-->

رواية جديدة تعويذة العشق الأبدي لسمر إبراهيم - الفصل 15

 

قراءة رواية تعويذة العشق الأبدي كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تعويذة العشق الأبدي

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سمر إبراهيم 


الفصل الخامس عشر


قبل أن تتكلم عليك أن تفكر فيما تقول..

 وفي من يستمع إلى ما تقوله..

 وأين ومتى تتكلم حتى تجد الأذن التى تصغى وتفهم ما تقوله.

مقولة فرعونية


❈-❈-❈


ولجت خلفها بثورة عارمة وما زاد من غضبها أكثر هو هدوءها الغريب والكثير للريبة فلقد جلست على الفراش تنظر لنقطة فارغة أمامها دون قول شيء فذهبت إليها ولكزتها في كتفها وهي تصيح بصوت أشبه بالصراخ:

- أنتي أكيد اتجننتي، انتي مدركة اللي انتي عملتيه؟

لم تجيبها ولكنها اكتفت بنظرة عابرة لها لتعود وتنظر للفراغ مرة أخرى فاستشاطت عهد غضبًا من تصرفاتها الغير مبررة فمهما كان خطؤها لا يمكن أن تعا قب نفسها بتلك الطريقة ولكنها تيقنت من أن الصياح لن يجدي نفعا في هذه الحالة فلانت ملامحها قليلا وجلست بجوارها ووضعت يدها على كتفها في محاولة منها لإثنائها عن قرارها المتهور هذا بأية طريقة:

- وعد حبيبتي أنا حاسة بيكي والله وعارفة اللي بتمري بيه بس إنك تعا قبي نفسك العقا ب ده مينفعش، انتي كدا بترمي نفسك في النا ر وانا مقدرش أشوفك بتعملي في نفسك كدا وأقف اتفرج عليكي، خلاص اللي حصل، حصل، مش هتفضلي طول عمرك تدفعي تمن غلطة عملتيها، ومش علشان تصلحيها ترتكبي جر يمة في حق نفسك.

لم تنطق ببنت شفه فلولا دموعها التي تغرق وجهها لظنت أنها لم تستمع لحرف مما نطقت به لتهز رأسها بيأس وقررت أن تتركها الآن لتفكر فيما فعلته علها تتراجع عن ذلك القرار عندما تهدأ قليلًا:

- طيب أنا هسيبك دلوقتي ترتاحي وتفكري في اللي حصل واللي ممكن يحصل نتيجة قرارك ده وأتمنى إنك تراجعي نفسك ومتخافيش من عادل أنا كفيلة بيه عمره ما هيقدر يعملك حاجة طول منا موجودة.

أنهت حديثها معها وتركت لها الغرفة فقررت أن تخرج قليلا علها تستطيع التفكير بهدوء فيما يمكن أن يحدث إن أصرت شقيقتها على قرارها الخاطئ ذلك.

❈-❈-❈


انتظرت خروج شقيقتها من الغرفة ثم ارتمت فوق فراشها تبكي بحرقة على ما آل إليه حالها فلقد ألقت بنفسها إلى التهلكة بالفعل ليس لموافقتها على الزواج من ذلك الشخص ولكن ذلك حدث منذ أن تعرفت على ذلك الشيطا ن الذي زين لها المعصية وكاد أن يفقدها شرفها في لحظة ضعف وغباء منها.

ازدادت شهقاتها عند تذكرها ما حدث بينهما منذ بداية تعارفهما وحتى لحظة دخول زوجته عليهما وكيف بدأت معه سلم التنازلات الذي بدأ بخطوة لتجد نفسها فجأة ودون إدراك منها تقبع في قاع الرز يلة ولولا ما حدث لأصبحت الآن من السا قطات.

هل ستتز وج من ذلك الر جل حقًا؟ سؤال خطر على بالها ليزداد بكاؤها عند تخيلها لذلك الأمر فهي لا تستطيع ذلك فلم تكن تتخيل أبدًا أن يأتي هذا اليوم الذي يصبح فيه  ذلك الر جل المقزز زو جها وله الحق في لمــ سها لتشعر بالغثيان عند تخيلها لذلك الأمر ولكنها لن ترجع في قرارها فليكن ذلك عقا بها الأبدي على ما اقترفت يــ داها علها تستطيع بزو اجها منه ان تثبت للجميع وخاصة والدها بأنها مازالت عذراء إن كان  ذلك هو ما يهمه مما حدث أما هي فبالرغم من أنها مازالت تحتفظ بعذريتها إلا أنها تشعر بأن روحها قد تلوثت ولن تستطيع تطهيرها مهما حاولت ذلك فلتستسلم لقدرها إذن وليكن المو ت هو خيارها الوحيد بعد إتمام تلك الزيــ جة وإثبات طهارتها أمام الجميع.

جففت دموعها وقامت ببطئ لترى هل لازالت عهد بالمنزل أم لا فهي الوحيدة التي تستطيع منعها من تنفيذ ما خططت إليه.

خرجت من غرفتها تتلفت يمينًا ويسارًا وتبحث عن عهد في كل مكان فتنفست الصعداء عندما لم تجدها وذهبت في اتجاه باب الشقة وقبل فتحه استمعت إلى صوته البغيض:

- على فين العزم يا سنيورة لاتكوني ناوية تهربي وتسيبي البيت؟

نظرت إليه بحقد وتحدثت وعلامات التقزز ظاهرة على تقاسيم وجهها:

- متخافش اللي انت عايزة هيحصل أنا نازلة أجيب حاجة من تحت وراجعة علطول.

- في ستين سلامة يختي بس اعملي حسابك أي حركة كدا ولا كدا بمو تك المرادي كفاية فضايح بقى لحد كدا.

لم تلتفت لكلماته وذهبت مسرعة حتى تستطيع العودة قبل عودة عهد حتى لا تسألها عن مكان ذهابها وتفسد جميع خططها.

❈-❈-❈


تسير بغير هدى لا تعرف إلى أين تذهب تشعر وكأن هناك حجر جاسم على صد رها يمنعها من التنفس فلقد خسرت كل شيء حلمها، وعملها، والآن شقيقتها الوحيدة أيضًا.

لا تعرف ما الذي عليها أن تفعله لكي تمنعها مما تريد أن تفعله فهي لا تستطيع أن تراها تذهب إلى حتفها وتقف مكتوفة الأيدي هكذا فشعور الذنب يطغى عليها فهي على يقين بأنها لو لم تبتعد عنها لما كان حدث لها كل ذلك فمن وجهة نظرها هي السبب في كل ما حدث

تنهيدة حار قة خرجت من صد رها لتشعر وكأنه قد شلّ تفكيرها ولا تستطيع الوصول لحل لتلك المعضلة لينبهها من شرودها ذلك الصوت البغيض التي لطالما كر هته وهو يقول:

- يا أرض احفظي ما عليكي، ما تتفضلي يا مزمازيل تشربي حاجة دحنا خلاص بقينا أهل.

حدجته باشمئزاز فوجدته ينظر إليها بطريقته المقززة التي لطالما أشعرتها وكأنه يجر دها من ملا بسها لتعقب بهجوم وشرارات الغضب تنطلق من عينيها:

- دا لما تشوف حلمة ودنك يا عزب، اللي في دماغك ده مش هيحصل إلا على جثــ تي.

قالت ذلك وهي تبصق على الأرض أمامه ليشعر بالإهانة من فعلتها فتطلع إليها وهي تختفي من أمام عينيه وتوعدها بداخله:

- هنشوف مين اللي هيضحك في الآخر وديني ما هحلك لو وقعتي تحت إيدي.

❈-❈-❈


خرجوا من المشفى دون أن تنطق بشيء لتراه ذاهبًا بطفلها بإتجاه سيارته فوقفت واضعة يديها حول صد رها وتحدثت باستفهام:

- هو انت واخد الولد ورايح على فين؟

نظر إليها بتعجب وهو عاقدًا حاجبيه يكاد أن يتآكله الغضب من أفعالها فحاول كتم غضبه بكل الطرق حتى يستطيع المضي في خطته وإرجاعها إليه مرة أخرى ولكنه فشل في ذلك ليجيبها بنبرة حادة بعض الشيء:

- هركبه العربية يا ضحى عشان أروحكم ولا تحبي نروح مشي.

نظرت إليه من أعلى لأسفل وهي ترفع إحدى حاجبيها وأردفت بتهكم دون أن تتحرك من مكانها:

- لا مش هنروح مشي أكيد، وأكيد برضه مش هركب معاك عربيتك، أنا عربيتي هناك أهي لو سمحت هات الولد ومتشكرة لحد كدا إحنا هنروح في عربيتي.

أنهت حديثها وهي تشير نحو سيارتها الواقفة في الجهة الأخرى فلم يستطع إخفاء غضبه أكثر من ذلك فتحدث وهو يطبق على أسنانه:

- لمي الدور يا ضحى وكفاية لحد كدا أنا سايبك براحتك كل ده وعمال أحايل فيكي وأقول من حقها تتدلع شويتين ومعاها حق تزعل بعد اللي حصل، إنما أكتر من كدا مش هسمح كفاية اني عديت كلامك وضحكك مع الدكتور ده وكأن مالكيش را جل يحكمك ولا انتي فاكرة إنك ما دام اتطلقتي خلاص هتعملي ما بدالك وتضحكيلي مع كل راجل شوية ناقص تدوري على حل شعرك.

لم تستطع أن تصمت على حديثه أكثر من ذلك فزجرته وتحدثت بصوت مرتفع مطنبة لتخرج ما يجثم على صدرها وتريد قوله منذ مدة طويلة:

- اخرس لحد هنا وكفاية انت مين أصلا عشان تكلمني بالطريقة دي ولا انت فاكرني ضحى القديمة اللي كانت بتقف ترتعش أول ما تبرقلها بعينك ويخيل عليها الشويتين بتوعك دول، لا يا حبيبي ضحى القديمة خلاص ما تت ومش هسمحلك تكلمني بالطريقة دي تاني أنا اللي بيني وبينك الولاد اللي انت عمرك ما عرفت عنهم حاجة وبس غير كدا مفيش، ومتحلمش يبقى بينا حاجة أكتر من كدا وأوعى تفتكر إن أنا خال عليا طقم الحنية اللي انت عامله من يوم اللي حصل ولا تكونش مفكرني هبلة وصدقت الشويتين اللي انت عاملهم دول و إنك يا عيني اتغيرت بجد وندمان على اللي حصل وعايز تلم الشمل وترجع ولادك في حضنك.

قالت ذلك وهي تمسح دموع وهمية من عينيها لتكمل حديثها قائلة:

- لا يا أستاذ يا محترم لازم تعرف إن محدش في الدنيا دي فاهمك قدي انا عارفة كويس أوي انك بتعمل كل الحوار ده عشان أوافق أرجعلك وبعد كدا ترجع تاني أسوأ من الأول، مش مصدق يا حرام اني قدرت أبعد عنك، كنت فاكرني هفضل تحت رحمتك طول العمر، بس نقول إيه بقى حساباتك خابت المرادي معلش القطة المغمضة فتحت والجارية خلاص خدت صك حريتها ومش ناوية ترجع للعبودية تاني مهما حصل روح بقى مارس نر جسيتك وأمر اضك النفــ سية على حد تاني أنا خلاص كفاية عليا لحد كدا.

أنهت حديثها وقامت بأخذ طفلها بقوة وسط ذهوله الشديد مما قالته له ليقف ناظرًا في أثرها لوقت ليس بالقصير يحاول تجميع ما قالته دا خل عقله وكيف امكنها قول ذلك فشعر بالغضب يسري في جميع أوردته ورغبة جارفة للذهاب وراءها وتلقينها ما تستحقه ليلعن بداخله على عدم استطاعته فعل ذلك الآن وخاصة أنهم أمام الناس ليقرر أن يعود لشخصيته الحقيقية ما دام ادعاؤه التغير لم يجدي معها نفعًا فليعود إذن للشخص الذي كانت تخشاه أكثر من المو ت ذاته ولا تستطيع رفع عينيها أمامه وقبل أن تصعد إلى سيارتها حدثها بصوت مرتفع حتى يصل إلى آذانها غير مكترث بمن يسمعه من المارة:

- ماشي يا ضحى زيدي في عمايلك دي كمان وكمان بس اعملي حسابك إنك هترجعيلي، هترجعيلي بمزاجك بقى أو غصب عنك مش هتفرق وساعتها هعرف أحاسبك على كل عمايلك دي كويس أوي ولو حد فكر بس إنه يقرب منك أنا همحيه من على وش الدنيا ارجعي لعقلك كدا وفكري كويس أحسن ما تصحي في يوم متلاقيش ولادك جمبك.

لا تنكر الخوف الذي سيطر على كل ذرة من كيانها عند سماعها لحديثه ونبرة صوته التي لطالما أثارت بها الرعب ولكنها حاولت عدم إظهار ذلك خاصة أمامه فقامت بوضع طفلها في المقعد الخلفي من السيارة ووقفت معطية إياه ظهرها محاولة تنظيم أنفاسها حتى لا يرى ذلك الخوف الظاهر على وجهها وعينيها ثم التفتت إليه راسمة ابتسامة على وجهها لم تلامس عينيها وتحدثت ببرود ظاهري:

- أيوة كدا اظهر وبان عليك الأمان مش تقولي اتغيرت وصفحة جديدة وكلام كبير انت مش قده على العموم أحب أقولك أعلى ما في خيلك اركبه وابقى وريني هترجعني بالعافية إزاي؟ واعمل حسابك لو فكرت مجرد تفكير تقرب لحد من ولادي هتشوف مني وش عمرك ما شوفته في حياتك.

ألقت بكلماتها واستدارت مرة أخرى لتركب سيارتها وانطلقت دون أن تنظر إليه تاركة إياه وسط النظرات الفضولية لكل من استمع لحديثهما من المارة لتتنفس الصعداء فور ابتعادها عن مجال رؤيته وتركت لدموعها العنان ليتملك منها الخوف مما يمكن أن يفعله بها أو بأطفالها فنظرت في مرآة السيارة لطفلها النائم بسكينه على المقعد الخلفي ليزداد بكاؤها وهي تتوعده إن حاول المساس بهم فلسوف تقلب الطاولة على الجميع وليحدث ما يحدث حتى وإن كلفها الأمر أن تسجنه بيديها لتضمن أن تعيش هي و طفليها بأمان دون تهديد منه.

❈-❈-❈

تجلس في ذلك المقهى لما يقارب الساعتين شاردة  الذهن تفكر فيما آلت إليه حياتها التي انقلبت رأسًا على عقب منذ ولوجها تلك المقبرة الملعو نة وهنا تساءلت بينها وبين نفسها إن لم يكن ما يحدث لها هو لعنة الفراعنة فماذا عساه أن يكون فمنذ ذلك اليوم والمصائب تتوالى فوق رأسها.

تنهيدة حار قة خرجت من صد رها لحقتها هزة من رأسها يمينًا وبسارًا برفض لما تفكر فيه وتمتمت بصوت يكاد يكون مسموع:

- لعنة فراعنة إيه وهبل ايه انتي كمان؟ هي دماغك فوتت من كتر المصايب اللي بتنزل عليه ولا إيه؟

نظرت إلى كوب القهوة الموضوع على الطاولة أمامها فوجدته قد برَدَ ولن تستطيع تناوله فطلبت فاتورة الحساب ودفعتها وانصرفت في صمت ف فيما يبدوا أن الجميع قد تآمر عليها حتى كوب القهوة أبى أن تحتسيه.

استمعت لصوت رنين هاتفها فور انصرافها من المقهى فأخرجته من حقيبتها لتجد شاشته تنير باسم يونس فابتسمت بانكسار وأجابت بصوت باهت وهي تتنهد:

- ألو

تعجب من ردها المقتضب ليسألها باهتمام:

- مالك يا عهد؟ صوتك مش كويس حصل حاجة؟

أجابت باقتضاب وبنفس نبرة الصوت:

- لا ابدًا مفيش.

- يعني ايه مفيش؟ لا فيه، إيه اللي حصل؟ وعد جرالها حاجة؟

أجابته بنفاذ صبر:

- مفيش حاجة يا يونس صدقني.

لا تريد توريطه في مشاكلها أكثر من ذلك يكفي ما فعله لها طوال الفترة الماضية ولكنه لم يقتنع بحديثها فسألها باهتمام:

- طب انتي في البيت دلوقتي ولا فين؟

- لا أنا مش في البيت أنا قدام كافيه *** اللي في السيدة زينب.

- طب خليكي عندك أنا جايلك حالًا.

❈-❈-❈

أنهى حديثه معها وقام بجمع أغراضه ليخرج من الشركة وسط تعجب مروان الذي سأله مستفسرا بعد أن استبد به القلق:

- فيه إيه يبني؟ حاجة جديدة حصلت ولا ايه؟

نظر إليه وحرك كتفيه بقلة حيلة:

- مش عارف.

- آجي معاك طيب.

- لا خليك ولو فيه حاجة هكلمك.

قال ذلك وهو يشير إليه بيده ألا يذهب معه فوافق الآخر على مضض:

- طب ابقى طمني.

أماء له موافقًا وتحدث وهو في طريقه للخروج:

- ماشي

تابع قراءة الفصل