-->

رواية جديدة عشق الرعد لسماء أحمد - الفصل 4

 قراءة رواية عشق الرعد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية عشق الرعد 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد 



الفصل الرابع 

❈-❈-❈


" بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، بالرفاه والبنين " 

هذه الجملة ختم بها الشيخ كتب كتاب عشق ورعد، بعد مواصلة نصف ساعة من الدعاء لهما، تقف خلف الباب بفستانها وداخلها يخفق كلما دعى الشيخ لها وللشخص المجهول


تعالت زغاريد النسـ ـاء حولها كذلك أمها التي تضمها بقوة وتُقـ ـبل جانب جبهتها بحنية، وقف رعد بعدما مضى يسلم على الرجـ ـال وبجانبه ياسين يضحك باستفزاز فلقد وقع الرعد في مصيدة الزو اج


رعد لنفسه : يا رب حتى لو مكنتش أعرفها ولا عمري شوفتها بس بقت على اسمي، بقت مسئولة مني، يا رب قدرني ارعاها ومظلمهاش لحظة وأكون ليها خير الزو ج وتكون ليا الزو جة الصالحة، يا رب لو أحنا خير لبعض ابقينا ولو شر لبعض ابعدنا بالمعروف 


تنهد وهو يكمل بينه وبين نفسه بتكرار وقلق : يا رب قدرني ومكنش الوحش 


مر الوقت عليه دون شعور، من التوتر لم ينظر لصورة العر وسة حتى حسناً يكفي انه يعرف اسمها، " الزو اج " حقاً من يدرك حجم الكلمة لا يتزوج أبداً 


جلست عشق في الغرفة وقد تحكم فيها توترها، في البداية أخذت الموضوع كمزحة سخيفة وسوف تنتهي لكنها الآن على ذمة رجـ ـل حقاً 


" زوجـ ـها ! " ما هذه الكلمة الكبير على شخصية عشق التي ظنت أنها ستبقى عمر كامل بجانب والدها دون زو اج، فرت الدموع من عيناها وأتت لها جميع تخيلاتها عن الصعيد وما يفعلوه بالفتيات، دقائق وسوف يأتي وربما يكون ممتلىء بكلمات أهله عن وقاحـ ـتها


اتجهت للخزانة تفتحها ثم أخرجت أحد الروايات الصعيدية وجلست تقرأ فيها، ارتجفت أوصالها وهي تجد قسوة وصف الكاتب عن عادتهم، لطمت خدها بخفة وهي تندب حظها سرعان ما رمت الكتاب ودخلت في نوبة بكاء قوية 


استمعت لصوت الباب ينفتح فضمت أرجـ ـلها لصـ ـدرها وهي تبكي بصوت أعلى ثم قالت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 


دخل رعد ينظر لأرجاء الغرفة المظلمة باستغراب ففتح النور، عقد حاجبيه باستغراب ممزوج بقلق وهو يجدها تبكي هكذا 


رعد : أنتِ كويسه ؟ 


تلك البحة التي في صوته جعلتها تبدأ في الهدوء فاردف : بتعيطي ليه ؟ 


لم تجب وعادت تبكي ليقترب منها بضع خطوات حتى استقر أمامها، بدأت بالسعال وتعالت أنفاسها السريعة والسطحية وهي ترفع وجـ ـهها له لتصدر صوت مع كل شهيق تأخذ وزفير تخرجه


رعد بصدمة : أنتِ ! 


وضعت يـ ـدها على عنـ ـقها وهي تسعل بشدة فاتجه سريعاً للأدراج يبحث عن بخاخ ثم قال : في هنا ولا لا ؟


عشق بأنفاس سريعة : في 


أخرج بخاخ واتجه لها يحاوط كتفها وهو يجلس بجانبها ثم وضع البخاخ في فمها، بدأت تهدأ تدريجي وهو يربط على جانب ذرا عها 


بعد وقت سندت على كتفه ثم قالت : أنا عارفاك، البرفيوم بتاعك مألوف ليا اوي كمان صوتك، أنت هو صح ؟ 


رعد باستفهام : أنتِ عشق ؟ 


رفعت عيناها وهي تقول : أة 


أغمض عيناه لبرهة ثم ابتسم بخفة لم يأتي في أحلامه حتى ان تكون هي العر وسة، تأمل وجـ ـهها بضع لحظات ثم نظر أمامه 


رعد بهدوء : كنتِ بتعيطي ليه ؟ 


عشق وهي تبتعد ثم جلست أمامه : قولي بس أنت هو صح ؟ 


رعد : أيوة وهاتي الجاكت


انفجرت ضاحكة وهي تنفي برأسها قائلة : مش هتاخده لا


رعد بضيق واضح : تمام


عشق باستنكار : هو أنت فقير للدرجة دي ما تشتري غيره


رعد : كانت آخر هدية والدي جابها ليا، هاتيه


عشق بعناد : لا 


وقفت وهي تصفق قائلة : أنا فرحانة اوي 


رعد : كنتِ بتعيطي ليه ؟ افهم بقى 


ظلت تنظر له لوقت ثم انفجرت ضاحكة، وقف أمامها يعقد حاجـ ـبيه باستغراب ثم قال : يا بنتي في ايه ! بتبصيلي كده ليه ؟ 


عشق باستفهام : بتعرف تقرأ ؟


رعد بنفي جاد : لا، حاولت اخد محو الأمية وفشلت 


اتجهت تحضر روايتها ثم بدأت تقلب فيها لتعطيه إياه مفتوح على صفحة قائلة : خد أقرأ ده وهتعرف أكون خدت شاور سريع وفوقت كده


رعد : تمام 


اتجهت للسرير تأخذ ما عليه ثم هتفت باستنكار : ايه قلة الأد ب دي ! واحد اعرفه من ربع ساعة البس قدامه كده


رعد بتسلية طفيفة : المفروض متلبسيش غير كده


وضعت يـ ـدها على عيناها بخجل وهي تتجه للخزانة ترمي ما بيـ ـدها واخرجت بيجامه ستان بيضاء لم تهتم برؤيتها، اتجهت للحمام تخلع فستانها دقائق وعادت له قائلة : أنت يا ... 


رفع وجـ ـهه يهز رأسه باستفهام فأشارت على الفستان، وقف واتجه لها يساعدها في فك وثاقه ثم همس في أذنها : رعد اسمي رعد


عشق بشهقة : بسم الله الرحمن الرحيم دا اسم دا ! 


رعد بهدوء وهو يبتعد : أنتِ شايفه ايه ؟


عشق وهي تتجه للحمام : مش شايفه حاجة خالص


دقائق وخرجت ترتدي بنطلون يصل للركبة وبلوزة كت رفيع، تأملها قليلاً بتقييم ثم هز رأسه وهو يغلق الرواية قائلاً : أنتِ بتقرأي الهبل ده ؟ 


حركت عيناها بعشوائية فأكمل : هي القراءة حلوة بس مش قراءة ده، دا بيعمل عقدة للإنسان مش بيثقفه 


عشق بخجل : يعني الوقتي هيحصل ايه ؟ في حد مستنيك تحت صح ؟ 


رعد بهدوء : هيستنوني ليه ؟ يا عشق دي حياتنا أحنا، حياة عشق ورعد يبدأوها النهاردة بكرة بعد شهر سنة ميبدأوهاش دا يخصنا وأنا مسمحش لحد يدخل في خصوصياتنا ولا اسمحلك تخرجي خصوصياتنا 


وضعت يد يها على جانب وجهها ثم اقتربت منه تدفن وجهها بصـ ـدره وتبكي، ربط على ظهـ ـرها بخفة وهو يضـ ـمها قائلاً : بتعيطي ليه الوقتي ؟


عشق ببكاء : مش عارفة 


ابتعدت عنه ثم جلست على طرف السـ ـرير تمسح دموعها فاتجه للخزانة يخرج ملابس له ودخل الحمام، دقائق وعاد ثم اخرج سجادة صلاة وفرشها على الأرض يصلي العشاء، ظلت تنظر له حتى أنتهى ثم نظر لها 


رعد : ما تقومي تتوضي وتعالي نصلي 


اكتفت بهز رأسها دقائق وعادت ترتدي إسدال ثم وقفت خلفه يصلي بها، وضع يـ ـده على رأسها ثم قال : اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه 


طوى سجادته ووضعها في مكانها ثم اتجه يغير فر ش السرير فاردفت : اشمعنا هو نضيف أكيد اتفرش النهاردة


رعد بانزعاج واضح : متخيلة كم إيـ ـد مسكته وهي بتفرشه 


عشق بصدمة : أنت منهم 


رعد بإبتسامة : مش اوي بس فيا نسبة 


اقتربت منه ثم وقفت أمامه قائلة : أنت خضار عينك دا طبيعي 


انحنى أمامها قائلاً بمرح : أنتِ شايفه ايه ؟ 


بدأت تضحك ثم حاوطت عنـ ـقه قائلة : مكنتش أحلم جـ ـوزي يبقى ذي القمر كده، أنا فرحانة بيك اوي 


رعد لنفسه : وأنا مكنتش أحلم إنك تكوني العرو سة، عشق متاهة الرعد 


أنتهى من ترتيب سريره ثم تمدد يفتح الدرج وأخرج أحد كتبه التي لا يسير بدونها ووضع نظارته ثم بدأ يقرأ، اتجهت عشق تجلس بجانبه ثم وضعت رأسها من اسفل يد يه تنظر للكتاب فابتسم بخفة


رعد : في ايه ؟


عشق بضيق : زهقت أنت مبتزهقش بقالي ساعة نطيت خمسمية نط حبل وحطيت كريمات الدنيا وحاولت أنام معرفتش، ينفع اطلع اروح لبابا ؟


رعد : لا أكيد أنتِ عايزة تفضحينا ولا ايه ؟


عشق : طب ايه ؟ 


رعد وهو يغلق الكتاب : أنتِ عايزة ايه يا عشق ؟


عشق بنفي : لا والله استنى شويه أنت فهمت ايه، مقصدش لا يخربيت الظلم أنا اقصد يعني نقعد نرغي والنبي ما تفهم حاجة تانية 


رعد بإبتسامة بسيطة : عليه الصلاة والسلام، بصي أنا كدة يا يمين يا شمـ ـال 


عشق بلهفة : يمين والله يمين يا ربي ايه اللي أنا بنيله ده ! ارجع اقرأ وأنا هنـ ـام خالص أنا نمت أساساً 


ورفعت الغطاء الخفيف فوق رأسها دقائق وكشفته ليغلق الكتاب مرة أخرى بعدما فتحه ويدخل في نوبة ضحك طفيفة غير معتادة، تعالت أنفاسها وبدأت تسعل مرة آخرى فسحب البخاخ ورفعها على ذر اعه بقلق، وضع البخاخ في فمـ ـها وبدأ يضغط عليه حتى أنتهى ثم ضمـ ـها له يربـ ـط على ظهـ ـرها


عشق : معلش بقى متجـ ـوز واحدة عشرينية بس في الخمسين من عمرها


رعد : أنا بزعل عليكي أنتِ


عشق : تيجي احكيلك موقف احزنني بسبب الأزمة


رعد : سامعك 


عشق بحزن : كنت مرة مع أصحابي وجتلي وتعبت جامد، كنت حاسه بروحي هتطلع مني بعدين مكنش معايا بخاخة راحوا قالولي هاتي فلوس نجبلك واحده 


ضحكت بدون نفس فطبع قبـ ـلة حنونة على جبينها وهو يقول : مش عايزة تنامي بقى ؟


عشق بعبوس : متتجاهلش أي موقف احكيه ليك حتى لو ملوش رد لو سمحت


رعد بهدوء : حاضر يلا بقى أنا جيه معاد نومي


عشق بانزعاج : بس أنا مش عايزة أنام، تعالى احكيلك أحزاني كلها لحد ما انعس 


تمدد على ظهـ ـره ينظر لأعلى، تفاجىء بها تضع رأسها على صـ ـدره وتتحدث معه بتلقائية، عقد حاجبيه باستغراب ثم رفع يـ ـده يحـ ـاوط كتـ ـفها وضمـ ـها له، بدأ رعد يستمع لها إما يجيب بكلمات بسيطة او لا يتحدث نهائي، غفت عشق بعد وقت فقـ ـبل جبينها وظل يتأملها بإبتسامة بسيطة حنونة يربط على شعرها بحنية


رعد لنفسه : بين يوم وليلة يا رعد


❈-❈-❈


خرجت نور من تلك الغرفة تسير في الحديقة بملامح باهتة شاردة، وقفت تنظر لتلك اللامعة في سماء الصعيد بإبتسامة خافتة، وقف أحمد بجانبها يتأمل ما تتأمل دون حديث 


نور : لسه صاحي ليه ؟


أحمد بهدوء : تفتكري ممكن يجيلي نوم في مكان أنتِ فيه ومش في حضني 


اتسعت عيناها ورغماً عنها فرت الدموع منها لتردف : عامل ايه في حياتك ؟


أحمد : كنت لحد ساعات مرت كويس بس الوقتي معتقدش، عشق اتجـ ـوزت


نور بتنهيد حزين : مش عايزة أقولها بس هي محسستكش بغيابي صح ؟ 


نظر لها بضع لحظات دون حديث ثم قاطعه قائلاً : لقيتي راحتك في البعد يا نور ؟


نور بدموع تنساب : أنا لحد الوقتي مش عارفة ايه الحكمة إني اختفيت يا أحمد بس صدقني حاسه إني بعيش أخر أيامي، العمر في الفراق بيعدي ببطء وكل لحظة جزء من روحك بيطلع


أحمد : ارجعي 


مسحت دموعها بظهر يـ ـدها وهي تقول : معتش ينفع، معتش يجي منه 


أحمد بتنهيد : على كل حال اللي يريحك، لو عايزة ترجعي المنصورة ارجعي وصدقيني مش هوريكي وشي


نور بهدوء ظاهري يخفي ألم كبير : أنت نسيت إني مكنش ليا مكان غير بيتك يا أحمد، نسيت إني بنت البواب بتاعكم ومنها مراتك، بس أنا نسيت نفسي وفوقتلها بعد غفلة ستاشر سنة، لما جيت أنت اتعاملت كأني الغلطانة في القصة بس يا أحمد غلطي فين ؟ في البعد كنت متوقع ايه يعني ؟ فكرت مرة تحط نفسك مكاني وتتخيل الموقف 


أحمد بهدوء : بعيد عن الحب يا نور دا محلل ليا ومُحرم عليكي، متقارنيش حاجة بحاجة مفهاش مقارنة 


التفتت له ومسـ ـكت ملابـ ـسه لتلتمع الشراسة والغضب في عيناها قائلة : في الحب مفيش دا يا أحمد، لو بتحبني مكنتش ... مش مصدقة حتى ليلتها كنت معايا في حضـ ـني وفي لحظة تقوم وتروح تتـ .... 


أغمضت عيناها بقوة تبتلع تلك الغصة التي تسببت بها هذه الذكرى، أكملت بقهر : المشكلة يا أحمد إنك مش حاسس بالذنب ودا ملوش غير معنى واحد، إنك عمرك ما حبتني 


أحمد : ولا أنتِ يا نور حبتيني، اللي بيـ ـحب بيسامح مش بيـ ـعذب ويأذي 


نور بصراخ غاضب : دا اللي أنت شايفه يا أحمد، بعد كل الحب دا دي فكرتك 


أحمد بحدة : ذي ما دي فكرتك


دفعته بكلتا يد يها واتجهت مبتعدة، سارت بضع خطوات ثم عادت تجـ ـذبه من ملابـ ـسه ولم تعطيه مجال للتحدث، حاو ط أحمد وجهـ ـها يبادلها قبـ ـلتها ولم يستطع أي منهما السيطرة على مشاعره، كلاهما بحاجة الآخر وبشدة، حملها أحمد واتجه داخل منزل غير منزله لكن نور معه فيه وهذا يكفي، حاول إرواء ولو قليل من اشتياقه لها لكن ليلة لا تكفي يا سادة فهؤلاء خمس سنوات، ليلة كاملة لم ينام أي منهما حتى الصباح.


❈-❈-❈


مر الليل على الجميع

فتحت عشق عيناها على صوت دق على الباب فاعتدلت جالسة تيقظ رعد، فتح رعد عيناه وجلس قليلاً ثم وقف يتجه للباب وفتحه


الفتاة : صباحية مباركة يا بيه، اتفضل الوكل 


أخذه منها وشكرها ثم اتجه للداخل يضعه على المنضدة الصغيرة، اتجه للحمام يتوضأ كعادته وخرج يصلي فوجدها تجلس وتتناول طعامها 


رعد باستغراب : مش هتصلي ؟ 


عشق : أصلي ايه ! أنا هموت من الجوع أكل بعدين أصلي مش ربنا قال كدة 


رعد : ربنا ! الف هنا كلي بالراحة عشان متتخنقيش


عشق بإبتسامة سمجة وفمها ممتلىء بالطعام : حاضر


أدى رعد فرضه ثم جلس يدعو قليلاً ووقف يضحك عليها وهي تنام بعدما شعرت بالشبع، سحبها لتجلس ثم جلس بجانبها يسندها 


رعد : طالما أكلتي مفيش نوم 


عشق بنعاس : خمس دقايق بس 


رعد وهو يمد لها كوب العصير : ولا ثانية اقعدي اشربي العصير 


عشق بمرح : كان نفسي مردش إيـ ـدك بس بيوطي ضغطي وبيتعبني 


وضع كوب العصير والتقط اللبن قائلاً : يبقى اللبن 


ضحكت بسماجة وهي تقول : لتاني مرة كان نفسي مردش إيـ ـدك 


وضع يـ ـده على جبهتها وكوب اللبن على فمها قائلاً : افتحي بوقك يلا، عشق هيغرق هدومك


فتحت فمـ ـها مرغمة تبلعه وهي تغمض عيناها بقوة، انتهت منه وهي تصرخ بغضب وتدفـ ـعه عنها، وقفت متجهة للحمام فسحب يدها قائلاً : على فين ؟ 


غمت نفسها فأشارت له أنها سوف تفرغ ما بجوفها، وقف ووضع يـ ـده على فمـ ـها يمنعها من هذا، شعور برغبة في القيء يأتي ويذهب عدة مرات حتى هدأت


عشق : أنت عملت كده ليه ؟ 


رعد بهدوء : ممكن نقول عناد عشان قومتي تاكلي حتى مغسلتيش وشك، وممكن نقول بديكي عادات حلوة ذي مثلاً إنك مجتيش نحية الأكل المفيد وكل اللي أكلتيه ضار ومليان سمنة وحاجات مهدرجة ودا غلط عليكي


عشق بحدة : أنت بجد طفل 


ضحك باستهزاء وهو يجلس يتناول طعامه، يتناول كل ما هو مفيد فقط، طريقه تناوله غريبة حسنًا سوف تسأله فقالت : هو أنت مش بتقرف ؟ بتاكل دا أزاي بقى 


نظراته الغامضة تلك ينثرها عليها ثم قال : جدتي اللي بتحضر الفطار ليا 


عشق بفضول : مش بتقرف منها ؟ غريبة والله 


تجاهل الرد، فضربت قد مها في الأرض بغيظ وغضب ثم قالت بنبرة صارخة : لما اكلمك متتجاهلنيش أنا مش بكلم نفسي


ملامحه لا تتغير بسهولة، وجدته يقول : كأنك عليتي صوتك ؟ هدي صوتك وأنتِ بتكلميني كمان وأنتِ بتتكلمي أساسا


عقدت حاجبيها بانزعاج ثم تمـ ـددت على السر ير وسحبت وسادته تضعها فوق رأسها، وغفت، غسل رعد يـ ـده واتجه لها يسحب الوسادة ليجدها تتنفس بصعوبة، عدل من وضعها فبدأت تتنفس جيدًا، غريبة هذه العشق حقًا، بداية من عدم قراءتها لاسمه وهي تمضي كذلك عدم اهتمامها برؤيته إلى تصرفاتها معه كأنها تعرفه منذ عقود مضت. 


❈-❈-❈


في طريق عودته للقاهرة كان يفكر فيها وفيما سوف يفعله معها، تسلل ببطء لقلبها ولأنها لم تخوض تجربة حب سابقة سهل هذا له كثيراً، وصل أمام منزلها يرن عليها ثواني واستمع لصوتها 


چمان : الو 


ياسين : أنا واقف بره مستنيكي تعالي 


چمان بصدمة : بتهزر يا ياسين ! بابا لو شافك ... 


ياسين بضيق : مستنيكي يا چمان 


وأغلق بوجـ ـهها دقائق وطلت بإسدالها تلف حجابها بعشوائية، ابتسم بخفة وهو يسند بظهره على سيارته ثم قال : ايه الصباح الحلو ده !


چمان بخجل : بس بقى، أنا جيت أهو يلا امشي بقى 


ياسين بصدمة مصطنعة : بتطرديني ! وأنا اللي جاي جري عشان أشوف خطيبتي، تصدقي أنا غلطان 


چمان : مش قصدي يا ياسين بس يعني ..


ياسين بمرح وهو يقلدها : بس يعني ! أنا بتكسف يا ياسين 


شهقت بخفة وهي تضرب ذرا عه فتعالت ضحكاته لينحني أمام وجـ ـهها قائلاً : مش ناوية تحني بقى 


عقدت حاجبيها فأكمل : مش ناوية تيجي بيتي وتنوريه يا جوجو 


اشتعل خد يها بخجل أصبح محبب له ثم قالت : لسه بدري مستعجل على ايه ؟ 


ياسين : بدري من عمرنا نكمله سوا 


أغمضت عيناها بقوة ثم انطلقت جرياً للمنزل فتعالت ضحكاته الخبيثة وهو يعود لسيارته يقودها عائداً للمنزل، رن هاتف چمان فابتسمت بخفة وهي تجد اسم أحمد ينير الشاشة 


چمان : سلام عليكم، أيوة يا بابا 


أحمد بهدوء : عليكم السلام، محمد عامل ايه يا چمان ؟


چمان بإبتسامة : الحمد لله أحسن بكتير والنهاردة نازل الشغل 


أحمد باستغراب : نازل الشغل ! الشغل أهم من عشق عندكم 


چمان : ما هو هياخد اجازه يا بابا وهنزور عشق في آخر الأسبوع 


ضحك أحمد بخفة ثم قال : لا كتر ألف خيركم قولي لباباكي ميتعبش نفسه لأن مش مُرحب بيكم يا چمان في بيت بنتي، أنا كرمت الدنيا عشانها ومعنى إن محدش يكرمها يوم يبقى محدش ليه لازمة


چمان بلهفة ودموع : يا بابا 


أحمد بنبرة قاطعة : مع السلامة يا چمان 


❈-❈-❈


جلست سيلا في المكتب الذي يجمعها ببعض الفتيات والشباب فهي تعمل بجانب كليتها حتى تتمكن من دفع مصاريفها وتلبية احتياجاتها، أحمد من الناس القليلة في هذه المدينة التي يعتمد إعتماد كلي في عمل إداري على الطلاب، الجميع يحبه هنا وهي من الناس التي تحسد ابنته عليه 


تحدث أحد زملائها في العمل : كل المدراء مش بيردوا معتش حل غير مستر يوسف وأنا مستحيل اكلمه 


أحد الفتيات : ليه بس دا so cool 


تحدث شاب آخر : والله ما أعرف البنات بتحبه على ايه ! دا كارثة متنقلة 


عاد الشاب الأول يتحدث : يا ابني بسببه كانت خطيبتي هتسبني اسألني ليه ؟ 


الشاب : ليه ؟


رد قائلاً : كل أما يشوف وشي يقول يا عبدالرحمن بتحب حنان وحنان مخطوبة، قابلني مرة على المشاية مع خطيبتي يقولي ازيك يا عبدالرحمن بتاع حنان وهي صدقت


ضحكت سيلا بخفوت على شقاوته التي يعلمها الجميع لتردف سريعاً : أنا ممكن أكلمه 


أعطاها الهاتف قائلاً : تبقي عملتي خير فينا كلنا 


رنت سيلا عليه وكل جرس تنبية بأن هاتفه يرن هناك يجعل قلبها كأنه يخرج من مكانه ويعود من كثرة توترها، أتاها صوته الناعس أوه ويا ليتها زو جته لتكون بجانبه وهو نائم هكذا، تقسم إن حدث لن تحزنه او تغضبه وسوف تنعم بحضـ ـنه وتجعله ينعم بدفئها، سوف تكون له أفضل مما يتمنى 


يوسف : الو 


سيلا : مستر يوسف 


يوسف بنوم : صوتك دا ولا نغمة، مين ؟


سيلا وهي تضغط على أناملها : أنا سيلا موظفة في قسم ترتيب الباصات وحصل مشكلة بين اتنين سواقين دلوقتي، كمان مش عارفين نتصرف والمدراء غايبين كلهم


يوسف بانتباه : ثانية قوليلي مين غايب ؟ 


سيلا بتوتر : كلهم 


يوسف : دي وقعة سودة على دماغهم، تمام يا سيلا أنا هتصرف يا قمر وشكراً 


سيلا بخجل : العفو يا مستر 


يوسف : والنبي قلب المستر رفرف من صوتك بس، سلام سلام 


ضحكت برقتها التلقائية فاتسعت إبتسامتها، أغلقت الهاتف ثم اعطته لزميلها في العمل، ضربات قلبها لا تتوقف بل تزداد كلما تذكرت حديثه معها 


❈-❈-❈


في مساء نفس اليوم 

وقف رعد أمام عشق التي أخذت دش لتوها ثم وقفت أمامه تر تدي بر نص " bathrobe " بينك اللون، تنساب خصلاتها خلف ظهرها وبعضها يتمرد على وجـ ـهها، لقد تز وج فتاة غريبة الأطوار، بعيدة كل البعد عن الخجل وهو يعتبر رجل غريب عنها


رعد بنبرة هادئة : عشق مش هينفع تلبسي بلوزة وبنطلون، اسمعي الكلام


عشق بعناد : مش هسمع حاجة أنا حرة 


رعد بانزعاج : معتش في حاجة اسمها حرة فاهمة ؟ أنتِ على ذمتي وبتحاسب على أفعالك قدام الناس وقدام ربنا بعدين أنا مرضاش تبقى مش محجبة 


عشق بانزعاج : أحنا هنبدأ فيها ولا ايه ! أنت صدقت إن ده جو از بجد 


رعد وهو يضيق عيناه : وايه اللي ميخلهوش بجد ؟ مش قدام ربنا والناس م راتي 


عشق بغضب : لا مش مر اتك ومش عايزاك فاهم ؟ ولا عايزة قيودك الخنيقة دي ولا عايزة البيت ده ولا العيشة دي ولا أي حاجة، أنا اتجبرت على كل ده 


تنهد وهو يقول : تمام أنتِ حلتيها ولحد يا بنت الناس ما نفترق بالمعروف تحترميني وتسمعي الكلمة، لبسك يطول وقدري إن الكل هنا بيحترمني وأنا مش هسمح لحد يقلل الاحترام ده


عشق بسخرية : وهو لبسي اللي هيعمل كل ده


رعد بتأكيد : أيوه لما اكون مش قادر امشي كلمة على مراتي يبقى لازمتي ايه، أنا هسبقك 


اتجه للخارج بينما نظرت خلفه واتجهت للخزانة تبحث بين ملابـ ـسها حتى اخرجت فستان أبيض اللون بسيط ذو أكمام طويلة، ارتـ ـدته ووضعت بعض لمـ ـسات الميك آب ثم خرجت لتجده يقف على طرف السلم يضغط على رأسه بيـ ـده


عشق : اتفضل في أي كومنت تاني 


نظر لها قليلاً ثم اخرج منديل يمد يـ ـده به قائلاً : امسحي وشك 


عشق بحدة : لا والله كده كتير بقى 


مـ ـسك ذقنها يمسح فـ ـمها وباقي وجـ ـهها ثم قال : صوتك يبقى هادي وأنتِ بتكلميني فاهمة يا عشق 


عشق بمغازلة : مالو اسمي احلو كده ليه ! 


تأمل عيناها لوقت فاردفت : هتفضل تبصلي كده هقوم رزعاك بو سة تدوخك بحلاوتك دي 


رعد بصدمة : ايه ! 


عشق وهي تضع يـ ـدها على قلبها : وعليه واحده ايه يا ربي بتجيب أجلي 


رعد بزهول : أنتِ مش طبيعية 


عتمان بإبتسامة واسعة : مش هتنزلوا بقى يا ولدي


اختفت معالم الزهول على وجه رعد ليحل محلها آخرى جامدة لا تظهر شيء معين، مرر يـ ـده في شعره ثم قال : نازلين يا جدي 


اتجه رعد لأسفل مع عشق التي مسكت يـ ـده ثم أغمضت عيناها بتأكيد لفعلتها، شبح إبتسامة ارتسم على فـ ـمه وتدريجي بدأ يحلل أفعالها وردود أفعالها


رعد : سلام عليكم 


ردوا السلام بينما اتجهت عشق لأحمد تضمه بلهفة ليبادلها وهو يُقـ ـبل شعرها عدة مرات 


أحمد بصوت منخفض : عاملة ايه يا بابا ؟


عشق : كويسه يا حبيبي متقلقش عليا، بنتك راجل


هدير بصدمة لإيمان : متقوليهاش دا العريس، هو ده بجد !


إيمان بهمس : يوسف هو ده جوز عشق


يوسف : جامد صح ؟ والله أنا بقول كده حتى سألت لو ليه أخت بس للأسف طلع وحيد يا خسارة 


إيمان بمرح : زينة كلمي جوزك 


زينة بحدة : في ايه !


يوسف : حبيبة قلبي بدعيلك ربنا يفتحها في وشك دنيا وآخره كملي أكل بقى 


زينة : قال ايه ؟


إيمان : بيسأل لو جوز عشق عنده أخت 


زينة بعدم فهم : وفيها ايه ؟


إيمان بضحك : ولا أي حاجة خليكي في الطراوة كدة


جلس رعد في مكانه المخصص له وأشار لها بعينه جانبه، جلست عشق بجانبه تنظر له وهو يأكل ثم ضحكت بخفوت ولكزته بيدها 


رعد بهمس : في ايه ؟ 


عشق : أنت بتاكل كده ليه ! أنت قرفان


رعد بهدوء : جدتي مش عاملة الأكل ده، كمان مش في بيتي، أكيد هبقى قرفان 


عشق باستغراب : بس دا بيت جدك ووالدك 


رعد وهو يضرب جبيـ ـنها بخفة : بس مش بيتي 


عشق وهي تترك الملعقة : طب أنا بيتي فين ؟ 


ظل ينظر لها لوقت وهي تنتظر إجابته ثم قال : ممنوع الكلام على الأكل 


عادت تنظر أمامها وهي تراه يتجاهل إجابة سؤالها، انحنى بجانب أذنها يهمس لها : بيتك مكان ما جو زك يبقى موجود 


مسكت شوكته وبدأت تأكل من أمامه وهي تضحك بتسلية ثم قالت : مش بتقرف أنا هقرفك اكتر 


سحب شوكته وهو يقول بزفير : أنتِ رغايه اوي 


عشق : لكاكه !


رعد : رغايه لكاكه المعنى واحد، بصي كده الكل بيبصلنا أزاي


عشق بضحك : شكلهم بيقولوا أننا كنا بنحب بعض وبننصب عليهم، شوف جدك حاسس أنه عمل إنجاز أزاي


رعد : عايز أكل ممكن 


عشق بانزعاج : كُل حاضر مانعه أكلك يعني


تناول بالشوكة ثم ابتسم بخفة دقائق وانتهى ثم وقف يستأذن واتجه للخارج، انتهت عشق من طعامها ثم وقفت وخرجت تغسل يـ ـدها وجدته يقف ويرتشف قهوته 


عشق بمشاكسة : هات بوق اللهي ربنا يفتحها في وشك


رعد بإبتسامة بسيطة : أنتِ هتشحتي خدي أهي


ارتشفت قليلاً ثم فتحت فمها قائلة : هرجع ايه القرف ده ! مش قادرة اةة هرجع أنت بتشرب ايه ؟


ربـ ـط على ظـ ـهرها وهو يقول : أنتِ على طول كده، أهدي 


عشق بخبث : أشرب كده طعمها يقرف جرب


ارتشف القليل ثم قال : روعة أنتِ متعرفيش حاجة


عشق بضحك : مقرفتش يعني 


رعد بغمزة بسيطة : في حد يقرف من بنوته ذي القمر


عشق باستفهام وهي تحاوط خصرها بيـ ـديها : يا سلام يعني أنت كده مع كل البنات


رعد وهو ينحني لها : الحلوين بس مش بقرف منهم ولما بشوفهم قدامي ببقى عايز أ ... 


اقتـ ـرب منها فبدأ قلبها يخفق بقوة وتنفسها يعلو، لمس أنفه أنفها بينما عجزت أرجلها عن الحركة، كاد رعد يُقـ ـبلها لولا حمحمة أحمد فانتفضت عشق مبتعدة، مرر رعد يـ ـده في شعره يحمحم بخفة 


أحمد بضيق : عشق تعالي هنا 


اتجهت له فسحـ ـبها وخرج يتحدث معها : أحنا هنرجع المنصورة


عشق : نور فين ؟


أحمد ببرود ظاهري يخفي خلفه خذلان العالم : مشت هي وعمار، صحيت الصبح ملقتش حد فيهم، رعد كويس ؟


عشق : فيه منك اعتقد 


أحمد بإبتسامة : كنت عارف بس اعقلي أنتِ الوقتي مراته مش بنته، عشق فلوس جوازتك باسمك في البنك لو احتاجتي أي حاجة تجيلي في الأول، عشق متنسنيش وأنا هجيلك على طول واعرفي أنا وراكي 


عشق : هجيلك مش هفضل متجـ ـوزة كتير، أنا عايزة أعيش واموت معاك أنت يا بابا، رعد فترة مش أكتر والله هرجعلك 


أحمد : متقوليش كدة يا حبيبتي ومتخربيش بيتك بإيـ ـدك، أنا عايش ليكي النهاردة بس مش ضامن هكمل معاكي ولا لا، وحياتي عندك أدي جوزك فرصة وخدي فرصة واعقلي


عشق وهي تضمه : عمر ما حد هيعوضني عنك، أنا متلغبطة وحاسه حياتي متلغبطة انقذني وخدني


فرت الدموع من عيناها وهي تقول : أنا حاسه إني في حلم ولو صحيت هيبقى الحقيقة كابوس


أحمد : ايه الحلم ؟ رعد حقيقة وجوازك حقيقة واللي فيه حقيقة


عشق : قبل ما تمشي في حاجات لازم أتكلم فيها معاه، أنت لو مشيت مش هيبقالي كلام أنت ضهري


أحمد بتنهيد : اللي يريحك يا حبيبتي اعمليه


قبلت وجنته ثم اتجهت للداخل وصعدت لأعلى، جلست أمام رعد الذي يتحدث في الهاتف حتى انتهى


رعد باستغراب : في ايه ؟


عشق : ممكن نتكلم 


رعد بتساؤل : نتكلم في ايه ؟ 


عشق بزفير : اللي أحنا فيه قولي اخرتي ايه ؟


رعد بهدوء : أنتِ عايزة ايه ؟


عشق : أنت كنت ناوي على ايه ؟


رعد بتنهيد : كنت ناوي هكتب عليكي وهقعد أسبوع بعدين هسافر القاهرة لشغلي وحالي بعدين كل أسبوعين هاجي خميس بليل وهروح السبت الصبح والأسبوعين هيبقوا شهر والشهر هيبقى شهرين لحد ما تزهقي ونتطلق


عشق بهدوء ظاهري : يعني مكنتش ناوي على بيت 


رعد بتأكيد وصدق : أيوة أنا لا حبيت ولا هحب ولا عايز حد في حياتي يا عشق، مش هعمل ذي أهلي وفي الآخر أسيب عيل وحيد يطمع فيه اهله او اتنين ياكلوا في بعض يا إما الدنيا تاكل فيهم، أنا مش عايز عيلة يا عشق ولا كنت عايزك في حياتي وفي نفس الوقت مكنتش عايز جدي يزعل مني، كنت عايز اخوض التجربة وأفشل قدامه عشان يبطل يقولي اتجوز


فرت الدموع من عيناها مسحتها سريعاً وهي تقول : يعني وجودي في حياتك مش مُرحب بيه صح ؟


مرر يـ ـده في شعره ولم يرد إخبارها أنه يتذكرها منذ ذاك اليوم ولم تخرج من عقله، بحث عنها كثيراً واراد فتح بيت معها، أراد إعطاء نفسه فرصة واحدة يحاول فيها 


عشق بهدوء : تمام أنا مش هغير مخططك بعدين متقلقش أنا بزهق بسرعة يعني طلاقنا قرب اوي من قبل أساس ما نبدأ جوازنا


دقائق مرت عليهما ثم انفجرت باكية تضع وجـ ـهها بين يد يها ليسـ ـحبها ويحـ ـضنها بقوة قائلاً بجملة نادر نطقها : أنا أسف 


غدر لسانه به واعتذر عما لم يفعل، صوت بكائها هذا يتردد في قلبه بشيء أكثر إيلاماً


عشق ببكاء : على ايه ؟ أنا أساساً معرفش أنا بعيط ليه، أنا اللي أسفه


رعد وهو يمسح دموعها : محدش قالك إن مرات رعد متعيطش


فضولها جعلها تنسى بكائها، حقاً رأى الكثير وتعامل مع أكثر لكنه لم يرى شخصية غريبة الأطوار كهذه، قالت بفضول : يعني أنت عمرك ما عيطت


رعد بتفكير : أممم من إعدادية مثلاً لحد الآن في وفاة أهلي بس 


عشق بأعين متسعة : ولا ثانوية حتى ولا أي حاجة


رعد بإبتسامة خافتة : ولا اختبارات شرطة حتى 


عشق : صحيح أنت ظابط ايه ؟ قسم ايه يعني 


رعد : جنايات


عشق بمرح : أوبا أوعى دماغ مخابرات يعني، هو أنت صحيح كنت بتعمل ايه في ال night club 


بدأ يمسح آثر دموعها بيده وهو يسألها : قضية، هاا كنتِ ناوية على ايه ؟


عشق : مش حاجة كنت بس عايزة بابا ميزعلش بعدين على حسب ما الدنيا ترميني، أنا بحب بابا اوي يا رعد هو كل حياتي


رعد بإبتسامة : ربنا يحفظه ليكي


عشق بتمني : يا رب أنت عارف أنا مليش غير بابا متحرمنيش منه وخليه ليا دايما وساعة ما هتاخده خدني معاه، يا رب عشان خاطري استجيب مني الدعوة دي


ابتسم رعد فكم بدى دعاء طفولي لكنه صادق، ظل لوقت يتـ ـأمل ملامحها بداية من حاجبيها المقطوبين وعيناها القاتمة الواسعة كذلك فـ ـمها المفتوح قليلاً بطريقة تدعوه لتناول شهده، دائمًا ما تتركه هكذا وتلك النغزة التي تزين ذقنها الصغيرة وهذا أجمل ما يميزها 


ظل وقت طويل يحفظ ملامحها داخله بينما تبتسم هي له وتتحدث معه، فاق على صوتها وهي تقول : رعد ممكن تشوفني بجحة او هوائية بس الحقيقة أنا كده اقصد يعني لما باخد على حد كده


ظنت أنها سوف يسألها كيف ومتى اعتادت عليه لكنه خيب تفكيرها وهو يقول : فاهمك


❈-❈-❈


فتح بطلنا الآخر عيناه ببطء بينما تقف هي وبجانبها والدته تنتظر استيقاظه الكامل، اتجهت تقف بجانبه مباشر ثم مسكت يده


لارا : حمدلله على السلامة 


ابتسم بخفة ثم أغمض عيناه بتعب ليعود ويفتحها، نظر لوالدته قائلا بخفوت : لارا فين ؟ 


حركت رأسها بأسف ثم قالت : رجعت مصر، بتقولك طلقها


ابتسم بخفوت فهذه أقرب كلمة في علاقتهما، ضحكت نورهان وهي تحرك رأسها بيأس من كلاهما، بينما في الطائرة المتجهة إلى القاهرة تجلس بطلتنا شاردة في ماضيها وحاضرها كذلك مستقبلها المجهول


أدهم بتعب : اتصرفي لازم أنزل مصر وراها 


نورهان بصدمة : أنت اتجننت يا أدهم ؟


أغمض عيناه بقوة وهو يهتف بخفوت : لازم أروح ورا.... 


صمت وفضل النـ ـوم على الشعور بكل هذا الألم. 


❈-❈-❈


اتجه رعد مع عشق لأسفل حين ابلغوه بقرار ذهاب عائلتها، حاول رعد أن يجعل أحمد يتراجع ويجلس عدة لأنه أبى بسبب العمل الذي سبقه يوسف عليه، انفجرت عشق باكية وهي تضمه كذلك هو فرت دمعه يتيمة منه


عشق : متبطلش متعود عليا فاهم ؟ وخد بالك من نفسك وافطر دايما كمان اطبخ لنفسك كل اللي بحبه وافتكرني، أقولك اتجـ ـوز يا بابا عشان خاطري متقعدش لوحدك 


أحمد وهو يمسح دموعها : رعد هيمشي على المسكنات بسببك، بطلي رغي بقى وخدي بالك من نفسك للمرة الألف


عشق : حاضر 


اتجه أحمد لسيارته بينما وقف رعد بجانبها يشير لهم، انفجرت عشق باكية وهي تنحني بتعب ثم زاد بكائها أكثر وأكثر


رعد بقلق : عشق أهدي


رفعها بخفة لتبدأ بإصدار ازيز فجذبها لحضـ ـنه واتجه للداخل ير بط على ظـ ـهرها قائلاً : بتعملي كده ليه في نفسك ؟


بدأت تصدر صوت أزيز أقوى، وبصعوبة شديدة تلتقط أنفاسها حتى أحضر رعد البخاخ لها، جلست تبكي بصمت وهي تضـ ـم أرجلها لصـ ـدرها متذكره كل لحظة قضتها مع والدها، يا ليتها تمسكت بموقفها ولم تتزوج او استغلت حبه لها في آخر لحظة


ظلت طوال الليل تجلس بصمت ولم تغفل لحظة حتى اشرقت الشمس فبدى عليها التعب ونامت، فاقت على يـ ـد تهزها بخفة 


رعد : عشق، عشق 


عشق بنوم : نعم 


رعد : أنا نازل القاهرة يومين بالكتير وراجع، طلع ليا شغل مهم 


عشق بهدوء : تروح وترجع بالسلامه


عادت تغلق عيناها تكبت دموعها حتى خرج فانفجرت باكية تخفي وجـ ـهها بين يـ ـديها تعلم أنه يكذب فهو لن يعود سوا بعد أسبوعين إن أراد هذا 


بعد آذان الظهر

اتجهت عشق لأسفل حين شعرت بالجوع لتجد جدة رعد تجلس وبجانبها عماته وفتيات أعمامه وعماته، القت السلام عليهم وجلست في زاوية الأريكة وحدها


يسرية بسخرية : ما لسه بدري يا عرو سة 


عشق ببرود : بدري من عمرك أديكي قولتيها عرو سة 


يسرية بخبث : عرو سة من غير عر يس صُح ؟ عملتي ايه في خلتيه ما طيقش يقعد لحظة ويانا أهنه


الجدة بحدة : بكفاية يا يسرية مسمعتيش أبوكي قال ايه، مرت رعد تتكرم كيف ما يتكرم جوزها


يسرية : تتكرم ياما لما يكون جو زها أهنه بس هي طفشته منها، كيف نكرمها ؟


الجدة : مش أخلاقنا يا بتي


نظرت عشق لها لوقت ثم وقفت واتجهت لأعلى، شعرت بالندم من جلوسها مع هؤلاء كذلك شعر بالندم من إعطاء رعد الأمان، رن هاتفها فوجدته رقم غير مُعرف 


عشق : أيوة مين ؟


رعد : عشق دا أنا رعد، عامله ايه ؟


عشق بجفاء : كويسه في حاجة يا رعد ؟


تردد فيما سيقول حتى أنه لم يقوله فاردف : بطمن عليكي مش أكتر


عشق : أنا تمام عايز حاجه 


رعد : سلامتك، يا ع... 


كانت قد أغلقت بالفعل ووضعت الهاتف بجانبها تتـ ـمدد على سر يرها، نست أمر الطعام وكل الأمور دقائق ونا مت مرة آخرى، نادت عليها الخادمة مرتين للطعام لكنها رفضت وظلت على ثباتها


❈-❈-❈


دخل يوسف شركة عمه يلقي مفاتيحه لأعلى ثم يلتقطها وهو يصفر، لمح فتاة تسير وهي تنظر للملف كذلك هو، انحنى فجأة وهو يضرب قدمه 


يوسف : أوعى 


شهقت بخفة وهي تعود للخلف ثم قالت بدلال : حرام عليك يا مستر يوسف


يوسف بمرح : سوري يا جميل تعيشي وتاخدي غيرها


غمز لها بخفة بينما تقف سيلا وتقبض على أناملها بغضب، يرى جميع الفتيات ويناغشهن جميعن لكن عندها لم يلمحها مرة أو يهتم بها، خرج أحمد من المكتب بملامح منزعجة 


أحمد : تعالى يا حيوان 


يوسف وهو يفتح ذرا عيه : حبيبي قلبي أبويا وجد عيالي


أحمد بحدة : دي مواعيد يا يوسف، شركة أبوك هي 


يوسف : مش عايز اصدمك واقولك اة بعدين أنت عايز مني ايه يا عم أحنا مش اتفاقنا أنك تشتغل لحد ما تتكل بعدين أنا أمسكها واحتضن ولادك ثم بإذن الله هنصب عليهم والهف الثروة الجامدة دي 


قبض أحمد على ملابسه قائلاً : ولد أنا مش مديك الأمان أكيد بسبب نيتك الزبـ ـالة دي


يوسف بنفي : لا يا أبو حميد والله أنا نيتي كويسه بص أتكل أنت بس وملكش دعوة 


أحمد وهو يهزه : عايزني أموت يا جزمة 


نظر يوسف حوله وهو يقول : أبو حميد كريزمتي عيب، الموظفين البسطاء بيبصوا 


أحمد باستنكار : بسطاء ! بص يا يوسف أنت مطرود 


يوسف وهو يبعده بخفة : مش بمزاجك عايز تطردني عشان لما أكوش على الدنيا يقولوا ملكش حق، لا يا معلم أنا لازمك للقبر 


أحمد بانزعاج : قبر وموت واتكل في ايه يا يوسف دا أبوك كان يخلفني، أنت عندك كم سنة ياض 


بدأ يوسف يحسب على يـ ـده ثم قال : أممم تمانية لا سبعه لا تمانية وعشرين باين وأنت اتنين لا تلاتة لا لا تلاتة اة وأربعين


ضربه أحمد على مؤخرة عنقه قائلاً : اتنين يا حيوان 


يوسف بمرح : حبيبي.


❈-❈-❈


المرة الخامسة التي يرن عليها وتتجاهل، رن على جده يطمئنه عليها فأخبره أنها بخير لكنها تلزم غرفتها ولا تتحرك منها أبداً، حاول القراءة عدة مرات لكنه لا يعي لما يقرأه


دق أحدهم على الباب فأذن له بالدخول ليجده يده اليمنى في الشركة ويدعى بسام 


بسام : رعد بيه حضرتك طلبتني هنا


رعد وهو يغلق الكتاب : اقعد يا بسام عايز منك شوية حاجات 


" أنت هتهزر يا رعد ؟ مين دي اللي هتجيبها هنا ؟ " 

هذا ما قاله ياسين فور علمه بما أخبر رعد بسام به، نظر رعد له باستهزاء ثم أخرج دفتر الشيكات الخاص به 


رعد بهدوء : بسام ذي ما قولتلك دادة وواحدة معاها كمان ممنوع المـ ـح را جل يدخل هنا، وتحطلي حراس حوالين الڤيلا 


ياسين بسخرية : وكمان خايف عليها ! امبارح واحده والنهاردة التانية دا أي الجمال ده


خرج بسام فاردف رعد : أنت عايز ايه يا ياسين 


ياسين بزفير : هكون عايز ايه، عايزك تعقل وتعرف أنت بتعمل ايه يا رعد، مين دي اللي هتجيبها تعيش معاك حتة فلاحة لا راحت ولا جات تيجي تملكها منك 


رعد بحدة وهو يقف : حتى لو شحاته من الشارع وبقت على اسمي أنا مسمحش ليك يا ياسين بربع كلمة تصيبها فاهم ؟ دي مر اتي 


ياسين : أنت كمان هتزعقلي عشانها


رعد : بقولك مر اتي يا ياسين، مر اتي فاهم يعني ايه ؟


ياسين بسخرية : دا على أساس يعني أنت اللي اختارتها بعدين دا مكنش كلامك قبل ما تروح 


رعد : تفرق بالنسبة ليك ايه ؟ جبتها خليتها طلقتها بدأت حياة معاها تفرق ايه ؟ 


ياسين وهو يمـ ـسك كتـ ـفيه : يا رعد البنات اللي ذي دي ذيها ذي جايدا تلف حواليك لفتها بعدين تطلعك منها من غير حاجة، وأنت اللي معاك مش بيت ولا كم ألف يا رعد


رعد بحدة وهو يدفع يـ ـديه : عشق مش جايدا ومش چمان ومتقارنهاش بحد يا ياسين عشان هي مش حد


ياسين بسخرية : هي لحقت تلف حواليك من يومين ما مش معقول دا حب يعني ولا يمكن طلعت كويسه في السر .... 


صرخ رعد به بصوت رن بالمكتب : ياسين لآخر مرة بحذرك لأن المرة الجايه رد فعلي مش هيعجبك


ياسين بصراخ : افهم يا غبي أنا خايف عليك، جنس حوا كله ملوش أمان 


رعد : أنا مش ياسين وعارف أنا بعمل ايه، زمان حذرتك من جايدا والنهاردة بقولك طلع عشق من دماغك أنا عارف نفسي


ياسين بغضب : أنت حر اولع بقى 


وتركه مغادراً الڤيلا كلها بينما جلس رعد يحاول الرن على عشق لكنها لم تجيب كالعادة، يومان مروا وهي تتجاهله نهائي والآن الثالث على وضـ ـعها 


❈-❈-❈


في قصر المهدي 

عائلة مكونة من تسع أفراد جميعهم ليس بينهم الترابط القوي لكن يكفي أنهم يحبوا بعضهم، يعتبر ياسين أكبرهم يليه مالك ثم جاسر بعده آدهم خلفه يارا ولارا ثم نختم بالصغيرة همس ولا ننسى الجد الأكبر المهدي وابنته الصغرى نورهان، مررت لارا طلاء الأظافر بين يديـ ـها وهي تنظر لابن عمتها الأكبر يدخل من الباب مع أخته، رغم مرضه الذي يظهر على محياه إلا أنه حارب وأتى لأجلها، سبته في سرها هذا الغبي العنيد


يارا بهمس : ايه الغلاسة دي يا بت ما تقومي اتهزي وخدي جوزك حضن 


لارا بتصحيح : طليقي يا حبيبتي فيما بعد يعني


يارا وهي تقف : كل مره تطلعي بنفس الحوار وبعدها بفترة ترجعي ذي الكلبة تقوليله يا أبو العيال


لارا بحدة : غوري يا يارا بدل ما أطلع اللي فيا فيكي 


أدهم بمرح : مزعله المدام ليه يا يارا 


جاسر بحدة : مدام أزاي يعني 


لارا بضيق : أنت على طول دماغك كده شمـ ـال عمرها ما تحدف يمين أبداً 


حرك حاجبيه باستفزاز وهو يقول : هو بين المتجوزين حاجة يمين 


مالك بحدة : جاسر 


جاسر وهو يتجه للخارج : لا تقولي جاسر ولا ياسر أنا سيبهالك 


اتجه يارا لأدهم تحضنه قائلة : ازيك يا أبيه ؟ 


أدهم وهو يضمها : كويس يا يويو وحشاني اوي 


يارا : وأنت كمان، حمدلله على سلامتك 


أدهم : الله يسلمك، ايه يا لارا مش هتسلمي على ابن عمتك 


اتجهت له تمد يـ ـدها واكتفت بسلام اليـ ـد فاردف بسخرية : ايه أصله ده !


لارا باستفزاز : هو حضرتك متعرفش إن الحضن بين ولاد العم والعمات حرام 


يارا : من امته دا ؟


همس : من يوم ما أبيه رعد قفشها هي وآدهم سوا قبل ما يكتبوا كتابهم، أبيه رعد قالها حرام وهي من يومها مش بتسلم على حد وتحضنه 


مالك : رعد لو قال ليها ارمي نفسك في البحر هتوافق


لارا بهدوء : عشان رعد مُحترم وكويس وعارف بيعمل ايه مش ذي ناس، بعدين هو دايماً ياخدني للصح مش للمزاج عن أذنكم 


غادرت المكان فنظر مالك خلفها وحرك رأسه باستفهام : هي مالها دي كمان ! لولا منا عارف اللي فيها كنت قولت بتحب رعد 


أدهم بحدة : مالك 


مالك : مقصدش يا أدهم 


غادر المكان هو الآخر فاردفت يارا : هو في ايه ! هروح أشوف جاسر مشى ليه من الأول 


همس بخبث : روحي الله يسهلوا بس متوقعوش في الخطيئة 


يارا بحدة : هقول لأدهم يعرفك الخطيئة على أصول 


همس بخوف وهي تجري خلفها : لا والنبي يا يارا بلاش أبيه أدهم، أسفه بجد 


دخل أدهم الغرفة واغلق الباب خلفه يبحث عنها بعيناه، خرجت من الحمام تجفف وجـ ـهها ثم رمت الفوطة


لارا ببرود : نعم بتعمل ايه هنا ؟


أدهم : ممكن افهم مقموصة من ايه ؟


اتجهت له تفتـ ـح قميصه ثم أشارت على جرح في صدره : دي متخلنيش اتقمص يا أدهم، أحنا مش قولنا الشغل اللي يجي نحية عمرنا نبطله ولا لا 


أدهم : لارا أنا مش هفضل جنب الحيط 


لارا : أنت بتأذي يا أدهم واللي بيأذي بيتأذى وأنا مش مستعدة اخسرك، الخسـ ـارة القريبة احسن لأنها كل ما بعدت كل ساءت أكتر


أدهم بعدم فهم : أنتِ تقصدي ايه ؟


لارا : المرة دي فيها طلاق فعلاً ومش ذي كل مرة، خلاص بقى أنا اكتفيت ورعد معاه حق 


أدهم بغضب : رعد رعد رعد كل حاجة في حياتنا رعد يا لارا، هو اللي بيخرب بينا 


لارا : يخـ ـرب ايه يا أدهم ؟ أنت اللي بتخرب كل حاجة، أنت المؤذي الوحيد وأنت برضو كنت بتأذيني معاك 


أدهم : أنتِ بتحـ ـبي رعد يا لارا 


لارا بنفاذ صبر : برضو بتعوم على عوم الكل، رعد أتجـ ـوز يا أدهم وأنا لحد اللحظة دي بحـ ـبك أنت تيجي تعيد كلامهم، بص يا أدهم اللي شايفه صح هو صح 


أدهم : تمام يا لارا 


اتجه خارج الغرفة فنظرت له قليلاً ثم رنت على رعد : أيوه يا أبيه 


رعد بزفير : نعم يا لارا 


لارا باستغراب : مالك ؟ لسه مردتش 


رعد : أنا مش فاهم في ايه، أنا نازل سوهاج وهرجع بكره معاها مش هقعد 


لارا بضحك : يا أبيه 


رعد بتوتر : لا يا لارا مش حـ ـب، حـ ـب ايه ده اللي بيجي في فترة صغيرة كدة، لا أكيد 


لارا : هموت وأشوف اللي مش بتحبها دي


رعد بتنهيد : هتشوفيها أكيد بكره بعد ما هتنور بيتها 


لارا بضحكة رنانة : يا ربي 


❈-❈-❈


" لا يا ابني معلش طلبك مرفوض " 

هذا ما قاله محمد بعد عرض ياسين عليه تقديم الزفـ ـاف لأسبوعين فقط، قبض ياسين على أنامله بغضب يحاول كبته ثم شرع بمحاولة إقناع محمد


ياسين بهدوء خارجي : طيب أنا مش فاهم أنت رافض ليه، أنا مش كويس 


محمد : مش القصد يا ابني بس مينفعش دا جو از 


ياسين : خد رأيها، الموضوع يخصني ويخصها وأحنا المسئولين عن قرارنا، ممكن بس تسألها بس الأول خليني أكلمها 


نظر محمد له قليلاً بضيق واضح ثم قال : طيب بس يا ريت متضغطش عليها 


ياسين : صدقني مش هضغط


دقائق وخرجت چمان له قائلة : سلام عليكم 


ياسين وهو يقف : وعليكم السلام، ايه الجمال دا يا جدع عليك طلة بالإسدال بتجبلي صداع


وضعت يـ ـدها على فمـ ـها تكتم ضحكتها ثم قالت : بس بقى يا ياسين


ياسين : طب اقعدي يا ستي نتكلم ونشوف حوار ياسين دي


چمان : ايه ؟ 


ياسين بإبتسامة : ياسين وايه واسدال مرة واحدة كده كتير، قوليلي بقى ناوية على ايه ؟


چمان : في ايه ؟ 


ياسين : چمان أنا عايز نتجـ ـوز بعد أسبوعين


چمان بفزع : نتجـ ـوز أزاي ؟ أسبوعين ؟ لا مينفعش لا 


ياسين بهدوء : ليه يا چمان ؟ أنا مش عايز منك حاجة غير شنطة هدومك أقولك دي كمان مش عايزها تعاليلي وأنا هجيبها 


توترت ملامحها وهي تقول : أنت مستعجل ليه بس ! الاستعجال من الشيطان يا ياسين وأحنا لسه في الأول 


اتجه وجلس بجانبها قائلاً : بس عرفتيني وعرفتك والباقي في بيتنا، أنا يا چمان وأنتِ هنا في إيـ ـدي أجمل نفسي في عينك وفي إيـ ـدي أبوظها، في بيتنا هتعرفيني بجد


چمان بتنهيد : وإن متفقناش تتحسب عليا جو ازه، يا ياسين دي مفهاش زعل بس أنا مش چمان المهدي أنا چمان محمد ومحدش هيرحمني بالذات هنا أكتر من هناك، أنا مش حمل كل ده وكل أما بفكر بـ ... 


ياسين : ليه تبقي سلبية يا چمان ؟ فكري من جهة تانية ذي مثلاً إننا ممكن نحب بعض حقيقي ونتجاوز مرحلة الإعجاب، النهاردة وبكرة هيبقى عندنا طفل صغير يحلي حياتنا، خليكي إيجابية وأديني الأمان 


تردد قليلاً فوضع يـ ـده أعلى مستوى يـ ـدها ثم قال : مش حرام أبقى نفسي امسـ ـك إيـ ـدك ومقدرش 


ضحكت ليهمس : قولي أة بقى 


اكتفت بهز رأسها فصاح بمرح : عم محمد يا عم محمد ادخل


دخل العم محمد وداخله قلق من هذا لكن تحت رغبة ابنته وافق، وحين نقول " خير البر عاجله"، نعود ونقول " الاستعجال من الشيطان "، " كل تأخيره وفيها خيرة "، ليس كل مرة يصح الاستعجال فهذا زو اج يا سادة أي حياة جديدة أبدية 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة