-->

رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 6 - 1

       رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين

رواية قلوب حائرة

الجزء الثاني



رواية جديدة تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

الفصل السادس

❈-❈-❈



للبداياتِ رونقُها وسحرُها الخاصِ الذي يجعلُ القلوبَ مُنقادةَ غيرَ عابئةٍ لحديثِ العقلِ والإلزامْ  

ويمنحُ للعقولِ رُخصةً باللينِ والإِرتِخَاءِ كَي ينعمَ المحبوبُ بقربِ حبيبهِ دونَ قيودٍ أو إرغامْ

رؤوف المغربي

 

خواطر رؤوف المغربي 

بقلمي روز آمين 

 

 

بمدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة

بإحدي الإستوديوهات المخصصة لتصوير البرامج التليفزيونية، كان يجلس بأريحية وتمَرُس لتصوير برنامجهُ اليومي الذي يُذاع مُباشر علي الهواء بوجهٍ مُشرق وروح متفائلة،واثقً من حالهْ 

 

وتحدث قائلاً بوجهٍ بشوش ونبرة متفائلة: 

-أعزائي المشاهدين ورجعنا لكم تاني بعد الفاصل ومكملين مع برنامجنا "بسمة أمل" 

 

واستطرد بهدوء وبشاشة وجه: 

-وما أحوجنا لبسمة الأمل في ظل الظروف الصعبة اللي بيعيشها العالم أجمع وحاسين إنها بتضغط علينا وبتُخنق روحنا

،خلينا نصنع بإدينا بسمة أمل لكل واحد فينا نهون بيها علي بعض 

 

وأكمل بإبتسامة:

-تخيلوا كدة لو واحد ماشي في الشارع وبيفكر في حاجة شاغلة باله ومضيقاه،وفجأة قابل شخص ولا يعرفه ولا عمره شافه، والشخص ده إبتسم له بوش صابح بشوش،قد إيه الإبتسامة دي هتكون بمثابة بسمة أمل وتفاؤل للشخص المهموم

 

وأكمل بنبرة حماسية وأبتسامتهُ الساحرة المعتادة:

-خلونا نرحب بضيفة فقرتنا التانية واللي هتقول لنا وتعرفنا إزاي نستقبل يومنا ونكملة ببسمة أمل لينا ولغيرنا 

 

وأستطرد مُشيراً بيـ.ـده علي تلك الجميلة التي أظهرتها الكاميرا وهي تجلس واضعة ساقاً فوق الآخري بأناقة:

-معانا هايدي الكاشف، Life Coach  أو زي ما بنسميها، مُدربة التنمية البشرية 

 

تحدثت تلك الجميلة قائلة بنبرة حماسية وابتسامة ساحرة:

-أهلاً بيك يا شريف، ومش قادرة أقول لك قد إيه أنا سعيدة لأني معاك إنهاردة، 

 

وأستطردت بثناء: 

-وعلي فكرة،أنا متابعة البرنامج بتاعك هنا وكمان برنامجك اللي بيتذاع علي الراديو، وأحب أقول لك إنك من أكتر الشخصيات اللي بتدي سواء للمشاهد أو المستمع positive energy تخليه يقدر يكمل يومه بشكل نفسي صِحى جداً 

 

تحدث شريف بإبتسامة شاكرة: 

-متشكر جداً يا هايدي، كلامك في حقي ده شهادة غالية جداً لأنه خارج من أهل الخبرة 

 

إبتسمت وأكملا فقرتهما 

 

أما بمنزل سالم عُثمان، كانت تجاور سُهير الجلوس وهما تشاهدتان البرنامج،تتناولتان بعض الحلوي المشهور بها شهر رمضان المعظم،إقتطـ.ـعت بشوكتها قطعة من حلوي "الكُنافة" وإقتضمتها بضيـ.ـق وبدأت بمضـ.ـغها بشـ.ـراسة من شدة غيرتها علي حبيبها الوسيم وإلتفاف المعجبات من حوله طيلة الوقت 

 

هتفت سُهير بحماس واستحسان وهي تُشاهد إبنها من خلال شاشة التلفاز:

-ما شاء الله عليك يا حبيبي،ربنا يُحرسك من العين ويعلىّ مراتبك كمان وكمان 

 

وأستطردت بإعجاب:

-البنت دي كلامها حلو أوي 

 

بسرعة شديدة إلتفتت إليها علياء ورمقتها بنظرة غاضـ.ـبة وهتفت بإحتدام: 

-هو حضرتك صدقتي الهلفطة اللي بتقولها دي؟ 

دي حافظة لها كلمتين لزوم الشُغل علشان تطلع تضحك بيهم في البرامج علي عقول الناس وتبين لهم قد إيه هي حد جميل ومتصالح وقادرة تغير حال ونفسية الناس 

 

وأكملت بإنزعاج شديد يرجع لشدة غيرتها علي رجُـ.ـلها: 

-أصلاً مدرب التنمية البشرية دي بقت شغلانة اللي ملوش شغلانة 

 

ضحكة مدوية أطلقتها سُهير التي شعرت بغيرة زو جة نجلها عليه مما أثار حفيظة تلك الغاضـ.ـبة وجعلها تتطلع عليها بإستياء 

 

حاولت سُهير بصعوبة إيقاف ضحكاتها وتحدثت بهدوء:

-إنتِ غيرانة علي شريف من الضيفة يا عالية؟

 

إمتعضت ملامح وجه علياء مما جعل سُهير تضع كف يـ.ـدها وتحتـ.ـضن به كفها برعاية ثم أردفت بنبرة حنون:

-أنا عارفة إنك بتحبي شريف وبتغيري عليه أوي، بس عاوزة أقول لك كلمتين عن إبني تحطيهم في قاموس حياتك وتمشي عليهم علشان تعيشي معاه وإنتِ مرتاحة 

 

وأستطردت بثناء وأستحسان:

-شريف إبني طيب أوي وعنده من المبادئ والأخلاق اللي يمنعوه من إنه يمشي في طريق الغلط 

واكملت بعيناي حنون: 

-ده غير إنه بيحبك وإختارك تكوني شريكة حياته من بين كل البنات اللي كانوا حواليه 

 

نظرت لها علياء فأكملت سهير وهي تُربت علي كفها وأردفت:

-طمني بالك من ناحية جـ.ـوزك يا بنتي

 

تنهدت علياء بأسي وتحدثت بتوضيح:

-أنا عارفة كُل الكلام اللي حضرتك بتقوليه ده يا طنط، بس غصـ.ـب عني بمـ.ـوت من الغيرة كل ما ألاقى واحدة بتتكلم معاه أو بتحاول تتقرب منه حتي لو كان في إطار الشُغل،أنا ثقتي في شريف مالهاش حدود وعارفة ومتأكدة إنه بيحبني زي ما أنا بحبه ويمكن اكتر 

 

واسترسلت بإحباط ظهر بصوتها:

-بس ماعنديش أي ثقة في اللي بيتعاملوا معاه 

 

وهنا بقا تظهر شطارتك... جُملة داهية هتفت بها سُهير

 

ضيقت علياء عيناها بعدم إستيعاب فأسترسلت سُهير قائلة:

-شطارتك إنك تِشغِلي وقت جـ.ـوزك كله ودايماً تجددي من نفسك وإسلوبك معاه، وتحاولي تغيري من روتين حياتكم كل فترة

 

كل فترة إصبغي شَعرك،مرة قُصيه ومرة طوليه، تغيري إستايل لبسك كل مُدّة،ده غير نظافتك لبيتك وولادك 

 

وأكملت علي إستحياء: 

-وطبعاً العلاقـ.ـة الحمـ.ـيمية بينك وبينه لازم تجدديها كل فترة وتكوني جاهزة كل ما يطلبك، وبلاش أعذار إلا في الضرورة القصوي،لأن أكتر حاجة بتخنُـ.ـق الراجـ.ـل من السِت هي كُتر الأعذار 

 

وأستطردت متسائلة:

-فهماني يا بنتي؟ 

 

هزت رأسها عدة مرات متتالية وأردفت بنبرة هادئة وملامح وجه تملؤها السَكينة:

-فهماكي يا طنط، وحقيقي متشكرة أوي علي كلامك اللي ريح قلبي 

 

إبتسمت سُهير وتحدثت بنبرة حماسية:

-طب قومي هاتي لي السبرتاية من المطبخ علشان أعمل لك فنجان قهوة يظبط لك الدماغ صح،أهو نتسَلى علي ما شريف ييجى من القاهرة وسالم باشا يخلص سهرته مع أصحابه علي القهوة   

 

إبتسمت لها بسعادة وهبت واقفة وتحركت بحماس متجهة ناحية المطبخ وهي تُردد: 

-من عيوني يا طنط

 

--

 

داخل دولة ألمانيا بعد الإفطار بحوالى ساعة وتحديداً بـ Suite فخم بأحد الفنادق الفاخرة،يجلس ذلك المغرور المُتعجرف المدعو بـ نوَّاف العبدالله مُمـ.ـسكً بهاتفهِ الجوال يقلب به بفتور 

 

يُقابلهُ الجلوس إبن عمه ويُدعي فهد، هتف بإعتراض موجهً حديثهُ العاقل لذاك المتغطرس: 

-لا نوَّاف،أنا ماني موافقك علي حضورك للمقابلة هاذي، إنتَ بروحتك راح تخلق مشاكل وتستفز الرچال 

 

رفع بصره ونظر عليه وتحدث بعنادٍ شديد: 

-لازمن أروح يا فهد لحتي أشوف هاذا الرچـ.ـال اللي يقولون عليه 

وتحدث بإبتسامة سامة ونظرات خبيثة: 

-أنا محضر له مفاچأة رح تشتت تفكيره وتزغلل عينه واوصل بيها للي أنا أبيه   

 

ضيق فهد عينيه وتسائل بنبرة منزعجة لعلمهِ تفكير إبن عمهْ الأرعّنْ: 

-وإيش تقصد بهاذا الكلام؟ 

علي إيش ناوي يا وِلد عَمي؟ 

 

ضحك نوَّاف ساخراً مُتباهياً بدهائهْ،فهتف فهد مستفهماً: 

-أريد أعرف ليش البِنت هاذي بالذات اللي مركز معها، فيه مَليون بنت غيرها يتمنون منك نظرة واحده ويرتـ.ـمون تحت رچليـ.ـك 

 

هتف سريعاً بنظرات وملامح وجهْ يملؤها الإشمـ.ـئزاز: 

-وأنا ما أريد هاذولي المليون يا فَهد،لأنهم رُخـ.ـاص وموچودين بكُل مكان أروحه،مليت من هاذولي البنات السَهـ.ـلة 

 

وأكمل وهو ينظر إليه بإصّرار:

-أريد أوصل للصعب يا فهد،أريد أوصل لقلب بنت سعادة العَميد مثل ما يجولون لها واخليها تحبني وتدوب في عشق نوَّاف،ما راح يرتاح لي بال إلا لما أشوف اليوم هاذا

 

وأكمل وهو يجز علي نواجذه ويُخرج الكلمات من بين أسنانه مما يدُل علي شدة غيـ.ـظه:

-ومثل ما فرچت علىّ الناس أمس،وقتها راح أصحيها علي كابوس وأخليها فرچة للچامعة بحالها، وادفعها ثمن غرورها وتكبرها علي نوَّاف العبدالله 

 

جحظت عيناي فهد وتحدث بنصحٍ وإرشاد: 

-أرِيد أعرف من وين چايب كل هذا الشَـ.ـر،عمي الله يعطيه العافية ماكو أطيب منهْ

 

واستطرد مستفسراً:

-والبنت هاذي مرباية وفي حالها وبعمرها ما أذتك،ليش حاطها براسك ورايد تـ.ـأذيها؟ 

 

ضغط نوَّاف علي نواجذهِ من جديد وأردف قائلاً بتعجرف: 

-لازم تدفع ثمن إنها قالت لنوَّاف لا،ماكو واحدة سَوّتها قبلها 

 

هب فهد واقفً وتحدث بإحباط أصابهُ من حديث إبن عمهْ: 

-إنتَ ماكو فايدة من الكلام معك يا ولد عمي،أنا داخل غُرفتي علشان أتوضأ وأصلي قيام الليل،ورح أدعي لك الله يهديك ويبعد عنك شيطـ.ـانك، بس قَبـ.ـل ما امشي أريد أقول لك شي، خـ.ـاف الله يا نوَّاف،خـ.ـاف الله

 

    

رمقهُ بنظرة ساخرة وابتسم بجانب فمه، وتحدث بتهكم وهو يُشير بكف يـ.ـده: 

ـإي روح يا شِيخنا ولا تشغل بالك فيني،وأنا راح ألبـ.ـس ملابسي عشان أروح عند السفير وأقابل هاذا الياسين ونشوف وِش راح يقول

 

 

--

 

بعد قليل 

داخل السفارة المصرية المتواجدة بالأراضي الألمانية 

كان يجلس ياسين بجانب السفير المصري ورجُلان ينتميان لجهاز المخابرات ويعملان بألمانيا، يحتسون قهوتهم منتظرين موعد حضور سفير الدولة الشقيقة وضيفاه الذي أبلغهم بحضوريهما

 

تحدث السفير إلي ياسين بهدوء: 

-ياسين باشا،أنا طبعاً مقدر غضـ.ـبك من اللي حصل من الولد ده لبنتك،بس مش عاوز غضـ.ـبك ده ينسيك التاريخ الأخوي والطويل بينا كدولتين بتجمعنا نفس اللغة ونفس الديـ.ـن 

 

وأكمل برجاء:

-أرجوك حاول تتمالك من أعصابك 

 

واسترسل نافياً: 

-ومش معني كلامي ده إني بهون من الموضوع،"بالعكس" لازم تكون واثق من جـ.ـواك إن إحنا عمرنا ما هنفرط في حق بنتنا

وأسترسل بدهاء:

-بس حقها هنجيبه بالعقل وبالإصول 

 

كان يكظم غيـ.ـظه بداخله،فلو كان الأمر بيده بعيداً عن العلاقـ.ـات الدولية للأشقاء العرب، لكان بحث عن ذاك الجـ.ـبان ومن دون مُقدمات إنقَـ.ـض عليه وقَبـ.ـض علي قصـ.ـبتهُ الهوائية ليمنع عنه دخول الهواء لرئتيه وما كان ليترُكها إلا وهو يراهُ يسقط أرضاً كجُـ.ـثة هامـ.ـدة

 

إنها لكبيرةًُ حقاً عليه كياسين المغربي ما حدث لصغيرته 

 

نظم حركة التنفس لديه ليتمكن من ضبط النفس وتحدث بنبرة هادئة لا تعكس نيـ.ـران صـ.ـدرهُ الشـ.ـاعلة بداخـ.ـله:

-إطمن سعادة السفير،أنا تربية جهاز المخابرات، يعني ضبط النفس والتحكم في الغضـ.ـب أول حاجة بنتدرب عليها 

 

أومأ لهُ سعادة السفير والمسؤلان واطمأنت قلوبهم،إستمع الجميع لبعض الطرقات الخفيفة فوق الباب وظهـ.ـر السكرتير الخاص وتحدث بإحترام:

-سعادة السفير وضيوفه وصلوا يا أفندم 

 

وقف السفير وياسين والمسؤلان وتهيؤا لإستقبال الزائرين 

 

دلف سفير الدولة الشقيقة وتحدث بإحترام ووجهٍ بشوش:

-السلام عليكم،الله يعطيكم ألف عافية يا رچـ.ـال 

 

رد الجميع سلامهُ وتحدث السفير المصري بترحاب وحفاوة: 

-أهلاً وسهلاً سعادة السفير،نورتنا جنابك 

 

ثم أشار إلي ياسين قائلاً بنبرة شامخة: 

-أحب أقدم لك سيادة العميد ياسين عز المغربي، والد بنتنا أيسل

 

نظر الرجُل إلى ياسين وبسـ.ـط ذراعهُ إليه إستعداداً للمصافحة وتحدث مفخماً إياهْ بحفاوةً وصِدق ظَهـ.ـر بَيّنْ وأستشفهُ ذاك الداهي بخبرتهْ من نظرات ونبرات السفير: 

-إسم سيادة العميد والباشا والده أشهر من نار علي العلم 

 

وأسترسل متسائلاً بنبرة توددية: 

-شلونك وشلون الوالد يا سيادة العميد،طمني علي صحته، إن شالله يكون بخير وبأفضل حال 

 

وما كان من ياسين سوي الإبتسامة الصافية والمصافحة بحفاوة لذاك المحترم: 

-أهلاً بسعادتك جناب السفير، وشكراً علي سؤالك علي سعادة اللواء

وأكمل بهدوء:

-سعادته بخير الحمدلله وصحته تمام 

 

أكمل السفير المصري تعريف المسؤلان الآخران،وأتي الدور علي سفير البلد الشقيق لتعريف ضيوفهُ الثلاث

قدم المسؤل الأول ورحب به الجميع تلاه الثاني،ثم أشار علي نوَّاف وتحدث وهو ينظر بتمعن إلي ياسين يترقب ردة فعله من ملامح وجههُ:

-وهاذا نوَّاف العبدالله،ولدنا اللي غِلـ.ـط وچاي علشان يتأسف منك ويعتذر يا سيادة العميد 

 

وإلي هُنا ولم يعْد لياسين القُدرة علي ضبط النفس وفقد سيطرتهُ علي حالهْ، فقد تخلي عن هدوئهُ وتماسكهُ وضَـ.ـرب بجميع الأوامر والأعراف بعَرض الحائط حينما رأي وجه من تجرأ علي لمـ.ـس جوهرة أبيها الثمينة 

 

بلحظة غَلـ.ـت الدِ ماء وصعدت إلي أعلىّ رأسه من مجرد التَطلع علي وجه ذاك الوضِيـ.ـع، وتوحَـ.ـشت ملامح وجههِ وباتت هيأتهُ مُخيـ.ـفة لكُل الحاضرين 

 

مما إستدعي قلق السفير المصري،وجعل أيضاً ذاك النوَّاف ينكمش علي حاله ويتواري خلف سفير بلدهِ رُعـ.ـبًا وذُعـ.ـراً من نظرات ياسين المستوحـ.ـشة والتي لا تُنذر بخيرٍ

 

هو إنتَ بقي المُتـ.ـحرش اللي إتجرأت ولمـ.ـست إيـ.ـد بنتي وتعديت عليها؟.. جُملة غاضـ.ـبة نطق بها ياسين وهو يقترب عليه كالوحـ.ـش الكَاسر حينما يهجم علي فريسـ.ـتهُ 

 

أمـ.ـسك السفير يـ.ـد ياسين لتحجيم غضـ.ـبهِ وهمـ.ـس قائلاً بنبرة تنبيهية لإستفاقته من حالة الغلـ.ـيان التي سيطرت علي جـ.ـسده فجعلت عروقهُ تنـ.ـتفض بالكامل:

-إهدي وحاول تتمالك أعصابك يا سيادة العميد 

 

واسترسل حديثهُ بنبرة لائمة: 

-هو ده بردوا اللي إتفقنا عليه؟

 

أما سفير البلد الشقيق فتحدث كي يمـ.ـتص غضـ.ـب ذاك الثائر علي حق:

-والله عاذرك، ومهما سوّيت أو قِلت معك كِل الحق وما نقدر نلومك   

واسترسل كي يستجدي شهامته:

-بس أنا بناشد الرچُل المصري الكريم اللي داخلك، وكلي أمل إنك تعطينا فرصة وتخلينا نقعد ونتكلم بالعقل لحتي نقدر نحل المَشكل 

 

همـ.ـس المسؤل المصري بجانب أذن ياسين الذي يسلط نظراتهُ المُقيـ.ـتة علي ذاك الجـ.ـبان: 

-سيادة العميد،أرجوك تماسك، إنتَ كدة ممكن تخلق مُشكلة سياسية بين الدولتين الجميع في غِنى عنها 

 

أخذ ياسين نفساً عميقاً في محاولة منه لضبط النفس وإخـ.ـماد بركـ.ـانهُ الثـ.ـائر وأردف قائلاً بنبرة جادة وهو يتراجع خطوة للخلف ويسحب يـ.ـداه بخِفة من أيـ.ـادي المسؤلين المُكبلة له ليمنعاه من التهور: 

-خلاص يا بشوات

 

واسترسل وهو يحـ.ـدق ذاك الدنيـ.ـئ ويرمقهُ بنظرات يملؤها الإشمـ.ـئزاز:

-أنا بس إتنرفزت وفقدت سيطرتي لما شفت البني أدم ده قدامي 

وأكمل وهو ينظر إلي السفير معتذراً بإحترام: 

-أعذرني سعادتك، أنا مقُدر وبحترم جداً العلاقـ.ـة المميزة بين بلادنا  

 

وأستطرد مفسراً بنبرة صَارمة:

-بس لما الموضوع يوصل للعَـ.ـرض،كُل حسابات العقل بتتلغي وتتلاشي 

 

أجابهُ السفير بإبتسامة بشوش: 

-الله لا يجيب بينا مشاكل يا سيادة العميد 

الموضوع أبداً ما وصل للعَـ.ـرض، عرضكم مُصان وماكو أحد يقدر يقرب صّوب بنت سعادتك أو يصيبها بمكروه لا سمح الله

 

 

جلس الجميع بعدما أشار لهم السفير المصري،وتحدث السفير ناظراً إلي ياسين: 

-أنا چاي وجايب ولدنا نوَّاف لحتى يعتذر منك علي غلطته الكبيرة في حق بنتنا الدكتورة 

 

واسترسل بإحترام: 

-والله أبو نوَّاف زعل وتأثر كثير لما دَرى باللي صار من ولده

 واستطرد شارحاً: 

-الشيخ العبدالله يحب مصر وناسها كثير وبيكن لهم كل إحترام وما عچبه يلي سواه ولده أبد، ولولا كِبر سِنه ومرضه لكان جاه بنفسه لحد عِندكم بمصر وإعتذر منك إنتَ وسيادة اللوا والدك 

 

ثم حول بصره إلي نوَّاف وهتف بنبرة حازمة وعينان حادتـ.ـان:

-نوَّاف،الحين تعتذر لسيادة العميد عن عملتك اللي تسود الوجه وبتوعده إنك ما راح تعيدها 

 

هتف مؤكداً علي حديث سفير بلاده: 

-أكيد ما راح أعيدها يا سيادة السفير

 

راضي يا ياسين بيه؟ جُملة تسائل بها سفير الدولة الشقيق 

 

فتحدث ياسين بنبرة هادئة مصطنعة: 

-بالنسبة لي أنا مَرضي من اللحظة اللي إتشرفت فيها بلقاء جنابك

 

إبتسم الرجل وتحدث بإستحسان: 

-هاذا المصري اللي أنا أعرفه،طول عمركم يا المصريين معروفين بالطيبة وكرم الأخلاق 

 

وأكمل وهو ينظر إلي الجميع برضا:

-معناتها متفقين  

 

أومأ الجميع بموافقة في حين تحدث نوَّاف بنبرة لئيمة: 

-أكيد متفقين سعادة السفير 

وأكمل بنبرة خبيثة وهو يترقب ردة فعل ياسين علي عرضة اللئيم:

-بس أنا عندي طلب لسيادة العميد وأبي ما يخجلني فيه ويحققه لي

 

قطب ياسين جبينهُ ودقق النظر مُتعجباً مِن أمر ذاك الحقـ.ـير الذي لو بيـ.ـده الأمر لفَتـ.ـكَ به وجعلهُ عِبْرةُ لِمَنْ لا يَعْتَبِر،لكنها العلاقات الطيبة بين الدول الشقيقة هي فقط من منعتهْ وكبـ.ـحت غضـ.ـبتهْ التي لو خرجت لأحـ.ـرقت بطريقها الأخضر واليابس، أما ذاك السفير فتسائل متعجباً هو الآخر: 

-وإيش تقصد بكلامك هاذا يا نوَّاف؟! 

 

 

أجابهُ وهو مازال مُثبتاً نظرهُ بتدقيق فوق ملامح ذاك الياسين:

-أن أبيِ أتـ.ـز وچ من أيسل،أريد تكون زو چـ.ـتي لحتى أثبت لكم حُسن نيتي وإني ما كنت بتهجم عليها متل ما فكروا الشباب مال حراستها 

 

وأستطرد بنبرة زائفة: 

-صدقني يا سيادة العميد،أنا كُنت بتقرب منها لحتي تفهم عليِ وأقول لها إني أبي أخطبها وأبيها تكون حلالي 

 

وأكمل مسترسلاً كي يستدعي جشع ياسين: 

-وأنا مستعد أثاقلها بالألماظ مو بالذهب متل عِندكم بمصر، والمهر اللي سعادتك راح تقول عليه أنا موافق بيه 

 

نظر الجميع علي نوَّاف بذهول جراء طلبه العجيب،أما ياسين الذي كان يستمع إليه بتمعن وهدوء إستغربهُ الجميع، وتحدث بدهاء: 

-خلصت كلامك؟ 

 

أجابهُ بثقة وهو يتيقن من أن ياسين سيوافق حتماً علي عرضه الذي لا يُقاوم من وجهة نظرهِ الضئيلة وفكرته الخطأ عن البشر: 

-إي خلصت 

 

هز ياسين رأسهُ بهدوء ثم نظر لهُ بعينان حـ.ـادّة كالصقر ونظرات مستـ.ـوحشة وكأنهُ تبدل بلحظات: 

-طب إسمع بقي يا إبن الحلال الكلمتين دول علشان أكون خلصت ضميري من ناحيتك قدام البشوات 

 

واستطرد بتوضيح: 

-أنا أساساً كُنت ناوي أقولهم لك من الأول بس منعت نفسي بالعافية إحتراماً لوجود البشوات،بس شكلي كُنت غلطان لأن اللي زيك ما ينفعش معاهم كدة

 

وأكمل بنبرة متوعدة وعينان تطلقُ شـ.ـزراً متلاشياً كُل الأعراف الدولية ومجنباً إياها: 

-أول حاجة أنا بنتي جاية ألمانيا علشان تدرس مش علشان تدور علي عريس وتتخطب،أيسل سابت عيلتها وبلدها وجاية تصنع مستقبلها العلمى

وإوعي شيطانك الأهبـ.ـل يوزك ويقول لك إنك ممكن تخدعني بألاعيبك الخايبة دي 

 

واسترسل وكأنهُ توغل داخل رأس ذاك الخبيـ.ـث واطَلع علي ما بها من أفكار غبية صورها لهْ شيطانهُ: 

-إنتِ قُلت بينك وبين نفسك بدل ما الموضوع يخلص ويطلع شكلي وحِش قدام الكُل،أضحك علي الأهبل اللي إسمه ياسين وأطلب منه إيـ.ـد بنته،وبكدة أقدر أرافقها بس بطريقة شَرعية 

 

 

إبتسم بجانب فمه بطريقة ساخرة واستطرد وهو يُشيح بكف يـ.ـده:

-وأخرج معاها وأمـ.ـسك إديـ.ـها براحتي وأعيش لي معاها يومين حلوين، ووقتها هثبت للكل إن مش نوَّاف اللي حبه يترفض من أي بنت مهما كانت هي مين 

 

واستطرد بذكاء مستنبطاً خِطة ذاك الشيطان المَـ.ـاكر: 

-وبعدها تسيبها وتبقي بالمرة حققت إنتقـ.ـامك من البنت اللي قالت لك لاء وصَغرتك قُدام أصحابك  

 

كان يستمع إليه بعينان متسعة بذهول ويحدث حالهُ: 

-اللعنـ.ـة عليك أيها الشيـ.ـطان،كيف لك أن تستنبط وتكشف ما يدور بمخيلة عقلي بتلك الدقة والمهارة،يالك من داهي حقـ.ـير، أكَادُ أقسِم أنك تخاوي أحداً من العَالم السُفلي وهو من مّدك بتلك المعلومات أيُها الوغـ.ـد

  

 

إبتسم ياسين بجانب فمه حين لمح ردة فعل نواف التي ظهرت فوق ملامحهُ وهتف متسائلاً بتهكم: 

-مستغرب مش كدة؟

 

أردف سفير البلد الشقيق قائلاً بنبرة هادئة ويرجع ذلك لطيبة نواياه الحَسنة: 

-ليش نفترض سوء النية يا سيادة العميد، مو يمكن نوَّاف صِدْق رايد الز واج من بنتك بحلال الله؟ 

 

أجابهُ ياسين بصرامة: 

-وحتي لو جنبنا سوء النية جنابك وأفترضنا حُسنها ،أنا بردوا مش موافق لأن المبدأ نفسه مرفوض سواء مني أو من بنتي أو من سعادة الباشا جِدها 

 

واكمل متوعداً بنبرة تحذيـ.ـرية وهو ينظر لذاك الدنـ.ـئ:

إسمع يا أبني،أنا عملت إعتبار للعلاقـ.ـة الطيبة اللي بين بلدي وبلدك وقعدت إتكلمت معاك بمنتهي العقل والهدوء وده عكس تصرفي الطبيعي مع المواقف اللي زي دي،والبشوات عارفين كدة كويس

 

واسترسل وهو ينظر إلي السفير بمنتهي الإحترام: 

-وكل ده إحتراماً لسعادة السفير وتقديراً للعلاقـ.ـات الثُنائية بين البلدين 

 

أومأ لهُ السفير بإستحسان فاكمل ياسين بنظرات تُشبة الصَقر بحِدتِها:

-لكن لحد الكلام اللي قُلته ده وهكلمك بلغتك اللي تفهمها،أنا بحـ.ـذرك قدام البشوات علشان أكون عملت اللي عليا 

 

وأستطرد شـ.ـزراً: 

-بنتي خط أحمر، وإيـ.ـدك لو فكرت بس تلمـ.ـسها بيها،وعد مني لأخليك تقضي اللي باقي لك من حياتك تشتاق وتحن لأيام ما كانت ملازمَاك 

 

واكمل متكأً علي كلماته: 

-كله إلا العَرض،صدقني وقتها مش هيكون في عندي مكان لأي أعراف دولية ولا إعتبارات لأي دول شقيقة

ونظر للسفير واستطرد:

-طبعاً مع كامل إحترامي لحضرتك سعادة السَفير   

 

أردف السفير المصري قائلاً بمساندة ومَدّد: 

-إهدي يا سيادة العميد وكل اللي إنتَ عايزة أكيد سعادة السفير هيعملهُ لك 

 

ونظر إلي السفير قائلاً بنظرة تأكيدية: 

-مش كده ولا إيه يا أفندم ؟ 

 

إرتبك السَفير من لهجة ياسين الصَارمة وملامح وجهه الحـ.ـادّة وتحدث مؤكداً بعدما إستمع منه إلي ما كان ينتوي ذاك الإمعة فعله وحينها شعر بالخجل من أفعال ذاك التافـ.ـه: 

-أكيد يا سعادة السفير، حِنّا أُخوة وإن شالله بِنْتِم لأخر العُمر  

 

وأكمل مؤكداً: 

-وكل طلبات ياسين باشا راح تتنفذ 

 

ثم حول بصرهِ إلي ذاك النوَّاف ورمقهُ بنظرة حـ.ـادّة وأردف بلهجة شديدة الغضـ.ـب: 

-وانا اوعدك إن نوَّاف من اليوم ما راح يسوي أي شي يضايق فيه بنتنا أيسل،"بالعكس" من الحين راح يكون لها الأخ ولو احتاجت أي شي في بلاد الغَرب بيكون أُوهو أخوها وبيساعدها   

 

 

هتف ياسين سريعاً برفضٍ قاطع: 

-متشكر جدا لتفهم سعادتك للوضع،لكن إسمح لي بنتي مش محتاجة حاجة من أي حد ولو لاقدر الله إحتاجت معاها طقم الحراسة بتاعتها، ده شغلهم اللي هما موجودين علشانه وهما عارفينه كويس

كل المطلوب من الأستاذ نواف إنه ينسي إن فيه معاه طالبة بإسم أيسل المغربي من الأساس 

 

 

ثم أمال برأسهِ لليمين واكمل ناظراً إليه بنظرات خبـ.ـيثة تحذيـ.ـرية: 

-وده طبعاً لمصلحته قبل ما يكون لمصلحة بنتي 

 

لأول مّرة يشعر نواف كّمْ هو ضئيل وبدون قيمة وهذا بفضل ذاك الياسين الذي نظر إليه بإنتصار

 

 

كّمْ تمنىّ في ذاك التوقيت وقوفهُ وإمساكهُ بتلك المزهرية الكريستالية الموضوعة جانباً وإنزالها بكل قـ.ـوته فـ.ـوق رأس ذاك الياسين كي يُريح قلبهُ المُحـ.ـترقْ ويُخمد نـ.ـاره المُشتـ.ـعلة،لكنه تمالك من حاله وكظم غيـ.ـظهُ بإعجوبة 

 

في حين تحدث السفير إحتراماً لرغبة ياسين وإعطاءه العُذر فيما تفوه به بل ووضع حالهُ محلهُ وتخيل لو إن إبنته هي من حدث معها ما حدث مع إبنة ياسين لكان احـ.ـرق الاخضر واليابس لأجلها: 

-معك كل الحق يا سيادة العميد،وأنا من الحين راح اضمن لك إن نوَّاف ما راح يعِيدها ولا راح يقرب صوب بنتنا الكريمة، وهذا وعدي لك 

 

 

أومأ ياسين له وهتف شاكراً: 

-متشكر لجنابك سيادة السفير وأشكرك علي تفهمك لموقفي، وأسف جداً علي حِـ.ـدتي في الكلام في وجود معاليك والبشوات، 

 

واسترسل بذكاء:

-بس أنا متاكد إن جنابك مقدر حالتي كأب وقادر تغفر لي خطأي الغير مقصود 

 

أجابهُ سفير البلد الشقيق بنبرة صادقة: 

-العفو يا سيادة العميد، مغفرة شو الله يسامحك،إِنْتْ وسعادة السفير وجناب اللوا عز المغربي وأهل مصر كِلّكُم فوق راسنا، وصدقني انا عاذرك في أي شَيْ وأي كلام قِلْتَه

 

وأنتهي الإجتماع بالتراضي بين جميع الأطراف سوي من نواف الذي خرج وهو يلعَـ.ـن ياسين وإبنته وسفير بلدتهْ الذي نصف إبنة ياسين عليه مثلما إعتقد بعقليته ضئيلة التفكير