-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه الفصل 47 بالعامية - 2

        رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

تابع قراءة الفصل السابع والأربعون

النسخة العامية 


 

العودة للصفحة السابقة



قاطعها جاذبًا إياها ليضـ ـمها إليه لتتحول عبراتها إلى بكاء وربت عليها وحاول أن يوقفها عن البكاء وأخبرها بهدوء آسفًا على كل ما سمعه:

-       اهدي ومتعيطيش، خلاص مش هاستعجل أي حاجة. اعملي اللي أنتِ عايزاه بس متعيطيش.

 

رفعت رأسها نحوه وتحدثت بين بُكائها:

-       يونس أنا مش مبسوطة على فكرة وأنا عاملة زي الطوبة وكل اصحابي بيقولولي كده بهزار وتريقة وأنا بتضايق، مع إني والله بحـ ـس ومتأكدة إني بحبك وبغير عليك وبحب لما بشوفك بتضحك، بس أنا متعودتش أتكلم عن اللي أنا حاسة بيه..

 

مسح تلك الدموع التي تساقطت على وجهها وابتسم لها وهو يخبرها:

-       كل حاجة هتيجي واحدة واحدة، والموضوع سهل وهتتعودي، اديكي اهو في حضـ ـني، حسـ ـيتي بحاجة.

 

أومأت له بالإيجاب وأخبرته:

-       حا سة إني مبسوطة..

 

رفع حاجباه بذهول وأخبرها متسائلًا بمرح:

-       هو أنتِ خدودك بتكبر أكتر وأنتِ بتعيطي؟

 

ابتسمت بين بُكائها ليستطرد قائلًا:

-       وبتبقا أحلى وأنتِ بتضحكي..

 

طالعته بحيرة وهي تشعر بالسعادة لاكتراثه من أجل ما تشعر به وأخيرًا أصبح هناك شخص يهتم حقيقةً لما يحدث لها ولبُكائها ليواصل مُخبرًا إياها بجدية وهو يجفف وجهها:

-       أنا بحبك وعايزك مبسوطة مش عايزك تعيطي وتتخانقي طول الوقت وتقعدي تفكري في أي مشاكل قديمة كانت بتحصلك، أنا وأنتي هنبدأ حياتنا وعايزين نكون مبسوطين ويوم حتى ما نزعل من حاجة تبقا حاجة ملناش أيـ ـد فيها وتبقى مشكلة من برا مش ما بينا، وحتى لو حصل المفروض نخفف عن بعض مش نزود المشاكل، يا إما وجودي جانبك أصلًا مش هيبقاله لازمة.

 

أومأت له وتوقفت عن البكاء وطالعته لوهلة وهي تبتسم له بمصداقية ثم باغتته بعنا ق وأخبرته بهمس:

-       أنا بحبك اوي.

--

مساءًا في نفس الليلة..

 حاولت أن تتخلص من ذلك الغيظ الذي تملك كل ذرة من دمائها وهي تُفكر في كلماته وفي كل ما فعله معها، الآن يختار عدم التحدث عما يشعر به، والآن يُفضل عدم الإدلاء بذلك الألم الذي أصابه، تقسم أن الليلة لن تنتهي قبل أن تجعل منه أضحوكة أمام نفسه! ولكن كيف؟! وهذا الوغد لم يُفكر حتى بأن يتناول نفس الطعام المُقزز الذي قدمه لها بالسابق! سيتناوله رغمًا عن أنفه حتى ولو تعفن، ليس هناك غيره!

 

طالعت ساعتها وهي لا تدري ما الذي عليها فعله لتتذكر ما قرأته بدفتره فنهضت لتجذب المفتاح وذهبت لمنزله الصغير الذي يقع أمام منزلها تمامًا ثم أخذت تبحث بدفاتره عن بداية تلك اللعنة لينبح واحد من كلبيه فالتفتت لتصيح بهما:

-       اخرسوا انتو الاتنين يا إما هطردكم برا البيت ده، سامعين!!

 

الدفتر الثاني، ليس هذا، هي تريد أن تُلقي على مسامعه كل شيء وكل حرف منذ البداية، الدفتر الأول، ها هو، لترى إن كانت السخرية ستنفع مع هذا المحامي البارع بكلماته وثرثرته التي لا تنتهي!!

 

حملت تلك الدفاتر وهي تُغلق الباب ثم توجهت لمنزلها من جديد والغضب يتهاوى بفعل أنفاسها المتلاحقة وصنعت المزيد من القهوة لعلها تصمد حتى المساء دون تلك الآلام برأسها وعـ ـنقها وكامل عظامها لتحمل القهوة بصحبة دفاتره وصعدت للأعلى.

 

جلست على طرف الفراش وتركت القهوة على تلك المنضدة الجانبية وبدأت في قراءة ما تقع عليه عيناها:

مقدمة رسائلي

الرسالة رقم صفر!

اليوم رقم 1 منذ رؤيتك..

لقد عاهدت نفسي أن أفعل كل ما يحلو لك..

أعلم أن هناك ما يعجبك بحروفي السخيفة..

وعاهدت نفسي ألا اعشق امرأة سواكِ، وما العشق سوى حروف اسمكِ ونظرات عيناكِ لي وأنت تهمسين بغرامكِ لي يومًا ولى من بين يـ ـدي بفداحة جنون عقلي..

لقد باتت المعادلة صعبة، لا أستطيع التوقف عن التفكير بكِ ولا عن هيامي بكِ.. ولكن ما حدث لم يعد يترك لي الحق في النظر لكِ ولو من على مسافة.. على يـ ـداي اللعينتان لقد قاربتِ على فقد عقلك وروحكِ.. من منا على هذا القدر من الغباء الفادح لينكر هذا؟

لذا، إلى أن تفنى الأرض ومن عليها، أو أفنى أنا.. سأخاطبكِ كل يوم، كلما احتجت إلى هذا..
أنتِ الوحيدة التي تحميني من عقلي ومن شرور نفسي..


لا أدري كيف يمكنني خط حروفي في النهاية أو حتى الإيمان بأنني ما زلت زوجك.. أو رجل كان زوجك في يومٍ من الأيام!


فقط تقبلي بين وبين أوراقي التي لا تعلمين عنها شيء أنني مجرد عاشق الأرض الذليل الذي ينظر لنجمة السماء المتلألئة ذات بريقها جليل المنظر..

كلانا نعلم أن الناظر لا يستمتع سوى بالمناجاة سرًا ومتعة النظر من بعيد، ولن يمس نجمته اللامعة قط طالما جرت الدماء بعروقه.. ولكن مهما ارتفعت نجمته واشتد لهيبها لن تستطيع منعه من التأمل بها..

لن أقترب، سأكتفي بمناجاتكِ سرًا ولن أتوقف عن عشقك صغيرتي.. ويومًا ما بعد سنوات ربما سأكون محظوظًا بأن تقرأي حروفي السخيفة..

لا يمكن بعد الآن أن اشير لنفسي بزوجك في نهاية رسائلي وهذا وحده أكثر مما يمكن لعقلي أن يتحمله..

منذ اليوم، وبكل رسالة، سأصف نفسي لكِ، وبعد موتي في يوم سأترك رسائلي إليكِ، إرث أليم ولكن أرجوكِ تقبليه.. فهو لا يخص سواكِ..

عهدتك امرأة تُصلحين حياة بأكملها، كوني هكذا دائمًا وأبدًا ولا تفقدي لمـ ـستك الساحرة التي أصلحتِني بها وأنت تأخذين بيدي من الجنون للقليل من المنطق وتخرجيني من قبر الموت لجنة الحياة..

لكِ أن تلقين بكل رسائلي في سلة القمامة كما يحلو لكِ..

ولكن بعد قراءتها..

ليس هناك آلم أكبر من البوح، يشق عليّ أن أبوح، ولكن معكِ كل شيء يكون مثالي مثلكِ..

لا تلقي بألمي سوى بعد أن تحرريني منه..

ثقتي شديدة بكِ وأعلم أنكِ تجدين أمرًا ما بكلماتي يجذبكِ.. فلا تتوقفي هُنا واقلبي الصفحة أتوسل لكِ.. إلى أن تصلي للنهاية..

لن أبدأ إلا معكِ وبكِ وإليكِ سأخبركِ بكل ما يحدث لي منذ رؤيتكِ..

اعاهدكِ أنه ميلاد جديد لي روان..

عاشق الأرض المختل

عُمر..

 

ضيقت عيناها نحو ما تراه وغضبها دفعها لنسيان لماذا لم تقرأها من الأساس، عندما كانت هادئة منذ قليل ويتبقى بها القليل من المنطقية لتُفكر بها كان اختيارها هو السلمية وتجنب كل ما يتعلق به، أمّا الآن وبعد ازدياد تأثير قلة النوم عليها وهي ترى تلك التخيلات الغريبة التي تنص على إيذاءه بشتى الطرق وكثرة تناولها للكافيين فقدت كامل تركيزها ببراعة!

 

قامت بقلب الصفحة لتقرأ المزيد وهي تحاول أن تبحث عما سيجعله أضحوكة لتتجه مباشرة للرسالة الثانية:

الرسالة رقم 1!

اليوم رقم 2 منذ رؤيتك..

"روح بلا جـ ـسد"

 

قد تكون رسالتي الثانية، والتي تبدو الأولى من العنوان، وأنا على يقين تام أنها ستكون الأخيرة.

دعيني أخبرك بما حدث وغير قراري عن رسالتي السابقة..

لقد فشلت روان بمجرد رؤيتكِ اليوم..

أتعلمين أين أنتِ؟

أنتِ على بُعد خطوات قليلة مني، تبتسمين للبعض إذا التقت أعينكم صدفة، يا لحظهم، لو تعلمين كم أحقد على كل وغد منّ عليه القدر بمتعة تفقد عسليتيكِ لقمتِ وأقبلتِ حتى تمنعيني عن ارتكاب جريمة ستقع حتمًا..

تبتسمين لتبدين كشمس ساطعة سرعان ما تغيب خلف غيوم شرودك القاسي، شرودك بالحزن واليأس يعتري ملامحك ويُهلكني أنا، تحديقك بالفراغ وحده كفيلًا بأن يُصيبني بطعنات خائنة غائرة كلما نظرتِ إليكِ بها خلسة، ما الذي سيحدث لو التفتِ نحوي؟

أشعر بالرعب لو حدث هذا، لا أريد لكِ المزيد من الألم، والصدمات، أنا حتى لا أعرف لو حدث والتقت أعيننا، كيف سأتمكن من مواجهتك؟

يكفي ما عانيتي معي منذ أن شاء القدر أن يدفعكِ للوقوف أمام مكتبي، لقد كانت هبة ثمينة ولقد أضعتها أنا بمنتهى البلاهة باختلالي.

 

لقد قرأت الكثير من المعجزات، والأساطير، وقصص الحب الخيالية التي لن تتواجد سوى بالكُتب والخرافات، بحثت كثيرًا بتلك الكُتب الفلسفية، وعرفت الكثير عن طُرق العذاب، ولكن لماذا لم يذكر أي من هؤلاء الأوغاد طريقة تُمكنني من أخذ كل تلك الآلام منك واستبدالها بالراحة؟

 

رؤيتك أمامي بحالتك المُزرية تلك لا تعني لي سوى الموت، من هذا الذي يستطيع مشاهدة روحه تُعذب؟

وأي جــ ـسد هذا الذي يُمكنه البقاء حيًا بلا روح؟

أنت تبدين حزينة، شاحبة، متألمة، وحتى هيئتك التي عهدتها لا تبدو كما السابق، كيف لشمس تنير الحياة أن تفقد سطوعها؟!

أنتِ لا زلتِ تُعذبين، ولا زلت أنا بالقرب أُشاهد كل ما يحدث وأنا كالشليل لا يستطيع فعل شيء سوى البُكاء والندم.

 

إذا فسدت الروح صغيرتي لن يصلح الجــسد للحياة.

وإن فسد العقل لن يتمكن الجــسد من المواصلة.

وأنا رجل أرى روحي يُعا نقها الذبول، روح هائمة مُعذبة بجانب جـ ـسد صاحبها الذي موعده الجحيم وآخرته العذاب الأبدي..

أنا عقلي فاسد بالفعل، الروح المثالية لن تُفيده في شيء، ولم يعد هناك ما يدفعني للمثابرة.

هل تبدين هكذا لأنني ما زلت حيًا؟!

أعرف أنك تستطيعين فعل الكثير، أنا لست مثلك، ربما الموت أولى بي، على الأقل سيُعذب جــسدي بالجحيم وروحي ستُعذب بشرودها على الأرض لبعض الوقت.

ولكن لا تقلقين واطمئني، إن قرأتِ يومًا هذه الكلمات فأريد أن أصارحكِ بكل شيء..

لقد حاولت روان، حاولت وأقسم أن رؤيتك يوم أمس جعلتني أود المحاولة من أجلك، من أجل ألا يضيع كل ما قمتِ بفعله هباء.. على الأقل ستقولين يومًا ما أن علاجي وتغيُري كان بسبب محاولتك التي نجحت بها.

 

عذرًا صغيرتي، لا أستطيع فعلها.. فلتغفري لي وهني وضعفي إن استطعتِ..

أعدك أنني سأحاول أن أفعلها ببراعة هذه المرة، ربما سيكون موتي بمثابة الحياة لكِ..

ولتعلمين أن بالرغم من كل ما حدث، أنا كنت ومازلت أعشقكِ وسأظل أفعل إلى أن تفنى الأرض ومن عليها.. فأنا على يقين أن العشق لا ينتهي بالموت..

ربما لو شردت الروح بعد فناء الجـ ـســد قد تسكن جـ ـسدًا آخر يبقى ملاذها ومأمنها حتى أن يفنيان كلاهما معًا.

روحي هائمة بفعلي وبجريمتي، ولكنني أثق أن روحي المتمثلة بكِ تستحق الأفضل، كوني رحيمة بها، فلتُبقيها آمنة ولا تُعطيها إلا لمن يستحق، ربما ستأمن روحي معكِ، وستجد الراحة بعد ضلال عقلي وجـ ـسدي الفاني.  

وإن شاء القدر ومنّ علي بصدفة جديدة معكِ وأنتِ تمرين من أمام لحدي، فلتتذكري أنني كنت أعشقك حتى النهاية، عشقي لكِ ليس له حدود، فلتؤمني أنه كان يليق بكِ، ولكن عقلي ونفسي الفاسدان لا يليقان لصغيرتي المثالية..  

 

فاقد الروح

عمر.

 

 جففت دموعها اللعينة التي خانتها وانهمرت بعد ما قرأته ومما فهمته أنه بالطبع لم يستطع فعلها، قد تكون هذه هي مرة من محاولات الانتحار التي كان يتحدث عنها أخيه، ولكن لقد تعلمت كيف تجد العذاب والألم في ضعف شخص، لقد علمها هو هذا..

 

نهضت وهي تنظر بشاشة هاتفها وأمسكت بدفتره وكادت أن تصيح به ولكنها وجدته تناول الصحن بأكمله وسقط في النوم بفعل هذا المنوم الذي وضعته له.

تركت دفتره جانبًا لتقوم بفتح الغرفة بهدوء وهي تشعر بالخشية لو كان يُزيف الأمر وسيُمسك بها ولكن بمجرد اقترابها منه وجدت أنفاسه منتظمة مثل كل مرة كان ينام بها بالسابق فوكزت كتفه فلم يستجب وفعلتها من جديد بينما لم تجد من أي استجابة تُذكر..

 

اقتربت لتخلـ ـع بنطا له وجذبته بعيدًا ثم بدلته بذلك البنطال الأبيض الذي أحضرته من ملابسه واستطاعت بعد القليل من الصعوبة أن تخلـ ـع عنه قميصه المنزلي لتبدله بقميص آخر أبيض اللون ليُجن عقله مثلما حدث لها بالسابق وتفقدته لوهلة وهي جالسة على ركبتيها بالقرب منه، ويـ ـديها ما زالت تحاول أن تخفض القميص للأ سفل، ومن ثم ازدادت الوهلة لتصبح لحظات، ومنها إلى دقائق وهي تتمعن بملامحه وكلما ازداد الوقت تخبطت أكثر بداخلها إلى أن همعت عسليتاها بدموع اندفعت منها بعفوية وكأنها تحبسها منذ زمن بعيد وقررت روحها فجأة أن تفيض بها.

 

لم تستطع أن توقف نفسها عن نشيج احتدم بقوة وهَمَت عيناها وهي فاقدة لقدرتها بالكامل على التحكم في الأمر حتى شعرت وكأن الهواء انعدم للأبد وشعرت بالألم يعتصر صـ ـدرها ورأسها لا يتكرر به سوى أسئلة كثيرة متلاحقة لا تجد إجابة عليها، لماذا فعل ذلك؟ وكيف استطاع أن يفعلها؟ وإن كان يعشقها لهذا الحد وتأكد من عشقها آلاف المرات كيف ساءت بينهما الأمور لتصل إلى هُنا؟ كيف يمكنها التخلص من هذا الألم؟ ومتى؟ وبأي طريقة يُمكنها أن تفعل؟

 

مالت في وهن لتجد رأسها على صـ ـدره وهي لا تستطيع التوقف ولا التنفس من شدة نحيبها لتتشبث به دون وعي منها ولم تشعر بنفسها وهي تهمس بتكرار هيستيري:

-       ليه عملت كده؟

--

بعد مرور ساعات..

نهض وهو يشعر بأن رأسه تؤلمه بقسوة شديدة ليتأوه وهو يُحركها ثم بدأ في النظر حوله ليجد كل شيء كما هو وهذا اللون اللعين يصيبه بمزيد من الاختناق ليحاول أن يُغلق عيناه مرة ثانية وهو يجذب القميص على وجهه ليتعجب من ذلك اللون الأبيض بملابسه فحاول النهوض بهدوء فهو لا يفهم ما الذي يحدث وقد ألحق الألم برأسه بهذه الطريقة وبمجرد تفقده لباب الغرفة وجده مفتوح.

 

لم يذهب على الفور وتردد لوهلة قبل أن يأخذ خطوات للخارج ولكنه فعلها في النهاية ليجدها جالسة على الفراش تعانق هرها وهي تقرب ركبتيها من صـ ـدرها ولمحته عندما خرج وقبل أن ينطق بحرف حدثته بهدوء ونبرة تمزقت بالحزن الشديد الذي لم يتضح قط على صوتها بمثل هذه الدرجة بالسابق:

-       اطلع وامشي، مش عايزة اشوفك تاني لغاية ما نتطلق.

 

لم يفهم ما الذي حدث ليجعلها تغير رأيها بشأن ما تفعله فسألها بعفوية:

-       ايه اللي حصل وخلاكي تـ

-       مش عايزة اسمع صوتك، اطلع برا.

 

قاطعته لتوقفه عن الكلام وفهم أنها لم تكن تنظر نحو قطها بل كانت شاردة تمامًا به ليحاول أن يُحدثها من جديد:

-       مش هاطلع غير لما افهم هـ

-       قلتلك مش عايزة اسمعك ولا اشوفك، اطلع برا.

 

أعادت كرتها من جديد ليتيقن مما سمعه، صوت هادئ، حزين، مليء بانهيار هائل لا يفهم ما سببه، هل فعل والده شيء بها؟

-       هو بابا عمل حاجة؟

 

أومأت بالإنكار وهي ما زالت شاردة لتُكرر مرة أخرى:

-       اطلع برا!

 

زفر بيأس وهو لا يفهم ما الذي حدث عندما سقط في النوم بغتةً، لقد كان يتناول هذا الأرز، وقامت بتبديل ملابسه، هل يعني هذا أنها وضعت له منوم ما بالطعام وهو لا يشعر أو دواء ما جعله يفقد وعيه؟

 

تفقدها بملامح نادمة ليتنهد بيأس ثم تكلم بهدوء وتوسل دُفن بين طيات حروفه التي لا تدل عليه:

-       مش هامشي غير لما نتكلم!

 



 يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة