رواية جديدة قلوب لا ترحم لنانسي الجمال الفصل 1
قراءة رواية قلوب لا ترحم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلوب لا ترحم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة نانسي الجمال
الفصل الأول
تشرد/ مقابله مع الماضي
_ يعني ايه يا عزت، عايزني ارمي امي واختي كدا ؟ بعد كل الي عملوه
معاك
كانت نوران تتحدث بصدمه واعين جاحظه، كانت تجلس مع زو جها بعد
الغداء تطلب منه بأبتسامه ان تجلب والدتها وشقيقتها للسكن معهم، كان مالك الشقه
التي تقطن بها عائلتها يرغب بأسترجاعها وقد ضاق الوضع علي والدتها من تكاليف زو
اجها بالأضافه لمساعدتها الدائمة لزو جـها فلن تستطيع الان الانتقال لمكان جديد،
لكن ما صدمها هو انكماش ملامحه بأنزعاج ورفضه ؟
_ الي عملوه علي راسي يا نوران بس اديكي شايفه الحال الي جي علي قد
الي رايح، غير معلش يعني دا بيتي وعايز اقعد فيه براحتي وامك واختك هيقيدوني!
_هتتقيد! وهي دي الرجولة انك ترمي حماتك واخت مراتك في الشارع
ومتساعدهمش ؟
اغضبته كلماتها وتلك النبره الحاده مع ارتفاع صوتها، هل هي تدعوه بعدم
الرجولة، مال عليها بنصفه العلوي وهو يمد ي ـده بحده جاذبًا كتفها ويقرب ج ـسدها
منه، لينطق بغضب مكبوت ونبره تهديد :
_ كلمه من الي قولتيها تتكرر تاني هكسرلك عضمك كله، المره دي بس
هعديهالك عشان دموعك دي يلا بقا قومي اعمليلي كوبايه شاي حلوه
تركها لتنهض عن الاريكه مصدومه مما سمعته، دموعها لم تتوقف عن الهبوط
لكنها تأكدت ان لا فائده من الحديث مع زو جها الذي لن يتراجع عن قراره .
ولجت للمطبخ لتعد له ما كان يرغبه ثم تقدمه له وسريعًا تتحرك لغرفتها
لتخبر والدتها بما حدث، عقلها يكاد يتوقف فاين تذهب والدتها وشقيقتها الان!
ابتلعت ماء حلقها حينما وصلها صوت والدتها، كانت تتمني لو تستطيع
الانتظار والذهاب مبكراً لتخبرها ذلك الامر مباشرة لكن والدتها اكدت عليها ضروره
ابلاغها اليوم :
_ الو، ايه يا ماما عاملين ايه
_ الحمد لله يا بنتي، انتي و ج وزك عاملين ايه
_ اهو بخير
دقائق من الصمت المترقب احتلت المكالمه حيث كانت نوران خائفه مما
يتوجب عليها قوله، كانت تحاول اسكات بكائها لكن شهقتها الحزينه افتضحت امرها، سقط
قلب فتحيه بتوتر مما هو قادم لتنطق بخفوت وقلق:
_ خير يا بنتي قولتي لج وزك!
تنفست نوران محاولة ان يخرج صوتها قوياً لكنه كان هشاً حزيناً :
_ انا اسفه يا ماما والله، بس عزت مرضيش وقالي هتقيد في البيت
الكلمات كانت معجزه بالنسبه لفتحيه التي شعرت بالهزيمه تتسرب لعظامها،
ارخت ج ـسدها علي الاريكة وهي تبتلع ماء حلقها وتجيب نوران بهدوء:
_ ماشي يا حبيبتي، يلا تصبحي علي خير
اغلقت دون أنتظار أجابه لتنفجر نوران بالبكاء بينما تعد لعزت مشروبه،
كانت حزينه علي وضع عائلتها لكن ماذا تفعل! هل تغضب بعيداً عن
زو جها لتزيد حمل والدتها؟
❈-❈-❈
حضرت جميله الشاي لها ولوالدتها، تحركت مغادره المطبخ الصغير ناحية
غرفة المعيشه المكون من اثاث صغير وقديم، وضعت ما تحملة علي الطاوله التي تتوسط
الغرفه وجلست امام والدتها.
كانت فتحيه شاردة بالكارثة التي اقتحمت حياتها وهددت هدوئها الكامل!
لم تتوقع ذلك الرد من عزت الذي كانت هي اكبر و أول داعم له بحياته
الزو جيه! افاقت من شرودها علي جميله التي تسألها بقلق:
_ ايه يا ماما سرحانه في اية؟
_ ولا حاجه يا حبيبتي
لم تقتنع جميله بأجابه والدتها لذا استكملت سؤالها بقلق :
_ نوران ردت عليكي ولا لاء
زاغت فتحيه بعينها بعيداً عن ابنتها وهي تحاول الهدوء، كيف تصوغ لها
تلك الحقيقة خصوصاً ان جميله مندفعه لذا قالت بهدوء:
_ اه ردت، وقالتلي عزت مش راضي
_ نعم
نطقت بصدمه غير مستوعبه، ذلك الندل كانت تتوقع ذلك منه لكنها لم تتخيل
تبجحه! هي حتى لا تعلم كيف تمت زو اجه شقيقتها ولا يمكنها القول الا ان ذلك هو
القدر، تنهدت وهي تنظر لوالدتها كان وجهها شاحب بينما عينها حمراء ولكنها تحافظ
علي بسمه مهدئه، لم تستطع منع ذاتها عن الهتاف بغضب:
_ الحيوان قليل الاصل؛ انا كنت عارفه انه غدار وزباله
_ جميله عيب، مهما حصل دا جوز اختك فميصحش كدا.
_لكن يصح يسيبني نترمي في الشارع!
كانت تنطق بأستنكار لكن فتحيه رغم ضعفها واختناقها بذلك الوقت نطقت
مطمئنه تلك الصغيرة:
_ يابنتي ربنا مش بيسيب حد، استهدي بالله كدا وهنلاقي صرفه، انا
بكرا هروح للمعلم مندور اتفاهم معاه علي انه يسيبنا فترة لحد ما اجهز حالي ونمشي
وهو مش هيرفض
تنهدت جميلة وهي تنهض م ـقبلة هامه والدتها وتجلس جوارها علي الاريكه
تخبرها بنبره حنونه متفائلة :
_ معاكي حق يا ست الكل، ربنا مش هيسيبنا المهم انتِ اهدي ومتفكريش
كتير، بكرا هاجي انا كمان معاكي لمندور لكن دلوقتي قومي ادخلي الاوضه ريحي جسمك حبه
ماشي؟
_ ماشي
❈-❈-❈
قاد معتصم سيارته متوجهاً الي احدي محلات الجزاره الخاصه بهم في
المنطقه، ترجل من السيارة بهدوء وهو يعدل قميصه الكحلي وتحرك بهدوء وبطئ ناحيه
الجزارة.
كان احمد المحاسب الخاص بذلك الفرع من الجزارة جالسًا يراقب بأنزعاج
معتصم الذي يلج بكل زهو وتكبر، كم يكره معتصم وتكبره الغريب! هو بعمر الثامنه
والثلاثين ويعمل محاسب لدي شاب اصغر منه لمجرد أنه لم يملك فرصه كمعتصم الذي كل شئ
يقدم له علي طبق من ذهب.
محي احمد عبوثه وبدله بأبتسامه بينما ينهض هاتفًا بترحيب مجامل
ومصطنع:
_ معتصم بيه نورت المكان
كان معتصم يستطيع رؤيه النفاق والضيق بين كلمات احمد الواضحه، ايتسم
معتصم بغيظ وهو يخبره بغرور وهو يضع ي ـديه في جيبه :
_ طبعاً مش بيقولك المكان بينور بصحابه! المهم الحساب أخباره أية؟
ابتلع احمد غيظه وضيقه بينما يلتف ناحية الطاولة وهو يخبره بثقة وبسمه
متكلفة:
_ الحساب زي الفل، دا ايراد انهارده
امسك معتصم منه الأموال ليقم بعدها دون إهتمام بنظرات أحمد، كم كان
يكره ذلك الشاب المتكبر ويكره أضطراره علي الابتسام بوجهه الذي رفعة الان وهو
يخبره بنبرة مزعجه له:
_ تمام كدا، بكرا هعدي انا والحج عليك الصبح عايز يبص علي الحسابات
بنفسه؛ ظبطها بقا .
القي اخر جمله ببسمة ساخرة مما حملتة من شك، ابتلع احمد لعابه مسيطراً
علي أعصابه حتى شاهده يغادر من أمام المحل، ضرب بي ـده سطح المكتب بقوة وهو يردد
بنبرة غاضبه:
_ ابن ال*** بيتكبر ولا كأنه شقي في كل العز دا
❈-❈-❈
مساءً عاد كل من معتصم وغريب للمنزل سوياً، غريب هاتفه ليأتي ويأخذه
بعدما أرسل سيارتة للصيانة، فتحا الباب والجان بضحكات هادئة وبمجرد أن لمحا
والدهم الجالس علي الاريكه بغرفة المعيشه الواسعه تحركوا ناحيته.
انخفض الاثنان بالتتابع م ـقبلين هامته وي ـده، جلس معتصم بجوارة
بينما غريب هتف وهو يحرك انفه مشتمًا رائحه الطعام :
_ هي الحجه عامله غدا ايه، اصل دي ريحة محشي صح!
ضحك معتصم وهو يركله بقدمه بينما يهتف به ممازحًا :
_ الي يشوف منظرك يقول مأكلتش من سنه، يابني اتعدل في الاكل بدل ما
هتبقا قد البرميل.
نظر غريب لوالده وهو يشير علي معتصم ويجيبه مدعياً التأثر:
_ شايف ابنك الي بيعد عليا اللقمه! انا هروح لامي روح قلبي تأكلني
ضحك محمد وهو ينظر لأبنية الذان مهما مر عليهم العمر لا تتوقف حماستهم
وأفعالهم الصبيانيه، التفت ينظر لمعتصم الذي كان يحدق بهاتفه وابتسامة لعوبه تزين
ثغره، ليسأله محمد بأهتمام:
_ أخبار ايرادات احمد أية!
التفت له معتصم واغلق الهاتف ملقية بجوارة وهو يخبره بهدوء نسبي :
_ سليمة يا حج وأنا عرفتة انك هتعدي عليه بكرا تراجع الحساب بتاعه
_ طب كويس، أنت ليه بيبقا عندك حسسيه مع الواد دا؟
نظر له معتصم وهو يرفع حاجبه علي كلمات والده ثم أجابه :
_ مسمهاش حساسيه يا حج اسمها حرص، الواد دا مش راضي عن حالة باين
في عينه وانا مبحبش الناس البتاره علي رزق ربنا؛ بس مش معني كدا أني مش بعامله بما
لا يرضي الله لاء طبعاً.
حرك محمد رأسه دون أضافة حديث وانتبه للتلفاز، بالفعل احمد المحاسب
الصغير الذي أتي يطلب منه العون والسماح له بالعمل كي يعيل عائلته لم يكن شخصاً
راضياً ابداً بل علي العكس كانت كل تصرفاته وملامحه تظهر نفرانه من واقعه وحياته.
ولج غريب للغرفة ليلقي بجـ ــسده علي الاريكه بجوار معتصم بينما
يهتف بصوت مرتفع مرح:
_ اديني سيبتهولك كله وريني بقا هتخطبي للحلة ولا الطاسة
_ ايه هي كانت بتخطبلك؟
سائلة معتصم ببسمه ليحرك غريب رأس ايجاباً بينما يشرح له بطريقه
ساخره:
_ من أول ما دخلت عندها وهي عماله هفرح بيك امتي، يابني يا حبيبي
انت خلاص بدأت في التلاتين لازم تتجوز، طب مش عايز ترجع بيتك تلاقي مراتك طبخالك
بدالي، يا غريب انا عايزه افرح بيك واشوفك بالبدله، علي اساس ان عمري ما لبستلها
بدلة!
ضحك محمد علي مزحات ابنه حول موضوع الزواج الذي مزال الاثنان يرفضانه!
برغم ولوج غريب لسن الثلاثين ومعتصم للثامن والعشرين ولكنهما لم يطلبا حتى الان
ولو لمره الخطبه!
❈-❈-❈
صباحاً نهضت كل من فتحيه وجميلة ليستعدوا لمقابله مندور، ذلك الرجل
الذي يملك الشقه وطلبها فجائيًا من أجل بيعها لفرد أخر.
ارتدت فتحيه ثيابها وتحركت بهدوء ناحية غرفة جميلة تفتح الباب وهي
تهتف بجدية:
_ ما يلا يا جميلة هنتأخر علي الراجل
_ هو احنا هنتأخر علي وزير ياماما دا مندور عادي
رفعت فتحيه حاجبها قبل أن تعطيها ظهرها وتتجه ناحيه الباب لتلتقط
حذائها من الارض وتبداء بأرتدائه وهي تخبرها بسخريه :
_ لا يا حبيبتي مش وزير لكن راجل في ايـ ــده يرمينا في الشارع، واسمعي
بؤك ميتفتحش طول ما انا بتكلم فاهمه! لما اقولك تتكلمي بس تتكلمي.
كانت جميله قد اتت ووقفت بجوارها لتخبرها بسخريه بينما ترتدي هي
الاخري حذائها :
_ تحبي متنفسش كمان!
_ياريت عشان انتِ كلامك بيعمل مشاكل
قالت فتحيه متأكدة فجميلة أبنتها تملك لسان لاذع يؤذي ولا يهتم، كانت
كثيرة المشاكل منذ وفاة والدها والتي تغيرت أثرها مائة وثمانون درجة؛ تحولت من
فتاة مشاغبه مرحة ورقيقه تملك دلال وفير لأخري مندفعه عنيدة شرسة تخفي كل طباعها
وكان القسوة تحميها من الوحده بعد والدها.
تحركت فتحيه مغادرة لتلحق بها جملة سريعاً وهي تغلق الباب بينما تهتف
بصوت مرتفع وهي تهبط الدرج:
_ يا ماما استني رايحه وسيباني يعني .
❈-❈-❈
جلس مندور أمام بقالته في الصباح، كانت الارجيلة تحتل جانبه الايمن
وهو يمسكها بكفه يستنشق من دخانها بينما يلقي سلامات متفرقه يرد التحيات التي تلقي
عليه.
كان مندور يملك تلك البقاله الواسعه واخرتين باتساع اقل بمناطق مجاوره
بينما يملك منزلين، تلقي لقب معلم احترامًا لسنه ولوجود صبيه تعمل تحت ي ـده
يغدقونه بتلك الكلمه، لكنه لم يكن من ذوي الشأن والكلمه بالمنطقه.
استطاعت فتحيه ان تري مندور بجلسته في منتصف الشارع، لتتحرك بهدوء
مصطنع وهي تستنشق نفس عميق، هي مضطره لترجيه بعدم القائهم من المنزل وكم يصعب ذلك
عليها وعلي كرامتها؛ لكن كل شئ من اجل ابنتيها يهون:
_ السلام عليكم يا معلم
القت السلام بمجرد وقوفها أمامه وخلفها جميله، انتبه مندور لهم ليخرج
الدخان من ف ـمه وهو يرد عليها بترحاب :
_ وعليكم السلام يا ست فتحيه، اتفضلي اقعدي، ولا يا مسعد هات كرسي
بسرعه
_ لا ربنا يخليك يا معلم انا كنت جيالك في خدمه بس
قاطعته بهدوء وبسمه هادئة مزالت تحتل وجهها ليخبرها بجديه وابتسامه
يمكنها القول سمجه:
_ اتفضلي يا ست فتحيه، محتاجه ايه ؟
زفرت نفس هادئ بينما تلقي نظره علي جميلة الواقفه ورائها بملامح
جامده، ابتسمت وهي تخبره بجدية:
_ انتَ عارف اني لسه مجوزه نوران وبسد في اقساطها فكنت محتاجه منك
تاجل بس اخد الشقه كام شهر كدا لحد ما اظبط حالي
ارخي ظهره علي الكرسي وهو يفكر قليلاً، فمعروض عليه مبلغ طائل من قبل
معتصم ولا تستحقه الشقه من الاساس:
_ والله يا ست فتحيه المشتري مستعجل علي الشقة و قايلي رقم مقدرش
ارفضه
اغمضت فتحيه عينها بيأس وقالت بنبره منهزمه:
_ تشكر يا معلم
وضعت جميلة ي ٰدها علي كتف والدتها تأذرها بذلك وهما تكادان تتحركان
لكن مندور نطق من خلفهم بنبره ملتويه جعلتهم يستدرون مجددًا له :
_ بس الصراحه كدا عندي ليكوا عرض
_ ايه هو يامعلم
نطقت جميلة بهدوء بينما تقف مع والدتها، ابتسم مندور بنصف ف ـمه وهو
يتطلع لجميله قبل أن ينظر لوالدتها، جميله كانت أسمًا علي مسمي شابه تملك مميزات
الجمال الهادئ بملامحها اللينه المريحه للنظر، بدايه من طولها المميز وجـ ــسدها الذي
توزع بين السمنه والنحافة؛ وجه مرسوم غير ممتلئ وش ـفاه ممتلئة مرسومه عين بنيه
محاطه بأهداب مميزة وخصلات بنيه طويلة لامعة:
_ تجوزيني الست جميلة و الشقة تبقا هديه مني للعروسة
كانت الكلمات تمر ببطء علي أذن جميلة التي تتطلع له بصدمه، كان رجل
بعمر والدها ويتبجح بطلبها للزو اج مقابل اقامتهم!
_ تصدق بالله انك راجل ناقص
نطقت دون شعور وبصوت مرتفع، صدم مندور الذي لم يتوقع ان تتواقح معه
وهي تحتاج لرضاه! نهض واقفًا وهو يصرخ بانفعال بسبب اهانته :
_ لمي نفسك يا بت انتِ وصوتك دا ميعلاش عليا انا الم........
_ يعلي عليك وعلي اي زباله شبهك! معلم مين دا الي معلم، يا راجل يا
ناقص مش عارف تحترم شيبتك وبتساومني علي جو از دا انت َ راجل بجح صحيح
كانت اصواتهم المرتفعه قد جذبت بعض سكان المنطقه المحاولين لتهدئه
الاوضاع وقد التفو حولهم، من ينظر عن بعد يعتقد أنها مشاجره ولكن صوت النساء
المرتفع يثير الاستغراب.
كان محمد يسير بجوار أبنه معتصم متجهين للجزارة وقد رفض القدوم
بالسيارة كي يلقي السلام علي الجميع، محمد كان من كبار المنطقه والذي يلجئ له
الناس لحل المنازعات بينهم بالاضافه لمكانته وثرائه فكان السكان يحبونه ويحترمونه
لما يملكه من وقار وتواضع .
صوت الشجار والتفاف السكان امام بقالة مندور لفت نظر محمد الذي توقف
مثلما فعل معتصم :
_ مش دي بقالة مندور ! ايه الي بيحصل فيها دا
_ اه هي يابا بس مش عارف ايه اللمه دي
اجابها معتصم وهو يحرك عينه باستغراب علي التجمع، حسم محمد قراره وهو
يتحرك ناحيه التجمع بينما يخبر ابنه بجديه:
_ يلا نشوف في ايه، ربنا يهدي الحال
تحرك معتصم خلف والده دون نطق، ومع اقترابهم كان يصله صوت انثوي يافع
يردف عبارات غير موضحه له حتى وصل واستطاع التقاط بعض الاهانات الموجهه لمندور،
انعقد حاجبيه بأنزعاج مما يحدث وكم يكره تلك النساء التي تتباجح وتتشاجر دون
اهتمام بمظهرها او طبيعتها، يري أن من تفعل ذلك فهي تخسر احترامها لذاتها .
اخرجه مش شروده صوت والده الذي هتف بصوت عالي غاضب:
_ ما تسكت يا مندور قولتلك!
هتف محمد بانزعاج مجرد ان وجد مندور مستمر بصراخه علي النساء رغم
رؤيته له؟ واشارته له أن يصمت، انصاع له مندور وعينه تطلق شرار علي جميلة التي كانت
والدتها تضع يـ ـدها علي فـ ـمها لتسكتها.
كانت فتحيه بوضع لا تحسد عليه وهي تري محمد، ارتعشت اوصالها واضاء
عقلها بماضي تتمني لو لا تتذكره ابداً، ابتلعت لعابها ودقات قلبها ترتفع حينما
استدار محمد والتقت نظراته بنظراتها.
شعر أن الوقت توقف به، تلك الاعين كم يحفظها لا يمكن أن يخطئ بها لو
جار عليهم زمان فوق زمانهم، نفس حار غير مصدق غادر ف ـمه وهو يحاول السيطره علي
انفعالة، هتف بصوت جاد دون أن يزيح عينه عنها :
_ كل واحد يروح لحاله يلا، وانتَ يا مندور ادخل المحل نتفاهم كلنا
جوه
انفضت الحشود من حولهم بمجرد حديثه، ابعدت فتحيه ي ـدها عن فم جميله
الغاضبه والتي مزالت عينها تطلق شرارًا، لم تكن منتبهه لذلك الذي يقف جوار والده
ينظر لها بحده وغضب، كان يمكنه أن يري بعينها الرغبه الجامحه بالاندفاع ولكنها
كانت صامته.
ولج مندور وصبيه رفقه محمد ومعتصم ولحقت بهم فتحيه وجميله، وقف مندور
امام محمد وهو يخبره بنبره مستعطفه مصطنعه:
_ يرضيك يا معلم الي عملته البت وامها! دا كله عشان عايزهم يمشو من
الشقه ؟
_ هستني منك ايه غير الكدب والملاوعه، ما انت لو راجل فعلا هتقولي
الحقيقه لكن.....
اسرعت فتحيه بكتم فم جميله التي انطلقت تهين في مندور الكاذب وهي ترفض
تلقي تهمه لم تفتعلها، القي معتصم عينه عليها بغضب وقبل أن يتحدث كان والده ينظر
لهم متحدثاً باستغراب:
_ ايه الي حصل !
_ المعلم مندور طالب مننا نسيب الشقه ف كنا جاين نستسمحه في كام
شهر لحد ما نظبط امرنا ونمشي..........
كانت فتحيه تشرح بتوتر وعين محمد تجعلها ترتعش ليقاطعها مندور محاولاً
منعها من استرداد الحديث:
_ وانا قولت مش هينفع والمشتري مستعجل وان....
_ ودا بس الي قولته؟ يعني مقولتش انك لو اتجوزتني هتسيب الشقه؟
اسرعت جميلة بقول ما فعله حتي لا يتهرب مندور من فعلته اكثر من ذلك
وسط صمت والدتها الغريب! ، استدار محمد ناظرًا له ليري عينه المخزيه والصمت الذي
هاجمه فجأة وكأن كلماتها لم تكن متوقعه ليهتف محمد بجديه:
_ خلاص يا ست فتحيه حقك انتِ وبنتك عندي انا، ومندور هعرف اتصرف
معاه كويس
_ ربنا يخليك يا حج
قالت فتحيه وهي تسرع بدفع بنتها التي لم تكن راضيه عما يحدث لكن فتحيه
ليست مهتمه وهي ترغب بالهرب لتجمعه شتات ذاتها من محمد.
التفت مندور لمحمد وهو يهتف محاولاً تحسين مظهره:
_ ناس نكاره للجميل! دا انا كنت هعمل كدا عشان استر عليها هي
وبنتها وهما ملهمش حد، وبعدين الشقه استاذ معتصم كان عايزها فكان ضروري افضيهاله .
ادخل معتصم بالأمر لكي يريهم أن ما فعله كان لأجلهم، ابتسم بداخله
حينما رأي نظره معتصم المنزعجه وظن أن ذلك الامر يضغط علي محمد لكنه صدم حينما
رمقه محمد بتقزز وهو يخبره بحده:
_ الست فتحيه وبنتها مش لوحدهم وملهمش حد احنا معاهم، تقدر من
انهارده كدا تعتبرهم فرد من عيله الشنديري وصلت!
_ وصلت يا حج
قالها بأنزعاج وظن أن الأمر أنتهي لكنه اكمل ببسمه حاده وغاضبه :
_ متنساش يا مندور ان عيله شنديري مش بيتلوي دراعها ومحدش بيجاملها،
يلا عن اذنك
تحرك وتبعه معتصم الصامت ولم يكن يعلم ما الذي يدور بخلد محمد الذي
بمجرد أن خرج من بقاله مندور حتى سأله بهدوء:
_ بيت الحجه فتحيه الي كنت عايز تشتريه فين؟
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نانسي الجمال لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية