-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه الفصل 46 بالعامية

      رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

الفصل السادس والأربعون

النسخة العامية



التفت وهو يتفقد الباب ليجد أن بنهايته مكان صغير يسمح بمرور بعض الأشياء لتتسع ابتسامته الساخرة ولكنه تأكد أنها قد لاحظت كل شيء وقامت بتنفيذه حرفيًا لتجعله يمر بنفس ما مرت هي به!

 

-       مفاجأة بايخة مش كده؟

 

استمع لسؤالها ليجلس أرضًا واستند على الباب وهو يُجيبها:

-       ما قولتلك نعمل الأوضة انتي اللي رفضتي!

 

حاولت انتقاء كلماتها بعناية ولكنها لم تنس أن عليها أن تدفعه للألم بكل الطرق المُتاحة فردت قائلة:

-       بصراحة لما فكرت ولقيت نفسي مكونتش انسانة كدابة معاك في مشاعري أنا فعلًا كان ممكن اسامح ولو بعد فترة في كل اللي عملته فيا، إنما من يوم ما ورتني عذاب المعتقلات ده لغاية النهاردة أتأكدت إني عمري ما هسامحك أبدًا، أنا مش بتاعت اوض وكرابيج وتعملي فيها كلب وتبوس رجلي، آه أقدر اعمل ده بس مش هتبسط، أنا بس عايزة أشوف هيحصلك إيه لو جربت ربع اللي عملته فيا مع اختلاف إنك عارف كويس أنا آخر حاجة أقدر اعملها ايه بنفس التفاصيل اللي أنت عيشتهاني ومش هتبقا لا خايف ولا مرعوب زيي!

 

تفقد تلك الغرفة أمامه بعينيه بهذا الضوء الأبيض الذي يأتي مصدره من الخارج ليُعقب باقتضاب:

-       حقك!

 

أغمض عينيه حتى لا يتأثر وذهب عقله حيث ذلك الحلم الذي رآه منذ قليل وكلمها بابتسامة لم ترها:

-       ولو عايزة تعملي اكتر من اللي أنا عملته اعمليه. مش همنعك.

 

نظرت تجاه الباب بضيق وهي تعقد ذراعيها بينما تركته وذهبت حتى تغلق منزله وتخرج كلبيه للحديقة وتخفي أي اثار قد يجدها أحد مؤقتًا إلى أن ترى متى ستلتقي بـ "يزيد الجندي" مجددًا ومتى سيبدأ عملية البحث عن ابنه!

 

انتهت من الأمر سريعًا بعد أن واجهت كلبيه بقليل من التوتر وتناولت مفاتيحه وأغلقت الباب لتعود من جديد وأخرجت هرها لتحمله زهي تضـ ـمه إلى أن وصلا فراشها وأغلقت الأنوار لتنزعج من ذلك الضوء الأبيض الذي يتهرب من أسفل باب غرفة الملابس فجذبت الغطاء فوق وجهها ولم تستطع النوم على الاطلاق ولم تتمكن سوى من استعادة كل ما مرت به بداخل غرفة مُشابهة لتضربها المشاعر المختلطة لأيام متوالية!

--

ظهرًا، في نفس اليوم..

ابتسمت وهي تجد هاتفها لا يتوقف عن الرنين ثم اجابت مكالمته وهي لا تستطيع التحكم في ابتسامتها:

-       صباح الخير.

 

آتاها تعقيبه بصوت ناعس ونبرة دافئة عميقة لا تستطيع إنكار أن هناك بها شيء يجعلها تُفضل الاستماع لصوته أكثر من أي شخص تعرفه:

-       لا دي شكلها صباح الخير بضحكة حلوة اوي، مش هشوف الضحكة دي في حضـ ـني قريب ولا إيه؟

 

حمحمت ببعض الخجل واجابته باقتضاب:

-       إن شاء الله.

-       حد يرد على الكلام ده يقول إن شاء الله، يارب ارحمني برحمتك.

-       اللهم آمين، يرحمنا برحمته جميعًا!

-       يا بنتي بقا، يا بنتي حرام عليكي، هو أنا في درس في المسجد ولا بتفرج على قناة الرحمة، أنا عايز افهم، مش بقيت جوزك من امبارح، أعمل إيه تاني عشان اخد منك كلمة تحـ ــسسني إن فيه ما بينا مشاعر شوية؟

 

تريثت لبرهة وهي تتردد فيما ستقوله لتغمض عيناها بتوتر واختلفت نبرتها لمزيد من الخفوت:

-       ما هو قصدي إن شاء الله أكون معاك يعني، وهقولك صباح الخير كل يوم.

 

استعادت تلك الكلمات التي نطقت بها لتتقزز من لسانها الذي لا يجد ما يُناسب لتخبره به لتجده يعقب بنبرة كسولة متسائلًا:

-       وهو لما تبقي في حـ ـضني هتقوليلي بس صباح الخير! ده اقصى حاجة ممكن تعمليها؟

 

همهمت وهي لا تعرف بم عليها أن تجيبه لتفشل في إيجاد ما يُمكنها قوله لتحدثه بحدة وانزعاج:

-       بقولك ايه، أنا مبعرفش أرد على الكلام ده، مانا يعني هاعمل ايه، بُص بقا احنا اه كتبنا الكتاب بس لسه متجوزناش، تعاملني باحترام في كلامك لو سمحت!

 

كلمها باسترخاء وهو يُغمض عيناه ولقد بات لديه مناعة قوية لكل تلك الموجات الحادة التي تجرف بلسانها لتتفوه برفضها وإباءها ليخبرها:

-       اللي مبعرفش نعلمه.

 

ضيقت ما بين حاجبيها وهي تبحث عن كلمات لتعقب بها وكلما حاولت النطق تتوقف إلى أن عقبت على كلماته بشراسة:

-       يعني ايه الهبل ده، هتعلمني ايه، بص أنا ردي كان في منتهى المنطقية، ومغلطتش في حاجة، وأنت اللي مش مُتقبل كلامي.

 

تنهد بعمق ولم يعد يكترث لطريقتها الفظة التي في النهاية ستتحول لتُكشف عن جوهرها الذي بات يعشقه فحدثها قائلًا:

-       كلامك منطقي بس لما واحدة جوزها يقولها مش هشوف الضحكة دي في حضـ ـني قريب ولا إيه؟ المفروض تقوله بكرة نبقا مع بعض يا حبيبي وهبقا في حـ ـضنك كل يوم، تصبره إن الأيام بتعدي بسرعة وبكرة يبقو في بيتهم وسريرهم ومع بعض، ولو خلاص مش قادرة تحني عليا وتقولي الكلمتين دول ممكن تهربي بكلام تاني زي وحشتني، زي مش قادرة استنى اليوم اللي هنبقا فيه مع بعض، فيه حاجات كتيرة اوي تتقال.

 

لانت ملامحها لوهلة وهي تُفكر بكلماته وطال صمتها فاستطرد متسائلًا:

-       اتخضيتي إن الكلام ده فيه ناس بتقوله عادي؟ ولا مش من حقي اسمعه؟

 

احتبس شهيق تناولته قبل أن تعقب على كلماته وبعد أن وجدت الإجابة المناسبة من وجهة نظرها أخبرته:

-       أنا ماليش في الكلام ده، متتوقعش يعني عشان كتبنا الكتاب خلاص هتحول لنزار قباني معاك، واسمع، احنا هنفضل زي ما احنا لغاية ما نبقا نتجوز وابقا في بيتك ولما نـ

-       ثانية بس استني عشان أنا مش حِمل صدمات على الصبح

 

قاطعها متنهدًا بابتسامة وأردف متسائلًا:

-       يعني ايه هنفضل زي ما احنا؟ معلش مش مستوعب الجزء ده، ممكن توضيح؟

-       يعني زي ما احنا، أنا مش هاقبل بالتجاوزات في الكلام والنحنحة دي أنا ماليش فيها!

 

استمع لردها الهجومي كالعادة مما جعله يضجع على فراشه وفتح عيناه وعقب بمنتهى الهدوء:

-       يعني إني اشوفك بشعرك عادي، ده حلال، وكل الفتاوى اللي موجودة اللي بتقول ايه المسموح في الفترة دي مبتقولش إنك تعبري عن مشاعرك لجوزك اللي كتب كتابه عليكي؟ تمام، تمام!! مش ده اللي درستيه وكنتي بتجيبي فيه الدرجة النهائية ولا أنا فاهم غلط ولا الكلام ده معداش عليكي في الحاجات الدينية اللي بتاخدوها وطاعة الزوج والمواضيع دي شالوهالكم من المنهج؟

 

شعرت بأنها في مأزق بكلماته التي تحمل الصواب نوعًا ما وانعقد لسانها لتجيبه بتوتر:

-       آه، ما ده حلال بس..

-       بس ايه يا عنود؟

 

زفرت بضيق وهي لا تستطيع اجابته والكلمات بدت وكأنها غادرت رأسها للأبد فقالت:

-       بص أنا لسه مفطرتش ويادوب امبارح رجعت وصليت الفجر ونمت، هانكمل كلامنا بعد ما افطر واصلي الضهر. سلام دلـ

-       استني هنا، الفطار يصبر شوية الدنيا مش هتطير.

 

قاطعها لتتأزم ملامحها وأدركت أنها بمأزق أمامه ليسألها باقتضاب:

-       انتِ مكسوفة؟

 

عقدت حاجبيها وهي تجيبه بحدة واندفعت بإجابتها:

-       وهتكسف من ايه يعني هو أنا بقلـ ـعلك في الموبايل؟

 

ضحك بخبث بينما حدثها بمرح ومكر:

-       يعني انتي وذوقك، هو هتقـ ـلعيلي امتى صحيح؟ إياكِ متعمليهاش قدامي بعد ما نتجوز، هتبقي حلوة أوي لو عملتي كده!  

 

اتسعت عيناها لتحدثه بشدة قبل أن تنهي المكالمة:

-       أنا عمري ما هاسمحلك تتجاوز معايا واحترم نفسك ومتتكلمش معايا بالطريقة دي تاني!

--

فتحت عيناها وهي تحدق بالسقف لتجد نفسها يستحيل أن تحصل ولو على القليل من النوم فقررت أن تنهض وأمسكت بهرها الصغير ليتشبث الآخر بملا بسها لتهمس له:

-       مش عايزين دوشة لغاية ما ننزل تحت!

 

اتجهت لتتناول دوائها أولًا لتنظر نحو تلك القطعة الصغيرة من الباب التي يتسلل منها الضوء لتعـ ـانق قطها أكثر ثم ابتعدت سريعًا متجهة للأسفل ولم تجد أي شهية لتناول الطعام فاكتفت بكوب عملاق من القهوة ومشت حتى حاسوبها لتقوم بتفقد ما الذي يفعله لتجده مُستندًا برأسه على احدى الجدران وهو نائم جالسًا.

 

لم تتحمل سوى لمحة خاطفة لتقوم بإغلاق شاشة الحاسوب سريعًا وتشبثت أكثر بـ "تايني" وسألته:

-       تفتكر هقدر اعمل فيه نفس اللي عمله فيا؟

 

حدقته بتساؤل بينما عبث بيـ ـده الصغيرة بوجهها لتنزعج من أظافره الحادة فزجرته وهي تخفض تلك المخالب الضئيلة:

-       كده عيب على فكرة ولازم نقصلك ضوافرك دي!

 

اتجهت نحو غُرفتها من جديد وهي تُنهي كوب قهوتها لترى ذلك الضوء المُزعج وفكرت أن تقوم بإغلاق الضوء قليلًا فهو نائم على كل حال ولكنها منعت نفسها عن تلك الشفقة التي احتلتها وهي تجبر نفسها أن تتوقف عن سذاجتها التافهة!

 

-       اقعد هنا لغاية ما اجيلك ونروح نشوف حل في ضوافرك دي.

 

همست له حتى لا يصل صوتها له وهي تتركه على فراشها لتجده يتنقل بخفة بين تلك الأغطية لتنتقل إلى المرحاض وقامت بالاغتسال لترتدي رداء الاستحمام وخرجت لتتجه حيث غرفة ملابسها الجديدة التي نقلت بها كل ملابسها ومقتنياتها من أحذية وحقائب ومجوهرات وزينة وارتدت ملابس عملية غير رسمية وعادت من جديد لتصحب "تايني" معها ولكنها لم تجده حيث تركته.

 

أخذت تبحث عنه بالطابق بأكمله فلم تجد له أثر لترتاب بذلك الممر الصغير الذي سيتمكن بكل سهولة من العبور خلاله فتوجهت سريعًا لاستكشاف ما إن كان بالداخل أم لا لتتفقد الشاشة بغيظ عندما وجدته يُلاعبه أمامه على هذا الفراش الصغير الذي بالكاد سيكفيه!

 

اتجهت بغضب لتقف أمام الباب وطرقت فوق الباب لتتحدث بعفوية:

-       القط بتاعي يطلع دلوقتي حالًا!

 

استمع لصوتها وأخذ يُلاعبه ليقوم بضـ ـمه إليه وعقب قائلًا:

-       ماشي، بس هاتيلي الدوا بتاعي.

 

ردت بسخرية شديدة مستهجنه من طلبه:

-       أنت فاكر نفسك قاعد في اوتيل واللي أنت عايزه الـ room service هتجبهولك!   

 

زفرت بذهول وهي لا تُصدق ما يقوله لتتكلم بمرارة قائلة:

-       افتكر يوم ما خدرتني صحيت لقيت نفسي في سجن حديد ضلمة وسبتني فيه بالأيام، مفرقش معاك إني كنت تعبانة مثلًا، منيمتنيش وخدتني في حضـ ــنك وقولتيلي قومي اتعشي وغيري هدومك والـ pad وأنا قرفانة من نفسي بريحتي والدم اللي في هدومي وبطني اللي بتوجعني، أنا استحملت من غير ادوية، أنت كمان تستحمل! وطلع Tiny حالًا يا إما هحط للكلاب بتوعك سم!

 

تساقطت دموعها بمجرد نطقها بهذا بصوت مسموع لتتهكم ووجدت نفسها تندفع بالكلمات دون وعي منها:

-       كفاية عليك إنك سامع صوتي وقاعد في مكان فيه حمام مش متلج ولا ضلمة ومعندكش تعابين وعقارب.

-       خلاص، مش مهم الدوا، متعيطيش بس.

 

لم تمر ثواني حتى وجدته يخرج من تلك الفُرجة الصغيرة بنهاية الباب فتشبثت به وضمـ ـته إليها وهي تُقبله ثم مشت سريعًا لتتوجه لعيادة بيطرية من أجل أن تجد لتلك المخالب الصغيرة حل نهائي. وربما ستقوم بالتبضع من أجله لتُفسد هذا الصغير قليلًا..

--

-       عنود، روحي افتحي الباب.

-       طيب يا ماما.  

 

جذبت حجابها واتجهت لتقوم بفتح الباب بينما اتسعت عيناها بدهشة عندما وجدته يقف أمامها وأخته تقف إلى جانبه ويحمل بيـ ـده بعض الحلوى لتسأله بتوتر:

-       أنت بتعمل إيه هنا؟

 

ابتسم لارتباكها وأجابها وهو لا يُزيح نظراته من فوق ملامحها:

-       وحشتيني.

 

شعرت بالخجل الشديد وهو يتفوه بتلك الكمة أمام أخته وتداركت سريعًا ما قالته لتنبعث الحمرة بوجهها لتتكلم سريعًا:

-       أنا آسفة يا يارا، اتفضلوا.

 

دخلت وهي تشعر بالخوف ما إن آتى والدها فجأة وهو لا يعلم مُسبقًا بحضورهما ليستمع ثلاثتهم لصوت والدتها المتسائل وهو يأتي من جهة غرفة الجلوس:

-       مين يا عنود؟

 

حمحمت وهي تشعر بارتباكها يزداد ثم أخبرتهما:

-       طيب اتفضلو، هاعملكو عصير، ثواني وهاجي.

 

مشت سريعًا وهي لا تدري لماذا آتى كلاهما دون موعد ودون أن يخبرها بهذا وتوقفت أمام والدتها لتهمس متحدثة:

-       دول يونس ويارا، مش عارفة مقاليش إنه جاي، أنا اتفاجئت بيهم.

 

التوت شـ ـفتاها باستياء لتعقب قائلة:

-       ايه قلة الذوق دي، المفروض يعرفونا إنهم جايين، استلقي وعدك من أبوكي بقا لما يعرف.

 

حقًا لا تحتاج لمثل هذه الكلمات وهي بالأساس تموت رُعبًا من معرفته بالأمر لتناشدها:

-       لا الله يخليكي يا ماما بلاش يعرف، قومي بس اقعدي معاهم على ما اعملهم حاجة يشربوها.

 

تأففت بضيق وهي تنهض بكسل لتُكلمها قائلة:

-       مش كفاية مشوفتش المسلسل امبارح حبك يجوا وقت الإعادة

-       يا ماما بس إعادة ايه ومسلسل ايه دلوقتي، هبقا اجبلك الحلقة على فلاشة بس حاولي تعرفي هم جم ليه وابوس أيـ ـديكي روحي اقعدي معاهم!

-       طيب، ربنا يسترها من يزيد بقا لما يعرف

 

زفرت بضيق وقامت بغلق الشاشة بصوت هذا المسلسل المزعج الذي لن تنتهي حلقاته للأبد وتوجهت سريعًا نحو المطبخ لتقوم بصُنع بعض العصير لهما.

--

اتسعت عيناها برعب وهي ترى الطبيب يقوم بقياس حرارة "تايني" الذي قام بإدخاله أسفل ظهـ ـره لتهتف به وهي تراه يموء بتوجع:

-       ايه ده، أنت كده بتوجعه، مش كده هيتضايق ولا إيه؟

 

ابتسم إليها بعفوية وأجابها قائلًا:

-       متقلقيش، ده الطبيعي، كل القطط بنعمل معاهم كده.

 

ابتلعت وهي تتابعه هو ومساعده بينما اشتم لرائحة جهاز الحرارة لتشعر وكأنها ستتقيأ مما يفعله هذا الطبيب ليجيبها قائلًا:

-       هو تمام مفيهوش حاجة، وكويس جدًا، تقريبًا تايني أنا كشفت عليه من أسبوعين وكان كويس، بس مش حضرتك اللي جيتي، كان مع أستاذ اسمه..

 

حاول أن يتذكر فأخبرته:

-       عمر، جوزي، أنا كنت مشغولة شوية..

 

حمحمت وهي تحاول التهرب من حقيقة أنه من أحضره لها بينما سألته:

-       طيب هينفع نقصله ضوافره وياخد shower؟

 

تفقد اظافره ليُجيبها:

-       لسه صغير، نصيحتي استني على ضوافره شوية، ممكن كمان أسبوعين تلاتة كده نبدأ نقصها، وبعدين تايني صغير ومش محتاج يستحمى وخصوصًا احنا في الشتا.

 

وجدته يفحصه ولكنه كان كثير الحركة فثبته أمامه بوضع القليل من كيس بلاستيكي للطعام ليندمج بنهم في تناول ما أمامه لتسأله مرة أخرى:

-       هي القطط بتحب الأكل ده؟ اسمه ايه لو سمحت؟

 

خلـ ـع سماعته ثم اجابها:

-       Friskies، بس متكتريش منه، هو أصلًا بتأكليه ايه؟

 

همهمت وهي تحاول تذكر ما كُتب على الغلاف:

-       فيه dry food نوعه royal canin لونه بينك وفيه canned food نفس النوع بردو بس ألوان مختلفة.

-       خلاص هكتبلك كذا حاجة كويسة، وحاولي تأكليه حاجات طبيعية من البيت، فراخ مهروسة وخضار مثلًا جزر بس بيعمل امساك، والكوسة ممكن تسيب البطن شوية، ونبعد عن الحلو والملح والبصل والتوم وأي أكل متبل.

-       طيب ممكن تكتبلي كل ده؟

 

أومأ لها لتسأله أثناء كتابته:

-       هو كده المفروض فيه تطعيم أو حاجة؟

-       حضرتك متبعاه، حاسة عليه بأي تعب أو حاجة أو كسل أو أي تصرف منه مش منطقي أو غريب عليه؟

 

كان سؤاله يحتوي على الكثير من المعلومات دفعة واحدة فأخبرته:

-       لا هو كويس زي ما هو، انا بس مش متبعاه بقالي كتير لأني كنت مشغولة، بس هو تعبان أو حاجة؟

 

أومأ لها بالإنكار وانتهى من كتابة ورقة كبيرة تحتوي على الكثير من الأشياء واجابها:

-       لا خالص، هو كويس جدًا ووزنه كمان بالنسبة لسنه كويس، راقبيه كويس أسبوع كده ولو لقتيه تمام والحمام بتاعه كويس ممكن نديله تطعيم الرباعي، وهخلي العيادة تتابع مع حضرتك وتبعتلك reminder

 

هزت رأسها له وقد كانت بالفعل وضعت تذكير على هاتفها لمواعيده كواحدة من تلك العادات التي اكتسبتها من عملها وكاد أن يعيده لصندوقه المحمول فأخبرته:

-       لا أنا هشيله. حضرتك مفيش مكان اجيبله منه لبس ولعب وأكل وحاجات زي دي؟

-       المبنى اللي ورانا بالظبط تبعنا وعشان حضرتك بتتعملي مع العيادة هيعملو لحضرتك خصم كويس.

 

اتجهت نحوه بابتسامة وامسكت بصندوقه ثم مشت حتى مكتب الاستقبال وقامت بدفع النقود وبعدها توجهت للسيارة لتقوم بوضع الصندوق به واتجهت حيث أخبرها الطبيب وهي تحمله بين ذراعيها وابتاعت له الكثير من الأشياء بنهم غير منطقي!

--

ابتسمت بملامح متوترة بعد أن قدمت لهم هذا العصير الذي صنعته بنفسها واتجهت لتجلس بمكان لا يمكنها رؤيته مباشرةً أمامها وابتلعت بارتباك لتتكلم "يارا" متسائلة بابتسامة:

-       ايه رأي حضرتك يا طنط، تحبوا تجهيزات البيت يعملها مهندس ونتفق على معاد ويشوف عنود حابة تعمل الحاجات في بيتها ازاي ويجهز تصميم على طول ولا تحب هي تنزل وتتفرج الأول بنفسها بحيث تبقا أخدت فكرة أكبر وتبقى شافت حاجات عجبتها وبعدها تقعد مع المهندس وتقوله هي عايزة إيه؟

 

نظرت "مها" نحو ابنتها وهي تلوي شـ ـفتيها وردت مُجيبة:

-       معرفش، اللي انتو عايزينه، هو انتو اتفقتو مع يزيد على إيه؟

 

ضيقت "يارا" ما بين حاجبيها وهي تجيبها:

-       مش فاكرة اننا اتفقنا أصلًا على الحاجات دي، احنا قولنا هنعمل البيت كله وبس كده بس مرتبناش التفاصيل، احنا جايين عشان نتفق النهاردة.

 

تدخل صوت "يونس" مقترحًا:

-       شايف أحسن انزل أنا وعنود نروح كذا مكان ونشوف ونتفرج على حاجات تعجبنا وفُرصة إنها إجازة اليومين دول عشان متتشغلش وقت الدراسة.

 

سعلت "عنود" حتى كادت أن تلفظ العصير من فمها من مفاجأة ما سمعته بينما طالعته والدتها بابتسامة غير مرحبة وهي لا ترى أدنى أهمية في كل تلك التفاصيل، فليكون منزل كأي منزل آخر، ما الذي سيهم في ذلك على كل حال؟!

 

-       ايه يا عم، ما بدري.

 

نهض "يونس" الذي تكلم بمجرد دخول "عدي" ونهض ليُصافحه فرحب الآخر به ليخبره:

-       امبارح رجعت من كتب الكتاب مش شايف قدامي نمت محستش بنفسي.

 

التفت نحو والدته وأخبرها:

-       صباح الفل يا ماما.

 

اجابته باهتمام شديد وبادلته التحية ثم تساءلت:

-       صباح الخير يا حبيبي، احضرلك الفطار؟

 

-       لا فطار ايه، أنا وعدت يونس إنه هيتغدا معانا النهاردة، حضري غدا بقا.

 

نهضت وهي تحدثه بمنتهى الرضاء على النقيض من استيائها السابق بقدومهما:

-       عيوني حاضر.. بعد اذنكم هروح احضر الغدا، تعالي يا عنود عشان تساعديني.

 

نهضت وهي في حالة من الاختناق الشديد، لقد حدث هذا فقط بسبب طلب "عُدي" منها ولكن إن كانت هي من تريد شيئًا يستحيل أن يوافق أحد على طلبها في هذا المنزل اللعين، هذا الوغد كان يعلم بقدومه ولم يُفكر حتى بأن يُخبرها وكأن ليس لها شأن بهذا، ربما لو كان علم "عمر" أو "روان" بهذا لكانا اخبراها.  

 

انتبهت "يارا" بأن والدتها لم تكن تعلم بقدومهما كما أنها ستُصبح مهملة لو استمرت بالجلوس مع "يونس" و "عدي" فتحدثت بلباقة قبل أن تذهب كلتاهما:  

-       أنا ممكن اساعدكم حتى نخلص أسرع. 





تابع قراءة الفصل