رواية جديدة بحر ثائر جـ2 لآية العربي - الفصل 25 - الأربعاء 6/8/2025
قراءة رواية بحر ثائر الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
الجزء الثاني
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الخامس والعشرون
تم النشر الأربعاء
6/8/2025
عن بدايات الهوى
وعن نهاياته...
عن عذاب الهوى
وعَذْبِ آهاته...
عن حلاوته رغم معاناته....
عن دموع فرح..
عن لحظات فرح
كانت ممنوعة....
عن بحر هادئ ظاهرُه....
و في أعماقه.. كان يكمن الغضب...
عن تلك الأمواج الهادرة
وعن تلك اللمسة الهادئة
عن الحب الذي خاض معارك كثيرة
لينتصر و يبتسم...
عن البحر الذي ثار كثيرا...
ليسكن و يهدأ بالحب أخيرا
(بقلم فيروزة)
❈-❈-❈
بعد مكوثها ليومين في منزل أحد الأفراد الذي تعرفت عليه من خلال مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي ، والذي أكد لها أنه سيساعدها على الهرب بهوية مزورة لها ولصغيرها إلى اليونان عن طريق البحر بشرط دفع مبلغ مالي معين .
بالفعل دفعت جزءًا كبيرًا من المبلغ وانتظرته ليأتي لها بالأوراق ، من المؤكد الشرطة تبحث عنها الآن ، تعلم أنها قتلتهما بدمٍ بارد ، وتعلم أن الأمور ستصبح معقدة نظرًا لجنسيتهما ولكنها ليست نادمة على ما فعلته .
ظنا أنها غبية ، ظنا أنها في كل مرة ستصدقهما ، خدعها توماس وأوهمها بحبٍ زائف ، ظن أنها ستكذب عيناها وتتخذ من كلامه سبيلًا لاستكمال علاقتها معه ، لذا كان عليها أن تنتقم ، سترحل وتترك هذه البلد وتبتعد هي وصغيرها دون عودة ، ستبدأ من جديد في بلدٍ جديد ومن المؤكد ستجد الحب الذي تبحث عنه .
جلست تطعم صغيرها وتتأفأف بضجر ، هذا المكان لا يحتوي على أبسط وسائل الترفيه وتتحمل بصعوبة .
انتفضت حينما سمعت طرقات على الباب لذا نهضت تتساءل بقلقٍ :
- مين ؟
أجابها الرجل بنبرة متهكمة :
- أنا منير يا رحمة افتحي .
تنفست الصعداء واتجهت تفتح له ، فتحت بترقب ونظرت له تتساءل :
- جبت الورق ؟
دس يده في جيبه يخرج أوراقها ثم ناولها لها يضحك بتباهٍ ويردف :
- أهو يا ستي ، ومختوم بالنسر ، ايدك بقى على باقي المبلغ .
أخذت منه الأوراق تتفحصها وكادت أن تلتفت لتحضر له المبلغ إلا أنهما انتفضا حينما هجمت عليهما قوات الأمن دون سابق إنذار .
جحظت ووقفت متجمدة لا تستوعب ما يحدث ولكن على ما يبدو أن آمالها وخطتها وأحلامها ذهبوا في مهب الريح ، نطق المدعو منير مستنكرًا :
- فيه إيه يا باشا أنا ماعملتش حاجة .
صمتت بصدمة ثم نطقت بعد لحظات بحقدٍ نوت صبه على الجميع :
- كداب ، هو شريكي في كل حاجة .
جن جنونه وكاد أن يهجم عليها ولكن أمسكوا به قوات الشرطة وتم القبض عليهما وتولت سيدة خاصة بالقوات حمل الصغير وتهدئته حتى لا يفزع .
❈-❈-❈
وصل ثائر إلى المشفى ودلف يسأل عن رقم الغرفة المتواجد بها توماس .
خطا باتجاهها ليجد شرطيًا يقف عند باب الغرفة بعدما صدر في حقه مذكرة اعتقال .
قدم له ثائر إذن الزيارة وسمح له الشرطي بالدخول.
دلف ليجده ممدًا على الفراش ، وقد وُضع على جهاز التنفس بعدما استهدف السم رئتيه ، تسلطت أنظاره عليه وهو في هذه الحالة الواهنة بسبب أكثر شخصية استضعفها واستهان بها .
اقترب منه وجلس يردف بملامح متجهمة ومغزى :
- كنت اظن أنني سأتشفى بك حينما أراك ، ولكن ما أشعر به الآن هو الشفقة ، لم أكن أتوقع أن تفعلها تلك المرأة ، والسؤال هنا ، لماذا فعلتها ؟
برغم حالته المتدهورة إلا أنه لم يتخلَّ عن رسم ابتسامة خافتة ويجيبه بوهن واستفزاز :
- لأنها رأت مارتينا تعتدي علي .
توقع أن يرى غضبه ولكن ثائر ابتسم وانحنى عليه يجيبه :
- عاهرة مثلها من المؤكد ستتخذك بديلًا لأنني طردتها من حياتي .
سعل توماس بعدما نجح ثائر في إثارة غضبه ليعتدل ويسترسل بهدوء :
- اهدأ ، عليك أن تتعافى حتى تواجه إرتوا .
تنفس من ثقب إبرة وأجابه في محاولة أخيرة منه لإغضابه :
- إرتوا يعلم جيدًا من هو صديق ابنته ومن هو عدوها،أنت المستهدف وليس أنا .
مجددًا ينحني عليه ويهمس بابتسامة ساخرة :
- هذا لو أنك قمت بإنقاذها ، ولكن هناك خبر قد وصل للتو إلى إرتوا بأنك خططت لتتخلص من مارتينا ورحمة ، خاصةً وأنه تم القبض على رحمة منذ قليل .
نظر له لبرهة ليخطر على باله ابنه للحظات ثم قرر أن يستعمل آخر ورقة استفزاز لديه ونطق :
- نعم كنت أود لو أن أتخلص منهما ومنك أيضًا لأحظى أنا وصغيري بامرأة لا مثيل لها تدعى ديما .
نجح أخيرًا في إثارة حنقه ، نجح في رسم الغضب في عينيه وصولًا لعروق يده التي رفعها يقبض بها على فك توماس بقسوة ويردف مهيمنًا بملامح جحيمية :
- انتهى الوقت توماس ، أعدك سأقتلع سيرة زوجتي من عقلك ومن لسانك ال*** هذا ، انتهى وقتك .
نفض فكه بعنف وتركه يسعل ونهض ليغادر قبل أن يفعلها ويقتله مخالفًا أوامر رشدي ، ولكن ما إن التفت حتى تساءل توماس بشكٍ ازداد للتو :
- أنت تعمل لصالح المخابرات ، كل ما حدث من قبل كان مجرد خدعة .
تنفس ثائر وود لو يؤكد على كلامه ولكنه ملزم بعدم الإفصاح عن هويته لذا التفت يبتسم ويجيبه بخبث ومغزى :
- نعم هكذا أفكر ، أنت عميل وخائن ونهايتك قريبة وستكون عبرة لغيرك .
قالها وتحرك يغادر وتركه يفكر ويحاول رسم ما هو قادم متمردًا عليه بأي وسيلة .
❈-❈-❈
عاد كلًا من داغر وبسمة وصالح ودينا إلى الحارة بعدما قضى كل ثنائي وقتًا ممتعًا في أماكن عدة في القاهرة .
ودعهم صالح واتجه إلى منزله بينما صعد البقية إلى المنزل ، استأذنت دينا ودلفت لتستقبلها منال التي كانت تمكث بمفردها .
لا تحب الوحدة ، لا تحب أن تظل وحيدة فيحتلها شعورًا سيئًا بالتفكير في من آذاها ، كان الصغيران يلهيانها عن ذلك ولكنهما رحلا لذا حينما عادت دينا أسرعت تعانقها والتمعت عيناها بالدموع ، تعجبت دينا وبادلتها العناق تتساءل باستفهام :
- مالك يا ماما بتعيطي ليه بس ؟ أنا لسة معاكي ماتجوزتش .
حاولت منال تمالك نفسها لذا ابتعدت عنها تحدق فيها وتردف بتأثر :
- كبرتي يا دينا ، هتتجوزي وتسبيني ، هقعد في البيت من غيرك .
ابتسمت دينا ومدت كفيها تجفف دموعها وأردفت باستنكار:
- هو أنا أصلًا علطول في أوضتي يا ماما ، يعني مش هتحسي بفرق .
هزت منال رأسها ونطقت بتأكيد :
- لاء ، حتى لو في أوضتك أنا عارفة إنك معايا ، هنده لك هتيجي،إنما لما تتجوزي هتروحي تعيشي في بيت جوزك والبيت هيفضى .
عادت تعانقها دينا بحنين وتردف مطمئنة :
- وأنا مش هبعد عنك بردو ، وهجيلك علطول ، ماتزعليش علشان خاطري ، وبعدين داغر وبسمة معاكي أهم في نفس البيت.
تنهدت منال بحرارة وربتت عليها تومئ وتبتعد بتروٍ ثم تساءلت بترقب :
- هما فين صحيح ؟ مش كنتو سوا ؟
أجابتها وهي تشير نحو الخارج :
- أنا دخلت وهما تقريبًا طلعو على شقتهم ، هروح اغير هدومي واكلم صالح اطمن عليه ، يالا تصبحي على خير .
أومأت منال وزفرت باستسلام لتغادر دينا إلى غرفتها وتتجه منال عائدة إلى أريكتها تجلس أمام التلفاز وتحاول الاندماج مع برامجه .
❈-❈-❈
في الأعلى
لم يترك داغر مثقال ذرةٍ من فرصةٍ لينهل من بحر عشقه ، بات يقبلها بنهم بعدما أغلق الباب وقيدها خلفه .
ولته زمام الأمور ، لم تعترض ، لم تنفره ، بل أنها تجاوبت حينما طال الأمر مشاعرها الحبيسة ولكنها دفعته حينما خرجت أموره عن السيطرة .
لم يكن ليستجيب لولا أنها احتدت تردف محذرة :
- داغر خــــــــلاص .
توقف مكانه يتنفس بحرارة ويحدق بها بمقلتين متعطشتين لها لذا تحركت تردف وهي تحاول فتح الباب :
- يالا ننزل ، أنا غلطت لما طلعت معاك .
حاول منعها ولفها له يردف باستنكار واعتراض على ما تقوله :
- غلطتي ؟ بسمة إنتِ مراتي ، بتعملي كدة ليه ؟
زفرت بقوة تطالعه لثوانٍ ثم أردفت بتروٍ :
- لو سمحت يا داغر ، إنت فاهم قصدي ، لازم يبقى فيه حدود لكل حاجة .
زفر بإحباط واقترب منها يردف بعاطفة :
- بحبك ، اعمل ايه واتغلب على حالتي دي ازاي ؟ وبعدين يا بسوم احنا ممكن نعتبر الزفة اللي الشباب عملوها دي فرحنا وندخل النهاردة ونعمل فرح تاني مع صالح ودينا عادي .
تجلى التعجب في عينيها ونطقت باستفهام مبهم ونبرة محبطة :
- لو أنا دينا هتوافق على الكلام ده ؟ أنا حبيتك علشان جدعنتك ومعرفتك للأصول صح ، خليك زي الصورة اللي رسمتهالك جوايا يا داغر وبلاش تخوفني منك .
لم هي حادة هكذا ؟ لم مندفعة في حديثها معه ؟ ألا تشعر بما يشعر به ؟ ألا تكن له ذات المشاعر؟
زفر ومسح على وجهه يحاول ابتلاع كلماتها لتمط شفتيها وتستطرد في محاولة منها لتفهم منطقه :
- بس يا داغر كلها كام يوم ونتجوز ووقتها هثبتلك إني معايا حق ، واللي بتفكر فيه ده مش صح ، أنا جوايا ليك مشاعر وحب بعمري كله بس أنا بحب الحدود تترفع في وقتها المناسب ، فاهمني ؟
لولا أنه يحبها بقوة لما كان سيتفهم ولكنه بات مجبرًا على الصبر والانتظار ، لذا تنهدت بعمق وأردف معاقبًا لها وله :
- تمام يا بسمة ، أوعدك مش هلمسك أبدًا من هنا لحد الفرح .
مد يده يفتح الباب وخرج يردف بترقب وملامح متجهمة :
- يالا علشان ننزل .
شعرت بالحزن ولكنها لن تتراجع وعليه أن يتقبل نتيجة وعده لذا تبعته بصمتٍ وتحركت معه نحو الأسفل بعدما أغلق الباب .
❈-❈-❈
منذ أن وصله الخبر وهو يجلس في غرفته يفكر ، عقله مازال يسعى لإيجاد خطة بديلة ، ظن أنه حينما يساعدهم في إيجادها ستحبه وتعود إليه ولكنه رآها تتخذ من عناق ذلك الصالح أمنًا لها ، لذا لجأ للخطة البديلة وهي استقطاب داغر للعمل معه ومحاولة التأثير عليها مجددًا ولكن لم يحدث ما توقعه بل تعجب حينما أبلغه داغر بالرفض أمس .
واليوم أصبحت زوجة ذلك الصالح وخسر المعركة ، هل تستحق أن يعود للعبث والخبث ويضع خطة أخرى لتكون له ؟ وهل لو باتت معه ستحبه ؟ وهل وهل وهل .
أسألة كثيرة راودته وفكر بها ليقرر في آخر الأمر أن يعود لوطنه ويترك مصر بشكلٍ نهائي ، إن ظل هنا سيفقد سنوات التأهيل النفسي التي تعرض لها وينتكس مجددًا وهذا مالا يريده ، لا يود أن يعود ذاك الشخص الذي كان عليه منذ خمس سنوات لذا ـــــــ
التقط هاتفه وطلب رقم والدته التي أجابته على الفور تساءلت بترقب بعدما تملكها القلق حياله :
- ماذا لوتشو ؟ هل فكرت ؟
نظف حلقه وأردف وهو ينظر أمامه بحزن :
- نعم أمي ، سأعود إلى الصين ، لن أعود إلى الماضي أمي لا تقلقي .
تنفست الصعداء وابتسمت تجيبه :
- لم يخِب أملي فيك لوتشو ، هذا هو الخيار الجيد ، هيا حبيبي سأنتظرك ، ولست وحدي بل أيضًا ميتا تنتظرك معي .
قطب جبينه للحظات ثم انفرجت ملامحه يتساءل بتأكيد :
- ميتا ؟ هي نفسها يا أمي؟
أومأت تجيبه بأملٍ :
- نعم حبيبي هي ، إنها تحبك لوتشو ، تحبك بصدق ، وانتظرتك على أمل أن تعود ، لم تيأس يومًا ، لذا عد إليها ، هي الوحيدة التي تستحق حبك لها .
جلس يفكر ، وهل يمكن للمرء أن يقلب قلبه كيفما يريد ؟ هل يستطيع المرء تبديل قنوات قلبه بجهاز تحكم ليزيح حبيبة ويأتي بغيريها ؟ إنه أمرٌ صعب يا أمي ، صعبًا كثيرًا .
زفر ونطق وهو يواري ما يشعر به عنها :
- حسنًا أمي ، أراكِ قريبًا .
❈-❈-❈
في فيلا ثائر .
كان معاذ ومالك في غرفتهما يلعبان جولة الكترونية جديدة ، كلاهما متحمس ومتعطش للفوز .
عاد ثائر ودلف ليراهما بعدما رأى الصغيرة النائمة ، وجدهما مندمجان في اللعب لذا وقف متكتفًا عند الباب ويحدق بهما بارتياح ، لقد بدأ مالك يندمج بشكلٍ ممتاز كما ظن .
معاذ يمتلك طاقة تؤهله للاستحواذ على محبة من حوله ونجح في جذب مالك إليه وبالتالي إلى ثائر نفسه.
لم ينتبها لمجيئه بعد ولكن رنين هاتف معاذ جعله يلتفت فرأى والده لذا ابتسم ورحب به فأشار له ثائر يردف وهو يتحرك نحوهما :
- عاملين إيه يا شباب ؟ وليه سهرانين لحد دلوقتي ؟
التفت مالك إليه يطالعه مبتسمًا ثم أردف بتباهٍ :
- كنا بنلعب شوط ، وأنا اللي فزت عليه 3 واحد .
أشار له معاذ الذي تجاهل رنين هاتفه ونطق بثقل رافعًا سبابته :
- لسة الجولة مانتهتش .
انتبه ثائر لهاتف ابنه فاقترب ليرى فوجده إرتوا لذا التقطه ونظر إلى معاذ يبتسم ويردف بثبات ظاهري :
- لاء يبقى تكملوا الشوط ونشوف مين الفايز الحقيقي ، وماتقلقش أنا هرد على الموبايل .
أومأ معاذ فهو لا يفضل الرد على جده بل عاد يلتفت ويردف بحماس :
- يالا مالك إلأب .
تحرك ثائر نحو غرفة جانبية ودلف يغلق على نفسه ليتسنى له التحدث مع إرتوا دون أن يسمعه أحد .
أجاب يردف بنبرة جادة :
- ماذا سيد إرتوا ؟ لمَ تهاتف ابني في هذا الوقت ؟
كان يجلس يتناول مشروبه الذي أفرط فيه منذ خبر ابنته ، حينما سمع صوت ثائر تملكه الغضب والكره ونطق :
- أعطني حفيدي ولا تتحدث معي ،أنت شاركت في قتل ابنتي وستدفع الثمن ويجب أن يعلم حفيدي ذلك،سأفضحك أمامه .
تجهمت ملامح ثائر ونطق بنبرة صلدة :
- سيد إرتوا ظننت أنك تخجل من الاتصال بي أو الاعتذار مني عما فعلته ابنتك ، ألم يصلك أنها كانت على علاقة بتوماس؟ بماذا ستخبر ابني ؟ هل ستقول له حقيقة أمه الخائنة ؟ لم أعهدك كاذبًا .
اشتعل فتيل غضب إرتوا ولكنه لم ينطق خاصةً وأنه يعلم أن ثائر محق ، ابنته أخطأت كثيرًا وتمادت في أفعال متهورة أودت بها وبحياتها ولكن من يطفئ نيرانه الآن ؟ ود لو يشعل النيران في قلب ثائر من خلال ابنه ، ود لو يحاربه بذات السلاح الذي حاربه به منذ أن وطئت قدماه فرنسا وادعى محبة ابنته .
أردف إرتوا بغلٍ وحزنٍ سافر :
- سأنتقم ثائر ، سأنتقم من كل من تسبب في قتل ابنتي ، وسآخذ حفيدي شئت أم أبيت .
ابتسم متهكمًا وأجابه بتهديد واضح ونبرة غليظة :
- إذا ابدأ بنفسك فأنت أبٌ فاشل ، أنا أحمي ابني جيدًا ومن يحاول المساس بخصلة منه سأقطع يده وأنتزع قلبه ، لا تجرب حظك معي فأنا حينما يتعلق الأمر بمن أحبهم أصبح شبحًا واجعل حياتك جحيم .
استمع إرتوا إليه وصمت لبرهة ثم أغلق الهاتف ورطمه في عرض الحائط المقابل له وصرخ يرطم زجاجة المشروب والكأس ويقبض على كفيه عله يستيقظ من هذه الدوامة ولكن عبثًا .
❈-❈-❈
كانت تجلس على الفراش ، مندمجة بالبحث عبر حاسوبها وعلى محياها ابتسامة ارتياح .
دلف بعد أن هدأ وتجاوز ذلك الاتصال ، وجدها بهيأتها الرائعة ، خصلاتها البنية التي زاد طولها فتخطت كتفها ، منامتها الحريرية ، ووجهها الجميل الذي يعشق النظر إليه وحينما يراه لا يود أن يلتفت لأي شيءٍ حوله .
خلع سترته يضعها على المقعد ومد يده يفك ربطة عنقه واتجه نحوها متعجبًا من اندماجها في الحاسوب حيث بدأ يشعر بالغيرة منه لذا جلس ملتصقًا بها وعينيه على ما تفعل متسائلًا بضجر :
- بتعملي إيه ومشغولة عني كدة ؟ مافيش حتى حمدالله على السلامة !
مالت تقبل صدغه بحب وابتسامة دليل على سعادتها لتجيبه وهي تعاود العبث بالحاسوب :
- معلش يا حبيبي حقك عليا ، بس بنشر حاجة مهمة .
ولاها انتباهه وتساءل باهتمام :
- بتنشري إيه دلوقتي ؟
زفرت تجيبه وتسرد له ما حدث معها :
- الاسكريبت الجديد اتوزع ، ودلوقتي جايبين تقارير من جهاز التعبئة الاسرائيلي بيأكدوا فيه إن التعاملات التجارية بين مصر واسرائيل زادت خلال السنتين دول ، وعايزين يثبتوا إن كدة تبقى مصر متخاذلة ومشاركة في حصار اخواتنا ، ولما حد من اللي شاكك في موقف مصر بيطلب دليل على كلامهم ببساطة بيقولوا اسألوا شات Gpt ، وبغض النظر عن إن الشات ده صناعة أمريكية ويقدروا يتلاعبوا بيه زي ما هما عايزين بس فيه ناس كتير هتصدق .
تعمق فيها وهي تشرح له وتساءل بفضول وهو يقبض على كفها :
- وعملتي إيه ؟
تنفست تجيبه :
- ماعنديش أي شك في موقف بلدي ، ومتأكدة إن دي معلومات كلها ملعوب فيها بس أنا دايمًا بطلب من ربنا إنه يستخدمني في الحق ، خطر على بالي المساعدات اللي بتدخل من رفح وبتوصل لمعبر كرم أبو سالم اللي تحت سيطرة الاحتلال ، وده طبعًا لإن معبر رفح الفلسطيني تم تدميره واحتلاله بردو ، طيب أوراق المساعدات دي واللي هي عبارة عن مواد غذائية وطبية وفواكه وغيرها بتتأيد في حساب مين ؟
ابتسم مستمتعًا بها يتساءل وعيناه تطوف عليها :
- مين ؟
نطقت توضح :
- الكيان المحتل طبعًا ، هو اللي بيمرر الشاحنات للأسف لإنه استحوذ ع المعابر ، بدليل إن عملة القطاع هي نفسها عملة الكيان ، وده معناه إن الصادرات من مصر هتزيد طبعًا لإنها بتتسجل في تقارير الصهاينة ، يبقى ده أكبر دليل على إن كل ادعاءتهم كدب وتضليل ، ولما دخلت على شات Gpt وسألته لقيت إن معايا حق ، وبدليل كمان إن أي صادرات بتدخل الضفة بيتم تأييدها على تقارير الصهاينة بردو لإنهم مش بيسمحوا بجمارك منفصلة لفلسطين ، للأسف الكيان ده زي السرطان بالضبط لو ماتمت استئصاله هينتشر .
أومأ مؤيدًا يجيبها بحكمة :
- وخليني اقولك حاجة حزينة جدًا، هو دلوقتي مش محتاج يحتل أراضي علشان ينتشر ، هو احتل عقول كتير أوي مننا ، نجح يفرقنا كأمة عربية ، لما كلنا نتجمع على مهاجمة بعض وسب بعض وإحنا نبقى في موضع اتهام وبنحاول نثبت إننا ماعملناش كدة وهما يكدبونا وإحنا ندور على أدلة تانية ونعافر ويرجعوا تاني يكدبونا ويحرضوا علينا اولادنا علشان يثيروا فتنة عظيمة بينا ، يبقى هما نجحوا ينتشروا جوانا من غير ما ياخدوا شبر من أراضينا وبقى بينا صهاينة عرب أكتر من الصهاينة نفسهم .
زفر بقوة واستراح قليلًا وأردف بحزنٍ :
- أنا متابع كل اللي بيتقال وحزين جدًا ع الضعف اللي وصلناله ، تحرير فلسطين عايز وحدتنا كلنا كعرب وكمسلمين ، تحريرها هيبدأ لما المغربي والتونسي والجزائري والليبي والاردني والعراقي والسوري واللبناني والخليجي يحطوا ايدهم في إيد المصري ويتحركوا صح ، غير كدة مافيش تحرير لا لفلسطين ولا لينا ويا إما نفوق ونستأصل الكيان الغاصب ده قبل فوات الأوان يا إما ربنا يستبدلنا .
هزت رأسها بلا ونطقت بحزنٍ وتمني :
- بعد الشر يا ثائر ، هي غفلة وفتنة زي ما قولت وإن شاء الله نفوق منها .
أومأ وتنفس بعمق وهو يحاوطها بيده ويسحبها إليه ثم أردف بحب :
- أنا فخور بيكي جدًا ، وفخور بحبك لمصر ، بس ماتحاوليش تثبتي ، الشمس لا تغطى بالغربال ، وزي ما قولتي ده اسكريبت وعاجلًا أو آجلًا الحق هيظهر .
كرد فعل تلقائي منها أمسكت كفه ورفعته تقبل باطنه تحت أنظاره ورفعت وجهها تردف بصدق وحب :
- ربنا يبارك لي فيك ، أنت كنت سبب إني أقدر اعمل حاجة لبلدي ، كنت سبب إن يبقى ليا صوت مسموع وكلمة موثوق منها لناس كتير جدًا ، أنا اللي فخورة بيك لأبعد حد ، فخورة إن ربنا عوضني براجل وأب وزوج عظيم زيك ، أنا بحبك أوي .
كلماتها دقت أبواب قلبه ففتحها لها على مصراعيها وأسرع يحتويها ويعانقها ويملس على ظهرها بحبٍ وسعادة ، وتبادله العناق بمشاعر جياشة .
ابتعد عنها ورفع يده يحتضن وجنتها وأطال النظر في مقلتيها ليلاحظ إرهاقًا تحاول إخفاءه لذا تساءل باهتمام :
- اتعشيتي ؟
هزت رأسها ونطقت بملامح منكمشة :
- لاء ، عشيت الأولاد بس أنا حاسة إن ماليش نفس خالص ، هقوم اعملك تتعشى وأنا لما اجوع هاكل .
كادت أن تتحرك ولكنه أوقفها يتساءل :
- ليه مالك حاسة بإيه ؟
تنهدت وابتسمت تسرد له :
- اسكت يا ثائر أنا امبارح قلت معقول اكون حامل ! بس افتكرت اللوب .
ضحكت تسترسل بعفوية وهو تربت على كتفه :
- البريود اتأخرت وحسيت بدوخة وانا بطبخ الغدا وجت تاني وانا واقفة مع بسمة ودينا النهاردة ،فعلا لولا اللوب كنت شكيت إني حامل .
أردف باهتمام :
- يبقى لازم نروح نكشف .
انزعجت تردف معترضة :
- هروح اكشف علشان دوخة بتيجي ثواني وتروح ! مش بحب كدة..
استنكر بانزعاج ولكنه أردف بخبث لترضخ :
- أيوة نروح نطمن وبالمرة نشيل اللوب ده،مابقالوش لازمة خلاص ، ولا إيه رأيك؟
طالعته بتعجب وصدمة دامت لثوانٍ ثم تساءلت :
- دلوقتي ؟
أومأ يوضح وهو يتلمس خصلاتها صعودًا ونزولًا :
- أيوة، الحمد لله خلصنا مهمتنا ، مارتينا خلاص مابقاش ليها وجود ، توماس مش هيشوف النور تاني بعد البلاوي اللي لقيوها على اللابتوب بتاعه ، استقرينا في بيتنا الحمد لله ، وبكرة الصبح هتيجي واحدة تساعدك ، يبقى نشيل بقى اللوب ده ونجيب بيبي حلو صغنن يحسسني اني لسة شباب .
ضحكت بسعادة فهي تتمنى لو تنجب منه بالفعل وكانت تخشى اتخاذ هذه الخطوة في وقتٍ غير مناسب لذا أردفت بحب :
- طب مانت لسة شباب فعلًا .
نطق وهو ينحني عليها ليقبلها ويثير مشاعرها :
- مانا عارف .
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أيام
وقفت زينة بجوار كمال الذي يحمل صغيره على أعتاب المطار، تودع والدتها الباكية على عكس حالتها، فهي تشعر بالسعادة والحماس بشكل مبالغٍ فيه .
خاصةً بعدما نجحت في إنشاء قناة على اليوتيوب ودفعت مبلغًا لا بأس به كي تعلن عنها، وها هي تخطو نحو مستقبلها في البلد التي تخدم أمثالها .
يجاورها كمال بملامح باردة، ربما يراوده القليل من الحماس ولكن شيئًا ما يخبره أن هذه الهجرة لن تكون في صالحه .
أردفت بتعجل وهي تتحرك نحو الداخل :
- خلاص بقى يا ماما الطيارة كدة هتفوتنا، قلتلك اظبط أموري وهبعتلك .
أومأت والدتها ونطقت بدموعٍ وهي تقبل يد الصغير وتلوح لها :
- ماشي، خدوا بالكو من الواد، وكلموني علطول، أوعى تنسيني يا زيـــــــنة .
نطقتها بعلو بعدما ركضت ابنتها للداخل وربما لم تسمعها وحتى إن سمعت لن تعمل بها، فكل ما تريده زينة هو الوصول لرغباتها فقط وكل من حولها هم مجرد وسيلة.
❈-❈-❈
استلم إرتوا جثمان ابنته وتم دفنها أمس وتم نشر الخبر في معظم الصحف الفرنسية برغم أنه حاول ألا يُعرف سبب موتها ولكن تم تسريب الخبر وانتشر كالنار في الهشيم لذا فهو قرر أن يلتزم منزله هذه الفترة ولا يلتقي بأحدٍ قط .
❈-❈-❈
جهز صالح منزل الزوجية، كان يصطحب دينا يوميًا للتسوق واختيار ما ترغب به وباتا على وشك الانتهاء خاصةً وأن حفل الزفاف خلال يومين فقط .
داغر التزم بتنفيذ وعده مع تجهم ملامحه الدائم ولكنه يحرص على تجهيز أمور الزفاف سريعًا وليرى هل حقًا ستنفذ ما قالته أم أنها لا تبادله ذات المشاعر أم أن تلك الحدود التي تحدثت عنها ستتسبب في شروخٍ بينهما ؟.
❈-❈-❈
في العيادة الطبية
جلست تجاوره أمام الطبيبة النسائية التي رحبت بهما وتساءلت بترقب :
- خير يا مدام ديما بتشتكي من إيه؟
نظرت ديما إليه ثم عادت تطالعها وتردف موضحة :
- أنا جاية اشيل اللوب يا دكتور .
أومأت الطبيبة بتفهم وقالت وهي تشير نحو سرير الفحص :
- طيب اتفضلي معايا نفحصع الأول.
أومأت ونهضت تتحرك معها تحت أنظار ثائر الذي أشار لها بإصبعه الذي يقلبه نحو فمه في إشارة منه لتخبر الطبيبة بما يحدث معها وبالفعل استرسلت توضح وهي تتمدد على الفراش والطبيبة تقترب منها :
- وعايزة اعرف إيه سبب إن البريود تتأخر، وكمان فيه دوخة بتيجي لثواني، وامبارح حسيت بغثيان .
نظرت لها الطبيبة بشك والتقطت جهاز الفحص وبدأت تحركه على بطنها بعدما رفعت بلوزتها .
استمر الفحص لدقائق لتزداد شكوك الطبيبة لذا أردفت وهي تنهض وتنهي الفحص :
- طيب إحنا قبل ما نخلعه لازم تعملي تحليل مهم .
نهضت ديما تهندم نفسها وتتبعها لتعود تجلس مقابل ثائر الذي تساءل باهتمام بعدما قرأ ملامح الطبيبة :
- فيه حاجة معينة شاكة فيها؟
نظرت له الطبيبة ومطت شفتيها تحاول إخفاء شكها إلى أن تتأكد :
- خليها الأول تعمل التحليل ده دلوقتي وهنشوف، ماتقلقوش خالص كله تمام .
رفعت الطبيبة سماعة الهاتف وطلبت حضور ممرضةً ما وبالفعل جاءت الممرضة ووقفت أمامها لتردف الأولى :
- خدي مدام ديما واعمليلها تحليل حمل رقمي.
شهقت ديما ونظرت لها تردف مستنكرة :
- حمل؟
أومأت وهي تنظر لكليهما وتوضح بمهنية :
- احتمال كبير يكون في حمل، بالرغم من إن نسبة حدوث حمل ع اللوب قليلة جدًا بس بتحصل، وعلشان لا سمح الله ما ندخلش في مخاطر هتعملي التحليل ده ونتأكد وبما أنه لسة في البداية خالص عادي هنشيل اللوب اللي اتحرك من مكانه وبعدها إن شاء الله مايبقاش فيه مشكلة، بس بردو خلونا نتأكد ونعمل التحليل .
استمع ثائر إلى ما تقوله بتعجب بالغ، هل ديما حامل؟ هل حقًا فعلها دون أن يدري؟
تساءل باهتمام وقلقٍ في آن :
- فيه أيّ مخاطر على ديما؟ لو فيه أي مخاطرة يبقى نتصرف فورًا.
ابتسمت الطبيبة توضح بتروٍ :
- شهور الحمل نفسها على أي سيدة فيها مخاطرة ، ماتقلقش صدقني لو فيه أي حاجة هعرفكوا،بس الأول خلونا نعمل التحليل يمكن مايبقاش فيه حمل أصلًا.
أومأت ديما بحالة من الصدمة ونهضت وتبعها ثائر وتحركا نحو الخارج مع الممرضة لتجري التحليل .
❈-❈-❈
في مطار القاهرة
كان يدلف أحمد وزوجته وولديه، يدفع كل منهما حقائبه،ينتظر أحمد حوله بحالة من النشوى والحنين.
أخيرًا عاد إلى بلده بعد سنوات من الغربة،عاد بعدما ظن أنه لن يعود أبدًا، عاد ليصحح أخطاءٍ تركها خلفه، عاد ليخطو نحو مستقبلٍ مختلف ويتأمل أن تفتح له الدنيا ذراعي الحظ .
حالته كانت عكس حالة سها وأولاده، لا يفضلوا المجيء هنا، لا حنين ينتابهم ولا حماسٍ يذكر، هي فقط أتت لتحقق رغبة وحلمًا طال انتظارهما وستعود بعدها إلى دبي فهي تعلم جيدًا أنه لا يمكنها البقاء هنا بعد ما تفعل ما تنويه،أما ابنتها فشعرت بمللٍ وضيق منذ أول خطوة خطتها هنا،هذه الأجواء لا تناسبها ولكنها مجبرة على التحمل هذه المدة القصيرة،مثلها مثل شقيقها الذي قرر أن يصمت كي لا يخسر كثيرًا .
كانت في انتظارهم سيارة الأجرة التي استقلوها والتفت أحمد ينظر لهم ويردف بترقب :
- هنروح نسيب الشنط في الفندق ونطلع على بيت أهلي، أنا كلمت ماما وعرفتها إننا رايحين .
كادت ابنته أن تعترض ولكن سها لكزتها وأومأت له مبتسمة تردف بخبث :
- أه طبعًا لازم نروح لهم، الأولاد نفسهم يشفوهم .
تعمق فيها وقرأ خبثها لذا التفت ينظر أمامه، بينما هي غمزت لابنتها كي تهدأ ثم التفتت تنظر من النافذة وتفكر، سترى ثائر بعد قليل، تعلم أنه يقطن مع عائلته.
تنفست بعمق وحماسٍ خاصةً وأن هذه المرة لن يستطيع أن يهرب منها مثلما حدث في دبي،باتت على بعد خطوةٍ منه،خاصةً وأنها علمت بخبر موت مارتينا التي كانت عقبة في طريقها،أما تلك الكاتبة فهي لا تراها من الأساس .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ
جلسا أمام الطبيبة مجددًا وهي تخبرهما وتؤكد لهما أنها بالفعل حامل .
الخبر جاء في وقتٍ لم يكنا يتوقعاه قط، لهذا فحالتهما هي الذهول، ينظران لبعضهما وكلٍ منهما يخبر الآخر عبر نظراته ب ما هذا القدر ؟ من بين كل مئة امرأة هناك اثنتين فقط من يمكنهما الحمل مع اللوب، تتساءل ما سبب هذه الصدفة يا ترى؟
نطقت الطبيبة بعملية حينما وجدتهما صامتين :
- دلوقتي هتتفضلي معايا علشان نشيل اللوب ونتابع مع بعض الحمل باذن الله، بس لازم شوية تعليمات هتمشي عليها كويس جدًا طول فترة الحمل.
أومأت بصمتٍ بينما أردف ثائر مستفسرًا :
- والمفروض إن الحمل بقاله أد إيه؟
- 37 يوم على حساب معاد آخر بريود ، لسة في البداية خالص، وكويس جدًا انكوا جيتوا في الوقت ده علشان مهم جدًا إن اللوب يتشال ونتابع مع بعض إن شاء الله .
بعد عدة دقائق
يستقلان السيارة، يقود ثائر بسعادة لا مثيل لها، كأنه يحظى بالأطفال للمرةِ الأولى، يعلم أن هذا الطفل هو رزق وعوض من ربه له عما عاشه على مدار سنوات، خاصةً وأنه من سيدة قلبه ديما.
أما هي فشاردة تنظر من النافذة وتفكر وتضع يدها على معدتها لتداري شعورها بالألم.
لم يكن ألمًا شديدًا لذا لم يظهر على ملامحها ولكنها تفكر، بماذا ستخبر أولادها وكيف ستكون ردة فعلهم وهل سيتقبلون هذا الصغير؟ خاصة مالك الذي يغار عليها من ثائر ولم يتجاوز غيرته بعد ؟
كانت ستمهد له الأمر أما الآن فهي مجبرة على إخبارهم مباشرةً.
انتبهت على صوته حينما سألها باهتمام :
- فيه حاجة بتوجعك ؟
التفتت تواجهه وهزت رأسها تجيبه بعدما تنفست بعمق :
- لا أبدًا كويسة، بس بفكر هنقول إيه للأولاد، وماتنساش إن معاذ لسة ماعرفش بموت مارتينا، حاسة إن الأمور اتلغبطت شوية.
مد يده يلتقط كفها ويلثمه قائلًا بتروٍ :
- ولا اتلغبطت ولا أي حاجة، بالعكس ده يمكن خبر البيبي الجديد يخلي معاذ يتجاوز خبر موت مارتينا ، أنا واثق إنه هيفرح جدًا، وطبعا رؤية هي كمان هتفرح، أما مالك بقى ممكن هو اللي يضايق شوية بس أوعدك هيكون ليا معاه قاعدة طويلة نتكلم فيها عن كل اللي مضايقه، ماتشليش هم حاجة خالص، المهم دلوقتي ننفذ كلام الدكتورة بالحرف، نمشي على الخطوات وتاخدي الأدوية.
زفر بإحباط يسترسل مجبرًا :
- ونمنع الممنوعات، أمرنا لله.
استطاع جعلها تبتسم وتربت على كفه ثم أردفت بترقب وهي تنظر للطريق :
- إيه رأيك لو عدينا على ماما علياء نشوفها ونشوف بابا بما إننا قريبين منهم،وبالمرة نبلغهم الخبر ده !
نظر في ساعته وأردف :
- كنت هوصلك وارجع ع المجلة، بس تمام ممكن نروح شوية .
دست يدها في حقيبتها تستل هاتفها وتردف :
- طيب هكلمها واعرفها .
حاولت الاتصال بها ولكن هاتفها كان مغلقًا لذا زفرت تستطرد :
- الموبايل مغلق، تفتكر نروح ولا بلاش؟
ابتسم يجيبها بحب وهو يقود متجهًا لمنزل عائلته :
- نروح طبعًا، من غير اتصال أصلًا علياء هانم نفسها نرجع نقعد معاها تاني.
مطت شفتيها تجيبه بصدق :
- طب تعرف أنا كنت هقترح عليك نقنعهم ييجوا يقعدوا معانا، الفيلا واسعة وأنا بجد محتاجاهم جدًا معايا،انا اتعودت على وجودي وسطهم ، ياريت يا ثائر بجد نكلمهم ونحاول نقنعهم .
شرد يفكر قليلًا، لا يحبز تلك الفكرة لذا أردف :
- ماعتقدش انهم هيوافقوا، بس أنا ممكن ابقى اقترح الموضوع على بابا لو وافق هو اللي هيقنع ماما، ولو ماقبلش يبقى انسي .
أومأت بتفهم بينما هو انطلق متجهًا إلى وجهته ولا يعلم كلٍ منهما ماذا ينتظرهما هناك
يتبع...