رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه الفصل 35 بالعامية
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
الفصل الخامس والثلاثون
النسخة العامية
ولنعد بعد
ما فات إلى ما كنا فيه.
إذا كان
لقاربي المنهك أن يدرك مرفأه،
فلا معدى عن
أن أكشف النقاب عن أمور يلزم البوح بها.
أراكِ قلقة
تترقبين أن أقودك إلى الوليمة مزودة أيضا بنصحي:
فلتصلي
متأخرة، وادلفي في رشاقة وسط المشاعل الموقدة،
فما أقدر
التأخر على أن يؤجـج فتنتك،
فالتأخر يا
سيدتي ديــوث بارع.
ومهما بلغ
بك القبح فستبدين في أعين السكارى مليحة
والليل
الحالك نفسه يحجب عيوبك.
لكني أناشدك
أن تأخذي حذركِ،
فلو احتفظت
برشدك قويت ساقاكِ، وكانتا سندًا لك.
فحذاري أن
تزدوج الصورة في عينيكِ وترين الرجل اثنين.
فالمرأة
المخمورة تمجها الأبصار ويستبيحها من يشاء.
وليس من
الأمان أن يداهمك النعاس بعد رفع الأطباق عن المائدة،
فقدت تنالك
خلال النوم أمور تجري عليك العار!
Publius
Ovidius Naso
Ars
Amatoria
ترجمة د. ثروت عكاشة
توضيح هام للميثولوجيا الرومانية:
جوبيتر أو يوبيتر: إله السماء والرعد.
مارس: إله الحرب.
نيبتون: إله الماء والبحر.
جونو زو جة جوبيتر: ملكة الزواج وكانت تغار بشدة من علاقات زوجها الغرامية.
فينوس: إلهة الرغبة والحب والمتعة وأم للشعب الروماني.
فولكانوس: إله النار بما فيها نيران البراكين وهو زوج فينوس وابن يوبيتر
وجونو.
مشاعل موقدة، صُفت يمينًا ويسارًا على جانبي
رواق حصن اغريقي واراه الزمان أسفل التراب، ولكنه كان متواجدًا يومًا ما، لقد كان
محارب، أنهكه ضراوة تلك الحرب الدامية، الآلام تفتك به، طمع في نول بعض الراحة، حط
رحالة لتوه، يحتسي هذا الخمر المُسكر، تخلص من تلك الملابس التي اتسخت بصراخ
الرجال وهم يتلقون الطعنات، زفرات الألم، محاولات تجنب الرماح، أمّا آن لتلك الحرب
الكريهة بكل ما تحمله من لمحات الوحشية أن تهاجر عقله الذي لا يختلف إنهاكًا عن جـ
ـسده..
فليتأنى قليلًا، ستر العقل هربًا من الآلام
بمذاق الخمر يحتاج للقليل من الإتقان، عليه أن يغرق بكل قطرة رويدًا رويدًا
وليتضرع أن تواسيه بما رآه خلال عامٍ قاسي لم يرحمه، طيب يفوح يستطيع أن يتسلل
لأنفاسه، ما هي إلا ذكرى بملامح من عشقها وتركته من أجل قدرهما العاتم، هل للخمر
والحلكة أن تعانقه بغياهب لا يرى بها سواها؟
عطرها يزداد وتزداد مخيلته تشبثًا بالغرق في
كل ما كانت عليه، لا ينفك يعيش على اطلال ما امتلكاه يومًا ما، ليتها هنا، وقبل
ثورانه غضبًا ليُلقي باللوم على الخمر فهي من عذبته بتذكرها من جديد، آتت هي، لقد
كانت تسير بين المشاعل، تلك الفاتنة بثوبها الرقيق الكاشف لأنوثتها الاستثنائية، ليس
هناك حُلي، حُسنها وحده كان كفيل بمواساة نساء العالمين، خصلاتها المموجة، عسليتاها
المغازلتان، أتشفقان على ما فعلته الحرب به؟
يا للعنة ما يُنهك النساء، لما تكترثين
حبيبتي بتلك التفاصيل، لقد ودعت الحرب التي الحقت بي شر الهزيمة، ألا تريدين أن
تكونين غنيمتي الليلة؟
فلتتركي تلك المائدة، ولنتناسى أنكِ لست
بخائنة، أعلم أن مشاركتك إياي الليلة ليست إلا لمواساتي بعد أن هربتِ منه لتكونين
معي، أعرف أنك تخونين القدر، ولكن لتكون ليلة واحدة فقط، فالطامع بالمزيد مصيره
الفناء!
انظري إلي، دعيني أرى انعكاس هزيمتي
بمقلتيكِ، فلتصرخين وتخبريني أنني اقترفت ذنب الذهاب وتركك، اغضبي وثوري، أخبريني
أنكِ حذرتني مرارًا، فجوبيتر قد أمطر السماء بالدماء واسمعني الرعد حتى صمت أذناي،
ولقد كسر مارس رمحي وأنا أطعن اعدائي حتى فتكوا بي، وغضب نيبتون إلى أن أغرقني
بأعماقه مختنقًا، هيا لوميني فتاتي الفاتنة وصيحي أنكِ حذرتني أن كل هذا سيحدث، لقد
تعاون الأحمق مع أخويه وحرموا عليّ الجنة، لم يسمحون لي بجرعة خمر حتى تتثنى لي
رؤيتكِ، ولكن حذارِ أن تستر الخمر عقلك كما تمنيت أن يحدث لي، فلقد قدمت القرابين
لجونو ولم أحنث العهد، لم يكن لي نزوة واحدة خلال عام مدمر سوى تلك الخيالات وأنا
ارغم عقلي المشتاق للسُكر أن تتراءين لي في غفلتي بحسنك.. نعم لقد قمت بخيانتكِ
معكِ..
فلترفعين عسليتاكِ لي وتخبريني أنك غنيمتي
لليلة، ويا لعذابي وأنا أقرأ تلك الرسائل بعينيكِ، ليس من السهل صغيرتي أن اقرأ ما
يكمن بنفسك:
-
كده أحلى.. بُص.
دفعته نحو المرآة بخطواتها المترنحة وهي تتجه
نحو زجاجة الكحول فمنعها ولم يكترث بتفقد ما لحق بوجهه الكريه الذي لم يعد يطيق
النظر إليه، ليحتسي المزيد، لقد كان أن يلفظ أنفاسه آلاف المرات عندما أعمت عينيه
دماء السماء، لقد كان جوبيتر وغدًا بحق كلما ظن أنه سيظفر بأعدائه أصاح به هو
وأخويه اللعينان، لتواسيه الخمر بما لم يظفر به فلطالما قهرت الحرب الرجال ولقد قُهر
بعام واحد أكثر من ثلاثة ملايين مرة بقدر الثواني التي عاشها في نزاع العشق الذي
انهزم به..
تابعها خلال المرآة وهي تتخلص من ملابـ ـسها،
هذه هي الغنيمة الحقيقة إذن له، وليس هناك من يضاهيها غنيمة، يقسم لو لمحتها فينوس
ستموت قهرًا من فتنتها..
لقد زينت له الخمر أكثر مما ينبغي لعقله
مواكبته، وهي لا ترأف به، بفتنة تغار منها الآلهة، ألن يُدنسها بلمـ ـساته لو
اقترب؟
-
أنتِ بتعملي ايه؟
للمذنب النادم حق الصدمة عندما يترنم قاضيه بحكم
براءته، ولكنه على يقين بما اقترف، جناية القتل ليست بهينة، ولإزهاق روح من تعشقها
ذنب عظيم لن يكفيه الدهر ندمًا، فلم تكون له يوم تبعث حية؟
-
الشعر كتير اوي..
هل تريد أن تقتل فينوس غيظًا؟ أم تحرق جونو
غضبًا، ألا تعرف ما الذي ستصيبها به؟ عليها التوقف، لم يعد لديه سوى تلبية نداء
فتنتها المهلكة، لو استعان بآلهة أوليمبوس لن يعينوه على التمنع..
تلك المياه التي تنساب في مناجاة لكل ما
امتلكته من فتنة هو أولى منها بها، وتلك الأدخنة المعانقة لها كم كانت تحرقه
غيظًا، لا يُغار العاشق مما لا يستطيع السيطرة عليه بيـ ـيديه إلا لو فسد عقله،
وهو يعرف أن عقله فاسد منذ فترة لا بأس بها.. ليستمع لمجونه ولو لمدة ليلة واحدة!
اقترب لينضم إليها ولكن الحرب اللعينة أصابت ذراعه،
الرجال يصابون بالحروب، ليس بالأمر الجلل، لن يتركها لتعوق رغبته المشتعلة، تبًا
لك مارس أيها الغبي، لهما لقاء لاحقًا إما ليلحق به شر هزيمة وإلا ليفتك به ويصرعه،
ليس لديه مانع أن يُقاتل الآلهة من أجلها!
التفتت عندما شعرت بتلك الجلبة لتمنعه، كيف
سيغتسل بذراعه الموضوعة بالجص؟ ما الذي حدث له حتى تتأذى ذراعه؟ لا تتذكر، ولكنه
يبدو جذابًا لدرجة تتركها مُعلقة بين السماء والأرض لتذروها الرياح حيث هو تمامًا ليجتمعا
بلقاء لم يلتقيان به منذ الأزل، هل وجدت ضالتها المنشودة أخيرًا..
لماذا تتوجه إليه؟ لن تنهاه أليس كذلك؟ لن
يلمح غضب الآلهة بعينيها الآن، لقد بدت منذ قليل خانعة برغبتها واتفاقها على كل ما
يجري بينهما.. هل استفاقت من المياه وهجرها مفعول الخمر، أم تريد احتساء المزيد؟
عليها أن تفعل!
نظراتها تُحركه نحو المغطس، أم حركاتها ويـ
ـديها، تلك الإشارات لا يملك سوى الاستسلام أمامها ليتبعها كنجمة وحيدة في سماء
مُلبدة بغيوم الخمر، وكخائنة محترفة لقدرهما المحتوم وعاشقة لم يتلوث عشقها بدناءة
ما اقترفه من ذنوب محال أن يُكفر عنها، تراءت له كأنثى تعطف على عاشقها المهزوم
الذي أنهكته الحرب..
تُسقيه الخمر وتلا طفه بتلك المياه الدافئة،
تتنعم عليه بالسماح لرؤية تلك الفتنة التي حُرم منها لعامٍ قاسي، تبًا لك مارس،
لماذا حرمه أن يجالسها ويُلامـ ـسها بأنامله؟
ما كان لقبـ ـلة أن تكون أفضل، وعلى قدر
استعداده للموت بعد مذاق الجنة واستنشاق طيبها المنعكس في أنفاسها لم يعد هناك سوى
الاستسلام لكل ما يحلو لها، وللجميع، هل نبتون غضب من جديد حتى تثور المياه بأمره،
إلى أين ستجرفهما؟ فلتترأف قليلًا به، ليس لديه الطاقة لإنقاذها من الغرق!
لتغفر له دناءته، ولتضرع للآلهة الاثنا عشر
أن يعذبوه، ولتطرق باب اساطير الكون لتجد ما تنشده، ريما يظلمها ولكن ظلمها أكبر
فيما ساقته إليه، لتقتله بعدها لو أرادت، بعد أن يبعد خصلاتها وهو يسلك سبيل الجنة
التي سيغنم بها عما قريب..
ليته ملك يـ ـد ثالثة، ليته يستطيع أن يقف
الآن بدلًا من جلوسه كالعاجز بهذا المغطس بصحبتها، لماذا حرمته الآلهة من تذوقها
لعام بأكمله؟ يثق بأنه لا يستحق أي مما يحدث، ولا يستحق أن يحصل عليها، ليس وتلك
الندوب التي كادت أن تندثر بالكامل من فعله هو نفسه.. كيف فعل بها ذلك؟ يوم أن
استخدم سوطه المعدني، تلك الدماء، صراخها، وكل ما عانته، هو لا يستحق فتنتها
المُهلكة ولا جـ ـسدها المتوسل لليلة ماجنة ستقتل كلاهما بالصباح، وحتى ليس من حقه
أن يبوح لها لماذا كان الابتعاد اختياره!
لولا حفظه لكل تفاصيلها لما لاحظ هذه الندوب
الطفيفة التي قاربت على الاختفاء، ليت الخمر ذهبت بعقله بالكامل وليته لم يتذكر ما
فعله يومها، وليت عقله يتوقف عن التساؤل، كيف تحملت وحدها كل ذلك؟
ضمها إليه ثم تفلت لسانه بما يحفظه منذ أن
كان صبيًا:
-
بقى الآن حديث يحمر له وجهي خجلًا،
لكن فينوس بدلالها تحفزني
ألا أتردد هامسةً:
"كل ما يبعث الحمرة
في الخدود هو أيضًا من جوهر اختصاصي":
فلتعي كل امرأة مفاتن جـ
ـسدها حق الوعي،
وتنتقي أسلوبها لوفق مفاتنها.
فليس ثمة أسلوب واحد
يُناسب الجميع على السواء:
ولتحذري أن يتسلل ضوء
النافذة ويغمر مخدعك.
أولى أن تظلل العتمة
أكبر قدر من جـ ـسدك.
طول عمرك مثالية يا
روان..
همسه بصوته المميز وهو يحدثها عن تلك
الأساطير، فينوس وتلك الكلمات القديمة التي لا تعرف كيف يستطيع تذكرها، نبرته التي
اشتاقت لها، عناقه الدافئ، لماذا ابتعد عنها طوال الفترة الماضية؟ كيف تركها
بمفردها؟ ألم يشتاق لها على الإطلاق؟ لماذا ينهض ويتركها؟ ليس بعد ما حدث، لماذا
دائمًا يبتعد عنها في اللحظات الحاسمة؟
-
أنت رايح فين؟
ترنحت وهي تحاول الثبات بالمغطس إلى أن
استطاعت أن تستند واتجهت لتتبعه حيث رأته يحتسي المزيد بمفرده ولم تفهم، لماذا
تركها؟
-
عمر!
نادته ليلتفت نحوها بعد أن أحاط خـ ـصره
بمنشفة واتجه بأخرى نحوها ثم ابتسم إليها وهو يحاول مساعدتها بالمنشفة ليتفقدها
بحسرة وهو يرى التساؤل بعينيها فهرب سريعًا:
-
أنا تعبان، عايز أنام!
بالطبع لن تتقبل الرفض، ومن هو ليرفضها، ما
الذي سيملكه محارب انهزم عشقًا أمام حُسن تُغار منه الآلهة؟
-
أنت هتسبني، بعد اللي حصل..
التوى فمه بمرارة ليعقب بثمالة:
-
معلش متزعليش مني
اختلفت ملامحها للغضب الشديد ثم ابتعدت عنه
وما زالت تحتويها اثار الثمالة لتنظر له بغر تصديق ثم صاحت به:
-
عمرك ما هتتغير، نفس اسلوبك الخبيث بنفس
طريقتك، أنا حتى مش فاهمة إيه اللي جابنا هنا واحنا بنعمل كده ازاي.. أنا هنزل
اروح بيتنا، ابعد عني!
استغرب ردة فعلها بينما رآها تتجه للخارج ولم
تُمسك سوى بحقيبة يدها وهي تتجه عا"رية نحو الخارج ولجزء من الثانية كان
ليتركها ولكن عدم ارتدائها لشيء جعله يوقفها:
-
استني.. هتروحي كده؟
التفتت نحوه بينما وجدته يشير نحوها فنظرت
إلى نفسها لتدرك أنها لا ترتدي شيئًا لتنظر نحوه وهي تقول بانزعاج:
-
كل حاجة بسببك عشان ضايقتني.. كل مرة بتتعامل
معايا بنفس الطريقة، كأن كل حاجة من حقك إنما أنا مش من حقي، دايمًا بهون عليك
عادي!
تبًا، رأسه تؤلمه ولا يستطيع الرؤية بوضوح
وهي لا تجعل الأمر أسهل بل تصيبه بهذا التشتت، لو فعلها ستلومه، وإن لم يفعلها
ستلومه، يعرف أنها تنزعج بشدة عندما يبتعد عنها بعد أن تسيطر عليها الرغبة، ربما
يكون فعل دنيء وبه بعض من الخبث، ولكنه لم يبتعد من أجل أن يعذبها، لقد ابتعد لأنه
لا يستطيع السماح لنفسه بامتلاك ما لا يستحقه!
تنهد ثم ذهب بخطوات مترنحة نحو غرفة الملابس
ليجدها واقفة لا تفعل شيء على الإطلاق تكتفي بالنظر نحو تلك الملابس المطوية فاقترب
منها ليضـ ـمها بذ راعه إليه فالتفتت نحوه وهي تصده ثم حدثته بانزعاج:
-
ابعد عني..
إن لم تكن مباغتها هي الشيء الوحيد الذي
سيُصلح قليلًا من مزاجها العكر إذن فلا يملك المزيد من الحيل سوى أن يفاجئها بتلك
القـ ـبلة وببعض اللـمـ سات الدافئة، ورويدًا رويدًا يعرف أنها ستستجيب، من غرفة
الملابس، إلى الفراش، مرورًا بذلك الشغف الذي افتقد رؤيته والشعور به فيما بينهما،
كلما اتقن فعلها كلما استجابت هي، ربما لا يستحق مجرد النظر، ولكنه كذلك ليس من
حقه أن يبدأ أمر ولا يُنهيه ويكون ذنبه أن تعاتبه بتلك النظرات التي ستذكره بما
كان عليه يومًا ما!
الليلة الماجنة لتك الفاتنة من حقها تمامًا
وليس من حق رجل هُزم بحرب عشقهما الضارية، لتستمتع هي إذن ولا يهم أن يشعر هو
بذلك، لو سيكون الثمن أن تحصل هي على خلاصها وسيبقى هو معذب حتى الصباح فهذا أقل
بقليل مما تستحقه هي!
❈-❈-❈
تلك الأنفاس، هذا الملمـ ـس، ذلك الدفء الذي ظن أنه لن يحظى به طيلة حياته
مرة أخرى، هي معه ولا يحلم، هذا ليس بحلم بل حقيقة وواقع ولا يدري ما الذي سيحدث
عندما تستيقظ وتفهم ما حدث بليلة أمس، ولكنه بعد أن رآها وهي ترتجف بعينيه وتصرخ
باسمه مثل الماضي يشعر بكثير بأنه أفضل حتى ولو لم يحدث الأمر كما ينبغي، لقد
اقتصر على متعتها هي فقط..
يا له من آلم لا يقارن، لم يحتسي مثل هذا المقدار منذ أمد بعيد، رأسه ستكون
حقل ملغم اليوم وكلما نطق بحرف واحد سينفجر بداخله لغم جديد، لا يهم، ما يهم هو
أنه اختبر كل ما اختبره ليلة أمس معها، ثانية واحدة لقد كان يستمع لطرق متواصل، ما
الذي حدث؟ من كان يطرق بهذا الإزعاج الشديد؟!
-
عمر، متبعدش.. خليك معايا النهاردة!
رفع رأسه نحوها ليجدها غامضة الأعين وجـ ـسدها في حالة استرخاء شديد ليبتسم
وهو يجفف فمه ثم عدل من نومها على الفراش ليُدثرها بالأغطية ليجدها تُمسك بذر اعه وفتحت
عيناها الناعستان وهي تهمس له:
-
خليك جنبي!
هز رأسه بالموافقة وهو يلعن يـ ـديه التي قامت بإفساد كل ما كان بينهما
يومًا ما ثم اتجه ليستقر بجانبها أسـ ـفل تلك الأغطية وحاول أن يصمد أمام ما
تُزينه له الخمر وبين صد نفسه عن رغبته المتقدة التي لم تخمد بعد.
ابتسم بسخرية على ما حدث ثم فتح عينيه وأخفض من بصره نحوها لتودع ابتسامته
السخرية وحل محلها الندم على ما حدث بالسابق، وما حدث ليلة أمس، وما سيحدث بعد
قليل!
-
ما بدري يا عمر بيه، بقالي ساعة واقف قدام الباب، قولت ادخل اريح لغاية ما
جنابك تصحى!