رواية جديدة قلوب لا ترحم لنانسي الجمال الفصل 12
قراءة رواية قلوب لا ترحم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلوب لا ترحم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة نانسي الجمال
الفصل الثاني عشر
مر اسبوع سريعًا علي جميلة، تمت قرائة الفاتحة مع أحمد وطوال الاسبوع كان يحاول التقرب منها سواء بأحاديث معسولة أو تدخلات لا داعي منها، لكنها لم تكُن تشغل بالها به كثيرًا ، هي بالاساس كانت شاردة وقد كان الغد هو سنويه والدها واستنزفت روحها شوقًا له ولزيارته التي لم تستطع فعلها كما المعتاد بسبب ظروفهم
كانت تجلس بالمكتب الاوراق حولها مبعثرة وهي تنظر لها دون تركيز حتى افاقت علي تساؤل معتصم :
_ انتِ كويسه؟
رمشت لثواني قبل رسم ابتسامه مرهقه:
_ اه الحمد لله
جلس امامها عينه تمر بتركيز علي وجهها قبل أن يفرك كفيه وهو يخبرها بجديه:
_ احمد مضايقك في حاجه أو في مشكله حصلالك
عقد حاجبيها باستغراب وتركت الملف من يدها:
_ لا خالص، بس ليه اسألتك دي
ابتسم بسخرية من ذاته؛ لأسبوع كامل كانت لا تناقره ولا تتحداه فقط شاردة، ولسخرية القدر فهو قد اشتاق لقوتها الغريبة:
_ مش لسبب اوي بس بقالك اسبوع مش في احسن وضع يعني من ساعة قراية الفاتحة فقلقت انتِ برضو بنت عمي و..
_ ولحمك ودمك وعرضك حفظت يا معتصم، متقلقش عليا انا كويسه
اجابته ضاحكة بخفه،شعر بالأحراج وهو يحك خصلاته قبل ان ينهض :
_ طب الحمد لله، انا قولت اطمن بس
رحل من امامها وعادت هي لشرودها مره اخرى، سار مبتعدًا وهو يهمس بسخرية:
_ برافو عليك تلاقيها دلوقتي بتقول انك مهتم بيها، غبي يا معتصم
كانت جميلة دائمًا ما تستفز شئ بداخله لا يعرف ماهيته، تستنفر حواسه جميعها من قربها ونظراتها تستطيع أن تهدم كل سيطرتة علي ذاته؛ لكن هدوئها وشرودها الغريبين جعلاه يشعر ببعض القلق! بالنهايه هي شرفه كما قال..
❈-❈-❈
كانت فتحية تجلس بغرفه المعيشه مرتديه عبائتها وهي تنظر لكفيها بتفكير، عضدت أصابعها بتوتر وهي تهتف بذاتها :
_ يوه يا فتحيه هتعملي شبه العيال الصغيرة وتترددي! وبعدين انتِ عارفة ان دا الحق والصح يبقا قوليه
انخمدت حماستها وهي تعيد بصوت منخفض:
_ بس جميلة ممكن تضايق، اعمل ايه بس يارب؛ يارب الهمني الحق
عوده نوران وعزت لمنزلهم جعل المنزل هادئ لذا يمكنها التفكير براحة، حسمت امرها وهي تنهض تسحب حجابها وترتديه:
_ هقعد سنه افكر انا هعمل الصح، وبعدين لازم استغل انه رجع بدري
غادرت المنزل بعد أخذها للمفاتيح وقطعت طريقها للأعلي حيث شقه محمد التي لم تزورها منذ اخر مره، طرقت الباب وهي تشعر بالتوتر
فتحت هناء وانعقد حاجبها بأستغراب:
_ ست فتحيه! حصل حاجه ولا ايه؟
ابتسمت بخفه وهي تحرك رأسها نفيًا:
_ لا يا هناء كله خير الحمد لله، انا بس كنت عايزه الحج محمد في كلمتين لو ينفع
ابتعدت هناء عن الباب وهي تردف بترحيب رغم الانزعاج الخفيف الذي تولد بصدرها :
_ طبعًا اتفضلي ادخلي، متأخذنيش سيبتك واقفه كدا بس قلقت لا يكون البنات حصلهم حاجه
ولجت فتحية تتبع هناء وهي تجيبها بهدوء:
_ لا يا حبيبتي ولا يهمك تسلمي علي قلقك
هبطت ملامحها بأنزعاج حينما وجدت عبير تجلس بالغرفة بالفعل، رمقتها الاخرى بغضب وهي تتحدث بسخرية:
_ ايه جايه ترمي شباكك زي زمان؟
اتسعت عين هناء علي عكس فتحيه التي لم تتأثر بعبير:
_ عبير ميصحش كدا، انا هدخل انده محمد
رحلت هناء وهي تدعو بداخلها ألا تسوء الامور حتى تخرج لهم بمحمد، بينما بالغرفة ظلت فتحية هادئة تنظر امامها بهدوء وعبير تركز عليها بحقد ثم همست بغضب:
_ طول عمري بكرهك يا فتحية و انا الوحيدة الي عارفة الشباك الي رسمتيها لأخواتي عشان يعادوا بعض
ضحكت فتحيه بسخرية قبل أن تنظر لها وتجيبها لاول مره بقوة:
_ ياه يا عبير! انتِ لسه غيرتك وحقدك مقلوش ! لسه عقلك المريض مهيألك اني رسمت علي اخواتك!! مش انتِ الي زي الافعي فضلتي تبخي سمك في ودن كل واحد في العيلة دي؟ ايه يا عبير نسيتي امجادك وانتِ بتلعبي في دماغ محمد عشان تحسسية ان منتصر خطفني منه، ولا نسيتي كلامك لمنتصر انك متأكده إن في علاقة بيني وبين محمد، مزهقتيش؟؟
كانت عبير مذهوله أن فتحية واجهتها، قبل أن تجيبها كان محمد يلج للغرفة وهناء خلفه تحمل اكواب الشاي:
_ اهلًا وسهلًا يا ست فتحية؛. نورتينا
_ البيت منور بناسه يا حج
جلس الجميع بهدوء وظلت فتحيه متردده لثوان قبل أن تتحدث سريعًا خوفًا من تراجعها:
_ بص يا حج محمد انا اترددت اوي في اني اعرفك الي جايه اقولة، بس الحق يتقال انا حاسه أني ظلمتكم كلكم لم جيت عرفتك أن منتصر مات ومرضتش اقولك لا اليوم ومكان القبر، عشان كدا انا جاية اخلي زمتي واعرفك إن بكرا سنوية منتصر الله يرحمه ولو حابين اخدكم معايا معنديش مانع
كانت العبرات قد تجمعت في عينها علي ذكري الحبيب، ارتعشت يد محمد واسرعت هناء تمسكها له بحب وابتسامه حينها تحدث هو بهدوء:
_ انا قصرت في حق اخويا كتير وهو عايش و وهو ميت، ربنا يرحمة ويبارك في بناته يارب؛ باذن الله يا حجه هنيجي كلنا معاكي إن شاء الله
_ خلاص نروح علي الضهر بأذن الله، يلا عن أذنكم
نهضت وهي تنوي الرحيل قلبها يحتاج لقليل من الوحدة ليدعي لحبيبه الغائب، نهضت هناء خلفها :
_ لسه بدري يا ست فتحيه
_ لا كفايه كدا كتر خيرك
كادت ترحل لكن هناء امسكت يدها قبل ان تغادر الشقه، نظرت لها ثوان قبل ان تتحدث بصدق:
_ شكرًا ليكي يا فتحية؛ انتِ زي ما انتِ بتعالجي وجع محمد من غير ما تحسي حتى، انا مش زعلانه من ده المره دي لأن محمد كان بيموت وهو ميعرفش قبر اخوة ولا قادر يعتذرله علي زمان
ابتسمت فتحية تربت علي يدها الممسكه بها:
_ انا مش بعمل حاجه الا عشان منتصر يا هناء، محدش بيعالج محمد الا انتِ؛ لأنك الوحيدة الي هامك سعادته قصادك حتى..
❈-❈-❈
كان غريب يقف امام المحل يشتري بعض حلوى " الكاندي" لانسام بعدما وجدها صدفه، لا ضير من أسعادها صحيح!!
حاسب الرجل يحمل الاكياس عائدًا لعربته حينما دق هاتفة برقم نور؟
التقطه يفتح المكالمه وقبل أن يتحدث جائة صوتها الباكي:
_ غريب.. الحقني
شعر بالقلق يسألها سريعًا بينما يدير سيارته :
_ نور في ايه
جائته اجابتها ذات الشهقات المرتفعه والصراخ المتقطع:
_ رجلي اتحرقت، المايه المغلية وقعت عليها ومفيش حد في البيت؛ الحقني بسرعه
_ اهدي بس ... انا في السكه اهو، كلمتي بابا او هيثم يمكن قريبين منك
_ هيثم بره البيت وعمي لسه شيفاه ماشي، مش قادره اتحرك من الوجع
كانت شقاتها تزداد ارتفاعًا جاعله من قلقة يتضاعف، اسرع بقياده السيارة ناحية المنزل وهو يشكر ربه علي قربة وهتف مهدًا لها :
_ متقلقيش انا بركن خلاص وطالع، حاولي تفتحيلي الباب
_ مش هقدر امشي المفتاح هتلاقيه تحت المشاية
_ تمام اقفلي انا تحت
هتف بها يغلق الخط وهو يسرع بترك السيارة والصعود، اغلقت نور وهي تتحامل علي ذاتها بينما تجلس جاعله من قدمها مكشوفه خلال فستانها والالم يكاد يفقدها الوعي من شدته؛ شتمت ذاتها علي خطتها الحمقاء التي عادت عليها بالضرر وقد تشوه جسدها
صرخت بألم حينما سمعت الباب يفتح:
_ غريـــب الحقني، انا في المطبخ الحقــني
ترك الباب مفتوحًا وهو يركض للداخل قبل أن يقف مزهولًا علي مدخل المطبخ، طالع هيئتها بصدمة من جسد مكشوف وخصلات مبعثره ودموع تزيد احمرار وجهها؛ رمش بذهول وهي تخاطبه بنبره متألم رقيقه :
_ غريب... رجلي الحقني
تحرك من مكانه سريعًا يغض بصره عنها وهو يهتف بها ببعض الحده:
_ فين اي عبايه ليكي او لعمتي بسرعه
_ الاوضه جوة
اجابته تحاول كبح ابتسامتها؛ عملت علي ترتيب ثيابها بشكل فج حينما يبحث وقد أثمرت تلك الخطوه الان
تحرك غريب بسرعة وكاد يقطع الطريق لغرفتها لكن عقله عمل سريعًا ليلج حيث غرفة عمته يبحث بين ثيابها هي حتى حصل علي عبائة فضفاضة يمكنها ارتدائها دون المساس بقدمها
عاد غريب بالعبائة للمطبخ حيث تبكي الاخرى بأنكتام، شعرت بالغضب وهي تراه يقترب بعبائة والدتها؟ لقد أفسد جزء من خطتها:
_ كلمتي ماما او عمتي
نظر له ترسم ملامح ناعمه وهي تجيبه بشهقه خفيفه :
_ ملحقتش يا غريب، ملقتش غيرك جه في دماغي
ارتفع حاجبه لثانيه قبل أن يحمحم وهو يجذب هاتفه مخاطبًا والدته التي اجابت سريعًا:
_ ايه يا انا فوق في شقه عمتي نور رجلها محروق اطلعي عشان تسنديها
اغلق الهاتف بعدما اخبرته والدته انها ستصعد سريعًا، ازداد غيظ نور وهي تراه يتجنب ملامستها؛ وهي قد أحرقت قدمها بتعمد :
_ غريب انا مش مستحمله الوجع قومنــي
نظر لها ثانيه يحاول التفكير وصوت بكائها بداء يزداد، اقترب منها ناويًا حملها حتى اقتحمت والديه وعمته المطبخ بينما عمته تصرخ بقلق:
_ يالهــوي نور حصلك ايه يا بنتي، الحقنا يا غريب
نظر لوالده لثانيه ليتدخل محمد سريعًا وهو يدفع غريب بعيدًا:
_ انزل شغل العربيه واحنا هنجيبها، قومي يا عبير اسنديها معايا
رحل غريب سريعًا وهو يحمد ربه علي انقاذه من ذلك الموقف، حملها محمد وتقدمت هناء لتساعده بينما عبير استمرت بصراخها الفزع:
_ ياعيني عليكي يا بنتيييي؛ ايه الي صابك، عين دي اكيد عين حسدتك يا حبيبتي
كان صراخها وهي تهبط علي السلم بينما هناء ومحمد يسندون نور، زفرت هناء وهي تخبرها بجدية:
_ خلاص يا عبير اسكتي مش كدا، اهدي والبت اكيد هتبقا كويسه
لم تهتم الاخرى واستمرت بصراخها، ليستغفر محمد بغضب منها، فتحت فتحيه بابها سريعًا نتيجه للصراخ وهي تهتف بقلق:
_ حصل ايه، يا حول الله يارب
_ كله منكَ اكيد انتِ الي حسدتي البت
صرخت عبير من خلف محمد وهناء، كانت نور تبكي بقوة وقد اشتد الالم عليها تحدث محمد وهو يقطع طريقه للاسفل:
_ اسكتي يا عبير، متقلقيش يا حجه فتحيه حاجه بسيطة
قطعوا طريقهم للأسفل وانطلق بهم غريب سريعًا للمشفي المجاورة لهم..
❈-❈-❈
_ انتِ يابت انسام، قومي اجهزي وظبطي نفسك كدا عشان العريس هيجي يقعد معايا حبه
تحدث بسخريه وهو يلج للغرفه حيث ترقد هي بأرهاق فوق فراشها لتعتدل بضيق:
_ مش جاهزه ولا قاعده مع حد انا وقولتلك مش متجوزاه
تحرك للغرفة قريبًا منها جذبها من خصلاتها مقتصًا صرخة من جوف حلقها :
_ هتقومي وتسمعي الكلام بدل ما اعجنك تحتى، وبعدين كفايه اني راضي بلبسك وقرفك دا
_ يا شيخ حسبي الله ونعم الوكيل، دا الاهالي بتربي عيالها تلبس كويس وواسع وانتَ ايــه مش بني ادم؟
ابعدها ملقيًا إياها فوق الفراش مجددًا وهو ينظر لها بتقزز :
_ اهالي أيه كفايه عليكي خالتك واهلها يا دلوعة؛ قومي يلا خلصيني
غادر يتركها بالغرفة وحدها حائرة، لا يمكنها الهرب من المنزل وهو هنا؛ سريعًا أتي غريب لعقلها لتسرع بمهاتفته انكمشت ملامحها بحزن وهو يرفض المكالمة، كررت اتصالها عده مرات وتلقت ذات النتيجة.....الرفض
ارتعشت اناملها وهي تتحرك لأرتداء ملابسها بخوف وانكسار.
❈-❈-❈
غابت الشمس وتسلل الظلام بين جميع الأزقة، كان الجميع محتشدين ببيت عبير؛ تركوا نور بغرفتها لتستريح قليلًا وجلس البقيه بالخارج، كان محمد يجلس بجوار هناء وعبير علي كرسي بينما جميله ووالدتها يحتلوا أريكة والشباب الثلاثه واقفين.
_ الحمد لله انها جت بسيطة؛ ربنا يحرسها ويحميها يا رب، هنستأذن احنا بقا
تحدثت فتحيه وهي تنهض لم تعلق عبير او تعترض بل رمقتها بازدراء، نهضت جميلة هي الاخرى قبل أن يتحدث محمد بهدوء:
_ بأذن الله يا حجه هنيجي كلنا بكرا؛ حتى نور لو كويسه هتيجي
توترت فتحيه وهي تنظر لجميلة المستغربة، اجابته ببعض القلق:
_ اه، لا يا حج لو تعبانه مفيش داعي يعني كفايه انتم
انعقد حاجبيها وهي تسأل باستغراب:
_ هتيجوا فين يا عمو؟
ابتسم محمد بهدوء وهو يجيبها بحنيه:
_هنروح نزور ابوكي معاكم ان شاء الله
اتسعت عينها وشعرت بقبضه تحيط صدرها؛ قبل ان تفيق من صدمتها كان هيثم يقف أمامها وهو يتحدث بهدوء:
_ بعد اذن يا مرات عمي عايز جميلة في كلمتين بس؛ قدامكم هنا في البلكونه
وافقت فتحيه وهي تحمد ربها علي رحيل جميلة الان قبل أن تتحدث بوقاحة، تحركت خلف هيثم دون شعور حتى استقرا بالشرفه، كانت تحتاج للهواء كي يفيقها وبعض الهدوء الذي لم تحظي به وهي تسمع صوت هيثم الهادئ:
_ انا اسف
نظرت له باستغراب وهي ذاتها تشعر ببعض الشرود ولا ينقصها غموضه:
_ علي ايه؟
_ بصراحة يعني..علي الموقف البايخ والكلام الي مش لذيذ اول يوم وصلتك، انا عارف انك فهمتي وانا اسف بجد انا يعني عشان مش متعود عليكي؛ دا اكيد مش مبرر يعني، انا اسف وياريت نبقي صحاب؟
كان يحك عنقه بينما عينه تتهرب منها بتوتر وخجل، لم تتعامل معه كثيرًا بعد ذلك الموقف السخيف، كان يمد كفه لها وصافحته هي وعقلها مزال فيما قالته والدتها بالداخل..
قطعت طريقها من الشرفه لباب المنزل دون توديع أحد؛ فهمت فتحية الأمر وابتلعت لعابها بتوتر وهي تعلم أن ما ينتظرها سئ بالتأكيد، لحقت بجميلة سريعًا بعدما القت السلام.
كان معتصم عاقدًا حاجبيه باستغراب من حديث هيثم معها ورحيلها، نطق محمد باستغراب:
_ انتَ زعلتها يا هيثم؟
_ بالعكس يا عمي احنا قربنا من بعض حتى
كان يلقى كلاماته وعينه علي معتصم وكأنه يحاول ايصال رسالة معينه له؛ سيطر معتصم علي ملامحه أمامهم وهو يهتف بهدوء:
_ الف سلامه علي نور، هنزل انا بقا يا حج عشان هقعد مع الرجاله علي القهوة شوية عن اذنكم
ربت علي كتف غريب وهو ينسحب من أمامهم، رمش غريب وهو يركز نظرة علي هاتفه؛ كانت توجد خمس مكلمات منها لقد رفضهم وهم مشغولين مع نور وقدمها، اخبرهم الطبيب انه حرق بسيط لن يترك أثر إن انتظمت علي الكريمات الموصوفة لها، زفر انفاسه قبل أن يغلق الهاتف ويعيده لجيبه وقد حسم أمرة بعدما رد الاتصالات لها..
❈-❈-❈
_ يعني ايه قولتلهم علي سنويه بابا لا وهتاخديهم معانا؟؟؟
صرخت بقهر وهي تدور حول ذاتها بينما فتحية تقف امامها بقلق؛ ابتلعت لعابها وهي تخبرها بهدوء :
_ يا حبيبتي اهدي؛ دول اهله وليهم حق ويعرفوا مكانه وسنويتة؟ انتِ عيزاهم يعيشوا طول عمرهم مش عرفين قبره فين والناس مدتلنا ايدها بالخير ليه منعرفهمش!!
نظرت لها بصدمه وارتفعت الحرقة بصدرها :
_ ناس مدولنا ايدهم بالخير وحقهم يعرفوا مكانه؟؟ لا يا ماما مش من حقهم؛ انتِ ازاي بسهوله كدا نسيتي كل الي عملوه في بابا وفيكي!! حقهم منين يعرفوا مكان قبره ومحدش فيهم عرف مكان بيته وهو عايش، الناس الي موقفوش جمبة لما تعب ولما زعل حقهم منين؟ كانوا بيشوفوا كسرته وهو اهله استغنوا عنه؛ لاء، محدش حس بوجعه هيحسوا بأيه وهما لسبب؟؟
ارتعشت الانفاس بصدرها وغمرت عينها عبرات كافحت لتحافظ عليها وهي تخبرها بقهر:
_ عمي هيروح يقوله ايه ها؟ انا اسف يا منتصر اني السبب في فصلك عن العيلة! اسف اني عيشت عيالك اليتم بعدك وان الي يسوى والي مايسواش قعد يتحكم في عيالك! أسف اني مكنتش ضهر ولا سند ليهم من بعدك وان بناتك عاشوا عمرهم خايفين وبقوا مش قادرين يثقوا في حد؛ ان بنات وحشهم حضن دافي بعدك وانا موجود؟
بكت فتحية بقهر وهي ترى تصدعات جميلة التي تدفنها اسفل قشرتها الصلبه والجافية؛ اقتربت منها تحتضنا ودفعت الاخرى ذاتها لها وهي تبكي بشهقات مرتفعه، مررت فتحية يدها علي ظهر ابنتها تخبرها موزعه قبل حانيه علي رأسها:
_ انتوا مش محتاجين حد بعد ابوكم، انتِ قويه يا جميلة مش بتخافي؛ انا معاكي يا جميلة ..اهدي يا حبيبتي، انا اسفه يا نور عيني اسفة، انا معاكي م هسيبك ابدًا وهفضل ضهرك وسندك والحضن ليكي
كانت تتشبث بثيابها وهي تستمع لكلمات والدتها وهي ترتعش ببكاء :
_ انا تعبت يا ماما...تعبت، هو وحشني؛ حضنه كلامه وسندته ليا وحشوني يا ماما.. انا حاسه بخنقه واني مش جميلة الي هو بيحبها، انا اتغيرت
ابعدتها فتحية محيطة وجهها بكفيها وهي تهتف بثق رغم الدموع التي تغرق وجهها:
_ لا يا جميلة انتِ متغيرتيش؛ لسه زي ما انتِ.... هو بيحبك
كان قلب فتحية يؤلمها علي مظهر صغيرتها، ازالت دموعها ثم بهدوء بدأت تمسح وجه جميلة وعي تخبرها بأبتسامه صغيرة:
_ أدخلي اغسلي وشك يلا، مش عايزه اشوف دموع كدا تاني شكلك بيبقا وحش؛ اعملك شاي ولا هتنزلي تتمشي
ابتسمت جميلة وهي تضحك بخفه علي كلمات والدتها، احتضنتها بهدوء وهي تقبل وجنتها وتخبرها بجدية:
_ ربنا يخليكي ليا يا احلي واغلي حد في عمري كله؛ انا بحبك اوي يا ماما واسفه لو زعلتك
ابتسمت فتحيه وهي تطبطب علي كتفها:
_ وانا كمان بحبك ولا مزعلتش، ها اعملك شاي!
_ لا يا حبيبتي تسلمي هغسل وشي وانزل اتمشى حبه
رحلت ناحية المرحاض وتحركت فتحية تعد بعض الشاي لها، الندم تغلل صدرها بسبب انهيار جميلة ولكنها تدرك أن ما فعلته هو الحق؛ جميلة تندفع بالعاطف والحرمان الذي عانت منهم لذا أحكامها ليست الأفضل
❈-❈-❈
وقف معتصم علي باب البناية ينتظرها، لقد استمع لانهيارها العجيب أمام والدتها؛ كان ذاهبًا لها لمعرفة ما الذي تحدثت به مع هيثم ولكنه صدم بضعفها الذي يشهده للمره الاول منذ رأتها عينه.
شئ بداخلة أنزعج لحملها كل ذلك الضيق بينما تظهر بقوة، هي بالفعل قوية للغاية فأخفاء كل ذلك يحتاج للقوة، الاحداث المرتبطة بها جميعها تجعلة يرغب في معرفة ماضي عائلتهم!!
رمش بهدوء وهو يراها تهبط علي الدرجات؛ لقد علم أن تلك طريقة لتخفيف اختناقها، ابتسم بوسع وتحرك ناحيتها قبل أن ينطق رفعت يدها تخبره بجدية:
_ مش فيقالك يا معتصم دلوقتي
ضحك بخفه بينما ابتعدت هي عنه تسير؛ لحق بها حتى اصبح بجوارها وهو يخبرها بجدية:
_ غريبه اول مره متبقيش فيقالي؟
رمقته بأنزعاج ليرفع كفيه وهو يخبرها بمزاح:
_ خلاص هسكت
ظل يسير بجوارها لدقائق، حاولت تجاهلة اقصي ما تملك؛ لم تلاحظ وضعه ليدة بجيب بنطالة ولا خطواته الواسعه بأهمال كتفيه المستقيمين بتلك الطريقه تجاهلته
فاض كيلها وهي تقف تنظر له بحده:
_ مش هتهويني ولا ايه؟
ابتسم بهدوء واخرج يده من جيبه يحركها امام وجهها تزامنًا مع حديثه:
_ بس ايدي مش هتجيبلك هوى اوي
ارتفع حاجبها بغضب واتسعت ابتسامته اكثر، تنفست عده مرات تخبرة بجدية:
_ معتصم لو سمحت امشي
اخفض يده يعيدها لموضعها القديم وهو يحرك كتفيه كالمغلوب علي أمره :
_ للاسف مش هينفع؛ الوقت متأخر ومينفعش تمشي لوحدك فلو عايزه تتمشي هتستحمليني مع اني ساكت؟
_ من امتي دا
تجاهل السخرية بحديثها وهو يجيب بابتسامه :
_ من يوم ما سكنتي تحتنا يا بنت عمي؛ وبعدين انتِ لحمي ودمي وشرفي احفظي بقا
غمز لها اخر حديثه بمزاح لكنها لم تهتم كثيرًا به، لن تترك معتصم يؤثر بها؛ لن ترجف وراء تصرفات مبهمة وتفسرها نتيجة لأحتياجها، هي ليست بذلك الضعف والهشاشه
سارت تتابع طريقها الذي يخفف من ضيقها بينما الاخر بجوارها صامت، بعد فترة كانوا قطعوا مسافه طويلة لينطق معتصم اخيرًا:
_ يا ستي متعتبيش
نظرت له بابتسامه وحركت راسها نفيًا، قد هدأت كثيرًا عن ثوره مشاعرها التي فاجئتها هي شخصيًا، نظر لها ماليًا واستطاع رؤية البؤس قد انقشع عن وجهها :
_ طب تعالي مجيب ايس كريم حتى بدل الاجهاد دا
توقفت تجيبه بابتسامه:
_ يلا ماشي وناكلها واحنا راجعين عشان انا سيبت التلفون في البيت وماما مش هتعرف توصلي
وافق وتحرك الاثنان للطريق ابتاع معتصم المثلجات؛ كانت تتناول بهدوء بينما يعودان سويًا وهنا نطق بهدوء:
_ انا اسف في الي هقولة بس انا سمعت كلامك مع طنط؛ وقبل ما تتكلمي يعني انا بقولك يعني عشان عايز اعرض عليكي عرض!
_ عرض ؟
نطقت باستغراب وقد انزعجت من تصنته عليهم؛ صمتت منتظره ان يكمل لترى ما الامر، تنهد يعبث بعنقه وهو ينظر حوله قليلًا؛ يتمني أن قراره التهوري لا يأخذهم لمنحنى سئ :
_ اه، بصراحه يعني كنت هعرض عليكي اوصلك الصبح بدري قبل ما اي حد فيهم يروح؛ تقعدي مع باباكي براحتك وانا هبعد لحد ما يجوا، ايه رأيك؟
قلبت عينها بأنزعاج وهي لا ترغب بمساعدة منهم؛ خصوصًا فيما يتعلق بوالدها :
_ لا شكرًا
توقع ذلك لذا بهدوء أخبرها وهو يبعد تركيزه عنها ويصبه لما بين يديه:
_ متوقعتش غير كدا، علي العموم انا هنزل الساعه ١٠ اقف استناكي علي باب العمارة تعدي نص ساعة ومجتيش هطلع؛ القرار ليكي تفكري فيه
شعرت ببعض التوتر من إصراره وعرضة، لما يساعدها معتصم الذي يكره الهواء الذي تتنفسه؟ لم تعرف كيف تخفي توترها الغريب لتهتف به بانزعاج:
_ الايس كريم ساح علي ايدي بسببك ياريت تسكت بقا عشان اعرف اكله
_ يا حول الله هو كل حاجه تحصل تبقا بسببي؟ لو نيزك ضرب الارض هيبقا عشان انا اتنفست صح! وبعدين هو انا بتكلم ببؤك انتِ؟
كان يتحدث بسخرية لتضيق عينها عليه بأنزعاج وهي تتمتم بضيق:
_ مش هرد عليك عشان أعرف اكل
ضحك معتصم بقوة؛ ود لو يخبرها أنه من ابتاع المثلجات من الاساس فلو رغبت بالانزعاج عليها عدم تناولها ليس العكس لكنه فضل الصمت وترك الأجواء بينهم هادئة.
❈-❈-❈
غضب احمد وهو يشعر بالانزعاج، منذ الصباح يهاتفها وهي لا تجيب ومنذ خطبتهما وهي شارده ومختفيه ! وذلك جعله يشعر بالغضب منها؛ لم تجعله يتقدم خطوة واحدة بخطته حتى دائمًا ما تغلق معه سريعًا وتتهرب منه كما لم يرقيه محمد :
_ بت ال***
هتف بأنزعاج وهو يلقي الهاتف بعيدًا، لا يهمه وسيجبرها علي ادخاله حياتها :
_ انا هوريكي يا جميلة
❈-❈-❈
ضحك هيثم بسخرية وهو يقف بغرفة نور مع والدته بعدما خلى المنزل عليهم؛ لم يختلف وضع والدته كثيرًا عنه وهي تهتف بسخرية:
_ ها و وقعتيه يا محروسة بحرق رجلك؟؟
_ وقعت ايه! وهو هيبصلها بعد ما رجلها بقا اتحرقت
علق هيثم وهو يريح جسدة علي مقعد، كانت نور تطالعهم بغيظ وهي تتحدث بسخط:
_ الدكتور قال مش هتسيب أثر وبعدين علي الاقل انا شغالة علي غريب من فترة وعرفت انه مينفعش وهشوف معتصم مش زيك خايبة وطول اليوم بعيد عن عمي؟
_ لا ومشوفتيش انهارده وهو بياخد المخفيه جميلة بعيد عنا عشان يكلمها ومش راضي ينطق قلها ايه
اكملت عبير وهي ترمقة ببغض، ابتسم الاخر دون إهتمام وتذكر خطتة الصغيرة والهادئة التي جائت بثمارها نظر لنور حينما حدثته باستغراب:
_ اخدتها تقولها ايه يا هيثم
ابتسامه صغيرة طلت محياة وهو يخبرها بهدوء:
_ انا ذكي مش شبهك! من ساعه خطوبة البت جميلة وانا شاكك فيها وفي معتصم و انهاردة بذكاء من غير ما احرق نفسي خليت الي عايزه يتأكد
مصمصت عبير شفتيها وهي تنهض متحدث بأنزعاج :
_ اه متحكيش الا للمحروسة اختك خليكوا اتنين اخيب من بعض
غادرت الغرفة منزعجة وقررت استكمال هي عملها علي هناء ولن توقفة بسببهم مجددًا، نظرت نور لها ولم تعرها اهتمام تعيد عينها لهيثم وهي تهتف به بفضول:
_ خلاص خرجت بطل الغاز وادخل في المفيد
ضحك هيثم بسخريه وهو يخرج سجاره ويشعلها يضعها بفمه لتهتف نور ببعض القلق:
_ دا حشيش؟
ارتفع حاجب هيثم وهو يضحك بصخب بعدما سحب السجاره من فمه؛ ادارها بين اصابعه وهو يعلق بسخريه:
_ ودا منظر سجارة حشيش؟ علي اساس مشوفتيش منهم قبل كدا؛ بلاش تمثيل عليا انا، المهم خلينا في موضوعنا احسن
لم تعلق علي وهي تتحدث بهدوء:
_ ايه الي عملته بقا ؟
_ فاكره بوم ما سمعنا معتصم وهو بيسالها علي الخطوبة؟ انا بقا شكيت انها في دماغه ولم ركزت الاسبوعين دول لقيته واقفلها في كل حاجه و حاشر نفسه كدا فقولت خلاص اجرب انهارده؛ غير ان البت ناشفه وصد ومنفعش معاها اجيبها سكه، عشان كدا انهارده قولتلها نبقا صحاب وانا اسف ومكنش قصدي مع حتتين غُلب كدا صدقت وبعدها نزلت تحت؛ قولت في دماغي لو معتصم جري وراها يبقا صح والبت معششة في دماغة وفعلًا نزل وراها عشان كدا هلعب بيها ودا يخلي معتصم عايز يبعدني عنها فيخلي عمك يدينا فلوس وشغل وكل الي نعوزه عشان افكني منها
كان يتحدث بفخر مدخنًا سجارته وابتسامه صغيرة تنير وجهه، كانت نور تطالعه بأعجاب وقد حصلت الفكره علي استحسانها وهي تخبره بابتسامه:
_ حلو اوي اوي كدا، وفي السكه هلزقلة انا واقرب منه وبما انها مكبره دماغها منه ممكن يميلي صح؟
_ اكيد صح، اصلا المفروض كنتِ تقعدي الاسبوع دا كله تشتغلي علي معتصم مش غريب؛ لان دا رهان خسران وكله عارف انه بيحب انسام
اخبرها بينما ينهض مغادرًا الغرفة ليشرب سجارته المميزه وحده، نظرت الاخرى لقدمها المحترقة تتمتم بحنق:
_ شايف فيها ايه دي مش فيا؟ دا انا احلى مليون مره؟
وسط ضيقها وصلتها رسالة لتسحب الهاتف وتجدها من علي؛ ذلك الحبيب السري لو صَح قول حبيب عليه فعلاقتهم تعتمد علي مصلحة واحدة متبادلة،
"وحشتيني ما تيجي نتقابل"
قلبت عينها بسخريه وهي تغلق الهاتف وتلقية علي الفراش، اي لقاء هذا وقد افسدت قدمها بسبب غريب؟
❈-❈-❈
كانت جميلة تتسطح علي الفراش تنظر لسقف الغرفة بهدوء، يعبث بعقلها اقتراحه الذي قدمه لمساعدتها او إسعادها؛ هي ليست واثقة بعد من رغباته
وبين فكرة بالذهاب وأخرى الا تنصاع لمعتصم قررت ضبط منبهها وترك القرار للصباح.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نانسي الجمال لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية