-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 4

 

قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار

الفصل الرابع



فريدةٌ انتِ

لا تُشبِهينَ أحداََ

تُشبهينَ كُل الجمال الذي يُلون الأرض 

تُشبهينَ أشياءََ لا يُمكن أن تُرى

تُشبهينَ الأحلام والرُؤى


❈-❈-❈


في صباح يوم جديد بجناح فارس

نجد الفراش مقلوب رأساً على عقب وكأن اسدٌ جامحٍ كان عليه في عراك مع بقية حيوانات الغابة  فالوسادات ملقية علي أرضية الغرفة والملايات مبعثرة بشكل فوضوي علي السرير

والملابس ملقية بعشوائية علي الكوميدينو المجاور للسرير.


فتح فارس عينيه وهو يشعر بثقل علي صدره 

وجد سارة تضع رأسها علي صدره ويـ ـديها تحاوط خصره بشدة وكأنها تخاف من هروبه إلي مكان بعيد فنظر إليها بشرود وإلي وجهها الذي لم يتذكر متي أخر مره دقق النظر به 

فهي وبرغم نومها وذهابها لعالم أخر إلا أنه يرى في وجهها خبث ومكر لم يراه بأحدٍ سواها 

فها هو في صراع بينه وبين نفسه بعد كل مره ينهي بها أداء واجبه تجاهها فنعم فهو لم يفعل أي شئ سوا الواجب عليه فهذا هو حقها عليه فقط لا غير أن تمتعه وبالتالي يرد إليها المتعة بمتعة أكبر مما تحلم بها لم يعلم يوم لما لم يفتح قلبه لها أبوابه بالرغم من محاولتها التي لا تنتهي بجعله يميل إليها ولكن كل محاولتها تذهب هباءََ 

ودون إدراك منه أخذ يقارن ملامحها بملامح نغم وقد خسرت سارة خسارةََ ذريعة بهذه المقارنة فتذكر رقة نغم وهو يوقظها بعد أن فقدت الوعي فسبحان من أبدع هذه اللوحة بوجهها فحقاََ بدون مبالغة لديها القدرة أن تجعل الشخص الموجود أمامها مهما كانت قوته وجبروته أن يتأثر برقتها الغير مصطنعة الملائمة لوجهها الملائكي أن يذوب بسحر عيناها القادرين علي إحتضانك بمجرد نظره منهم فقط  

ويكفي أنها لا تمتلك خبث ولا مكر بكلامها فهي تتحدث دون أن تحسب حساب لحديثها  

مثيرة دون مجهود يذكر تجعلك تُفكر بها بدون عناء منها 


أخرجه من شروده صوت سارة الناعس وهي تقول بإبتسامه مشرقة:


-صباح الخير يا حبيبي 


رد لها الإبتسامة بأخري باهته وهو يتمتم بصوت منخفض:


-صباح النور 


إعتدلت بحضنه وهي ترفع رأسها له ثم أردف بتساؤل:


-صاحي من بدري


رد عليها وهو يغلق عينه لبرهه:


-لاء لسه صاحي 

ثم فتح عينه فجأة متذكراََ شئ فنظر لها متسائلاً:


-أنتي أخدتي البرشام إمبارح


أنقلب وجه سارة ١٨٠درجة فها هي قد وجدتها الخناقة التي ستقلبه عليها  مرة اخري فهو منذ أن وُلِد مالك أخبرها بأن تأخذ برشام لمنع الحمل ومن وقتها لم يغير قراره وللحقيقة الموضوع لم يفرق معاها إذا أنجبت منه مرة أخري أم لا فيكفي أنها جلبت له الولد الذي سيريث كل هذه الإمبراطورية  

ولكن تُحب أن تعانده ف حتي الآن لا تعلم ما سبب إصراره علي عدم الخلفة منها مرة أخري لذلك بدأت بإهمال البرشام في الفترة الأخيرة 


إبتسمت له بشحوب وأردفت بتلعثم واضح:


-طبعاََ يحبيبي بخده علي طول


رفع حاجبه الأيسر وقال بتهديد يدب الرُعب بالأبدان:


-أقسم بالله لو عرفت إنك مبتاخديش البرشام لدفنك مكانك 

ثم صاح بصوت عالي:


-فاااااهمة


هزت رأسها بالإيجاب لمرات متتاليه وهي تردف بخوف:


-فاهمة فاهمة

ووعدت نفسها بداخلها أنها ستأخذه في مواعيده فوجهه لا يوحي بأن الموضوع مضحك أبداََ فلا يوجد مجال لعنادها


قام من علي السرير بغضب وإتجه إلي الحمام 

ليسترخي قليلاً قبل أن يذهب للشركة 


أما سارة فنظرت لرحيله بإستنكار فهي لا تعلم كيف يُفكر  أو ما يدور برأسه حُلمها بسيط ألا وهو أن يعاملها معاملة حسنة مثل أي إثنين متزوجين عن حب فهي لا تريد من الدنيا شئ سوى حبه 


رأته يخرج من الحمام وهو يلف فوطه علي خصره والأخري علي رأسه يُنشف بها شعره 

فكم يبدو جذاباََ بهذا الشكل ف للحق هو دائماََ جذاب فرزقه الله بكم كبير من الوسامة ورزقه أيضاً بالشخصية القوية التي تجعل الجميع يهابه ويحترمه فحمدت ربها سريعاً أنها قد حصلت عليه وأصبح زوجها 


قامت من علي السرير لتدخل الحمام هي الأخري عندما وجدته يتجه إلي غرفة الملابس

ليرتدي ثيابه الخاصة بالعمل 

❈-❈-❈


في الشقة الخاصة بفارس التي أحتلتها نغم 


فتحت عيناها بنعاس علي صوت موبايلها التي يصدع صوت رنينه في الشقة بأكملها، أخذت تلعنه في سرها ف مُعاناة كل يوم ها هي تتكرر 


مدت يـ ـدها علي الكوميدينو المجاور للسرير لتأخذ الهاتف،وفجأه إنقلبت الأبجورة الموجودة عليه وتحطمت إلي أشلاء،إنتفضت مفزوعه من علي السرير وهي تنظر إلي الكارثه التي فعلتها

وضعت يديها الإثنين علي خديها وأردفت بصدمه:


-إيه اللي أنا هببته ده 

ثم إستكملت حديثها بإستنكار:


-يعني هو كان لازم الفشخره تخده ويعمل الأبجورة إزاز أهي إدشدشت

ثم سبلت عيناها بطريقه تراجيديه وهي تتمتم:


-بس يا حرام كان شكلها حلو أوي....أوريله وشي إزاي دلوقتي 


نزلت من علي السرير بحذر حتي لا يتعلق الزجاج بقدميها وإتجهت إلي المطبخ لجلب جاروف ومقشة لتخفي آثار هذه الجريمة،

وبدأت بِجَر الزجاج لداخل الجروف بحرص،وفجأة أطلقت صرخة متأوهه أثر قطعة الزجاج التي تعلقت بيـ ـدها ف ألقت الجاروف علي الأرض بألم وأخرجت قطعت الزجاجه بعناء من يـ ـدها فكانت تتمسك بها تمسك إبن بأمِه التي يعلم أنها ستخرج وتتركه بعد قليل ،إتجهت إلي الحمام سريعاً،ووضعتها تحت الصنبور بعد أن فتحته،وأخذت تأن بألم 

أغلقت الصنبور بغضب وهي تسب وتعلن نفسها،سحبت الفوطة الموضوعه علي حمال في الحائط وأخذت تجفف يـ ـدها مكان الجرح 

وإلتفت حول نفسها تبحث عن أي شاش موجود بالمكان لتربط به يـ ـدها،وها قد وقعت عيناها علي دولاب صغير موضوع بركن في الحمام ففتحته سريعاً وأخذت منه ما يفيد حالة يـ ـدها مثل المكركروم والشاش ومياة الأُكسجين وإتجهت نحو غرفتها مره أخري 


جلست علي السرير ووضعت أمامها المعدات الموجوده بيدها وهي تقول بسخرية:


-يلا يا دكتورة نغم سمي الله وابدائي العملية الجراحية


وضعت أولاََ مياة الأُكسجين علي الجرح وهي تكتم تألمها 

ثم وضعت المكركروم وأخيراً لفت يـ ـدها بالشاش وهي تُشجع نفسها بكومديا:


-يا سلام عليكي يا بت يا نغم..لفتيها أحلي من أي لفة هداية 

ثم أردفت بحقد مصطنع:


-بس حياة الأغنية دي سهله أوي..يتعو.روا يدخلوا الحمام يخرجوا منه ولا أكن حاجة حصلت....أما أنا أيام الحارة كنت بنزل الشارع تحت وأتحايل علي أي عيل صغير يروح يجبلي شاش من الصيدلية اللي في أول الشارع،الواحد مكنش عايش والله 


قاطع حديثها صوت رنين الهاتف،أخذته هذه المره بحذر شديد ووجدت المتصل إياد 

فتحت الهاتف وقالت بمودة:


-أهلاََ باللي نسيني 


إبتسم بخفة ورد عليها بغضب مصطنع:


-أنا برضو اللي ناسيكي....طب حتي إسألي عليا يمكن يكون جرالي حاجه


-بعد الشر عليك يا إياد متقولش كده 

خرجت هذه الكلمات من شفتيها سريعاً عقب كلامه 


إبتسم علي حديثها وحمد ربه في سرعه أن الله عوضه بنغم فإن كان لديه أخت من أمه وأبيه لم يحبها كل هذا الحب الموجود بقلبه تجاه نغم فهو وحيد لا يوجد ليه أخ او أخت 

وكانت نغم بمثابة الأخوات لديه وحقاََ وجودها فارق بحياته فيتذكر يوم أن أخبرته أمه أنها ستفاتح نغم في موضوع خطبتها منه يومها ضحك ملئ فمه وهو يخبرها "أنه هل من الممكن أن يتجوز الأخ أخته" وأخذ يقنعها لعدة ساعات حتي قالت له بزهق "أنت حر" 


صاحت نغم بتساؤل:


-روحت فين يابني


خرج إياد من شروده علي صوت صياحها به 

فقال:


-معاكي أهو.... المهم أنتي عاملة إيه 


ربعت نغم أرجلها علي السرير وقالت له بأريحيه ساخرة:


-حياتي اتغيرت في يوم وليله يا إيدو والله 


جعد إياد حاجبيه وقال بعدم فهم:


-يعني إيه حياتك إتغيرت


حَكَت له نغم ما حدث معها منذ أن طردها فارس من الشركة حتي وصوله بها إلي هذا البيت 


صاح بها إياد بعصبية من هبل صديقته التي أَمَنت لهذا الفارس بهذه السهوله والأدهي أنها تتحدث عنه وكأنه قام بحدث بطولي:


-انتِ مجنونة يا نغم....إزاي تقعدي في شقة واحد متعرفيهوش وإزاي تخرجي من بيتك بالطريقه دي 


ردت عليه نغم بهدوء وهي تحاول أن توصل له وجهة نظرها:


-أولاََ أنا أجرت الشقة منه يعني مش قاعدة في شقته،ثانياً كنت عاوزني اعمل إيه يعني بعد م إتهموني في شرفي وعابوا فيا....فارس بيه يُشكر إنه خلاه واقف جمبي لحد مجبني في الشقة دي وحقيقي الراجل كريم جداً ومشوفتش منه أي حاجة وحشة

ثم إستكملت حديثها بنبرة منكسرة:


-انا حسه إن ده عوض ربنا يا إياد انت الوحيد اللي كنت عارف أنا كنت تعبانة في حياتي قد إيه...لكن دلوقتي الحمدلله عشت في منطقة نضيفه وفي شقة عمري م كنت أحلم بيها وإشتغلت في وظيفه محترمة وفي تالته هندسة شوفت حياتي إتغيرت إزاي 


تنهد إياد بضيق وقال لها بعدم إقتناع بحديثها:


-كان مالها عيشتك يا نغم؟...كانت زي الفل ولا حد كان كاسر عينك أما دلوقتي إنتِ متقدريش ترفعي عينك في وشه طبعاََ مهو كاسيكي ومأكلك ومسكنك


إغرورقت الدموع بعينها من قسوة كلام إياد فهي لم ترى الموضوع من هذا المنظور أبداََ 

ولا تظن بأن فارس سيُعايرها في يوم من الأيام علي وقوفه جانبها فهو حقاََ محترم ولم يصدر منه أي تصرف غير مقبول إلا وكانت أوقفته عند حده في وقتها ولم يهمها أنه رب عملها 

خرج صوتها مهزوز من أثر كلامه:


-أنا محدش كاسر عيني يا إياد وكل الحاجات دي أنا متفقه معاه إني هرد حقها يوم مأقبض فلوسي وشكراً علي كلامك ليا


زفر إياد بضيق من نفسه عندما أحس ببكائها من نبرة صوتها وندم علي حديثه فأردف لها بحنيه:


-يا حبيبتي أنا خايف عليكي منه ومكنتش عاوز تختلطوا ببعض بالطريقه دي واللي سمعته عنه إنه إنسان مش سهل وبيلعب بالبيضه والحجر...وإنتِ يا نغم طيبة وملكيش في الكلام ده 


هزت رأسها متفهمه خوفه عليها فمطأنته قائله:


-متخفش عليا يا إياد والله العظيم فارس بيه طيب جداً ومشوفتش حد زيه كده أو بيعامل موظفينه بالطريقه دي  وأكيد اللي بيقولوا عليه كده أعداء ليه مهو مشهور وأكيد ليه ناس كتير بتكرهه 


-ربنا يوفقك يارب يا غومي ويديكي علي قد طيبة قلبك ويبعد عنك أي أذية....يلا هقفل عشان تلحقي تلبسي وتروحي الشغل 


قال هذه الكلمات وأغلق الخط بعدها وهو يدعو ربه أن يسلمها من كل شر


أما هي جلست علي الأرض مرة أخري وأخذت تلم الزجاج المبعثر علي الأرضية بحرص شديد هذه المره وبعد إنتهائها أخذت الجاروف وإتجهت نحو المطبخ وأفرغت الزجاج الموجود به في كيس بلاستيك ثم ألقته في سلة القمامة 

❈-❈-❈


نجد الكُل مجتمع علي سُفرة الطعام يناولون فطورهم ومن منظرهم وهم مجتمعين هكذا يجعلك تظن أنهم عائلة متماسكة ولكن بالتعمق تجد أن كل شخص بهم له حياته المنفصلة بمشاكلها فلا يوجد روح لهذا القصر فهم سكان فقط لا أكثر ولا أقل،فمنذ سفر اغلب العائلة للعيش بالخارج وأصبح القصر بلا معني 


قطع هذا الصمت المغلف المكان صوت أحمد الذي خرج  بعد الكثير من التردد يخشي رفض أخيه فهو إن رفض لم يستطيع فعل شئ  فأردف بصوت متوتر:


-فارس أنا عاوز أخطب 


ترك فارس المعلقة التي كانت بين يديه ووجه نظره له وهو يجعد حاجبيه وأردف بإستنكار:


-تخطب إزاي مش فاهم


-أخطب يا فارس زي أي حد بيخطب،بحب واحدة وعاوزها 


هز فارس رأسه بتفهم وأردف وهو يعود لطعامه مرة أخري :


-أيوه ما أنا فاهم يحبيبي بس مش المفروض تكون بتشتغل ومخلص دراسة عشان تعرف تفتح بيت


وافقة أحمد الرأي وقال وهو ينظر له بعاطفة:


-انا مش بقولك هتجو.ز دلوقتي دي مجرد خطوبة لحد مخلص السنة دي وبعدين أفكر في الجوا.ز


رفع فارس إحدي حاجبيه وهو ينظر إليه وأردف بهدوء:


-طب متستني لحد متخلص السنة دي وبعدين تُخطب علي الأقل نعرف هنقول للناس إيه 


زحف العبوس إلي وجه أحمد وهُدمت عزائمه

فأخيه محق وهو يعلم ولكن إذا إنتظر ستضيع منه رُقية ولم تنتظره فأغمض عينيه لبرهة ثم فتحها مره أخري وأردف بيأس:


-جايلها عريس يا فارس وأبوها بنسبة كبيرة موافق عليه ولو استنيت هتبقي ضاعت من

 إيـ ـدي


تدخل محمد في الحديث وهو يتحدث برزانة:


-وهو مين يطول إنك تتقدم لِبنته يا أحمد إنتَ مستقبلك مضمون وليك مكانك في الشركات بعد التخرج يعني مفيش مشكلة إنك تُخطب دلوقتي 


هز أحمد رأسه لجده مؤيداً لكلامه هو الآخر ولكن وجه نظرته لأخيه فهو لم يفعل شئ إلا بموافقة أخيه ليس خوفاََ منه أو سيطرة من فارس عليه بل إحتراماََ لمكانة فارس عنده فهو بمثابة الأب والأخ والصديق 


لم تخفي عن فارس تلك النظره التي بعين أخيه نظرة تستنجد به تخبره أنه يُحبها  صدقاََ وليس نزوة وستذهب لحالها 


فخرج صوته متسائلاً :


-بنت مين 


رد عليه أحمد مجاوباََ علي سؤاله سريعاً:


-بنت محمد الشاذلي


إبتسم له فارس بسخرية وأردف له بخيبة:


-مختار بنت أكتر واحد مادي في السوق


-أنا مليش دعوة بأبوها يا فارس أنا بحبها هي وعاوزها هي وبجد هي طيبة جداً ومحترمة...ثق في إختيار أخوك 


إبتسم له فارس بحنان وأردف بهدوء يحمل الكثير من المشاعر فإبنه البكر كما يسميه كبر وحب ويريد شريكة حياة وتكوين أسرة فإن كان لا يُبالي من الخارج ولكنه من الداخل تهيج عليه كل ذكرياتهم سوياََ وكيف رباه بعد سفر والديه لظروف تعليم أُختهم :


-خلاص يا عم الحَبْيب شوفلنا معاد مع ابوها مع إني مبطقش أمه 


ضحك أحمد بسعادة وهو يقوم من كرسيه ويتجه لمكان جلوس أخيه ليرتمي بأحضانه 

وبالفعل فتح فارس ذراعيه له بإبتسامة حنونه وهو يدعو الله أن يديم عليه هذه السعادة


نظر لهم الجد بحب علي علاقتهم سوياََ فبرغم أن فارس يظهر وكأنه قاسي لا حبيب له ولا صديق إلا إنه عند أخيه إنسان مختلف تماماً

يملك حنية الدنيا بأكملها بقلبه يشعر ببعض الندم أحياناً علي إجباره له بالجواز من سارة 

ولكن يرجع ويتذكر المُصيبة التي كانت ستحل عليهم وقتها إذا لم يتخذ هذا القرار بأسرع وقت فلم يملك شئ سوا بالدعاء لهم وأن يُؤلف قلوبهم علي بعض ويراهم سعداء سوياََ حتي لا يحمل ذنبه فهو كان من حقه أن يُحب ويأتي ليطلب منه زواجها كما فعل أحمد اليوم ولكن الأقدار لم نهرب منها وسارة كانت قدره 


أردف الجد بصوت يحمل معالم السعادة:


-انا قررت أسافر تركيا أقعد هناك شوية مع إبراهيم عشان وحشني 


نظر له أحمد بترجي وهو يردف:


-طب إستنى حتي لحد ما أطلب إيـ ـد  رقية وتحضر الخطوبة


-البركة في فارس يحبيبي وإن شاء الله هبقي أنزل مع إبراهيم في الخطوبة 


نظر مالك لعمه ببراءه وهو يقول له متسائلاً:


-يعني إنتَ يعمو هتبقي عريس وهلبس بدلة 


-أيوة يحبيبي هتلبس أحلي بدلة في العالم هو انت أي حد ده انت مالك فارس الهواري يعني علامة في البلد دي 


أردف هذه الكلمات أحمد بمزاح لإبن أخيه 


نظرت له سارة الصامتة من أول الجلسة وقالت بغرور:


-يارب يكون إختيارك يليق بالعيلة وإسمها متجبلناش واحدة تربية شوارع وتسكنها معانا 


رقمها فارس نظرة جعلتها تبلع لسانها وزحف الخوف والتوتر علي وجهها من نظرته التي أطالت فأردفت سريعاً مصححه لكلامها:


-أقصد يعني أهم حاجة إنها طيبة وتكون بنت حلال وتستاهلك يا أحمد


رد عليها أحمد بفتور وهو يقوم من علي السفرة :


-متخفيش يا مرات أخويا من ناحية طيبة فهي طيبة اوي وهتحبيها إن شاء الله


قام فارس هو الأخر ليتجه إلي الشركة 

ولكن قبل مغادرته الغرفه ذهب لمكان جلوس مالك وأعطاه قبله علي رأسه وهو يودعه


❈-❈-❈


يجلس علي كرسي مكتبه وكل لحظه والثانية ينظر لساعة يـ ـداه ينتظر مجيئها فما خطبها هذه لما تأخرت هكذا!!!

وعندما يتوعد لها بسره يفزع قلبه وهو يخبره أن من الممكن أن يكون أصابها سوء وهي بمنطقة لم تعرف بها أحد ولا أحد يعرفها،

تنهد بضيق من أفكاره وحاول إلهاء عقله قليلاً عنها ففتح إحدي الملفات وقرأ بها بذهن شارد  نزلة قبضة يده علي منضدة المكتب وهو يردف بعصبية:


-ما تثبت وتركِز في شغلك بقي، حتة بت تعمل فيك كده!!


وكأنها سمعته دقت الباب سريعاً ودخلت إلي المكتب...صوت أنفاسها كان مسموع لديه وصدرها الذي أخذ يهبط ويصعد بتناوب 


ولكن ما جعله يجعد حاجبيه بخوف نابع من أعماق قلبه الرباط الذي تربط به يدها فأردف بخفوت:


-فيه إيه مالك وإيـ ـدك مالها إيه حصلها 


عند نغم أخذت تستجمع صوتها ليخرج ولكن بدون فائدة فهي منذ ساعتين تحاول الوصول للشركة ولكن لا تعلم الطريق من بيتها الجديد للشركه فاخذت تدخل شوارع وتخرج من الأخري وتسأل هذا وتترجي هذه أن تقول لها الطريق الصحيح ولكن دون فائدة 

حتي عمل مخها وأخبرها أن تتصل بإياد تستعين به وبالفعل رنت عليه وعلي الفور رد عليها وفي ربع ساعة كان يقف أمامها وأوصلها إلي الشركة بسيارته 

ثم جاءت لتصعد بالاسانسير وجدت به عُطل فصعدت سريعاً علي السلم  خوفاََ من فارس فهي تأخرت كثيراً فمن المفترض أن تأتي هنا منذ ساعة ونص 


قام فارس من مكانه وذهب لمكان وقوفها بقلق عليها عندما لم تجاوبه فشك أنها لم تستمع إلي سؤاله من الأساس وصوت أنفاسها لم يهدأ بالعكس فإنه زاد عن الأول 


نظر لها فارس بخوف وهو يسألها:


-نغم إنتي سمعاني؟


هزت رأسها به عدة هزات بسيطة وقالت بصوت مهزوز :


-أنا أسفه علي التأخير بس والله مش بإيدي 

أنا خارجه من البيت بقالي ساعتين 


لم يتحمل أكثر من ذلك فصاح بها بصوت مرتفع:

-تأخير إيه وزفت إيه بقولك إيه اللي حصل

 لإيـ ـدك ومالك بتنهجي ليه 


نظرت له بتوتر من لهجته الحاده وقالت له:


-مكنتش عارفة طريق الشركة لأن المكان جديد عليا  وكل ما أسأل حد يقولي الطريق غلط 

لحد م رنيت علي صاحبي وجالي وجابني هنا 


تغاضى علي كلمة 'صاحبي' التي رشقت بقلبه بألم،يعلم فقط ما حدث ليدها ومن بعدها يعود لصديقها مرة أخرى


أردف لها وهو ينظر للشاش الحاجب كف

 يـ ـديها:


-ودي إيه اللي حصلها 


نظرت للأرضية عقب كلمته وأخذت تفرك 

يـ ـديها بتوتر شديد فبماذا تُخبره فهي حتي الآن لم تستوعب أنها كسرتها فكان يبدو عليها أنها تحفة وليس أبچورة وبالتأكيد سعرها خرافي 

فقررت أن تصمت فهي لم تُخبره حتي لا يتعصب عليها أو ينظر إليها علي أنها مُهملة 


صاح فارس بعصبية من سكونها المبالغ فيه:


-نغمممم


إهتزت من مكانها أثر صوته وتمتمت بضيق:


-نعم


خرج صوته جدياً أكثر من الازم وكأنه إن لم يعلم سيتوقف العالم :


-إيـ ـدك مالها 


نظرت له وسبلت له عيناها حتي تستعطفه 

حتي أنها حاولت إحضار بعض الدموع ولكن دموعها عصت أمرها فأردفت بصوت حزين:


-الصراحة أنا كسرت الأبچورة اللي كانت في أوضة النوم ولما جيت ألم الإزاز إتعورت 

ثم إستكملت حديثها سريعاََ قبل أن يُعقب عليه:

-بس والله العظيم لأردلك حقها اول ما أقبض المرتب 


عاد قلبه لمكانه مره أخري عقب إستماعه لكلماتها فعقله قد تخيل سنيورهات كثيرة 

حمد الله كثيراََ علي عدم تحققها


لم يخفي عليه خوفها منه ولا توترها البادي علي وجهها فإبتسم بداخله عليها وأردف بهدوء:


-فداكي ألف أبجورة يا نغم وإن خلصوا الألف نجيب ألف غيرهم  


زحف الخجل علي وجهها من عبارته وأردفت بصوت منخفض يُكاد يسمع:


-بس دي شكلها كانت غالية أوي 


-الغالي يرخصلك ويبقي بملاليم  

ثم إستكمل حديثه بنبرة جدية متسائلاً:

-مين اللي وصلك لحد هنا قولتيلي 


رفعت عيناها من علي الأرض وصوبتها إتجاه عينيه فكلامه لها حرك مشاعرها حركة ليست طبيعية فلما يتحدث معها بتلك الطريقة العاطفية التي من المفترض أن تكون بين العاشقين ولا تمت  المدير والسكرتيرة الخاصه به بِصله


أردفت له بعد برهه من الصمت والتفكير:


-ده إياد زميلي في الجامعة وهو اللي جابلي الشغل هنا 


لم يحيد بنظره عن عيناها وأخبرها بتساؤل:


-وإنتِ بتصاحبي ولاد في الجامعة؟


هزت رأسها سريعاََ لتنفي عن نفسها هذه التهمه التي أخذها عليها من حديثها وأردفت بتفسير:


-أنا معرفش أي حد في الجامعة غير إياد ومليش صحاب غير هو أكتر من أخويا...من أول مدخلت الجامعة وهو واقف معايا وبيدعمني دايماََ 


لم يعلم ما يحدث معه او بالأصح لم يستطيع تفسير ما يحدث بداخله عقب إستماعه لحديثها الذي يظهر للبعض طبيعي ولكن عنده كان الأمر مختلف تماماً،تشكر به وتتحدث عنه وكأنه محور الكون بالنسبة لها 


أغمض عينه متجاهلاََ تلك المشاعر التي داهمته ثم فتحها مره أخري ولكن هذه المرة إنتبه علي شئ غفل عنه تماماً منذ دخولها 

ألا وهو ملابسها التي ابتاعها ليلة أمس خصيصاً لها قيَمها من رأسها لأصابع قدميها 

وهو يرفع حاجبه بإعجاب شديد كان يعلم أنه سيكون رائع عليها ولكن للحق لم يتخيل أنه سيكون بهذا الشكل الخرافي،تمتم لنفسه"أعطت قيمة للملابس وليس العكس*

أردف لها بإبتسامة هادئة:


-إفتتاح الفندق إتأجل أسبوعين....يعني هتكوني خلصتي إمتحاناتك 


ردت عليه بعدم فهم قائلة:


-والمطلوب؟


عاد إلي كرسي مكتبه ليجلس عليه مرة أخري وأردف بهدوء وكأنه يخبرها عن شئ متفقين عليه من قبل:


-يعني تجهزي نفسك عشان بعد الامتحانات هنسافر علي طول 

ثم أردف مستكملاََ:


-ومن بكره متجيش الشركة وركزي في إمتحاناتك 


تقدمت قليلاً نحو المكتب وقالت له بجدية:


-بس إحنا إتنقشنا في الموضوع ده وحضرتك عارف رأيي فيه 


-اللي فاكره إنك كنتي رافضة عشان نظرة أهل الحارة ليكي،أما دلوقتي فالوضع اتغير

إستكمل حديثه بنبرة متسائلة:


-إلا بقي لو مش واثقة فيا 


هزت رأسها سريعاََ بالنفي وقالت له:


-مش قصدي والله بس دي أول مره هسافر فيها مع حد فعشان كده الموضوع غريب عليا


إرتاح قليلاََ وعرف الفرح طريقاً لقلبه عندما أخبرته بطريقة غير مباشرة أنها تثق به 

فأردف لها بحسم :


-يبقي خلاص يا نغم  تجهزي نفسك بعد الأمتحانات عشان هنسافر ، وزي مقولتلك متجيش طول أيام الإمتحانات 

ثم إستكمل حديثه وهو يشير إلي عدة ملفات موضوعة أمامه علي المكتب:


-والملفات دي خدي راجعيها وإكتبي ملاحظاتك عليها 


هزت نغم رأسها بطاعة ثم أخذت الملفات من علي المكتب وأردفت بتساؤل:


-حاجة تانية يا فندم 


-خلي عم حسن يجبلي قهوتي

❈-❈-❈


علي طربيزة بعيدة نسبياً عن صخب المكان نجد أحمد يجلس علي كرسي وفي الكرسي المقابل له فتاة جميلة المظهر ما يميزها عيناها العسلي الصافي ولديها شامة أعلي شفتيها 


منذ نصف ساعة تقريباً جالسة تُحايل به حتي يسامحها علي غلقها الهاتف بوجهه وهو لم يحن لها ولو حتي بنظرة،طفح الكيل بها فأردفت بعصبية:


-أقوم أمشي يعني يا أحمد،لو ده هيرضيك أقوم أمشي مفيش مشكلة


زفر بضيق ورد عليها بعصبية أكبر:


-أنا تقفلي التليفون في وشي يا رقية!!،بتعملي شخصية عليا؟


لانت قليلاً من عصبيتها وأردفت وهي تسبل له عيناها :


-أنا أسفة يا حبيبي بس والله كنت متعصبة وخايفة بابا يوافق على العريس،لو إنتَ متحملتنيش مين هيتحملتي يعني 


رد عليها قائلاً بجدية:


-أنا أتحملك العُمر كله ومشتكيش يوم بس يبقي في إحترام وتقدير 


-خلاص بقي يا حبيبي حقك عليا 


لا يَقْدر علي خصامها ولا مقاومة كلمة 'حبيبي' التي تخرج من فمها كأنها قطعة شكولاتة تُطري بها علي قلبه،يُحبها ويعترف أنه من غير وجودها حياته تُصبح لا تسوي شئ 

فإبتسم لها بُحب:


-ماشي يا روح حبيبك خلاص مش زعلان 

ثم قال لها:


-هاتيلي معاد من بابا بقي عشان عاوز أطلب القُرب منه 


اردفت له بغباء متسائلة:


-تطلب القُرب في مين؟


-في أُمك


ردت عليه مستنكره كلامه بصيحة:

-أحمد نقي ملافظك إيه أمك دي!!


جعد حاجبيه وقال لها مستفسراََ:


-يعني إنتِ مش فارق معاكي إني بطلب إيد الست الوالدة قد مفارق معاكي إني بقول عليها أُمك!!


ضحكت علي طريقة كلامه وأردفت له بخجل مصطنع:


-لاء يا حبيبي أنا عارفة إنك هتطلبني أنا 


رفع لها حاجبه وقال بعبث:


-يا ولا يا واثق 

ثم غمز لها وقال بعبث اكبر:


-بحبك 


إبتسمت بحب وقالت هي الأخري:

-وأنا كمان بحبك اوي،ونفسي بجد نتجمع في بيت واحد يا أحمد 


رد لها الإبتسامة وقال لها بإطمئنان:


-إن شاء الله هيحصل يا حبيبتي، المهم عاوزك تذاكري كويس للميد تيرم عشان خاطري متهمليش في دراستك يا رُقية 


-حاضر يا حبيبي،وبعدين طول ما إنتَ اللي بتذاكرلي يبقي ضمنت الإمتياز معروفة يعني 

❈-❈-❈

في شركة الهواري بمكتب فارس 

نجد صوته يخترق جدران الشركة فغضبه في هذه اللحظه كان كفيل بحرق من يقف أمامه 


قال زين له في محاولة منه لتهدئته:


-خلاص يا فارس الصفقة مش مكتوبلنا،هناخدها بالعافيه يعني 


نظر له فارس بغضب وأردف بعصبية:


-أه يا زين ناخدها بالعافية،هما اللي خدوها أحسن مننا في إيه،ولا العيب عليا أنا اللي مشغل معايا شوية عيال مش شايفين شغلهم 


رفع زين رأسه لأعلي وتنهد بضيق من حالة فارس التي تُمثل بأنه كالطور الهائج حقاََ 


أما فارس فضغط علي الجرس الموضوع علي المكتب أمامه يستدعي به سكرتيرته


ثواني معدودة وكانت نغم تطرق باب المكتب وتدخل إليه


أردف لها بجديه مليئة بالغضب:


-تجمعيلي كل اللي كانوا مسؤولين عن الصفقة الجديدة،قدامك خمس دقايق وعاوزهم كلهم يبقوا واقفين قدامي 


هزت رأسها بخوف شديد من حالته ومن ملامح وجهه التي تحولت للنقيض تماماً

فخرج صوتها مهزوز:


-حاضر يا فندم، عن إذنك 


ثم خرجت من الباب ولكن وهي تجري علي قدميها حتي تُسرع بتجميعهم قبل الوقت المحدد لها فهو في هذه اللحظة لا يعرف أحد 


أردف زين له بغضب هو الأخر:


-ما خلاص يا فارس اللي حصل حصل،ملوش لزوم تجبهم وتبهدلهم


ضحك له فارس بإستهزاء وأردف بسخرية:


-طبعاََ ملوش لزوم مهي الراس الكبيرة قاعدة قدامي أهي،مش الصفقة دي إنتَ اللي كنت ماسكها معاهم ومشرف عليهم؟


رفع له زين حاجبه بتساؤل مترقب:


-قصدك إيه يا فارس 


رد عليه فارس بلحظتها والغضب يعمي عيناه عما يقوله ولمن يقوله:


-قصدي اللي وصلك يا زين،أنتَ المسؤول الأول علي الصفقة دي،وكنا ضمننها مليون المية، إيه حصل وغير الموازين كده

ثم إستكمل حديثه صارخاً:


-رد عليا وقولي إيه اللي حصل خلاها تضيع من إيدينا لاء وتروح لمين تروح لشركة الحديدي اللي هي شركه أبوك،مش غريبة يا زين؟


إنتفض زين من مكانه فور سماعه لكلام صديقه الذي مزق قلبه أشلاء،لم يصدق أن صديقه بل من كان يتخذه أخاََ يطعن في إخلاصه له!!!،فهو ترك أبيه وشركته التي تخصه بسبب مشاكله مع أبيه وأتي ليعمل مع فارس وفضل صديقه علي أبيه،ويكون هذا المقابل؟


نظر له زين بإنكسار وهو يقول بهدوء:


-معاك حق يا فارس بيه أنا المتسبب الوحيد في المشكلة دي،وانا اللي سربت المعلومات لأبويا عشان الصفقة تبقي من نصيبه 


ثم إستكمل كلامه بصوت مرتقع من القهرة:


-وأنا اللي ابن ستين كلب إني إعتبرتك في مكانة أخويا وفضلتك علي أبويا وجيت أكبر في شركتك،معاك حق في كل كلمة قولتها وكل كلمة لسه جواك 


ثم أخذ مفاتيحه وهاتفه من علي المكتب وذهب سريعاً مغادراََ غرفة المكتب 


لعن نفسه وكلماته وغضبه الذي أوقعه بصديقه بهذه الطريقة فهو إن حلفوا له علي كُل كُتب الكون أن زين خائن لم يصدق ولم يُفكر في حديثهم لمجرد التفكير،قسي عليه بالحديث يعلم ويعلم أنه خسره ومن الصعب إسترداده مره أخري ولكن هذا هو فارس لم يتمالك نفسه في أوقات غضبه


ضرب بقبضه يـ ـده علي المكتب وأخرج صوتََ غاضباً من فمه 


لحظات وكانت نغم تدخل ومعها فريق العمل إلي المكتب 


رفع فارس أنظاره لهم وقال بحسم:


-كلكم مرفودين مش عاوز أشوف وش واحد منكوا في الشركه تاني

ثم أردف بصوت عالي متسائلا :


-فااااهمين 


هز الجميع له رؤسهم وغادروا المكتب دون أن ينطقون كلمة،فمع من يتناقشون؟ فهو في هذه اللحظه كان وحش ثائر ينتظر أحد حتي يمتص من دمائه فلذلك نفدوا بجلدهم سريعاً دون أي خسائر


ولكن تلك المسكينة تثبتت أقدامها بالأرض لا تعرف ما يجب عليها فعله،فهو حتي الآن لم يوجه لها أي حديث،تدعو ربها أن يمر هذا اليوم بسلام،واردفت ساخرة من حديثها السابق:


-وأنا اللي كنت بقول مفيش زيه ولا حد بيعامل موظفينه زيه أديه بان علي حقيقته أهو


رفع فارس نظره لها بشر وأردف:


-بتبرطمي تقولي إيه إنتِ 


تمتمت له سريعاََ:


-بقول لحضرتك عاوزني في حاجة ولا أخرج 


-زين خرج من الشركة ولا لسه


جاوبت علي سؤاله قائلة بجدية:


-سلمني ملفات الشغل بتاعت رانيا وقالي إشتغلي عليهم إنتِ وخدها وخرجوا 


إهتز فكه بغضب من أفعال صديقه الطفولية،فلما لم يعذره؟ فهو أكتر إنسان يعلم أنه عند غضبه يُردف كلام لا يفهم معناه


أخذ هاتفه الموضوع علي المكتب وطلب رقمه 

وهو يعلم أنه لم يرد عليه وبالفعل لم يرد عليه ولكن عند رنينه للمرة الثانية وضعه علي قائمة البلوكات 


هز رأسه بغضب ونظر لنغم قائلاََ:


-لمي حاجاتك ويلا عشان أوصلك في طريقي


إستغربت من طلبه فلما سيوصلها؟،فقالت له فإمتنان:


-شكراََ لحضرتك جداً بس أنا متفقة مع إياد يجي ياخدني 


أرسلت عينيه لها شرارات من نيران وصاح بها بثبات:


-بقولك لمي حاجاتك ويلا 


لم تجادله فيوصلها أحسن من أن تفقد وظيفتها اليوم،فهو امامها طرد أكثر من ١٠ موظفين بسبب غلطة،فمابالك بسكرتيرته التي لا تنصت لكلامه؟


فهزت رأسها بالموافقة وقالت له :


-حاضر هجيب شنطتي وأستني حضرتك تحت


❈-❈-❈


بسيارة زين نجده يجلس علي كرسي القيادة ووجه متهجم لدرجة كبيرة وبجانبه تجلس رانيا وبالطبع لم تصمت ولو قليلاً منذ مغادرتهم للشركة فهي تود أن تعلم ماذا حدث جعله يخرج من مكتب فارس بهذا الشكل ويعطي ملفات عملها لنغم؟!


نظرت له مرة اخري ولكن هذه المرة بضيق من تصرفاته وأردفت بصوت حاد:


-انا مش بقرة ساحبها وراك يا زين أنا عاوزة اعرف في إيه وليه مبتردش علي مكالمات فارس 


القي لها نظرة غاضبة وأخبرها بهدوء مصطنع:


-مش عاوز أسمع صوتك خالص،وصدقيني ده لمصلحتك 


إرتفعت نبرة صوتها وقالت بعصبية:


-إيه هتعمل إيه يعني هتضربني؟،أنا عاوزة أفهم فيه إيه وده من حقي 


ضرب المقود عدة ضربات متتالية حتي يُهدء نفسه من هذا الغضب الذي يعتليه وقادر علي أن يجعله يرتكب جريمة الآن،فليس بالسهل عليه شك صديق عمره به بهذه الطريقة الدنيئة ،فهو أكثر إنسان في العالم يعرف حق المعرفة علاقته مع أبيه إلي أين تصل،فكيف أوصله فكره لهذه النقطة؟


أحست أن الموضوع كارثي ف زين دائماً مرح وبشوش الوجه،فإن وصل لهذه المرحلة فإذا الموضوع كارثي بفطانة علمت ان الموضوع يخصه هو وفارس ولكن لا تعلم ماذا حدث بالضبط ف آخر علمها أن فارس كان غاضب وبشدة لخسارتهم الصفقة الجديدة ولكن ما علاقة زين؟


مدت أناملها ووضعتها علي يـ ـده التي يضعها علي المسند الموضوع بجوار الكرسي وقالت له بحنان:


-في إيه يا زين الكتمان مش حلو طلع اللي في قلبك 

ثم أكملت حديثها بنبرة أسفة:


-حقك عليا إن كنت عليت صوتي بس انا مش متحملة اشوفك كده 


رفع يـ ـدها الموضوعه علي خاصته ووضعها علي شفتيه يـ قبلها عدة قبلات متتالية وهو يقول بهدوء:


-حقك عليا أنا وأسف لو كنت زعلتك،بس أعصابي مشدودة شوية 


أردفت له بحب:


-شاركني يا حبيبي وخفف علي نفسك شوية،إيه اللي حصلك إنت وفارس 


-متهمني بإني أنا اللي سربت معلومات الصفقة الجديدة لأبويا


ألقي ما بجبعته مرة واحدة دون تفكير بما قاله 


فتحت فمها بصمة من حديثه وقالت :


-إزاي فارس يتهمك إتهام زي ده،هو لسه عارفك إمبارح ؟


ثم سكتت قليلاََ لتتذكر مجئ عمها لها في المنزل في الأسبوع الماضي وإستدراجه لها في الكلام 


فأغمضت عيناها بغباء ثم اردفت لزين بصدمة:


-أنا اللي سربت المعلومات 


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة