-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه الفصل 39 بالعامية - 2

   رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

تابع قراءة الفصل التاسع والثلاثون

النسخة العامية 


 

العودة للصفحة السابقة




 

هز رأسه ثم غادره بينما توجه ليبحث عنها فالتقى بـ "رضوى" بطريقه ليوقفها سائلًا:

-       مشوفتيش روان؟

-       آه كانت لسه من شوية بتسألني على اوضة عُدي.. مستنية تكلمه باين في شغل أو حاجة زي كده مش فاكرة اوي.

 

اجابته بعفوية ليهز رأسه باقتضاب كدلالة على الامتنان لإجابتها ولكنه لم يُفكر سوى بارتياب شديد، في لمح البصر كان يتخيل أنها ستفعل شيء ما مُشينًا فقط لتُكمل سلسلة تصرفاتها الطفولية فلحق بـ "رضوى" قبل أن تبتعد:

-       وهي اوضة عُدي فين معلش؟

-       في الدور التاني جنب اوضتكم على الشمال، نفس الأوضة اللي بتقعد فيها دايمًا.

-       شكرًا، معلش لو مفيهاش تعب، فيه حد ممكن يعملنا قهوة ويطلعهلنا فوق؟ معلش انا معرفش الناس اللي بتشتغل هنا.

-       لا متقلقش انا هقولهم.. عشر دقايق وهتلاقي القهوة عندك.

 

لاقته بابتسامة بشوشة فبادلها باقتضاب واتجه سريعًا نحو تلك الغرفة التي وصفتها ليجد باب غرفته قارب على الاغلاق ثم صعدت ضحكتها من الداخل لتحتدم دمائه التي احترقت بمجرد ما سمعه وتخيل لو أن والده علم بهذا لن يدع الأمر ليمر مرور الكرام فدخل ليرى كلاهما وتيقن من أنهما لا يتشاجران بعد الآن مثل ما كان الأمر ليلة أمس بمنزل والده ليحدق بهما لوهلة ثم حدثها بنبرة فارغة من المشاعر:

-       تعالي عايزك!

 

تسلطت نظراته على "عُدي" بغيظ لترد هي بعفوية:

-       ماشي..

 

التفتت نحو "عُدي" ثم أخبرته:

-       ابقا ابعتهالي على ايميل الشغل وأنا لو لقيت حل لحاجة زي دي هعرفك، ارجع بس من اجازتي وأكيد ليها حل. ومتزعلش مني بقا، مقصدتش بجد.

 

أومأ لها بالموافقة ليُعقب بابتسامة:

-       حصل خير، الموضوع برضو كان صعب.

 

التفت لينظر نحو "عمر" بضيق وهو يسأله على مضض:

-       ازيك يا عمر عامل إيه؟

 

أشار له برأسه واكتفى بأن تكون هذه إجابة ليجد "روان" تخبره سائلة بتلقائية:

-       أنا عايزة اروح اجيب sim card لأني هحتاج موبايلي، مفيش هنا أي محل فودافون قريب؟

-       هشوفلك، تعالي.

 

انتظر خروجها ففعلت ليتبعها وتوقف أمام الغرفة المجاورة ثم قام بفتح الباب وانتظرها أن تقوم بالدخول فتوجهت للداخل ليقوم بإغلاق الباب ورآها وهي تتحفز بعقدها لذراعيها ولكنها لم تنطق بحرف واحد ليُكلمها بهدوء:

-       تحبي نقعد فين عشان كلامنا هيطول.

 

اتجهت نحو الشرفة ثم جلست على واحد من الثلاث مقاعد المتواجدة حول طاولة صغيرة فتوجه ليقوم بفتح حقيبته واستخرج منها تبغه وغليونه واتجه ليتبعها للخارج ليجدها لم تلتفت له وظلت تحدق نحو تلك المزروعات ليضع الغليون وحاول أن يعبئها بالتبغ مستخدمًا يـ ـد وحيدة فبدأن بأن تحدث صوتًا مزعجًا باحتكاكها بزجاج الطاولة لتلتفت وهي تنظر نحو ما يحدث حيث كان يطبق بإبهامه التبغ بفوهة الغليون واستمر كلما تلمـ ـس ابهامه نفس الصوت المُزعج وهي بالكاد تحاول أن تتحمل قلة النوم وهذا الألم برأسها وتلك الحُرقة بعينيها لتهتف به بعصبية:

-       خلاص كفاية.

 

امتدت يـ ـدها لتقوم بتعبئة التبغ بدلًا منه فتابعها وهي تفعلها ليسألها متعجبًا:

-       أنت كمان بقيتي بتشربي حاجة غير السجاير؟

 

لمحته بلمحة سريعة لتجيبه بما جعله يشعر بالحزن على ما فقده:

-       شوفتك بتعملها كتير، مكونتش بس واخد بالك إني حفطتك وحفظت كل تفاصيلك.

 

قامت برفع الغليون نحو شـ ـفتيه ليقوم هو بإشعال التبغ إلى أن استقر على الدرجة المناسبة لوصول اللهيب لكل التبغ ليُرثي على حاله بينه وبين نفسه لقد أصبح شبيهًا لهذا التبغ المحترق ولا يظن أن هناك المزيد في حياته قابل للاحتراق التي ستصبح رمادًا عما قريب.

 

كم تمنت لو دفعتها قليلًا إلى حنجرته لتخترق ويلفظ أنفاسه أمام عينيها ولكنها تركتها لتحدثه باستفسار:

-       كنت عايزني في ايه؟ أكيد مش عشان اولع الـ pipe!

 

هز رأسه لها باقتضاب وشرع في الكلام:

-       دلوقتي احنا رجـ

 

أوقفه طرقات على الباب لتشعر بالاستفزاز الشديد لعدم متابعته لحديثه الذي لا تدري عما يكون لترد بصوتٍ مرتفع حتى يصل لمسامع من بالخارج:

-       ادخل!  

 

ترقبت بعينيها دخول الطارق لتجد فتاة تحمل فنجانين من القهوة وكوبان من المياه لتتنهد وهي ترسم ابتسامة مقتضبه لها وأشارت لها بأن تضعها فوق الطاولة لتذهب الفتاة فتابعتها إلى أن أغلقت الباب لتخبره بعد أن همهمت بزفرة:

-       اتفضل، فيه ايه؟

 

ضيقت عينيها نحوه وهي تنظر له ليقوم هاتفه بإصدار رنين لتقلب عينيها وهو يُمسك غليونه بأسنانه وتفقد من المتصل ليخبرها:

-       دي مامتك.

 

انتزعت الهاتف من بين يـ ـديه ثم قامت بالرد:

-       ايوة يا مامي صباح الخير.

 

أنصت مليًا لصوتها وصوت والدتها الذي استطاع أن يحصل على القليل منه وهو يتردد خارج الهاتف:

-       صباح الخير يا روري، بكلمك على موبايلك مقفول، كنت عايزة اتطمن عليكي!

 

اغمضت عينيها بنفاذ صبر وهي تتمنى لو تستطيع البوح بكل ما يحدث لها ولكنها تمنعت حفاظًا على سلامتها ثم ردت قائلة:

-       معلش أنا من ساعة ما الموبايل اتسرق وأنا نسيت اجيب الـ sim card، مرة اصحى متأخر ومرة لما قلقنا على بسام، بس متقلقيش أنا كويسة، احنا سافرنا عشان فرح ابن عم عمر هيعملوه في البلد، كله تمام متقلقيش.

 

-       دايمًا يا حبيبتي، أنا بس كان نفسي تيجي تقعدي معانا يومين انتِ وعمر زي زمان.. كنتو عاملين للبيت حس وبنبقى مبسوطين باللمة واحنا مع بعض.

 

 

زفرت بعمق لتعقب قائلة:

-       حاضر يا مامي، لما نرجع من السفر هنيجي نقعد معاكم يومين.

-       خلاص اتفقنا يا حبيبتي، بس انتو راجعين امتى عشان اخلي هدى تحضرلكم كل حاجة وتعملك الاكل اللي بتحبيه أنتِ وعمر؟

 

ضيقت ما بين حاجبيها لتفعل كتم الصوت ثم سألته:

-       هو احنا قاعدين هنا لغاية امتى؟

 

التفت إليها ليقلب شـ ـفتاه بعدم المعرفة وأشار بأصا بعه برقم ثلاثة ثم رقم أربعة بينما آتى صوت والدتها من جديد:

-       روري أنتِ معايا؟

 

الغت تفعيل الصوت واجابتها قائلة:

-       ايوة يا مامي sorry عمل mute من غير ما اخد بالي، كنت بقولك حوالي تلت أو اربع أيام.

-       اتفقنا يا حبيبتي تيجوا بالسلامة وسلميلي على عمر.

 

أنهت مكالمتها وهي تضع هاتفه على الطاولة ورفعت فنجان القهوة وهي تقول:

-       أتكلم بقا!

 

ارتشفت من قهوتها ليخبرها بهدوء:

-       احنا اتجو زنا من ستـ

 

اوقفته طرقات جديدة على الباب لتتأفف وهي تقلب عينيها لتترك فنجان القهوة وذهبت نحو الباب بغيظٍ شديد وقامت بفتحه بغضب لترى فتاة أمامها تحمل شراشف مطوية لتخبرها قائلة:

-       لا مؤاخذة، أصلنا نسينا نحط ملايات زيادة..

 

ابتسمت بغيظ دون أن تظهر أسنانها وتناولت الشراشف من الفتاة وهي تجبر نفسها على التحدث بلباقة:

-       متشكرة جدًا..

 

أغلقت الباب وألقت بتلك الشراشف على الفراش دون اكتراث وعادت من جديد لتجده ترك غليونه وبدأ في تناول قهوته لتخبره:

-       قول قبل ما يجوا يقبضوا علينا ولا حاجة..

 

لم يستطع منع ضحكته التي تزايدت حتى كاد أن يوقع قهوته من بين يـ ـديه ولم ير سوى نفس ما كانت تفعله صباح اليوم معه عندا كان كل ما يُريده هو بعض الهدوء ليكمل قراءة كتابه لتنزعج من فعلته فأخبرته بغيظ:

-       يعني أنت بتضحك وأنا بغلي قدامك، ممكن افهم ايه المضحك اوي كده..

 

رفع عينيه نحوها ورأت تلك الدموع التي تتساقط من عينيه بفعل الضحك وهو يُعيد رأسه للخلف لتتذكر المرة الوحيدة التي رأته يضحك بها بنفس الطريقة:

 

تمنت لو تأخرت، أو عساها لم تمتلك قدمان تستطيع المشي بهما كي تأتي له وتواجهه الآن، تمنت لو أن ليس عليها الاعتراف أمام عيناه بنظراته القوية التي تبعث بها الإجبار والإذعان على اجابته بكل ما يريده هو، لا تستطيع أن تفر من تلك النظرات ولا تستطيع أن ترفض وتأبى وتستفز أسوأ شياطينه وهي بالكاد تمتن لمشاركته يومًا هادئًا وحيدًا منذ أن تم زواجهما لترطب شفتاها هامسة في النهاية:

 

- دي أول مرة.. أن.. أشوف..را جـل من غير هد ومه

 

 

 

خرجت الحروف متقطعة على مُكثٍ ليستغل المزيد من تأثيره عليها وتكلم بهدوء مُحذرًا:

- دي مش إجابة سؤالي.. وانتي عارفة إني مش راجل صبور ومش هاكرر سؤالي

 

ابتلعت بتصاعد ارتباكها ثم تحدثت بسرعة بعد أن استجمعت كل ما لديها من شجاعة:

- دي مرتي الأولى.. معرفش ايه اللي يعجبني وايه اللي ميعجبنيش.. بلاش تستغل إني بنت معنديش خبرة مع أي راجل!

 

زفرت في راحة ولم تهدأ أنفاسها بعد من تحديقه بها ولكنه تبسم ابتسامة جانبية لم تفهم ما سببها ووجدته يقول:

- عارف إن الموضوع عجبك بس انتي بتتكسفي مش اكتر.. على العموم لازم تتحكمي في كسوفك وتوترك واهدي وسيطري على نفسك شوية، الموضوع بسيط!!

 

 

 

ابتعد قليلًا متصنعًا اكماله لارتداء ملابسه لترى جـ ــسده من الأمام لتلعن ذلك الجـ ــسد وتلعن عيناها لعدم مفارقتهما التحديق بجـ ــسده ولعنت فضولها آلاف المرات وما إن أنخفض نظرها أسـ ــفل خـ ــصره حتى صُعقت بحجم ما يبرز في سر و اله الدا خلي وانفجرت الحُمرة بوجهها وضعت يدها على فمها واتسعت عيناها بدهشة ولكنها حمحمت لتقول:

- أنا هاروح.. اعمل الـ..

 

تاهت الكلمات ثم أغمضت عيناها بعنف وهزت رأسها في غضب ثم أخبرته مسرعة:

- باي..

 

انفجر ضاحكًا دون أن يخطط لهذا ثم اوقفها بين ضحكاته:

- استني يا روان..

 

 

لم يستطع أن يوقف قهقهته وقد اتجهت رأسه للخلف من شدة تأثره وقد حُفرت ملامحها ونبرة صوتها برأسه وأقسم أنه لم يواجه ردة فعل مماثلة من أي امرأة قبلها وظل يضحك ويضحك حتى أسقطت عيناه دموعًا مما اجبرها في البداية على تفقد ملامحه التي لم ترها قبلًا ولكن كلما زادت ضحكاته حتى شعرت بالحزن إلي أن صاحت به منزعجة وهي تعقد ذراعيها:

- بجد والله، ايه المضحك اوي يا حضرة الأستاذ عمر؟

 

ما إن تذكر خجلها هدأ عن الضحك، وانتشله صوتها ليتفقدها وهي عابسة وزفر محدقًا بها، وبعدها توجه ليستكمل ارتداء ملابسه ولم يتضح القليل مما يُفكر به على ملامحه واجابها بنبرة بها القليل من المرح:

- المُضحك هو رد فعلك..

 

اخفض من ذلك القميص القطني بعد أن قام بارتداء بنطال منزلي ثم توجه ليجلس مرتديًا احدى الأحذية الرياضية المُلائمة للتواجد بالحديقة واستطرد وهي لا تزال تتابعه بعسليتين منزعجتين:

- مكونتش أعرف إنك بتتكسفي اوي كده.. مبحبش الست اللي بتتكسف.. ضحكتيني بس مش اكتر..

 

 

نهض وتوجه نحوها ثم تلمـ ــس وجهها بأنامله ليقول متنهدًا بإعجاب:

- ومع إني مبحبش الكسوف إلا إنك احلى واحدة أنا شوفتها في حياتي!

 

 

 

تفقدته بنظرات مترددة ليبتسم لها باقتضاب ثم توجه ليُمسك بقهوته وبينه وبين نفسه يُفكر أنه قد حان الوقت ليستخرج كل ما حدث ليلة أمس من رأسها الصلبة والتفت لها بعفوية قائلًا:

- تعالي نتمشى شوية برا..

 

-       خلاص خلاص، بلاش البصة دي، تعالي ننزل نتمشى شوية تحت في هدوء ونسيب الموبايل!

 

كلمها بنبرة ما زالت تحمل اثار ضحكته وهو يمسح عينيه بينما رفعت احدى حاجباها بتحدي وسألته بإصرار وهي تشدد نطقها على الحروف:

-       لا مش هنزل وتقولي حالًا، إيه اللي كان بيضحكك؟

 

رفضت بشدة أن يُعاد نفس الماضي حتى ولو كان مجرد دقائق سيسير كلاهما بها معًا لينظر إليها وهو يتذكر ما جعله يضحك ليخبرها بعد أن اثار الأمر ضحكه مرة ثانية:

-       حسيت إنها مؤامرة عليكي زي ما كنتي بتعملي فيا النهاردة الصبح في الطريق وأنا بحاول اقرا!

 

انفجر ضاحكًا من جديد لتمنع نفسها من الضحك بأعجوبة لتحاول أن تسيطر على رغبتها بالضحك لتحدثه بغيظ:

-       خلاص اضحك أنت وأنا ماشية وسيبهالك، أنا غلطانة إني عايزة اسمعك اصلًا

 

سرعان ما سيطر على نفسه وهو يلمحها بتشفي ولكن دون مبالغة ليخبرها قائلًا:

-       خلاص مش هاضحك، اقعدي بس!

 

رمقته بانزعاج ثم امتدت يـ ـدها لتتناول قهوتها بعد أن جلست وهي تحاول أن تهدأ من غيظها وفجأة رن هاتفه مرة ثانية فلم يستطع السيطرة على تلك الجولة الجديدة من الضحك بينما ازداد غضبها بشدة لتمتد يـ ـدها نحو الهاتف دون أن ترى من المتصل وقامت بالضغط على ازرار الجانبية ليتوقف الرنين ثم صاحت به بغضب:

-       لو متكلمتش حالًا أنا هسيبك واقوم.

 

مسح عينيه وهو يومأ بالموافقة بينما تحدث بما تبقى من ضحكاته:

-       احنا رجعنا لبعض بالظبط من ستاشر يوم، أنا مش عايز لا اسببلك أي مشاكل ولا اضايقك بأي حاجة، بس انتِ شايفة إن اللي بتعمليه ده حل لكل حاجة؟ لو شايفة إن ده صح كملي، وأنا موافق على كل حاجة، بس صدقيني بابا مش هايسكت، وأنتِ كل ما بتعملي حاجة جديدة ده بيخلي أي حل اقرب منه واني أحاول اقنعه اننا نتطلق بيخلينا نرجع لنقطة الصفر. ده غير قلق مامتك وأخوكي، وغير إنك بتدمري نفسك قبل أي حاجة، قلة نوم وتصرفات أطفال، فأنتِ بجد شايفة إيه النهاية لكل ده؟

 

انهت فنجانها وهي تتكره من بين يـ ـديها على الطاولة بينما حدقت بملامحه السعيدة التي تبعت ضحكاته وهي لا تتذكر متى كانت المرة الأخيرة ليبدو بهذه التعابير وكأن كل حياتهما أصبحت ملونة بالحزن لتعقب باقتضاب مستفهمة:

-       أنت شايف إني مبسوطة بده؟ هو أنا كنت كده أصلًا؟

 

تنهد وبدأت ملامحه في العودة لتلقائيتها ليجيبها:

-       أنا عارف إني السبب ومش ببرأ نفسي، بس اللي أنتِ بتعمليه ده مش حل، صدقيني مفيش أي حد شايف إن ده حل!

 

رفعت حاجبيها وهي تومأ بالموافقة لتقول بعصبية:

-       المفروض أكون نفس البنت اللي جاية تشتكيلك من إن عمها هيسرقها.. حاضر، هاضغط على زرار ينسيني كل اللي حصل ده وهبقا تمام، عشان أنت وبابا ومامي وبسام وكل الناس ترتاح، فيه طلبات تانية؟

 

شعر بموجة من اليأس تضرب كيانه ليحدثها بجدية محاولًا أن يُقنعها:

-       أكيد طبعًا مبقولش دوسي على زرار، بس برضو متعمليش اللي أنتِ بتعمليه ده، أنا بقيت بصحى وبنام وأنا مرعوب من اللي ممكن تعمليه، من شوية جايبك من اوضة عُدي، أنتِ عارفة بابا لو شافك هنا بالذات بتعملي كده هيقول ايه؟ وامبارح مش بعيد يكون كلامك اللي اتكلمتيه وصل لبابا، افهمي إن اللي بتعمليه ده مش هيوصلنا غير لنتيجة لا أنا ولا أنتِ عايزنها!

 

تشنجت من شدة اثار الغضب ثم نهضت وهي لا تستطيع تحمل الحرقة بعينيها وتمنت لو تستطيع النوم الذي تعرف أنها لن تنجح أبدًا في فعله لترد منفجرة بكلمات توالت قهرًا مطنبة بكل ما تشعر به:

-       أنا مش عارفة، أنا مش لاقية حل لده، أنا مش عارفة ارتاح بأي حاجة بتحصل، لا نجاح في الشغل نفعني، ولا الأدوية بتعمل حاجة غير لساعتين تلاتة، ولا حتى كل اللي بعمله فيك ده مريحني، أنا مخنوقة، مخنوقة وخايفة طول الوقت، حاسة إني عاجزة، انسانة ضعيفة وبتكره نفسها ومفيش في أيـ ـديها أي حاجة تعملها، لما روحت المصحة مكونتش عارفة احكي كل حاجة، متعودتش إني احكي كل حاجة، وحتى لما كنت بروح لمريم كنت بقدر ارتب كل حاجة في دماغي وابدأ احكي بالترتيب وبدون تفاصيل كل حاجة عشان أوصل لنتيجة، إنما في المصحة زي ما أكون راسي مش عارفة ترتب اللي حصل، مش عارفة أقول كنت بحبه وهو مريض ولا أقول كان مريض وبعدين حبني وشك فيا، ولا شك فيا وبعدين اتعالج والتفاصيل كلها اللي كل ما افتكرها تخلي لساني مربوط.. أنا تعبت وتعبانة ومفيش حاجة بتريحني وقولت ألجأ للقانون يمكن اعرف أخد حقي بكل الورق اللي معايا باباك منعني ولقيته بيهدلي شغلي اللي أنا وبابي حافظنا عليه، مبقتش لاقية حل، عندك أنت حل؟ عندك قانون ممكن يحميني منك أنت وباباك؟ اروح اقولهم جو زي كان بيقولي قوليلي يا سيدي ويجلـ ـدني وانا من غبائي صبرت عليه؟ عندك دوا اخده ينسيني اللي حصل؟ عندك أي طريقة ممكن ارتاح بيها؟ اديني الحل وأنا أوافق عليه في ثواني! أنا نفسي أكتر من أي حد ابطل خوف وكُره لنفسي.. نفسي ابقا نفس الانسانة اللي كنت بشوفها زمان في المراية، نفسي يبقا عندي تاني نفس احـ ـساس الطاقة والتفاؤل وإني اقدر اعمل أي حاجة في الدنيا، مش عارفة، أنا مبقتش عارفة أوصل لحل.. أخري أخد دوا واشرب ازازة ولا اتنين عشان اعرف انام..

 

توقفت لتنظر نحو الباب وعبراتها تتهاوى على وجنتيها بغزارة بعد كل ما صاحت به بينما لم يختلف عنها حالًا عندما استمع لكل هذا دفعة واحدة منها لتتوجه نحو الباب وهي تصمم على الصراخ بوجه من يقف خلفه أيًا كان وفتحته بعصبية اثناء بُكائها لترى من هذا الكريه الذي يقف خلفه وبمجرد رؤية وجه والده فانعقد لسانها ومنعت شهقاتها عن الانفلات منها ليحدثها متسائلًا باقتضاب:

-       عمر فين؟

 

اشارت له نحو الداخل بينما جفف وجهه سريعًا وهو يتمنى ألا يُلاحظ والده ما يحدث له لينهض من مقعده بينما رآه يقترب وهو ينظر نحو هاتفه الموضوع فوق الطاولة ليسأله بصلابة وهو يجمع كلتا يـ ـداه خلف ظهره:

-       مردتش عليا ليه لما كلمتك؟




يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة