة المشكلة
الرئيسية فقد كانت على مقعدها لا تعرف ما الذي أصابها، تشعر بدوار اكتنفها فجأة او
حالة من الاختناق لا تدري بسببها، حتى انها فقدت شهيتها، وكانت تتلاعب بطبقها
لدرجة من السهو جعلت والدتها تنتبه عليها لتعقب سائلة بصوت واضح:
-بتعلبي في طبقك وما بتاكليش ليه يا بت؟ هو انتي عايزة عزومة؟
رفعت
عيناها لتهم بالرد لتفاجأ بعيني عاصم أمامها والذي انتبه على صوت نعمات، ليزداد
ارتباك الأخرى واضطرابها، فصدح صوت الهاتف امامها على سطح الطاولة، لتعلم بهوية
المتصل فابتلعت ريقها لتكتم الصوت على الفور، فهي لا ينقصها، ليجفلها الصوت مرة
أخرى فور انتهاء المحاولة الأولى، مما جعل والدتها تخاطبها بضيق:
- خبر ايه يا بت؟ ما تردي ع المخروب ده وتشوفيه مين اللي بيتصل،
بدل ما هو بيرن كدة ع الفاضي.
ضغت
على الهاتف تقول لها :
- لااا ماهو مشهم ياما .
عاصم
والذي كان يمثل التغافل امامها كان يعلم بهوية المتصل دون ان تقول، فيكفي حرجها
أمامه ليخمن وحده، فكان يحاول السيطرة على حريق صــ دره، يمضغ الطعام بصعوبة تجعله
يبتلعه في حلقه وكأنه حجارة، وليس طعامًا عادي
وبالقرب
منه كان الاَخر لا يرفع انظاره عن متابعة رائف شقيقه وهو يمازح نهال بالهمس
والتعليقات الساخرة عن وقعة الحصان، وهي تسجيب ضاحكة بصوتها الخفيض، رغم تحذيره من
غضب الجد، وعدم راحتها من نظرات هذا المدعو مدحت التي كانت تلمحها كلما رفعت رأسها
عن طبق طعامها، حتى غمغمت حانقة:
-- استغفر الله العظيم يارب .
- ايه مالك؟
سألها
رائف لتومئ له بعيناها نحو شقيقه، ف انتبه هو الاخر ليعقب بعدم اكتراث متفكهًا:
- يا بنتي ما دا الطبيعي مش دكتور ومحترم، يعني اهم حاجة عنده
الانضباط، اما الضحك والهزار الجانبي دا ميعجبوش أكيد يعنى مش زيى تافه ومهزهق
- هههه
صدحت
بصوت واضح جعل الجميع ينتبه إليهما، وازداد اشتعال الاخر ليحدجهم بحدة مخيفة،وهتف
ياسين موبخًا رائف بصوت عالي:
- انت ياد مش ناوى تسترجل كده وتجعد عاقل زي الناس، كل مره
هانجولهالك ياد، فالح غير فى المسخرة مع البنتة
رد
رائف بدفاعية ضاحكًا:
- وه يا جدى هو انا بهزر مع حد غريب؟ دى بت عمى.
فاض
بمدحك لينهض فجأة عن كرسيه الذي أزاحه للخلف بعنف اجفل الجميع، فقال معتذرًا:
- انا خلصت وعايز اروح الحمام.
هتفت
صباح تقول بعتب:
- طب كمل واكلك الاول يا ولدي، هو انت لحقت تاكل؟
-كلت وشبعت يا عمتي
قالها
مقتضبة، ثم ذهب من أمامهم بسرعة البرق.
❈-❈-❈
بداخل
الحمام وعلى طرفي المغلسة كان مستندًا بكفتيه، يتطلع للمراَة بأنفاس متهدجة من غيظ
يكتنفه بشدة، يود تكسيرها أو فعل أي شئ يفرغ فيه طاقة الغضب بداخله، هو ليس صغيرًا
حتى لا يعلم بحقيقة ما يشعر به الاَن، لقد فكر كثيرًا وحسم قراره، ولن يمنعه شئ في
التنفيذ، دنى برأسه يفتح صنبور المياه ليتناول منها كمية باردة ليتغتسل بها على
وجهه، علّها تهدئ النيران التي تسري بداخله الاَن
❈-❈-❈
وإلى
نهال التي حاولت النهوض عن مقعدها بجوار السفرة، بعد الإنتهاء من الطعام وذهاب
المعظم لشئونهم، لتفاجأ بهذا الألم الموجع بقدمها والذي جعل صرخة مكتومة تخرج منها
دون إدارتها، حتى جعل والدتها والحج ياسين ينتبها لها ليسألاها على الفور:
- مالك يا بت في حاجة وجعاكي؟
-هي الصرخة دي طلعت منك انتي يا نهال .
هزت
برأسها بحركات غير مفهومة، لتتأوه غير قادرة على كتمان الألم، تركت والدتها الذي
كان بيدها من أطباق تحملهم لدخول المطبخ، واقتربت من ابنتها سائلة بجزع:
- إيه اللي واجعك يا جزينة؟
-رجلي مش قادرة ادوس ولا اخطي عليها.
همست
بها بصوت باكي جعل ياسين يقترب منها، ليسندها بيده ويسألها بصوت ملهوف:
-ورجلك توجعك ليه؟ إيه اللي حصل؟
أجابت
بدموع خانتها:
-اصلي وجعت عليها النهاردة
سمعت
منها نعمات لتهتف بجزع:
-وجعتى عليها ربنا يستر، اوعى تكون ورمت يا بت، وريني كدة خليني
اشوفها، ولا نواديكى للدكتور نطمن احسن .
قاطعها
ياسين يقول بحزم وهو يشير على مدحت الذي كان خارجًا من حمامه الاَن:
- ونوديها لدكتور غريب ليه ان شاءالله؟ واحنا الدكتور فى بيتنا
تعالى يا ولدى شوف بت عمك.
جزعت
نهال من مجرد الفكرة لتهتف معترضة بفزع:
-لا طبعًا، انا مش عايزة حد يشوفني، انا رايجة أساسًا، حتى شوفوا
اها.... ااه.
صرخت
بالاَخيرة، فور ان ابتعدت خطوتين متحاملة على قدمها المصابة، لتفاجا بكفه التى
امسكت بها على الفور يسألها بلهفة:
- مالك يا نهال فيكى ايه؟
توسعت
عيناها وتغير لون وجهها، وهي تطالعه بهذا القرب الشديد، لتجد جدها يجفلها بقوله
للاَخر:
-شوف رجلها يا ولدي البت دي....
قاطعته
تشهق منتفضة لتردد بهستيريا:
- لا لا مينفعش انا رايجة، والنعمة انا رايجة ومافياش حاجة، خلينا
نمشي ياما.
هيئتها
المذعورة من لمسته وهذا الخوف الشديد من فحصها، جعل ابتسامة متسلية تعتلي محياه،
يطالع خجلها الشديد بشغف وهي تحاول إخراج كفها من كف يده، ليشدد عليها بسماجة
قائلًا:
- وليه يا ست نهال؟ مش شايفانى دكتور جدامك ولا إيه يعني؟
صاح
الجد ياسين معترضًا:
-إيه الكلام اللي انت بتقوله دا يا دكتور؟ دا واد عمك يا بت، يعني
مش غريب.
غمغمت
نهال تصرخ داخلها بقهر:
- ما هو الغريب هيبجى احسن منه !!
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية مواسم الفرح (ست الحسن)، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية