-->

رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 5 -1

      رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين

رواية قلوب حائرة

الجزء الثاني



رواية جديدة تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

الفصل الخامس

❈-❈-❈




لا أشبهُ أحداً من البشرِ سِوي حالى 
صَنعتُ ذاتى وأختطفتُ مكانتى بدهائى
العقلُ والذكاءٌ والدهاءُ والمكرِ هم سِلاحى
وما دمتُ للمشاعرِ لاغيةً سأصلُ لابتغائى
أنا هي لمار ،أنا تلك الحَسناءِ 
خاطرة لمار الخضيري 
بقلمي روز آمين 
في الصباح 
إستيقظ ياسين من نومهِ، نظر علي تلك الجميلة التي تجاورهُ النوم بإسترخاء، إبتسم تلقائياً عندما شاهد ملامح وجهها الملائكية،سحب جـ.ـسدهِ لأعلي بهدوءً شديد،إستعداداً لمغادرتهِ التخت دون أن يُزعج حبيبتهُ الغافية، ولكن خاب ظنهُ عِندما لمحها تُحرك أهدابها عدة مرات متتالية مما يدل علي إستفاقتها هي الأخرى
نظرت إليه وابتسمت بإشراقة في حين تحدث وهو يُميل بجـ.ـسده عليها واضعً قُبـ.ـلة حنون فوق جبينها قائلاً بنبرة صوت متحشرجة من أثر النُعاس: 
-صباح الخير يا قلبى 
ردت عليه بإبتسامة سعيدة وصوتٍ ناعس: 
-صباح النور يا حبيبي 
وأسترسلت مُتسائلة عندما لاحظت عزمهِ علي النهوض من فوق التخت: 
-إنتَ صاحي بدري كدة ليه!مش النهاردة الجمعة؟ 
وضع كف يـ.ـده فوق وجهه وقام بفركهِ في حركة عفوية ثم أجابها بنبرة مُرتابة مترقباً ردة فعلها،خشيةً إصابتها بالحُزن والإحباط كما حدث بالأمس عندما علمت بأمر إحتمالية سفره من جديد إلي ألمانيا: 
-عندي طيارة كمان ساعة ونص ولازم أكون في المطار بعد ساعة إلا ربع بالظبط، 
وأسترسل حديثهُ وهو ينظر داخل عيناها مُترجياً إياها ومطالباً بألا تحزن: 
-مسافر علشان أحل موضوع أيسل 

تنهدت بهدوء وابتسمت له كي لا تُحزنهُ وتحدثت بتفهم: 
-توصل بالسلامة يا ياسين، بس أرجوك بمجرد ما توصل إتصل بيا علشان تطمني،ولما إن شاء الله تحل الموضوع تكلمني 

أجابها مبتسمً بسعادة لتفهمها:
-أكيد هعمل كدة يا حبيبي 
تجهمت ملامح وجهها بتصنُع وتحدثت قائلة بدلال: 
-ولما أنتَ مسافر النهاردة،ماقولتليش بالليل ليه؟ 

ضيق عيناه بإستغراب فأكملت هي بدلال أنثي: 
-كُنت أخدتك في حُضـ.ـني أوي وضَـ.ـميتك علشان أصبر نفسي بالحُضـ.ـن ده وإنتَ بعيد عني 

شعر بلحظتها بإمتلاكهُ للعالم بأسَره، وبسرعة البرق كان يختطـ.ـفها ويدفـ.ـنها داخل أحضـ.ـانه الدافـ.ـئة، وبدون كلام بات يُشدد من ضـ.ـمته لها تحت شعورها الهائل بالسعادة، وبعد قليل أبعدها عن أحضـ.ـانه وتحدث بنبرة صوت هائمة لرجُلٍ عاشق حتي النخاع: 
-مش هتأخر عليكِ يا نور عيني،يوم أو يومين بالكتير أوي وهرجع لحُضـ.ـنك تاني بسرعة 

أومأت له بسعادة وتحرك هو بعدما وضع يـ.ـده علي شعر رأسها وملَـ.ـسَّ عليه بحنان وعلي الفور تحرك وأختفي من أمام عيناها داخل الحمام،توضأ وخرج وقام بأداء صلاة الضُحي وتبعته هي وارتدا كلاهُما ملابسهُ الكاملة

بعد قليل كانا ينزلا بجانب بعضيهما من فوق الدرج، وجدا ثريا تجلس فوق الأريكة تُداعب عز الصغير هي وسارة إبنة يُسرا التي فاقت مبكراً من شدة سعادتها عندما أخبرها روؤف أنه وأسرتهْ سيصلون ليلاً إلي الأسكندرية 

ألقي التحية ثم إقترب علي ثريا ومال بجذعهِ مُقبلاً مقدمة رأسها بإجلال وتحدث بنبرة سَاكنة: 
-صحتك عاملة إية النهاردة يا حبيبتي؟ 
وأكمل مفسراً: 
-سألت عليكِ علية بالليل قالت لي إن السُكر كان عالي عندك شوية وأخدتي أدويتك ودخلتي نمتي 

صاح الصغير بإسم والده وأشار عليه فحملهُ ياسين في حين أومأت له ثُريا بإبتسامة خافتة وأردفت قائلة بنبرة ضعيفة تدل علي إرهاقها: 
-الحمدلله يا ابني،حاسة نفسي أحسن النهاردة 

تحدثت سارة بنبرة دُعابية: 
-كُله من مامي،قعدت تزن عليها لحد ما خلتها تاكُل قطعة كُنافة وكمان كانت غـ.ـرقانة في العَسل بتاعها 

إبتسمت ثُريا وأردفت مليكة بنبرة صادقة: 
-سلامتك يا ماما،والله ما أعرف إنك تعبتي غير من ياسين حالاً 

أومأت لها ثريا بحنان وتحدث ياسين بعيناي مترجية: 
-خلي بالك من نفسك وعلي صحتك أكتر من كدة يا عمتي،كُلنا محتاجين لك يا حبيبتي 

أشارت لهُ بعيناها بطاعة ثم سألتهُ بتعجُب عندما رأته يرتدي حلة ويضع بجانب ساقية فوق الأرض حقيبة صغيرة: 
-إنتَ لابس كده ورايح علي فين يا أبني؟ 

أجابها بهدوء: 
-مسافر ألمانيا إن شاء الله 
أومأت له بتفهم ونطقت قائلة: 
-سيادة اللواء حكي لي على اللي حصل الصُبح لما جه يطمن عليا 

وأضافت بنُصح وإرشاد: 
-إتعامل مع المُشكلة بحِكمة وماتتهورش يا إبني علشان خاطري 

أومأ بطاعة، حركت مليكة عيناها في جميع الإتجاهات وسألت ثريا مستفسرة: 
-مروان وأنس فين يا ماما؟
هما لسة نايمين؟ 
أجابتها بنبرة هادئة:
-صحيوا من بدري وجدهم عز أخدهم علشان يعوموا في حمام السِباحة معاه 

هزت رأسها بتفهُم وتحدث ياسين إلي صغيرهُ المشاكس وهو يُمرر أصابع كف يـ.ـده داخل خصلات شعرهُ بحنان: 
-وعز باشا الصُغير ما راحش يعُوم مع جدو ليه؟ 
رفع الصغير منكبيه وهتف بفمٍ مزموم يدل علي إمتعاضه الطفولي:
-جدو جه وأخد مارو وأنوس وساب عزو هنا لوحده 
ضحكت ثُريا وتحدثت مُفسرة للصغير:
-مش أنا قُلت لك إنه سأل عليك أول واحد ولقاك نايم؟ 

هز الصغير رأسهُ برفض، وأردف بنبرة إعتراضية:
-وليه مش صحاني من نومي
ضحك ياسين علي غاليه المشاكس وتحدث:
-طب يلا بينا يا لمض وأنا هوديك بنفسي عند جدو وأصالحكم علي بعض 
أجابهُ بتمنُع وكبرياء ورثهما من ذاك الياسين: 
-لا يا بابي،هو اللي يجيب نفسه وييجي ياخد عزو
ضحك الجميع حد القهقه علي ذاك الفَطن وتحدث ياسين إليه بدُعابة: 
-يليق لك الدلال والتمنُع يا إبن المغربي
ثم أكمل بنبرة جادّة وهو يستعد إلي الإنصراف: 
-أنا لازم أتحرك علشان أشوف الباشا قبل ما أروح علي المطار 
وتحدث إلي سارة بإبتسامة لطيفة: 
-مش عاوزة حاجة أجيبها لك معايا من ألمانيا يا سارة؟ 

أجابته بسعادة لا توصف جراء إهتمامه بها: 
-ميرسي يا خالو،سلم لي علي سِيلا وطنط كتير
أومأ لها ثم خطي بساقيه وتحركت هي بجانبه حتي وصلا إلي الحديقة،قَبـ.ـل جبهتها وتحدث مُتأثراً بحزنها الذي ظهر فوق
ملامحها: 
-خلي بالك من نفسك ومن الأولاد،وصدقيني مش هتأخر عليكِ
هزت رأسها دون حديث وهي تنظر إليه بعيناي تلمع بغشاوة من أثر دموعها المُختنقة التي تصرخ وتُريد من يسمح لها بالهبوط 
قَبـ.ـل وجنة صغيره الذي تحدث بعفوية: 
-بابي،هو إنتِ رايح فين؟ 
أخذ نفساً عميقاً وزفرهُ بهدوء ثم أجابهُ: 
-رايح عند سيلا يا حبيبي 
هتف الصغير بنبرة مُلحة: 
-خدني معاك يا بابي،المّرة اللي فاتت إنتِ أخدت حمزة ومش أخدت عزو 
نظر إلي تلك التي تتماسك بصعوبة،شعر بحاجتها المُلحة للبُكاء، وضع أصابع كف يـ.ـده يتلمـ.ـس وجنتها الناعمة بحِنو،وتحدث وهو ينظر داخل عيناها: 
-مش هينفع تسيب مامي لوحدها يا عز،خليك معاها وأنا هجيب أيسل قريب علشان تِحضْر معاك العيد. 
هتف الصغير مُهللاً ومُصفقاً بكفاه بطفولية بعدما إقتنع بحديث والده وتحدث: 
-طب هات لعزو وأنس شيكولا كتير معاك 

أومأ لهُ بطاعة ثم قَبـ.ـلهُ من وجنتيه الحمرويتان والذان يُشبهان الورد بلونيهما،وبسط بساعديهْ إلي مليكة التي تناولته منه بدون حديث وتحرك هو سريعاً قبل أن يضعف أمام عيناها ويضل مُتسمراً بمكانه ويفوتهُ موعد الطائرة 

خرج من البوابة الحديدية وتحرك لعدة خطوات حتي وصل إلي بوابة منزل والده،دلف بقلبٍ محملاً بأثقال الهموم، جذب إنتباههُ تلك الأصوات الصاخبة التي تخرج من أطفال العائلة وهم يسبحون ويلعبون بالكُرة داخل حوض السباحة بمرح وسعادة 
وجه نظرهُ إليهم وأبتسم تلقائياً رغم الحُزن الذي يسكُن قلبه، وجه بصرهِ علي أباه وتَبَسَّم عِندما وجدهُ يلهو بالكُره المائية ويتبادلها مع الأطفال بمرح وسعادة،تحرك في طريقهُ إليهم وما أن رأتهُ منال حتي إنتفضت واقفة من مقعدها أمام المَسبح وتحركت سريعاً إليه لتقطع طريقهُ قائلة بملامح وجه حنون: 
-مسافر خلاص يا ياسين؟ 
أومأ لها بإيجاب فاسترسلت هي بتوصية وتمني: 
-علشان خاطري ماتزعلش البنت هي وليالي،هما ملهومش ذنب في اللي حصل 
وأكملت بنبرة مترقبة حَذرة: 
-وياريت تتكلم مع الولد الأول بهدوء وأسمع وجهة نظره
قطب جبينهُ وهو ينظر إليها مُترصداً تكملة حديثها بترقُب، بالفعل أكملت ونطقت بما جعل عيناه تتسع بذهول: 
-ليالي قالت لي إن أيسل بتقول إن الشاب من عيلة كبيرة جداً وغنية
وأكملت تحت نظراته المُنتظرة تكملة حوارها متسائلة بتمني: 
-مش يمكن يكون مُعجب بيها وعاوز يخطبها؟ 

هز رأسهُ بذهول ونظر لها بعدم إستيعاب عقله لحديثها الذي صدمهُ،هدر متحدثاً بعدما طفح به الكيل من حديثها المُهين لكرامة إبنته: 
-إنتِ بتقولي إيه يا ماما؟ 
وأكمل متسائلاً بغرابة: 
-حضرتك سامعة نفسك كويس؟! 
إنتِ بتبرري للحيوان ده تعديه علي بنتي؟ 
كادت أن تُكمل فقطع حديثها هادراً بنفاذ صبر وهو يتحرك إلي الأمام في طريقهُ إلي أبيه: 
-كفاية يا أمي مش عاوز أسمع كلام فارغ يغير فكرتي عنك.
ثم تحدث إلي أبيه بنبرة جادة وملامح وجه مبهمة، فسرها عز علي أنها من أثر توترهُ: 
-صباح الخير يا باشا
رد عز التحية قائلاً: 
-صباح الخير يا سيادة العَميد 
هتف أنس المجاور لعز قائلاً بإستفسار: 
-إنتَ رايح فين يا بابي؟ 
نظر إلي الصغير وأجابهُ بإبتسامة حنون: 
-رايح عند أيسل يا حبيبي 
أردف الصغير بتوصية: 
-طب متنساش تجيب لي اللعبة اللي قولت لحضرتك عليها 
أجابه بهدوء: 
-مش هنسي يا أنس،إن شاء الله هجيب لك كُل اللي إنتَ عاوزه معايا 
واستطرد موجهً حديثهُ إلي حمزة ومروان: 
-حمزة ومروان، خلوا بالكم من إخواتكم الصُغيرين 
أومأ لهُ مروان ببرود،في حين هتف حمزة قائلاً بنبرة حماسية:
-ماتقلقش يا بابي،وراك رجالة 
إبتسم بخفة ثم حول بصره إلي أبيه وتحدث مردفاً بتفسير:
-أنا جيت أشوف حضرتك لأني لازم أتحرك حالاً في طريقي للمطار 
وأكمل متسائلاً بطاعة: 
-سعادتك تؤمرني بحاجة؟ 
أومأ له عز وتحدث بنبرة حنون: 
-خلي بالك من نفسك وحاول تتحكم في أعصابك قَدر المُستطاع

وأكمل بإخباره: 
-أنا كلمت رئيس الجهاز الساعة سبعة الصُبح وحكيت لهُ اللي حصل،وهو قال لي إنك كلمته بالليل وإنه حدد لك مقابلة مع السفير المصري وسفير البلد الشقيق، وبلغني إن فيه حد من عيلة الشاب كمان هيكون حاضر معاكم 
وأسترسل منبهً علي نجلهُ عندما لاحظ تغيُر تعبيرات وجههُ إلي قاسية: 
-ماتنساش يا ياسين، ضبط النفس

هز ياسين رأسهُ بمصادقة علي حديث والده قائلاً بطمأنة: 
-ما تقلقش يا باشا، أنا ماشي بتوجيهات سعادتك 
هز عز رأسهُ برضا وسمح إلي ياسين بالمغادرة، فتحرك في طريقهُ إلي المطار بصحبة السائق بعدما إستأذن من والدتهُ رغم غضبه من حديثها

❈-❈-❈

وصل ياسين إلي مطار برلين الدولي،وجد عُنصران تابعان لجهاز المخابرات المصري ينتظراهُ بسيارة مُصفـ.ـحة بناءاً علي تعليمات رئيس الجهاز شخصياً لضمان أمانهُ والحفاظ علي شخصهُ المُستهدف من قِبل الجماعات المتطـ.ـرفة وبعض الجهات المخابراتية لدول بعينها،إستقل السيارة جالساً بالمقعد الخلفي وتحرك متجهاً إلي المنزل مباشرةً، وما أن ترجل من السيارة وجد أيسل تقف بالحديقة في إنتظار وصولهُ علي أحر مِن الجَمر،وأيضاً رجال الحراسة المنتشرين بأماكنهم المختلفة

أسرع إليه إيهاب وأردف قائلاً وهو ينظر إلي أسفل قدميه خجلاً:
-حمدالله علي سلامة سعادتك يا باشا 

رمقهُ ياسين بنظرة ثاقبة وأردف بنبرة حادة:
-لما واحد يتهجـ.ـم علي بنتي ويمـ.ـسِك إيـ.ـدها غصب عنها والحرس موجودين معاها في نفس المكان،يبقي أنا معرفتش أختار رجالتي صح يا إيهاب بيه 

نكس إيهاب رأسهُ وتحدث بنبرة خجلة: 
-غلطة،وأوعد جنابك إنها مش هتتكرر 

قطع حديثهُ قائلاً بنبرة صارمة: 
-أكيد مش هتتكرر،لأنها لو إتكررت ساعتها هنفيك من علي وش الأرض إنتَ ورجالتك وهخلي الدبان الأزرق ما يعرفلكوش طريق 

قال جُملته وتحرك بقوة تاركاً إيهاب وباقي طاقم الحراسة يبتلعون لُعابهم ويتنفسون بشدة وذلك لكتمهم لانفاسهم أمام ذاك المُتجـ.ـبر شديد الغضب،هرولت أيسل إليه كطفلة ذات الأربع أعوام لتختبئ بأحضان أبيها،بدورهِ ياسين سحـ.ـبها داخل أحضـ.ـانه وضـ.ـمها بقوة وحماية 

أردفت بنبرة ضعيفة مُرتابة: 
-بابي 

أردف قائلاً بنبرة حنون وهو يُمَلـ.ـس علي رأسها ليطمأنها:
-أنا معاكِ يا قلبي 

ثم أبعدها عن أحضـ.ـانه وحاوط وجنتيها بكفاي يـ.ـداه وهتف قائلاً بنبرة قوية ليبث بداخلها روح الطمأنينة:
-مش عاوزك تخافي من أي حاجة طول ما أبوكِ موجود في الدُنيا 
وأكمل بتأكيد وهو يدقق النظر بعيناها: 
-فاهمة يا سِيلا؟ 

هزت رأسها بإيماء عدة مرات ممتالية ثم تحدثت بإضِطراب: 
-مامي قاعدة مستنية حضرتك جوة وقلقانة جداً من رد فعلك 

وأكملت بعيناي راجية:
-علشان خاطري بلاش تضايقها بالكلام،هي ملهاش ذنب في اللي حصل. 

أومأ لها بهدوء وتحدث:
-ماتقلقيش 

وأصطحبها ودلف بها إلي الداخل، وجد ليالي تجلس مُنكمشة علي حالها داخل مقعدها، أخذ نفساً عميقاً لضبط النفس وتحرك إلي ليالي التي هبت واقفة سريعاً لإستقباله،وتحدثت بنبرة صوت مُرتبكة تدل علي رهبتها منه: 
-حمدالله علي السلامة يا ياسين 

رد عليها وهو ينظر إليها بعيناي جادة وذلك لشدة غضـ.ـبه الذي مازال قائماً منها وما زاد من غضـ.ـبته هو الحديث التي أوصلته إلي والدتهْ: 
-الله يسلمك 

جلس هو فوق إحدي الأرائِك وأشار بيـ.ـده إلي أيسل في دعوة منه لتجاورهُ الجلوس،وتحدث قائلاً بنبرة جادة: 
-إقعدي يا سيلا وإحكي لي علي كل حاجة حصلت من الولد ده من أول يوم شفتيه فيه لحد اللي حصل منه إمبارح 

وأكمل بتأكيد: 
-وأي تفصيلة مهما كانت صغيرة وتافهه بالنسبة لك، هتبقي ليها قيمة وأهمية عندي 
وأسترسل موضحاً: 
-أنا هقابل سفير بلده وحد من أهله بعد الفطار،وعاوز قبل ما أقعد معاهم أكون علي دراية بكل حاجة حصلت 

تحدثت ليالي بإنسحاب كي تتجنب سَخط ذاك الياسين وصب غضـ.ـبهِ الهائل الذي يظهر بعيناه عليها: 
- أنا هدخل المطبخ أجهز الفطار مع البنت 

وكادت أن تتحرك أوقفها ذاك الغاضـ.ـب بصوتهِ الجهوري قائلاً بنبرة صارمة: 
-ليالي 

نظرت إليه وهي تبتلع لُعابها رُعباً فأستطرد قائلاً بنبرة أمرة وهو يرمقها بنظرات ثاقبة كنظرات الصقر: 
-إقعدي 

إنتفض جـ.ـسدها وجلست فوق مقعدها دون حديث، أما أيسل فقد بدأت تروي ما حدث علي مسامِع والديها بالتفصيل

بعد قليل، إستمع إلي رنين هاتفه معلناً عن مكالمة واردة، أخرجهُ من جيب سترته ونظر بشاشته وجد نقش إسم حبيبته التي يسجلها بـ مليكتي، نظر إلي كلتا الجالستان،ثم ضغط علي زر الإجابة وتحدث بنبرة هادئة مما أثار حفيظة أيسل: 
-أيوة يا مليكة 

ردت عليه تلك التي تقف بداخل شُرفتها وهي تنظر بإمتداد أمامها علي البحر الذي يظهر أمام عيناها وهتفت متسائلة بإهتمام: 
-وصلت يا حبيبي 

أجابها بنبرة حنون خرجت بتلقائية رُغماُ عنه: 
-إطمني،أنا وصلت من حوالي ساعة 

شعرت بالإستياء وتحدثت بنبرة حزينة معاتبة إياه: 
-بقي كده يا ياسين،هو ده اللي إتفقنا عليه، مش إنتَ وعدتني إنك أول ما توصل هتطمني عليك 

وقف مُنتصـ.ـب الظـ.ـهر وتحرك إلي الخارج بالحديقة لكي يتحدث مع حبيبته بأريحية دون أن يخدش مشاعر ليالي أو أيسل: 
-أنا أسف يا حبيبي، صدقيني ماكنش فيه وقت علشان أكلمك،نزلت من الطيارة علي العربية ومنها لهنا علي طول، وحالياً قاعد مع أيسل وليالي، بستفسر منهم علي اللي حصل

تفهمت موقفهُ وتحدثت بإيجاز كي لا تتعدي علي حق ليالي به وتتجاوز حدودها، وتحدثت بهدوء: 
-تمام يا حبيبي إرجع لهم،أنا كُنت قلقانة عليك وخلاص إطمنت 

أغمض عيناه وأخذ شهيقاً عالياً ثم زفرهُ بهدوء وتحدث كي يُخفف من وَطْأة ألمها الذي وصلهُ جراء نبرات صوتها: 
-أنا بحبك أوي يا مليكة وحقيقي أسف علي كُل حاجة 

ردت عليه بنبرة تفيضُ حناناً: 
-وأنا كمان بحبك أوي
وأكملت بنبرة صوت مختنقة وهي تحثهُ علي الإغلاق: 
-يلا روح لهم وبلغهم سلامي،وأنا هبقي أتصل بـ ليالي بعد أذان المغرب إن شآءالله علشان أطمن عليهم 

إستمعت عبر الهاتف إلي صوت أنفاسه العالية مما يدل علي قلبهِ الملئ بثُقل الهموم فتحدثت كي تخرجهُ من حالة الإسي تلك: 
-بحبك يا ياسين 

نزلت كلماتها الصادقة برداً وسلاماً علي قلبهِ المُلتاع بعِشقها، فتنفس براحة وأردف قائلاً بصوتٍ عاشق خرج تلقائياً: 
-وأنا بعشقك يا نبض قلب ياسين 

إبتسمت حين إطمانت لصوته وتحدثت مضطرة لإنهاء المكالمة: 
-لا إله إلاّ الله 
رد عليها بيقين: 
-محمد رسول اللّه 

أغلقت هاتفها ونظرت إلي البحر ثم رفعت قامتها لأعلي وأغمضت عينيها وأخذت نفساً عميقاً للغاية وصل لرأتيها ثم أخرجته وبدأت تُكرر العملية بإنتظام كي تُهدئ من ثـ.ـورة مشاعر الغيرة التي باتت تُسيطر عليها كُلما ذهب ياسينها إلي ليالي 

فتحت عيناها ونظرت إلي السماء وبدأت بمناجاة الله: 
-أعِني إلهي كي تسكُن نـ.ـار غيرتي الشـ.ـاعلة بقلبي والتي لا تهدأ أبدا، 
أعرف أنني الدخيلة علي حياتها ولا يحق لي بتاتاً هذا الشعور أو حتي مجرد الإعتراض 
لكني صدقاً لا أستطيع كَبحْ شعور جحِـ.ـيمي وأنا أتخيل رُجـ.ـلي وحبيبي بل ومتيمي يحتـ.ـضنُ غيري من النساء 

أعرف أنها زو جتهُ قَبْلا بل وتكاد تكون أحقُ بهِ وبمشاعرهُ مني،لكني حقاً ما عُدتُ أستطيع، شعوراً بالمَرارة يلازم حلقَمي كلما تخيلتهما معاً،نـ.ـاراً شاعـ.ـلة تسكُن فؤادي لا تنطفئُ أبدا

واسترسل صوتها الداخلي بقلبٍ يئِنُ ألماً: 
-إنهُ حبيبي،من تقرب من روحي وبات يتسلل حتي إِخْتَرَقَ فؤادي وإسْتَأثَرَ بقوة كل ذرة بجـ.ـسدي، إِسْتَحْوَذَ علي قلبي،فؤادي،وجداني وكل كيانى 

لقد تَغلغَل عشقهُ داخلى حتي أصبحتُ هو
"نعم"
فروحهُ أصبحت تسكُن كيانى ومُنذُ حينها ما عُدت أنا
أصبحتُ أبحث عن ذاتى بداخلهُ
وبوجدانى يبحثُ خليلى عن كيانهُ 

لقد وصل العشق بداخلنا إلي منتهاه حتي أصبحنا جـ.ـسدين بقلبٍ وروحٍ وحِـ.ـسٍ واحدِ
نعم ياسيني أصبحتُ أنتُ كُلي 
فكيف أتقبلُ بإحتـ.ـضانِ كُلي لغيري؟! 

فرت دموعها الحبيسة وأسترسلت مناجاتها بأنين:
-أشعر بنـ.ـارٍ شاعـ.ـلة تغـ.ـزو جميعُ جـ.ـسدي وتُذيبهُ وأنا أتخيلك، هل تقوم بإحتـ.ـضانها مثلي؟
أتشعُركَ ضمـ.ـتِها بنفس الأمان الذي يُشعرُك به حُضـ.ـني؟ 
أتُسكِرُكَ قُبلتـ.ـها وتجعلك مولع بها مثلما قُبـ.ـلتي؟ 
رائحتها؟ هل تشبة رائحة الجنة كما أخبرتني عني؟ 
أتتغزل بمفاتـ.ـنها وتُنثرها بأعذب الكلمات مثلما ثُسمعُني؟ 

أهٍ ياسين،أكاد من فرط الغِيرةِ أذوب وأنتهي 
ألم تُدرك يا رجُل بمُر شعوري ومرارة حلقَمي 

نظرت إلي السماء وأردفت بترجي: 
-أعني يا الله وأزح عني هذا الشعور المُميـ.ـت الذي كاد يسحب روحي ويُقضي عليّ،ساعدني وأحفظ لي ما تبقي لدي من صبرْ

تنهدت بثُقل وجففت دموعها الحزينة وباتت تتأمل مظهر البحر الخلاب وتستنشق عبقهُ علهُ يُزيل عنها ولو القليل من أ لام روحها السَاكنة