-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 52 بالعامية

   رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

الفصل الثاني والخمسون

النسخة العامية



بعد مرور أسبوعان..

"... لا يوجد ألم أقسى من رؤية كل ما تمنيته في الحياة حولك ثم تمنع نفسك عن تلك المتعة، هذا ما أدركته بعد مرور الأسابيع الماضية..

أنا أفضل، أنتِ أيضًا تبتسمين أكثر، هدوء محبب لقلبي، ولا يحيط بي في الدنيا سواكِ، هل يوجد أفضل من هذا؟!

إن كنت تناسيتِ لتجبري نفسك على تحملي ولو لبعض الوقت، فأنا لم أنس كل ما ارتكبته يـ ـداي، حتى الكهرباء لن تُنسيني على ما يبدو، ومرغم على تحمل هذا المقت لنفسي كلما نظرت إليكِ ولكن ما العمل، كيف علي أن أتوقف عن تفقدك كلما رأيتك؟

تقتربين، أرى سبب سعادتي وحُزني يتمثل بنفس المقلتين، حاولت اقناع نفسي كثيرًا بالتوقف ولكن لا أفلح في النهاية، محتال مثلي لن يترك فُرصة بسرقة القليل مما سيكون مجرد ذكريات لاحقًا.

أشعر أنني أفضل، وأنتِ كذلك أفضل عن تلك الفترة الماضية، كلما تيقنت من هذا كلما تأكدت أنني عليّ إنهاء هذا الزواج وبسرعة.

تحملي أتوسل إليكِ، لم يبق سوى القليل.. أعدك أن ستصلين لما تبحثين عنه..

عندما عشقتك وعشقت تفاصيلك، أغرمت أيضًا بتلك المرأة بداخلك هي وهذه الفتاة الشاردة التي لا تعلم ما الذي تريده، قد تتشوشين فيما تريدين تحقيقه والوصول له حتى يكون ولو نوع من المواساة لفعلتي، درب من دروب الوصول للقليل من الراحة، واثق بأنك تريدين رد الاعتبار لذلك الكبرياء الخفي بداخلك، المُشكلة الحقيقة هي عدم معرفتك أي طريق لتسلكيه حتى تفعلين هذا..

قلت لكِ يومًا ما، أو ربما قلت لنفسي، لا يختلف الاثنان على كل حال، قلت أن من يعشق يفعل ما يريد عاشقه.. إن لم أنهي هذه المعاناة أعلم أنكِ ستظلين هكذا للأبد!

أعمل على الأمر صغيرتي، لا تقلقي بشأن هذا، والصفاء والهدوء وكل ما هيئتِ لي بالفترة الماضية أكثر مما استحقه، لن أنسب كوني أفضل سوى إليكِ وحدكِ.. أستطيع أن اكتبها هذه المرة دون تشويش هائل ولا ألم بفكي أو جـ ـسدي اللعين.. أشعر بأن هذا اليأس الشديد بداخلي قد غادر، وأتمنى أن يبتعد عني للأبد..

لا أحلم سوى باستمرار ما أمر به لبعض الشهور حتى أنهي معاناتك وعذابي.. لا أملك رفاهية الوقت للخضوع لهذه الجلسات مرة أخرى عما قريب!

 

المعافى مؤخرًا

– لبعض الوقت –

عمر "

 

ارتشف من بعض القهوة وهو يترك قلمه ويُغلق الدفتر وأغمض عيناه لبرهة ليبتسم عندما شعر بـ "ڤينوس" تمرر وجهها بين قـ ـدماه فأخفض بصره نحوها ليغمغم بنبرة خافتة لها وهو يترك كوبه:

-       عارفة لو كنتِ معايا من زمان، روان مكانتش هتشوف نص اللي شافته

 

اقترب منها بيـ ـديه فثبت هي لتستند بيـ ـديها على سا قيه وأخذت تستمتع بتلك اللـمـ ـسات منه وهو يُلاعبها فاقتربت لتدفن رأسها بـ ـصدره والتفت لانتباه "أوفيد" الذي نبح فجأة ثم ذهب للخارج ليأتي بعد ذلك وهو يتبع "روان" ليتحدث بداخله ساخرًا منه:

-       طول عمرك هتفضل ندل!

 

تفقدها بنظرات مستفهمة وهو جالس على مكتبه فأخبرته بملامح تدل على فضولها الشديد:

-       صباح الخير، صحيت بدري اوي النهاردة.

 

همهم لها بهزة رأس ورد بهدوء:

-       صباح النور، ما أنا دايمًا بصحى بدري، قبل الجلسات يعني كنت بصحى خمسة الصبح.

 

مر الكثير من الأسئلة بعقلها عما إن كانت هذه النهاية لمتابعتها له فلقد أخبرتها مريم أن عدد الجلسات أصبح كافيًا وأن هناك تحسن جيد بحالته ولكنها لن تسأله عن الأمر بطريقة مباشرة حتى توقفه عن غزله المندس بكلماته السخيفة وقالت وهي تتحاشى مناقشته وسؤاله عن حاله:

-       طيب أنا جاية أكلمك في موضوع، أنت طبعًا عارف إن عيد ميلاد عنود قرب وهيكون الأسبوع الجاي.

 

عقد حاجباه باستغراب وتفقد تاريخ اليوم بشاشة هاتفه وظهر على وجهه الاستفسار لتستطرد بكلمات مباشرة:

-       يونس عايز يعملها مفاجأة.

 

امتعضت ملامحه بمجرد ذكره وتنهد بضيق ليسألها باقتضاب:

-       والمطلوب؟

 

حمحمت واقتربت ثم اجابته بلهجة آمرة:

-       تروح تاخدها كأنها هتقعد معانا يومين، بس كده.

 

ابتسم بسخرية وسألها:

-       هو هيعمل ايه؟

 

همهمت مطولًا وكادت أن تُجيبه ولكنها تراجعت واجابت بتساؤل:

-       وأنا اضمن منين لو قولتلك متقولهاش؟ أو ممكن تقول لباباك وساعتها هيرفض!

 

قلب عيناه وعقب بانزعاج:

-       مش معنى إني أنا وبابا بنتكلم في حاجات كتير إني هروح أقوله.

 

ارتدعت عن مجادلته كما جرت العادة بالأيام الماضية وتنهدت بعمق وقالت:

-       ماشي، أنا فهمتك غلط، المهم دلوقتي تروح تجيب عنود بأي حجة بقا، وهتقعد معانا لغاية عيد ميلادها أو حتى بعدها بيومين، ولا ده ممنوع أو غلط إنها تفرح في عيد ميلادها؟

 

أشعل احدى سجائره وضيق عليها الخناق في الحديث:

-       لا مش ممنوع، بس أعرف عايز يعمل إيه، مش يمكن حاجة موافقش عليها!

 

لم تستطع منع السخرية التي اتضحت على ملامحها لترد بنبرة حادة لم تستطع التحكم بها:

-       وأنت توافق أو متوافقش ليه، هو أنت كنت بتروح تاخد الإذن من بسام عشان تكون معايا واحنا خارجين نتعشى أو عاملي مفاجأة أو لما خرجنا في مرة واحنا مخطوبين أو..

 

سكتت من تلقاء نفسها لتتسع عيناها بسخرية وواصلت:

-       نسيت، أنت مالكش في الحاجات دي ولا عمرك عملتها، فأكيد مش هتفهم اللي يونس عايز يعمله لعنود.. فالأحسن تسمع الكلام وأنت ساكت ولا تحب اروح أنا بينكم واجيبها؟!

 

شرد بسطح مكتبه لوهلة وابتسم بغيظ ثم ترك سيجارته بالمنفضة ونهض ليتجه نحوها فثبتت أمامه وهي تتفقده بالرغم من رؤيتها لانزعاجه الشديد من طريقة حديثها له واقترب ليتفحص ملامحها وكرر سؤاله بلهجة آمرة:

-       يونس عايز يعمل إيه؟ وتجاوبي من غير كلام كتير!

 

رفعت عسليتاها نحو وجهه واجابته:

-       مش هقولك عشان هترفض.

 

اقترب نحوها أكثر وكل ما يقوده بملامحها هو تلك الرغبة المُلحة في تقبيلها فابتعدت عندما فهمت نظراته تلك ولكن قوله لم يناسب نظراته على الاطلاق:

-       ما دام عارفة إني مش هوافق يبقا مالوش لازمة أصلًا كلامنا.

 

رفعت حاجبيها بنظرة اعتراضية وقالت بإصرار:

-       تمام، لو كانت الدنيا لذيذة في بيتكم مكونتش أصلًا جيت ولا اتكلمت معاك، أنا هاروح واجيبها وهقول إن فيه حاجات في بيتها عايزين نخلصها.. شكرًا مش عايزة منك حاجة!

 

اعترض طريقها عندما لاحظ أنها ستغادر إلى أن امسك بها لكي يمنعها وسألها باستهجان:

-       أنتِ عايزة مشاكل مع بابا مش كده؟!

 

رمقته بنظرة حادة وهي تحاول انتزاع نفسها لكي تذهب وحدثته بما تمنت أن ينطبق على كل شيء في حياتهما وليس فقط أمر أخته:

-       ما أنا كنت كويسة معاك وجيتلك أنت الأول وقولت أنت هتخلص الموضوع، بس أنت مسبتليش حل غير إني الاقي نفسي في وشه!

 

دفعها لتستقر على الحائط وتفحص ملامحها فنظرت له بثبات ولم يرد أكثر من أن يبقيا بهذا الاقتراب لأطول فترة ممكنة وسألها مجددًا:

-       هو عايز يعمل ايه يوم عيد ميلادها؟

 

شرد بتفقد ملامحها لتراه يبتلع برغبة تعرفها جيدًا ولانت يـ ـده الممسكة بها بينما أردف بهدوء:

-       اقنعيني وأنا اروح اجيبها دلوقتي!

 

ارتبكت من اقترابهما وباتت أنفاسه تتساقط على وجهها وأصبح الشعور بها أمر مفروغ منه فقالت مجيبة لتنتهي من اقترابه الذي يشوشها دائمًا وأبدًا:

-       هي راحت من فترة وخلصت الباسبور بتاعها عشان لما يشافروا الهوني مون في الصيف، بس حجز ليهم طيارة الصبح بدري وحجز في نفس اليوم الرجوع متأخر، هيسافروا دبي يتفسحوا اليوم ده ويرجعوا تاني.

 

لقد اعطته الإجابة كاملة ولكنها عليها التوقف عن تحريك شـ ـفتيها وإلا سيقبلها حتمًا، ما الذي كانت تقوله؟

-       دبي إيه؟

 

بللت شـ ـفتاها وتملكت بعض العزم ودفعته عندما لاحظت شدة وطأة تلك الرغبة على ملامحه ونهته بنبرة حادة:

-       هو كده زي ما قولتلك، روح هاتها عشان حرام يعني متتبسطش شوية، وبعدين دول مكتوب كتابهم وهيروحوا ويرجعوا في نفس اليوم.. متبقاش سخيف وخليها تتبسط، وإياك تقرب مني كده تاني.

 

ابتعدت وهي تتابعه بعينيها ووقفت بجانب الباب ليتنهد وهو يقول بداخل نفسه:

-       أنتِ اللي حلوة يعني ابعد ازاي!

-       لا بجد، على أساس إن اليومين اللي فاتوا كفايا وبقينا كويسين ويالا نرجع لبعض بقا مش كده؟!

 

كلماتها المستهجنة كانت رد قطعي لما ظن أنه يدور بداخله، من الواضح أنه كان قولًا مسموعًا، على كل حال، سيذهب ليحضرها ولكن بشرط فقال بسخرية أولًا وتبعها بالموضوع الذي جعلها تأتي إلى هُنا:

-       نرجع إيه بس! بصي أنا هاجيبها ماشي بس لو سافرنا معاهم.

 

رفعت حاجباها باندهاش وتكلمت بانزعاج:

-       عمر أنا بقالي شهر مش بشتغل ولا بشوف مامي وبسام، أظن من باب أولى أروح اقعد معاهم يومين، سفر إيه بس اللي نسافره معاهم، وبعدين المفروض يبقا ليهم حُرية شوية، مش ممكن كده هنخنقهم لو سافرنا معاهم.

 

اقترب بعفوية وكاد أن يتكلم فحذرته بجدية وهي تُشهر سبابته نحوها:

-       متقربش وخليك مكانك.

 

وجدت "أوفيد" يثب للأعلى وهو يطلب القليل من الاهتمام منها فربتت على رأسه وحدثته بنبرة جادة:

-       ممكن تسبني دلوقتي عشان بتكلم في موضوع مهم، شوية وهنلعب.

 

ابتسم على ذلك التطور بينهما والأغرب أنه استمع لما قالته ووقف بجانبها لتنظر له منتظرة رده فقال"

-       أنتِ قولتي هو يوم، الفكرة إنهم مسافرين من بلد لبلد، فلو حصل حاجة واحنا معاهم غير لما يكونوا لوحدهم.. وأكيد مش هافضل معاهم طول الوقت يعني، يروحوا يعملوا اللي هم عايزينه ونتقابل في المطار. ولا تحبي تروح معاه ويحصل حاجة وبابا يتدخل، خلينا ممشين الدنيا لغاية معاد الفرح.. كلها كام شهر أصلًا وهيعدو!

 

زفرت بضيق بعد أن فكرت في الأمر ووجدت أن كلماته منطقية فحدثته باقتضاب:

-       أوك، هعرف يونس وأقولك.

 

التفتت لتغادر بينما شعر وكأن "يونس" هو الذي بيـ ـده القرار فانزعج وتبعها لتلتفت له من تلقاء نفسها فأصبحت المسافة بينهما متقاربة مرة ثانية لتتكلم هي أولًا:

-       أنا مش عارفة أنت ناوي تقعد هنا ولا في البيت عندي، بس يا إما تفضل عندي لغاية ما عنود تمشي يا إما تفهمها كل حاجة، لأن أختك هتسأل يعني هتسأل.. وأنا مش مسئولة خالص أرد عليها، وعلى فكرة لو جت هتقعد في الأوضة اللي أنت كنت قاعد فيها.  

 

عقد حاجباه ليوقفها باعتراض ولكن بنبرة هادئة:

-       استني بس، هو ايه اللي هتعرفي يونس وتقوليلي، انتي تروحي تفهميه إن ده اللي ينفع وبس، عاجبه على كده عاجبه لو مش عاجبه يستنى لما يتجوزوا وبعد الفرح يبقا يعمل اللي هو عايزه.

 

قلبت عيناها بانزعاج واتجهت لتغادر لكي تمنع أي جدال محتمل باعتراضها على ما لا يخصها فأوقفها بعد أن اتخذت عدة خطوات وهو يتكلم بنبرة مترددة:

-       أنا كنت ناوي اسيب البيت النهاردة الصبح، عشان كده أول ما صحيت جيت هنا، أظن أنا بقيت كويس ومالوش لازمة أفضل قاعد عندك.

 

التفتت نحوه وقالت ما جعله لا يفهم مقصدها:

-       أنا كمان كنت عايزة أروح لمامي وهنضطر نقعد في اوضة واحدة، عمومًا زي ما تحب، أعمل اللي يريحك.

 

تركته وغادرت متجهة صوب منزلها للجهة المقابلة ولم يفهم ما الذي تقصده، هو بهذه الأيام بمزاج رائق للغاية يشوبه بعض التشويش، ولكن عقله لن يتركه وشأنه بخصوص تلك الدعوة الخفية له بالعودة، هل هذا ما تقصده أم أنه يشتاق للاقتراب منها ليس إلا؟ يستحيل أن يُصدق بهذه الفكرة أبدًا!

--

 مساءًا في نفس اليوم..

وضعت كوبان من مشروب الشوكولا أمامهما بينما ابتسمت لها وهي تُلاعب "تايني" وجلست بجانبها والتفتت لها بانتباه ثم سألتها:  

-       خلصنا اهو من عمر خالص وراح يعمل أي حاجة في المكتب وبقينا براحتنا، طمنيني عليكي عاملة إيه كده؟ خلصتو كل الحاجات ولا لسه؟ وهتجيبي الفستان امتى وكل الحاجات دي؟

 

تناولت نفس عميق وزفرته لتجيبها بارتباك:

-       مش عارفة يا روان، خلصنا البيت اللي يونس جابه، والأوضة بتاعتنا في البيت عندهم يعني عشان لو قعدنا هناك، بس ساعات بحس إن الوقت بيجري بسرعة وازاي هتجوز وأنا بدرس وأقول إني اتسرعت، وأوقات تانية بقول امتى بقا نتجوز.

 

اتسعت ابتسامتها لها وهي تتناول كوبها وحدثتها بنبرة مُطمئنة:

-       متقلقيش، عادي، أي واحدة مننا بيبقا نفسها تروح بيتها وتستقل بحياتها وخصوصًا لو مع واحد بتحبيه، والتوتر واللخبطة دي عادي، كان بيجيلي وقت قبل الجواز كنت ببقا مرعوبة وافضل أقول أنا عمري ما سبت الشغل من ساعة ما بابي ما مات، بس لما جربت أول مرة كل حاجة بقت سهلة.. ابتديت اعرف اعمل أولويات وازاي اخلص الحاجة اللي كانت بتاخد مني ساعات في ساعة واحدة.. فمتخافيش.

 

نظرت لها بتخبط واتضحت الحيرة على وجهها وأخبرتها قائلة:

-       مش عارفة يا روان، أنا عملت زي ما قولتيلي والدنيا بقت أحسن بكتير بس متوترة أوي، خايفة ومبسوطة في نفس الوقت.

 

تناولت "عنود" الكوب الآخر وبدأت في تناوله لتُعقب "روان" بهدوء:

-       صدقيني عادي، يعني تخيلي مثلًا كمان أربع شهور حفلة تخرجك، مش هتتوتري برضو؟

 

توسعت عيناها وهي تتفقدها بذهول وقالت باندفاع:

-       طبعًا، ده أنا هبقا متوترة أكتر من دلوقتي.

 

هزت كتفاها وأخبرتها مواصلة الحديث:

-       طبيعي سواء تخرجك ولا جوازك حاجات توتر، بس بالراحة وواحدة واحدة كله هيبقا حلو، خدي بس بالك إن التوتر في النهاية بيضيع علينا اللحظات الحلوة وساعات بيخليكي تاخدي قرارات وتتصرفي تصرفات مش مظبوطة، ما دام أنتِ بتحبي يونس وواثقة فيه وبتتحسنوا مع بعض وكمان بعد اللي عمر بيعمله ده مش هيحصل حاجة وحشة، يبقا اتبسطي أحسن ما تتوتري وتضيعي اللحظات الحلوة في التوتر.

 

التفتت بالكامل لها وهي تجلس القرفصاء فوق الأريكة لتعقب باندفاع:

-       ما أنا مبسوطة والله العظيم وفرحانة باللي عمر بيعمله وكمان مبسوطة إني بقيت بتكلم مع يونس بطريقة أحسن بس، المشكلة إني..

 

أوقفها توترها مرة ثانية لتضيق "روان" عيناها وهي تطالعها لتتناول شهيق عميق وزفرته ثم واصلت:

-       عارفة إني دكتورة، وعارفة إني جامدة، وعارفة إن أنا اللي عرفتك موضوع الفيسبوك وكل الكلام ده، ومش عايزة تريقة لو سمحتي.

 

لاحظت نبرتها الهجومية الشديدة لتندهش من طريقتها التي تحولت فجأة وعقبت بابتسامة:

-       وهتريق ليه بس اهدي كده وبالراحة، فهميني فيه إيه؟

 

ترددت لوهلة قبل أن تجيب سؤالها لتتكلم في النهاية بنبرة جادة:

-       أنا كل ما يونس يجي يقرب مني ببقا عايزة اقطع علاقتي بيه، لو حتى هيمسك أيـ ـدي ولا لو حضـ ـن، عارفة إن عادي عشان بقا مكتوب كتابنا بس مبستحملش ده!

 

همهمت بتفهم وسألتها بهدوء دون أن تستفز بها هذه الفتاة الهجومية بداخلها:

-       ده كسوف ولا مبتحبيش تقربي منه ولا إيه بالظبط؟

-       مش عارفة احدد، ومفيش وقت أروح للدكتور اللي قولتيلي عليها، وأنا مش فاهمة فيه إيه مع إني بحبه وعارفة وفاهمة كويس إن المفروض عرفنا بعض فترة، المشكلة إني مش قادرة احدد فيه ايه!

 

تناولت رشفة من كوبها بعد أن داهمتها بنفس الفتاة الاندفاعية بداخلها التي كانت تحاول أن تتجنبها وفكرت في الرد المناسب لها ثم حدثتها قائلة:

-       طبيعي جدًا لأي بنت لما يقرب منها واحد حتى لو بتحبه تبقا عايزة تبعد، سواء مكسوفة أو حاسة إن دي حاجة عيب، بس أنتِ فاهمة إن يونس بقا جوزك أو خلاص هيبقا جوزك بشكل رسمي كمان تلت أربع شهور، وأنتِ بتحبيه، محتاجة تفهمي المشكلة في الفعل نفسه إنه يقربلك وشايفة إن ده عيب مثلًا، ولا أنتِ شايفة إن ده عادي بس مكسوفة، فين السبب اللي بيخليكي مش قابلة حاجة زي دي، ومش بسألك سؤال أنتِ مش عارفة اجابته، أنتِ بس ممكن تكوني بتفكري في الموقف من غير ما تاخدي بالك من السبب، ففكري براحتك وهتلاقي المشكلة، وقبل ما تتعصبي وتتضايقي هقولك أنا الحل. 



تابع قراءة الفصل