-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 8

 

قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار



الفصل الثامن

لا تسألني عن الندى فلن يكون أرق من صوتك 


ولا تسألني عن وطني فقد أقمته بين يـ ـديك


ولا تسألني عن إسمي فقد نسيته عندما أحببتك...


❈-❈-❈


-حد يبقي قدامه القمر ده ويبقي قاعد علي بعضه برضو يا فارس؟

ثم أكمل حديثه وهو يقوم من مكانه متوجهاً لمكان جلوسها قائلاً:


-هبقي أسعد إنسان في الدنيا لو القمر رضي يتواضع ويرقص معايا الرقصة دي


إنتفض فارس هو الأخر من مكانه بغضب جلي وعروق منتفخة من الغضب كما لو كانت ستنفجر....مما يقوله هذا الأبله يرقص مع من؟!،علي جثته إن لمس شعرة واحدة منها


أخذ نفسََ عميقاً يحاول به التحلي بالهدوء كي لا يفضح نفسه أمام الحضور... فهذه الأفعال الصبيانية لا تليق برجل مثله

وبالفعل خرج صوته هادئاََ ولكنه كان يحمل كل معالم الغضب :


-معلش يا سليم هاخد منك القمر وأرقص معاها أنا


نظر له سليم وهو يرفع له إحدي حاجبيه بتعجب قائلاََ:


-وماله يا وحش...حلال عليك 

أنهي كلامه غامزاََ له بعبث وعاد لمكانه مرة أخري 


أمسك فارس يـ د نغم وهو يقول لها بصوت منخفض لا يسمعه سواها:


-قومي نرقص


هزت رأسها بالنفي وهي تقول له بتوتر:


-لاء انا مش بعرف أرقص ومش هينفع 


-قومي يا نغم يلا الناس بتتفرج علينا 


توقف عقل نغم فلم تجد مهرب لها أمام إصراره  وقامت معه متجهين صوب المسرح 


مسك فارس يـ دها ووضعها علي كتفه 

ووضع خاصته علي خصرها يتمسك به بشدة 


هتفت نغم بتوتر بالغ وهي تنظر حولها:


-أنا مبعرفش أرقص زيهم كده الناس هتضحك علينا 


-ملكيش دعوة بحد ركزي معايا وسيبي نفسك 


اماءت له وفعلت مثلما أخبرها 


تقابلت عيناها بخاصته فأنزلت ببصرها سريعاً

أما هو مازال موجه عيناه عليها وعلي توترها البادي عليها...رفعت عيناه مرة أخري وجدته مازال ينظر إليه بعمق كما لو كان يعر يها من ثيابها...نزلت عيناها مرة أخري وهي تحاول تشتيت عقلها عنه 


مد يـ ده الموضوعة علي خصرها وأمسك ذقنها 

حتي يرفع وجهها إلي مستواه 

همس لها بصوت رجولي ساحر بجانب أذنها:


-بصيلي يا نغم متتهربيش مني 


نظرت لعيناه بتردد...ثواني وكانت تُسبح في بحور عيناه الهائجة،تري بها حنان غير معهود ولكن في الجانب الآخر تجد مكر بنظراته لا تعلم ماهيته وبجانب أخر ترى رجل هادئ الشخصية ورزين لا تعلم من هو ولكن كل ما تعلمه أنه غامض غامض لدرجة كبيرة،يعلم متي يجعلها تقف أمامه كالكتكوت المبلل...متي يجعلها تخجل من حديثه...يدرس كل خطواته بدقة شديدة،كل حرف يخرج من فمه منمق


تشك أن الموجودين جميعاً يسمعون لدقات قلبها التي تعلو علي صوت الموسيقي.... بدأت بالميل له والإنجذاب لشخصيته 

لو كانت لا تشعر بشئ تجاهه لكانت رفضت الرقص معه وبشدة ولكن للحق فهي إستغلت هذه الفرصة حتي تكون بالقرب منه 

لمست يـ ـديه علي خصرها تجعلها تهتز...تشعر وهي بين يـ ـديه الآن بشعور مريح وكأنها بأحضان أوطانها...جــ ــسدها يرتجف من لمسته الحنونة لها وقلبها يطرق بسرعة


أخذت شهيقاََ تُملئ به رئتيها...رائحته تجعلها تفقد توازنها...

تمنت في هذه اللحظه أن تكون من المشعوذيين الذين لديهم القدرة على قراءة الأعين،تري بعينه أشياء كثيرة لا تعلم تفسيرها 

نظرة عيونه تُربكها...نظراته لا يستهان بها 


أما هو فكان لا يفعل شئ سوا ملاحظة تعابير وجهها وحيرتها الطاغية عليه..يعلم أنها تُريد فهم ما يدور معهم.. يشعر بدقات قلبها التي تناقض هدوئه،يشعر بالإكتمال عند وجودها بين 

يـ ديه إحساس لم يشعر به قط...يريد أن يصرخ وسط الحضور قائلاََ أنه يُريد تلك الفتاة التي موجودة بين يـ ديه الآن 

يسيل لعابه عليها تثير غرائزه بقوامها الممشوق وجهها الذي لم يرى بنقائه...شـ ـفتيها المكتنزة تُغريه تجعله يُريد تذوقها حتي لو كان الثمن هو حياته..خصرها المنحوت بدقة يُغري رجولته....عيناها الواسعتين كعيون الغزال يريد تقبيلهم واحدة تلو الأخرة 


أخفض رأسه صوب أذنيها حتي يصل صوته لها قائلاََ بصوت متأرجح من العاطفة:


-جميلةٌ للحَدّ الذي يجعلك مؤهلة لقيادة سِربٍ كاملاً من الفراشات 


خرجت من سحر عيناه علي صوته الذي يشعرها بفراشات تحلق بمعدتها...صوته دافئ للغاية 

إنقبض قلبها بقبضات متتالية من جملته التي قالها فهو يفاجئها بحديثه وهي لا تعلم ماذا تفعل أو تقول 


فأعطته إبتسامة مهزوزة وهي تقول له:


- شكراََ...يلا نقعد أنا تعبت


-لاء هنمشي عشان نتعشي 


هزت رأسها له دون الإستماع إلي ما قاله فهي تريد أن تنتهي هذه الرقصة بأي طريقة فقلبها سيقف من هذا التقارب بينهم


شابك كفه بخاصتها وهم يتجهوا صوب الطاولة مرة أخري 


نظرت جمانة لفارس وهي تقول له بتساؤل مليئ بالإستغراب:


-أول مرة اشوفك بترقص مع حد...ده حدث فريد من نوعه 


أراد ان يُربك نغم قليلاََ ويبعد أنظار سليم عنها فقال لها بإبتسامة سمجه:


-مكنتش لاقي الحد المناسب اللي ارقص معاه 


-والحد المناسب ده نغم؟

خرجت الكملة من شـ ـفتيها مستنكرة 


أخذ هاتفه من علي الطاولة دون رد علي جملتها وقال:


-هستأذن أنا لأن دراعي شد عليا شوية 

ثم وجه نظره إلي نغم مكملاً كلامه:


-يلا يا نغم 


قامت نغم من علي الكرسي وهي تحمل حقيبة يـ دها وإتجهت خلفه إلي الخارج 


نظرت جمانة لسليم وهي تقول له بتساؤل:


-عجباك؟


رد عليها وهو يتذكر ملامحها:


-دي تعجب الباشا...بس شكل فارس حاطتها في دماغه 


-أكيد هيتسلي معاهة يومين ويرميها 


رد عليها قائلاََ بجدية:


-فارس ملوش في الكلام ده يا چومانة 


هزت رأسها له دون أن تتحدث والغيرة تنهش بجــ ــسدها...فهي أمام فارس منذ أكثر من ثلاث سنين لم تتذكر يوم أنه تحدث معها بطريقة لبقة،يسحرها دائماََ لدرجة انها تريده تحت أي مسمى يرضى به ولكن حاولت كثيراََ أن تجعله يتأثر بها ولكنه كان يقابل محاولتها باللا مبالاة...شكت أنه يعشق زوجته للحد الذي يجعله يقاوم أنثي مثلها ولكن تفاجات من شخص مقرب له أنه لا يحمل اي مشاعر قط لزوجته 

وقتها تعجبت كثيراً...فماذا يعيقه عنها؟..أهي لا تعجبه أم هو مخلص اكثر من اللازم 


❈-❈-❈

بالسيارة الخاصة بفارس 

يجلس هو ونغم بالخلف والسائق بالأمام 


تسائل السائق بصوت متسائل:


-علي فين يا فندم


رد عليه فارس وهو يفتح هاتفه يتصفح به:


-علي اقرب مطعم


نظرت له نغم يإستغراب وهي تقول:


-مش إنت قولت إن دراعك شادد عليك...خلينا نروح الفندق عشان ترتاح شوية 


-أنا كويس بس مكنتش حابب أكمل قاعدة هناك 


-ليه ؟


أيخبرها أنه كان يتمالك أعصابه بشدة حتي لا يُطيح بسليم أرضََ أم يخبرها أنه أراد الانفراد بها قليلاً حتي يتحدث معها بموضوع يشغل ذهنه طوال الأيام السابقة 

لا يعلم بماذا ولكنه يريد التحدث 

خرج صوته صلباََ ثابتاً وهو يقول:


-معجبنيش الجو 


ردت عليه هي الأخرة قائلة:


-ولا أنا كمان عجبني كنت حاسه إني مخنوقة وأنا قاعدة هناك 


أمأ لها برأسه دون حديث وأخذ يتصفح هاتفه قليلاً يتابع أسعار البورصة


وقفت السيارة أمام مطعم فخم لا يدخله سوا من ذو شأن وقامة... هيئة المطعم وحدها كافيه لجعلك تشعر بالشبع


نزل السائق وفتح الباب لفارس واتجه الناحية الأخري وهو يفتح لنغم هي الأخري الباب 


سارت نغم خلف فارس وهي تتأمل خطواته التي تشع هيبة ووقار....يطغى سحره علي أي مكان يدخله،فحولها الكثير من الرجال ولكن فارس شئََ مختلف تماماً بشخصياته المتعددة 


منذ أن خطي أرجله بالمطعم إتجه إليه الجميع يرحبون به والبعض الأخر يتصورون معه وهو يقف يتأفأف بضيق فهو لم يحب هذه الأجواء ولا يحب الخروج للأماكن العامة لهذا السبب..


رأت مدي شهرته وأهميته عندما جاء له مدير المطعم بنفسه يرحب به ووقف له جميع العمال يُحيونه...كما لو كان رئيس الجمهورية خطى بقدميه إلي المطعم

لم يخفي عليها ضيقه الواضح علي وجهه وهو يحادث الناس بإبتسامة مقتضبة 


جلسوا أخيراً  علي طاولة بعيدة عن الأنظار  بمكان هادئ نسبياً


رفع أنظاره لها قائلاً بصوت معتدل:


-هتطلبي إيه 


توترت نغم قليلاََ فهي لا تعلم ماذا تطلب فلأول مرة بحياتها تدخل مطعم فكان آخرها كفاتريا الجامعة...ما هذا الإحراج يا الله...تنفست الصعداء وهي تقول له بصوت منخفض:


-هطلب زي حضرتك 


مد يـ ـديه يتناول المنيو الموضوع علي الطاولة أمامهم وأخذ يقرأه لثواني حتي حدد ماذا سيطلب

نادي النادل الموجود بالمطعم فجاء له سريعاََ وهو يقول:


-أوامر حضرتك يا فارس بيه 


أملاه فارس طلبه وهو يخبره ألا يتأخر 


-هو حضرتك عرفت مين اللي كانوا بيطاردوك

خرجت هذه الجملة من نغم بفضول


جعد حاجبيه بتعجب من سؤالها وقال:


-إية اللي فكرك بالموضوع دلوقتي 


-عادي الموضوع جه في دماغي


أماء لها وهو يقول بلا مبالاة:


-ده منافس ليا في السوق كنت مضايقه شوية


-وحضرتك هتعمله إيه يا مستر فارس 


أبعد رأسه للخلف بحركة درامية وهو يضيق عيناه عليها قائلاً بإستنكار:


-مستر!!...هو أنا واقف في الروضة بعلمك الأبجدية!


ضحكت نغم بملئ فمها بصوت عالي دون إرادة منها علي تعبير وجهه وحديثه


نظر حوله حتي يرى إذا كان صوت ضحكاتها لفت الأنظار أم لا... رأى كل الطاولات الموجودة حولهم ينظرون إليها

حدجها بنظرات قوية قائلاً بتحذير:


- صوتك 


حاولت السيطرة على ضحكتها ولكن لم تستطيع فأكمل حديثها ضاحكة:


-انا أسفة ضحكت غصب عني 

ثم أكملت حديثها وهي تأخذ انفاسها المسلوبة من الضحك:


-حضرتك دمك خفيف أوي


رفع لها إحدي حاجبيه وهو يقول لها بإستنكار:


-دمي خفيف إزاي يعني


-بتضحكني 

فلتت الكلمة من بين شـ ـفتيها دون إرادة منها 


ضحك فارس علي كلمتها وهو يقول:


-حدث فريد من نوعه خدي في بالك...فارس الهواري مبيتكلمش مع حد أصلاً


جاء النادل بتلك اللحظة ووضع أمامهم الأطباق

التي يوجد بها ما لذ وطاب

وهو يقول بإحترام شديد موجه حديثه لفارس:


-أي أوامر تاني حضرتك 


وضع يـ ـديه بجيب بنطاله وأخرج له عدة ورقات مالية يعطيها له قائلاََ:


-لاء شكراً


غادر النادل عقب إنتهاء فارس من جملته وأخذه للمصاري 


نظرت له نغم وهي تقول له بتساؤل مكملة حديثهم السابق قبل قطع النادل لهم:


-ممكن أسالك سؤال 


أماء لها برأسه يحثها علي الحديث وعيناه تتابعها بإهتمام 


-ليه كل الناس شايفة حضرتك حد مش حلو 


أجاب علي سؤالها بسؤال أخر ماكر يرميه في مرماه بنظرات قوية:


-المهم إنتي شيفاني إزاي


توترت نغم وعلت دقات قلبها من سؤاله الذي ألقاه عليها...زاغت بعيناها تتهرب من خاصته حتي لا ينكشف أمرها...


خرج صوتها مرتبكاََ قائلة:


-شيفاك شخص عكس اللي بيتكلموا عليه 


-وده ملفتش نظرك لحاجة؟

سؤال أخر أمكر من السابق خرج منه ولم تحيد عيناه عن خاصتها


لفت...لفت أنظارها كثيراً،وبقيت ليالي طويلة لم تغفل عيناها بسبب ذلك السؤال،تريد معرفة أين الثغرة أهي عندهم أم عندها...


فهي لم تنسى أن كل من يعملون بالشركة كانوا يرسلون لها كل الورق الذين يريدون إمضته عليه حتي لا يكونوا بمجابهته....الجميع يتلاشاه سواها،الكل يخشى الحديث معه إلا هي تُحب مجالسته مع أنه يربكها ويوترها بحديثه الغير مفهوم أغلب الأحيان ولكنها تهواه ولا تخشي الخديث معه


حدجها بنظراته وهو يرفع لها حاجبيه يحثها علي الإجابة على سؤاله المتعلق 


تنفست الصعداء حتي تُجلب الهدوء إلي صوتها وهي تقول له بثبات مزيف متسائلة بجهل مزيف:


-المفروض يلفت نظري لإيه؟


-إنك مميزة عندي مثلاً 


سُلبت أنفاسها من كلماته التي تضرب بها بقوة...شعرت بتقلصات بمعدتها وقشعريرة لذيذة...


إرتجف جسدها رجفة رقيقة وهي تنظر له بحيرة ممزوجة بالذهول 


إبتسم إبتسامة لم تظهر علي وجهه وهو يرى أثر كلماته عليها...يقرأها وكأنها كتاب مفتوح أمامه،وهذا أكثر ما يجذبه إليها


سهولتها وليونتها يستطيع بكل سهولة معرفة ما يدور بخلدها دون إجهاد منه...يتحكم بنفسه بصعوبة بالغة أمامها،

أنوثتها تفتك برُجولته دون رحمة منها ولا شفقة... 


معذورة لا تعلم ما يحدث معه بسببها...فهو طوال حياته لم يشتهي مرأة كما يشتهيها بتلك اللحظة...


يظن أنها رغبة مؤقته ستذهب بمجرد إمتلاكها وتصبح له كما يُريد وبداخله يتمني أن لا يتطور الأمر لأكثر من هذا


حدجته بتشتت واضح وخرج صوتها كذلك وهي تردد:


-مش فاهمة كلام حضرتك 


-مش مهم تفهميه دلوقتي 


ثم غير مجري حديثه وهو يجاوب علي سؤالها الأول الذي تلاعب به حتي يجعله في مرماه وها هو حقق هدفه..نظر إليها قائلاََ:


-يا ستي الناس شيفاني حد مش حلو عشان أنا حد مش حلو... وده عملي بيفرضوا عليا إني أبقي جاد وصارم علي طول ومش هكذب عليكي دي شخصيتي أصلاً فالطبيعي...فلكي أن تتخيلي حد طابعه كده ويجي شغله يتطلب منه ده هيبقي عامل إزاي


نسيت توترها وخفقان قلبها وأخذت تتحدث معه وكأن شئ لم يكن..

فردت عليه قائلة:


-بس أنا شايفة حضرتك إنسان طبيعي معايا في عصبيتك وطبعك مش أوڤر يعني 


-إنتِ إستثناء 


كلمتين..كلمتين جعلوها تفقد توازنها وتشعر بدوران وثقل يجسدها،فهي بشر من لحم ودم والأدهي أنها أنثي تنتظر دائما التدليل والكلمة الحلوة....

وأنثي كنغم كانت تستمع كلمات غزل كثيرة من أيمن جارها بالحارة....والآن..الآن تستمع لكلمات غزل مبطنة من فارس الهواري!!!

يالها من سخرية،

فهي لو اخذت تحلف لهم طوال حياتها أن فارس الهواري معجب بها ويلقنها كلمات غير مباشرة من تحت الطاولة تبين لها مدي إعجابه بها لضحكوا عليها ونعتوها بالحمقى 


قلبها يلتوي بألم غريب من كلماته...ألم محبب يجعلها تُريد المزيد من هذا الألم...شئ يدعي السخرية حقاََ..


لمعت عيناها وهي تقول له بإستفسار يوضح لها غموضه بالحديث:


-هو حضرتك عاوز إيه بالظبط..أنا مش بحب الغموض


كلمة وحيدة خرجت من شـ ـفتيه إجابة علي سؤالها....


-عاوزك 


جعلت جــ ــسدها  يرتجف إرتجاف لذيذ، وإرتفعت الرجفة حتي وصلت علي طول عمودها الفقري...تشعر بدغدغة لطيفة بمعدتها 

من كلمته التي خرجت دون أدني تردد منه وكأنه كان ينتظر سؤالها...هي أخبرته انها لا تحب الغموض ولكن لم تخبره أن يلقي كلمته بهذه الطريقة التي تفقدها صوتها...شعرت وكأنها تحلق بالفضاء،شعور أن الإنسان مرغوب 

من أكثر شخص ينجذب إليه شعور رائع لا أعرف كيف أصفه


فرجل مثل فارس يريدها يا لها من محظوظة 

ولكن طارت هذه المشاعر مع تيار الهواء وإنقبض قلبها بخوف وهي تتسأل كيف يُريدها؟!!..أمن الممكن أن يكون غرضه دنئ 


لم تترك السؤال معلق بذهنها بل ألقته سريعاً متمتمة بغضب عكس حالتها الهائمة منذ ثواني:


-أنا مش من النوع ده...حضرتك فهمتني غلط خالص،لو فاكر إن عشان حضرتك جبتلي شقة وانا شغالة عندك يبقي هتنازل عن شرفي تبقي غلطان...يمكن أكون خسرت كل حاجة فى الدنيا بس الحاجة الوحيدة اللي مستحيل أخسرها هي شرفي 


أبعد رأسه إلي الخلف وهو يميل بها قليلاً إلي اليسار محدجها بنظرات استنكار ودهشة من حديثها مردداََ:


-غلط إيه وشرف إيه!!!

ثم إستكمل حديثه بتساؤل مستنكر:


-إنتي فهمتي إيه؟


متهورة وغبية وحمقاء...من عادتها السيئة التسرع..لعنت نفسها عندما رأت الذهول والإستنكار يملؤون تعابير وجهه،إذا فهو برئ من ظنها السئ هذا..


إبتلعت الغصة الموجودة بحلقها من الخجل وهي تعود لطبيعتها الهادئة مرة أخرى

تقول بهدوء ممزوج بالخجل:


-أنا أسفة فهمت حضرتك غلط 


ضحك فارس ضحكة مجلجلة جعلتها تُسهم به وبجمال غمازتاه اللتان ظهرون بدقة عند ضحكته،يجعلانك تريد أن تغرس أصابعك بهم وتتحسسهم..مغريين حقاََ...

وجهه وهو يضحك مشرق للغاية..صوت ضحكته طرب علي القلب..فقلبها الآن يرقص علي صوت دقاته


أما هو فكان يضحك من كل قلبه عليها وعلى تسرعها وخجلها فحقاََ مُسلية...قادرة علي إنتزاع أشياء كثيرة منه دون إرادة منه

كضحكته المجلجلة تلك التي لا يتذكر متي آخر مرة ضحك من قلبه هكذا...


لحظة.. تذكر أخر مرة ضحك هذه الضحكة كانت معها بشقته التي تسكن بها عندما كانت تُريد أخذ العديد من الحقائب معها 


تقريباً تغلغلت بأنفاسي وقلبي،أفكر بها كما لم أفكر بأحد من قبل..أريد تذوقها وكأني لم أُرد شئ من قبل،تُغريني وهذا الشئ لم يقدر عليه أكثر الإناث جمالاً وأنوثة


علق عيناه بخصتها وهو يراها تنظر لضحكته بهيام واضح علي وجهها...بدون نرجسية هو يعلم أيضاً أنه قادر على إختطاف أي أنثي بكل شئ به ،البعض سيراه تكبر ولكن هذه هي الحقيقة


توقف عن الضحك وأخذ يهدأ أنفاسه وينظمها قائلاً لها بجدية معاكسة لحالته الضاحكة منذ دقائق يكملان حديثهم:


-أنا عاوزك في الحلال يا نغم 

❈-❈-❈

في قصر الهواري


يعم القصر بالضجة والحياة مرة أخري أخيراً بعد عودة إبراهيم الهواري وزوجته وإبنته إليه 


ونجد أول خلاف بين الشقيقين منذ أن تخطت قدميهم بوابة القصر 


-يا أحمد إفهم أنا قلعته عشان كنت أنا الوحيدة اللي مختلفه هناك لدرجة إن صُحابي كانوا بيتنمروا عليا 


صاحت لين بتلك الكلمات وهي توضح لأخيها وجة نظرها،فهو منذ أن رأها بتلك الثياب المتحررة وهم بالمطار كاد أن يبطحها أرضاً ولكن ما منعه هو تجمهر الناس من حولهم 


وها هو منذ دخولهم القصر وهو يوبخها ولو كان أبيها بالخارج متأكدة أنه كان سيستخدم

يـ ـديه في هذا الحوار العقيم 


رد علي كلامها بهياج وعروق رقبته بارزة بشدة من الغضب:


-يعني إيه بيتنمروا عليكي...دينا بقي مجال للتنمر؟!!،كلمتين يودكي وكلمتين يجبوكي


-إنتَ مش هتفهمني يا أحمد فمش هتكلم معاك 


حدجها بنظرة إزدراء وقال لها وهو يوجه 

لومه لأبيه:


-ما هو العيب مش عليكي...العيب علي أبوكي اللي سايبك ماشية وسط الناس بالشكل ده


-أحمد

صاح بها إبراهيم بصوت عالِِ  إهتزت له الجدران من شدته فهاذا هو إبراهيم الهواري،شديد الشخصية...قوي..لا يسمح بالتجاوزات

مثله مثل ولده البكر فارس الذي يرث من أبيه معظم خصاله 

فالجميع دائماََ يعقدوا المقارنات بينهم فبينهم العديد من أوجه الشبه 


إخفض رأسه للأسفل وهو يقول بصوت منخفض يحمل أثار غضبه:


-أنا أسف يا بابا مقصدش...بس ده مش منظر بنت الهواري تمشي بيه 


حدجه نظرات قوية قائلاََ بجدية:


-لين مش صغيرة وعارفة مصلحة نفسها وعارفة إن الحجاب فرض علي كل المسلمين 

فوقت ما تحب تتطبق الفرض ده يبقي نابع من جواها مش من تأثير حد فينا،إحنا علينا نوجهها وبس


-مش مبرر يا بابا أنا معترض مع كلام حضرتك 

إزاي عاوزني أسمح لأختي تمشي ولحمها باين بالمنظر الرخيص ده وأستني حضرتها تنفذ فرض ربنا اللي هتتحاسب عليه 


تدخلت لين في الحديث وهي تقول لأحمد بغضب عارم من حديثه وكلماته الجارحه:


-أنا لحمي مش رخيص يا أحمد ولبسي محترم 

وطول ما بابا عايش يا ريت متدخلش في حياتي 


نظر لها بخزي وهو يهز رأسها لها للأمام وهو يقول:


-حاضر يا لين مش هتدخل في حياتك..أنا أسف 


ثم تقدم نحوها وهو يضع يـ ـده علي مؤخرة رأسها ثم وضع شـ ـفتيه علي جبينها يقبلها بهدوء قائلاََ:


-حمدالله علي السلامة يا لين 


لم ينتظر جوابها بل صعد إلي غرفته دون أن ينبس بأي كلمة أخري فقد إكتفي 


نظرت لها سارة بحدة وهي توبخها علي تصرفاتها التي لا تعجبها:


-ما إنتِ معاكي حق تعملي أكتر من كده طول ما أبوكي سايبلك الحبل 

ثم نظرت لإبراهيم هو الأخر بغضب وصعدت خلف إبنها تتجه نحو غرفة نومها التي لم تدخلها منذ عدة سنين


-حبيبتي إخوكي خايف عليكي من عيون الناس مينفعش تكلميه بالطريقة دي 


هتف بهذه الكلمات الجد قبل أن يغادر ردهة القصر ذاهباََ لغرفته هو الآخر 


تقدم منها إبراهيم وهو يمسح بكفه علي شعرها بحنان لا يظهر سوا لها ولأمها 

فهم عنده أغلي ما يمكلك وبالطبع فارس وأحمد ولكنه يتعامل معهم بقانون كلما قسيت علي الذكور بنيت رجلاً قوياََ 


قال لها بصوت حنون به نبرة متسائلة:


-حبيبة قلب بابا عارفة إنها غلطت صح؟


أماءت له برأسها وهي تُردف:


-أنا أسفة يا بابي


-بس إنتِ مغلطيش فيا أنا يا قلب بابي..

الإعتذار ده تقدميه لأخوكي،مش معني إني زعقت معاه وهو بيكلمك يبقي كلامه غلط 

بالعكس هو لو مكنش عمل كده كنت هشك إني خلفت رجالة 

ثم إستكمل حديثه وهو يقول لها بجدية معاكسة لحنانه السابق:


-أنا لما وافقت إنك تخلعي الحجاب وافقت عشان حاجة واحدة بس وهي إنك كنتي بدأتي تُسئِ ليه بلبسك الضيق والقصير.....

وأنا سايبلك الوقت اللي إنتِ عاوزاه ومستني اللحظة اللي هتيجي تقوليلي بابا أنا هلبس الحجاب تاني لأني عرفت إن هو صايني ومعززني


أماءت له برأسها مرة أخري متأثرة بكلامه وهي تقول له بأسف لما فعلت وإحراجها لأخيها:


-ربنا يخليكي ليا يا بابي...ومتقلقش هصالح أحمد لما  ينزل علي العشا 

ثم أكملت حديثها وهي تقول:


-عن إذنك هطلع أنام شوية عقبال ما مالك وسارة يجوا من برة..لأن مالك وحشني أوي 


بتسم لها وهو يقول بهدوء:


-وأنا هطلع أصالح أمك اللي رمتلي كلمتين وسابتني وهي زعلانة بسببك


-كله يهون عشاني يا بابي 


ضحك إليها وقال وهو يقول يقبل خدها :


-طبعاََ يا روح بابي 


تركها وصعد إلي غرفة نومهم هو وسارة 

التي إشتاقها فهي بها كل ذكريات شبابهم 

أول مرة إعترف لها بحبه كانت بها...عندما حملت بإبنه فارس وأخبرته بهذا الخبر المفرح كان هنا...أول مرة إحتضنها كانت هنا...فبهذه الغرفة يوجد المرات الأولي من كل شئ


أدار مقبض الباب عند وصوله أمام الجناح وخطي بقدميه إلي الداخل


دار بعينيه في أنحاء الصالة الواسعة المقابلة للباب لم يرى لها أثر بها...فتقدم بخطواته إلي داخل الغرفة بعد أن دار مقبض الباب ..


سمع صوت شلالات المياة القادمة من دورة المياة فعلم أنها بالداخل...


جلس علي مقدمة السرير ينتظر خروجها..وهو يزيغ بعيناه في أنحاء الغرفة بشوق عارم 


بكل ركن من  أركان هذه الغرفة يوجد له ذكريات مع زوجته وحبيبة قلبه...من تحملته وتحملت طباعه وقسوته 

فكان رجل لا يعاشر،تزوجها زواج مصلحة حتي يُكبر شركاته مع والدها رجل الأعمال الشهير...ولكن تغلغلت بداخله حتي أصبح يعشقها 

لا يفعل شئ دون مشاركتها به،فسارة شخصية قوية تساعده بعمله..يعتمد عليها بكل شئ


دائماً توقفه عند حده إذا تمادي يشعر وكأنها مُرشده بهذه الحياة 

يتمني أن يحفظها الله له ولا يحرمه منها أبداً


فاق من شروده علي صوت فتح باب دورة المياة وخروج سارة منه وهي ترتدي روب الإستحمام 

وبيدها فوطة أخري تنشف بها شعرها الرطب....

لم يأتي عليها الزمن أبداً،مازالت كما رأها أول مرة كانت يافعة...براقة..يرى بعيناها جمال الحياة

ليست مبالغة ولكنها كلمة حق سارة مازالت شابه في أواخر عقدها العشرون، من يرى فارس وهي

لم يصدق أن هذه الرقيقة الجميلة تأتي بهذا العملاق


إبتسم إبراهيم علي تلك الخاطرة التي أتت في ذهنه 


فنظرت له بجانب عيناها وهي تقول بتساؤل مستفز فهي غاضبه منه لما فعله بالأسفل وإحرجه لأحمد بهذه الطريقة:


-خير ما تضحكنا معاك 


قام إبراهيم من علي السرير وهو يتجه نحوها بخطوات متمهله ناظراً لعيناها مباشرةً....

حتي وقف أمامها يمنع الهواء يمر من بينهم قائلاً بعبث وهو يستنشق رائحتها الخلابة:


-بطل والله العظيم متجوز بطل 


لكمته بقبضتها علي صدره وهي تقول له بغضب:


-ما تحاولش تصالحني بالكلمتين دول عشان مش هيأكلوا معايا 


رفع يـ ـديه يلعب بشعره وهو ينظر إليها بعيون متسلية سائلاً إياها بتأكيد:


-بجد؟


فلتت ضحكة منها دون إرادتها علي شكله الذي يستعطفها به قائلة له بيأس وهي تُدير ظهرها حتي تكون مقابلة للمرآة:


-مش هتبطل أبداً طريقتك دي 


لف ذرعه علي خصرها من الخلف يحتويه..ورفع يـ ـده الأخري يهذب خصلات شعرها خلف أذنها،قائلاً بصوت هامس بجوار أذنها:


-لما أبطل أحبك هبطل الطريقة دي...وده مستحيل فالطريقة دي هتنتهي بموتي 


أدارت وجهها له سريعاً...بعد حديثه الذي ألم قلبها وأهتز له جــ ــسدها بين يـ ـديه قائلة بلهفة:


-بعد الشر عليك يا حبيبي متقولش الكلام ده عشان بيوجعلي قلبي أوي 


قبل شـ ـفتيها قبلة سطحية سريعة وهو يقول بحنان:


-سلامة قلبك من الوجع يا حبيبتي 

ثم إستكمل حديثه بجدية:


-أنا عرف إنك زعلانة عشان اللي حصل تحت  بس صدقيني هو ده الصح يا حبيبتي..وأحمد كان بدأ يلخبط في الكلام لأن نوبة الغضب كانت وخداه 


-بس هو مقالش حاجة غلط يا إبراهيم والمفروض كنت تأيد كلامه..مش تحسسه إنه ملوش لازمة في حياة أخته 


-ملوش حق يتكلم وأنا واقف وراضي يا سارة دي في الأول وفي الأخر بنتي 

خرجت تلك الكلمات من شـ ـفتيه بغضب 


فردت عليه هي الأخري بغضب مماثل قبل أن تتجه لغرفة الملابس:


-خليك مدلعها كده يا إبراهيم أما نشوف أخر دلعك ده إيه


بعد عدة ساعات


إجتمع الجميع بالأسفل مرة أخري ولكن هذه المرة زاد عليهم سارة ومالك 

سعدت سارة بشدة عندما رأتهم ورحبت بعمها وزو جته ولين بسعادة 

فعمها كأبيها الثاني دائماََ ما يغدقها بحنانه بالرغم من قسوته في بعض الأحيان 

ولكن لا تحبذ زو جة عمها...ولا هي تحبها علي الأغلب


أردفت سارة وهي تحتضن ليه بشدة مرة أخري:


-أخيراََ هلاقي حد أقعد معاه في القصر دن 


ضحكت لين علي قولها وهي تهتف هي الأخري:


-وحشتيني أوي يا سارة 


-إنتِ أكتر يا لين...إعملي حسابك هتباتي معايا النهاردة كده كده فارس مش هنا 


أماءت لها بالموافقة وهي تقول:


-موافقة جداً


وضع الأكل أمامهم علي السفرة وبدأ الجميع بتناول عشائهم بهدوء قطعته لين وهي تنظر لأحمد بنظرات مليئة بالإعتذار قائلة:


-أنا أسفة يا أحمد علي اللي حصل من شوية 

أنا عارفة إنك خايف علي مصلحتي..متزعلش مني عشان خاطري 


إبتسم لها أحمد وهو يقول بسماحة:


-مقدرش أزعل منك يا حبيبتي


أرسلت له قبلة بالهواء وهي تقول له :


-اخويا وحبيبي والله


ضحك وهو يرسل هو الأخر بقبلة لها 


قالت سارة بحنان وشوق لإبنها البكر:


-مفضلش غير فارس ولمتنا تكمل 


عقبت لين علي كلامها وهي تقول بشوق:


-وحشني أوي يا ماما 


-كلها أقل من اسبوع ويجي إن شاء الله


نظرت سارة لإبراهيم الحامل مالك علي قدميه منذ رؤيته له...فقالت:


-هات مالك شوية يا إبراهيم عشان تعرف تاكل


شدد كفه عليه وهو يقول لها:


-لاء سبيه قاعد معايا... وحشني أوي


رد عليه مالك وهو يحتضنه بذراعيه قائلا:


-وإنتَ كمان يا جدو كنت وحشني أوي إنت وتيته...بس لين كانت وحشاني أكتر 


ضحك الجميع علي كلمات الصغير 

أما لين فقالت له بإبتسامة سعيدة:


-إنت روح قلب لين 


❈-❈-❈

نعود إلي الفندق مرة أخري وخاصة غرفة نغم 


تتقلب يمين ويسار...تُحايل في النوم أن يزورها ولكنه لا يستجيب..تريد رمي نفسها بأحضانه حتي تنسى ما حدث اليوم 

ولكن النوم لم يفتح لها يـ ـداه وخاصة بهذه الليلة..تاركاً إياها غارقة بتفكيرها،فصوت فارس مازال يتردد بذهنها لا تصدق ما حدث


قامت وهي تزفر بغضب مسندة ظهرها علي السرير وهي تتذكر ما حدث بالمطعم بعد أن ضحك علي كلامها المتهور الذي ألقته بوجهه 


توقف عن الضحك واخذ يهدأ أنفاسه وينظمها قائلاً لها بجدية معاكسة لحالته الضاحكة منذ دقائق:


-أنا عاوزك في الحلال يا نغم 


غمغمت نغم خلفه وهي تقول بعدم فهم ودقات قلبها تكاد أن تتوقف:


-عاوزني في الحلال إزاى


-إيه يا نغم إنتِ المفروض في هندسة يعني تلقطيها وهي طايرة 

خرجت هذه الكلمات بمزاح من فارس حتي يخفف من سكون الأجواء..


ثم قال بتوضيح أكثر حتي لا يترك لها مجال للتفكير ولو لقليل:


-عاوز أتجوزك...ومتقوليليش هتتجوزني إزاي عشان الحاجات دي مينفعش تتقال بتتعمل بس


أراد إخجالها وها هو فعل..تدفقت الحمر بوجنتيها من حديثه ونظرت إلي أسفل حتي لا تتقابل عيناها مع خاصته 

تشعر وكأن كل ما يحدث الآن ما هو إلا مقلب أو أقرب للحُلم...فارس يطلب يـ ـداها!!!

،معذرة...فارس الهواري يطلب يـ ـداها

يا لسخرية القدر...قلبها يرقص بفرح وسعادة

،تشعر وكأنها فراشة تُريد أن تحلق في السماء من فرط فرحتها...لا تعلم بماذا ترد عليه فهي حقاً تُحبه ومنجذبة إليه بشكل غير طبيعي ولكن لا تستطيع قولها صريحة له 


وضع يـ ـده بجيب سترته وأخرج منها علبة مخمليه زرقاء...فتحها وهو يمد يـ ـده بها علي الطاولة قائلاً بصوت دافئ حنون للغاية:


-تقبلي تقضي بقية حياتك معايا يا نغم....تقبلي تتحمليني في كل أوقاتي...تتحملي تقلباتي المزاجية وطبعي اللي إلا حد ما سئ


تنظر إليه بسعادة لم تتخيل أنها موجودة يوماً...قلبها يرفرف كفراشة حرة تحلق بالسماء،كلامه جعل جسدها يرتجف تأثراً بما قاله 

إن كان حلماً فلا تريد الإستيقاظ منه أبداً...وإن كان حقيقية فيا حظها الجميل


لم تشعر بنفسها سوا وهي تهز رأسها للأمام بالموافقة وعلي وجهها إبتسامة غير مصدقة لما يحدث...وعيناها إغرورقت بالمدموع 

أرادت أن تتحدث ولكن كان للصدمة أثر كبير عليها...

فهى كانت تعلم أنه معجب بها من طريقه حديثه ولكن لم تحلم يوماً أن يطلبها للزو اج 

ستكون إمر أته!!!!...يالها من كلمة جميلة إمر أة كتلة الجاذبية الجالس أمامها 


أخرج الخاتم الألماس من علبته ثم مد يـ ـديه يتناول كفها وعلي وجهه إبتسامة صافية...


وضعه بإصبعها بمنتهى الرقة 

ثم بلحظة أمال رأسه تجاه إصبعها السبابة الذي وضع به الخاتم وطبع عليه بشـ ـفتيه قبله مطولة قائلاً:


-مبروك عليا إنتِ


سارت القشعريرة علي طول عمودها الفقري من نبرته المعذبة لقلبها...إرتبكت بشدة من قبلته التي تركها علي سبابتها،كانت ترتجف كورقة مببلة

بين يـ ـديه 

كيف يؤثر بها لهذا الحد!!...بأقل حركة منه قادر علي جعلها تحلق بالسماء...لم ترى قط رجل بشخصيته 

قلبها هُلك من كم الصدمات التي أخذها اليوم من هذا الفارس 


خرج صوتها بصعوبة بعد أن إبتلعت ما في حلقها قائلة بصوت مرتبك متسائل:


-إشمعنا أنا؟


-عشان إنتِ


كست الحمرة وجنتها مرة أخري وهي تقول له بخجل:


-إنت بتكسفني 


-ما هو ده المطلوب...بحب أشوف الفراولة علي خدودك 


ضحكت نغم علي جملته وهي تقول له:


-أنا مش مصدقة إن حضرتك بتقولي الكلام ده 

ثم أكملت حديثها بتوسل بعيناها:


-عشان خاطري بلاش حضرتك تلعب بيا...بلاش تشوفني ضعيفة عشان مليش أهل 


هز فارس رأسه بالنفي وهو يقول لها بجدية بحديثه يوبخها علي ما قالته:


-إيه الكلام ده يا نغم!!!...أنا مستحيل ألعب بيكي أو أفكر فيكي كده،أنا معجب بيكي وطالبك في الحلال 

ومن النهاردة أنا كل أهلك وأوعدك إني عمري في يوم مهسيبك زعلانة مني أو أجي عليكي في حاجة وإلا مبقاش راجل 


-مش عارفة أقول لحضرتك إيه 


-بطلي إنتِ بس كلمة حضرتك دي والدنيا هتبقي تمام 


ثم نظر لساعة يـ ـديه قبل أن يقوم من مكانه قائلاً لها:


-يلا الوقت إتأخر ولازم نرجع الفندق ونكمل كلامنا بكرة إن شاء الله 


قامت نغم عقب كلامه هي الأخري من مكانها وهي تحمد الله بسرها أنها أخيراً ستختلي بنفسها قليلاً حتي تستطيع إستعاب ما حدث معها اليوم 


نادي فارس علي النادل وطلب منه أن يلف لهم الطعام الذي لم يمسوه تيك أوي 


فاقت من شرودها وهي تنظر للخاتم الموضوع بيدها اليسرى كان فاخراً لدرجة كبيرة،لم ترى مثله..أشبه بالتحف الفنية،تظن أن تكلفته تُعدي 

مئات الألاف..أخذت تتحسسه بأناملها وهي تتذكر قبلة فارس الذي وضعها عليه 

ذابت بتفاصيله....لا تعلم ما فعلته هو الصواب أم لا،فهي لم تفكر بقرارها بالموافقة..لم تشعر بنفسها بالأساس وكأن فارس خدرها 


لولا وجود الخاتم بإصبعها لكانت أيقنت أن ما حدث ما هو إلا حلم جميل 


تريد أحد تشاركه بما حدث اليوم ولكن لا يوجد...لو كانت أمها موجودة الآن لكانت أشارتها بهذا الموضوع وأخذت رأيها 


لو كانت تمتلك صديقة واحدة فقط علي الأقل لكانت الآن تلقي ما بجبعتها لها 


أحبته بكل مشاعرها التي كانت تكبحها منذ طفولتها...لأول مرة تشعر بهذه المشاعر علي

يـ ـده...لم تنجذب يوماً لأحد سواه


ومعها كل الحق بمشاعرها تلك فمن يرى رجل مثله ولم ينجذب إليه ويقع صريعاً بحبه..من يرى كل تلك المواقف التي فعلها معها ويستطيع كبح مشاعره تجاهه،رجل تتمناه كل إمرآة ظهراً قوياً تستطيع الإسناد عليه وكتفاً حنون تميل عليه بتعبها دون أن تخشي شيئاً


إستلقت علي السرير مرة أخري بعد إقتناع تام أن ما فعلته هو الصواب هي تحب فارس وتحتاجه بشدة بحياتها

❈-❈-❈

أما بغرفة فارس 


كان يقف عاري الصدر  ناظراً إلي الطريق العام من نافذة الغرفة 


يشعر بسعادة عارمة علي تلك الخطوة التي أخذها مع نغم اليوم...شعور لذيذ تخلله عند موافقتها علي الزو اج به

ولكن شئ واحد يعكر صفو هذه اللحظة ألا وهو زو اجه من سارة 


فنغم حتي الآن لا تعلم بزو اجه...وهو لم يلمح لها بهذا الموضوع من قريب ولا بعيد 


وإن علمت فمستحيل أن توافق أن يتم هذا الزو اج...لا يجد حل لتلك المعضلة فهو لا يخشي معرفة سارة أو أحد من عائلته زواجه منها 

فإن غضبوا لا يهمه يكفي أنه سيكون سعيد معها 

لكن كل خوفه من معرفة نغم


يخاف منها ومن رد فعلها يعترف ولا يريد المجازفة بإخبارها بزو اجه حتي لا تبتعد عنه وتراه رجل لعوب،لا يريد أن يشوه الصورة التي ترسمها له ويراها بأعيونها 


أغمض عينه وهو يتنفس الهواء النقي الآتي من النافذة المفتوحة أمامه يحاول البحث عن أي حل 


ولكن لا يجد سوا حل واحد فقط 


وهو أن يتزوج نغم بالسر!!!!



يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة