-->

رواية جديدة مواسم الفرح (ست الحسن) لأمل نصر الفصل 21

 

قراءة رواية مواسم الفرح (ست الحسن) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية مواسم الفرح 

من روايات وقصص 

الكاتبة أمل نصر


(ست الحسن)

الفصل الواحد والعشرون

بعد يوم كامل من الكتم والغيظ انفجرت هدية بزو جها بمجرد ان دلفت إلى المنزل، بعد عودتها من المحافظة، وزيارتها لعاصم في المشفى، ليتكرر الشجار حتى اليوم التالي معه، فقد كانت مراجل الغيظ لم تهدأ معها على الإطلاق، كلما مر بذهنها موقف ما من المواقف العديدة التي حدثت أمام عينيها:

- عشان لما ولدى كلمك معجبكش الكلام، اديهم طلعوا مظبطينها ومطبخينها مع بعضيهم، وطلع ولدى بس اللى غلبان فى العيله دى .

تمتم محسن بالسباب داخله ليقول بسخط:

- ما خلاص بجى يا ولية انتى فوضيها، من امبارح وانتى شغاله لت وحديت فى الموضوع ده .

صاحت بها تضرب بكفيها على فخذيها:

- إنت هتستكتر عليا الحديت كمان؟ مش كفايه فرستى امبارح وانا شايفه العشاج مع بعضيهم، لا والاكاده ان كل ده بشورة ابوك، الراجل الكباره اللى عاملى فيها بيحكم بالعدل .

هتف بها ناهرًا:

- إنتى كمان هتغلطى فى ابويا؟ ما تلمى نفسك يا هدية، انا مش طايق نفسي، وعلى اَخري من عمايلك.

بغيظ يأكلها تابعت بصياحها:

- والم نفسى ليه بجى؟ هو مش جال ان بدور مش هتاخد حد من العيلة عشان نفض الإشكال من أوله، وافج ليه بجى دلوك بعاصم بعد ما فلتها من واد العمدة؟ لا وكمان فى السر من غير ما يجول لحد، عامليهنا مفاجأة، ولا الدكتور اللى ساكن في المحافظة بجالو سنين، طلع خاطب الدكتورة من غير ابوها ما يعرف، يا عينى عليك يا ولدى، غلبان ولا تعرف في اللف ولا الدوران زيهم.

سمع منها محسن ليتمتم بحيرة:

- والله ما انا عارف اجولك ايه ؟ جلبتى مخى برطك ولتك الكتير، بس انا متأكد ان ابويا عنده إجابة لكل اللى بتجوليه ده.

نهضت من جواره بحزم تصيح به:

- يجول اللى يجوله، انا المهم عندي دلوك هو ان ارضي ولدى الغلبان، ولازم ادورلوا على عروسة احلى من الاتنين .

- دورى يا ختى، انا هكره، ان شالله حتى تجوزيه من عشية، المهم هو فين دلوك؟ من الصبح مش شايفه؟

- جاعد نايم عشان اتأخر امبارح فى السهر عند جده.


❈-❈-❈


- وانتى رديتى عليه بإيه يا ختى؟

سالتها نهى عقب سماع ما قامت بسرده عليها وهي بثينة حول موقف الأمس بينها وبينه، وردت تجيبها:

- انا، انا فضلت ساكتة مش عارفه ارد بأى شئ، وفى الاَخر هو لما زهج منى جالى انزلى . 

سألتها بثينة: 

- قالك انزلى كده وبس؟ من غير ما ياخد اجابة؟!

- هو دا اللى حصل، ومفيش اى كلمه تانى زيادة.

قالتها نهال لتقول نهى بتفكير:

- على فكره انا كده مش مطمنة.

قالت بثينة أيضًا:

- طب وانتى مقولتيش الحقيقة ليه بس يا بنتى؟ بدل اللف والدوران ده، وانتي عارفة ان الدكتور مدحت مش سهل، واكيد مش هيعدي الموضوع كدة.

هتفت بقلة حيلة:

- حقيقة ايه بس اللي أجولها انتي كمان؟ عايزني اجيب سيرة يونس صاحبه اللى طلب يدى للجواز، واجول ان هو اللى حكالى على موضوع مها عشان تبجى مصيبة وطبلت فوج راسي.

عقبت نهى بغيظ متفهمة لما تردف صديقتها:

- بس لو ما كنتيش تغلطى بلسانك اللى عايز جطعه ده! اديكي جلبتي الدنيا فوج راسك من غير ما تحسي.

رددت نهال خلفها بيأس:

- هو فعلا عايز جطعه، ولولا التسرع مني ، مكانش حصل كل ده 

- مساء الخير 

سمعت الصوت الرجولي لترتفع رأسها وتصعق متفاجئة، وتلجم لسانها عن الرد الذي قامت به صديقتيها بدون علمهم بهوية الرجل، 

- مساء الخير!

- ازيك يا اَنسة نهال، عامله إيه؟

قالها ليزيد من صدمتها، أمام النظرات المتسائلة من صديقتيها، فخرج ردها بتلجلج:

- اا الحمد لله، كويسة.

بلباقة خاطبها قائلًا:

- ممكن كلمتين على انفراد، ارجوكى مش هاخد من وقتك خمس دقايق.

قالها برجاء اسكتها عن الرفض وأحرج الفتاتين، لينهضن فجأة من جوارها، وقالت بثينة باستئذان:

- طيب احنا هنستناكى هناك ع الطربيزه القريبة دى، انا ونهى .

ودت نهال التمسك بهن والاعتراض، حتى نهى تثاقلت في النهوض مع شعور بعدم الإرتياح كان يتسلل إليها، لدرجة جعلت بثينة تهتف بها 

- يا للا بقى يا نهى قومي.

قالتها وهي تجذبها من كفها وترفعها عنوة، ليستغل الاخر، ويجلس على المقعد المقابل لنهال.


على مضض استجابت نهى للسير مع بثينة لتهتف بها معترضة فور أن ابتعدن بمسافة كافية عنهما:

- شدتينى ليه يا بثينة وجومتيني، هو احنا عارفين مين ده؟ عشان نسمحلوا يجعد معاها لوحديهم؟

دافعت بثينة قائلة:

- أمال كنتي عايزانا نعمل ايه انتي كمان؟ ما شوفتيش الراجل وهو بيطلبها مننا بالزوق عشان نقوم؟ بصراحة المنظر كان محرج.

نهى بتفكير عميق وهي تركز بالرجل: 

- ايوه بس احنا منعرفوش، رغم ان شكله مش غربب عليا ... يا نهار اسود ليكون دا صاحب الدكتور مدحت اللى شوفناه فى الكافيه، انا جلبى حاسس ان هو .

رددت بثينة خلفها بتوتر اكتنفها على الفور:

- جرا يا بنت انتي متقلقنيش، مش معقول يكون بالجرأة دي، ثم انتى كمان عرفتيه ازاي؟ دا احنا فى يوميها ما شوفناش غير قفاه ومن بعيد كمان.

ردت نهال بتصميم:

- ما هو دا اللي خلاني اتأكد، جفاه يا بثينة، انا دلوك افتكرت لما شوفت جفاه، بعد ما شوفته من ضهره.

ابتلعت بثينة لتردف بقلق مستنكرة:

- حتى لو كان زي ما بتقولي، دا مكان عام فيه كل الطلبة، دا غير ان احنا معاها وهى مش فى موعد غرامى اصلا.


❈-❈-❈


وإلى نهال التي وضعت في موقف لا تحسد عليه، تموت من القلق وأعينها تجوب يمينًا ويسارًا وفي كل الأنحاء حولها، قدميها تهتز اسفل الطاولة بتوتر، تود القفز والركض هاربة، والاَخر يحدثها بأدب ولباقة:

- اسف انى طبيت عليكي فجأه كده، بس انا عارف ان دا المكان اللى بتيجى فيه انتى وصحباتك على طول .. وبصراحه بقى، كنت محتاج اعرف رأيك فى الموضوع اللى كلمت والدك عليه .

قطبت باستغراب تجيبه:

- بس اللى اعرفه انا، هو ان ابويا اتصل بيك ورد عليك بالرفض .

رد يونس بوجه متجمد الملامح:

- دا صحيح، بس انا مش مقتنع وعايز اسمعها منك.

- حضرتك انا مخطوبة لواد عمى الدكتور مدحت هو مش جالك كدة برضوا؟ 

قالتها نهال لتجده يردف باستنكار وعناد:

- قالى وانا مش مقتنع على الإطلاق، ان واحد يتقدم ويخطب على خطبة واحد تانى .

- لكن هو متكلم عليا بجالوا فترة

- ايوة بس دا مكنش كلامك لما سألتك في المستشفى وقولتيلى انك مش مخطوبة ولا انتي مش فاكرة.

تلجمت نهال مستشعرة حجم خطئها، وزلة لسانها في لحظة العصبية التي استغلها هذا الرجل والذي أكمل:

- ارجوكى متخليش حد يأثر عليكى بالعادات والتقاليد الباليه، ارجوكى تفكرى ويبقى قرارك فى طلبى من دماغك، متخليش حد يجبرك على شئ انتى مش عايزاه .

تلعثمت بأضطراب أصابها تخشى إحراجه، وخرج ردها:

- افهمني بس يا أستاذ، اناا..!!

- انتى ايه ما تردى ع الراجل عدل !!

سمعتها نهال لتشهق مفزوعة لرؤيته، وقد كان واقفًا أمامها بتحفز، وقد بدا انه استمع لكلمات هذا الموعو يونس الذي تجاهله باستفزاز يخاطبها:

- ارجو يا دكتورة نهال انك متتأثريش، ويبقى ردك من جواكي بدون ضغط.

بصعوبة شديدة حاول مدحت السيطرة على انفعاله، ليخاطب الاَخر بهدوء ما يسبق العاصفة:

- اقسم بالله لولا انى فى مكان عام وليه قدسيته، لكنت عرفتك مجامك يا يونس، لأنك انسان مش محترم .

همت نهال بالإستفسار قائلة:

- مدحت اناا....

بنظرة نارية خرجت من قعر الجحيم، أوقف الكلمات على طرف لسانها، ليأمرها بصوت مخيف:

- انتى تخرسى خالص دلوك، وتسبجينى حالا على مكتبى من غير ولا نفس.

بدون ادنى تفكير، تحركت قدميها على الفور لتذعن لأمره ، حتى تذهب وتتركهما، وقد اخمدت صوت العقل وصوت الحكمة وكل شيء برؤيته. 

على الطاولة القريبة كانت نهى وبثينة يقفن برعب متابعات نظرات العداء بين الإثنين، مدحت والذي بدا على شفا الهجوم، وهذا المدعو يونس يواجه ببرود يحسد عليه ليزيد من غضبه 

- على فكره هى من حقها تختار، وانت مش من حقك تفرض نفسك عليها.

سمع مدحت ليشيح بوجهه عنه حتى ينظم انفاسه، قبل أن يلتف فجأة ويباغت يونس بلكمة قوية، صرخ على اثرها، لينفض الاخر قبضته، ويغادر امام نظرات الاستغراب من الجميع، طلبة وموظفين .


❈-❈-❈


في المشفى 

وبجانب تخته الطبي المستلقي عليه برأس مرفوعة الاَن، ليتلقى منها الطعام، وهي جالسة بالقرب منه، ممسكة بالطبق، وتناوله بالملعقة، حيث كان شاردًا بها، حتى صاحت به بتذمر:

- بطل تبصلى كده كتير عشان ما جومش اجيبلك عم سالم هو اللى يأكلك.

ضحك عاصم بخفة يقول بمشاكسة:

- يعنى اكل وانا مغمض عينى، كيف دي؟

بحزم مصطنع هتفت به:

- محدش جالك غمض عينك بس متركزش، واديني فرصة اوكلك من غير ما تحرجني 

غمغم باستسلام يراضبها:

- حاضر يا ستي، شوفى انا هتبع كلامك وابص بعين واحده، والتانية هغمضها اها .

فعل كما اخبرها فضحكت قائلة:

- يا بووى دا انت طلعت بلوة يا شيخ، انا مكنتش فاكراك كده!

- امال كنتى شايفانى ازاى؟

سألها لتجيبه بخجل وهي تترك الملعقة على الطبق.

- بصراحه انا كنت بخاف منك .

تجعد جبينه ليسألها بانتباه:

لييه يا بدور؟ ايه اللى يخليكى تخافى منى؟

ردت تردف بما كانت تشعر به:

- مش عارفه؟ بس انت كنت دايماً جامد كده، ومبتهزرش زى حربى أو رائف، رغم انك جريب منهم فى العمر، وانا كنت بخاف منك لما تبصلى .

تبسم متفاجأ من قولها، فقال موضحًا:

- اممم، طب افهمك يا ستي، اولا انا مكنتش بهزر كتير عشان دا تجل، فاهمانى، ولا تفتكرى اغنية سعاد حسنى بتاعة يا واد يا تجيل احسن.

- يا سلام ! ....

قالتها متفاجئة بالوجه الجديد الضاحك له، فتابع لها

- ولو ع التانية، في انك تخافى منى وانا ببصلك تبجى عيب منك يا خايبة، هو انا هاكلك!

تغضنت ملامحها تقول بسخط:

- متجولش عليا خايبة يا عاصم .

سمع ليرد بابتسامة متوسعة:

- حاضر مش هجول خايبة دا انتى جمر وبدر الزمان كمان، ايه رأيك ؟

تبسمت تقول بانشكاح وقد اعجبها غزله:

- حلوه بدر الزمان دى، جيبتها منيين ؟

رد بمرح لمرحها بقوله:

- مجيبتهاش من حتة، هى جت كده معايا، بس لايجه عليكى صح

- لا يجة جوي.


-❈-❈-❈


- والله العظيم انا اتفاجأت بيه لما هل علينا انا والبنات واستاذنهم يجوموا، انا اتكسفت احرجه لما جالى خمس دجايج بس، حتى اسأل البنات اروح اجيبهم تسالهم .

قالتها نهال مدافعة عن موقفها منذ قليل، والاَخر ينظر لها صامتًا بجمود غريب، كفيه مشبكها خلف ظهره، يستمع بصمت دون ادني رد فعل، حتى قال اَخيرًا:

- اسألهم فى ايه؟

- فى اللى جولتلك عليه وعمالة احكي فيه بجالى فتره معاك دلوك.

- اه صح اللي بتتكلمى فيه، اممم 

تفوه بها ليتوقف مشيحًا بأنظاره نحو الجهة الآخرى، ثم التف اليه سائلا:

- نهال هو أنا فعلا فارض نفسى عليكى؟

اجفلها بقوله لتقول بانفعال:

- فارض نفسك عليا! ليه يا مدحت بتجول كدة؟ هو انت صدجت الراجل المخبول ده؟

سمع لتبرق عينيه يصيح بها بشر:

- و لما هو كدة، الزفت دا لما سألك، ليه رديتى وجولتى مش مخطوبة؟

باغتها بالسؤال، لتشعر وكأن دلوًا من الماء البارد القي فوق رأسها، ف ابتلعت تقول باضطراب:

- شوف يا مدحت، عشان تفهم القصة دي لازم تسمعنى كويس ..

اومأ راسه وبصوت خفيض اجابها:

- كملى وانا سامعك .

بخوف شديد وقلب يضرب بقوة بين اضلعها، أجمعت أمرها لتردف الحقيقة، فلا مفر منها الاَن:

- بصراحه كدة اللي اسمه يونس هو اللى جالى عن موضوع مها لما شافنى فى المستشفى امبارح وانا كنت بدور عليك، وجتها انا كنت مصدومه ومخى مشوش رديت عليه بلا لما سألنى مخطوبة لمين فى ولاد عمك؟ مكنتش مركزة، ولا اعرف انه خبيث وهيستغل .

ضيق مدحت عينيه بتفكير يردف بانفعال:

- يعنى انتى وجفتى تتسايرى معاه وخد وادا فى الكلام معاكى وحكالك عن قصتى مع مها، حكايلك ايه تانى يا نهال؟ جوليلى.

هتفت بدفاعية:

- والله هما يدوبك خمس دجايج وكانت صدفه كمان .

احتدت عينيه تطلق شررًا بغضب قادر على حرق الأخضر واليابس، وقال:

- انتى عارفه يا نهال، انا و مها سيبنا بعض ليه على الرغم اننا كنا متفجين على الجواز وتجريبًا انا كنت مخلص الشجه اللى هنتجوز فيها .

- ليه؟

قالتها لتجده تقدم ليجلس على الكرسي أمامها ويجيب:

- جولتيلى ليه؟ الحكايه يا ستى كانت لما جاتلى مها تشاورنى وتجولى ان الدكتور عزيز و اللى كان استاذى .. متجدملها وطالبها للجو از، هتصدجينى لما اجولك، ان انا اللى جولتلها وافجى بيه واتجو زيه .

سقطت على الكرسي المقابل له تردف باستغراب:

- ليه ؟!! ..... مش انت بتجول ان انت كنت بتحبها ومتفقين ع الجو از؟

اقترب برأسه يقول بمغزى:

- عشان يا نهال حسيت في نبرة صوتها وهى بتتكلم عنه وعن حالته الماديه والعروض اللى عرضها عليها  انها ليها غرض، زائد إنها لو حابة ترفض مش هتيجى تقولى وتعرض عليا المغريات دى كلها .

- قولتلها اتجوزيه وهان عليك الحب

قالتها نهال بصدمة، ليميل برأسه أكثر نحوها، وعينيه نصب عينيها مرددًا:

- لمجرد بس انى حسيت انها مش متمسكه بحبى ليها وان عجلها بيشاورلها توافج.

وصلتها كلماته وفهمت مغزاها لتسيل الدموع على وجنتيها قائلة:

- وانت بقى دلوقتى حاسس انى مش عايزاك ؟

قالتها وظلت منتظرة ردًا منه، وهو يبادلها النظر بصمت قاتل، وملامح مبهة لم تفهم منها شيء، نظرة حادة وغضب يطل من عينيه، حتى انها لم تتحمل اكثر من ذلك، لتتناول حقيبتها وتنهض عن مقعدها، لتذهب من أمامه بدون استئذان، يشيعها بنظراته حتى اختفت، وقد تملك الغضب منه حتى عن توقيفها لتفهم باقي حديثه


❈-❈-❈


في البلدة

قالت نعمات وفي محاولة يائسة لتهدئة زو جها الذي كانت يتفتت من الغيظ:

- ما خلاص يا راجل، فك كدة وروق شوية، ميبجاش زعلك عفش كدة 

بنظرة نارية هتف مرددًا:

- انا برضوا اللي زعلى عفش؟ ولا بنتتك انتي اللى بجيو ماشين على كيفهم، ومش عاملين لي حساب. 

- وه، على كيفهم كيف يا جزين؟ ما تخلى بالك من كلامك يا راجل، دا انت بنتتك الكل يشهد على ادبهم .

صاحت بها معترضة، ليقارعها راجح متهكمًا:

- ايوه ادبهم يا ختي، يعنى على كدة انتي عجبك المحروسة اللى جاعدة فى البندر جمب واد عمها فى المستشفى وبتجول عليه خطيبها من غير شورتى؟

التوى ثغرها بحنق لتقول بسأم:

- احنا برضوا هنجيب السيره دى تان ما البت جالتلك كلم جدها.....

قاطعها صارخًا:

- اه يا ختي، وهى دلوجتى موافجة وراضية بعد الدنيا ما ولعت، ما كان من الاول، بدل ما نتشبك مع العمده وولده، وتحصل النصايب دى كلها:

صاحت به بدورها:

- يوووه. النصيب عاد، حد عارف بكره هيحصل ايه؟

هدر بانفعال حاسمًا:

- يحصل ولا ما يحصلش اتصلى ببت ال..... بتك خليها تلم نفسها وتيجى مع اى حد من عمامها نازل البلد والا هروح اسحبها من شعرها واحلف ما اوافج على جوا زها من واد عمها خالص . 


-❈-❈-❈


وعودة إلى الجامعة. 

حيث كانت تذرف دمعاتها دون توقف، في مكانها المخصص بالمدرج الذي كان خاليًا إلا من بعض الطلبة المتفرقين، وبصحبة صديقتيها الاَتي فقدن الحيلة في تهدئتها، حتى وصلت للإعتذار بثينة:

- انا اسفه يا نهال، والله لو كنت اعرف البنى ادم ده ما كنت قومت من جمبك نهائى.

اضافت نهى:

- انا الراجل ده ما كنتش مطمناله وما كنتش عايزه اجوم بس بثينة اللى شدتنى واحرجتنى جدامه. 

رمقتها الأخيرة بعتب تخاطبها :

- فيه ايه يا نهى؟ انا افتكرتوا قريبها ولا معرفة بيها.

تجاهلتها نهى لتتوجه بخطابها نحو نهال سائلة:

- بس انا عايزه افهم، هو انتى كده فشكلتى الخطوبة ولا ايه بالظبط؟

بتماسك مزيف تكلمت وهي تحاول حبس الدمعات:

- بيجولى انا ما بتمسكش بحد مش عايزنى وفاكرنى انا مش عايزه، يبجى ايه ؟.. دا بيجولى انا فارض نفسى عليكى، هو فارض نفسه عليا؟

قالت بثينة بشفقة:

- طب وانتى سكتى ليه؟ كنتى قولتيلوا عن حبك ليه من ايام طفولتك، من قبل هو نفسه ما يشوفك انسه ويحبك.

بحرقة عادت تبكي وهي تردد بنقطع:

- انا ما تحملتش لما جابلى مها مثل عشان يفهمنى، وحاولت الاقى تفسير غير اللى فى مخى ما لجيتش، جومت سيبتوا ومشيت، دا حتى ما سألش عشان يوصلنى زى كل يوم ، يبجى خلاص .مش كده يا نهى؟ خلاص يا بثينة، انا هسافر البلد على اول جطر، محملاش اجعد دجيجه فى البلد دى 


❈-❈-❈


قالت انتصار وهي تقف على مدخل الغرفة تراقب ابنها الذي كان يهندم ملابسه أمام المراَة:

- هتاخد حد من الغفر معاك؟

رد باستغراب وهو يتناول الفرشاة ليصفف شعر رأسه:

- عايزانى اخد حد من الغفر جهوة سلام الحشاش . . عشان يوصل الخبر لابويا، وتبجى جضية.

قالت انتصار بسخط:

- وانت اش ضامنك انك متلاجيش حد من مضاريب الدم دول متربصلك زى المره اللى فاتت، خد حد من الغفر يكون أمان ليك.

ابتلع معتصم ريقه الذي جف فجأة مع تذكره ليقول بخوف

ما هما مش باينين من امبارح، انا طلعت مع ابويا وطلعت لوحدى مالمحتش حد فيهم نهائى .

 قالت انتصار بحسم:

- بردك متضمنش الظروف، انت خد الواد جبيصى وانا هديلوا فلوس عشان ما يجولش لابوك .

طب لو ابويا سأل عليه، هتردي بأيه؟ ما انا ما هجدرش اخليه معايا السهره كلها .

شهقت بصوت مستكنر تهتف به:

- لهو انت ليك نفس كمان تسهر بعد دا كله؟ توصلهم الفلوس وتاجى على طول يا واد، انا مناجصاش حرج دم.

جادلها معتصم بطفولية:

- مينفعش ياما، الجو حلو هناك والبت الغازيه حلوه جوى.

كزت انتصار على أسنانها لتهدر به مشددة:

- بجولك ايه يا واد انت، مفيش سهر ولا زفت، انت هتروح وتاجى على طول وهتاخد جبيصى معاك فاهم ولا لاه؟

اومأ رأسه بطاعة يقول برجاء:

- فاهم ياما فاهم، بس هي نص ساعة كده تفاريح مش هتأخر، صدجينى مش هاعوج 


-❈-❈-❈


في سكن الفتيات 

وبالتحديد في غرفتها وهي تلملم اشيائها، وتضع ملابسها في الحقيبة، خاطبتها بدور برجاء:

- لزوموا ايه السربعه بس؟ ما كنا استنينا شوية تاني....

قاطعتها على الفور تصيح بها

- اسمعى اما اجولك يا بدور، انا معنديش مرارة للت والعجن، انتي لو عايزه تترزعى هنا، خليكي جاعدة وانا اسافر لوحدى.

قطبت بدور مندهشة لرد فعلها الحاد معها لتقول:

- باه يا نهال ، دا انتى بجيتى صعبه خالص، هو أيه حصل وخلاكى كده،

هتفت بها بانفعال:

- مالكيش دعوة باللى حصل، انتى اساساً ابوك اتصل بيا النهارده عشانك وجالى خليها تنزل بدال ما اربيها ... عايزه تجعدى تانى وتعصى ابوكى؟

نفت بدور بهز رأسها، لتقول بيأس:

- لا طبعاً مجدرش اعصاه، انا بس كان نفسى اسلم على عاصم جبل ما نمشى .

بنفاذ صبر اخرجت نهال الهاتف من الحقيبة تخاطبها:

- يوووه اتصلى بيه وخلصى، بس متعوجيش عايزين نحصل الجطر .. 


-❈-❈-❈


في القهوة وبعد أن أعطى الرجال باقي نقودهم، استرخي ليجلس مستمتعًا برقص الفتاة التي كانت تتمايل أمامه بميوعة يستقبلها بمرح وهو يدخن من الشيشة التي كان ممسكًا بذراعها، بمعاملة الملوك يتصرف معه اصحاب المقهى مدام يصرف ببذخ ودون حساب، قطع عليه نشوته دوي صوت الهاتف بجيب جلبابه، اخرجه ليرد بقرف على الغفير المكلف بحراسته

- الوو .... ايو يا جبيصى الزفت، انا مش منبه عليك ان انا اللى هارن عليك وجت ما اكون عايز اروح عشان تيجى .

وصله صوت الاَخر:

- ايوه يا معتصم بيه، العمده اتصل بيا وبيجولى انه عايزنى ضرورى.

صاح به الاَخير بعصبية:

- يعنى ايه يا زفت انت؟ هتمشى وتسيبنى اروح لوحدى؟

- يا بوى انا بتصل بيك عشان كده، انا مستنيك بره الجهوه تحت الشجرة الجديمة ناحية الزراعة بشربلى حجرين جوزة، بسرعة ياللا اطلع عشان انا عايز احصل العمدة، مش عايز مشاكل معاه.

زفر معتصم يردد بالسباب قبل ان يستجيب مضطرًا له قائلًا:

- طب غور ادينى طالعلك، جليت مزاجى إلهي يجصر بعمرك .


❈-❈-❈


وفي الخارج وبعد ان انتهى من المكالمة، التف جبيصي برأسه نحو الوقفان من خلفه بالسلاح المصوب على خصره، وظهره، يخاطبهم: 

- استريحتوا كده يا بهوات؟ انا اكيد هاروح فى داهية بسببكوا.

ربت رائف على كتفه يردد بتصنع التأثر: 

- بعد الشر عليك يا جبيصى؟ انت ذنبك ايه بس؟

تكلم حربي أيضًا:

- ايوه يا جبيصى، انت دلوك تروح ولو سالتك انتصار جولها ولدك مشانى وطبعا العمده ميعرفش بالمشوار .. يعنى انت فى امان.

ربت رائف مرة أخرى لكن هذه المرة بحزم وتهديد له:

- يا للا بجى جر رجلك وامشى، خلص ياللا .

نبرة التهديد والوعيد، جعلت جبيصي يزعن مضطرًا ليرتد ويتحرك مذعنًا للأمر، وفمه يرد بولولة مع ضرب كفيه ببعضهما:

- يا وجعتك المطينة يا جبيصى، يا وجعتك الزفت يا جبيصى 


❈-❈-❈


بعد مدة من الوقت جاوزت النصف ساعة ، خرج معتصم يبحث عن غفيره جبيصي، في المكان الذي ذكره له، خلف القهوة اسفل الشجرة القديمة، وفمه يهتف"

- انت يا جبيبصى، جاعد فين يا جبيصى الزفت 

- انا هنا ياروح جلبى .

قالها رائف فجأة وهو يخرج له من قلب الظلمة التي كان متخفي بها، ليظهر وجهه الشرس، بعد ان ازال عنه الشال الذي كان يغطي نصفه، انتفض معتصم بزعر مرددًا اسمه:

- رائف

- وحربى كمان، ايه رايك ؟

قالها الاَخير، وقد جاء من خلفه، يثبته بالسلاح الذي شعر به معتصم على عظام ظهره، ليلتف اليه برأسه فقط، وعينيه تبرق بارتياع المقبل على نهايته، وقلبه على وشك التوفف

 يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية مواسم الفرح (ست الحسن)، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة