الفصل الثامن عشر من رواية رزان والمجهول للكاتبة مايسة الألفي
قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية رزان والمجهول
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة مايسة الألفي
الفصل الثامن عشر
استمر الملك سنار على حاله يحدث وزيره الخاص عن كل شيء في المملكة، حيث جعله يتكلم وهو يسمع حتى ينفذ ما طاله الملك من مشاكل أراد يمنحها ظله حيث قال:
-تعلم يا وزيري أني أريد مصلحة الجميع وتطور ما أظنه في مصلحة المملكة، لهذا أريد أن أفهم طبيعة المواد الغذائية المفروضة على شعبي العظيم.
لأني أود معرفة الأمر لمعرفة مسألة التطور دون ما قد أظنه في الصالح العام، وإني أرى مصلحة شعبي العظيم الذي تحمل كل شيء من أجل خطة التطوير والتنمية؟
نظر الوزير باهتمام إلى الملك وراح يسرد وجهة نظره، حيث قال في عجلة:
-أن أهم شيء في المملكة في التطوير والتنمية التي تفرض علينا معرفة قيمة ما يقدم داخل المملكة لشعبنا العظيم، وإني أحب أن أخبرك عن نوعية المواد الغذائية الهامة.
دون أن نحرم الجميع من عطائنا المميز، لذلك أحب أن أقول: أننا قد ألزمنا الشعب كل المواد الغذائية التي تعين على تدفق العيش بحرية داخل ربوع هذه المملكة.
وإني أؤكد أن المواد المفروضة بسيطة التكلفة حتى نستطيع أن نغطي كل ما في المملكة من احتياج.
حاول الملك أن يظهر أهمية ما قد يفرضه على الشعب، فقال في اهتمام:
-أعتقد أني أريد المصلحة العامة لهذا الشعب العظيم، لذلك أريد أن تفرضوا عليهم وجبات غالية الثمن لكي تساعدهم على العيش بسلام وبهجة وراحة داخل هذه المملكة.
التي قد تكون قد فُرض عليها أمور خارجة عن استيعاب ما قد يكون في مصلحة هذا الشعب العظيم.
أود أن يعترف شعبي أني قد فضلتهم على كل الشعوب بهذه المميزات التي أعتقد أن فرضها سيكلفنا الكثير والكثير من التكاليف.
ابتسم الوزير، وراح يعلق على أهمية ما فرضه الملك قائلًا له في اهتمام:
-إنك يا مولاي قد فرضت فعلًا ما قد يكون فوق قدراتنا، لكني أظن أن سيادتكم تريدون المصلحة العامة المفروضة على الجميع دون أن يكون هناك حرمان من بعض هذه المواد.
لكي نصل بهم إلى بر الأمان، وتصبح أكثر عرضه للتميز داخل هذه المملكة وإني أظن أن سيادتكم قد أحسنتم العطاء، لهذا البلد العظيم، والذي قد يكون في مصلحة هذا الشعب.
لهذا أرى أنك يا مولاي قد أصبت في رأيك تجاه هذه البلد الذي قد نكون ضحينا من أجل إعلاء كلمة الحق، بتوسيع رقعة عطائنا لهذا الشعب.
ابتسم الملك وراح ينظر إلى محارة رزان عر وسة البحر الجميلة، وراح يقول:
-إني أريد أن أعرف كيف حال الجميلة رزان، إني لا أعلم شيء عنها منذ أن تركتنا، أثناء زيارتها السابقة لهذا القصر.
وإني أريد أن أعرف، هل ما زالت تتذكر ما قد أهديناه لها؛ لكي تعيش في سعادة وتميز تفرضهم عليها هديتنا لها.
ابتسم الوزير، وراح يؤكد أنه لا يعلم عن رزان أي شيء، وأنه سيبعث إليها لمعرفة حالها وما قد تحتاجه من أمور، يجب أن تكون على سلامة وفي راحة تامة حتى يطمئن الملك عليها.
ويعرف لماذا لم تتصل به إلا الآن، لهذا وعد الملك أنه سيسأل عنها، ولن يمر الإسبوع دون معرفة كل شيء عنها.
❈-❈-❈
في البحر، وتحديدًا نعمات مع عادل في مركب من المراكب، قد أخذاها لكي يتنزها داخل البحر، لذلك عرضت عليه نعمات أن تأتي له ببعض الطعام الذي جلبته من بيت زوجها عبد الله.
الذي تستغله من أجل إعطاء هذا الطعام، لعش يقها كي يسعد ولا يفكر في أمر تركها وحيدة، ويفكر في فتاة أخرى جميلة تغنيه عنها.
لهذا راحت تضع الطعام أمامه داخل المركب، كي يأكلا سويًا، ثم حاول عادل أن يعرض أمرًا ما قد أراده منها فراح يقول في اهتمام وحذر:
-إني قد تعبت من أجل التفكر في أمر هذه الأمور التي تتعلق بحياتنا معًا، لهذا أعتقد أنه لابد من التخلص من عبد الله بقتله، كي نستطيع أن نحصل على ما لديه من مال قد يكون قد خبئه داخل البنك.
لهذا فإنه لكي تحصلي على هذا المال يجب أن تكوني قد نفذتي خططتنا في قتله، لكي نفرض عليك أخذ كل متعلقاته، الذي لابد أن ترثيها بعد وفاته.
نظرت نعمات إليه بذهول، وراحت تقول في خوف:
-أعتقد أنك، قد تعجلت في هذا القرار يا حبيبي وإني أعلم أنك متعجل لأخذ ماله، وتعتقد أنه يدخر مبلغًا كبيرًا داخل البنك، لهذا أطلب منكَ عدم التسرع.
في أخذ خطوة قد نندم عليها، لهذا أريد منك التعقل في هذا القرار، والتفكر فيما قد نجنيه من أمور، قد تجلب إلينا عواقب وخيمة، لأنه حتمًا لو قتلناه.
سيكشوفوا الأمر، ونس جن جميعًا داخل الس جن، ومن الممكن أن نتعرض للإعدام، لهذا أريدك أن تتفكر جيدًا، في الأمر، وأرى أنك، لا بد أن تكون حذرًا في قرارتك بشأن هذا الملعون عبد الله.
حاول عادل أن يوضح وجهة نظره لعش يقته نعمات، فراح يقول في حذر بالغ:
-أعتقد أننا قد صبرنا كثيرًا على هذا الرجل، ولا بد أن نتخذ موقفًا حازمًا معه؛ كي نحصل على كل ماله، وإني أعلم، أنه يدخر الكثير والكثير من المال داخل البنك، ولن نأخذ هذا المال إلا بموته، وأعتقد أننا لا بد أن نتعجل في الأمر.
لأني أعش قك بطريقة جنونية، ولا أحتمل الصبر أكثر من ذلك، لهذا كنت أود أن توافقيني على هذا الأمر، كي نسعد ونعيش حياة كلها بهجة وسعادة.
إننا قد فعلنا الكثير، لكي نحصل على هذا المال، ولكننا لم نستطع أن نحصل عليه، لهذا ليس أمامنا شيء سوى قتله والتخلص منه.
نظرت له نعمات بحذر وراحت تقول في اهتمام:
-ألا ترى أن أمر قتل عبد الله أمرًا خطيرًا، ولن يمر الأمر بسلام، لهذا كنت أود أن أعرف ما هي الطريقة التي سنقتله بها.
كي أحدد ماهية تأثرنا بهذا القتل، وإني أريد منك الحذر والحيطة في اختيار طريقة قتله، حتى لا يظن أحدًا أننا من قتلناه، لهذا أريد منك وسيلة قتل ليس فيها أي شبهه تجاهي.
لأني ساعتها سأكون أول المشتبه فيهم، لهذا أريدك أن تعرض علي خطة القتل مفصلة وواضحة حتى أقدر على تنفيذها دون شبهة في الأمر.
نظر لها عادل باهتمام وراح يقول في حذر بالغ:
-إن عليك مهمة كبيرة، خصوصًا في أمر صحبته إلى موضع القتل، لكي لا تلفتِ نظره إلى ما تنوين عمله معه.
وحتى يطمئن إليك ويأتي إلى هذا المقر الذي سيقتل فيه، وإني أُريدك أن تكوني حذرة جدًا في هذا الأمر، لأن أي حركة أو كلمة غير مدروسة، ستكون ضدك في النهاية.
لهذا كوني حذره في تنفيذ هذه الخطة التي سأفصلها وأعرضها عليك؛ كي لا نندم على شيء قد نكون نسيناه في زحمة تنفيذ هذا الأمر الخطير.
زاد اندهاش نعمات إلى أقصى حد، حيث راحت تفكر في نفس الوقت التي تتحدث فيه، إلى عواقب عدم اتقانها لتنفيذ هذه الخطة التي سيعرضها عادل عليها، فراحت تسأله في حذر وحيطة شديدين:
-أعلم أنكَ تفكر في راحتنا جميعًا من هذا الأمر، لكن كيف سأقتله؟ وما هي الوسيلة التي سأقتله بها؟ أخبرني حتى أطمئن.
برقت عين عادل وراح يشرح لها قائلًا:
-سوف تدعينه إلى رحلة داخل هذه المركب ثم في لحظة غدر تلقينه في الماء.
وهو بالتأكيد ضعيف جدًا ولن يستطيع إنقاذ نفسه من الغرق، هل فهمتِ الأمر الآن؟ أم أضطر إلى شرحه مرة أخرى.
نظرت له مندهشة من تفكيره الغريب، وراحت تقول:
-لعلك خططت لكل شيء، لكن هل تضمن لي أنه سيموت بمجرد إلقاءه في الماء، أم سينجو منها وساعتها سيعلم أني أخطط لقتله، إني أريد أن تضمن لي موته، حتى لا أكشف نفسي أمامه بهذه السهولة.
نظر عادل لنعمات مبتسم، وقال لها في حذر واهتمام بالغ:
-نعم متأكد جدًا من إنهاء هذه الخطة، على أكمل صورة، فهو رجل ضعيف وسيضطر إلى محاولة العوم فلن يستطع لحظتها سيموت ونرتاح منه جميعًا، ستقومين أن بأخذ ميراثه بصفتك زوجته.
وبهذا المال سنتزوج، ستجلبيه لي لأشتري البيت، وبعدها أخذك ونهرب بعيدًا عن كل هذه الأمور التي أتعبتنا، سنعيش حياة مليئة بالسعادة والمرح.
ولن تندمي أبدًا على فعلك هذا، لأنك ستكونين قد نفذتِ الخطة بإحكام بالغ، لكن حذار من وضوح نواياك وأنت تدعينه إلى الرحلة على المركب، حتى يتشرب ويأكل الطعم.
فكرت نعمات في الأمر، فوجدت أن عادل يملك من المهارة الكثير لهذا وافقت على تنفيذ الخطة بكل ما فيها دون أن تفشل في شيء، فهي تصر على قتله، وحتمًا ستنجح في الأمر.
لهذا نهضت لكي تخطط لتنفيذ الخطة، بعدما ودعته بلهفة ووعدها بليلة سعيدة مليئة بالحب بعد أن تنفذ الخطة المحكمة غدًا في نفس موعدهما.
كانت هناك رزان بالقرب من مركب نعمات وعادل أثناء اتفاقهما على خطة قتله وإغراقه في البحر، لهذا قلقت جدًا على والدها ولكي تنقذه راحت تفكر في الأمر.
وذهبت في الحال إلى صديقها روني لتخبره بالأمر، لهذا أسرعت إليه فوجدته جالس أمام بيته يداعب بعض المخلوقات، فهرولت إليه وجذبته ناحيتها وراحت تقول في حذر:
-إني في ورطة كبيرة جدًا يا روني، لهذا أريدك أن تتفهم ما سأقوله لك، فليس هناك وقتٍ لنضيعه، إنني كنت منذ دقائق أسبح ناحية الشاطيء لكي أطمئن على أبي.
فوجدت نعمات وعش يقها على مركب، فاقتربت منهم دون أن يشعرا، وسمعتهم وهم يتفقون على قتل أبي، وإنهم سينفذون القتل عن طريق إيقاعه في البحر.
ليقع وبالتأكيد إنه ضعيف ولن يستطيع السباحة كي ينقذ نفسه، وبذلك سيموت، هل رأيت غدر أفظع من ذلك، إني قد كرهت هذه المرأة اللع وب، واتمنى أن أجد طريقة للتخلص منها، لكن كيف؟
نظر لها روني مندهشًا من الأمر، وراح يقول في اهتمام بالغ:
-أعتقد أنه لا وقت لدينا للتفكير في القضاء على اللعينة نعمات، لأننا سنكون مشغولين بأمر إنقاذ والدك من قبضتها، وأعتقد أن نفكر في الأمر بحذر وحيطة شديدين.
لابد لنا من مراقبة الشاطيء حتى إذا أتت نعمات لتوقع أبيك في الماء نكون نحن قريبنين منها، وساعتها نلتقطه ونقذفه على الشاطيء وبهذا هو سيدرك عندما تقوم نعمات بأمر إيقاعه.
ويعرف حقيقة ما تكنه داخلها له، وبالتالي سيتركها، ويطلقها وبهذا سينجو أبيك من هذا الفخ الذي قد خططته زوجة أبيك نعمات اللعينة.
اندهشت رزان من ذكاء روني في تفكيره في أمر إيقاع زوجة أبيها، وأمر مساعدة أبيها مت الغرق، لهذا راحت تقول في اهتمام:
-إننا في مرحلة خطيرة، ولابد من مراقبة الشاطيء، وإني أراكَ قد قمت بإحكام الخطة جيدًا، وكيفية تنفيذها بطريقة عبقرية، إني حقًا سعيدة بتطورك في الذكاء هذا.
إنك بالفعل خططت لكل شيء، وإني لو فكرت في خطة لتنفيذها فلن تكون هناك خطة أمهر وأهم من هذه الخطة الذكية المحكمة.
لكن دعني الآن أنظم مسألة مراقبة الشاطيء حتى إذا رأينا نعمات في صحبة أبي اقتربنا من المركب تحته.
حتى نتلقى أبي حينما تفكر في الأمر، وإني أرى أنها خطة ذكية ولسوف نقضي على نعمات هذه وكشف خططتها أمام أبي المسحور بحبها، إني قد حاولت مرارًا إخباره بأمر عشيقها.
لكنه في كل مرة كان يتهمني بأنني أبالغ في الأمر، وأزيد في أمر تخيلي لعشيق لها، أما الآن فسوف يفهم أبي كل شيء.
ابتسم روني عندما سمع مدح رزان لذكاءه وأحس أنه قد تطور ونضج لهذا شكرها على مدحها وراح يقول:
-عزيزتي رزان عرو سة البحر الجميلة، إنك فعلًا جميلة في كل شيء، وإني قد تعلمت منكِ أمور عديدة، أولها كيف أوظف عقلي وأستخدمه، في تطوير ما نمر به من مشاكل، حتى أستطيع أن أحل أي مشكلة تقابلني.
ولا أقف عاجزًا أمام أي مشكلة مهما كانت صعبة، وغير واضحة ومبهمة، لكن في حالة قصة قتل أبيك، فإن الأمر مختلف تمامًا، إنها تخطط بذكاء محدود.
ونحن لا بد أن نحمد الله أن الخطة ستنفذ في البحر، لنكون على دراية بالأمر ونستطيع أن نخلصه من الأمر المفجع هذا.
أحست رزان أن الوقت يمر، وأنه لا بد من وضع خطة محكمة لتنفيذها كي لا تستطيع نعمات بغدرها اللئيم من قتل والدها لهذا قالت لروني في اهتمام وحذر:
-أعلم جيدًا أننا في مأزق الآن، ولا بد من وضع خطة محكمة لمراقبة الشاطيء حتى إذا أتت نعمات مع أبي نقترب وننفذ الخطة.
والخطة ستكون تنظيم أنفسنا نحن جميعًا لأننا سنحتاج لسفر معنا، نقوم بتقسيم الوقت علينا، كل فترة زمنية أحد منا يكون بالقرب من الشاطيء.
وعندما يلاحظ نعمات أتيه ينادي الباقي لنقترب في حذر من المركب، ونحاول أن ننقذه بطريقة بارعة هي الآن لكي ننظم أنفسنا، ولا نضيع الوقت.
❈-❈-❈
في بيت باهر، حيث يحاول أن يثبت لأمه أنه على حقٍ في أمر بيع قطعة الأرض التي يملكونها كي يشتري سيارة لتريحه، لهذا بدأ كلامه قائلًا:
-أمي العزيزة، أعلم أنكِ تحاولين أن تدخري لنا بعض الأشياء لكي تكون لنا سندًا على مقاومة أزمات الحياة التي تفرضها علينا، وإني والله أتفق معك في هذا الأمر.
واتمنى أن تكون واعية بالأمر، غير ناسية أمر عملي، لأن عملي سيكون عونًا لنا على مواصلة الحياة بطريقة خالية من المشاكل التي قد تكون عقبة في تنفيذ خططتنا نحو تأمين أنفسنا.
لهذا أريدك أن تفكري في الأمر جيدًا حتى لا أخسر أنا هذه الفرصة العظيمة، فهي وظيفة مثالية ولها راتب مرتفع سيعيننا على تجهيز أمر زواجي بإذن الله.
ابتسمت الأم، وأحست أن ابنها قد فكر في أمر الوظيفة ووجد أنها مثالية، لهذا لم يعد أمامها إلا أن توافق على بيع قطعة الأرض، والتفكر في أمر شراء هذه السيارة التي ستوفر عليه ثمن المواصلات.
لهذا فكرت وقالت باهتمام بالغ:
-باهر حبيبي إني أمك التي تتمنى لكَ كل الخير، وإني لا بد أن أفكر في مصلحتنا جميعًا، دون التخلي عن فكرة ادخار شيء للمستقبل، لعل بعض المشاكل الصعبة تقابلنا.
وساعتها سنكون مستعدين للأمر، لهذا فإني فكرت في الأمر، ووجدت أنه من الضروري أن ندخر شيئًا، لهذا قررت أن أبيع نصف قطعة الأرض لكي نشتري سيارة تذهب بها إلى عملك.
كي توفر ثمن المواصلات، والنصف الآخر ندخره للزمن لعلنا نحتاجها في يوم ما إذا تعرضنا لأي مشكلة قد تكون عقبة أمامنا، لهذا فإن قراري سيكون بيع نصفها فما رأيك؟
ابتسم باهر وأحس أن أمه قد أتقنت في قرارها وأحسنت القرار، حقًا إن مساحة الأرض كبيرة ومن الممكن تقسيمها إلى جزئين كي لا تضيع عليهم فرصة ادخار شيء للمستقبل.
فلا أحد يعلم ما يخبئه الزمن لهما، وإنه بحكم حكمة أمه وذكاءها في إدارة الأزمات، قد أحس أنها لن تضيع عليه هذه الفرصة، لهذا انتظر لكي تفكر أمه بالأمر.
لأنه كان متأكدًا من قبولها للأمر، لكنه كان ينظر لها بعين الإشفاق، لأنها قد تعرضت في حياتها لأمور صعبة كثيرة وأدارت بذكاءها كل شيء، دون خسارة قد تأتي عليهما بصعوبة الحياة.
لأن موت زوجها قد جعلها قوية بقدر ما جعلها وحيدة، لهذا كانت ترى مصلحته أكثر وأهم من كل شيء، ولأجل إرضائها راح يقول لها في حبٍ:
-أمي الحبيبة أرى أنكِ تملكين مهارة غير عادية. وتقدرين على مواجهة أي أمر قد يطرأ أمامك، لأنكِ بحق قد عرفتِ مقدار ما تريدينه من حكمة لمواجهة أي أمر صعب.
لهذا فأنا سعيد جدًا بأمر هذه الأرض ووجودها، لأنها قد أوضحت لي كم أنتِ بارعة وذكية في تنفيذ الأمر، دون حاجة إلى شيء تستعينين به.
لهذا فأنا أود أن أشكر الله على نعمة وجودك في حياتي وقربي منك جعلني أشعر بمدى ضخامة ما تواجهين من أمور، وإني أثق تمام الثقة في قدرتك على تقبل الأمور وتطويعها لصالحنا.
ابتسمت الأم وراحت تقول له في سعادة:
-إنك يا بني، قرة عيني، وسندي الوحيد في هذه الحياة، وإذا كنت أنا أريد لك أن تبقى قويًا قادرًا على مواجهة أي شيء.
لهذا أود أن أخبرك أن والدك قد أوصاني عليك وصية خاصة، وحملني أمانة أكاد أعترف أنها ثقيلة علي لكني بحكم إيماني بالله ثم إيماني بقدرتك على مواجهة أمور حياتنا، فإني حين ماطلت في الأمر.
كنت أحاول أن أضعك في مسؤلية واختبار، حتى تتعود على مواجهة الصعاب وحدك، فإني يا بني لن أعيش لك العمر كله.
لهذا فأنا قد رأيت قوتك ونجاحك لهذا الاختبار، وأود أن تعلم أني أحبك كثيرًا، ولن أتركك تتألم مطلقًا طالما أنا على قيد الحياة.
ابتسم باهر، وأحس أن أمه قد برعت في الأمر لهذا حاول أن يقترب منها ويقبل يدها اعترافًا بحبها، وتقديرًا لما تقوم به من أمور تكاد تكون صعبة بمقاييس عظيمة تثبت حبها له.
في البحر، حيث أن نعمات تصطحب زوجها عبد الله الذي أقنعته بنزهة داخل مركب، كي تنفذ خططتها، لذلك أسرعت، وراحت تقول له قبل أن يركبا ويدخلا داخل المركب:
-إني أعلم يا عبد الله أنكَ تفكر في ابنتك دومًا، وتريد أن تعرف طريقها، وأنكَ دومًا تضيع يومك في البكاء والتحسر على غيابها، لهذا أردت أن أحاول إخراجك من هذه الأزمة.
برحلة داخل مركب ولن تندم مطلقًا على هذه الرحلة، فإني قد خططت لتكون رحلة جميلة ترى فيها البحر وتغسل بأمواجه الزرقاء همومك.
وتحاول أن تخرج ولو ساعة من بحر أحزانك، فهي نصعد لنذهب بالمركب كي ترى بديع صنع الله في خلقه.
ابتسم عبد الله ووافق على تنفيذ أمر نعمات التي قد أقنعته تمامًا بالأمر لهذا فرح وراح يشكرها بطريقة حارة.
ولأول مرة أحس أنها تفكر في أمر حزنه وتفريج الهم عن قلبه، فركب المركب معها وظلت نعمات تحرك المركب بقوة وعبد الله يسألها في حيرة:
-لماذا تسرعين في السير نحو الداخل، ألم تقولي سنستمتع بالمتظر، هدأي من السرعة قليلًا.
نظرت له نعمات بغيظ، ثم نهضت فجأة وحاولت أن تلقيه في الماء، فتعجب وصرخ فيها لكنها واصلت دفعه في البحر بقوة شديدة، وملامحها تكسوها الحقد والكره، ثم قالت بحقد:
-دعني أتخلص منك أيها الرجل الضعيف سأقتلك.
ثم سقط منها في الماء مستغيثًا بقوة وحسرة.
يتبع..