-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 49 بالعامية

    رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

الفصل التاسع والأربعون

النسخة العامية



منذ أيام..

 

-       أنا عارف إيه اللي بيحصل، كسلي بيزيد ونومي كمان بيزيد ومفيش مجهود لأي حاجة، لا الشغل ولا الـ gym والأفكار السلبية بتزيد، حتى القراية ساعات بمل منها.. وفكرت تاني في الانتحار، والخيالات وشوية شوية الموضوع هيزيد زي بعد ما رجعت من امريكا السنة اللي فاتت..

-       طيب، نبدل الأدوية بحاجة فعالة أكتر ومناسبة، كمان حصل لخبطة كتير في الدوا الفترة اللي فاتت واحنا اتفقنا إن ده بياخد وقت.  

 

أومأ لها بالإنكار وابتسم باقتضاب وهو يزفر ورفض بهدوء:

-       أنا معنديش رفاهية الوقت بصراحة، وهاخد أدوية وهاكمل علاج أكيد بس محتاج حاجة أسرع من كده، أنا الفترة دي معايا قضايا كتير ولسه فيه قضايا أكتر، فلو مفوقتش للقضايا دي وكسبتها كلها مش هاعرف أطلق روان..

 

تريث لبرهة وهو بداخله لا يُصدق أنه سينطق بهذا صراحةً:

-       أنا قريت كتير عن الـ ECT، وشوفت ناس بتتكلم عن تجربتها، عارف إنها بتنظم إيقاع المخ ومش خطيرة يعني غير في موضوع إني ممكن أنسى ده، فاهم إن الجلسات بتاخد وقت بس ممكن أخلصهم مثلًا في أقل من شهر، وأنا مستعد أخد الجلسات كلها معنديش مُشكلة.. بيبقوا 8 مش كده؟ لو تلاتة في الأسبوع هقدر أخلصهم في تلت أسابيع تقريبًا!

 

تفاجأت بقوله لا تُنكر هذا ولكنها حاولت السيطرة على ملامحها واجابته:

-       على حسب أنت محتاج كام جلسة، ممكن نجرب 6 الأول لو أنت عايز ده، مع إني شايفة إن الدوا بيجيب نتيجة. وعلى حسب اللي هيحصل بعد أول جلسة.

 

ابتسم بسخرية وعقب قائلًا:

-       ما هو بيجيب نتيجة من غير ضغوط، وأنا استحالة حياتي تبقا هادية في الفترة دي، فعشان ننجز ونختصر يعني، أنا خلصت دول وممكن اعيدهم تاني مفيش مُشكلة.

 

أخرج مظروف ورقي من جانبه ناولها إياه يحتوي على فحص شامل لجـ ـسده ونتائج اختبارات دم، وفحوصات للغدد، وفحص آخر لمخطط كهربائي للقلب وخصوصًا بعد تعرضه لتلك الأزمة منذ حوالي ثلاثة شهور، أشعة مقطعية على الرأس والمخ ونتائج لضغط الدماء بشكل دوري لمدة أسبوع ووظائف للكبد والكلى، يعتقد أن كل هذا سيكون كافيًا لها ألا تُطيل الوقت عليه لتُعطيه ردها.

 

اعطى لها الفرصة لتتفقد كل هذا ثم تكلم بنبرة آمرة نوعًا ما:

-       كده كل حاجة جاهزة، أكديلي إذا كنت أقدر أعمل ده قريب ولا لأ وقوليلي أوقف أدوية إيه! الأسبوع الجاي، الحد أو الاتنين مثلًا، يكون تمام مش كده؟ هبقا وقفت أدوية معينة وكمان فرصة أخلص جلسة مهمة.

 

تفقدته "مريم" بعينيها وسألته:

-       أنت عارف إن هيكون فيه تخدير وإن ممكن ميجبش نتيجة بسرعة و

-       أنا عارف كل ده، التعب شوية بعدها، الأعراض اللي ممكن تحصل، النسيان المؤقت، والتوهان والتشويش وشوية صُداع، بس مش آخر الدنيا يعني، فملوش لازمة نعيد الكلام، عندك اقتراح لمستشفى معينة؟  

 

قاطعها بتصميم على ما يُريد فعله دون أن يتركها تتابع ولن يخسر أبدًا بنقاش معها فهذه هي رغبته وعليها أن تنصاع لهذا الحل الذي لا يجد أسرع منه وطالعها متفحصًا في انتظار أن تؤكد له الأمر لتجده فجأة يُغير مجرى الحديث دون أن ينتظر اجابتها وسألها:

-       هي روان بتجيلك ومتابعة العلاج ولا لأ؟ أنا مش عايز اعرف تفاصيل، أنا عايز اطمن إنها كويسة!

 

تعرف أن هذا ضد مهنتها بشكل كبير ولكنها بدأت الانزعاج الحقيقي من كُثرة سؤال كلاهما على أحوال بعضهما البعض وتظن أنها قريبًا ستنسى دورها كأخصائية نفسية وستبدأ بالصراخ بوجهيهما فمهنتها ليست هاتف ومرسال بينهما!

--

عودة للوقت الحالي..

 

تفقدت ملامحه باستغراب لتتساءل وهي تتلعثم بكلماتها:

-       ثانية معلش، علاقة الجلسات دي إيه بطلاقنا، عايز تطلقني فتكهرب نفسك؟

 

انطلقت منه زفرة بنفاذ صبر وهو لا يُصدق أنه سيُعيد الأمر بأكمله فأجابها موضحًا:

-       حل سريع عشان أخلص من الاكتئاب بدل ما اقضيها نوم وكسل، وعشان أعرف أطلقك لازم ابقا كويس، المفروض يعني إن الجلسات مع الدوا هيبقى أسرع بكتير.. وأظن الكهربا مش مصيبة يعني، عايزة تفهميني إن مامتك يوم ما تعبت مخادتش صدمات كهربا!

 

طالعته بحيرة وهي لا تعرف كيف عليها أن ترفض الأمر ليُردف بضيق:

-       وممكن متجيبش نتيجة خالص.

 

حسنًا هذا الوغد لا يستحق ولكنها شعرت بالشفقة، ستُعطي له هذه الأوراق لو سأل عنها، فقط لو كان سيُطلقها..

 

هزت رأسها بالموافقة وتناولت الملف لتخبره باقتضاب:

-       أوك، هبقا اديهوملك وافكرك.

-       تمام.

 

نهض ليُغادر فتابعته بعينيها لتوقفه مُتسائلة:

-       هو أنت هتعمل الـ sessions دي امتى؟ والساعة كام؟

 

التفت نحوها وهو يُخرج هاتفه من جيبه ثم رفض الاتصال واجابها:

-       هبدأ النهاردة بليل، على 8 كده.  

 

همهمت بتفهم وعقبت باقتضاب:

-       أوك.

 

التفت من جديد ليغادر فأوقفته بهتاف متسائلة:

-       هو أنت فيه حد هيروح معاك؟

 

نظر نحوها وعاد الهاتف لاهتزازه من جديد ليرفض الاتصال للمرة الثالثة فأومأ بالإنكار ولم يقل شيئًا وكاد أن يُتابع طريقه فأوقفته مجددًا:

-       يعني مفيش حد هيوصلك؟

-       محمود هيوصلني.

 

همهمت مرة ثانية بعد أن أجابها ليجد هاتفه للمرة الثالثة يستقبل نفس الاتصال ليلعن إلحاحها المستمر وأجاب:

-       ثواني عشان مشغول.

 

تفقدت الهاتف بلمحة سريعة بعد أن قام بتفعيل كتم الصوت وتكلمت مستفسرة من جديد:

-       هي مريم عارفة؟

 

هز رأسه بالموافقة فتفقدته بشتات لحظي ولكن بالطبع ستهاتفها وسوف تستفسر عن كل المعلومات منها ليسألها هو هذه المرة:

-       فيه حاجة تانية عايزة تعرفيها؟

 

أومأت بالنفي ليلتفت مغادرًا إياها واستمعت له وهو يستكمل مكالمته قائلًا:

-       اتأخرت شوية، طلعتلي حاجة مكونتش اعرف إنها هتاخد الوقت ده كله، بس خلاص أنا في الطريق.  

--

بعد قليل..

تفقدته بنظراتٍ مغتاظة وهو يقبل تجاهها ومن ثم حدقت بساعة يـ ـدها لتخبره بمجرد جلوسه:

-       الناس مبتتأخرش ساعة ونص على مواعيدها.

 

نظر إليها بمنتهى التلقائية وكأنه لم يتأخر على الإطلاق ورد ببروده المعهود:

-       محكمة وبعدين مشاوير مهمة، أنتِ اللي صممتي نتقابل النهاردة.

 

تنهدت بعمق واستندت بطرف ذقنها على يـ ـدها لتتحدث باستهجان:

-       مش فاهمة أنت ازاي مصمم إنك مبتغلطش في أي حاجة!

 

هز رأسه بإنكار ولم يُرد أن يجادلها فلقد بدأ التعود على طريقتها الغريبة المجادلة بكل شيء، نوعًا ما قد بات لديه خبرة جيدة مع هذا النوع من النساء الآن بعد أن تزوج بأكثرهن مجادلة على الإطلاق!

 

-       عمومًا حصل خير، ده أنا ما صدقت عمر الجندي يكسر الروتين ونخرج في يوم، مجهود برضو اننا بقينا أصحاب، من غير gym ومن غير ما يبقا عنده مليون حاجة تشغله، بص بقا، أنا جيت هنا مليون مرة من كتر ما بحب المكان، الأكل هنا عندهم تحفة ويا ريت متكونش اتغديت، أنا جربت كذا حاجة، الـ

-       ثانية بس.

 

قاطعها قبل أن تواصل حديثها الذي لا يتوقف ثم تابع:

-       أنا أكلت بدري النهاردة.

 

قلبت عيناها بإرهاق وسرعان ما تناولت قائمة الطعام لتغمغم:

-       أنا غلطانة إني استنيتك، المفروض كنت اتغديت لوحدي.

-       أقوم امشي طيب؟

 

لمحته بطرف عينيها وهي تقوم باختيار ما ستتناوله ولم تجب سؤاله لتغمغم:

-       كُلكيعة كآبة!

 

زفر بحنق وهو لا يُعجبه على الإطلاق كلماتها الساخرة دائمًا وانتظر فضولها الذي لا يتوقف ليعد تنازليًا ولم يكمل حتى نصف ما يعده لتجدها تبتسم له وتسأله:

-       عملت إيه في القضية المهمة اللي كانت عندك؟

-       تمام.

 

انزعجت من إجاباته المقتضبة ثم حدثته بإطناب:

-       احنا كده كده أصحاب، وأنا واحدة ست، لما اسألك عملت إيه في حاجة مستنياك ترغي وتقول تفاصيل مش مجرد كلمة واحدة، فُك بقا شوية يا عمر، أنا بجد لسه مستغربة أنت ازاي بتتعامل مع الناس اللي حواليك، يعني مثلًا مراتك لما بتسألك عملت إيه في يومك، بتقولها تمام، بس كده؟ طيب وأختك لما بتقولك حاجة بترد عليها بكلمة واحدة، كلمة واحدة دي متنفعنيش، ارغي بقا قول عملت إيه في القضية، قولت إيه للقاضي؟ الحكم النهائي امتى؟ مين أصلًا القاضي ده واسمه إيه وتعرف إيه عنه؟

 

ابتسم باقتضاب وسألها:

-       مايا أنتِ مبتفصليش؟

 

أومأت له بالنفي وأجابته:

-       بفصل قبل ما أنام بعشر دقايق، الحياة قصيرة أوي إننا نضيعها في السكوت ده.. استنى..

 

اشارت للنادل وقامت بإبلاغه بطلبها ليبدو أنه يعرفها من كثرة ارتيادها لهذا المكان وعادت من جديد لتنظر له بحيويتها المعهودة وتحدثت كالعادة من تلقاء نفسها:

-       ها كُنا فين بقا، آه.. أنت ساكت زيادة عن اللزوم، مش فاهمة أنت محامي ازاي، أنا مفيش محامي عرفته في حياتي إلا وهو رغاي، أنت خلطة عجيبة اوي.

 

قلب شـ ـفتاه بتعجب وكرر مُشتقًا من كلماتها:

-       خلطة!

 

أومأت له بالموافقة ليواصل مُتعجبًا:

-       أنا مش فاهم ازاي أنتِ عيشتي برا، واضح القاعدة في مصر غيرتك.

 

رفعت حاجباها بمرح وهي تنظر له مُضيقة عيناها وعقبت بدلال:

-       معندكش فكرة، أنا مصرية أصيلة أكتر منك..

 

اعتدلت بجلستها ثم سألته بتركيز:

-       قولي بقا، إيه اللي هيخليك متجيش الـ gym الفترة الجاية؟

 

لا تنتظر أبدًا، ولا تنسى على الإطلاق، امرأة غريبة للغاية ولا تترك أي من التفاصيل لتمر مرور الكرام!

 

همهم مطولًا ثم أجابها متصنعًا التلقائية:

-       عندي قضايا كتير الفترة الجاية، كمان مشغول شوية في البيت.

تفحصته وهي تتناول رشفة من المياه أمامها ثم تحدثت بنبرة ذات مغزى وهي تحاول المزاح معه:

-       شايفة في عينيك كدب!

 

لم تتغير ملامحه فعلمت أنه لم يفهم المزحة لتحك مؤ خرة رأسها لتجلي حلقها وملامحها اعتلاها خيبة الأمل لعدم فهمه ما تُعنيه ولكن بابتسامة مُقتضبة وأردفت سائلة بأسئلتها التي لا تنتهي:

-       طيب إنك مشغول في شغلك دي مفهومة، ايه اللي في البيت بقا؟ وأصلًا ليه مش هتيجي؟ وبعدين أنت هتفضل كئيب كده على طول، ما تحاول في مرة تيجي تخرج معانا، بطل كآبة بقا شوية، احنا بنسافر وبنتقابل والـ group كله دايمًا مع بعض، معرفش ليه رفضت أصلًا إن كلنا نتقابل النهاردة، كنت تعالى أنت ومراتك، خايف من الحكومة ولا إيه؟!  بتغير عليك، قول إنها بتغير عليك!

 

ابتسم باقتضاب وهو يراها تبتسم بدلال واجابها بعد أن اماء بالنفي وتمنى لو أن "روان" هي ما تمنعه كما تظن هي:

-       مش الحكومة خالص، عندي شوية حاجات لازم أركز فيها الفترة الجاية، ويمكن لما أرجع الـ gym ممكن ابقا أخرج معاكم، أنا بس مش عايز دوشة النهاردة.  

 

همهمت وهي لا تبتاع ما قاله ولكنها قررت ألا تُصبح فضولية أكثر من هذا وآتى النادل ليضع الصحون أمامها ليُفاجئها بسؤاله:

-       أنتِ مرة قولتي إن أخوكي كان bipolar وأنتِ كنتي قاعدة معاه فترة كبيرة، هو جرب ect قبل كده؟

 

همهمت وهي تبتلع طعامها ثم أجابته:

-       اه جربها.

-       وجابت نتيجة؟

 

أماءت له بالموافقة وأخبرته:

-       في فترة كان بيحتاجها أوي خصوصًا لما بابا مات.

 

لوهلة كلماتها شجعته أن قراره كان صائبًا ولكنها لن تترك أمرًا أن يمر عليها مرور الكرام دون فضولها الشديد:

-       بتسأل ليه، فيه حد تعرفه عايز يجرب الـ ect؟

 

قلب شـ ـفتاه ثم أجابها:

-       لا عادي، مجرد سؤال.

 

ضيقت عيناها بتفحص نحوه لتتناول المزيد ثم تركت الشوكة بجانب طبقها لتخبره سائلة:

-       أنت أصلًا بتتكلم بالقطارة، فما دام بتسأل يبقا الموضوع مهم جدًا بالنسبالك، يا إما حد تعرفه ومهتم بيه اوي عشان كده بتسألني، ويا إما بتسأل لنفسك، مين بقا؟

 

زفر بضيق ولم يُجبها وتصنع أنه لا يكترث بالأمر فواصلت بتصنعها للتلقائية هي الأخرى وكأنها لا ترتاب بأمره:

-       الـ ect (جلسات إيقاع المخ) ده لما بتبقا كل الأدوية مش نافعة، بيجيب نتيجة حلوة مع ناس كتير، بالذات لو فيه depression (اكتئاب) أو mania (هوس) في مرحلة صعبة، ده بالنسبة للـ bipolar يعني.. أخويا جربها سواء هنا أو في Ireland ونتيجتها كانت كويسة.

 

تفقدها بتفهم وتصنع عدم اهتمامه الشديد ولكنها بدأت باليقين بأنه يُعاني من الأمر ليسألها:

-       والـ side effects (اثار جانبية) بعده بتبقا صعبة ولا سهلة؟

 

همهمت وشردت بتفكير لوهلة ثم نظرت بصحنها وأكملت تناولها للطعام واجابته بتلقائية دون أن تجعله يشعر بارتيابها وظنها:

-       هي بتختلف أكيد من شخص للتاني مش كله زي بعضه، فيه ناس بتنسى وكام ساعة وتفتكر وناس تحـ ـس إن عضلات جـ ـسمها بتوجعها، صداع ممكن، وعشان التخدير كمان، زيه زي أي حد اتخدر لأي عملية.. بس بتبقا سهلة لو فيه حد جنبك.

 

سلطت عيناها عليه بينما ادعى هو الاستغراب وسألها:

-       وليه بتقولي جنبي؟ أنا بسأل عادي مش أكتر!

 

قلبت عيناها وزفرت باستهجان لتغمغم بالإنجليزية:

-       Spanner (لفظ دارج بالإنجليزية يُستخدم في ايرلندا ومعناه أبله أو غبي)

 

امتعضت ملامحها لتندفع بالحديث وأردفت:

-       مبتتكلمش كتير، دايمًا مش عايز تتعامل مع ناس متعرفهاش، بتقول إنك هتكون مشغول الفترة الجاية، وبتسألني على ect، وشوفتك بتاخد أدوية قبل كده.. أنا مش غبية وباخد بالي من كل حاجة، أنا مسميني رويترز، أنا شاكة أصلًا من بدري، أنت bipolar يا عمر، ودي حاجة عادية مش محتاج تخبيها يعني، وكمان فاهمة إن عندك اكتئاب!

 

تنهدت وهي تنظر له باهتمام وأخبرته بتفهم:

-       بلاش أول مرة تكون لوحدك، أنت محتاج حد جنبك، الموضوع سهل مش صعب وميخوفش وفيه ناس عايشين على الجلسات دي، بس الاحسن يكون حد معاك، احنا مكوناش بنسيب دارا لوحده أبدًا وكنا دايمًا جنبه، أنا و شيڤان وماما وآن مكوناش بنسيبه، أنت هتكون كويس متقلقش، أنت واضح إنك بتحاول تحافظ على علاجك والرياضة وده لوحده كويس جدًا.. وبعدين أصلًا أنت عصبتني، ما أنا اهو قدامك، ليه مفهمتنيش من الأول ولا افتكرتني هبني عنك يعني فكرة مش كويسة!

 

ارتبك من قولها نوعًا ما ولم يجد كلمات ليضيفها وحاول أن يتهرب عن النظر إليها فربما قد حان الوقت ليكتسب صديق وحتى لو كانت رائعة الجمال، على الأقل إن لم يُعجبه ثرثرتها سيُعجبه كيف تبدو، وقد تساعد نوعًا ما في إلهاء عقله بثرثرتها عن التفكير بأفعاله الشنيعة!


دام الصمت لبُرهة وبعد لحظات وجدها تسأله بتلقائية:

-       أنت رايح مُستشفى ايه؟

 --

 

مساءًا، في نفس اليوم..

جلست بسيارتها التي صفتها بواحدة من محطات الوقود وهي تطرق بأظافرها على عجلة القيادة وفكرت بكل ما أخبرتها "مريم" به عن تلك الأعراض بعدها وضرورة دعم أي شخص له وشعرت أنها في ورطة، شيء ما يدفعها للذهاب له، وكل سُبل العقل والمنطق تخبرها بألا تفعل، أو من المفترض أن تفعل، لا تعرف.

 

توجهت للخارج وهي مُشتتة ثم قامت بابتياع القهوة وعلبة كاملة من السجائر وقداحة واتجهت لتجلس على احدى المقاعد وهي تُفكر بالأمر لترتشف من القهوة بعد أن أشعلت لفافة تبغ راقها نكهتها ليزداد توترها ونفخت بعمق ورأت كيف يتحرك إبهامها الذي يطرق فوق تلك المنضدة دون توقف لتلعن نفسها وهي تنهض وتتحدث بهاتفها:

-       محمود، المستشفى دي فين؟ 




تابع قراءة الفصل