-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 13

 

قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار


الفصل الثالث عشر



كنت أحسباني عرفت الحب قبل أعرفك 

وعشقت قبل أعشقك واشتقت قبل

ألتقيك 

وكنت أحسباني لقيت أحباب قبل 

أوصلك 

وأثري توهمت في غيرك وأنا كنت

أبيك 

تعال نعطش وتشربني وأنا أشربك

تعال قبل الوعد أجلس معي نحتريك 

تعال شفني وأنا أستناك....كم 

أشبهك

يطري علي ألف راي وراي وأختار فيك 

أجي مكان الوعد وإلا أسبقه أنطرك

وإلا آخذ الموعد اللي يحتريك وأجيك

يا آخر الحب ذقت الحب في أولك


❈-❈-❈


توردت وجنتيها بخجل شديد بعدما بعدت عنه قليلاً وهي تقول بصوت منبوح من الإحراج:


- ما هو ماينفعش أكتر من كده 


-هو إيه ده اللي مينفعش ومينفعش ليه إن شاء الله!!!

خرجت تلك الكلمات بإستنكار شديد من بين شفـ ـتيه 


-إفهم لوحدك بقولك ما ينفعش 


-لاء ما لو اللي أنا فهمته صح هخلي ليلة أهلك زرقا النهاردة....إنتِ خايفة مني صح؟


أنهي حديثه بتسائل وهو يتمنى أن ترد عليه بالإيجاب ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه 

سُحبت الدماء من وجهه عندما هزت رأسها بالنفي


-نغم متهزريش بالله عليكي 


-مبهزرش يا فارس والله


أغمض عينه بغضب شديد ومن ثم فتحها وهو يقول بغضب:


-ومقولتيش ليه أغير معاد الزفت 


نظرت له نغم بإستغراب ومن ثم قالت ببعض القوى:


-هو فيه إيه يا فارس...متعصب كده ليه المفروض تبقى متفهم حاجة زي دي 


-يا ستي أنا لا متفهم ولا زفت....شغل الأوبن مايند ده مياكلش معايا 


خرجت تلك الكلمات من بين شفـ ـتيه بصوت عالِِ ثم إستكمل حديثه قائلاً بتحسر:


-أكيد دي عين زين مفيش غيره 


نظر إليها بطرف عيناه وجدهت مازات تقف أمامه ولكن بصرها معلق على الأرضية...تنهد بضيق من نفسه وعصبيته الغير مبررة فهي مهما كان لا دخل لها بذلك الأمر...ولكن عصبيته تلك نابعة من رغبته وحبه بها لتصبح مِلكاََ له هي وكل شئ بها 


تقدم الخطوة الفاصلة بينهم... وبتلك الخطوة التي تقدمها إلتحمت أجسـ ـادهم سوياََ حتى الهواء لم يستطيع المرار من بينهم لشدة تقاربهم


رفعت نغم رأسها ناظره إليه عندما شعرت برائحته تغلغلت بأنفها وجـ ـسده أصبح ملامس لجـ ـسدها....وجدت ملامحه عادت لهدوئها ورشدها مرة أخرى وملامحه لانت كثيراً عما سبق 


أخذ نفساً عميقاً ومن ثم أخرجه مازجاََ أنفاسه مع خاصتها بهدوء وتلذذ ومن ثم قال لها بحنان:


-حقك عليا لو كنت إتعصبت عليكي...بس غصب عني مش قادر أستنى أكتر من كده يا نغم ودي مش شهوانية على قد ما هو حب، 

عاوز أعبرلك عن حبي بطريقة تانية غير الكلام...متزعليش 


أنهى حديثه وهو يطبع قبلة مطولة علي جبهتها جعلت جـ ـسدها يرتجف بشدة من ملمس شفـ ـتيه على جبهتها


إستكمل حديثه وهو يقول بهدوء:


- غيري هدومك ويلا عشان ناكل....وأنا هروح أغير في أوضة تانية 


أنهي حديثه قبل أن يغادر الغرفة ذاهباََ إلى الغرفة المجاورة بعدما أخذ له ملابس من شنطته...جـ ـسده مشدود بشدة،يشعر بغضب عارم يحتله بتلك اللحظة فهو مثل الطفل الذي وعدته أمه بلعبه في الصباح وظل على أمل أنه سيلتقى باللعبة غداً،ولكن عند استيقاظه وجد أمه ناسية الموضوع تماماً....هذه هي الخيبة الذي يشعر بها... كان يتمنى اليوم الذي ستصير به إمرأته،ها هي صارت زو.جته ولكن خلق له ما يعيقه على إستكمال عقود الز.واج


هو سعيد....للحق سيطير من الفرح ولكن كان يرجو أن تكتمل فرحته بقربه منها حتى يصيرون شخصاً واحداً...عندما قال الشيخ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير

شعر وكأنه إمتلك الدنيا وما بها،تعززت تلك الرغبة التى كانت تحثه على تملكها 


أخيراً باتت زوجته وحملت إسمه مثلما حلم يوماً ما 

يشعر لأول مرة بإنصاف القدر له ولكنه 

تجاوز عن كل ما فعله القدر به إذا كانت المكافأة هي"نغم"


لم يعكر مزاجه الآن سوا معرفتها بزواجه من أخرى... وعد نفسه انه سيخبرها ولكن بعد إنتهاء شهر عسلهم حتى يكونوا إعتادوا على بعضهم


قطع تفكيره صوت طرقات هادئة على الباب

ذهب إليه وأدار مقبض الباب فاتحاً إياه فمن غيرها؟


وقف كالأبله أمامها لا يفعل أي شى سوى أنه يأتي بها من أسفل لأعلى 


كانت ترتدي منامة باللون الأرزق قماشتها ستان واطلقت العنان لشعرها حتى ينسدل على ظهرها من الخلف...ومسحت كل ما كانت تضعه على وجهها في كتب كتابهم فصار وجهها أنقى وأبرء مما كان عليه 


لحظة!!!...هل تجاوزنا السلاسل البنية خاصتها؟!

شعرها يذكره بشعر خيل عربي أصيل كان يمتلكه يوماً...بني اللون بغزارة وينزل متساوياََ دون تجاعيد،يصل لخصرها....هناك رغبة كبيرة استوطنته بأن يخلل يـ ـده به ويشتم رائحته العطرة بأنفه ولكن ركنها على جنب عندما إستوطنته رغبة أخرى أشد قسوة عليه من الأولى 


تلك المنامة التي كانت ترتديها برزت جسدها بطريقة لم يتخيله بها يوماََ...هذه الصغيرة تمتلك جسداََ فتاك يؤدي به إلى الجحيم 


معالم أنوثتها الظاهرة أمامه من خلف المنامة تهلكه وتوقد النيران بجـ ـسده...وعلى ما يظن أن تلك النيران ستظل مشتغلة حتى يشاء القدر ويمتلكها


رفع نظره مرة أخرى ولكن هذه المرة إقتحم عيناها بخاصته..تلك النافذة التي يرى العالم بأكمله من خلالها،عيناها وآه من عيناها...تكفي حتى تُهيم بها شوقاََ،لو نظر إليها عمراََ بأكمله لم يزهق ولا يمل أبداََ،تُحسد نغم أخذت كل معالم الجمال لم ينقصها شئ واحد...عندما تنتظر لوجهها لا تقول غير "لقد أبدع الخلاق"


إستدرجت الحمرة على وجهها من نظراته المتفحصة التي تحولت لنظرات وقحة رأتها

جلية على وجهه


فهي بالكاد خرجت بذلك المنظر أمامه بعدما شجعت نفسها أمام المرآة كثيراً على أنه أصبح زوجها ولا وجود للخجل بينهم ولكن هدم كل شئ كانت تحث به نفسها أمام نظراته التى تشعر بها تخترق منامتها وتتفحص جـ ـسدها


حمحمت حتى تبعد الخجل قليلاً ومن ثم قالت بصوت مرتبك:


-الأكل جاهز يا فارس يلا 


إقترب منها ومازال نظره متعلقاً عليها قائلاََ بصوت عذب:


-وإنما عَينيكَ، بحَرٌ ، لامِع ، وأني فِي بحَرِ ، عَينيكَ، مُغرم .


ثم بدل نبرته لجدية متحسرة قائلاََ:


-كان أبعد شئ عن مخيلاتي إني أشوفك قدامي النهاردة بالبيجامة وهنقعد ناكل عادي

كده....منه لله اللي كان السبب 


-إنتَ مدي للموضوع أكبر من حجمه يا فارس على فكرة 


-معاكي حق تقولي كده ما إنتِ متعرفيش حاجة عن النار اللي في جـ ـسمي....يلا يا حبيبي ناكل لأحسن الأكل يبرد مش هيبقى

قرف من كل الإتجاهات 


فلتت ضحكة من بين شفـ ــتي نغم وهي تتقدمه ليذهبوا إلى مائدة الطعام 


قال بصوت عالٍ مازح:


-إضحكي إضحكي


ثم قال بتوعد مستكملاََ به حديثه :


هيجيلك يوم ووقتها وربي وربك ما هعتقك 


قهقهت بصوت عالٍ على جملته وهي تسير ناحية مائدة الطعام الموجودة بمنتصف الصالة 

ومن ثم أبعدت إحدى الكراسي وجلست عليه..ناظره لقدومه حتى يشرعوا بتناول العشاء


سحب فارس الكرسي المجاور لها بهدوء وجلس عليه...بدأ بتناول طعامه بنفس الهدوء 

دون أن يصدر أي صوت أو يجتذب أي حديث معها 


كانت تنظر له بين اللحظة والأخرى... تنتظر أن يتحدث معها ولكنه لم يبادر، وضعت الملعقة من بين يـ ـديها على الطبق الموضوع أمامها وهي تقول بتساؤل تعلم جوابه جيداً فالإجابة ظاهرة على وجهه دون حديث:


-فارس إنتَ زعلان بجد ولا بتهزر؟


رسم إبتسامة رقيقة على شفـ ـتيه قبل أن يوجه عيناه إليها قائلاََ:


-أنا أول مرة في حياتي أحس إني محظوظ يا نغم... زعلان إزاي بس ده أنا ناقصلي جناحين وأطير،أينعم الفرحة ما كملتش بس قدامنا العمر طويل هتروحي مني فين يعني 


أنهي كلامه بمزاح وهو يغمز لها بعبث 


ضيقت عيناها على خاصته وهي تقول بتأكيد على حديثه بعد أن إبتسمت له:


-يعني مش زعلان؟


-أكيد زعلان وهفرقع كمان بس فرحتي بوجودك معايا بالدنيا وما فيها... كفاية إنك هتنامي في حضني النهاردة 


تدرجت الحمرة وجهها عندما تخيلت حديثه بذهنها...مازالت تستشعر دفء أحضانه منذ أن حضنها أول حضن من ساعة أو أكثر،لأول مرة تشعر بهذا الأمان،شعرت بأنها تستطيع الاختباء من جميع البشر بأحضانه هو فقط وليس أحد سواه 


إتسعت ابتسامته قليلاً وهو يرى خجلها الذي إحتل وجهها من مجرد كلمة قالها...مد يـ ـده

يتناول بها خاصتها الموضوعة على مائدة الطعام ومن ثم رفعها إلى شفتـ ـيه يقبلها عدة قبلات رقيقة تشعرها بدغدغة لذيذة تحتل جسدها 


رفع نظره بهدوء إلى عيناها مباشرةً وأردف بحنان :


-أُحبك بصمت لأن الصمت لغة العقول يا ماسة 


لم تقدر على تمالك نفسها أكثر من ذلك ففرت دمعة وحيده من عيناها أمام كل هذا الحب والمشاعر...لا تصدق أنها أصبحت زو.جته من الآن فصاعد،تشعر بمشاعر متضاربة بين الفرح والخوف من عدم إكتمال سعادتها 


رفع يـ ـده سريعاً من على خاصتها إلى وجهها يمسح تلك الدمعة ومن ثم قال معاتباََ إياها:


-طول ما أنا موجود مش عاوز عيونك تنزل دمعة واحدة يا نغم فاهمه؟


-مش مصدقة يا فارس إن الدنيا رضيت عليا أخيراً وجبرت بخاطري خايفة أكون بحلم


-ما بتحلميش يا ماسة أنا معاكي وهفضل موجود على طول


-ربنا يخليك ليا يا فارس


قام من على كرسيه وهو يقول لها بهدوء:


-طب لو خلصتي قومي يلا ننام عشان

هنسافر بكرة بدري


-هشيل الأكل وأجي وراك 


أماء لها برأسه بهدوء واتجه صوب الغرفة 

أما هي نظفت مائدة الطعام بعد أن وضعت ما بها في المطبخ ووقفت تجلي الصحون سريعاً

ومن ثم نشفت يـ ـديها المبللة بمنشفة المطبخ المعلقة أمامها وإتجهت إلي الغرفة بعد إنتهائها من جميع مهامها


دارت مقبض الباب ودخلت بعد أن طرقته طرقتين... وجدته يقف بالشرفة ينظر إلى الخارج غير منتبهاََ لها ولا لطرقاتها 


تقدمت نحوه وهي تتأمله من خلف بجـ ـسده 

الرجولي الصلب...وقفت بمحاذته تنظر إلى ما ينظر إليه من الشرفة وجدت كل شئ طبيعي أمامها لا يوجد شئ يستدعي النظر إليه 


رفعت عيناها تجاه وجدته نقل بصره من على الطريق والمارة وثبته عليها

إبتسمت له إبتسامة بسيطة وأردفت بصوت ناعم:


-مالك سرحان في إيه


-خايف 


رددت الكلمة خلفه بإستنكار لما سمعته:


-خايف!!...خايف من إيه 


أخذ شهيقاََ كبيراً ومن ثم أخرجه قبل أن يقول:


-مش متعود إن الدنيا تبقى حلوة معايا كده وتضحكلي حاسس إنها هتاخد مني تعويض كبير أوي على السعادة دي


أردفت نغم مازحة حتى تخرجه من تخبطه الواضح على وجهه:


-إنتَ إتعديت مني ولا إيه يا فارس


ضحك فارس بهدوء دون أن يُعقب على حديثها بالكلام بل مد يـ ـده يسحبها داخل أحضانه بحب كبير... وضع شفـ ـتيه على شعرها مقبلاََ إياه عدة قبلات صغيرة ومتفرقة 


تعمقت هي بأحضانه أكثر وهي تستنشق رائحة عطره النفاذة التى تثيرها وبشدة 

أبعد وجهه عن رأسها ولكنه مازال يحتضنها بذراعه الأيسر....نظر من الشرفة مرة أخرى 

وقال بتساؤل جادي شارد:


-تعرفي نفسي في إيه يا نغم


-إيه

ردت عليه بفضول شديد في إنتظار لمعرفة ما هو الشيء الذي يتمناه 


-نفسي أخدك ونعيش في مكان بعيد أنا وإنتِ وبس...نبني حياة تانية هناك من الصفر 


جعدت نغم ما بين حاجبيها وهي تردف بإستغراب:


-ليه عاوز تبعد عن كل حاجة هنا 


-عشان أبقى معاكي


❈-❈-❈


تجلس على سريرها بغضب كبير نراه يظهر على وجهها المكفر وساقيها الذي تهز بهم بسرعة كبيرة

لا تصدق أنه لم يدافع عنها أمام أبيه بعد ذلك الكلام المُهين الذي وجهه إليها أمامه وأمام الجيمع... كل ما فعله هو ذهابه له مقبلاً رأسه 

غير أبهاََ بها ولا لكرامتها الذي أهدرها أبيه بالأرض ودهس عليها


وكل هذا لما؟ ليس إلا لأنها ذكرته بماضي إبنة ولده المتوفي..الماضي الذي يستعر منه الجميع ويريدون محيه من الأذهان والعقول 


خرجت من تفكيرها على صوت أحمد الجالس جوارها وهو يقول بهدوء:


-إهدي يا ماما عشان خاطري... محصلش حاجة

لكل ده 


-أهدىٰ إزاي وأنا كرمتي إتمرمطت في الأرض قولي أهدى إزاي


-إنتِ عارفه جدو يا ماما وعارفه إنه إتعصب بس من كلامك على سارة مش أكتر 


أردفت بغضب وصوت عالي:


-إتعصب ليه هو أنا قولت حاجة غلط؟...مش دي الحقيقة


وضع أحمد يـ ـده خلف رأسها وقبل جبينها بهدوء وهو يقول:


-عشان خاطري إهدي وبطلي عصبية الموضوع مش مستاهل كل ده 


-كرامت أمك اللي إنداست مش مستاهلة يا أحمد؟


هز رأسه سريعاً بالنفي قائلاََ بجدية:


-لا عاش ولا كان يا أمي اللي يدوس على كرمتك...بس أنا شايف إن حضرتك زودتيها مع جدو جامد ووقفتي تردي عليه الكلمة بكلمتها 

وده غلط 


-لاء مش غلط لما ألاقيه مستعبد إبني يبقى مش غلط...لما ألاقي إبني عمره بيروح مع واحدة مبيحبش يبص في وشها يبقى لازم أتكلم 


-فارس يا ماما تعايش مع الموضوع وكلامك ده مبقاش ليه لازمة... وكمان بقى فيه مالك بينهم 


فُتح باب الغرفة.....ودخل وهو غاضب بشدة بوجه مكفهر موجهاً أنظاره لسارة وجدها 

أبعدت بصرها بعيد عن نظراته القاتلة التي شعرت بشرارتها 


قام أحمد من مكانه فور دخول أبيه الغرفة قائلاً حتى يهدأ من روعه:


-بابا أنا إتكلمت مع ماما وهي عرفت غلطها فمفيش داعي لعصبية حضرتك 


نظرت له سارة بإستنكار من حديثه الذي لم يحدث فأي حديث هذا الذي أقتنعت به؟!!

فهي ما زالت عند موقفها الذي لم ولن تغيره حتى الممات 


إبتسم إبراهيم له بسخرية عندما رأى نظراته زوجته المستنكرة لحديث إبنه فعلم أن كل ما قاله أحمد لم يحدث

فرد بصوت بارد:


-إطلع برة يا أحمد وإقفل الباب وراك 


-حاضر يا بابا عند إذنك 


ذهب أحمد صوب الباب عقب كلامه وفتحه بهدوء وغادر الغرفة وهو يدعي بداخله أن لا تعاند أمه وتجعل أبيه يخرج عن طوره 


تقدم إبراهيم بخطوات ثابتة متجهاً نحوها

حتى بات يقف أمامها تماماً لا يفصل بينهم شئ 


رفعت أنظارها له عندما شعرت به أمامها وهي تقول:


-واقف قدامي كده ليه أبعد شوية سديت الهوا 


لم يبالي بحديثها الذي يعلم أنه نابع من خوفها من غضبه عليها فهو أكثر من يعلم طباعها...دائماََ تظهر أنها قوية الطباع ولكنها في الحقيقة تخشى من خيالها 


مد يـ ـده يسحبها من خاصتها حتي تقوم وتصبح مجابه له قائلاََ بهدوء أتقن صُنعه:


-اللي إنتِ عملتيه ده صح؟


ردت بإندفاع وصوت عالي:


-اه صح طول ما إنتوا جايين على إبني أنا مش هسكت لحد


رد وهو يضغط على كلمته بغضب مكبوت:


-إبني...وإنتِ عمرك ما هتخافي على إبني زي فاهمة يا سارة؟


-ومبشوفش ده ليه؟...كنت فين وهو مجبور يتجوز بنت أخوك موقفتش وقولت إبني ملوش دعوة ليه


-إبنك محدش بيجبره على حاجة وجوازه من سارة كانت فكرته هي مش فكرة حد فينا 


نظرة إليه نظرة عابرة وهي تقول له:


-ليه كان دايب فيها والحب مقطع بعضه


زفر بضيق حتى لا يفقد أعصابه عليها مرة أخرى

خرج صوته مكتوماََ من غضبه المكبوت:


-يا سارة متستفزنيش عشان بترجعي تزعلي


نظرت لعيناه بقوة وهي تقول له بجدية رأها بنظراتها:


-لو إنتَ فاكر يا إبراهيم إني كبرت على الشكا لأخويا تبقى غلطان...أنا اليوم اللي هعرف فيه إنك هتقل مني لا هبقى عليك ولا على حد


-وأنا اللحظة اللي هشوفك بتفقدي إحترامك لأبويا فيها هتبقي متلزمنيش يا سارة 


تصنمت مكانها قليلاً من هول كلماته قبل أن تقول بغضب:


-أبوك هو اللي غلط فيا وأنا اللي ليا حق عنده 

مش العكس


ثم إسترسلت حديثها بخيبة أمل ظهرت على وجهها بشكل كبير:


-كنت مستنياك تدافع عني أو حتى تقولوا اللي إنت بتقولوا ده مينفعش يا بابا....بس كل ده محصلش واللي حصل هو إنك رحت أتأسفتله وبوست رأسه


-الكلام معاكي ملوش أي فايدة يا سارة بجد


أنهى كلامه وإبتعد من أمامها متجهاً نحو غرفة تبديل الملابس بدون أن يضيف أي كلمة أخرى 


نزلت دموعها بصمت من عيناها على خذلانه لها وتركه لها الآن دون حتى أن يطيب بخاطرها بكلمة واحدة وكل ما فعله هو الإبتعاد عنها بعدما ركب لها وجهه البارد الذي تكرهه بشدة 


عقب سمعاها لصوت الباب الخاص بغرفة الملابس يفتح إتجهت نحوها حتى تبدل ملابسها هي الأخر...ومرت من جانبه دون أن تلقي نظرة عليه وبمجرد دخولها الغرفة أغلقت الباب بشدة لدرجة أن صوته دوى بالجناح بأكمله 


أخذ نفساً عميقاً ومن ثم أخرجه قبل أن يستلقي على الفراش ممسكاً الهاتف بين

يـ ـديه يتصفح به قليلاً

أنامله كانت تمر على الهاتف ولكن ذهنه شارد تماماََ في كلامها الذي ولأول مرة تُلقيه عليه 

كيف ستشتكي منه وهي تعلم أن أبيها وأخيها 

أصبحوا أعداء له عقب زو.اجهم بعدة سنوات؟

وبمجرد أن تذهب لهم سيمنعوها عنه هو متأكد 


كيف إستطاعت أن تخرج هذه الكلمة وهي من قالت له سابقاً عندما بدأت العداوة أنها لا تريد أي شئ في الدنيا سواه وبالفعل لم تتواصل معهم رغم رغبات أبيها وأخيها المستميتة ليجعلوها تخضع لهم ولكنها كانت لم تبالي 


كيف تأتي الآن وتقف أمامه بكل تبجح وتقول له أنها ستشتكي لأخيها ولم تبقى على أحد؟!!

معنى حديثها هذا أنها لن تبقى عليه من بعد الآن؟!!


خرجت من الغرفة مرتدية قميص نوم طويل من اللون البنفسجي يصل إلى كاحليها وبه فتحة من الجنب اليمين تصل إلى ركبتها 


رفع نظره من الهاتف يختلس النظر إليها عندما وجدها ذهبت إلى المرآة 

أغمض عينه سريعاً وهو يلعنها بسره ويلعن نفسه وكل من كان له يـ ـد في خناقهم 


ذهبت إلى الفراش بعد إنتهائها من ترتيب خصلاتها وإستلقت بجواره دون أن تعينه بنظرة بعد أن أخذت هاتفها من على الطاولة

تتصفح به هي الأخرى 


وبعد قليل وضعته على أذنها منتظرة رد الذي تهاتفه 

ثواني وكان صوت فارس يصل إليها وهو يقول بمزاح:


-وحشتيني وحشتيني وحشتيني


-هو أنا لحقت أوحشك يا كداب 


-يا أمي إنتِ بتوحشيني وإنتِ جنبي ما بالك بقى لو بعيدة 


ضحكت سارة على كلماته وأردفت:


-وصلت ولا لسه يا حبيبي


-أه يا حبيبتي وصلت بقالي نص ساعة 


-ماشي يا حبيبي خلي بالك من نفسك ومتهملش أكلك وشربك


نظر لنغم الذي دخلت الغرفة وهي تحمل بيدها الصينية وموجود بها كأسين من العصير 

فقال لأمه سريعاً:


-ماشي يا حبيبتي متقلقيش..يلا باي 


أغلق الهاتف عقب إنتهاء جملته ووضعه بجواره ومازال نظره على نغم 


وضعت الصينية على الطاولة ومن ثم جلست بجواره قائلة بتساؤل يدس به بعض الغيرة:


-كنت بتكلم مين وبتقولها يا حبيبتي 


قهقة فارس بشدة وقال لها من بين ضحكاته:


-أمي والله


-طب وقفلت ليه كان نفسي أكلمها 


أردفت كلامتها بحزن شديد...فهي تود التقرب من أهله ويصبحوا أهلها هي الأخرى،وتشعر بالخجل الشديد ان تكلب منه ذلك...فهي تود أن يأتي هو ويقول لها أن تتقرب منهم وتحدثهم 


-مرة تانية يا حبيبتي هخليكي تكلميها فديو كول...وبعدين إنتِ زعلتي ليه أنا المفروض اللي زعلان وإنتِ اللي بتصالحيني 


نست موضوع أمه وإبتسمت على حديثه وهي تقول له:


-إنتَ اللي بتدلع وزعلان من غير سبب 


لوى شفتيه لها وهو يقول بإستنكار:


-من غير سبب أه...ونبي يا نغم سبيني في وكستي وإسكتي 


فلتت ضحكة منها علي مترادفاته الذي بدأ يستخدمها مؤخراً..


مدت يـ ـدها تتناول كأس العصير وأعطته إياه قائلة:


-خد العصير أهو 


تناوله من يـ ـدها بهدوء وعلى شفــتيه إبتسامة هادئة ومن ثم إلتقط يـ ـدها بخاصته الأخرى واضعاً عليها بعض القبلات قائلاََ بحب:


-تسلم إيدك يا حبيبي


ردت له نغم الإبتسامة ولكن بأخرى واسعة وأردفت بصوت ناعم:


-أنا بحبك أوي يا فارس 


إتسعت إبتسامته أكثر وهو يحتضنها بعدما وضع الكأس مرة أخرى على الطاولة قائلاََ:


-وأنا بعشقك يا كُل فارس 


شددت على إحتضانه أكثر وهي تدفن رأسها بتجويف رقبته 

أما هو فأخذ يستنشق عبير شعرها بإستمتاع وتلذذ كبير


بدأ يطبع قبلات صغيرة وبطيئة على طول رقبتها الظاهرة من المنامة التي ترتديها 


تخشب جسدها من أثر قبلاته وأنفاسه الساخنة على رقبتها، وتمسكت به أكثر دون أن تنطق بكلمة.....أبعدها عن أحضانه بهدوء وهو يصعد بشـ ـفتيه إلى وجهها واضعاً قبلاته على كل إنش به حتى وصل إلى شفـ ـتيها وأخذها بين خاصته بتريس وهدوء شديد جعلها تدوب ببن يديه 

رفع وجهه قليلاً وهو يقول لها بصوت مبحوح من المشاعر التي تأرجحت بداخله:


-في حاجة تمنع ولا لاء يا نغم أخر مرة هقولك


انهي سؤاله بنبرة متوسلة أن يكون ردها هو "لا" 

وها هي هزت رأسها بالنفي وهي تنظر لأسفل بخجل شديد 


إبتهجت ملامح وجهه وردد مرة أخرى:


-يعني مفيش ردي عليا


خرج صوتها شبه معدوم وهي تقول له:


-مفيش


ثواني معدودة وكانت محمولة على ذراعيه متجهاً بها صوب السرير.....وضعها بهدوء شديد

ومن هنا بدأوا حياة جديدة تلاحمت فيها 

أجـ ـسادهم وأرواحهم،كان هو مراعي لخوفها لأقصى حد وهي مسلمة زمام أمورها كلها له 

❈-❈-❈


تجلس على طاولة بعيدة عن الأنظار... تتصفح هاتفها بملل شديد حتى تجد أي شئ يُلهيها عن تلك الوحدة التي تحيطها،للصراحة هي ليست إجتماعية بالشكل الكافي الذي يجعلها تأخذ بالكلام مع من يتحدث معها فلذلك تجلس وحيدة منتظره إنتهاء تدريبات الصغير 


رفعت عيناها من على الهاتف عندما شعرت بظل يحاوطها فجأة... وجدته ذلك الشاب الذي قابلته من قبل هنا وقال أنه أخ رقية خطيبة أخيها،ماذا كان اسمه؟

أها يونس الشاذلي 


كانت إبتسامة جذابة مرسومة على شـ ـفتيه 

ينظر لها مدققاََ بعيناه الناعسة

خرج صوته الرجولي قائلاََ بمزاح:


-رب صدفة خيراً من ألف ميعاد...تسمحيلي أقعد؟


أشارت لين بيـ ـدها على الكرسي المقابل لها وهي تقول له بهدوء:


-إتفضل 


جلس يونس على الكرسي الذي أشارت إليه ومن ثم قال:


-إنتِ هنا كل يوم ولا إيه


-مش باجي غير وقت تمارين مالك 


-طب بما إنك قاعدة لوحدك وأنا فاضي حالياً...

قومي أفرجك على النادي وأعزمك على حاجة نشربها وإحنا بنتمشى زي ما وعدتك المرة اللي فاتت


توترت لين قليلاً وقالت وهي تزيغ ببصرها بعيداً عن عيناه المدققة بوجهها:


-مش عاوزة أعطل حضرتك


إبتسم إبتسامة خفيفة لم تظهر على وجهه عندما رأى نظراتها المتهربة منه قبل أن يقول:


-مفيش عطلة ولا حاجة وبلاش حضرتك دي عشان بتجبلي كرشة نفس


أنهى كلامه مازحاً معها حتى يجعلها تأخذ عليه بدلاً من توترها الذى أخذ مجراه فيها

ثم إستكمل حديثه قائلاً وهو يقوم من مكانه حتى لا يعطي لها فرصة للرفض:


-قومي يلا نتمشى دلوقتي قبل الشمس ما تطلع 


قامت لين هي الأخرى ولكن بإحراج كبير ومدت يـ ـدها تتناول حقيبتها من على الطاولة الجالسين عليها وقالت بإرتباك:


-مالك هيخرج بعد نص ساعة


-حلو جداً أكون لففتك النادي مرتين تلاته 


تقدمها يونس قليلاً وسارت هي خلفه حتي أصبحت بمحاذته 

ومن هنا بدأ ضفة الحديث وسألها عن كل شئ يريد معرفته عنها مثل سنها وعملها وما تحب وما تكره 

تحدثوا كثير جداً وهي أيضاً عرفت عنه الكثير وألفته واصبحوا أصدقاء وتبادلوا أرقامهم للمقابلة مرة أخرى 


إستمعت لين لرنين هاتفها فأخرجته سريعاً من حقيبتها وجدت المتصل أحمد أخيها...وقعت عيناها على الساعة صعقت عندما وجدت أن مالك خرج من تمارينه منذ ساعتين!!!


ضغطت على زر الإستجابة سريعاََ قبل أن تضع الهاتف على أذنها قائلة بصوت متوتر:


-إيه يا أحمد 


وصل إليها صوته العالي الغاضب قائلاََ:


-إنتِ فين يا هانم وفين مالك؟


ردت عليه بإرتباك وخوف بَينْ قائلة:


-أنا في النادي يا أحمد 


-فين أنا في النادي... ومالك فين؟


-مالك لسه في التمرين وأنا اتمشيت شوية في النادي 


أردف بعصبية شديدة:


-مالك يا هانم خارج من التمرين بقاله ساعتين

حضرتك بقى بتتمشي بقالك ساعتين فين؟


-إنتَ فين يا أحمد أنا جاية


-أنا قدام مكان التدريب بتاع مالك 


أغلقت الهاتف بعدما سمعت مكان وقفوه 

وقالت ليونس بخجل من ذلك الموقف فهي لا تعلم كيف نست نفسها وتكلمت معه ساعتين:


-أنا أسفة لازم أمشي دلوقتي عن إذنك


-إستني بس....أحمد شكله كان متعصب لو ينفع أجي معاكي وأقوله إنك كنتي معايا 


نظرت له وكأن على رأسه الطير فماذا يقول هذا الأبله،يريد أن يخبر أخيها أنه كان مع أخته لأكثر من ساعتين!!؟

قالت له مستنكرة لحديثه:


-تيجي معايا فين يا يونس إنتَ بتهزر؟!!....أنا همشي عشان هو مستنيني،سلام


-خلاص اللي إنتِ عاوزاه...هرن عليكي بعد ما توصلي أطمن عليكي


أماءت له برأسها سريعاً ومن ثم ودعته وغادرت المكان متجهة إلي مكان وقوف أحمد ومالك 

❈-❈-❈


تنام على ظهرها ممسكة الهاتف بيـ ـدها تقلب فيه بملل 

أما هو ينكوي بنار الشوق لها يتمدد بجوارها على السرير،وكل فترة يتقلب عليه وكأن من تحته جمر


حمحم بصوت واضح قبل أن يقول بتساؤل مصطنع حتى يفتح باب للحوار:


-فارس قالك وصل ولا لسه


ردت عليه بجفاء شديد ولا مبالاة لدرجة أنها لم ترفع عيناه من على الهاتف:


-اه وصل 


لم تعجبه طريقة ردها عليه ولا أسلوبها معه 

فقال بصوت محذر:


-إتكلمي عدل يا سارة 


-دي طريقتي يا إبراهيم


إستغفر ربه بسره حتى لا يتعصب عليها وتنفلت أعصابه منه وحاول التحلي بالهدوء قائلاََ:


-مالك يا سارة زعلانة من إيه،إنتِ عارفة إني مش متعود نبقى كده


رفعت أنظارها من على الهاتف مصوبها نحوه قائلة بجدية يتخللها الإستنكار:


-يعني إنتَ مش عارف إيه اللي مزعلني يا إبراهيم؟!!


-تعالي على نفسك وقوليلي لأني مش شايف أي سبب لزعلك ده 


ردت عليه بعنفوان وصوت عالي:


-إن أبوك يقل مني بالشكل ده قدامك ويقولي هضربك قلمين على وشك وشوية يقولي هطلع روحك بإيدي ده مش سبب كافي لسيادتك؟...إني أستنى منك إنك تدافع عني أو تقولوا عيب اللي إنت بتقوله ده ألاقيك بتخذلني ورايح تبوس راسه مع إني مغلطتش فيه،ولو في حد ملوش إنه يدخل فهو أبوك مش أنا يا إبراهيم فارس ده إبني أنا مش إبنه 


تتحدث عن أبيه بطريقة تثير الغضب به من كل النواحي،فأبيه مهما فعل سيظل على صواب من وجة نظره...حاول التنفس بهدوء حتى يتغاضى عن طريقة حديثها عن أبيه 

ومن ثم أردف بجدية:


-إنك تقفي وتنطحي أبويا كلمة بكلمة ده الغلط يا سارة،وأبويا ليه كل الحق إنه يتدخل في أي حاجة تخص ولادي وأي حاجة تخصني أنا شخصياً


-هتفضل طول عمرك كده يا إبراهيم...شايف إن أبوك صح دايماََ ومبيغلطش 


-ولما إنتِ عارفه كده بتتعبي نفسك ليه 


غضبت وإحترقت دمائها من حديثه المستفز فقالت بغضب بالغ:


-مش إنتَ اللي سألتني!!!...بجد إنسان مستفز 


إنتفضت من الفراش بعد أن أنهت حديثها ووضعت أرجلها على الأرضية ترتدي خُفها بغضب ومن ثم مدت يدها تلتقط الروب الخاص بالقميص من على السرير ولبسته 

واتجهت قاصدة باب الجناح حتى تخرج منه 


جاءت حتى تُدير المقبض وجدته فوق رأسها

يـ ـده موضوعة على المقبض حتى يمنع خاصتها من إدارته


إستدارت له حتى بات وجهها يلامس وجهه وأصبح هو محاصرها بيـ ـديه قائلة بهدوء مصطنع:


-شيل إيـ ـدك يا إبراهيم عاوزة أخرج


-تخرجي تروحي فين إنتِ إتجننتي


-أه إتجننت وسع إيدك بقى عشان مطلعش جناني عليك


إخترق عيناها بخاصته وأردف بصوت دافئ مُحب:


-ياريت...بموت فيكي وإنتِ مجنونة


إرتبكت قليلاً من نبرته التى جائت بوقت خاطئ ومن ثم قالت بقوة واهية:


-متفتكرش إني كده هسمحك يا إبراهيم 


-تسمحيني على إيه ؟


جاء رده سلس متسائلاً بهدوء


-إنتَ شايف إنك معملتش حاجة يا إبراهيم؟


هز رأسه مؤكداً على حديثها بأنه لم يفعل أي شئ 


أغرورقت الدموع بعيناها فور حركته تلك وإنتبح صوتها وهي تقول:


-بس إنتَ خذلتني وكسفتني جامد 


بعد يـ ـده عن المقبض سريعاً فور رؤيته لدموعها تنزل على وجنتيها

رفع يـ ـده يمسح دموعها بهدوء وهو يقول:


-بلاش عياط يا سارة خلينا نتكلم بالعقل


لم تستطع السيطرة على نفسها أكثر من ذلك وكأن كلماته جاءت بالعكس معها وإزداد نحيبها بكثرة وقالت ببكاء:


-مكنتش أتوقع إنك تسكت على إهانتي في يوم 


أخذها بأحضانه بشدة وهو يهدئها بمسحه على شعرها وظهرها مطولاً....لا يتحمل رؤية دموعها الذي تكويه من الداخل،فهو دائماََ مُعتاد على سارة القوية التي لا تضعف أبداََ،لذلك عندما تبكي يعلم أن الموضوع فاق الحد

أردف بحنان وهو يقبل رأسها:


-حقك عليا أنا أسف...هكلم بابا بكرة وأعرفه إن اللي قاله غلط وأنا متاكد إنه هيصالحك 


❈-❈-❈


تقف أمامه كالمذنبة تخفض رأسها للأرض وتفرك أناملها ببعضها بتوتر حتى تتخطى هذا الموقف...فهي تعلم أن أخيها معه كامل الحق فهي أهملت بمالك،ولكنها لم تعلم أنها ستتمشى مع يونس كل هذه الفترة...لا تتذكر كيف مر الوقت بهذه السرعة فهي لم تشعر بالملل معه كالمعتاد ولكن كانت مستمتعة بصحبته وبتلك المواقف التي كان يحكيها لها


جاء صوت أخيها الغاضب قائلاً:


-مفكرتيش لو ما كنتش إدارة النادي إتصلوا بيا

كان إيه هيحصل لمالك؟


جاء صوتها منخفض يحمل بعض الإرتباك:


-أنا أسفة يا أحمد بس حقيقي إنشغلت بمكالمة صاحبتي 


-صاحبتك إيه دي اللي بتكلميها بقالك ساعتين يا لين؟...وبعدين لما رنيت عليكي مكنتيش ويتنج 


نظر مالك لأحمد بغضب طفولي وهو يقول له:


-إنتَ متعصب على لين ليه والله لما أكلم بابا هقوله...ويلا روحوني عاوز أنام 


ضربه أحمد على أسفل رأسه وهو يقول بنبرة مازحة مختلفة عن نبرته منذ قليل:


-خوفتني يا مالك


أخرج له الصغير لسانه من فمه كتعبير عن إنتصاره 


نظر لها أحمد بطرف عيناه وجد الدماء مسحوبة من وجهها وجسدها يرتعش وكأنها ترى شيئاََ يخوفها الآن 


وضع أحمد يـ ـده على ذراعها وهو يقول:


-في إيه يا لين إنتِ كويسه؟


أماءت له برأسها وهي تقول له بصوت مهزوز:


-مفيش حاجة يا أحمد يلا نروح 


تقدمهم أحمد أنا مالك فخلل أنامه بخاصتها 

وساروا خلف أحمد خارجين من النادي


نظرت خلفها وجدت يونس يقف مكانه وهو ينظر إليها...عادت برأسها إلى الأمام مرة أخرى 

وهي تلعن نفسها على كذبها على أخيها

فما كان سيحدث إذا كانت أخبرته الحقيقة؟!!

فهي الآن صارت كاذبة،تخشى أن يقول يونس لرقية أنهم تقابلوا وبدورها هي ستخبر أخاها


يا لغبائك يا لين لماذا كذبتي مثل هذه الكذبة السخيفة؟!!

❈-❈-❈


إستيقظت نغم من نومها المُنعم وجدت ذراعين كالكلبشات متمسكين بخصرها ورأسها موضوعة على شئ صلب إكتشفت فيما بعد أنه صدره العاري 


تثائبت بتكاسل ومن ثم نظرت نحوه وجدته غارق بالنوم،نمت إبتسامة خجلة على شفـ ـتيها 

عندما تذكرت ماذا حدث أمس البارحة...لا تعلم كيف ستُريه وجهها بعد ما حدث،حقاََ لم تتخيل يوم من الأيام أن تعيش يوماً هكذا معه 


جعلها تشعر وكأنها بالجنة،كان مراعي لأقصى حد....وعندما يقسو قليلاََ يعود إليها متسائلاََ إذا 

كان أذاها أم لا وهو يتأسف لها 


كان دائماً يقول لها أنه يريد أن يعبر عن حبه لها بطرق أخرى غير الكلام،والبارحة كانت واحدة من ضمن الطرق...فكان يتغنى بحبها مع كل قبلة يطبعها على شفـ ـتيها...لو كانت أحبته من قبل فالآن وبعد أن تلاحمت أجسـ ـادهم 

أصبحت تهيم به 


فتح عيناه قليلاََ عندما شعر بحركتها بين 

يـ ـديه....قبض على خصرها أكثر وأردف بصوته الناعس:


-رايحة فين 


توردت وجنتيها بخجل شديد وخرج صوتها بعد فترة مهزوز وهي تقول:


-هغير هدومي 


أخذها بالكامل بأحضانه ومن ثم إستدار دافناََ

وجهه بتجويف رقبتها قائلاََ بتلك النبرة الناعسة:


-لاء يا حبيبي خليكي...كده حلو 


إهتز جسدها بين يـ ـديه بشدة من أثر ملامسة وجهه لرقبتها العارية...أنفاسه الملتهبة تضرب رقبتها بدون شفقة أو رحمة 

نظرت إليه وجدته سكن مرة أخرى وخلد لنومه 


رفعت أناملها قليلاََ بتجرؤ ووضعتها بخصلاته 

الغير منمقة بسبب تلك المعركة الضارية التي كانت بينهم أمس


غمغم فارس وهو يقبل رقبتها قبلة رقيقة للغاية جعلتها تعلم أنه إستيقظ،فأخفضت أناملها بجوارها سريعاً ومن ثم أردفت بتوتر:


-ميعاد الطيارة يا فارس


-الساعة كام 


خرج رده هادئاََ ومازال وجهه مدفوناً بتجويفها 


مدة يـ ـدها قليلاً تتناول هاتفها الموضوع على الكومودينو الموجود بجوار الفراش


أردف مُجيبة سؤاله بعدما فتحت الهاتف ورأت الساعة:


-الساعة تسعة ونص 


أخرج وجهه من بين رقبتها وتجويفها الأروح أخيراً....فتح عيناه بتكاسل وهو يقول لها:


-الطيارة الساعة ١١


أماءت له برأسها دون حديث وهي تشعر بالخجل الشديد من رؤيتها له بعدما حدث

وإزداد خجلها أكثر عندما سُحبت الملاية البيضاء الرقيقة التي كانت تخفي أجسـ ـادهم

العـ ـارية فصار صدره العريض أمام نظرها بسخاء 


إندفست هي أسفل الملاية قليلاً حتى تداري ما ظهر من صدرها بخجل شديد 


لاحظ هبوطها المفاجئ...فإبتسم إبتسامة مرحة وهو يقول لها بمزاح:


-بتخبي إيه؟...ده أنا حفظتك 


إهتز فكها من الخجل وضخت الدماء بوجنتيها 

وهي تقول بتوتر:


-فارس متكسفنيش عشان خاطري 


أخذها فارس بأحضانه مرة أخرى حيث تضع رأسها على صدره وهو يحاوط جسـ ـدها بذراعيه قائلاً بحب:


-مش عاوز الكسوف ده بينا خالص لأني مش بحبه...إتفقنا؟


شعر بإيمائتها ضد صدره فقبل رأسها قبلة رقيقة وكأنها جائزة على تنفيذها لحديثه 


أردف بعتاب مازح:


-بقى كنتي عاوزة تستغفليني إمبارح وتضيعي الليلة عليا يا ماسة 


إبتسمت بخجل شديد وقالت بإرتباك:


-كنت مكسوفة ولما قولت لرانيا قالتلي أقول كده 


-منها لله رانيا مكنتش هرحمها لو الليلة كانت ضاعت بجد


ضحكت نغم ضحكة خفيفة على مزاحه 


بعد فترة من الصمت السائد بينهم هو يخلل أنامله بين خصلاتها بتناغم وهدوء 

وهي تضع رأسها على صدره محتضنة خصره بقوة وسعادة الكون بأكمله تكمن بداخلها 


جاء صوت فارس هادماََ لكل ما تشعر به بتلك اللحظة عندما قال:


-إبقي فكريني يا نغم نجيب برشام منع الحمل

وإحنا في الطريق 


لم يستوعب عقلها الجملة غير بعد مدة وجيزة 

رفعت رأسها من على صدره بصدمة ومن ثم وجهت أنظارها له قائلة بإستغراب وصدمة:


-إنتَ بتقول إيه؟!!


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة