رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 30
قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ميرا كريم
الفصل الثلاثون
اللهم لا تبتليني بمن أحب، بعداً، ولا فقداً، ولا حزناً، ولا مرضاً.
❈-❈-❈
كان ينتظره أفراد حراسته متأهبين لخروجه وإن خرج أمرهم أن لا يبـ رحون أماكنهم وكاد يتوجه لسيارته بالجانب الآخر من الطريق حين أتاه هتافها، فقد توقف وألتفت برأ سه في حين هي لو حت بهاتفه اللحوح لتنبهه
ضـ رب هو جبـ هته بخفة لتتقدم هي منه مُسرعة تلتـ قط أنفا سها و قبل أن تتخطى الطريق لعنده قالت:
-كويس انى لحقتك نسيت تليفونك
قالتها وهي تنظر يمينًا ويسارًا و هي تخطو إليه تزامنًا مع مرور موتور ببطء شديد يعتـ ليه اثنان ملثـ مان
بشكل مُريب لفت نظرها و أهب حو اسها وقبل أن تنطق صدق حد سها حين وجدت احدهم يخرج سـ لاحٍ ناري ويصوبه نحوه فلم تشعر بذاتها إلا وهي تنـ دفع بقوة الصاروخ لعنده صارخة بأسمه بعزم ما بها:
-سلـــــــــــــــــــــــــيم...
لم يسعفه الوقت لتفهم قصدها فمن شدة دفعـ تها اسقـ طته معها على ظـ هره متأو هًا تزامنًا مع صوت الأعيرة النارية التي أخذت تمـ طرهم من كل جهة.
تزامنًا مع صـ راخها المُرتعب وهي تد ثر رأ سها بصـ دره ليتدارك هو ويزحـ زح جـ سد ه ويسـ حبها معه كي يحتموا خلف السيارة ومن ثم وضـ عها خلف ظـ هره وبسرعة بديهية أخرج سلاحه من حزامه وشدد اجزائه وتبادل معهم اطلاق النيران يتفادى رصاصتهم الغادرة بكل حذر ولكن من كانوا فوق الموتور حالفهم الحظ و لاذوا بالفرار بسرعة متناهية وبقيادة ملتوية تنم عن احترافية سائقها.
فكل شيء حدث كطرفة العين لم يُحسب حسابها، فحتى أفراد حراسته لم يسعفهم الوقت كثيرًا للتدخل فمنهم من هرول خلفهم ومنهم من أطـ لق عدة رصاصات على أمل أن تصيبهم ولكن يبدو أن كافة المحاولات لم تحدث
اذ ي بهم، ولكن ماذا عنها؟
فكانت تتشـ بث بملابسه ويشعر برجـ فتها لحين افلـ تته
واسـ دلت اهد ابها ومعها تراخـ ى جـ سدها لينـ خلع قلبه ويلتفت يطالعها بعيون بارقة يتـ فقد ها بلهفة صارخًا بأسمها:
-"شمس"..."شمس"
لم يصله أي استجابة منها وكاد يكرر ندائه ولكن لاحظ بقعة تصبغت على ثوبها بلون د مها لتتـ جمد عيناه ويشحب وجـ هه ناطقًا بصوت مهزوز تأكل الخوف منه ثباته من شدة رَعـ بته عليها:
-ردي عليا يا "شمس"
ايضًا لم يصله استجابة منها
لتتـ هدل معالمه ويخـ ور على ركبـ تيه ويضـ مها له كأنه يخبئها من المـ وت كي لا يأخذها منه مغمغمًا يطمئن ذاته قبلها وهو يزيـ ح خصلاتها المتطايرة ليرى بوضوح وجـ هها:
-هتبقي كويسة مش هتسيبني...مش هتسيبني
وهنا تدخل أحد أفراد الأمن يخبره:
-"سليم" بيه انا بلغت و ثوانِ والإسعاف هتيجي...
هز رأ سه بحركة هستيرية كمن فقد عقله ثم احـ توى جـ سد ها بذرا عيه اكثر يطالع شحوبها بقلب منـ شطر ينـ زف د مًا
كجـ رحها.
❈-❈-❈
بعد مرور بعض الوقت كان يأخذ رواق المشفى ذهابًا وايابًا بعروق نافـ رة من شدة توتره وقلقه عليها، تارة يمـ سح على وجـ هه وتارة أخرى يكـ وب رأسه وكأنه يتأكد من وجود عقله فلا يصدق أنها أفتدته، وبَدت حياته على حياتها وهنا أقسم في نفسه أن لا شيء سيرد عه عن ذلك
اللعـ ين الذي فعلها؛ نعم يثق و على يقين تام أنه هو وليس أحد غيره!
فقد اعتـ صر قبـ ضته بقوة يتوعد له بأشد الوعيد تزامنًا مع قول "بدور" التي قالت من بين دمعاتها المُتحسرة:
-بإذن الله خير يا باشا ربنا هيطمنا عليها والله ما عارفة كان مستخبي ليها فين كل ده دي غلبانة ومتستهلش
أجل لا تستحق هي محقة وكل ذنبها أنها تبدي الأخرين على حساب ذاتها فياليته هو مكانها ونال ما نالته، وياليته ايضًا تفهم أسبابها حين اخبرته بمخاوفها واتخذ الحيطة اكثر فكان يعتقد أن الأمر يقتصر عليه وحقًا هو لا يبالي ولكن لم يكن في حُسبانه أنها ستحل محله وتُبديه على نفسها.
فكان غـ ارق في أفكاره المؤنبة
لحين خرج الطبيب ليتلـ هف بسؤاله وكل خلـ ية به تترقب جوابه:
-طمني عليها؟
-متقلقش طلعنا الرصاصة من كتـ فها وهتبقى احسن بإذن الله بس وارد الجرح يألمها علشان كده عطيتها مسكن و حقنة هتريحها وتساعدها على النوم
امتنت "بدور" للطبيب وقالت وهي تقـ بل وجـ ه وظهر يـ دها تحمد ربها:
-الحمد والشكر لله ربنا يطمن قلبك يا دكتور
بينما شكره "سليم" وكاد يـ دير المقـ بض ليفوت للداخل، ولكن منعه قول الطبيب:
-انا شايف في اثار د م على ياقة قميـ صك حضرتك متأكد انك مش محتاج حد يعَينك
تحـ سس "سليم "مؤخـ رة ر أسه ليشعر بألم طفيف أثر جرح سطحي نتج عن ارتطـ امه بالأرض ولكن يبدو أنه لم يشعر به حينها من شدة قلقه عليها، ورغم ذلك لم يكترث قائلًا:
-لأ انا كويس وجرح بسيط مش مستاهل المهم هي..
هـ ز الطبيب ر أسه بتفهم وقال قبل أن يخطوا بعيدًا عنه:
-تقدر تدخلها وخليك جنبها واضح أنها متعلقة بيك اوي
ابتسم" سليم" بسمة ناقصة لم تصل لعينه قبل أن يـ دير مقبض بابها، بينما "بدور" تعمدت أن تنتظر في الخارج كي لا تتعدى على خصوصيته.
ففور أن دلف هو وقف
كالمشـ دوه أمام فر اشها يطالع شحوبها وسكونها بعيون حزينة دامـ ية تنم عن ارتـ عابه من مجرد فكرة إنه كان سيحرم من وهجها.
فظل واقف بلا حراك في حين
رمشـ ت هي عدة مرات بأهدابها قبل أن تستعيد كامل وعيها ليعود المشهد من جديد أمامها لتغمغم بأسمه بوهـ ن أهبه وجعله يتلـ هف لها:
-"سليم"
اجابها بصوت مطمئن وهو يقـ ترب من فراشها:
-انا جنبك يا "شمس"
وكأن صوته هو من أعاد وعيها فقد افرجت عن زيتونها تبتلع بصعوبة رمقها تحاول أن تتأهب بجـ سدها ولكنها تأوهت بسبب ما اجتاحها من ألم لتتـ حسس كتـ فها وتستسلم لرقدتها في حين هو، أسرع يجلس بقلق مواجه لها يحتوي يـ دها بين راحـ تيه يحـ ثها:
-متتحركيش علشان الجرح الحمد لله على سلامتك
طالعته بعيون غائمة تمر على تقاسـ يمه وكأنه كل ما لها قبل أن تتشـ بث بيـ ده الممسكة بها متمتمة بصوت واهن على وشك البكاء:
-انت كويس...مش كده محصلكش حاجة
طمئنها وهو يمـ يل عليها يضـ ع
قُـ بلة حـ نونة على جبـ ينها:
-بخير والله بخير متقلقيش انا اللي كنت همـ وت من قلقي عليكِ
تشبـ ثت به أكثر وقد فرت دمعاتها تخبره بضعف بما كان سَيُـ جلد روحها:
-انا مكنتش هسامح نفسي لو حصلك حاجة بسببي
ازاح دمعاتها الغالية بأنامله ثم عاتبها وكأنه يستكثر على ذاته تضحياتها:
-تقومي تفديني بحياتك يا "شمس" معقول للدرجة دي خوفتي عليا!
وهنا خفت بكائها و ازدهرت غَاباتها المرتوية بدموعها بنظرة عَاشقة عكست مدى قدرتها على التضحية من أجله، ثم نطقت والصدق يغلف حروفها:
-حياتي ملهاش اي قيمة قصاد حياتك وخوفت المـ وت يحرمني منك بعد ما اتعلـ قت روحي بيك
ابتسمت عيناه اولًا ثم بقية معالمه من تصريحها وسار بعـ ينه بعشق على تقاسـ يمها، لتبتسم هي تتحامل على ذاتها هامسة على استحياء يليق بها:
-احضـ ني...لتصمت برهة تلحظ استغرابه لطلبها وتتابع تستخدم ذات الجملة التي عبر بها عن حاجته من قبل:
-عايزة احـ س بقربك اكتر
أومأ لها بطاعة وتحـ رك للجانب الآخر بعيد عن اصابتها جالسًا على طرف الفراش ثم بحذر شديد كان يضـ م رأ سها لصـ دره بعدما وضـ ع قبلة على قمتها ومن بعدها أخذ يمـ رر يـ ده
بحـ نو شديد بين خصلاتها يطمئن ذاته قبلها أنها بخير، بينما هي رغم ما يعـ تريها من ألم إلا كان قـ ربه بمثابة النعيم لها، فكانت تسـ تكين على صـ دره وكأنها اخيرًا وجدت مأوى آمن لها، وكانت على وشك إغلاق
عيـ ونها حين أتاها صوته العميق ليأهـ ب حو اسها:
-تعرفي إني مكنتش اعرف ان اسمي هيخرج حلو كده منك
تنهدت تجيبه وهي تسـ ند وجنـ تها على صـ دره شاعرة بدوران طفيف برأ سها:
-قلبي اللي صـ رخ بيه وحمل حروفه كل الخوف اللي جوايا
انا كنت مش هستحمل لو حصلك حاجة...
اعتلى صـ دره التي ترتكـ ز عليه في تنهيدة عميقة مُسـ هدة، لتتابع هي بتثاقل شديد:
-اوعى تبعد عني يا "سليم" انا مقدرش اعيش من غيرك
انعقد حاجبيه متعجبًا لا يسوغ حديثها:
-ابعد إزاي!
انا ما صدقت لقيتك يا" شمس"
وهنا ثقل ر أسها على صـ دره ليدرك أن العقار الذي دسه الطبيب في وريدها لكي يريحها ويخفف وطأة ألمها بدأ مفعوله، ليميل بها يضـ ع رأ سها على الوسادة ومن ثم دثـ رها يضـ ع قُبـ لة حنـ ونة على
جبـ ينها قبل أن يغادر مُسرعًا كي يقتـ ص من ذلك اللعـ ين الذي فعلها.
-❈-❈-❈
دون أن يشكك بأحد كان يعلم غايته ويعلم اين يجدها فأول شيء فعله هو ذهابه مع رجاله لتلك المنطقة التي يقبع بها، ففور أن دخل هناك أرهـ ب بعضهم واخذوا يفـ رون كالفئران لجحورهم ولكن ليس ذلك ما يشغله الآن بل كل ما يشغله أن يعثر على ذلك اللعـ ين الذي فعلها، فكان مازال يُشـ دد على رجاله أن يبحثون عنه في كل مكان من الوارد تواجده به ولكن على غير المتوقع وجده يجلس بلا مهابة على أحد مقاعد المقهى بملامح مُحبطة تنم عن إهدار آماله برؤيته على قيد الحياة فكان "سلطان"يطالعه عن بُعد وخرطوم الارجيلة بفـ مه يزفر دخانها بتمهل مستفز جعل الآخر يقترب منه بنظرات مُرعبة وبخـ طوات يتأكـ لها الغـ ضب يركـ ل زجاج أرجيلته من أمامه بعزم ما به هادرًا وهو ير فعه من حاشـ ية ملابسه لمستواه:
-قاعد ولا كأنك عملت حاجة يا كلب
اعـ تلى جانب فـ م" سلطان" ولمع الخبث ببُنيتاه قائلًا بنبرة لمح الآخر السخرية بها:
-في ايه بس يا باشا وسع خلقك مش كده وربنا ما حـ سيت بنفسي كنت معمي
جـ ز "سليم "على نواجـ ذه غاضبًا من تبجحه ودفـ عه بعزمه
يضـ رب ظـ هره في الحائط خلفه مزمجرًا:
-بتعترف بنفسك انك انت اللي ضـ ربت عليا نار وحاولت تقتـ لني طيب كويس وفرت عليا كتير
استنكر" سلطان" بنبرة مستفزة يتعمد بها إخراجه عن طوره اكثر:
-اقتـ لك ايه يا باشا! والعياذ بالله محصلش انت عايز تلبسني مصيبة...انا كل اللي عملته إني اتغابيت على الواد حبتين بس اعمل ايه اصل خلقي بقى اضيق من خرم الإبرة
ضاقت عين "سليم" وانعـ قدت معالمه هادرًا من بين اسـ نانه:
-انت بتخرف بتقول ايه؟
وهنا تدخل شاب بر أس
مضـ مدة و وجه مد مي كان يقف بالقـ رب:
-هو ضـ ربني يا باشا بس انا مسامحه ده مهما كان المعلم
ولحـ م كـ تافي من خيره
بِفطنته ايقن أنها مكيـ دة ليتستر على فعلته، لذلك صكّ اسـ نانه ببعضها وتناوب نظراته المُرعـ بة بينهم متهكمًا وهو مازال يقـ بض على حاشـ ية ملابس الآخر:
-وطبعًا المعلم بتاعك ضـ ربك الصبح قبل ما يصطبح مش كده؟
اجابه الصبي مُسرعًا:
-حصل يا باشا
وهنا رفـ ع "سلطان" جانب فـ مه ببسمة مستفزة ساخرة وعقب على قوله:
-براوة عليك يا باشا ما الحكومة عارفة كل حاجة اهي ايه لازمة السؤال بقى!
توحـ شت نظرات "سليم "وقال من بين اسنـ انه المصطكة:
-انت فاكر الفيلم الهندي ده هيدخل عليا وهصدقه
رسم" سلطان" البراءة على
وجـ هه و رد وهو يؤشر على الجمع حولهم:
-ده اللي حصل يا باشا ولو مش مصدق تقدر تسأل الخلق دي كلها
انا متحركتش من على القهوة مش كده يا رجالة
وهنا رد الجميع في صوت واحد وكأنهم فريق كورال موسيقي مدرب على الأمر:
-كده يا معلم
ليـ رفع "سلطان" منكبيه وينظر له ببسمة متحدية تعني "ارأيت"
جعلت" سليم "يتـ ناوب نظراته بينه وبين الجميع وهو يستشيط غضبًا حين وجد الخـ نوع مرتسم على وجـ وههم، لحين تدخل أحد الضباط المعاونين له هامسًا
بجـ وار أُذنه بشيء جعله يحـ ل قبـ ضته شيء فشيء عنه قائلًا بوعيد وبنظرات قاتلة:
-لو فاكر اني هسيبك يا" سلطان" تبقى غبي وخد وعد مني نهايتك هتبقى على ايـ دي
قالها وهو يغادر تحت نظرات الجميع أما عن الآخر فقد لوح بلامبالاة وببسمة منتشية للغاية جلس من جديد يزيـ ح شظايا زجاج الارجيلة التي هشـ مها "سليم" بقـ دمه طالبًا من ذات الصبي:
-تعالى يا ابني هات شيشة جديدة وحط حجر غيره
ليوجه نظراته للقِلة المتجمهرة ومازالت عيناها عليه ويزعـ ق بصوت جهوري:
-جرا ايه انت وهو! هتصوروني يلا كل واحد يشوف مصلحته
ذلك آخر شيء وصل لمسامع "سليم" قبل أن يصعد للسيارة ويغادر المنطقة متوجهًا برفقة رجاله للقسم، فكان أقل ما يقال ويوصف حالته انه ثـ ائر، غاضب لأبعد مدى يشعر بالد ماء تغـ لي برأ سه كبركان خامل يُهـ دد بتفاقم حمـ مه.
❈-❈-❈
-إشمعنا يوم الجمعة يا مامي انا عايزة اروح العرض اللي "نضال" وعدني بيه
قالتها "شيري" متذمرة بعدما علمت بطلب ابيها الذي ابلغ "رهف" به مُسبقًا واكد موعده بمكالمة هاتفية مقتضبة.
اغلقت "رهف" التلفاز أمامها بواسطة جهاز التحكم عن بُعد ثم قربتها منها تربـ ت على وجـ نتها بحنو قائلة:
-حبيبتي معلش تتعوض علشان بابي ميزعلش
عقبت وهي تلـ وي شفـ ا هها وعلى وشك البكاء:
-بس يا مامي انا كان نفسي اروح
مررت "رهف" يـ دها بخصلاتها البندقية دليل على ضيقها ثم حاولت إقناعها:
-"شيري "قولت خلاص وبعدين اكيد هتتبسطي برضو مع بابي و"علي" اخوكِ
ذمـ ت الصغيرة فمـ ها وربعت يـ دها غير راضية تزامنًا مع دخول "نضال" الذي تسائل فور أن جلس جوار "رهف" مستغربًا:
-مالك يا زئردة زعلانة ليه؟
أجابت "رهف" بالنيابة عنها:
-عايزة تروح العرض و"حسن" كلمني وقالي هيمر الجمعة الصبح ياخـ دهم
تنهد "نضال" بتثاقل من مجرد سيرته ثم كعادته قال دون تعقيد بسلاسة مدهشة:
-طيب ايه المشكلة كده كده الحجز موجود انا بس هعمل تليفون صغير ليهم و قولي لباباكِ ياخدكم ويروح وفرصة حلوة تقضوا يوم حلو مع بعض
برقت عين الصغيرة مترقبة بحماس:
-بجد ينفع يا "نضال"
أكد "نضال" بثقة:
-اكيد ينفع بس لازم الأول تشوفي باباكِ رأيه ايه!
ردت "شيري" مُسرعة:
-اكيد بابي مش هيعارض
هكلمه واقوله
قالتها وهي متحمسة للغاية قبل أن تركض لتحاكيه كما انتوت
بينما "رهف" نظرت لظـ هرها متنهدة، ليطالعها لبرهة ويتسائل قبل أن يتمـ دد على الأريكة ويضـ ع ر أسه بحـ جرها:
-مالك؟
أخذت تداعـ ب خصـ لاته المختلط لونها وردت والقلق
يغـ ور بقلبها:
-خايفة يزعلها ويعند ما انت عارفه
قلب عينه وعقب بنبرة ساخرة:
-عارفه! مفيش ارخم من كده
زفرت هي انفاسها دليل على ضيقها ليتابع وهو يأخذ يـ دها يضـ ع قُـ بلة على بـ اطن كفـ ها:
-اهدي ومتقلقيش لما يعرف ان دي رغبة "شيري" هينفذها لأنه متأكد لو عارض هاخدها انا في اي يوم تاني
ابتلعت غصة حلقها وقالت بمرارة مازالت عالقة في اقصى نقطة بها:
-أوقات بستغرب ازاي كنت مع حد كده! وليه بعد كل اللي حصل معرفش يتغير
ظل محـ تضن كفـ ها و اجابها بشفافية تابعة لتنهـ يدته المثقلة:
-بغض النظر عن كلامه اللي زي السم...بس انا مش عاتب عليه و رد فعله منطقي ومتوقع بالنسبالي لتحين منه بسمة هادئة يتستر بها على ما يجـ تاحه عندما يقترب أحد من تلك النقطة الشائكة:
-هو في الأخر ابوهم...ومتقلقيش هيعمل أقصى ما عنده علشان يريح الولاد ومتأكد انه مش هيسمح لحاجة تضايقهم لأن ده ضد مصلحته
مـ الت بر أسها قليلًا لمستواه تتوجس:
-تفتكر هيعمل كده!
ارتـ فع قليلًا بر أسه يخـ طف قبـ لة من ثغـ رها مشاكسًا:
-افتكر جدًا
دائمًا ما يُبـ سط الأمور ويحللها بلا تعـ قيد بطريقته المميزة التي تأسـ ر قلبها، فكانت تتسأل في نفسها ترى للمرة الكم وقعت بعشقه وحين لم تجد إجابة وافية لسؤالها ابتسمت بسمة تنبأ ببوادر ربيعها ثم تحـ سـ ست وجـ هه بنظرة رائقة
تفـ يض بعشقها جعلته يطالعها من موضعه متنهدًا قبل أن
يعـ تدل في جلـ سته متسائلًا بملامح جدية لم تشكك بها:
-بقولك ايه مش ملاحظة ان وشي اصفر شوية
نفـ ت بر أسها تتفـ قده في لهفة برمادها، ليتابع بنبرة مُـ بطنة وهو يسبل عيناه لينال استعطافها بشكل درامي للغاية:
-بس أنا حاسـ س إني مهبط ومحتاج حاجة حلوة
واخيرًا تفهمت المغزى الحقيقي خلف حديثه لتنكـ زه برفق في كتـ فه وتقول بمسايرة بعدما ضحك وجـ هها على طريقته التي دومًا تُهَون حياتها:
-لأ كله إلا الهبوط بعد الشر عليك
اعتلـ ى حاجبيه بمكر يؤيد حديثها قبل أن يتأهـ ب
بجـ سـ ده كي ينهض:
-انا قولت كده برضو انتِ علطول فهماني...قومي يلا سنديني للأوضة
مالـ ت بر أسها تتسائل بنبرة مدللة يعشقها منها:
-وبعد ما نروح الأوضة؟
-مش محتاجة شرح هتظبطيلي موضوع الهبوط ده انا اصلًا همـ وت واكل حاجة حلوة
قالها بغمزة ماجـ نة من خضراويتاه لتقهقه هي و ينهض هو يسـ حبها معه، لينـ هال كيفما يشاء من حُلوها.
❈-❈-❈
كان يَدك الأرض تحـ ت قد مه وهو في طريقه لمكتبه وفور أن دخل جلس خلفه أمرًا أحد الضباط المتعاونين معه:
-الموتوسيكل اللي كانوا راكبينه من غير نمر علشان كده عايزك تدور على موتوسيكل بنفس المواصفات...وتجيبلي تسجيلات الكاميرات للمحلات اللي قدام البيت ممكن تكون واحدة فيهم لقطت وش واحد منهم
-تحت أمرك يا "سليم" بيه
ليهز ر أسه ويبحث بجيوب سترته عن هاتفه ولكنه لم يجد شيء ليزمجر حين تذكر أمره ويقول وهو يخرج عُلبة سجائره ويُشـ عل واحدة منها بكل عصبية:
-هات تليفونك واطلبلي رقم المستشفى
اطاعه زميله واخرج هاتفه يضيء شاشته ويضـ عه أمامه قائلًا:
-اتفضل بس ليا عند حضرتك رجاء ممكن تهدى علشان نعرف نشوف شغلنا
-اهدى إزاي! بقولك انا متأكد هو اللي ورا اللي حصل النهاردة و وجوده هناك أكبر دليل على كده كان فاكر انه خلص مني وعلشان يبعد الشُبهات عنه اخترع موضوع الخناقة علشان يبقى معاه حجة غياب ويلاقي ناس تشهد معاه
-هنلاقي اللي نفذوا والتحقيقات هتم على اكمل وجه بس اصبر حضرتك واهدى
اعتـ صر قبـ ضته بقوة يتحـ كم في زمام نفسه قبل أن يهز
ر أسه بحركة بسيطة تنم عن هدوء ظاهري بينما بداخله كانت عواصـ ف الغضب تعـ صف به وتساؤلات عدة تضـ رب ر أسه لن يجيبها إلا شخصًا واحد، لابد أن يتوصل له.
❈-❈-❈
صعد لمنزله ثم ارتـ مى على فراشه وهو في حالة من الانشكاح لا مثيل لها فيكفي رؤية غريـ مه يجـ ن جنونه بتلك الحالة الثائرة التي يرثى لها.
فقد توسـ د ذر اعيه ولاحت على ثغـ ره بسمة مسـ مومة بخبثها وهو يعود بذاكرته للأمس و لتلك المقابلة التي كانت بمثابة بادئة لكل ما حدث.
Flash Pack
كان غار ق في النوم بعد أن تجـ رع الكثير من الشراب لحين وجد أحد رجاله يهـ زه داخل فراشه هاتفًا:
-معلم" سلطان" قوم احنا بقينا العصر
فتح "سلطان" عينه بتثاقل ثم اعتدل بجلسته يمـ سد جبـ هته متمتمًا:
-في ايه؟
-الست "فريال" عايزاك
كرر أسمها لا يفهم الغرض من استدعائها:
-"فريال"! عايزة ايه البت دي انا مش فايق
-بتقول أن حد من حبايبك عايز يشوفك وهتستناك بليل
مرر يـ ده على وجـ هه ثم قال بمسايرة:
-ماشي...ليزفر انفاسه وينهض عن الفراش آمرًا:
-غور اعملي قهوة وهاتلي حاجة للصداع اللي هيفرتك نفوخي ده
-وجب يا معلم
-وكلم "جلال" علشان يروح معايا
-"جلال" مش باين يا معلم واتصلنا بيه كتير بس تليفونه مقفول حتى انا قولنا هنلاقيه عندك بعد ما كـ سر الباب عليك امبارح بس ملقتهوش وحتى باب الشقة كان موارب ومسنود بكرسي
-طب روح اعمل اللي قولتلك عليه وبعدها جيب حد يصلح الباب اللي كسـ ره سي زفت
-عيني يا معلم
تحرك ينفذ ما أمره به في حين هو نهض ليسـ تحم ويغير ملابسه وحين اتت بوادر الليل سريعًا كان هناك يطرق على بابها لحين فتحت مُرحبة وبسمة مائـ عة تعتـ لي ثغـ رها:
-يامرحب يا مرحب بسيد المعلمين وحشتنا و وحشتنا سهراتك الحلوة
شمل "سلطان" هيئتها بداية من شعرها المتوهج بالون الأحمر و وجـ هها الملـ طخ بمواد التجميل نهاية ل ذلك الروب الخفيف الذي يكـ شف من تحـ ته قميـ صها شحيح القماش، بنظرة مشمئزة تنم كونه لا يستهويه رُخصها...فقد سـ لب السيجارة في فـ مه أخر انفـ اسها ثم قال وهو يلقي بعقبها ويـ دهـ سه تحـ ت قد مه:
-فكك يا بت من الكلام المايع بتاعك اللي بتقوليه للكل ده ما بيجيش معايا
شهقت "فريال" وذمـ ت روبها معها وهي تضـ ع يـ دها على خصـ رها تعاتبه وهي تلوك العلكة بفـ مها بشكل فظ أثارت اشمئزازه أكثر:
-انت علطول كاسر نفسي كده يا معلم ومفيش مرة اقولك حاجة وتبلعهالي
هدر "سلطان" بنفاذ صبر لا يطيق طرقها:
-انجزي يا بت وقوليلي بعتيلي ليه؟
ومين اللي عندك عايزني
كادت تجيبه لولآ أن صوته اتى من خلفها:
-أنا يا معلم "سلطان"
اعتلى حاجبي "سلطان" وقال وهو يزيـ حها عن طريقه ويدلف للداخل:
-كفارة يا "حوكش" خرجت امتى
فتح المدعو "حوكش" ذرا عيه على مصـ راعيها قائلًا وهو
يعانـ قـه ويضـ رب على ظـ هره:
-من يومين واول حاجة عملتها إني طلبت اشوفك بس لموأخذة كان لازم في المداري أنت عارف أن العين عليك
ابتعد "سلطان" وقد تقلصت معالمه يستريب ما تفوه به ليفسر "حوكش":
-وصلي اللي حصل وقلبي عندك يا معلم معلش تبقى في بؤقك وتقسم لغيرك
جز" سلطان" على نواجذه بقوة وقال وهو يجلس على الاريكة خلفه يُشعل سجارة ثانية:
-غيري خدها بلـ وي الد راع بس مش "سلطان" اللي يتلوي در اعه
وهنا حـ ث "حوكش" "فريال" كي تتركهم أمرًا:
-سيبينا دلوقتي وادخلي جوة حضرلنا لقمة انا والمعلم علشان السهرة هتبقى صباحي
لوت "فريال" فـ مها وتحـ ركت من امامه وهي تتلـ وى بخـ صرها اثناء سيرها لترتـ كز عين الآخر على ظهـ رها ويمـ سد صـ دره يتوعد بالكثير لها لحين باغته "سلطان" ساخرًا:
-الله يحرقك لسه ذوقك زبالة زي ما انت متغيرتش
أجابه الآخر بنبرة ماجـ نة
يسـ تحل بها:
-هو ده النوع اللي بيكـ يف انت بس علشان ملكش فيها مش فاهم
لوح "سلطان" بيـ ده غير راضيًا وعقب نافرًا:
-مليش ولا عمره هيكون ليا ما انت عارف
-عارف طول عمرك ميملاش عينك غيرها واللي مش قادر اصدقه ازاي سكت وسيبته ياخدها منك
-لو كان عليا كنت خلصت عليه في ساعتها بس "جلال" منعني و وعدني أنه هيتصرف
أخرج "حوكش" لفافة سلفانية من جيبه يخرج محتواها و يُسخن عليه بواسطة قداحته ليحضرها ثم أبدى استحسانه لتصرف الآخر:
-كويس انه منعك ما هو بطريقتك دي هتلبس وتقضي الباقي من عمرك في السجن...لازم تفكر الأول اخد الحق محتاج صنعة وانا تحت أمرك
-بس "جلال"
رفـ ع عينه التي تقطـ ر بالشـ ر وقاطعه بثقة رجل مخدرم في عالم الإجـ رام وهو يتمم إغلاق سيجارة زاخرة لاصـ قها بواسطة طرف لسـ انه:
-"جلال" لسه غشيم وتلاقيه بيماطلك علشان خايف ينفذها وانت عارفني وعارف رجالتي شقـ ين الأرض وخرجين وكده كده انت ليك جمايل كتير في رقبـ تي وانا عايز اخدمك والمصلحة عامة...
قال أخر جملة بخبث يحمل مغزى متواري لم ينتبه له "سلطان" بل كل ما شغله هو تلهفه للقـ ضاء على غريمه
وإطـ فاء تلك النيـ ران المُستعرة بقلبه لذلك تسائل متأهبًا:
-طيب رسيني هتعمل ايه؟
ابتسم الآخر بسمة شيـ طانية وأخبره وهو يُشعل السيجارة ويعطيها له:
-هقولك بس الأول لازم تسمع مني وتنفذ اللي هقولهولك بالحرف علشان تبقى في السليم
فاق "سلطان" من تلك الذكرى و متنهدًا فكم كان يأمل أن ينتهي منه ويستردها ولكن يبدو أن القدر يعانده في كل مرة ويتعمد احـ راق قلبه وتخيـ ب آماله في وِصالها فكان غافل تمامًا أن ذاتها من يريد استرداها هي من تلقت رصـ اص غـ دره وكادت تفـ قد حياتها لولآ رأفة الله بها.
❈-❈-❈
جلس صامتًا يعيد ويعيد تسجيل الكاميرات الخاصة بمنزله عبر جهاز حاسوبه لعله يتوصل لشيء ولكن بلا جدوى لحين طرق باب مكتبه
ودخل أحد العساكر بعد أن أدى التحية الرسمية قائلًا:
-واحد من حراسة البيت عند جنابك جابلك التليفون كان واقع هناك
هـ ز ر أسه بتفهم وتناوله يتفقده ليجد شاشته مهشمة على الأخير ليلـ عن تحـ ت انفاسه
ويلقيه من يـ ده على سطح المكتب بإهمال
رفاعًا سماعة الهاتف الارضي آمرًا:
-تعالى عايزك يا "احمد"
قالها واغلق وفي غضون دقائق كان يمتثل أمامه ليسأله "سليم":
-عملت ايه؟
-استجوبنا اهل المنطقة واكدوا أن "سلطان" كان فعلًا هناك و واضح يا فندم أن استنتاجك كان في محله.
كـ ور "سليم" قبـ ضة يـ ده بقوة حتى نفـ رت عروقه وقال متهكمًا:
-مكنتش محتاجك تأكدلي
قولي الجديد وصلت لإيه في اللي قولتلك عليه
-لقينا تلاتة معاهم موتسيكل بنفس المواصفات وبيتم التحقيق معاهم وحاليًا بيتم تفريغ كاميرات المحلات اللي حوالين البيت زي ما أمرت
هز ر أسه بملامح مكفهرة غاضبة ونهض يناوله هاتفه قائلًا:
-انا همشي ولو في جديد كلمني في المستشفى هبقى هناك وياريت تشوف حد يصلحلي ده في اقرب وقت
اخذه "احمد" من يـ ده وقال بطاعة:
-حاضر يا "سليم" بيه
ليغادر "سليم" مكتبه في طريقه للخارج يقصد سيارته التي ترتكن على بُعد مسافة قليلة من القسم ففور أن صعد وكاد يـ دس مفتاحها لينطلق بها فتح الباب الخلفي بغتة وصعد شخص في المقعد الخلفي
ليتأهـ ب بسرعة مُتناهية ويخرج سـ لاحه ثم ألتفت
واشـ هره صوبه، ليشهق الآخر ويخرج صوته قائلًا وهو
ينكـ مش على ذاته يحمي رأ سه بذ راعيه:
-ده انا يا باشا صل على النبي وربنا قطعت الخلف
زفر "سليم" انفـ اسه ودون أن يخفض سـ لاحه هدر مشككًا:
-كنت مختفي ليه؟ اظن كنت فاكر انه خلص مني خلاص مش كده؟
نفى الآخر برأسه ودافع عن ذاته بكل استماتة:
-وربنا ابدًا يا باشا انا كنت عند التاني زي ما قولتلك علشان اظبط المصلحة ولما رجعت لقيت "سلطان" بيتعارك وبصراحة شكيت فيه وحسيت ان الموضوع فيه إِنَ وحاولت انبهك في التليفون وقتها بس انت مردتش عليا
زمجر "سليم" يجـ ذبه لعنده
يصـ وب فـ وهة مسدسه على جبـ ين الآخر مُهـ ددًا:
-عارف لو عرفت ان دي لعبة وكان عندك علم هعمل فيك إيه؟
ابتلع الآخر رمقه بخوف وزاغت نظراته بين السـ لاح المـ صوب على رأ سه وبين نظراته المُرعبة مؤكدًا:
-عارف يا باشا وربنا عارف بس انا الراجل بتاعك ورقبـ تي في
ايـ دك وبعدين انا محسوبك وكل اللي بتطلبه مني بنفذه بالحرف
من اليوم إياه وحريق العربية
ضاقت عين "سليم" يستنبط صدقه وذعره الذي يقطر من عيناه وهو على دراية تامة انه اَجبن بكثير من أن يخرج عن طوعه ليخفض سـ لاحه ويعتدل في جلـ سته
يمـ رر يـ ده على وجـ هه لعله يهدأ من روعه ثم تسائل بواحدة من تلك التساؤلات التي كان يحتفظ بها من أجله:
-لو زي ما انت بتقول مين اللي ممكن يكون وكله ينفذها
-معرفش يا باشا وربنا انا هتجن بس يا خبر بفلوس سيبني هغطس واقولك...
-تمام بس الأول عايزك تسمعني علشان اللي جاي
مفهوش هزار و"سلطان"جاب اخره معايا
أومأ له بطاعة ليسترسل "سليم" معه ويخبره بما يتوجب عليه فعله للإيقاع بذلك اللعيـ ن.
❈-❈-❈
دخل للغرفة التي تقبع بها داخل المشفى بخطى حثـ يثة للغاية يطالعها أثناء نومها بنظرة مدققة
يتفقد بها حالها قبل أن يربـ ت على كـ تف "بدور" التي كانت غافية على المقعد
جو ارها، انتفـ ضت" بدور" فور أن فعلها ليؤشر لها أن تلتزم الهدوء قائلًا بصوت خفيض:
-هي عاملة ايه؟
-فاقت سألت عليك من شوية ورجعت نامت تاني والست "ليلى" اتصلت كتير على تلفوني و قلقانة
-هكلمها الصبح ودلوقتي روحي انت ارجعي البيت علشان ابنك
-ست" صباح" معاه و وعدتني هتبيت وانا مش هاين عليا افوتها
-لأ روحي انا معاها، بس ياريت تيجي الصبح وتجيبيلي هدوم معاكِ من هناك
اومأت له بطاعة وغادرت لينـ زع هو سترته يلقيها على المقعد ويحل أزرار قميصه يلحقه بها ويفوت للحمام المُلحق بالغرفة يُغسل رأ سه و وجـ هه تحـ ت المياه الجارية يـ زيح أثار تعب اليوم ويتفقد جرح رأسه الذي تجلطت الد ماء عليه نتيجة إهماله له...وبعد دقائق عدة وحين انتهى وجفف شعره توجه للفراش يتأملها عن قُرب ويطمئن قلبه كونها بخير قبل أن يمـ يل بجزعه يضـ ع قبـ لة حانية على وجـ نتها وبعد أن دثـ رها وكاد يوالـ يها ظـ هره ليجلس على المقعد جوارها تمسـ كت بأحد اصـ ابعه وخرج صوتها الواهن يأهب كل ما به من أجلها:
-كنت فين؟
تنهد ببسمة رائقة للغاية قبل أن يجلس على حافة الفراش ويجيبها:
-كنت في المكتب
-قلقت عليك
-متقلقيش انا بخير طول ما انتِ بخير
طالعته كأنه اغلى ما لها ثم ابتسمت وازدهر زيتونها، ليعقب وهو يرفع الغطاء ليدثـ رها جيدًا:
-نامي وارتاحي وانا هفضل جنبك
أومأت له ثم تحاملت بملامح منكمشة و
تزحـ زحت بجـ سد ها، لينعقد حاجبيه مُستغربًا وتُفسر هي:
-أنت قولت هفضل جنبك
وبعدين... لتصمت لهنيهة تتهرب بنظراتها منه وتتابع:
-انت قالـ ع قميصك وممكن تبرد
كـ بت بسمته وادعى البراءة حين شاكسها بمكر على غير عادته:
-بس أنتِ نومك وِحش وبتتقلبي وانا خايف عليكِ
توهجت أمام نظراته التي
تخـ ترق روحها بعدما تفهمت إلى ماذا يرمي، ثم قطـ مت
شـ فا هها قائلة بخجل شديد:
-مش هتحتاج تحـ ركني المرة دي
قهقه هو بتلك الضحكة
الرجـ ولية التي تأسـ ر قلبها وكانت تستغرب سابقًا كيف لرجل مثله أن يملك مثلها.
لتعلق عيناه بها ويتابع بنبرة ضاحكة:
-يظهر أن الاكشن اللي حصل جمد قلبك
شهقت وقالت بخفوت وهي تود لو انشـ قت الأرض وابتلـ عتها من شدة خجلها:
-"سليم" اسكت
اجابها مسالمًا ومازال يستمتع بصدى أسمه منها:
-حاضر اصلا بعد "سليم" دي مينفعش انطق
قالها وهو يتمـ دد بحذر وعلى شقه جـ وارها يتـ فادى
الاقتـ راب من جرحها، بينما هي مدت يـ دها السليمة تتحـ سس بأنامـ لها الرفيعة ذقـ نه الناعمة متسائلة:
-عرفت مين اللي عمل كده؟
تنهد واومأ لها لتهمس بترقب بعدها:
-"سلطان" مش كده؟
أجل هو وكل أصـ ابع الاتهام تشير عليه ولكن إِن أكد لها سيزيدها عليها، ومن المؤكد أنها ستندم على ربط مصيره بها لذلك اخفى الأمر بنوايا صافية:
-لأ مش هو...انا كان بيجيلي رسايل تهـ ديد من فترة بس كنت بستهتر بيها وحتى الحراسة اللي عند البيت مكنتش عايزهم بس الادارة هي اللي اصرت عليا
طالعت عيناه لبرهة وتوجست بعدها:
-أنت بتقول كده علشان تريحني مش اكتر
-انتِ بتثقي فيا ولا لأ!
-اكتر من روحي ومتأكدة انك عمرك ما هتخذلني ولا هتكون بتكدب عليا
قالتها مُسرعة بلا تفكير مما جعل نصـ ل حـ اد ينغـ رس بصـ دره من أجلها، فبعد تضحيتها من أجله وثقتها العمياء أصبح الأمر ليس بيسير عليه فماذا إن اكتشفت ما أخفاه سابقًا؛ غير ادانة "سلطان" ترى هل ستتفهم اسبابه أم ستفعل مثله حينها!
حقًا لا يعلم فكل ما يعلمه أنه لم يرتـ كب جُـ رمًا وإن كان له ذنب فهو عِشقها.
كان غا رق في أفكاره لحين انتشله همسها:
-سرحت في ايه؟
هـ ز رأ سه بحركة بسيطة تعني لاشيء وأخذ يسير بعـ ينه بو له على
تقاسـ يمها وصولًا لثغـ رها وهو يقسم بداخله أن تريـ اقه يكـ من بين شـ فاهها ليبـ تلع رمـ قه
بحلـ ق جاف ثم يهمس بتثاقل بتلك الكلمة التي كان يحتفظ بزهوها في اعماق اعـ ماقه من أجلها بعد أن قرر ان يكون الآن آوانها:
-بحبك يا "شمس" بحبك
قالها بسخـ ونة لفحـ ت حوا سها وأجـ جت كل ما بها وقبل أن تستوعب شيء كان يجذبها بروية وبكل حذر من مؤخـ رة
رأ سها يلتـ قط شفـ اهها في قُـ بلة
نهـ مة للغاية اوضـ ع بها تو قه الشديد الذي كان يحـ جمه بصعوبة منذ أيام من أجلها، بينما هي اسـ دلت أهدابها وتشـ بثت بذ راعه الذي يطـ وق عنـ قها تحاول أن تجاريه في قُـ بلته على استـ حياء يليق بها
تهـ يم فوق غيمة وردية و تتلمـ س معه نجوم آمالها، فكانت مغيبة، مستسلمة لشـ فا هه الرطـ بة المُسـ يطرة تفعل الافاعـ يل بها أما عنه فكان يود لو تستمر قـ بلته للأبد ولكنه شعر بإختناقها و احقاقًا للحق كان يود ألتـ هامـ ها ولكن بالطبع ليس وقتها نظرًا لما اصابها لذلك كان حذر للغاية وقد تروى وتروى يكـ بح رغـ بته ويفصل قـ بلته
يضــ م رأسها لصـ دره بأنفـ اس ثا ئرة يصعب عليه تنظيمها، في حين خبـ أت هي وجـ هها تلـ تقط انفـ اسها، مغمـ ضة العينين بعد أن نبش مُرعبها مشـ اعرها الكامـ نة التي لأول مرة تكتشف مُتـ عة ظـ هروها، أما هو كان يشـ عر براحة لا مثيل لها يطمئن قلبه المُـ غرم بقربـ ها فلطالما كانت أبعد أمانيه أن ينـ عم بدفئها.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية