-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 11

 

قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار


الفصل الحادي عشر


كيفَ أُفرِّقُ بينها،

وبينَ النُّجُومِ؟

إنَّها

تُضيءُ

عليَّ

الليل.


-أحمد هويدي.

❈-❈-❈


ألقى نظرة خاطفة على سارة وجدها غافية بنوم عميق

ضغط على زر الاستجابة وهو يتجه نحو صالة الجناح حتي لا تستيقظ


جاءه صوت نغم الباكي عبر الهاتف وهي تهتف بإسمه 


توقف قلبه عن النبض وسُحبت الدماء من وجهه...وسلبت أنفاسه بدون إرادة منه...فما تلك المصيبة التي تجعلها تهاتفه بالساعة الواحدة ليلاً وهي تبكي!!!


بالكاد استطاع إخراج صوته بعدما جمع شتات أعصابه قائلاََ بخوف جلي:


-فيه إيه يا نغم 


-فار 


كلمة وحيدة خرجت من بين شفتيها برعب وصل له واضحاََ عبر الهاتف


تبدلت معالم وجهه مئة وثمانون درجة للنقيض

وتبدلت نبرة صوته إلي الاستهجان والإستنكار مردداََ خلفها:


-فار!!!!


ردت عليه مضيفة ببكاء شديد زادت وتيرته عن السابق:


-موجود في الأوضة اللي أنا بنام فيها يا فارس

أنا شوفته بعنيا كان كبير أوي....وأنا حابسة نفسي في الحمام عشان ميشوفنيش بقالي نص ساعة 


بقي هو صامتاً من أثر الفزعة التي حلت عليه عندما سمع صوتها الباكي هاتفه بإسمه 


لازال لا يستوعب أن كل الجلبة التي سببتها بداخله سببها فأر!!!

لم يفق من فزعته إلا عندما سمعها تقول بحسم مصاحب لحديثها:


-أنا هنزل الشارع يا فارس...أنا قلبي هيقف من الخوف 


صاح بغضب من أفكارها المشوهة:


-تنزلي فين إنتِ اتجننتي...خليكي عندك أنا ربع ساعة وجاي 


صرخت بإعتراض قائلة:


-لاء أنا مش هفضل ربع ساعة كمان في الحمام 


-إسمعي الكلام يا نغم وبلاش تتصرفي من دماغك...ربع ساعة وجاي


جاء صوتها هادئاََ ناعماً علي عكس نبرة صوتها التي تصاحبها من بداية المكالمة وهي تقول:


-عشان هخاطري يا فارس متتأخرش...أنا قلبي هيقف 


-بعد الشر يا حبيبي...ربع ساعة بالظبط وأكون عندك 


أغلق الهاتف فور إنتهاء حديثه واتجه مرة أخرى نحو غرفة النوم ليصل لغرفة تبديل الملابس فهو مازال يرتدي روب الإستحمام حتى الآن 


إرتدى ملابسه علي عجلة وخرج من غرفة الملابس ناظراً لسارة وجدها مازالت نائمة 

أخذ مفاتيح سيارته وهاتفه خارجاً بهدوء من الغرفة حتى لا تستيقظ ويضطر ليبرر سبب خروجه أو إخبارها لأحد من عائلته عن خروجه 


نزل درجات السُلم بخفة شديدة ساعده فيها 

جـ سده الرياضي... أخرج مفتاح بوابة القصر

الداخلية وفتحها بهدوء حتى خرج ومن بعدها أغلقها بهدوء مماثل لفتحه لها 


ومن ثم إتجه نحو الجراچ يخرج منه سيارته 

يقودها إلي خارج القصر بعدما فتح له فرد الأمن البواية الخارجية.... كان يقود بسرعة كبيرة إكتسبها من سباقات السيارات التي كان 

يعشق ممارستها فقد كان يتفوق بها وبطلاقة 


يقف إبراهيم بشرفة غرفته المطلة علي القصر من الخارج ينظر إلي خروج ابنه العاصف... 

جعد حاجبيه بإستغراب بلغ ذروته ف إلى أين 

ذاهب إبنه في ذلك الوقت؟..ففارس غير معتاد علي السهر بهذا الوقت في الخارج

خرجت تنهيدة عميقة منه حينما لم يتوصل لسبب 

وبعدها إلتف داخلاََ إلي داخل الغرفة مرة أخرى

❈-❈-❈


عشر دقائق أو أقل وكان يركن سيارته أمام البناية القانطة بها وهو يخرج من السيارة بلياقة صاعداََ بها بعض الدرجات حتي يصل للمصعد.....فتح بابه ودخل إليه وضغط علي زر الطابق المراد....

وبعد دقيقة كان باب المصعد يفتح 


تجمدت قدميه عن السير وجحظت عيناه عندما رأى نغم تجلس علي درجة السُلم التي تقع أمام باب الشقة...واضعة رأسـها بين قدميها

ناظرة للأسفل،كان منظرها يوحي أنها فتاة متشردة تنتظر حسنة من أصحاب المنزل 


ترتدي بچامة ضيقة إلا حداََ ما وتضع علي شعرها القلنوسة الخاصة بالبچامة...والكثير من خصلاتها متمردة علي جبهتها على عكس المغطيين تحت القلنوسة 


هتف بإسمها مستنكراً بعدما تدارك نفسه


رفعت رأسها لأعلى بسعادة عندما وصل إليها صوته...قامت من مكانها سريعاً متجهه لمكان وقوفه تسرد له ما توصلت إليه:


-طلع معاه إبنه يا فارس وأنا مكنتش أعرف 

لقيته خارجلي من تحت الحوض...أنا مستحيل أدخل الشقة طول ما هما فيها 


يحدق بها وكأن علي رأسها طير... إبن من؟!!،

وما هذا الذي ترتديه وتجلس به بالخارج

فهل جنت؟.......ماذا سيحدث إذا رأها أحداََ بتلك الملابس!!، وما الذي تقوله هذا؟

كل هذه الجلبة التي فعلتها من أجل فأر 

حتى الآن لا يصدق حقاََ أنها تتحدث بجدية 


جعدت حاجبيها بإستغراب من صمته الذي طال وهو ينظر إلي عيناها بإستغراب شديد  


خرج صوتها مستنكراً لصمته هاتفة بإسمه


-أفتحي الباب وإدخلي قدامي يا نغم


كانت الحدة الموجودة بنبرة صوته كافية لجعلها تستدير لتفتح الباب كما أمرها دون أن تنطق بكلمة 


أغمض عينه سريعاً عندما إستدارت فقد إزداد الوضع سوءََ وبدأت مشاعر الرغبة تشتعل به بقسوة...فائقة الأنوثة وخاصةََ  بهذا الثوب المنزلي المحدد لتفاصيل جـ ـسدها أكثر من اللازم

فنغم كان جـ ـسدها وحده كافي ليشعل النيران بجـ ـسد إمام المسجد أو قسيس الكنيسة وهو ليس بذلك او ذاك،هو فقط رجل يُريد إمرأة وليست إرادة تغضب الله فهو يريدها حلاله 

يستلذ بفكرة أن تكون نغم زو.جته.. وإسمها يلتصق بإسمه 

يجزم أن رغبته تلك مختلفة تماماً عن تلك الرغبة التي كان يبثها بسارة منذ ساعات 

فنغم تثيره...تثير رجو.لته وتشعل نيران لا تخمد لعدة ليالِِ أما سارة فهو لم يرغبها يوماً أو يتشوق لها بل رغبات رجولته الفسيولوجية هي من تطلبها وليس هو


إستغفر ربه بسره علي كل تلك الأفكار التي أتت برأسه دفعة واحدة وإستعيذ بالله من الشيطان الذي إستوطن جـ ـسده الآن

ودخل خلفها وهو يغلق الباب بهدوء تام

لم يعطيها فرصة للحديث فقال بنبرة أمرة:


-إدخلي غيري هدومك دي وتعالي


هزت نغم رأسها بالنفي القاطع وهي تقول له:


-مستحيل أدخل الأوضة يا فارس...وبعدين أغير ليه!!!!


زفر بضيق وهو يرفع يـ ـده يمسح بها علي وجهه قائلاََ بنفاذ صبر:


-الفار هيعملك إيه يا نغم مش هيكلك هو


نظرت له بإستهجان وقالت:


-إنتِ جاي من بيتكم لحد هنا عشان تقولي الفار هيعملك إيه...لاء كتر خيرك والله وريني عرض أكتافك بقى


صاح بها مستنكراََ لطريقة حديثها:


-نغم!!!


إهتزت مقلتيها لبرهة ومن ثم حاولت التحلي

ببعض القوة  قائلة:


-ما إنتَ اللي بتعصبني يا فارس...يعني إيه الفار هيعملك إيه!!


تنهد بضيق في محاولة منه لتهدئة نفسه الثائرة 

ثم نظر حوله حتي وقع نظره علي المكسنة اليدوية المركونة على الحائط


ومن بعدها إتجه نحوها وخلع رأسها وأخذ العصا الخاصة بها ودخل إلي غرفة النوم دون أن يوجه لها أي حديث 


أما هي وقفت علي كرسي الأنتيريه الموجود 

بالصالة وهي تنتظر بلهفة خروجه بالفأر من الغرفة

ولكن يتخلل إليها بعض الخوف من أن يخرج الفأر إلى الصالة ويصعد إليها حتى يمتص من دمائها 


بعد عدة دقائق وهي تنتظر أن يخرج لها فارس 

بالخبر المفرح ولكنه لم يأتي حتي الآن ولم تسمع له صوت منذ دخوله...والعقبة أنه أغلق الباب خلفه فلم تستطيع أن تراه وهي واقفة كذلك


لعبت الأوهام بذهنها وتكاثرت التخيلات المخيفة... هل يا ترى إنقض الفأر علي فارس

وأصبح الآن فريسة للفأر حتى يمتص دمائه؟

أم مازال علي وشك الإنقضاض!!؟...لما صوته لا يصل لها أو حتي صوت جلبة من الداخل!!


بللت شــ ـفتيها وهي تبتلع لعابها حتى خرج صوتها المترقب:


-فارس إنتَ كويس؟


إنتظرت قليلاً بعد أن أرهفت السمع ولكن لم يقابل سؤالها سوا الصمت المخيف


جاءت حتي تهتف بإسمه مرة أخرى بصوتِِ أعلى 

وجدت باب الغرفة يفتح...ويخرج فارس من خلفه رافعاً يـ ـداه اليمني بعيداً عن جسـ ـده قليلاً

وشيئا ما يتدلي منها...لحظة...أليس هذا الفأر !!!

ثواني معدودة وكانت تصرخ صرخة مداوية تهتز لها الجدران مما تراه....


تقدم فارس نحوها سريعاً حتي يجعلها تُهدء صراخها ولكن كان كلما تقدم خطوة منها 

زاد صوت صراخها أكثر 


حدقها فارس بنظرات حانقة من صراخها المستمر قائلاً:


-في إيه يا نغم بطلي صريخ


خرج حديثها ممزوجاََ بصراخها قائلة برعب جلي:


-إبعد عني 


رجع خطوة للخلف وهو يقول لها بصوت حانق:


-طب إهدي خلاص أنا موت الفار 


أشارت له بيـ ـدها تجاه الباب بفزع حتي يخرج هو والفأر رحمة الله عليه الموجود بيـ ـده 


فهم فارس أخيراً سبب فزعها وخوفها 

فتقدم الخطوة التي إبتعدها منذ قليل وهو يقول لها بمكر لقطته بعيناه:


-إنتِ خايفة من الفار يا ماسة؟


هزت رأسها بالنفي حتي تنهاه عن فعل ما دار برأسه بهذه اللحظة 


إنفرجت شفـ ــتيه بضحكة مسلية وهو يقول لها:


- ده فار مش أسد يا نغم بطلي أڤورة...يلا خدي إمسكيه 


صرخت مرة أخري عندما مد يـ ـده الممسكة للفأر تجاهها وهي تبتعد بجـ ـسدها إلي الخلف حتي أنها كادت أن تسقط من كرسي الأنتريه 


نزلت دموعها بضعف عندما أخذ يقرب الفأر من وجهها وقالت له بتوسل يملئه البكاء:


-عشان خاطري يا فارس خرجه...قلبي هيقف والله مش قادرة 


دقق فارس النظر بعيناها حتى يعلم إذا كانت 

تكذب عليه وكل هذا تمثيل أم إنها تخاف منهم 

بالحقيقة....ولكن لما الإنسان سيخاف من هذا الفأر الصغير الضعيف!!!!،لم يصدق عندما رأى دموعها نابعة من نياط قلبها...فماذا فعل لها هذا الكائن اللطيف الموجود بين يديه!!!لما تهابه بهذه الدرجة الكبيرة؟!!


أبعد يـ ـده سريعاً من أمام وجهها عندما بدأت تأخد أنفاسها بصعوبة من بين بكائها 

وإتجه نحو الباب ليفتحه وغاب لخمس دقائق

وبعدها صعد مرة أخرى من دونه أغلق الباب وإتجها صوبها 

وجدها تجلس علي الكرسي التي كانت تقف عليه قبل نزوله وتضع يدها علي عيناها وجسدها يهتز كل لحظة والثانية


هتف بحنو شديد من رؤيته لها بتلك الحالة:


-خلاص يا ماسة رميته...إهدي 


أنزلت يـ ـديها من على وجهها وهي ترفع أنظارها نحوه قائلة بصدمة:


-إنتَ إزاي كنت مسكه كده ومش خايف منه 


جعد حاجبيه بإستغراب وهو يقول لها:


-أخاف من إيه يا نغم ده فار...أنا مش مصدق إنك عاملة كل ده عشان فار!!


تنظر إليه وكأن علي رأسه طير فكيف يتحدث بهذه السلاسة والسهولة!!!...لما يشعرها أن الموضوع بسيط ويقلل من شأن الفأر بهذه الطريقة...تحدق بعيناه ترى بها الإستخفاف بخوفها من هذا الفأر وكأنه يقول لها هل جننت هذا ملاك كيف تخافين منه!!


ردت عليه قائلة بذهول:


-فارس إنتَ أكيد بتهزر صح!!....إنتَ إزاي مقلل من شأن الفار كده،ده فار يا حبيبي إنتَ واعي 


تقدم نحوها ليجلس علي الكرسي المقابل لها قائلاََ بإبتسامة رُسمت علي وجهه:


-يولع الفار يا ماسة قولي حبيبي تاني كده


لم تقدر على إخفاء ضحكتها التي ظهرت علي شفـ ــتيها من طريقة حديثه وتركه للحوار بأكمله حتى يعلق على كلمة "حبيبي"التي قالتها بحسن نية بين حديثها 


أينعم هو حبيبها ولكنها حتى الآن تخجل من مغازلته مثلما يفعل هو لذلك عندما سمع تلك الكلمة ترك كل شئ حتي يتبتب بها..ماكر بصحيح


نظرت له قائلة مغيرة دفة الحديث:


-إدخل الحمام مو.ت إبنه كمان يا فارس 


لم يلقي حديثها إهتمام بل ردد جملته مرة أخرى بعيون مدققة:


-قولي حبيبي تاني


توردت وجنتيها وإهتزت مقلتيها لثانية ثم خرج صوتها يملئه الخجل:


-بس يا فارس 


هز رأسه بالنفي قائلاََ لها بوله:


-حبيبي 


إبتسمت بخجل وهي تنظر للجهة الأخرى بعيداً عن وجهه دون أن تعقب على حديثه 


قام من مكانه وهو يقول بمكر:


-طب أستأذن أنا بقى عشان ألحق أنام شوية قبل ما أروح لزين 


إنتفضت من جلستها ناسية خجلها الذي كان مرسوم على وجهها منذ قليل قائلة بإعتراض:


-رايح فين وسايب الفار اللي في الحمام ده 


-ما إنتِ يا حبيبتي مبتشجعنيش...يعني المفروض أول ما مسكت الفار كنتي تحفزيني وتقوليلي شكرا يا حبيبي ومن غيرك معرفش 

كنت هعمل إيه،بس حضرتك نزلتي صويت لحد ما خرجت من باب الشقة...ودلوقتي بقولك قوليلي يا حبيبي مترديش عليا،مفيش أي تقدير خالص لمجهوداتي 


أنهي حديثه بنبرة حزن مصطنعة 


وقعت بفخه دون أدني مجهود منه يذكر 

فقالت بتسرع:


-ما أنا فرحت إنك طلعت شجاع ومش بتخاف يا فارس...وبعدين ما إنتَ عارف إني بحبك من غير ما أقول الكلمة دي


تسارعت دقات قلبه وإبتهجت ملامح وجهه 

عندما نطقت هذه الكلمة بالرغم من فقرها بالرومانسية...فهي ألقتها له في وسط الحديث دون قصد منها يعلم،ويعلم أيضاً نيتها التي دفعتها لقولها ولكنه لم يكن فارس الهواري

إلا وإستغل الموقف لصالحه 

فإقترب منها تلك الخطوة الفاصلة بينهم وقال 

وهو يخترق بعيناه خاصتها:


-بتحبيني؟


جاءت لتبتعد عنه تلك الخطوة التي إقتربها ولكنه مد يـ ـده يمسك ذراعها..واليـ ـد الأخرى رفعها ليمسك فكها عندما نظرت للجهة الأخرى

قائلاََ:


-ليه مكسوفة مني...أنا هبقي جو.زك كمان يوم يا نغم،يعني خجلك ده ملوش مكان بنا


توترت من إحتواء عيناه لخاصتها وقالت بإرتباك جلي:


-مش مكسوفة 


-إثبتيلي وقوليها 


-ما إنتَ ما قولتليش بحبك خالص معني كده إنك مش شجاع؟


إبتسم لها بحنان وقال بهدوء:


-تبقي غبية لو متعرفيش أنا قد إيه بحبك يا نغم 

ثم إستكمل حديثه قائلاً:


-إني أحبك قاصداً متعمداً 

‏سلّمت قلباً هام في عينيكِ 

‏عمري فداكِ خذيه لاتتردّدي 

‏أنتِ الحياة وحلوها بيديك 

‏إن شئتِ ظُلمًا فاظلميني إنني 

‏لكِ مِنك و فيكِ فلا مُلامَ عليكِ، 

‏أو شئتي عدلاً فأعدلي يا مُنيتي 

‏إن الهوى في الحالتين إليّكِ.


تبسمت إبتسامة رقيقة وقلبها يرفرف كفراشة

حرة تريد الإنطلاق.... 

ودقات قلبها تعزف ألحاناََ علي حديثه الذي 

يلهب حواسها ويجعلها فاقدة لوعيها 

تنظر إليه وهي تستمع إلى شِعره الذي يشعرها أنها وردة وهذا الكلام هو الماء الذي يسقيها به 


خرج صوتها ملتاع من كثرة العاطفة التي تحيط بهم الآن قائلة:


-بحب شعرك أوي يا فارس 


قال وكأنه لم يسمع جملتها مُصراََ علي طلبه:


-قولي إنك بتحبيني يا نغم عاوز أسمعها وأريح قلبي اللي متشوق لسماعها 


أنهي حديثه وهو يرفع يـ ـدها الذي يمسكها بأنامله واضعاً إياها مكان قلبه حتى تستشعر نبض قلبه الثائر 


لا تدري متى ولا كيف خرجت من بين

شـفـ تيها 

صافية مجردة من أي شيئاََ قائلة وهي تنظر لعينيه بشجاعة لم تتصف بها يوماََ:


-بحبك


ثم أكملت حديثها مازالت عيناها محتضنه عيناه:


-يمكن معرفش أكون رومانسية زيك ولا أقولك

كلام زي اللي دايماََ تقولهولي بس إعرف إني بحبك معرفش إزاي أو إمتي بس إنتَ سرقت قلبي....لأول مرة أكون مبسوطة يا فارس،أول مرة ألاقي حد ألجأله وأجري عليه أول ماكون خايفة...إنتَ مليت حياتي يا فارس 


أخذ شهيقاََ كبيراً بإستمتاع جلي على وجهه كالمدمن الذي حصل لتوه علي جرعت مخدراته 

...لذة الكلمة منها مختلفة تماماً،شخص مثله 

لم يطلب شئ من أحد طوال حياته حتي لو كان السيف علي رقبته..وقف يطلب من هذه الصغيرة كلمة كالقـ ـتيل الذي يتعلق بحبل النجاة،توسل إليها حتي سمعها وعندما قالتها 

شعر وكأنه عاد للحياة مرة أخرى...لم يشعر يوماً بتلك الراحة التي تخللت بداخله عندما سمع حديثها 


أخذ شهيقاََ مرة أخرى ولكن هذه المرة حتى 

يكبح زمام جسـ ـده الذي يتطلبها هذه اللحظة أكثر من أي لحظة...يريد إخبارها في هذه اللحظة مدى أهميتها بحياته وكم أصبح ولهان لها ولكن لا يريد إخبارها بالحديث..يريد لغة اخرى أكثر عمقاََ وأثراََ من ألف حديث 


إستعاذ من الشيطان بسره وهو يقول لها بهدوء معاكس للحرب الضارية الموجودة داخله:


-أنا لازم أمشي دلوقتي يا نغم لأن حقيقي مش هقدر أسيطر علي نفسي أكتر من كده 


وصل لها مغذى حديثه فغزت الدماء وجهها وتصاعدت الحرارة منه قائلة ببحة:


-ماشي بس مو.ت الفار اللي في الحمام قبل ما تمشي 


أماء لها برأسه وإتجه صوب الحمام سريعاً ولم يأخذ خمس دقائق حتي كان يخرج به جثة هامدة مثلما فعل مع الآخر 


قال لها وهو يتوجه إلى الخارج حاملاً الفأر 

بيـ ـده:


-هعدي عليكي الساعة ستة عشان كتب الكتاب


❈-❈-❈

في الصباح بقصر الهواري 


يجتمع الجميع ماعدا فارس علي مائدة الطعام


وجه إبراهيم أنظاره لسارة قائلاََ بإستغراب:


-أمال فارس منزلش ليه يا سارة 


-مش عارفه يا عمو صحيته قالي إفطروا إنتوا 

وكمل نوم 


سألها بنبرة خبيثة حتي يعلم بها ما يريد علمه:


-ليه هو سهر إمبارح؟


-لاء يا عمو كنا نايمين الساعة واحدة تقريباً 


أماء لها برأسه وهو يذهب بفكره لأمس... فهو ظل مستيقظ حتي أصبحت الساعة ثالثة ونص من منتصف الليل ولكن لم يأتي فارس 

فغلبه النوم...لا يعلم متى أتى بالظبط ولكن أين كان يجلس كل هذه الفترة وبهذا الوقت المتأخر،وحديث سارة يؤكد أنها لم تراه أو تشعر به عند خروجه

تنهد بضيق من عدم وصوله لسبب خروج إبنه وهو يتسائل "ماذا تفعل يا فارس فقلبي لم يطمئن لهرولتك للخارج في مساء أمس*


قالت سارة زو.جة إبراهيم قاطعة للصمت الذي ساد جلستهم:


-أنا هروح يا إبراهيم كتب كتاب زين ورانيا 


رد عليها إبراهيم قائلاً بجدية:


-تروحي فين يا سارة إنتِ ناسية إن سامح الحديدي مبيطقناش 


-أنا مليش دعوة بيه ولا ليا دعوة بالعداوة اللي بينكم ،رانيا بتعتبرني زي مامتها ولازم ابقى جمبها 


نظر أحمد بتدقيق لوالده وجده يفكر بحديث أمه بجدية فقال لأمه سريعاً قبل أن تصدر موافقة أبيه:


-تروحي فين يا ماما...زين عامل كتب الكتاب على الضيق خالص هو عازم صحابه المقربين

ورانيا كذلك 


نظر لها إبراهيم حتي يرى ما هو قرارها بعد حديث ولده 

وجدها تقول لأحمد متسائلة:


-يعني مش هيبقي عيب لو مروحتش


-لاء يا حبيبتي في الفرح إن شاء الله إبقي روحي


أماءت له برأسها وأكملت تناول طعامها بهدوء 


دخل فارس الغرفة والنوم مازال بعيونه وهو يلقي تحية الصباح للجميع 


قام مالك من مكانه متجهاً إلى أبيه وهو يقول له:


-صباح الخير يا بابي


حمله فارس من علي الأرضية في حركة معتاد عليها عند حديثه معه قائلاََ وهو يلتقط قبله من خديه:


-صباح النور يا بطل 


إتجه وهو يحمله صوب كرسيه المخصص بعدما وضع مالك علي مقعده مرة اخرى


نادت سارة والدة فارس علي الخادمة الفلبينية الموجودة بالقصر وأخبرتها بأن تجلب فطار فارس

دقائق وكانت تضع الطعام أمامه وتخرج من الغرفة بهدوء


وضع فارس يـ ـده علي رأسه من أثر الصداع الذي يشعر به لعدم نومه بشكل كافي قائلاََ:


-معلش يا بابا روح إنتَ الشركة النهاردة

لأني مش قادر 


أردف محمد بتساؤل قلق:


-مالك يا فارس حاسس بحاجة؟


هز رأسه بالنفي قائلاََ:


-لاء مفيش حاجة شوية صداع بس من قلة النوم


جاء السؤال التالي من إبراهيم وهو يقول له بتساؤل:


-ومنمتش ليه..... خرجت بليل؟


رفع أنظاره لأبيه وهو يمدغ الطعام الموجود داخل فمه...بمجرد النظر بوجه أبيه علم أنه رأه 

عندما خرج أمس وسؤاله هذا ليس برئ بالمرة كما يظهر للجالسين 

بلع ما بفمه وقال بهدوء وعيناه بعين أبيه يخبره أنه يعلم أنه رأه عند خروجه ولكن خرج كلامه عكس ما تقوله عيناه:


-لا مخرجتش بس مكنش جايلي نوم 


صمت إبراهيم عندما وصل إليه رده الكاذب...

فهو يعلم أن فارس من المستحيل أن يخبر أحد عن شئ يخصه دون إرادة منه لذلك لم يماطل معه بالحديث..ولم يخبره أنه رآه

يكفي أنه أوصل إليه هذه المعلومة دون حديث 


أنهي طعامه وقام من علي مقعدة قائلاً لفارس:


-بعد ما تخلص فطارك تعالالي المكتب عاوزك 


أماء له رأسه وأكمل طعامه بهدوء


أنهت سارة طعامها هي الأخرى وجاءت لتخرج من الغرفة أتاها صوت فارس قائلاََ:


-سارة قولي لسعاد تعملي قهوتي ومعها حباية صداع وتوديهم المكتب عند بابا 


-حاضر 


رفعت لين أنظارها من علي طبقها الذي لم تفارقه عيناها منذ جلوسهم...ناظرة إليه،وجدته يأكل طعامه بهدوء وبدأ بتجاذب الحديث مع أمها وأحمد.... أغرورقت الدموع بعيناها من تجاهله لها 

وقامت من علي المائدة صاعدة لغرفتها سريعاً


نظرت سارة لمكان خروجها وهي تقول لفارس:


-إتكلم معاها يا فارس لين متقدرش تستحمل معاملتك دي 


هز رأسه دليل علي موافقته لحديثها ومن ثم أبصر مالك الجالس علي التابلت الخاص به يلعب


زفر فارس بحنق قائلاََ:


-إيه يا مالك يومك كله بقى تاب،حتى علي الأكل مش سايبه 


رفع مالك عينه من علي التاب بعدما أوقف اللعبة قائلاً:


-أنا خلصت أكلي كله يا بابي 


-عينك هتوجعك يا حبيبي...مممن نستغل الوقت اللي إنتَ فاضي فيه إننا نعمل حاجات أهم 


نظر له مالك بإهتمام طفولي وهو يسأله:


-إيه الحاجات الأهم يا بابي 


-نتدرب خيل....نلعب كراتية،أي حاجة تفيدك 


لمعت عين مالك ببريق طفولي وهو يقول له بعدما أعجبه ما تفوه به أبيه :


-خلاص يا بابي موافق عاوز أتدرب خيل وكراتية 


إبتسم له فارس بحب ومن ثم وجه نظره لأحمد قائلاً:


-إشتركله في النادي يا أحمد من بكرة


-أمرك يا وحش


❈-❈-❈


دخل فارس غرفة مكتب أبيه بعدما طرق الباب 

وجده يجلس علي كرسي مكتبه يراجع بعد الأوراق 


رفع أنظاره له عندما إستشعر وجوده قائلاً:


-تعالى يا فارس 


تقدم فارس الخطوات الفارقة بينه وبين المكتب ومن ثم جلس على الكرسي المقابل لأبيه متناولاََ دواء الصداع الموجود علي الصينية التي جلبتها سعاد شارباََ بعدها كوب الماء 


حدق بأبيه بعدها قائلاََ بتساؤل:


-خير يا إبراهيم 


-جايبك عشان نتكلم في اللي عملته إمبارح وأنا واقف يا فارس 


اخذ نفساََ عميقاً ومن بعدها قال:


-إتفضل سامعك 


-اللي عملته إمبارح ده مينفعش يا فارس لا ديناََ ولا خُلقاََ...إنك تجبر أختك إنها تلبس الطرحة ده غلط وألف غلط كمان وطريقتك كلها كانت زفت....وعيب في حقي قبل حق أختك 


رفع فارس كوب القهوة وإرتشفه بهدوء وهو يستمع لحديث أبيه المأنب له قائلاََ وهو يجز علي أسنانه:


-اللي بنت حضرتك كانت لبساه هو اللي مكنش ينفع لا دينياً ولا أخلاقياً...إيه يا إبراهيم بيه القاعدة هناك خليتكم متحررين للدرجادي ونسيتوا دينا وأخلاقنا؟


-أنا مقولتش اللبس كان لايق ولا لاء أنا بتكلم علي أسلوبك متلفش الحوار يا فارس 


-أنا شايف إني مغلطتش في أي حاجة ولو الموقف ده حصل تاني هيبقي هو نفس رد فعلي مش هيتغير ويمكن كمان يكون أكبر 


هز رأسه بيأس من دماغ إبنه اليابسة التي لم تقتنع بشئ سوا تفكيرها فقط... قال له بعد فترة من الصمت:


-إطلع صالح أختك يا فارس متعملش بينكم فجوة عشان الموضوع ده وأنا متأكد إنك لما تكلمها براحة هتقتنع بكلامك أكتر ما تزعق وتستخدم أسلوب مش أدمي 


أخذ كأس القهوة وهو يقوم من علي كرسيه قائلاََ:


-مع إحترامي لحضرتك يا بابا بس أنا مش صغير وعارف كويس إمتى أستخدم اللين

وامتى أستخدم العنف...وحضرتك عارف لين عندي إيه وطبعا مش هسيبها زعلانة كتير مع إني متأكد إنها مش زعلانة مني هي زعلانة من صدمتي فيها 


إبتسامة فخر إرتسمت علي وجهه.... أن ذلك الوحش الذي يقف أمامه هو إبنه من أعاد تأسيس إمبراطورية الهواري من جديد دون تدخل من أحد،جعل أكبر رجال الأعمال سناََ ومقاماََ يحترموا ويهابوا...أن ذلك الرحيم بأخواته والمحب لهم جعلهم تحت كنفه وله كلمة علي كل واحد بهم وعليهم تنفيذها حباََ به وليس خوفاََ..... بالرغم من أنه أبيه ولكنه يتعلم منه يتعلم من شخصيته الجذابة التي تأسر أي شخص،يتعلم من معاملته لمالك ذلك الفأر الصغير...يتعلم من ذكائه ودهائه بالعمل وليس عيب أن يعترف بهذا الحديث 

رد عليه بصوت مفعم بالحب الأبوي الملئ بالمرح:


-طب إحنا أسفين لسيادتك يا فارس بيه علي التدخل ده 


أخفض رأسه قليلاً إلى الأرض بحركة مسرحية معروفة:


-علي الرحب والسعى يا إبراهيم بيه 


ثم أكمل قائلاً:


-عن إذنك 

❈-❈-❈


يجلس علي الكرسي الهزاز الموجود بالبلكونة المتصلة بغرفته ناظراً إلي السماء بشرود 


يحاول رسم ملامحها مرة أخرى بذهنه....

سحرته بطلتها الهادئة وجمال وجهها الخالي من أي مساحيق،مازال يتذكر دقات قلبه التي إهتاجت بصدره عندما وقع بصره عليها 

بفستانها الأسود المنسدل علي جسـ ـدها ويعلوه حجابها...لم تخفي عليه لمعة الحزن التي كانت موجودة بعنيها منذ دلوفها بالقاعة...إستغرب مجاورتها لفارس الهواري وأخذ يخمن ماذا تكون له ولكنه لم يتوصل لحل سوا في الصباح الباكر عندما سأل أخته عليها وأخبرته أن هذه 

الفتاة التي سرقت لبة ما هي إلا لين الهواري 

أخت فارس وأحمد الهواري.....


أرجع رأسه للخلف قليلاً وهو يبصر نجوم السماء حتي وقعت عيناه على نجمة مميزة الشكل نطقت شـ فـتيه دون إرادة منه بتلذذ:


-لين 


❈-❈-❈

تجلس علي السرير تتصفح هاتفها بملل شديد 

ذهنها مشغول بشئ واحد فقط وهو ماذا تفعل مع فارس وكيف تجعله يعود إلي طبيعته معها

فبالرغم من أنه إتبع معها أسلوب عنيف غير مقبول ومن المفترض أن هي من تتجنبه وتقاطعه ولكنه هو من أخذ هذا الدور منها 

وأتقنه بشدة جعلت قلبها يلتوي من الألم 


سمعت طرق باب الغرفة فأغلقت الهاتف ووضعته جوارها ومن ثم صاحت بصوت عالٍ:


-إدخل


دار مقبض الباب عندما وصل إليه صوتها 

السامح له بالدخول....خطى بقدميه إلى الداخل عقب فتح الباب،وجدها تجلس علي السرير ناظراً نحو الباب حتى تعلم من الذي يطرقه 

رأى الصدمة علي وجهها عندما رأته هو الذي يدخل الغرفة


تقدم صوب جلوسها علي الفراش وجلس جوارها وهو يقول بهدوء:


- فاضية نتكلم شوية؟


أماءت له برأسها علامة علي فراغها وهي تنظر إليه تنتظر حديثه وتتمني بداخلها أن ينتهي هذا الخصام في هذه الجلسة 


خرج صوته قوي بالرغم من هدوئه قائلاً بتساؤل:


-قلعتي الحجاب ليه يا لين 


توتر وجهها وزاعت بعيناها بأنحاء الغرفة فعلى ما يبدو أن هذا تحقيق أخر وليس جلسة مصالحة مثلما ظنت 


مد يـ ـده ليمسك فكها حتى يثبت عيناها نحوه قائلاً بصوت عالٍ بعض الشئ:


-بصراحة يا لين ومن غير خوف قلعتي الحجاب ليه


أخذت نفس عميق ومن ثم أخرجته قبل أن تقول بخجل من عدم وجود سبب مقنع بداخلها:


-صحابي كانوا بيتنمروا عليا...وكنت أنا الوحيدة اللي لبسة طرحة فيهم


-يوم ما قررتي إنك تتحجبي حد كان جابرك 


أماءت له برأسها بالنفي دون أن تتحدث


احتد صوته وهو يقول لها:


-إتكلمي حد جبرك 


قالت له بتوتر وخوف من عودة تلك الحالة الغاضبة له:


-لاء أنا اللي قولت إني عاوزة أتحجب 


-كنتي عاوزة تتحجبي ليه


-عشان فرض وكنت عاوزة أقرب من ربنا أكتر 


حدجها بنظرات حنونة نقيض إحتداد نظراته منذ قليل وهو يقول بهدوء:


-ولسه لحد دلوقتي فرض يا لين...المفروض تكوني فخورة إنك الوحيدة اللي بين صحابك

متصانة بحجابك وجـ ـسمك المتغطي مش تتكسفي،جـ ـسمك غالي يا لين مش هيشوفوا غير غالي....إزاي عاوزة تبينيه لكل من هب ودب،ده إحنا لما بنروح نشتري هدية من أي محل بنقوله لفها لفة حلوة عشان تعجب صاحبها....فكري بينك وبين نفسك وإفتكري دينا وأخلاقنا وشوفي هتقرري إيه يا لين 


أغرورقت الدموع بعيناها وهي تقول بحزن من نفسها:


-أنا قعدت مع نفسي يا فارس قبل ما تكلمني وقررت إني أتحجب تاني...يمكن ده كان شيطان والحمدلله قدرت أتغلب عليه 


إقترب منها ماسكاََ رأسها بين يديه واضعاً

شـ ـفتيه علي شعرها يطبع قبلة رقيقة عليه قائلاََ:


-ربنا يهديكي يا حبيبتي...وحقك عليا إن كنت 

قسيت عليكي شوية 


إرتمت بأحضانه وهي تبكي بشدة قائلة:


-أنا اللي أسفة يا فارس إني صدمتك فيا.....كنت خايفة إنك تفضل زعلان مني ومتكلمتيش تاني 


شدد من إحتضانها أكثر وهو يقول نافياً لحديثها:


-مستحيل يا حبيبتي أفضل زعلان منك إنتي بنتي يا لين مش أختي...أنا لما زعلت زعلت عليكي وعلى اللي تفكيرك وصلك ليه مش أكتر 


-ربنا يخليك ليا يارب وميحرمنيش منك أبداََ

وأوعدك إني عمري مهعمل أي حاجة تغضب ربنا تاني مهما حصل 


إبتسم لها بحنو وهو يرفع يـ ـداها إلي شـ ـفتيه يقبلها عدة قبلات قائلاََ:


-وأنا متأكد من ده يا لين


ثم قام من علي الفراش وهو يقول لها قبل أن يتجه للخارج:


-إنزلي إقعدي تحت مع ماما متقعديش لوحدك...وأنا هلبس عشان متأخرش علي كتب الكتاب


❈-❈-❈

في المساء وبالأخص في تمام الساعة السادسة 


يقف بالسيارة أمام البناية القانطة بها ينتظر نزولها بعدما أخبرها بالهاتف أنه ينتظرها بالأسفل


لم يمر عشر دقائق من وقوفه إلا وكانت نغم تظهر من بوابة البناية مرتدية جاكت يصل إلى 

قبل الركبة بشئ بسيط باللون الأسود ومن تحته أندر شيرت باللون الأسود...وبنطال باللون الأسود أيضاً وطرحة باللون الموڤ 


إتجهت صوب السيارة وعلي وجهها إبتسامة مشرقة تجعله يشعر وكأن الكون من حوله باللون الوردي 


دارت مقبض الباب الامامي للسيارة ومن ثم جلست جواره وهي تقول له:


-معلش إتأخرت عليك بس مكنتش لقية المفاتيح 


لم ينتبه لحديثها بل كانت عيناه تجول على ما ترتديه بتفحص حتي يرى إذا كان يوجد شئ خاطئ بها أم لا  


رفع أنظاره إلي وجهها  وجدها تضع بعض الزينة علي وجهها فقال بهدوء :


-بحب صفاء وشك يا نغم من غير أي بهرجة ملهاش لازمة 


قالت نغم بإندفاع مدافعة على نفسها:


-أنا مش حاطة غير حاجات بسيطة والله 


-عارف يا نغم بس ملهاش لازمة الحاجات البسيطة دي نقدر نستغنى عنها 


ثم إستكمل حديثه وهو ينظر لبنطالها قائلاً:


-هي والبناطيل  


-ماله البنطلون كمان يا فارس!!

خرجت تلك الجملة بضجر من بين شـ فتيها 


-مقسمة جسـ ـمك بطريقة محبش حد يشوفه بيها 


-مش وقت الكلام ده يا فارس...يلا عشان كده هنتأخر


دار السيارة ونظر إلي الطريق أمامه وهو يقبض بيديه علي عجلة القيادة قائلاً بجدية يحسم الموضوع:


-ولا بناطيل ولا تلوين علي وشك يا نغم 


لم ترد عليه وأدارت وجهها للشباك المجاور لها 

تنظر إلي الطريق بشرود من حديثه...إنقبض قلبها بخوف من ذلك الشعور الذي داهمها أثناء حديثه،شعرت بتملكه الواضح وحديثه الذي لا يريد أن يعارضه أحد به...تدور رأسها من كثرة التفكير تتمني لو كان إياد بجوارها الآن تأخذ

رأيه بالز.واج من فارس...هي تحبه وتعلم أن قلبها هام به عشقاً ولكن يوجد شئٌ ناقص...

شئٌ يجعل فرحتها ناقصة لا تعلم ماهو ولكن 

قلبها به قبضة غريبة لا تعلم ماهيتها 


نظر لها فارس بطرف عيناه عندما لاحظ 

صمتها الذي طال....وجدها شاردة في الطريق 


قال بصوت عميق وهو ينظر للطريق مرة أخرى:


-خايفة مني يا ماسة


خرجت من شرودها على صوته الذي كان مفسراََ لحالتها أكثر من كونه متسائل 


توتر وجهها وقالت بإرتباك:


-لاء هخاف منك ليه


-خليكي صريحة يا نغم معايا وقولي كل اللي شاغل بالك 


ثم أكمل حديثه وهو يحصرها بسؤاله المحدد:


-خايفة من طباعي؟


أماءت له برأسها وهي تقول بصوت خافت بعض الشئ:


-طبعك غريب أوي يا فارس....خايفة فى يوم مقدرش أستحمله،مش بحب نبرة التحكم والتملك اللي أوقات كتيرة بتكلمني بيها


تنهد تنهيدة عميقة قبل أن يرد على حديثها قائلاً:


-يوم ما قولتلك إني عاوز أتجوزك يا نغم أنا فاكر كويس أوي إني قولتلك...


ثم أكمل حديثه مردداََ لحديثه السابق لها:


-تقبلي تقضي بقية حياتك معايا يا نغم....تقبلي تتحمليني في كل أوقاتي...تتحملي تقلباتي المزاجية وطبعي اللي إلا حد ما سئ......


أنا عارف إني صعب وصعب حد يستحمل طباعي وتحكماتي بس صدقيني يا نغم كل ده نابع من حب مش أكتر،وأنا بوعدك إني هحاول علي قد ما أقدر أمحي كل طباعي اللي مش حلوة معاكي.....ودي أكتر حاجة هقدر احميكي بيها مني


-إنتَ إزاي كده يا فارس 


-كده إزاي 


-قادر تطمني بكلمة... قدرت تخليني أحبك كل الحب ده إزاي؟ 


إبتسم لها وهو يغمز بعينه اليسرى قائلاً:


-سر المهنة بقى 


ركن السيارة أمام المكان المقام به كتب الكتاب 


ودار مقبض الباب خارجاً من السيارة وفعلت نغم المثل


مسك يـ ـديها بخاصته وهم يدلفون إلي الداخل 


همس لها بصوت رجولي ساحر:


-نسيت أقولك إنك زي القمر النهاردة


توردت وجنتيها وخرج صوتها مبحوح وهي تقول له:


-شكراََ


-علي الرحب والسعى يا مدام فارس الهواري إلا يوم 


توردت وجنتها أكثر وهي تلكذه بصـ ـدره قائلة:


-متكسفنيش 


-أنا ساكت خالص أهو 


صعد إلي منصة العروسين وبجواره نغم بعدما أفلتت يـ ـداها من بين خاصته عندما وجدت أنظار الجميع تتجه نحوهم


قام زين من مكانه فور رؤيته لفارس قادم نحو 

وهو يقول له:


-طول عمرك مواعيدك زبالة...كتب الكتاب متأجل لحد ما البيه يجي،انا غلطان إني هخليك شاهد


-والله العظيم كنت ناوي أحترمك يوم كتب كتابك بس إنت هتفضل مهزأ طول عمرك 


ضحكت نغم علي حديثهم وأردفت قائلة لزين:


-مبروك لحضرتك وعقبال الفرح إن شاء الله


-الله يبارك فيكي يا نغم وبكره إن شاء الله إحنا اللي نباركلك 


إبتسمت له إبتسامة متجملة ومن ثم إتجهت نحو رانيا تحتضنها بسعادة شديدة قائلة:


-مبروك يا حبيبتي فرحانة أوي عشانك ربنا يسعدك يارب


شددت رانيا من إحتضانها وهي تقول:


-الله يبارك فيكي يا غومي وعقبال كتب كتابك يارب


ذهب الرجال حول الطاولة التي ينتصفها المأذون الشرعي حتى ينهون إجراءات كتب الكتاب...ومن بعدها إستدعوا رانيا حتي يأخذون إمضائها علي بعض الوريقات 


وبعد أقل من نصف ساعة كانت أصوات الزغاريد تنطلق من أفواه النساء الموجودين 

بالمكان بعدما قال المأذون كلمته الشهيرة

"بارك الله لكم وبارك عليكما وجمع بينكما في خير" 


قام زين من مكانه وهو يحتضن رانيا بسعادة بالغة هامسا لها بالقرب من اذنها:


-مبروك يا حياة قلبي... أخيراً بقيتي مراتي 


شددت رانيا من أحضانها ودموع الفرحة بدأت بالهطول قائلة:


-الله يبارك فيك يا حبيبي


أخرجها من أحضانه وهو يمسح دموعها بأنامله قائلاً:


-مش عاوزين دموع يا رانيا


-دي دموع الفرحة 


-إضحكي...إضحكي وبس 


طبع قبلة رقيقة علي رأسها وتركها 

متجهاً صوب أبيه محتضناََ إياه....أردف أبيه بابتسامة سعيدة:


-مبروك يا حبيبي وعقبال الليلة الكبيرة يا رب


-الله يبارك فيك يا بابا 


ومن ثم إحتضن والدته بشدة وقبل يـ داها عدة قبلات قائلاََ:


-هتفضل إنتي حبيبتي الأولى يا أمي 


ضمته سمر إلي حضنها بحنان شديد وهي تقول:


-ربنا يسعد أيامك يا زين ويملاها فرح يارب 


-اللهم أمين يا ست الكل 


إحتضنه فارس هو الآخر بعدما إنتهت صلة الحب بينه وبين والدته قائلاََ:


-جوازة العمر إن شاء الله يا صحابي


-حبيبي يا فارس عقبال ما أفرح بيك بكرة يا رب 


❈-❈-❈

كان إحتفال لذيذ للغاية يملئه السعادة والإنبساط...الجميع يرقص ويغني بفرح وسعادة ناسين همومهم 


جاء أحمد من خلفهم وهو يقول بمزاح:


-أحلي مسا على حرم أخويا القمر


نظرت لين إلي الخلف بخضة وجدته أحمد 

شقيق فارس فهي مازالت تتذكره منذ أول مرة قابلته بها بالجامعة وهي بصحبة إياد


إبتسمت له وهي تقول بصوت هادئ:


-إزيك يا أحمد إيه الأخبار


-الحمدلله يا قمر...إنتِ عاملة إيه 


-بخير الحمدلله 


نظر له فارس بإستهجان واضح وهو يقول له :


-إيه يا عم القمر مالك؟!!


فتح عيناه وكأنه إكتشف سراََ خطيراً قائلاً

بمزاح:


-إنتِ بتغيري يا بطة؟


قهقهة نغم بصوت عالٍ علي مزحة أحمد فهو يبدو عليه خفيف الدم علي عكس أخيه تماماً


حدجها فارس بنظرة محذرة حتي تخفض صوت ضحكتها التي صدحت بالمكان


أخفت ضحكتها عقب نظرته المحذرة ونظرت للأرضية بصمت 


أردف فارس موجهاً حديثه لأحمد :


-إتأخرت كده ليه 


-أمك كانت عاوزاني في موضوع فأخرتني شوية


خرجت تلك الكلمات من بين شفـ ـتيه بسلاسة دون إنتباه لوجود نغم وسطهم 


وجه فارس أنظاره تجاهها سريعاً بعدما توقفت دقات قلبه فور سماعه لحديث أحمد الذي خرج دون إنتباه منه 


وجدها تنظر إليه هي الآخرى ولكن كانت تملئ نظراتها الإستغراب من حديث أحمد 


فكيف وأمه مع بقية عائلته بالخارج كما أخبرها فارس!!!!

يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة