رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 5
قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية البريئة والوحش
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أميرة عمار
الفصل الخامس
عم فكر فيك عم فكر فيك
بوعا كل يوم ومَا لقيت ،
عم فكر فيك عم فكر فيك
شو جاي عَ بالي حاكيك :")
_ أدونيس
❈-❈-❈
بعد أسبوعين من تلك الأحداث
تغير بهم الكثير من الأشياء،منها خِصام زين لرانيا عقاباََ علي غبائها الذي تسبب لصديق عمره بخسارة فادحة
عدم رؤية فارس لنغم منذ ذلك اليوم الذي أوصلها به،فهو منذ ذلك اليوم لا يعلم عنها أي شئ، أما سارة فكان لا يحتك بها غير القليل
أما أحمد فأخذ أخيه وزين بعد أن جلس يوماً كاملاً يتحايل عليه بأن يأتي معهم ليطلبوا رُقية للز.واج،ولله الحمد ذهب بعد عناءِِ طويل
ولكنه لم يُعير فارس نظرة واحدة بالرغم من محاولاة فارس لجذب حديث معه ولكنه بدا وكأنه لم يبالي
أما نغم فكانت كما يقولوا "مزنوقة زنقة الكلاب"،لا تفعل أي شئ سوا أنها تذاكر فقط وفي صباح اليوم التالي تذهب لتمتحن
وها هي حياة أبطالنا طوال هذين الإسبوعين
❈-❈-❈
في جامعة الهندسة
نجد الكل خارجاً من اللجان متزمرين من هذا الإمتحان الذي فاق حدود ذكائهم بمراحل
وقف إياد يحاول أن يلمح نغم وسط هذا الزحام حتي يعلم ماذا فعلت بهذا الإمتحان الذي يشتكي منه الجميع ولكنه لم يراها
اخرج هاتفه من جيبه وهو يطلب رقمها حتي يعلم أين هي ولم تأخذ سوا ثواني وكان صوتها يصدح في الهاتف:
-إيه يا إياد
رد عليها متسفسراََ وهو يلقي نظرة علي الطلاب مرة أُخري :
-إنتِ فين يا نغم؟...بقالي ساعة واقف بدور عليكي
-أنا قاعدة في الكافتريا كنت بجيب فطار
رد عليها بجدية:
-خلاص خليكي عندك أنا جايلك
ثم أغلق الهاتف عقب إنتهاء جملته،وغير إتجاه سيره نحو كافتيريا الجامعة
إتجه نحوها فور رؤيته لها وجلس علي الكرسي المقابل لها وهو يُردف بإستنكار:
-كلهم خارجين يعيطوا من الإمتحان وإنتِ طلبالك فطار وقاعدة ولا همك
قضمت نغم الساندوتش الموجود بين بيـ ـديها
وأردفت له بصوت غير واضح من أثر الطعام:
-مش مهم الإمتحان يا إياد أهم حاجة الصحة
هز رأسه ضاحكاً علي صديقته وأردف متسائلاً:
- المهم عملتي إيه في الإمتحان...صحابك كلهم خارجين يعيطوا
نظرت له بلا مبالاة وأخذت ترتشف العصير الموجود أمامها علي المنضدة وهي تقول:
-شيلته طبعاََ...الدكتور جايبلنا امتحان محدش يعرف يحله غيره وأشك إنه يعرف يحله والله
نظر لها بعدم تصديق وهو يضيق عيناه ويُردف:
-ده زي إمتحان الميكانيكا بتاع السنة اللي فاتت اللي قعدتي تعيطي طول اليوم عليه وفي الآخر طلعتي مقفلة المادة
ضحكت بملئ فمها علي جملته المستنكرة لحديثها وهي تتذكر هذا اليوم الذي كانت تخزي به العين عن نفسها، ولكن حزنها كان صادق فهي كانت تظن أنها ستنقصن درجتين في هذا الإمتحان ولكن رزقها الله بالدرجة الكاملة
جاء في هذه اللحظة أحمد الذي شَبَه علي إياد من بعيد،ووجد معه فتاة،فلم يكن صديق أصيل إلا أن يذهب ويرخم عليهم مثلما يقولوا
فهتف موجهاً حديثه له:
-اه يا ندل ما إنتَ فاضي وحلو أهو..أمال عملنا فيها نجيب سويرس ليه ياض
قام إياد من مكانه وهو يضحك علي جملة صديقه وأردف بصدق:
-والله يابني ماجيت إمبارح فعلاََ عشان كنت مشغول جامد وورايا كام حاجة كنت بخلصها
ثم أكمل مستنكراً:
-وبعدين إيه الدخلة دي مش تقول السلام عليكم للناس اللي معانا
إلتفت أحمد سريعاً ينظر علي المنضدة وجد فتاة جميلة تجلس علي الكرسي المقابل للكرسي الذي كان يجلس غليه إياد
فحمحم كي يزيل آثر شروده بها وأردف بأسف:
-أسف مخدتش بالي إنشغلت في ندلتك
ثم أكمل بعبث يفهمه إياد:
-مين القمر
رد عليه وهو يقول له بنبرة ذات مغزي:
-ما إنتَ لو كنت بتروح الشركة كنت عرفت مين القمر...علي العموم يا سيدي نغم
رد عليه فارس بإستيعاب متسائل:
-سكرتيرة فارس؟
هز له رأسه بضحك علي منظره
هل تسمعون دقات قلبها الثائرة؟،ماذا حدث لها عندما سمعت إسمه!،ها.جت دقات قلبها وكأنها تُرحب بإسم مالكها الذي إشتاقت له،فمنذ أربعة عشر يوماً لم تسمع صوته ولا صوت تحكمه بالعمل
نظر لها أحمد وجدها شاردة في ال لا شئ فأردف بترحيب:
-أهلاََ أهلاََ بنغم كان نفسي اشوفك والله من وقت ما إياد كلمني عنك
ثم إستكمل حديثه بمزاح:
-الصراحة أنا مشفق عليكي من الشغل مع أخويا...فياريت متخديش عني فكرة وحشة أنا مختلف تماماً عنه
إبتسمت علي مزاحه وقالت له برسمية:
-أهلاََ بيك وفرصة حلوة إني قابلتك عشان أشكرك على الوظيفة من غيرك مكنتش هتقبل
نفي كلامها وهو يُردف لها بنزق:
-أنا اللي المفروض أشكرك إن إنتِ وافقتي تشتغلي معاه...وبعدين فارس وافق عليكي عشان لقاكي شاطرة في دراستك غير كده كان مستحيل حتي يديكي فرصة
إبتسمت له بهدوء وأردفت:
-بالعكس مستر فارس سَلس جداً في الشغل ومراعي إن أنا لسه طالبة
نظر لها أحمد وعينه تتسع شيئاََ فشئ وهو يقول بصدمة من حديثها:
-أخويا أنا سَلس؟......هما طلعوا عليه لقب الوحش من شئ شوية
ثم أكمل كلامه وهو ينظر لإياد:
-اما تخلص كلمني عشان عاوزك في حوار
-أنا أصلاً قايم كنت بشوف نغم عملت إيه في الإمتحان
ثم نظر وأردف لها:
-عاوزة حاجة يا غومي
هزت رأسها بالنفي وهي تبتسم له
ثم شردت قليلاََ وهي تتذكر سخرية أحمد منها علي كلامها عن فارس،لما الجميع يراه بنظرة مختلفة عنها!؟،فهي لم ترى منه أي شئ قبيح بل بالعكس فهو فعل معها مواقف جعلته يعلى بنظرها كثيراً،لا تُنكر أن عصبيته تدب الهلع في أنفُس الجميع ولكن في الأغلب يكون هادئاََ
وأكبر دليل علي شخصيته الجذابة أنه أعطاها طول مدة إمتحاناتها إجازة دون أن تطلب هذا،
تُشرد به دائماََ كل ليلة قبل النوم فكان غيابه عن يومها له آثر محسوس. نظرت حولها وجدت الكافتريا شبه فارغة،فأخذت حقيبتها وغادرت المكان متوجهه للشركة فهذا كان إتفاقهم بعد أخر إمتحان تأتي للشركة حتي تستطيع مواكبة ما فاتها
❈-❈-❈
بالشركة بمكتب فارس
يجلس علي كرسي مكتبه وهو ينظر إلي ساعته فكان موعد خروجها من الإمتحان الساعه الثانية عشر والآن الساعة الثانية عصراً ولم تأتي،ألم يكفيها إسبوعين من الغياب عنه تُزيدها بالساعات أيضاً!،يتذكر حاله في الأربعة عشر يوماً التي لم يراها بهم كان مثل المدمن الذي أخذوا منه المخدرات الخاصة به التي كان يتعاطيها لدرجة أن الجنون وصل به أن يأخذ سيارته بعد إحدي إمتحاناتها ،ينتظرها بالخارج حتي يلمح طيفها ويتذكر حتي الآن دقات قلبه التي تسارعت عندما طلت وهي تخرج من باب الجامعة كانت جميلة لدرجة مهلكة للاعصاب كعادتها،يومها عندما عاد من الجامعة يتذكر كيف جلد نفسه كثيراً علي تلك الأفعال الصبيانية التي فعلها ومن وقتها وإعترف لنفسه أن تلك النغم إحتلت جزءََ لا بئس به بداخله،ولكن ولأول مرة لا يعرف أن يتخذ قراراََ فكيف سيوئد هذه المشاعر الوليدة وهو يريد المزيد والمزيد منها،لم يتذكر يوماً أنه شعر بتلك المشاعر مع أحد،فهو كان شاباً ملتزماً دراسياً لم يهمه الحب وتلك التراهات،أما الآن ما دهاه؟،أبعد ما تزوج وخلف يجرب هذه المشاعر!...فوالله أمره مضحكاََ
قطعه عن شرده دخول نغم إلي الداخل بعد أن اطرقت الباب عدة مرات ولكن لم يأتيها رد
ففتحته بترقب وجدته ينظر لها وكأنها تجسدت من خياله أمامه
حمحمت نغم بتوتر وأردفت بأسف:
-أنا أسفة بس خبطت كتير وحضرتك مردتش عليا
تنفس الصعداء وبلع ريقه بتريس وأردف بهدوء:
-تعالي يا نغم معلش كنت سرحان مخدتش بالي
تقدمت نغم إلي المكتب وقالت له وهي تضع بعض الملفات عليه:
-الملفات دي كنت وخداهم معايا عشان أخلصهم والحمدلله نهيتهم كلهم،ياريت حضرتك تراجع عليهم
نظر لها بعتاب وأردف بجدية:
-مش أنا قايلك يا نغم إنتِ أجازة من الشغل لحد ما تخلصي إمتحاناتك؟
قالت له بإبتسامة بسيطة:
-انا كنت بشتغل فيهم بعد ما بخلص مذاكرة... والحمدلله إني اخدتهم معايا سلوني بدل ما أنا قاعدة مبعملش حاجة في الشقة
هز فارس رأسه وقال لها بتساؤل:
-المهم عملتي إيه في الإمتحانات
-الحمد لله حليت كويس بس إمتحان النهاردة كان صعب شوية
فتح الدرج الموجود بالمكتب وأخرج منه ملف
ومده لها وهو يقول:
-كان نفسي أقولك إرتاحي شوية من الامتحانات بس للأسف الشغل كله فوق دماغي من وقت ما زين مشي
أخذته من يـ ده وهي تقول له:
-ولا يهمك يا فندم هخلصه وأجي أسلمه لحضرتك
هز لها رأسه وقال بهدوء:
-حاولي تخلصيه بسرعة عشان تجهزي شنطتك هنسافر بعد العشا علي طول
-تمام يا فندم عن إذنك...عن إذنك
أردفت هذه الكلمات وهي تغادر غرفة المكتب
نظر فارس لأثرها بشرود فحاله قبل مجيئها
تبدل تماماََ إلي النقيض بعد رؤيتها
وكأنها أتت ومعها بهجته،قلبه وآه من قلبه هذا اللعين الذي مازال يدق بسرعة وكأنه في سباق ويريد الفوز رغماً عن أي شئ.... فهو وإن كان يتعذب في غيابها عنه طوال الإسبوعين قيراط يتعذب وهي أمامه أربعة وعشرون قيراط...يريد ان يتغلل بداخلها يريد الشعور بالمزيد والمزيد ولكن لا يعلم ماذا عليه أن يفعل
❈-❈-❈
عند نغم بمكتبها المجاور لمكتب فارس
تجلس علي المكتب تعمل علي الملف الموجود بين يـ ديها بإتقان شديد ولكن فصلها عن تركيزها حمحمت أحد أمامها
رفعت بصرها من علي الملف إلي الأمام وجدت شاب يافع الطول عريض المنكبين يقف محدقاََ بها فاردفت بتساؤل:
-أقدر أخدم حضرتك بإيه؟
قال لها بعبث:
-كفاية إني أقف أتفرج علي جمالك ومش عاوز حاجة تاني
هبت من علي الكرسي بغضب وهي تُردف بصوت عالي:
-إحترم نفسك يا حضرت...وقول عاوز إيه أحسن ما أطلبلك الأمن
ضحك علي وجهها الذي إحمر من الغضب وأردف لها بتسلية:
-هتطلبيلي الأمن مرة واحدة؟...لاء يستي خلاص الطيب أحسن... عاوز أقابل فارس عنده حد ولا أدخل
نظرت له بغضب وهي تقول له بنزق:
-أقوله مين؟
-مهاب شُكري
تركته وغادرت مكتبها متوجهه إلي مكتب فارس
طرقت الباب طرقتين ثم فتحته بعد أن سمعت صوته وهو يقول "إدخل"
رفع فارس رأسه من علي الهاتف الموجود
بيـ ده وهو يهتف بتساؤل:
-خير يا نغم في إيه
ردت عليه نغم بهدوء مصطنع فذلك البني آدم الموجود بالخارج أثار غضبها بشده:
-في واحد بره إسمه مهاب شكري عاوز يدخل لحضرتك
-دخليه وهاتيلي ملفات صفقة الحديد الأخيرة
قالت له بطاعة وهي تتجه صوب الباب:
-حاضر يا فندم عن إذنك
-نغم
خرجت من شـ ـفته بتلذذ غريب عليه
لفت رأسها له وهي تقول بتساؤل:
-نعم يا فندم
-مالك مضايقة ليه
ردت عليه بهدوء :
-مفيش يا فندم بس الإنسان اللي برة ده عصبني
يعلم صديقه خير المعرفة ويعرف إجابة سؤاله قبل أن يسأله لها..فمن سابع المستحيلات أن مهاب يترك فتاة بحالها
فأردف لها بجدية:
-طب دخليهولي...وحقك عليا
❈-❈-❈
في بيت زين الذي يُقيم به بعيداً عن قصر عائلته
نجده يجلس علي الكرسي الهزاز الموجود في غرفة نومه وهو يفكر برانيا التي يعاقبها ويعاقب نفسه قبلها بعدم الحديث معها،فهو قد إشتاقها وبشدة ولكن غلطتها لا تُغفر بسهولة،يعلم أن أبيه إستغل سذاجتها وحاول إستدراجها بكل الطرق الممكنة ولكن كان عليها الحذر،أو علي الأقل كانت أخبرته وقتها كان من الممكن أن يحل هذه المعضلة،بدلاََ من خسارته لصديق عمره، الحق يُقال هو يتدلل عليه لا يُنكر أنه حزن وزعل من كلام صديقه ولكن بعد فترة عاد لوعيه وعلم أن فارس لم يقصد أي كلمة قالها له فهو أكثر إنسان يعرفه علي وجه الأرض ولكن حلف ان يؤدبه علي كلامه له
سمع طرق الباب من الخارج فقام متوجهاً إلي الصالو لكي يفتح الباب،وجد رانيا تقف أمامه وهي تنظر له بإشتياق بالغ
ترك الباب مفتوح وذهب إلي الداخل دون أن يوجه لها أي كلمة
تنهدت بضيق ودخلت وهي تغلق الباب بعصبية
وإتجهت إلي مكان جلوسه
أردفت بصوت عالي يحمل الكثير من الغضب:
-فيه إيه يا زين إنت هتفضل متجاهلني كتير كده؟
رمقها بغضب ثم نظر للأمام مرة أخرى دون أن ينطق حرف
وقف أمامه مباشرةً وهي تقول برجاء:
-عارفة إن أنا غلطت وغلطة كبيرة كمان...بس مش لدرجة إنك تأجل كتب الكتاب وتقعد إسبوعين متكلمنيش
إغرورقت عيناها بالدموع عندما لم يرد علي كلامها ولم يعيطه أي إهتمام وأردفت ببكاء:
-يا زين عشان خاطري رد عليا...إتخانق معايا..بس متسكتش كده
تنهد تنهيدة شاقة فقد ضعف لبكائها وإنتهي الحال،نظر لوجهها المبلل أثر الدموع التي تجري عليه كالأنهار وهي تقف كالطفل المذنب أمامه تضع عيناها بالأرض،فقرر بداخله أنه يكفي عقاب لهذا الحد،فهو يُجزم أنها تعلمت الدرس وإن رأت أبيه في مكان ستذهب جرياََ مبتعدة عنه
خرج صوته حاد وهو يُردف:
-ياريت تكوني إتعلمتي من غلطتك يا رانيا..لأن بسبب الغلطة دي أنا خسران صاحب عمري
رفعت رأسها من علي ارضية الغرفة وهي تُردف له بصوت مهزوز:
-لو عاوزني أتأسف لفارس هروح وأتأسفله والله بس متشيلنيش الذنب ده يا زين
ثم إستكملت حديثها ببكاء يمزق القلوب:
-إنتَ قسيت عليا اوي يا زين...هان عليك تقعد إسبوعين من غير متكلمني أو تشوفني؟
قام من مكانه وإتجه نحوها ثم مد يـ ده يمسح تلك الدموع التي تهبط علي وجهها واحدة تلو الأخري وهو يُردف بحنان:
-عمرك متهوني عليا يا رانيا بس إنتِ غلطتي وكان لازم تتعاقبي عشان تعرفي غلطك
ثم أكمل حديثه وهو يقول بحب:
-بس كنت غبي وطلعت بعاقب نفسي معاكي....عشان خاطري يا رانيا متعمليش حاجة تزعلني منك بالشكل ده
هزت رأسها عدة هزات تظل علي الموافقة وهي تقول له بحزن علي ما إقترفته:
-حاضر والله العظيم عمري ما هعمل حاجة تزعلك مني تاني
ثم إستكملت حديثها بدلال:
-تعالي بقي خرجني وصالحني عشان أنا كمان مقموصة منك
رفع لها حاجبه الأيمن وهو يقول بتساؤل عابث:
-والسنيوريتا رانيا زعلانة مني ليه يا ترى
أردفت له بزعل:
-عشان حضرتك كنت زعلان مني ومتجاهلني
فزعلت أنا كمان عشان إنتَ زعلان
ضحك بملئ فمه قائلا بصوت دافئ:
-طب خمس دقايق أغير هدومي ونخرج عشان نصالح السنيوريتا
❈-❈-❈
بمكتب فارس
طرقت نغم الباب عدة طرقات ثم دخلت إلي المكتب عقب سماح فارس لها بالدخول
تقدمت نحو المكتب ووضعت عليه الملفات الموجودة بيـ دها وهي تُردف بجدية:
-دي كل الملفات الخاصة بالصفقة يا فندم
مد فارس يـ ده ليأخذ إحدي الملفات وهو يعطيها لمهاب:
-إقرا الملف ده كده وراجع الحسابات
جعد فارس حاجبيه عندما بقي الملف بيـ ده ولم يُؤخذ بواسطة مهاب
فرفع نظره نحو مهاب وجده ينظر لنغم دون إنتباه لما يحدث بالمكتب ينظر لها نظرات يعلمها جيداً وكيف لا يعلمها وهو بالأول وبالأخر رجل،فار دمه وود في هذه اللحظه ان يخفي نغم بجيبه من نظرات صديقه التي تخترقها
ضرب قبضة يـ ده علي المكتب وهو يقول بصوت حاد كالسيف يبث الرعب بالبدن:
-مهااااااااااب
إنتفض مهاب وهو يعود لرشده أثر صوت فارس الذي خرم طبلة أُذنه وهو يقول له بتوتر:
-إية يا فارس في إيه
وجه نظره إلي نغم وهو يقول لها بجدية غاضبة:
-إخرجي بره
نظرت له نغم بإستغراب فلما يحدثها بهذه النبرة القاسية!!!،فأردفت بخفوت:
-بس يا فندم لازم أراجع الحسابات معاه...عشان أفهم الغلط فين؟
أنهت حديثها وهي تشير علي مهاب بإصبعها
لو كانت النظرات تقتل لكانت نغم صريعة الآن ضحية نظرات فارس،ولو كان الغضب يحرق لكانت النيران تشتعل بالمكتب الآن دون القدرة علي إطفائها
أغمض عينه لبرهة حتي يعود لصوابه مرة أخرى فهو لم يتحمل نظرات مهاب لهارأي بعينه نظرة جوع،نظرته لها ليست بريئة إطلاقاً فهو كان يأتي بها من أسفل إلي أعلي وكأنه يتخيل كل قطعةِِ بها،تنفس الصعداء وهو يقول بهدوء حذر:
-إخرجي بره يا نغم مش وقته
حركت رأسها له بالإيجاب خوفاََ من حالته التي تتضح علي وجه وضوح العِيان وتركتهم وغادرت المكتب دون أن تنبس بكلمة واحدة
نظر له مهاب بإستغراب من حالته الجنونية الواضحه عليه:
-فيه إيه يا فارس...إيه اللي حصل لي ده كده
رمقه فارس بنظرة قاتلة وهو يقول له بغضب:
-مش عارف في إيه؟....جايبها من فوقها لتحتها بنظراتك القذرة ولا عامل حساب ليا؟
ضحك مهاب بإستنكار وهو يقول له :
-طب وإنتَ مالك مضايق ليه...البت جامدة وتستاهل
قام من علي كرسيه وإتجه نحو مكان جلوسه وهو يقول له بعصبية وحدة:
-مهاب إحترم نفسك أنا مش عاوز أمد إيدي عليك
ثم إستكمل حديثه بوعيد غاضب:
-وغلاوة أمي عندي إن بصتلها بصة متعجبنيش تاني لخلي ليلة اللي خلفوك سودة....وده مش تهديد وخلاص
غمز له مهاب بعبث وهو يستفسر قائلاً:
-هي تخصك يعني؟.....إذا كان كده فتبقي زي أختي خلاص طالما تخص صاحبي
-اه تخصني.... ولا تبقي زي أختك ولا زي امك ملكش دعوة بيها خالص لا من قريب ولا من بعيد
خرج صوت فارس غاضباً وهو يُردف هذه الكلمات
حرك له مهاب رأسه بذهول من صديقه وهو يقول:
-خلاص يا عم مكنتش بصة أقعد عشان نكمل شغلنا....وإبعتلها عشان أستفسر منها عن حاجات في الملف وأفهمها الغلط
جلس فارس مكانه مرة أخري وهو يُردف له بإستنكار:
-ده بعينك...خلص إنتَ شغلك وغور من هنا وأنا هبقي افهمها
-لاء بقي والله ما أنا ماشي من هنا غير لما أفهم إيه الحكاية يا صحبي
أردف له مهاب هذه الكلمات بجدية وهو يحاول فهم حديث صديقه الغريب عليه
تنهد فارس بضيق وهو يُردف له بصوت متعب:
-مش عارف يا مهاب مش عارف
أرجع مهاب ظهره علي المقعد ليجلس بأريحية وهو يقول له:
-لاء ده إنتَ تحكيلي كل حاجة بقي من الأول
نظر فارس للأمام شارداََ في ال لا شئ
يحاول ترتيب الكلام داخله،يحاول تذكر متي إنجذب لها ولكن بدون فائدة،لا يدري متي تحركت مشاعره لها،فهو إن كان لا يبالي من الخارج،فاجعلني أخبرك إنه يوجد في الداخل حرب طاحنة تنهش به،لا يعلم بماذا يُخبر صديقه فلو كان زين لكان أخبره بدون تردد علي كل ما يجول بخاطره دون ترتيب أما مهاب فبالرغم أنهم أصدقاء مقربين ولكن ليس كقربه من زين،إستغفر ربه بسره حتي تنتهي هذه المعركة ويستعيد ثباته مرة أخري
أردف موجهاً حديثه لمهاب وهو يغير مجري الحوار:
-مكلمتش زين؟
لم يحاول مهاب سؤاله مرة أخري عندما علم أنه يغير الحديث ولكنه فهم الأمر فلاول مرة يري صديقه بهذه الحالة التي هو عليها الآن،فهو يُجزم أن فارس واقعا لها
فجاري حديثه دون مماطلة وهو يجاوب علي شؤاله:
-كلمته إمبارح وزعلان منك جداً... والصراحة يا فارس معاه حق ازاي أصلاً تُشك في زين!
صمت فارس للحظات وهو يميل رأسه للخلف ثم أردف بهدوء:
-أنا أشك في نفسي ولا اشوفك يوم في زين....هو كلام خرج وقت عصبية لا أكتر ولا أقل
ثم استكمل حديثه وهو يلقي بملف لمهاب بجدية:
-خد راجع الملف ده...وياريت يا مهاب أرجع ألاقي الشركة زي ما مسلمهالك وبلاش شغل مرقعة
سبل مهاب له بعينيه وأردف وهو يلتقط الملف:
-عيب يا صحبي الكلام اللي إنتَ بتقوله ده....طول ما الشركة معايا حط في بطنك بطيخة صيفي
❈-❈-❈
بڤيلا محمد الشاذلي
وتحديداً بغرفة السفرة نجد الجميع مجتمعون حولها يتناولون الغداء ومعهم فرد من عائلة الهواري معزوم علي هذا الغداء فبالطبع أحمد
نظر له محمد بتساؤل:
-وإنتَ بقي يا أحمد ملكش أي مشاريع بإسمك
جعد أحمد حاجبيه بإستنكار لسؤاله وأردف وهو يرفع بصره من علي الطبق الموضوع أمامه:
-مش فاهم سؤال حضرتك... مشاريع بإسمي إزاي هو أنا لسه إشتغلت؟
أسود وجه محمد من هذا الصغير الذي جاء طالباََ لبنته فهو كان يريد لها واحد كفارس الهواري وليس أخيه الذي يبدو وكأنه لا يعلم شئ عن العمل نهائياََ....أه من إبنته الغبية التي ذهبت وراء الحُب والمشاعر ولم تنتبه للفلوس
فقاله له بضيق بين:
-يعني معندكش شقة بإسمك...مشروع خاص بيك...فلوس في البنك، أي حاجة من اللي بتأمن المستقبل دي؟
ثم إستكمل حديثه وهو يرمقه بتساؤل ساخر:
-أكيد يعني أخوك مش واكل حقك في كل المشاريع اللي هو بيدخلها دي..ما هي الشركة ليكوا إنتوا الإتنين يبقي الأرباح المفروض تبقي بالنص
بلع أحمد كلماته الذي كان سيتفوه بها وقد كانت ستُخرب الجوازة لا مُحال وهو ينظر لرقية نظرة ذات معني،فهمتها رقية سريعاً وهي تستعطف أبيها بعينيها وهمهمت قائلة:
-يا بابا الكلام ده ملوش لازمة...المهم إن أنا بحبه وهو بيحبني... وأنا متأكدة إن أحمد بعد التخرح هيبقي متفوق في شغله جدََا
رمقها أبيها بغضب،فهو سيُجلط يوماً بفضل إبنته التي تأخذ طيبة أمها رحمة الله عليها،فهو علم أن فارس يملُك كل مشروع بتلك الشركة،وأحمد لا يملك قشة يستند عليها فيما بعد
فقال موجهاً حديثه له وهو يقوم من علي السفرة:
-فرصة سعيدة يا أحمد البيت بيتك طبعاََ...بس أنا لازم أخرج عندي شغل
قام أحمد من علي السفرة هو الأخر إحتراماََ له:
-إتفضل يا عمي
ذهب محمد دون أن ينظر له وهو يشيط غضباََ من ذلك الشاب الذي تتمسك به إبنته وكأنه حبل النجاة،وتُدافع عنه بإستماتة وكأن أبيها مستعمر يريد خراب حياتها
نظر له يونس أخو رقية وهو يُردف بخجل من تصرفات أبيه مع أحمد:
-معلش يا أحمد بس بابا صعب شوية
إبتسم له وهو ينظر لرقية ويتمتم بحب:
-كله يهون عشان خاطر رقية
إبتسم يونس علي كلمة أحمد فهو أحبه وبشدة فيكفي أنه يُحب أخته وهذا يبان في لمعة عيناه وهو ينظر لها أو يتحدث عنها، فهو لا يريد شئ في الحياة سوا سعادة تلك الصغيرة وها هو يري سعادتها مع أحمد وهذا يكفي
قام يونس من علي السفرة وهو يقول بعبث:
-طب أسيبكوا ربع ساعة كده ألف في الجنينة شوية بدل ما أنا قاعد عزول كده
ثم غمز لأحمد حديثه وهو يقول له بكومديا:
-مبتحصلش كتير دي خد في بالك
رد عليه أحمد بكومديا اكبر وهو يمزح معه:
-طول عمري أقول البيت ده مفيهوش غير يونس الشاذلي
-خلاص يا عم وأنا إتثبت
قال يونس هذه الكلمات وهو يغادر الغرفة
تمتم أحمد بعد خروجه مباشرةً:
-روح يا شيخ إلٰهي مترجع غير بعد ٦ ساعات
نظرت له رقية بإستنكار،فرد لها النظرة بأخري عابثة وهو يُردف لها :
-عديها يا بطل
ردت عليه مغيرة الحوار وهي تقول له بحزن:
-أنا أسفة يا أحمد علي كلام بابا متزعلش منه عشان خاطري
أمسك يـ دها الموضوعه علي السفرة وهو يقول لها بحب:
-مش زعلان منه يا حبيبتي والله وكله عشان خاطرك يهون
ثم أكمل حديثه مستفسراََ:
-إستقريتي علي فستان ولا لسه محتارة
حركت رأسها له بالنفي وهي تقول:
-لاء الحمد لله عجبني واحد وبعته للديزينر
ثم قالت له بتساؤل:
-أهلك هيجوا إمتي...عشان بابا كل شوية يسألني حددنا المعاد ولا لاء
-المفروض أهلي هيجوا كمان يومين...وفارس هيسافر النهاردة وهيجي بعد أسبوع...يعني إن شاء الله الخطوبة كمان ١٠ أيام بالكتير
ردت عليه وهي تقول بإستنكار:
-أنا لحد دلوقتي أصلاً مش مصدقة إنك عندك أهل إزاي مجاش فرصة تقولي حاجة زي دي
ضحك أحمد علي تعبيرها وهو يقول لها:
-أيوة ما طبيعي يبقي عندي أهل أمال هطلع شيطاني يعني
نفت كلامه وهي تقول له بتوضيح :
-مش قصدي كنت فاكرة إن باباك ومامتك متوفين لأنك مكنتش بتتكلم عنهم خالص
كان كل كلامك فارس وجدك ومرات أخوك... فجأة كده يطلع عندك أخت وأم وأب
رد عليها موضحاً لها:
-بابا وماما ولين مسافرين بقالهم أكتر من 7 سنين وده كله عشان لين بعد الثانوية العامة كانت عاوزة تدرس برة وطبعاً فارس رفض رفض قاطع إنها تسافر لوحدها لاء وفين في أمريكا كمان فكان طبعاََ مستحيل...فبعد محايلات وعياط من لين فارس رضخ لطلبها بس بشرط أن بابا وماما يسافروا معاها،وفعلاََ ده اللي حصل وفارس مكتفاش بكده وبس لاء ده فتح فرع في أمريكا عشان يكبر إسم العيلة بالشرق الأوسط وإستغل إن بابا هناك وهيدرها
همهمت له بفخر بفارس وهي تقول له:
-تعرف كنت دايماََ أسمع عن إسم فارس الهواري واللي عامله في السوق فكنت متخيلاه راجل كبير أقل حاجه ٥٠ سنة...إتفاجأة يوم مجيتوا تتقدموا إنه شاب لسه وقدر يعمل كل ده في السن ده وخلي رجالة بشنبات يخافوا منه...بجد شابو ليه
برقت عينا أحمد بفخر دائماََ ينتابه عند الحديث عن فارس أخيه،يفتخر أنه أخ لهذا الوحش الذي بني لنفسه إسم سيظل خالداََ للأبد،يُحب إحترام الناس له ولمكانته،يشعر بشعور جامحاََ يعتريه،لا يتذكر يوم أنه غار من نجاح أخيه بل بالعكس دان دائماََ يفرح له وكانه هو من حقق هذا النجاح،ويحمدالله أن الله وهبه بأخ كفارس
رد عليها بصوت مفعم بالفخر:
-فارس تعب كتير في حياته عشان يوصل للي هو فيه دلوقتي...يمكن معظم الناس فاكرة إنه خد الشركات علي الجاهز بعد جدو وبابا وعمو بس الحقيقة غير كده خالص فارس بني الشركة من أول وجديد وأسسها بتعبه ودماغه
إبتسمت له إبتسامة هادئة وهي تقول له بحب
فهي تعلم مدي عشق أحمد لفارس وتعلم كم يحبه فارس:
-ربنا يخليكوا لبعض يا حبيبي وتفضلوا دايماََ سند لبعض
أمن أحمد علي حديثها وهو يردف بعبث:
طب إيه هنخلينا قاعدين علي السفرة؟
قامت من علي كرسيها وقالت له :
-لاء يلا نلعب بلايستيشن
قام أحمد هو الآخر وهو يقول لها ضاحكاً:
-يا بنتي إنتِ مبتحرميش
❈-❈-❈
بمكتب فارس الهواري مرة أخري
نجده يلم أغراضه من علي المكتب وهو يتجه إلى الخارج صوب مكتب نغم، وجدها تعمل على ملف بإتقان شديد وهي تتأفأف كل ثانية والأخري تقريباً تقابلها مشكلة في فهم شئ ما
نظر لها بشرود وهو يتأمل كل تفصيلها بوجهها وهو يتسأل بداخله من أي شئ نبتت هذه المخلوقة فهو يُتقن أنها جائت من أرض الماسات،جاءت لتقتله حياََ وتجعله يشعر بأحاسيس لم يكن يعلم بوجودها يوماً ما،فهو لم يكذب علي نفسه هو يعلم مئة بالمئة أنها تغلغلت بداخله وبلغت في ثنايا القلب مكانة كبيرة ولكن حتي الآن لم يجلس مع نفسه حتي يعلم ماذا سيفعل بتلك المعضلة؟،فهو لم ولن يرضي أن يستمر في هذا العذاب كثير
رفعت نغم رأسها من علي الورق عندنا شعرت بوجود أحداََ معها بالغرفة،وكانت المفاجأة أنه فارس، ضيقت ما بين حاجبيها بإستغراب من نظرته الشاردة بوجهها وكأنه لا يدري بالدنيا
فخرج صوتها عالياً حتي توقظه من غفلته:
-مستر فارس حضرتك عاوز حاجة؟
إنتبه فارس علي حركة شـ ـفتيها ولكنه لا يسمع ما قالته فقال وهو يتسائل:
-بتقولي إيه يا نغم
أردفت له مُعيدة حديثها:
-بقول لحضرتك عاوز حاجة؟
حرك رأسه بالنفي وهو يقول لها بجدية إستعادها بحديثه:
- كنت جايلك عشان أوصلك...وتلحقي ترتاحي شوية قبل السفر
تسارعت ضربات قلبها من تلك المشاعر المبهمة التي تسشعرها من كلامه،فهي وإن كانت بريئة فلم تكن يوماً غبية فلما هي لها معاملة خاصة هنا،فهي لم ترى فارس يوم يوصل إحدي موظفيه سواها فما معني هذا؟لما يفعل معها كل هذا لا تعلم حقاََ،ولكن لا تُنكر أنها تكون سعيدة من إهتمامه فهي عاشت طوال حياتها لا أحد يهتم بأمرها،وفي يوماً وليلة أحست بإهتمام ومشاعر إعجاب موجهه لها نابعة من رجل وليس أي رجل إنه فارس الهواري
نعم تعلم أنه يكن لها إعجاب هي ليست غبية تلاحظ دائماً نظراته لها
خرج صوتها مهزوزاََ من أثر المشاعر التي إجتاحتها من وجوده بغرفة مكتبها:
-طب ثواني هخلص الجزء ده مش هياخد وقت
جلس فارس علي الكرسي المجاور للمكتب وهو يقول لها :
-طب إنجزي وأنا مستنيكي أهو
جحظت نغم بعيناها وهي تنظر لمكان جلوسه
فهي وإن كانت تحاول في فهم هذه الجزئية فالآن مستحيل أن تدخل معلومة واحدة برأسها وهو يجلس أمامها بتلك الطريقة.
إبتلعت المرارة الموجوده بفمها من أثر الموقف ونظرت للورق مرة أخري وهي تدعي ربها أن ينجدها وتنتهي سريعاََ
بعد ربع ساعة من جلوس فارس أمامها،لا يفعل شئ سوى النظر إليها وإلي توترها البادي علي وجهها،فلم يخفي عليه توترها وأنها لا تفهم أي شئ مما أمامها
أما هي فكانت كل دقيقه ترفع نظرها خلسة له فتتصادم بنظراته المصوبة نحوها والبندقية المحددة علي الجثة فتخفضها سريعاً
سحب فارس الورق من أمامها وهو ينظر لتلك الجزئية التي لا تفهمها وهو يقول لها:
-مش عيب لما نكون مش فاهمين حاجة نسأل فيها....العيب إننا نتكبر نسأل
عضت علي شـ ـفتيها من الإحراج وهي تتمتم بصوت غير واضح:
- كنت لسه هسأل حضرتك
إبتسم فارس بهدوء علي كذبتها البريىة وهو يأخذ قلم من علي المكتب وورقه خارجية قائلاََ لها:
-طب ركزي معايا خمس دقايق
وأخذ يشرح لها تلك الحسابات الخاصة بالجزئية وما يتعلق بها بإستفاضة كبيرة
وهي كانت تنتبه لأي حركة يصدرها،قهي إنبهرت بطريقة شرحه السلسة والشيقة التي تصل إلي المخ سريعاً
فقالت بإنبهار حقيقي:
-حضرتك ما شاء الله شرحك جميل جداً...المفروض كانوا يعينوك دكتور في الجامعة
رد علي كلامها وهو يقوم من علي الكرسي ويشير لها بأن تُجلب متعلقاتها:
-كان حلم من أحلامي زمان وجالي الفرصة إنه يتحقق بس رفضت
قامت من علي كرسيها هي الأخري وهي تقول له بعدم فهم:
-مش فاهمة
-بعدين أفهمك....يلا دلوقتي عشان تلحقي تستريحي...هعدي عليكي بعد العشا عشان نوصل هناك علي الصبح
خرجوا من المكتب سوياََ بعد عدة دقائق تحت همس بعض الموظفين الذين ينظروا لهم بإستغراب فجديد عليهم كل هذا الوئام الموجود بين فارس وسكرتيرته
أوصلها فارس لمنزلها سريعاً دون الحديث في أي شئ يذكر وأكمل طريقه إلي المنزل
❈-❈-❈
في القصر
صعد فارس جناحه وجد سارة تخرج من الحمام وهي تلبس روب الإستحمام
فقال لها متسائلاً بقلق:
-فين مالك رُحت أوضته ملقتهوش
ردت عليه بهدوء:
-الكابتن بتاعهم مجمعهم النهاردة عشان البطولة قربت...بعته مع السواق
هز رأسه لها بتفهم ثم قال وهو يدخل الحمام عقب إنتهاء جملته :
-جهزيلي شنطتي عشان مسافر
جاءت لترد عليه متسائلة ولكن وجدت باب الحمام يغلق بوجهها
بدلت ملابسها سريعاً وجلست علي السرير تنتظر خروجه حتي تعلم إلي أين مسافر ولما؟
نهضت متجهه إليه عندما فتح باب الحمام
قالت له مستفسرة:
-مسافر فين....وعمو اللي هيجي كمان يومين ده؟
جفف شعره بالمنشفة الملفوفة حول رقبته وهو يقول لها بلا مبالاة:
-عندي إفتتاح بكرة في مرسي مطروح...وبعدين إيه علاقة السفر بإن بابا جاي؟
تركها ودخل غرفة الملابس حتي يبدل ملابسه أيضاً دون أن ينتظر سماع جوابها علي سؤاله الذي ساله منذ ثواني
دخلت خلفه جرياََ وهي تقول له:
-طب متخدني معاك يا فارس...عاوزة أغير جو
رمي المنشفة من يـ ده وهو يقول لها بإستنكار:
-أخدك معايا فين هي رحلة!؟
علي صوتها قليلاََ وهي تقول له بإعتراض علي حديثه:
-وفيها إيه ما أنا كل صحابي بيسافروا مع أجوازهم في كل مكان....وفي منهم كمان اللي كل سنة يسافروا يجددوا شهر عسلهم
ضحك علي كلامها ضحكة ساخرة تحمل الكثير وهو يقول لها بتبجح:
-ده لما يبقي واحد بيحب مراته مش واخدها لمؤاخذة يعني فرز تاني....وصوتك ده تهديه عشان مقطعلكيش لسانك
بهت وجهها وسقط قلبها بأرجلها من قساوة جملته التي إخترقتها كالرصاصة التي تُصيب هدفها بحرفية
ردت عليه بكسرة وحزن لم يتخلوا عن صوتها:
-وإنتَ عارف اللي فيها يا فارس..المفروض أكتر واحد تبقي مقدر موقفي
إقترب منها بخطوات رتيية حتي وقف أمامها مباشرةََ لم يفصل بينهما سوى أنفاسهما
وخرح صوته حاداََ:
-ما عشان أنا عارف اللي فيها بقول كده...ولو فكراني مختوم علي قفاية تبقي غلطانة
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية