-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه الفصل 44 بالعامية - 2

      رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

تابع قراءة الفصل الرابع والأربعون

النسخة العامية 


 

العودة للصفحة السابقة




 

همهم له بالموافقة ليُجيبه بصوت مُرهق:

-       بس مش هينفع غير لما الدوشة تكبر ويبقا وضع قائم يعني والقضايا تسمع.. واحدة واحدة ممكن يقتنع وساعتها هيضطر يتدخل عشان يساعد.. مش هايبقا قدامه اختيار تاني غير إنه يوقف جنب ابنه قدام الناس، وهتبقا حلوة في حقه.. فيها لقطة جامدة برضو ليه..

 

دام الصمت لبرهة فيما بينهما وكلاهما يرتشفان من قهوتهما الساخنة ليُغير "أنس" مجرى الحديث بسؤاله:

-       بعيد بقا عن القضايا والقوانين، عامل إيه مع مراتك، الدنيا مظبطتش شوية في الفترة اللي فاتت دي من بعد ما رجعتوا من البلد؟

 

ابتسم بسخرية وهو يتذكر كيف مرت تلك الأيام الماضية عليهما واجابه:

-       ما بين القضية بتاعت فيروز عبد الحي لسفري إيطاليا والبيت اللي كان بيتهد ويتبني والشغل الجديد، مفيش وقت اننا نتقابل اصلًا، تقدر تقول كنا بنتقابل صدفة، يا بروح ابات معاها في بيت أهلها وانا مروح متأخر الاقيها نامت، يا إما أنا أصلًا بين الشغل وبيتي، وبعدين كتب كتاب عنود. يعني، مفيش جديد..

-       بس هي شكلها فرحانة ويونس شكله حد كويس وجوز أخته كمان شكلهم عيلة كويسة.

 

هز رأسه له بالتفهم ليشرد في فشله في ملاحظة ما لاحظه "أنس" فقط من خلال القليل من اللقاءات، بينما هو كان يرتاب به وبعلاقته بـ "روان"، لا يرى نفسه إلا مهرج يُضحك الجميع بما سببه من مهازل بمجرد القليل من سوء الظن ليس إلا!

 

-       أنا مبسوط إن قعدنا القعدة دي، هبقا اكلمك ونظبط يوم كده كمان شهر ولا حاجة واقولك بالظبط وصلت لإيه.. هروح أشوف روان فين.

--

قامت بغسل يـ ـديها وهي تتفقد مظهرها بمرآة المرحاض وشعرت بتلك الدوامة من المشاعر المختلطة التي لا ترأف بها، الغضب، الشتات، الحُزن، الندم، الكثير والكثير مما يستدعي انتباهها وهي تعلم لو تركت لنفسها العنان أن تستجيب للقليل ستقع في حالة جديدة من التخبط هي بالكاد نجت منها..

 

لقد مرت بالكثير بالفعل، موت والدها، مرض والدتها، شبح المسئولية المُرعب، فزعها من خسارة أملاكها وأملاك أُسرتها، زواجها المشؤوم بكل لحظة غريبة خلاله، اقتناعها بموته، يقينها بأنها لن تُصبح بخير، ثم فجأة الحياة تستمر، وهي تستمر، هي ليست بامرأة ضعيفة، ولم تكن فتاة ضعيفة يومًا ما.

 

انتبهت لدخول واحدة من النساء بينما لم تكترث بمن هي وقامت بفتح حقيبتها الصغيرة لتُعدل من لون شــ ـفتيها الأقرب لمظهر طبيعي بالقليل من اللون اللامع الذي يُناسب الوقت لتستمع لمن يُحدثها:

-       أنا من أول كتب الكتاب وأنا مش عارفة اقعد معاكي دقيقتين، بجد وحشتيني أوي.

 

التفتت لتجدها "رضوى" لترتسم ابتسامة ودودة على شـ ـفتيها ثم حدثتها بلباقة:

-       وانتي كمان وحشتيني جدًا، عاملة إيه؟

 

اجتمعتا في عِنا ق قصير لتجيبها قائلة:

-       كله حلو بس مش لاقية أي وقت أخلص فيه حاجة، أنتِ ايه أخبارك وأخبار شُغلك إيه؟

 

اجابتها "روان" بملاذها الدائم للكذب المستسلم للابتعاد عن الحقيقة المُرة:

-       كله تمام، الشغل مبيخلصش وما بين بيتي لبيت مامي، مفيش جديد، بس العادي يعني

 

تفقدتها بأعين مبتسمة وسألتها باهتمام:

-       طمنيني بقا أخبارك أنتِ وعمر إيه؟

 

هزت كتفيها وحافظت على ابتسامتها التي يختفي ورائها بركان ثائر:

-       مفيش، زي ما احنا، العادي، هو مشغول بقاله فترة وأنا كمان وبنتقابل صُدفة.

 

استغربت حديثها لتضيق ما بين حاجبيها لتلعن الأخرى بداخلها، هي تعرف هذه الملامح جيدًا وما يتبعها، كانت تظن أنها انتهت من تلك النظرات وواجبها بتفسير كل ما يحدث لها للجميع بينما في حقيقة الأمر هي بالكاد تستطيع مواكبة ما يحدث لها فحاولت تناول بعض الأنفاس للاستعداد لسؤالها الذي سيأتي الآن في خلال ثواني:

-       ازاي يعني جوزك وبتقابليه صُدفة، مبقتوش بتخرجو زي زمان مثلًا حتى لو يوم الاجازة او بتقضو وقت سوا أو بـ

-       كان بيجهز البيت ومشغول في شغله بقضية كبيرة وبعدين جه موضوع عنود، مسمعتيش عن موضوع القضية؟

 

قاطعتها وهي تشتتها عن سؤالها الأساسي لتجيب الأخرى:

-       بصراحة، مفيش حد إلا واتكلم عن القضية دي، بس برافو عليه عمر والله، ربنا يوفقه دايمًا، الناس كلها في القنوات والسوشيال ميديا مش مبطلين كلام عن الموضوع.

 

ابتسمت لتداري غيظها مما لا يعرفه الجميع عنه والكل ينظر لها نظرة البطل تلك وهو في الحقيقة لو كان متزوج من تلك المرأة لكان هو من قتلها بيـ ـده ولكن لا يعلم أحد حقيقة تلك الأقنعة مثلها فحدتها مُعقبة بود زيفته ببراعة:

-       آه فعلًا خطوة كانت حلوة أوي ليه، معلش يا رضوى هستأذنك، هروح لمامي وبسام.

 

خرجت سريعًا بينما أخبرتها الأخرى أنها تحتاج أن تستخدم المرحاض وستلحق بها بينما زفرت بحرقة وهي لا تستطيع بعد مواكبة ما يحدث، ولكن عليها أن تفعل، وعليها ألا تنسى ما ودت تحقيقه منذ البداية!

--

-       عليك أب، لو عندك بربع جنيه ذكاء كان زمان شغلك أحسن من شغل مرات أخوك!

-       يا عم ده راجل مقرف وخانقني ومبقيتش عايز غير إني ابعد عن وشه، سيبك منه، هو بس شايف إن عمر أحسن واحد في الكوكب، خليه مكمل كده، مقتنع إن أنا فاشل وعمر ابنه على الحِجر من زمان وهو مش واخد باله أصلًا مين اللي فاشل فينا.  

-       عشان أخوك ناصح وطلع محامي زيه وعارف يسلك اموره معاه، إنما أنت لو عارف تسلك امورك مكنش زمان حالك ملطش كده، قولتلك ده مليون مرة من زمان!

 

زفر "عدي" بضيق من كلمات واحد من أصدقائه ليعقب باستهتار:

-       يا ريتها هي على تسليك الأمور، هو ما دام أنت مش محامي يبقا مالكش لازمة عنده، دماغه شايفة إن القضاة والمحامين والجيش والمناصب دي هي اللي بتنفع.. اديك شايف أهو قاعد مع مين، وزير جاي يجامله، مستني يفرق معاه مبرمج على قد حاله زيي

-       أنت اللي أهبل يا عُدي بصراحة، لما يبقا السيد الوالد واصل أوي كده يبقا عيب عليك حالك يبقا بالمنظر ده.. وحالي أنا كمان!!  

 

كاد أن يتكلم ليرد على كلماته بينما بادر صديقه مخبرًا إياه بلهفة:

-       اهي جات اهي، مش دي مرات أخوك، كلمها يالا في الموضوع اللي قولتلك عليه، لو الموضوع ظبط وعرفت تقنعها هنبقا في حتة تانية خالص غير اللي احنا فيها. يعني تدينا شوية ولا أي حاجة بدل ماهي لامة كل شركات مصر معاها.

 

دخلت من تلك البوابة وهي تنظر بعينيها نحو والدتها وأخيها فأوقفها "عُدي" مناديًا بتساؤل:

-       روان، فاضية عشر دقايق؟

 

ابتسمت له بلباقة وهي تومأ له بالموافقة ليُحدثها وهو يُعرفها على صديقه الذي كان يتحدث معه:

-       عامر موافي، صاحبي من زمان وشريكي، روان صادق مرات أخويا.

 

نظرت له وهي تتفقده ومدت يـ ـدها لتصافحه برسمية:

-       أهلًا وسهلًا، ازيك عامل إيه؟

-       تمام، انتي عاملة إيه؟ عدي كلمني كتير عنك، وبصراحة لولا مساعدتك لينا في أكتر من حاجة كانت الدنيا وقعت..

 

استجمعت سريعًا تلك الأمور التي ساعدت بها "عُدي" بينما حمحمت وهي تهز رأسها بإنكار وقالت:

-       لا أنا معملتش حاجة، عدي أخويا يعني.

 

انتفضت من تلك اللمـ ـسة الدافئة التي استقرت على خـ ـصرها لتجده ينضم لهم وهو يقدم يـ ـده ليُصافحه متسائلًا بملامح متفحصة استطاعت تمييز انزعاجه الشديد خلالها:

-       اهلًا يا عامر، عامل ايه؟

 

وجدت ملامح "عامر" تختلف وهو يُصافحه وقال بنبرة ليست بمستساغة على الاطلاق:

-       عمر، مبروك، عامل إيه؟

 

هز رأسه له باقتضاب وهو يتفقده بمزيد من الانزعاج بينما التفت نحوها وهو يحدثها قائلًا:

-       مامتك كانت عايزاكي.. تعالي نروحلها..

 

التفت نحوهما وهو يبتسم لهما برتابة وكأنه مبرمج على ما يفعله ثم وجدته يجـ ـذبها بخفة نوعًا ما وهو يقول:

-       تعالي كده بسرعة معايا..

 

وجدته يُسرع من خطواته وهو يُتابع حديثه لها:

-       بصي بقا، عامر موافي ده تبعدي عنه، بالذات في الشغل وأي اقتراحات منه لا، الموضوع ده مفيهوش هزار، عامر ده اعرفه من أيام ما كان عيل صغير ومبيجيش من وراه غير المصايب!

 

وجدته يتوقف برواق خارج القاعة بأكملها حيث استطاعت الاستماع له بعيدًا عن ضوضاء الموسيقى وارتفاع صوت الحضور ورأت ملامحه المختلفة لتعقد ذرا عيها وتساءلت بهدوء ونبرة ساخرة:

-       خايف عليا منه يا حبيبي؟

 

ابتسمت له بعذوبة وهي تنطق بكلمة لم يستمع لها منذ الكثير من الوقت بمثل هذا الهدوء منها وبالرغم من غضبه الشديد من رؤيتها تصافحه وتبتسم له إلا أنه هدأ رغمًا عن أنفه ولكن استفزازها إياه أيقظه من تلك الخيالات الرائعة التي انبعثت برأسه بفعل ما نطقت به:

-       يا ترى عامر موافي ممكن يعمل إيه فيا لو عرفته وأنت معملتوش؟

 

رفع حاجباه باندهاش وهي لا تعرف لعنة ما تتحدث عنه وكاد أن يتكلم فمنعته قائلة:

-       بص يا عمر، متعملش خايف عليا يا عيني وعايز تطمن عليا عشان الـ mask ده أنا زهقت منه، وبعدين اللي عيشته معاك خلاص اداني مناعة من أي حاجة ممكن تحصل، راجل إيه اللي هيعملي مصيبة بعد كل المصايب اللي شوفتها منك وعديتها ولسه واقفة على رجليا؟ هيجلدني ولا هيربطني في رجل السرير؟!

 

اشتعل غضبه بفعل ما تقوله بينما استطردت بجدية وعينيها انهمرت بجحيم الغضب الذي ماثل غضبه وهي تواصل مُطنبة:

-       أنا خسرت بابي، أكتر راجل حبيته طول حياتي بعد سنين كتير اوي قضيتها معاه في عمري وبعدها كملت ووقفت على رجلي من غيره وأنا معنديش أي خبرة في الحياة، وبعدها قولت جه الوقت إن كل حاجة هتتغير وافتكرت إني حبيت راجل بعده وكنت شايفة إنه هيعوضني عن عدم وجوده وهيبقا أماني بس طلع ميستاهلش واديني اهو مكملة من غيره برضو، تفتكر واحد ولا اتنين ولا حتى آلف راجل هيفرقوا معايا بعد كل اللي مريت بيه.. ما يبقا شيطان حتى، مش هيجي فيك أنت والسيد الوالد حاجة، وبعدين متضايق أوي وخايف عليا، كان من باب أولى لو عندك دم واحساس تروح تشوف مامتك اللي متبهدلة من سنين مع بابا حبيبك، متجيش تعمل كويس معايا أنا وعنود وتفتكر نفسك اتغيرت بجد، فوق بقا وكفاية تمثيل، روح مثل على حد مش فاهمك، وايـ ـدك دي متتمدش عليا سواء لوحدنا ولا بعيد عن الناس وإلا صدقني هقطعهالك!

 

تفقدته باحتقار وهي تشعر بنفضات متوالية تُسيطر عليها لا تعرف أغضب هذا أم خوف ولكنها جعلت كلماتها مختلطة بطريقة خبيثة كما تعلمت منه، لعلها تكون البداية في أن يفعل ما تود التوصل له وكادت أن تغادر ليتحدث من بين أسنانه المُطبقة ورأت المزيد من الغضب يُسيطر عليه:

-       عامر موافي لو شوفته جنبك لغاية آخر الليلة منظرك هيبقا زفت قدام الناس، اهدي واعقلي لغاية ما اليوم يخلص على خير، ومش هاكرر كلمتي!

--

-       مش هتقوليلي بقا كنتي داخلة وشكلك متضايق ليه؟

 

قلبت عينيها لتزفر بضيق شديد من سؤاله لتجيبه مستفهمة بما لم تكن إجابة شافية:

-       هو احنا مش بنرقص ولا عشان أنا مش رُبى هانم فبتنكد عليا؟

 

اختلفت ملامحه للجدية ليتساءل بقليل من اللوم:

-       بنجيب سيرتها ليه طيب والبنت ملهاش ذنب في حاجة، أنتِ ليه محسساني إنك هتبقي حماتها الشريرة؟

-       خلاص بقا يا بسام قولتلك حصل موقف تافه في الشغل نرفزني، عندي مدير إدارة كل شوية يجي يعيطلي وانا زهقت من شكوته!

 

ضيق عينيه نحوها وهو يتفحصها وشعر بعدم مصداقيتها بينما اندهش بما قالته:

-       بقولك ايه، ما تيجي آخر السنادي نروح نتقدم لأهل رُبى.

 

ارتفع حاجباه بدهشة ليقف بذهول أمامها وتكلم بابتسامة مستفهمًا:

-       خطوبة إيه واحنا لسه صغيرين اوي كده؟ لا يا روري، أكيد بتهزري!

 

ابتسمت له وهي تخبره بغمزة ونبرة مرحة:

-       كمل رقص بس، كل ده عشان قولتلك هنخطب، بتتسلى بالبنت ولا إيه؟!

 

ابتلع وهو يحاول العودة للرقص من جديد واجابها بنبرة مستغرقة في التفكير:

-       لا طبعًا، بس، احنا لسه صغيرين اوي.

 

اتسعت ابتسامتها وأخبرته مقترحة:

-       فيها ايه يعني، اتخطبو في الجامعة واتجوزوا لما تخلصوا.

 

لم يُصدق ما يستمع له ليقوم بتغير مكانه وهو يُساعدها على الاستدارة بحركة راقصة وواصل حديثه:

-       لا شايف إنه بدري اوي ومش دي الـ plan بتاعتنا بصراحة.

-       وفيها ايه؟ أنا كان معايا زمايل كده في الجامعة.. وده هيخليكو مرتاحين اكتر بدل ما انتو الاتنين مكسوفين اوي كل ما تيجي السيرة، خد رأيها وفكروا كويس وتعالى قولي، لو تمام وانتم موافقين أنا معنديش مشكلة نروحلها بعد ما النتيجة تطلع.

 

توقف في مكانه وهو يشرد بتفكير فيما قالته ليجد من اقترب منهما وهو يُنحيه قائلًا:

-       شكلك مالكش مزاج للرقص، عنك..

 

ابتسم لهما ليتنحى بالفعل وتركهما بينما احتل ملامحها الغضب وهو يُمسك بيـ ـدها بقوة ليحدثها بالقرب من أذ نها مُحذرًا:

-       احنا حرفيًا في نص الفرح وكله هياخد باله، دقيقة واحدة وهسيبك وامشي..

 

رفعت عينيها له بانزعاج ثم سألته باقتضاب:

-       عايز إيه؟

 

تنهد وهو ينظر لها وادعى أنه يُراقصها ليقول بمصداقية:

-       مكونتش اقصد اتعصب عليكي، أنا آسف.

 

ابتسمت له بتهكم ومع اختلاف الموسيقى توقفت ظنًا منها أنها ستبتعد عنه لتقول:

-       عادي، أنا معتبراك كلك على بعضك باللي عملته ملكوش وجود في حياتي ولا كأنك حصلت أصلًا.

 

جذ بها عنوة لتقترب منه ثم أرغمها على عدم الابتعاد وأحا ط خصرها وهو يُكلمها بصوت يكفي لكي تستمع له دون أن ينظر لها فيكفي اقترابها منه الذي أشعل كل ذرة بكيانه وجعله بالكاد يتحمل تواجدها بين يـ ـديه:

-       عامر كان ليه حركات مش تمام مع بنات من أيام الجامعة، لدرجة واحدة فيهم حِملت منه وطبعًا فيه ناس كتيرة لاحظت وسيرتهم كانت على كل لسان، وعمل نفسه مالوش دعوة بيها وقال انها بتكدب وهو ميعرفهاش، بس أنا كنت شوفتهم كذا مرة بعيني مع بعض وكانت بتقعد معاه في عربيته، وبعدين وساخته كبرت معاه..

 

حاول أن يبعدها عنه قليلًا ومد يـ ـده بحركة راقصة متمنيًا زوال تأثيرها المهلك عليه ولكنه لم يُفلح بعد أن رآها تنظر له بنفس تلك الطريقة التي كانت تنظر له بها وهي مُشتتة للغاية فواصل مُفسرًا:

-       اتفصل من الجامعة فترة وراح جامعة تانية بس كان من أصحاب عُدي، يمكن أخويا ميعملش زيه في واحدة بس الاتنين وصوليين اوي زي بعض، ميغركيش شكلهم، وعلى قد ما يبان كويس إنما هو في الحقيقة مش كويس، عامر يبقا شريك عُدي في شركته، المصيبة إنه ماسك كل الحسابات، معرفش بصراحة مديله الأمان ازاي بس هو حر، ويمكن ماسك عليه حاجة، معرفش، ياما سمعتهم صُدفة بيتخانقو في فلوس، المهم إنك تبعدي خالص عن أي حاجة تيجي من ناحيته، عايزة تساعدي عُدي جدعنة في حاجة في الشغل انتي حرة، انما ابعدي عن أي شراكة أو عقود أو فلوس عشان مش هتسلكي معاهم.

 

أحــ ـس بأنفاسها المُرتبكة ثم احتدمت عسليتاها وشعر بأنها كادت أن تنطق بالمزيد من الرفض ونفس نهجها الذي باتت تتبعه مؤخرًا معه فقربها إليه حتى استقرت على صـ ـدره ليتصاعد ارتباكه بداخله كما ازدادت سرعة نبضات قلبه ليُكمل:

-       أنا بخاف عليكي، وأنتِ عندي كنتي ومازلتي اكتر حد بخاف عليه، أنا اه غلطت فيكي، وكل اللي كنت بعمله فيكي واحنا متجوزين افتكرته حقي وغصبتك على حاجات كتير بس عمري ما سكت لحد فكر يقرب منك حتى بابا وأنتِ متأكدة من ده كويس من غير ما اقولك كلام كتير.

 

أطبق أسنانه بعنف وهو ينهي رقصتهما التي تمنى لو دامت أكثر من هذا ليخفضها أمامه ممُسكًا بخـ ـصرها لتشعر هي بخوفها أو توترها أو لا تدري ما الذي يحدث لها بالتحديد معه ليتثاقل لسانها بعدم المقدرة على النطق ليُضيف بمصداقية لم يستطع أن يمنع نفسه عنها:

-       صدقيني هانت وهتخلصي مني وهنتطلق قريب، اعملي اللي نفسك فيه واللي أنت عايزاه بس بطلي تكابري وتعندي وخلاص، أنا فعلًا بحبك وبخاف عليكي!

 

أوقفها أمامه وكاد أن يذهب لتجـ ـذبه إليها بكلتا يـ ـديها لتتساءل بصوت اهتز بين ارتباكها وبين محاولتها على التظاهر بأنها لا تثق بحرف مما يقوله وادعت ملامح السخرية وهي تسأله:

-       وبعد الكلمتين دول بقا المفروض اصقفلك واقولك يالا بينا نرجع وننسى اللي فات؟

 

ابتسم لها وأومأ بالإنكار وحاول أن يسيطر على وتيرة أنفاسه التي تصاعدت دون إرادة منه ليفقد كامل السيطرة على نفسه بعد أن وجدها أمامه بتلك الطريقة فقبـ ـل جبهتها في لحظة ضعف تامة وحدثها قائلًا:

-       بعد الكلمتين دول المفروض تختاري اللي يستحقك وميبقاش شبهي!

 

ابتعد عنها ليتفاجأ كلاهما بأنهما كانا محل أنظار جميع المدعوين وهما يبتسمان إليهما ويشيدا بما فعلاه وبدلًا من أن تصفق تهكمًا وجدت الجميع يفعلون ذلك بدلًا منها، ولكن ليس بتهكم، لقد خدعهم ببراعة مثلما يفعل دائمًا، وربما يُمكنها الاستفادة مما حدث بمنتهى الخبث الذي تعلمته منه! فتلك الهالة من العشق الذي لطالما أحاطته وتيقنت من حقيقة مشاعره وهو يقتل نفسه من أجلها أمام عينيها يستحيل أن يستطيع تزييفها، وضربات قلبه التي انعكـ ــست عليها منذ قليل مُحال أن تكون كاذبة هي الأخرى!

يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة