-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 50 بالعامية

     رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

الفصل الخمسون

النسخة العامية




ترك شوكته جانبًا ثم نهض ليبصق بقايا الطعام، لقد سأم هذا الألم المزعج بفكيه، وتلقائيًا نهض ليعيد كل شيء لمكانه وهو يقوم بترتيب أدوات المائدة ويتخلص من بقايا الطعام ثم غسل كل ما استخدمه ورأسه مشوشًا ببشاعة، كيف يرى نفسه مع كل تلك النساء؟ هل مارس كل هذا حقًا؟ وأين تلك الغرفة التي تحتوي على كل تلك الأدوات؟ هو يملك حصان، لقد كان اسمه "برق" وقام بشرائه بعد بحث طويل، أين هذا الحصان؟!

 

لقد جرب مرة أن يقرأ عن علم الفلك ولم يؤمن به ولم يستسغ أي منه، ولكن هو ينتسب لبرج الميزان على ما يتذكر، متى يوم ميلاد زو جته؟ النساء تكترثن بتلك الحماقات، عليه أن يتذكر بسرعة، ما الذي تشاجر به معها؟ تبًا، لقد كانت رائعة بالفر اش! كيف يغضب من امرأة مثلها؟ ما الذي حدث بينهما لذلك كانت بعيدة بمكان ما؟ وأين حصانه؟!

 

-       أنت كويس؟

 

التفت نحوها فرأها تنظر لموضع الطعام واماء لها بالموافقة فسألته متعجبة:

-       خلصت أكلك كده بسرعة؟

 

أشار لفكيه حيث وجهه وهو ينظر لها بتشتت واضح على ملامحه وتكلم باقتضاب:

-       سبتلك أكلك.

 

انزعجت ملامحه بغضب لعدم مقدرته على التحدث ففهمت ما يمر به وتذكرت ما أخبرتها به "مريم" لتتصرف بناء على ما تعرفه وأخبرته:

-       متتكلمش طيب، المفروض مكونتش تاكل كده بسرعة، أنا هاعملك حاجة تشربها.

 

اتجهت وتفقدت محتويات المطبخ لتجد أي نوع من الأعشاب فهي لا تود أن مع الكافيين ليتابعها ثم تثاءب لا يدري لماذا وشعر بالعطش الشديد فتوجه من تلقاء نفسه وقام بشرب المياه فتابعته بطرف عينيها لتجده يقترب منها وسألها بحرص والحزن يتضح على ملامحه:

-       هو برق فين؟ هو مات وأنتِ مش عايزة تقوليلي؟

 

تفقدته بعينيها وأومأت سريعًا بالنفي وأدركت أن كل ما ظنت أنها ستملكه يومًا ما من أجل أن تجعله يشعر بالقهر أصبح لا يُفيد، ليس بمهم، الأمر يثير الشفقة وهي ترى رجل ظن أنه يتحكم بحياته بأكملها ولكن في النهاية يقف أمامها بالكاد يعرف من هو!

-       برق كويس، هنروح نشوفه.

 

حاولت أن تجبر ابتسامة على ملامحها لتجده يطمئن نوعًا ما ولكن ملامحه يبدو عليها الحُزن فحاولت الهروب بسكب تلك المياه المغلية فوق حقيبة الأعشاب وناولته الكوب لتتسع مُقلتيها بعد أن أدركت أنه لا يملك أي ملابس وليس هناك ما يدل على حياته في هذا المنزل وهي لا تستطيع أن تتعامل من جديد بمفردها مع أي صدمة جديدة قد تحدث له في هذه الأثناء ليسألها بحرص:

-       مالك؟ فيه إيه؟

 

لعنت بداخلها استطاعته على فهمها من مجرد ملامح وجهها لتحدثه قائلة:

-       مفيش، نسيت ورق مهم في المكتب بس أكيد علا هتشيله.. تعالى نشوف برق.

 

أمسك بكوبه وهما بطريقهما للخارج وحاولت أن تتصرف بسرعة ولا تدري من الذي سيحضر لها هذه الملابس فأوقفته وهي تضع الكوب جانبًا:

-       استنى يا عمر.

 

اقتربت منه لينظر لها بشتات ليجدها تخلع سترته فلم يمنعها واتجهت لتحضر ذلك الشرشف الصوفي لتضعه فوق منكبيه وأخبرته وهي تحاول أن تلتزم الهدوء:

-       الجو برا برد، لازم تلبس حاجة تقيلة شوية.

 

ذهبت لتحضر هاتفها من جانب الطعام لكي تجد حل بكل هذا حتى تنتهي هذه الليلة دون أن يحدث له شيء ووضعته بمعطفها وعادت من جديد لتبتسم له وحدثته وهي تحمل الكوب وتستعد للذهاب للخارج:

-       يالا بينا نروح لبرق.

 

رأت على ملامحه المزيد من الشتات ونظرة تُفيد بأنه تذكر هذا الأمر وكأنه كان لا يدري لماذا يقفان هنا ولكنه استجاب للذهاب وهو يرافقها وناولته الكوب فأخذ رشفة منه ورآها تقوم بفتح هذا الباب الكبير الكترونيًا من احدى الجوانب فتابع ما تفعله لتعود له لمحات عديدة من وقوفه بهذا المكان بالسابق وأنارت بعض الأضواء وبمجرد رؤية جـ ـسده الأسود اللامع ابتسم وتهللت ملامحه ثم ترك الكوب جانبًا واتجه نحوه بسرعة.

 

اقترب ليُمرر يـ ـده عليه فتابعته بعينيها ثم أخرجت هاتفها بسرعة لتبتعد عنه قليلًا وهي تهمس لكي لا يستمع لها ولكنها لم تتوقف عن متابعته:

-       اسمع يا محمود، أنا سايبة باب البيت عندي مفتوح، ادخل هتلاقي الجاكيت بتاع عمر، خد منه المفتاح وروح بسرعة هات شوية هدوم من البيت بتاعه وسيبهالي فوق في اوضة الهدوم بتاعتي، حط للكلاب أكل وتابعهم بس متسيبهومش يخرجوا من البيت.. متتأخرش على قد ما تقدر. وأقفل باب البيت عندي بعد ما تخرج.

 

أنهت مكالمتها وأخذت تتابعه وهي لم تحبذ يومًا الاقتراب من هذا الكائن ولكنها شعرت بالذهول من صمت كلاهما واستجابة "برق" له بمنتهى السلاسة لتختلط مشاعرها بداخلها، هي تشعر بالشفقة عليه وفي نفس الوقت كانت على يقين أنه تألم بمجرد حصولها على هذا الحصان!

 

زفرت بإرهاق وعقدت ذراعيها وهي تتابعهما لوقت قليل ودنت من كلاهما على حذر لتقوم برفع هذا الشرشف بعد أن سقط منه أرضًا وابتعدت من جديد لتراقب ما يفعله لتفزع عندما وجدته يقوم بإحضار السرج وهي لن تسمح له على الاطلاق بركوبه الآن فاتجهت نحوه وهي تحترس من موضع "برق" وسألته:

-       عمر أنت بتعمل إيه؟

 

اجابها وهو ينهمك بتحضير السرج واللجام واجابها:

-       انا بقالي كتير مركبتوش، أنا فاكر اول مرة جيتي فيها هنا ركبتيه معايا..  

 

اقتربت منه لتُمسك بيـ ـديه وأخبرته بهدوء:

-       ممكن الصبح نيجي هنا سوا ونبقا نركبه، بلاش دلوقتي عشان تعبانة، وأنت كمان تعبان، مش كده؟!

 

تفقدها بشتات ليهز رأسه بالموافقة في النهاية لتبتسم له ثم تناولت السرج من بين يـ ـديه ووضعته بمكانه والتفتت له لتقول:

-       تعالى نقعد برا شوية وبعدين ندخل البيت عشان احنا صاحيين من الصبح بدري.

 

لاحقها بالمزيد من تلك النظرات المُشتتة ولكن ملامحه كانت خالية من أي رفض لكلماتها فاتجه من جديد نحو "برق" وأول مرة في حياتها تجده يعا نقه لتتجمد بمكانها وهي تراه يفعل هذا وأدركت أن عند طلاقهما عليها أن تُعيد هذا الحصان له وإما سيفقد عقله حرفيًا دونه!

 

عاد من تلقاء نفسه نحوها فاتجه كلاهما للخارج وناولته الكوب وأخبرته:

-       اشرب شوية قبل ما يبرد.

 

استجاب لكلماتها واستمر في تناوله من هذا الكوب حتى أنهاه ووقفت أمامه وهي تضع عليه الشرشف مرة ثانية فأمسك به بعد أن شعر ببرودة الجو حوله ودفعته دون أن يُلاحظ حيث المسبح لكي لا يُلاحظ دخول وخروج "محمود" بينما وجدت صمته يستمر وعيناه شاردتان لتحاول تسليط تركيزها من على مسافة عندما انطفأت الأضواء بمنزله وأخذت منتظرة حتى يمر الوقت بهدوء وبعدها بدقائق سألته بعد أن جلس كلاهما فوق واحد من الأسرة الشمسية:

-       بتفكر في إيه؟

 

همهم واستغرق في التفكير للحظات ليجيبها في النهاية:

-       كل حاجة داخلة في بعض، زي ما يكون كتاب كبير اوي جواه كتب تانية والصفحات ورا بعض من غير ترتيب، يعني صفحتين من كتاب وراهم تلت صفحات من كتاب تاني وبعدها كتاب تالت مفيش منه غير صفحة.. جـ ـسمي كله بيوجعني وعندي صداع وعايز ارجع، حاسس إن مخنوق ومتضايق بس مش عارف إيه السبب.

 

وجدته يتحدث دون أن ينظر لها وهو يترك الكوب الفارغ أرضًا لتتنهد وهي تجبر نفسها على فعل ما ستفعله فيبدو أنها الوحيدة في حياته بأكملها من ستستطيع أن تُساعده في هذا وعليها أن تنتهج نفس النهج الذي اتبعته بالماضي عندما كان في غيبوبة، عليها أن تؤجل مشاعرها بأكملها إلى أن ينتهي من هذه الجلسات فاقتربت منه وهي تحيط ذر اعه بسا عدها واستندت برأسها فوقه ولكن بحرص لتألمه الذي لابد من أنه لم يتوقف بعد وحدثته بهدوء:

-       كل ده الصبح مش هيبقا موجود، هتبقا أحسن، هتفتكر كل حاجة، وبعدين أنت وافقت تعمل كل ده عشان النتيجة بتبقا بسرعة، وعشان أنت حد كويس وقوي وفاهم إن دي طريقة تتعالج بيها ومجربتهاش فحبيت تجربها، متقلقش، أنا هابقى معاك وهفكرك بكل اللي أنت ناسيه، بس لازم تدي لنفسك فُرصة الأول ومتضغطش على نفسك.. واحدة واحدة كل حاجة هتبقا أحسن.

 

التفت نحوها وهو يتفقدها بشتات وسألها بتلقائية:

-       طيب احنا زعلانين من بعض ليه؟ إيه اللي حصل؟

 

لقد كانت "مريم" واضحة للغاية في ألا تُذكره بأي أمر سلبي والمتوقع أنه سيتذكر من تلقاء نفسه، وحتى لو لم يكن ناسيًا لكل ما حدث بينهما، بم ستخبره؟ أنه عذبها حتى ظنت أنها ستموت أو ستفقد عقلها إن لم تكن فقدته بالفعل؟

 

ترددت وهي تنتقي إجابتها الرمادية التي لن تُعطيه إجابة فعلية:

-       احنا في أول الجواز مكوناش متفاهمين اوي، فاتطلقنا، ورجعنا لبعض من أربع شهور، مفيش زعل ما بينا خلاص.

 

نهضت قبل أن يخبرها بشيء آخر ويأتي بسؤال ما لا تستطيع أن تجد له إجابة بفعل ملامحه الدالة على المزيد من علامات الاستفهام ورفضه لما قالته وبادرت سريعًا:

-       يالا نقوم ندخل جوا، الجو برد أوي.

 

تبعها لتطمئن في النهاية عندما وجدت الباب مُغلق وهذا معناه أن "محمود" انتهى من الأمر وتمنت لو أنه ينسى أسئلته وعقله لا يتوقف عن البحث عن تلك القطع المفقودة من حياته على الأقل لليلة واتجها للداخل لتجد "تايني" يتابعهما من على مسافة فذهبت لتحمله وعادت له ثم أخبرته:

-       ده tiny، أنت جبتهولي بعد ما رجعنا لبعض.

 

ناولته إياه ليحمله ولاطفه بتلقائية ثم حدق به وابتسم لينظر لها قائلًا:

-       شبهك.

 

ابتسمت باقتضاب وتأكدت أنه ما زال نفس الشخص الذي يُشبهها بالقطط لتزفر ثم حملته منه ومازحته قائلة:

-       أنا أحلى منه على فكرة.

 

اقترب منها وهو يبعد خصلاتها خلف أذنها واماء بالموافقة ليقول بيقين وهو يتفقد ملامحها:

-       حا سس إنك أحلى سـ ـت شوفتها في حياتي.

 

ضيقت عيناها واتسعت ابتسامتها لتخبره:

-       لأ أنت متأكد مش حا سس بس.

 

عقد حاجباه ثم تكلم بنبرة مستغرقة في التفكير:

-       أنا افتكرت حاجات كتيرة اوي حصلت ما بينا. هي كلها مش كاملة، بس كلها حلوة.

 

تفقدته باستفهام لتسأله باقتضاب:

-       زي إيه؟

 

رفع حاجباه بتلاعب وأجابها باختصار قدر المستطاع حيث أن قدرته على التحدث وتحريك فمه ما زال لم يستعدها بالكامل بعد:

-       حاجات كتير، جزء من فرحنا، ومرة كنا مسافرين بس مش فاكر فين، وبيت غريب كده صُغير وحواليه تلج، وأغلب اللي فاكره كنتي دايمًا من غير هد وم تقريبًا، وكنا بنخرج نتعشا سوا..

 

همهم وهو يحاول أن يفتش بعقله عن المزيد بينما اندهشت من كلماته وهي تستغرب بعد ما مر به واثناء حالته هذه هل كل ما تذكره هو تلك الأوقات وهما يما رسان الجـ ـنس؟ ألم يتذكر أي شيء آخر على الإطلاق؟! يبدو أن تلك الجلسات لن تُنسيه كيف كان بارعًا معها! وبكل ما تملكه من قوة لن تسمح له أن يقترب منها على الاطلاق حتى ولو بحالته تلك!

-       افتكرتني أنا بس؟

 

اماء بالنفي وانطلقت الكلمات منه دون أن يُفكر مُسبقًا بكلماته:

-       افتكرت كذا واحدة تانية، يا إما كنت بخونك يا إما قبل ما اعرفك..

 

لا تُصدق حقًا أنها تمر بهذا الحديث معه بهذه الطريقة وبمثل هذه التفاصيل، ليتها لم تُفكر أبدًا بتقديم تلك الأوراق واتخاذ إجراء قانوني ضده، ليتها تركته ليخرج من حياتها في هدوء، لم تتمن أكثر من رؤية "يزيد الجندي" يُعذب أمامها على فعلته بإجبارهما على الزو اج مرة أخرى!

 

-       متقلقش، كان قبل ما تعرفني.

 

التفتت وهي تصعد الدرج وضـ ـمت "تايني" أكثر إليها فتبعها ونادى مُتسائلًا:

-       وليه متأكدة أوي كده؟

 

اجابته بطريقها وهي تستعيد تفاصيل لن تنساها أبدًا:

-       لأن طول جوازنا عمرك ما سبتني غير أيام قُليلة وأنا كنت دايمًا معاك.

 

وقفت بغرفتها لتترك هرها أرضًا بجانب فراشه ثم التفتت له لتخبره:

-       غير هدو مك عشان ننام.

 

تصنعت التلقائية ليتبعها وهي تتجه لغرفة الملابس المُلحقة بغرفتها وأضاءت الأنوار لتطمئن من وجود ملابسه التي أحضرها سائقه فشعرت بخطواته خلـ ـفها لتزفر براحة وتصرفت بعفوية وهي تخـ ـلع معطفها لتقوم بوضعه جانبًا وتناولت هاتفها منه ليباغتها بسؤاله:

-       هو ليه الأرض هنا لونها أبيض مش زي باقي الأوضة؟

 

اتسعت عيناها بخوف فهي لا تريد أن تُذكره بهذا اليوم حيث قامت باحتجازه وترددت قبل أن تلتفت له وتجيبه:

-       عشان كنا مستعجلين نستلم البيت من المهندس بعد ما جددناه واخدناه بشوية حاجات مكملتش، وحتى أنت ملحقتش تجيب كل حاجتك من بيتنا التاني، بص، أغلب حاجتي هنا إنما أنت كنت مشغول في القضايا والشغل و

-       أنا عملت إيه في قضية فيروز عبد الحي؟

 

قاطعها ولا يدري من أين تذكر هذا واضطربت ملامحه فحدثته بما تعرفه بابتسامة:

-       كسبتها، متقلقش.

 

ابتلعت وهي لا تدري ماذا عليها فعله معه فهي لا تريد بداية أي تمهيد للمـ ـسة منه بحميمية بعد ما قاله منذ قليل فأخبرته بعد لحظات من التفكير:

-       يالا غير هدومك وأنا هجبلك مُسكن عشان الصداع.

--

-       محمود، معلش عارفة إن الوقت اتأخر، بس عايزاك تروح الشركة عندي وقول للأمن إن أنا اللي بعتاك وهبعتلهم رسالة إنك تطلع مكتبي عادي، فيه ملف لونه أزرق في أول درج في مكتبي مهم جدًا، عايزاك تجبهولي ولما تيجي مترنش الجرس ابعتلي رسالة وأنا هنزل اخده منك.. لا متشكرة، مش عايزة حاجة تانية..

 

أنهت مكالمتها معه وقامت بإرسال رسالة لمدير الأمن وترددت قليلًا قبل اتخاذها لهذا القرار الذي قد تأخذه في خلال ثواني، ولكن من سيكون معه بهذه الأيام؟ لا تدري هل تندم على أنها من أرادته أن يلجأ للعلاج منذ البداية أم تندم أنها رأته وعرفته وتزو جت منه دون أن تعرف عنه كل شيء؟!

 

زفرت بعمق وابهامها يرتجف وهي تشرد بهذه المحادثة بينها وبين "علا" وبعد حيرة دامت لدقيقتين فكرت خلالهما بأن "عُدي" وحده قد يذكره بالكراهية الشديدة وكذلك ستفعل والدته، و بالنسبة لـ "عنود" فهي لن تترك خمسة أسابيع لتمر دون أن تذهب لجامعتها وسينتهي به الأمر بمفرده، ووالده لو علم بما يمر به، حسنًا، سيوقفه عن المتابعة وسيتهمها بأنها من تفسد عقله، لا تدري هل هي ممتنة أنها أحرزت نجاح معه في النهاية، أم أنها مسئولية عليها أن تتحملها، تريد البكاء، ولكن لو فعلت ستنهار، وستتركه بالأعلى وحده، هل هذه هي النهاية لكل شيء؟!

 

-       علا اجليلي كل حاجة شهر، اتصرفي لغاية ما اجي تاني!

 

أخذت قرارها بعد أن أرسلت برسالتها الصوتية ثم حاولت الثبات لكي لا تبكي وأمسكت بالمياه والمُسكن الذي سُمح له بتناوله من قبل الأطباء فهو ليس له اثار جانبية ستؤثر على حالته وعادت للغرفة من جديد لتجده جالس على الفراش في صمت بعد أن بدل ملابسه ويُلاعب قطها فناولته قرصين وكوب مياه ووضعت الزجاجة جانبًا ولم تجد منه أي اعتراض تجاه تناوله وكأنه بات يستجيب كالطفل لكل ما تريده هي لتتخبط من جديد بداخلها فحاولت الهروب منه مرة ثانية:

-       هاروح بس أغير.

 

هز رأسه لها ولاحظت أضواء الغرفة تنطفأ بمجرد دخولها لغرفة الملابس فوقفت بركن بعيد عن الباب وهي تبدل ملا بسها حتى لا يراها وعادت من جديد بعد أن أغلقت الأنوار لتتنهد وترددت قبل أن تأخذ أي خطوة سواء تجاهه أو لخارج الغرفة لتجده يُناديها:

-       روان. 




تابع قراءة الفصل